الرئيسة \  تقارير  \  أوراق القوة الروسية والتركية على مائدة بوتين – اردوغان في سوتشي اليوم

أوراق القوة الروسية والتركية على مائدة بوتين – اردوغان في سوتشي اليوم

30.09.2021
هبة محمد


القدس العربي
الاربعاء 29/9/2021
دمشق – “القدس العربي”: يستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في قمة حاسمة تعقد في ظروف حساسة، لجهة الوضع المتأزم في إدلب شمال غربي سوريا، والتذمر التركي تجاه التصعيد الروسي المتواصل، ومواضيع سياسية خلافية مثل تصريحات الرئيس التركي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول عدم اعتراف بلاده بضم جزيرة القرم إلى روسيا، إذ أنه من المتوقع أن يناقش الطرفان عدة ملفات، وعلى رأسها ملفات تخص سوريا واستهداف قوات النظام مناطق النفوذ التركي.
وفي رأي خبراء سوريين وروس فإن القمة الرئاسية ستثمر بإعلان تهدئة في شمال غربي سوريا، ووقف شامل لإطلاق النار، ومواصلة السير بالتفاهمات السابقة حيال المنطقة.
ووفق تصريحات رسمية، فسوف يناقش الزعيمان العلاقات الثنائية بين البلدين، والتطورات الإقليمية الراهنة والقضايا الدولية، وعلى رأسها التطورات في سوريا، وذلك حسب بيان أصدرته الثلاثاء دائرة الاتصال لدى الرئاسة التركية. الخبير في العلاقات الروسية – التركية، البروفيسور محمود الحمزة تحدث من موسكو لـ “القدس العربي” حول توقعاته من القمة المرتقبة، حيث أبدى اعتقاده بأنها ستحل بعض الإشكالات الهامة، مضيفاً “نحن على أبواب صفقة ما، وذلك لعدة أسباب، فقد تطرق تغيرات في الموقف الأمريكي تجاه سوريا مثل انسحاب القوات الأمريكية من مواقعها شمال شرقي البلاد، وقد يكون هناك بعض التفاهمات لاسيما مع حدوث عدة لقاءات أمريكية – روسية بخصوص سوريا بعد قمة بايدين – بوتين، وبالتالي هناك معطيات كثيرة تشير إلى أنه يجب أن تكون هناك تفاهمات قريبة”.
ورجح الخبير السياسي بأن تكون هناك تفاهمات تركية مع واشنطن أيضاً، بخصوص شمال شرقي سوريا، وفي هذه الحالة “ستسعى موسكو إلى لعب دور قوي في المنطقة، لما تحظى به المنطقة الشرقية من أهمية معروفة ولاسيما غناها بالثروات النفطية والزراعية، فروسيا ترغب بأن يستعيد النظام السوري السيطرة على المنطقة الغنية، لكي يسد حاجات الشعب السوري على الأقل”.
وحول المطالب التركية، قال الحمزة “أتوقع أن تكون هناك مطالب تجاه روسيا، تتعلق بالدرجة الأولى بإيقاف العمليات العسكرية في إدلب وقد تحدث تفاهمات حول منطقة شمال شرق سوريا والعلاقة بقسد”. بينما ستطالب روسيا، وفقًا للمتحدث بوضع حد لما يجري في إدلب، والتعامل بحزم مع ملفات التنظيمات المصنفة أمنياً، وعلى رأسها النصرة في إدلب وغيرها، وقد تفكر بإعادة المنطقة إلى سيطرة النظام أسوة بالجنوب السوري، نظراً لرغبتها في جعل المناطق السورية كلها هادئة.
المطالب إذاً، ستكون من الجانبين، حيث ينتظر التوصل لتفاهمات على حلول معينة، فضلاً عن التأكيد عن الاتفاقيات السابقة بخصوص وقف اطلاق النار وفصل التنظيمات الارهابية عن المعتدلة وحل موضوع الطريق الدولي. وتوقع البروفيسور الحمزة “أن تتوج القمة بإعلان تفاهم معين، خاصة أن هناك ثمة علاقات شخصية متميزة بين الرئيسين التركي والروسي، وستكون قمة ساخنة لأن الطرفين سيحاولان كسب النقاط”.
وأعرب الحمزة عن اعتقاده بأن الأوراق التركية ليست قليلة، وليست سهلة عازياً السبب إلى أن “الأتراك يمسكون موسكو من أذنها التي تؤلمها في أوكرانيا وإقليم كاراباخ والقوقاز وآسيا الوسطى والبحر الأسود ومناطق أخرى”. وبالنتيجة، سيحاول الروس تجنب التصعيد مع تركيا، فهذا ليس من مصلحتهم، وفي المقابل التصعيد الروسي ليس من صالح تركيا أيضاً، لكن هذه الأخيرة قد تتجه نحو حلفائها الأصليين وشركائها في حلف الناتو. وكان قد صرح الرئيس التركي أنه سيلتقي بوتين يوم 29 سبتمبر/أيلول الجاري، لبحث العلاقات الثنائية وآخر التطورات في محافظة إدلب السورية، وقال في تصريح صحافي: “لقائي مع بوتين سيكون ثنائياً دون وجود شخص ثالث، ولن يقتصر على الأوضاع في إدلب، بل سنناقش عموم الأوضاع في سوريا والخطوات التي سنقدم عليها في هذا البلد والعلاقات الثنائية أيضاً”.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا وروسيا دولتان محوريتان في المنطقة، مبيناً أن بوتين رجل دولة وأظهر ذلك في حل الصراع الأذربيجاني – الأرميني.
وسائل إعلام روسية، اعتبرت أن القمة الثنائية بين الرئيسين التركي والروسي هدفها إخفاء الفجوة والخلافات بين البلدين، رغم زيادة حجم التناقض والتنافر، بين الفاعليين المؤثرين في الساحة السورية.
ونشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية في عددها الصادر الثلاثاء، أنه “لدى روسيا وتركيا عدد متزايد من المطالبات المتبادلة بشأن سوريا وسط الزيارة المرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى موسكو، حيث تتهم المعارضة المقربة من تركيا، دمشق وحلفاءها بتكثيف الهجمات على الأراضي الخاضعة للنفوذ التركي، والتي تندرج تحت الاتفاقات المبرمة بين موسكو وأنقرة، بينما يوجه المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة اتهامات مضادة”.
واعتبر المصدر أن هذه الاتهامات المتبادلة، تظهر هشاشة الاتفاقات بين موسكو وأنقرة في أجزاء مختلفة من سوريا. استبعد خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيميونوف، أن يؤدي التصعيد المحتمل في سوريا إلى تقويض خطير للعلاقات بين الاتحاد الروسي وتركيا ، لكنه “يعكس التناقضات الأساسية بين البلدين”.
وافترض الخبير في العلاقات الدولية، أنه في حالة حدوث صدام مباشر بين قوات النظام السوري، وتركيا، فسوف يؤدي ذلك إلى أزمة خطيرة، ينتج عنها قطع العلاقات وإنهاء الشراكة بين موسكو وأنقرة، وأضاف “لكن التصعيد في إدلب لا يمكن إلا أن يكون غيضاً من فيض ونتيجة تناقضات عميقة بين روسيا وتركيا لم يتم الإعلان عنها بعد ولا يمكن للطرفين إيجاد حلول وسط بشأنها” وفي هذه الحالة، توقع الخبير الروسي سيميونوف أنه “يمكن توقع انهيار كامل للعلاقات الثنائية والاتصالات عبر طيف التفاعل الكامل”. ومع ذلك، تحاول كل من أنقرة وموسكو وفق الخبير الروسي عدم إظهار مدى الخلافات العميقة بينهما، وهذا ما يجب أن يظهر “على الأرض” بعد المحادثات في سوتشي، وقال “إدلب نفسها لن تكون حافزاً للأزمة”.
المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، كان قد أعلن أمس أن بوتين وأردوغان سيلتقيان الأربعاء وجهاً لوجه، كما قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار معلقاً على الغارات التي تستهدف محافظة إدلب شمال غربي سوريا “نحن ملتزمون بأسس الاتفاق المبرم مع روسيا وننتظر من الطرف المقابل تحمل مسؤولياته المتعلقة بالاتفاق”.
وأفاد الوزير التركي في تصريحات أجاب فيها على أسئلة الصحافيين عقب اجتماع الحكومة التركية أول أمس، بأن الروس يقولون بأنهم يستهدفون المجموعات الإرهابية في إدلب، إلا أن ضحايا هذه الهجمات ليس بينهم إرهابيون.
وأوضح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن الهجمات المذكورة تعد سببا لتزايد الهجرة وتصاعد التطرف بين سكان المنطقة، مؤكداً على أهمية استمرار وقف إطلاق النار وضمان الاستقرار.