الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- 2017 عام صعب للأوروبيين

ألمانيا- 2017 عام صعب للأوروبيين

05.01.2017
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏‏04‏/01‏/2017
يعتبر عام 2017  عام  مفاجئات بالنسبة لدول الاتحاد الاوروبي ، فهناك ثلاث انتخابات عامة حساسة ستجري في المانيا وفرنسا وهولندا ، فالاحزاب القومية المعادية للاتحاد الاوروبي  تزداد شعبيتها باضطراد ، فالحزب البديل لالمانيا المعادي للاسلام والاجانب والاتحاد الاوربي يتطلع لاستلام مقاعد بالبرلمان الاتحادي ببرلين  بانتخابات خريف هذا العام والحزب القومي الفرنسي الذي تراسه ماريا دو لوبون تتطلع لاستلام مفاتيح قصر الاليزيه  ورئيس الحزب الجمهوري الهولندي جيرت فيلدريز  يهيأ  نفسه  لاستلام رئاسة وزراء بلاده الامر الذي يعني ان إصابة الاوروبيين بالهلع جراء اعلان الانجليز الغاء عضوية بلادهم من الاتحاد سيصابون بضربة مؤلمة اذا ما حققت هذه الاحزاب طموحاتها باستلام مناصب هامة ببلادها الامر الذي يعني بان الاوروبيين عليهم اتخاذ سياسة جديدة لتنفيذ خططهم القديمة التي لا تزال قيد الدرس ، فاوروبا تعاني حاليا من ضعف من شخصيات سياسية قادرة على ادارة الازمات وهو ما يؤكده رئيس لجان المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الذي عزا عدم وجود شخصيات ادارة الازمات الى خيبة امل من بعض الاوروبيين من حكومات دول عضوة بالاتحاد لا تعير  التضامن الاوروبي اهتماما بل لا تكترث به على الاطلاق وخاصة ازمة اللاجئين وقيام جيش اوروبي موحد بدون الانجليز ، فالانجليز وعلى حسب تأكيد خبراء الشأن الاوروبي بالجمعية الالمانية للسياسة الخارجية يؤكدون ندامة الانجليز الغاء عضوية بلادهم من الاتحاد اذ ينتابهم القلق من ازمة اقتصادية تعاني منها بلادهم بخروجها من الاتحاد ولا سيما تراجع الصادرات البريطانية الى دول الاتحاد الاوروبي وبالتالي فان الخروج من الاتحاد باهظ الثمن الى جانب انزواء بريطانيا عن اوروبا وعدم الاهتمام بها . كما ان العمل على تطوير الصناعة العسكرية الاوروبية فاعلان بولندا خروجها من خطط المانية فرنسية اسبانية لتطوير طائرات عسكرية مقاتلة  وصناعة  الجديد منها يعتبر ضربة موجعة للتقنية الاوروبية الامر الذي يعني تمزيق اوراق الجيش الاوروبي ورميها بسلة المهملات .
وترفض دول الشرق الاوروبي العضوة بالاتحاد مثل التشيك وبولندا وهنغاريا استيعاب لاجئين فيها ضمن اتفاق اوروبي باستيعاب دول الاتحاد الاوربي حوالي 170 الف لاجئ تدفقوا خلال عام 2016 على اليونان وايطاليا عبر البحر الابيض المتوسط بعد اغلاق دول البلقان حدودها ومنعت اللاجئين من الوصول الى عمق دول الاتحاد الاوروبي ، وبمقابل رفض الدول الشرقية العضوة بالاتحاد استيعاب لاجئين ترفض ايضا المشاركة بمساعدة دول شمال افريقيا / تونس والمغرب ومصر /  مالية تنموية مقابل قبولها إعادة الاوروبيين لاجئي الشمال الافريقي الى بلادهم ضمن اتفاق سيتم التوقيع عليه في وقت لاحق من العام الحالي الامر الذي يعني ان دولا مثل المانيا وفرنسا ودول اسكندنافية تحتضن لاجئين عليها وحدها تقديم مساعدات تنموية لتلك الدول .
وتشمل الازمة المالية لليونان وايطاليا غياب التضامن الاوروبي وتخشى المانيا وفرنسا  ودول بنيلوكس / هولندا وبلجيكا واللوكسبورج / وغيرها من ان يؤدي الاستتفاء الذي سيجري في ايطاليا حول بقاء الدولة المذكورة بدول منطقة / اليورو / خروج نتيجته سلبيا كما ان اليونان التي تعتبر هموم دول منطقة اليورو اعلانها الغاء عضويتها من منطقة / اليورو / مسألة وقت فالضغوط على رئيس الوزراء اليكس تسيبرس  تزداد باضطراد فجميع المساعدات المالية لم تسفر عن تجاوز اثينا مشاكلها المالية والاقتصادية فالخروج من / اليورو / والاتحاد الاوروبي اصبح حديث رجل الشارع ومطالبه بالخروج من اليورو والاتحاد  الاوروبي الذي لا تتضامن اكثر دوله مع اليونان .
ويريد الاوروبيون تقييم علاقاتهم مع روسيا وتركيا ، فاوروبا تعيش في حالة فتور من علاقاتها مع موسكو ، فرئيس الاتحاد الاوروبي دونالد توسك عزا استهجان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاوروبيين الى عدم وجود التضامن الاوروبي الاوروبي وهو يؤكد ان أكثر دول الشرق الاوروبية  العضوة بالاتحاد هواهم مع موسكو اكثر من هواها مع الاوروبيين الذين يرون بالتدخل الروسي باوكرانيا ومحاولة الكرملين  سلخ بعض مناطق الشرق الاوكراني عن اوكرانيا المركزية وضمها الى روسيا مثل سلخها شبه جزيرة القرم شأن اوكراني لا علاقة للاوروبيين به عدا عن ذلك فان اكثر الدول العضوة  بالاتحاد لا تلتزم بالعقوبات الاقتصادية ضد موسكو ، ويؤكد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير رفضه اجراء عقوبات اقتصادية اكثر لاستمرار التدخل الروسي باوكرانيا ، أما وزير الخارجية النمساوي سباستيان كورتس  فقد أعلن يوم أمس الاثنين 2 كانون ثان / يناير ان من مهام النمسا برئاستها للمنظمة الاوروبية للامن والسلام والتنمية تحسين علاقات الاوروبيين مع روسيا والغاء العقوبات الاقتصادية مؤكدا انه عدما يجتمع الارووبيون  للنظر بتمديد العقوبات الاقتصادية ضد روسيا في وقت لاحق من شهر حزيران / يونيو المقبل  فان العقوبات ستلغى ولن يتم تمديدها .
ويسعى الاوروبيون على إعادة  حبل وصلهم مع تركيا من جديد وبشكل اكثر من ذي قبل فانقرة بالنسبة للاوروبيين شريك استراتيجي هام لا يمكن باي حال من الاحوال الاستغناء عنها بالرغم من ان اعلان اعضاء البرلمان الاوروبي وقف مفاوضات المفوضية الاوروبية مع انقرة لحصولها على عضوية الاتحاد جراء  تمكين الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان قبضته على سياسة بلاده . ويرى رئيس لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الاوروبي / السياسي الالماني / ايلمار بروك ان الاوروبيين يتحملون مسئولية تدهور حقوق الانسان والحد من حرية الصحافة والفتور بالعلاقات الاوروبية التركية  اذ ان الاوروبيين لم يتقيدوا بالاتفاقيات الاوروبية التركية  ولم يبدوا موقفهم بصراحة  حول المحاولة الانقلابية التي تعرضت لها تركيا في وقت سابق من شهر تموز / يوليو من عام 2016  مشيرا ان عودة كسب ثقة الاتراك في غاية الصعوبة وعلى الاوروبيين تغيير سياستهم تجاه تركيا اذا ما ارادوا الابقاء على شراكتها الاستراتيجية الهامة .
ويرى الاوروبيون بحرارة العلاقات التركية الروسية عبارة عن غمامة صيف عن قليل تنقشع فالمصلحة بينهما من خلال دبلوماسية نابليون بونابرت عدو عدوي صاحبي فاذا ما عادت العلاقات الاوروبية الروسية الى سيرتها الاولى التي تكمن بالشراكة الاستراتيجية بينهما وتجاوز مخاوف الحرب الباردة فالعلاقات التركية الروسية ستصاب بالبرودة وبالعكس ايضا فاذا ما ذاب الجليد بين اوروبا وتركيا فالعلاقات الاوروبية التركية  ستعود الى سابق عهدها وستسوء العلاقات التركية الروسية فالعلاقات بين البلدين المذكورين كانت منذ اكثر من خمسمائة عام علاقات الند بالند .