الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  أول رمضان في حياتي

أول رمضان في حياتي

14.06.2016
علاء البشبيشي


عرض وترجمة: علاء البشبيشي
المصدر : العالم بالعربية
كيف كان شعورك وأنت تستقبل أول رمضان في حياتك؟
سؤال قد يجده من وُلِد لأبوين مسلمين، ونشأ في بلد مسلم، غريبًا؛ ربما لحداثة سنه حينها، وربما لأن الإنسان لا يدرك قيمة الشيء إلا إذا تذوق طعم فقده، لكنه يبقى على كل حال سؤال ذو قيمة كبرى لمن لم يولد مسلماً، فرمضان بالنسبة لهؤلاء "له رونقه الخاص"؛ لما يمثله من نقطة تحول في حياةٍ لم يكن فيها من قبلُ رمضان، ثم دخلها نور هذا الشهر العظيم.. تحولٌ لا تكاد تخطئه في كلمات كل من يصف لك مشاعره كمسلم جديد.
كبير هيلمنسكي من سان فرانسيسكو
يقول "كبير هيلمينسكي" ، من "سان فرانسيسكو"، والذي دخل الإسلام في الثلاثينيات من عمره: "استعددت جيدًا لاستقبال أول رمضان في حياتي، بعكس ما يفعله الكثيرون ممن نشأوا في بيئة مسلمة، فقد كنت محروما من دعم المجتمع حولي".
ويضيف متحدثا عن مشاعره التي يتفرد بها من ذاق طعم الحياة قبل الإسلام، وعاش أعواما بدون رمضان: "إن البعد الروحاني للصيام أمر يفوق كل التوقعات، ولقد ذقت إحساساً رقيقا لم أشعر به من قبل".
لم يكن هذا شعور "هيلمينسكي" وحده بل كان شعور الكثيرين ممن عاشوا أول  رمضان في حياتهم بعد فترة طويلة بعيدا عن هذا الجو، هذا ما نقله هو كما سمعه من رفقاء الرحلة إلى الإسلام.
ويشير إلى أن أول رمضان كما  كان الأجمل، كان الأصعب فقد كان عليه أن "أتحرر من عادات كثيرة، ومررت بلحظات أشبة بتلك التي وصفها لي أحد أصدقائي أثناء محاولته الإقلاع عن الخمور بعد معاقرة طويلة لها، لكن بعد زوال تأثير الكحول من الجسد يبدأ الشخص في الإحساس بنوع جديد من اللذة الروحية، وهو الأمر الذي يحدث مع مرور رمضان".
أول رمضان في حياة هذا المسلم الجديد غيَّر نظرته للعالم من حوله، وزرع في عقله فلسفة جديدة فأصبح يرى الأشياء بعين مختلفة، جعلته يتساءل: "هل يمكن أن يكون الطعام الذي نتناوله مجرد مخدر يتناوله الناس لتغطية مخاوفهم وعدم ثقتهم؟، ربما أنهى رمضان تأثير ذلك المخدر (الطعام)، وكشف لنا الحقيقة التي كانت مختبئة وراءه، فقد طهر رمضان الروح، وأعطى فرصة للإحساس بمشاعر لا يمكن استيعابها"، مستشهدا بأقوال النبي حول التخمة التي تفسد الروح.
رمضان الذي يعتبره "هيلمينسكي" ( عافية نفسية شاملة) يرى أنه "يعطي فرصة للروح أن تطفو على السطح، ويكشف عنها غطاء المادة، فتصبح غير حصينة وصادقة أمام الحالة التي يمر بها الجسد من مشاعر". كما أن "الطعام بشراهة يقسي القلب، فإن الصيام يفصله عن الماديات من حوله فيصير حراً ، ويجعل الإنسان يتخفف من شهواته".
وينقل عن أحد أساتذته مقولة طالما رددها على مسامعه مفادها أن:"الصيام خبز الأنبياء، وطعام الأتقياء"، ويسترسل في وصفه لرمضان من وجهة نظر زائرٍ جديدٍ لهذا الشهر المجيد فيقول: "الصوم هو تفكر الجسد كما هو تفكر الروح، إنه يساعد الجسم على تنقية نفسه من السموم التي تترسب من الطعام والهضم غير المكتمل، فللصوم علاقة إيجابية مع الجسد فهو يخفف من أعبائه، ويعطيه هدنة مع الطعام والشراب والمتع التي تمثل قسوة تجاه الجوارح التي تدفع ثمن تلك اللذة، بل إنه يترك الجسد، خاصة الجهاز العصبي، أكثر فاعلية في أداء وظائفه، ويقلل من الحاجة للنوم ويزيد من التيقظ".
وبمرور الوقت يشعر "هيلمينسكي" بلذة – كتلك التي يشعر بها من عرف قيمة رمضان بصدق – ما بعدها لذة، لأنه بدأ "في فهم المنح التي تكمن في هذا الشهر الفضيل، كما عرفت أكثر من أصدقائي حول نفس الهبات".
وقد طرح "هيلمينسكي" مرة سؤالا على جمع من رفقائه الأمريكيين قائلا: "ماذا تعلمتم من رمضان؟" فأجابه أب لـ 3 أطفال: " لقد قَوَّى رمضان ضميري لأنني أصوم في السر كما أصوم في العلن"، فيما أجابه آخر: "أشعر في رمضان بالصفاء، فذهني يصبح أنقى، وجسدي أكثر إشراقاً". وقال ثالث: "جعلني رمضان أكتشف قوة داخلية تكبر يوما بعد يوم".
في حين أجاب أحد الصحفيين قائلاً: "إن رمضان يعلمنا الصبر والإيثار، وبالحرمان نشعر بمعاناة الآخرين ومن ثم نكون قادرين على تلبية احتياجاتهم".
أمينة السلمي.. معمدانية سابقة من أمريكا الجنوبية
إنه الشعور الذي تصفه الأمريكية "أمينة السلمي" – والتي كانت معمدانية من جنوب أمريكا – بقولها:"أنا مسرورة جدا لكوني مسلمة، فالإسلام هو حياتي ودقات قلبي.إنه الدم الذي يجري في عروقي، إنه مصدر قوتي، إنه أجمل وأروع شيء في حياتي. فبدونه لا أساوي شيئا. ولو أشاح الله بوجهه الكريم عني لما كتب لي النجاة أبدا". تقول ذلك رغم أنها كانت قبل الإسلام مذيعة صحفية لامعة، متفوقة في دراستها، محققة لكل ما تمنته من إنجازات مادية. إنه الشعور العميق في نفس"أمينة" بأن من فقد الله لم يعوضه امتلاك الدنيا، وهو ما دفع معظم أفراد عائلتها للإسلام لاحقا، بعدما حاول بعضهم قتلها لتحولها عن النصرانية.
لانا: رمضان فرصة للعطف على كل شيء
بينما تقول "لانا" والتي تحولت للإسلام مؤخرًا إنها استعدت لأول رمضان في حياتها بصيامٍ في شهر رجب، فيما دخلت رمضان بقلب ملئ بالرجاء أن يغفر الله لها ما مضى قبل دخولها الإسلام، وأن يثبتها على الطريق القويم.
وأضافت: "توفيق الله هو ما ساعدني على صيام أول رمضان، بجانب رغبتي الداخلية في محاربة وساوس الشيطان، وتعظيم قدر الله سبحانه. لقد ظللت طوال اليوم الذي صمته في رجب أذكر الله في البيت، الأمر الذي شغل عقلي بعيدا عن الطعام والشراب".
 لقد منحتها نفحات رمضان- التي شعرت بها حتى قبل أن يهل هلاله وهي تحكي قصتها– رحمة فاضت على كل شيء حولها، تلك الرحمة التي زُرِعَت في قلبها جعلتها تقول: "إن رمضان فرصة للعطف على كل شيء على الأطفال وحتى الحيوان، لأنها جميعا مخلوقات الله".
وأردفت: "شعرت بقوة لصيام أول رمضان في حياتي، فقد اكتشفت إيماني الحقيقي الذي كان مفقوداً من قبل، فقد كنت في البداية أفكر في ترك الصيام كلما لاحت لي رائحة طعام شهي، وهذا معناه أنني لم أكن صادقة من أعماق قلبي، أما الآن وبعد أن وجدت الطريق الصحيح، فلن يوقفني شئ – إن شاء الله – عن صيام رمضان".
خالد اليوناني
ويقول "خالد" من اليونان:" لقد أسلمت منذ عام ونصف وها أنذا أستقبل رمضاني الثاني، وحين أتذكر رمضاني الأول أشعر بسعادة غامرة لا تستطيع الكلمات وصفها".
ويردف "خالد" في وصيته لكل المسلمين الجدد: "لا تقلقوا إذا وجدتم الأمر صعبا في الأيام الثلاثة أو الأربعة الأولى من رمضان، فستتكيف أجسادكم بمرور الوقت، تحروا الدقة في السحور (أكلا وشربا)، وتجنبوا مشاهدة إعلانات الطعام في التلفاز أثناء النهار، تناولوا طعام الإفطار هوناً لئلا تؤلمكم معدتكم، ولا تكثروا، وإذا شعرتم بالجوع بعد ذلك فكلوا ثانية".
ويختتم "خالد" اليوناني حديثه بأمنية يقول فيها: "أتمنى أن يعيش الجميع رمضانا طيبا، نسأل الله أن يجعلنا جميعا في حال أفضل".
"سمية" و"جميلة" و"أولا"
بينما نقلت عن "سمية علي"، 50 عاما، قولها: " لقد استعددت لرمضان بتزيين وترتيب منزلي، ورغم أنني مريضة بالسكر، ويمنعني الأطباء من الصوم، إلا أنني سأقوم بقراءة القرآن، والقيام بالمزيد من الصلوات، وقراءة الكتب الإسلامية، والكثير من الدعاء والتضرع إلى الله".
وشددت "جميلة فاروق" ، 19 عاما ، من جنوب شرقي "سان دييجو" ، على  أداء الصلوات الخمس ، وحضور صلاة الجمعة في المسجد ، بالإضافة إلى مساعدة الآخرين والتلطف معهم في المعاملة .
في حين ذكرت "أولا أودا" - 19 عاما ، من "سبرنج فالي" -  أنها ستزيد من قراءتها للقرآن ، وستحاول تدبر آياته أكثر لمزيد فهم لمعانيه ، كما أكدت مساعدتها في إطلاق اتحاد للطلاب المسلمين بجامعة المدينة خلال الشهر.
"هيلمنسكي" الأمريكي.. متعة رمضان
متحدثا عن مشاعره التي يتفرد بها من ذاق طعم الحياة قبل الإسلام، وعاش أعواما بدون رمضان يقول "كبير هيلمينسكي" ، من "سان فرانسيسكو"، والذي دخل الإسلام في الثلاثينيات من عمره: "استعددتُ جيدًا لاستقبال أول رمضان في حياتي، بعكس ما يفعله الكثيرون ممن نشأوا في "بيئة مسلمة، فقد كنت محروما من دعم المجتمع حولي".
ويضيف: "إن البعد الروحاني للصيام أمر يفوق كل التوقعات، ولقد تذوقتُ إحساسا رقيقا لم أشعر به من قبل".
لم يكن هذا شعور "هيلمينسكي" وحده بل كان شعور الكثيرين ممن عاشوا أول رمضان في حياتهم بعد فترة طويلة بعيدا عن هذا الجو، هذا ما نقله هو كما سمعه من رفقاء الرحلة إلى الإسلام.
ويشير إلى أن أول رمضان كما كان الأجمل، كان الأصعب فقد كان عليه أن "أتحرر من عادات كثيرة، ومررت بلحظات أشبة بتلك التي وصفها لي أحد أصدقائي أثناء محاولته الإقلاع عن الخمور بعد معاقرة طويلة لها، لكن بعد زوال تأثير الكحول من الجسد يبدأ الشخص في الإحساس بنوع جديد من اللذة الروحية، وهو الأمر الذي يحدث مع مرور رمضان".
أول رمضان في حياة هذا المسلم الجديد غيَّر نظرته للعالم من حوله، وزرع في عقله فلسفة جديدة فأصبح يرى الأشياء بعين مختلفة، جعلته يتساءل: "هل يمكن أن يكون الطعام الذي نتناوله مجرد مخدر يتناوله الناس لتغطية مخاوفهم وعدم ثقتهم؟، ربما أنهى رمضان تأثير ذلك المخدر (الطعام)، وكشف لنا الحقيقة التي كانت مختبئة وراءه، فقد طهر رمضان الروح، وأعطى فرصة للإحساس بمشاعر لا يمكن استيعابها"، مستشهدا بأقوال النبي حول التخمة التي تفسد الروح.
رمضان الذي يعتبره "هيلمينسكي" ( عافية نفسية شاملة) يرى أنه "يعطي فرصة للروح أن تطفو على السطح، ويكشف عنها غطاء المادة، فتصبح غير حصينة، وصادقة أمام الحالة التي يمر بها الجسد من مشاعر". كما أن "الطعام بشراهة يقسي القلب، فإن الصيام يفصله عن الماديات من حوله فيصير حرا، ويجعل الإنسان يتخفف من شهواته".
وينقل عن أحد أساتذته مقولة طالما رددها على مسامعه مفادها أن:"الصيام خبز الأنبياء، وطعام الأتقياء"، ويسترسل في وصفه لرمضان من وجهة نظر زائرٍ جديدٍ لهذا الشهر المجيد فيقول: "الصوم هو تفكر الجسد كما هو تفكر الروح، إنه يساعد الجسم على تنقية نفسه من السموم التي تترسب من الطعام والهضم غير المكتمل، فللصوم علاقة إيجابية مع الجسد فهو يخفف من أعبائه، ويعطيه هدنة مع الطعام والشراب والمتع التي تمثل قسوة تجاه الجوارح التي تدفع ثمن تلك اللذة، بل إنه يترك الجسد، خاصة الجهاز العصبي، أكثر فاعلية في أداء وظائفه، ويقلل من الحاجة للنوم ويزيد من التيقظ".
وبمرور الوقت يشعر "هيلمينسكي" بلذة – كتلك التي يشعر بها من عرف قيمة رمضان بصدق – ما بعدها لذة، لأنه بدأ "في فهم المنح التي تكمن في هذا الشهر الفضيل، كما عرفت أكثر من أصدقائي حول نفس الهبات".
طرح "هيلمينسكي" مرة سؤالا على جمع من رفقائه الأمريكيين قائلا: "ماذا تعلمتم من رمضان؟" فأجابه أب لـ 3 أطفال: " لقد قَوَّى رمضان ضميري لأنني أصوم في السر كما أصوم في العلن"، فيما أجابه آخر: "أشعر في رمضان بالصفاء، فذهني يصبح أنقى، وجسدي أكثر إشراقاً". وقال ثالث: "جعلني رمضان أكتشف قوة داخلية تكبر يوما بعد يوم". في حين أجاب أحد الصحفيين قائلاً: "إن رمضان يعلمنا الصبر والإيثار، وبالحرمان نشعر بمعاناة الآخرين ومن ثم نكون قادرين على تلبية احتياجاتهم".
والحقيقة- التي تذوقها هيلمينسكي- أن رمضان يعلمنا هذا كله.. وأكثر.
إدريس البريطاني: رمضان نقطة البداية
كان رمضان مختلفًا بالنسبة لـلكاتب البريطاني "إدريس توفيق" الذي أسلم منذ سنوات قليلة، وكان يعمل مدرسًا؛ لأن الله منَّ عليه باعتناق الإسلام في رمضان، فكانت فرحته فرحتين؛ فرحة بالإسلام وأخرى برمضان، فكان لا يدري بأيِّهما يفرح أكثر.
يقول: "إن الأماكن والأزمنة تمثل لكل منا شيئًا مميزًا، ونحن بحاجة إلى النظر للوراء قليلاً؛ لنرى كيف أن إرادة الله سبحانه غيرَّت مسار حياتنا، من حيث لا ندري، فقد نُشغل أحيانًا عن المسار الذي اتجهت إليه حياتنا، لكن يمكننا أن نتعلم أن نكون شاكرين لله".
ويضيف الرجل، الذي كان "قسًّا كاثوليكيًّا" قبل إسلامه، انتقل بعدها إلى مصر: "أرجع بذاكرتي للوراء، فأرى أول رمضان في حياتي كمسلم مميزًا للغاية". لكنه يستدرك: "قبل أن أحكي قصة رمضاني الفريد من نوعه، أحب أن أقص عليكم قصة رمضانين مررتُ بهما قبل دخولي الإسلام؛ أولاهما حين كنت رئيس التعليم الديني في مدرسة للذكور جنوبي لندن، وكنت المسئول عن تدريس مادة حول الأديان، فقد كان الطلاب في المدارس الإنجليزية يتلقون دروسًا حول أديان ستة: الإسلام، المسيحية، اليهودية، البوذية، السيخ، الهندوسية، حيث لا يتم تقديم دين على حساب آخر. حينها واجهني تلاميذي المسلمين بطلب غريب: هل يمكن لنا أن نستخدم قاعة الفصل لتأدية الصلاة؟ طلبوا مني ذلك رغم علمهم أنني لست مسلمًا، فقد كان الله سبحانه يقدر الأمور بصورة رائعة، بتحويل الأحداث البسيطة في حياتنا إلى معجزات".
وافق على طلب التلاميذ، وهكذا أصبح فصل البروفيسور "توفيق" هو الفصل الوحيد الذي يحتوي على "سجادة للصلاة ومكان مخصص للوضوء". لكن المدير طلب منه أن يكون حاضرًا في الفصل ليلاحظ الطلاب، وبالفعل: "كنت أجلس طوال شهر رمضان في آخر الصف وقت الغداء حيث يؤدي الطلاب صلاة الظهر، أو الجمعة. وبنهاية رمضان كنت قد عرفت كيف يصلي المسلمون، وكنت أستطيع ترديد الصلاة بنفسي، رغم أنني كنت لا أدري معناها".
أما عن رمضانه الثاني– الفريد من نوعه- قبل الإسلام فيقول: "رغم كوني غير مسلم وقتها إلا أنني صمت رمضان ذلك العام مع طلبتي لأظهر تضامني معهم، ولم ألبث كثيرًا بعد ذلك إلا واعتنقت الإسلام، الحمد لله، فقد كان الطلاب قدوتي التي دفعتني للدخول في الإسلام، ومن ثم انضممت لهم في الصلوات كل يوم كأحدث مسلم بينهم وأقلهم علمًا بالدين الجديد".
ويردف: "وهكذا كان أول رمضان في حياتي كمسلم مميزًا للغاية". نظم بالاشتراك مع طلبته في ليلة القدر إفطارًا خاصًا، انتظر يومها الطلاب بعد اليوم الدراسي حتى موعد الإفطار، حيث شاهدوا أحد الأفلام حول "حياة النبي"، وصلوا المغرب في جماعة، "كان يؤمنا أكبر الطلبة سنًا، وهو يقرأ القرآن بصوت عذب، ثم تجمعنا في الفصل لنتناول طعام الإفطار، وكأن ملكًا جاء ليزورنا، ورغم أن هذا كان بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث كان معظم البريطانيين ينظرون للإسلام نظرة شك، إلا أن العديد من الزملاء جاءوا لتهنئتنا بشهر رمضان".
لم يمنع وجود "توفيق" في بلد غير مسلم أن يشعر بروحانيات أول رمضان في حياته، وأن يعيش ليالي رمضان الرائعة، التي قال عنها بنفسه: " إنها لا تُنسى"، وإنها "احتفال حقيقي بالفرحة وأخوة الإسلام التي لمست كل أركان قلبي، فلله الحمد".
إلفوين ميستشلر.. رمضان والصحبة الطيبة
رمضان له رونق خاص أضافته الصحبة الصالحة لحياتها بعد 6 أشهر فقط من إسلامها.. إنها الأمريكية "إلفوين ميستشلر"، الحاصلة على درجة الماجستير في لغويات اللغة الإنجليزية، التي تدرسها كلغة ثانية، كما تدرس الفيزياء.
تقول إلفوين ميستشلر عن ذلك: "أول رمضان في حياتي كان بعد إسلامي بـ 6 أشهر ، ولحسن الأقدار انتقلت حينها للعيش في شقة يقطنها 5 من الماليزيين، فكان المجتمع المحيط بي قريب الشبه بالمجتمع المسلم ، وهو الأمر الذي جعل رمضاني الأول مختلفاً عن كثيرين".
وتضيف: "تعلمت الكثير من شركائي المسلمين في الغرفة ، ليس علما مكتوباً، لكن علماً منبعه كرمهم والقدوة التي كانوا يقدمونها، فحتى قبل دخول رمضان كنا نستيقظ لصلاة الفجر كل يوم في جماعة ، كما نصلي ليلا بعد رجوعنا للبيت سوياً. وفي رمضان كنا نتناول طعام السحور والإفطار معاً، لقد كان من المريح أن أجد دائما مسلمين يجيبون عن أسئلتي وقت الحاجة". "صليت التراويح هذا العام لمرة أو مرتين بالمسجد ، فالإمام كان يصلي 20 ركعة ، وكنت لا أشعر بالتركيز مع طول الصلاة، لكن في الليلة الأخيرة من رمضان تساءلت إذا ما كنت قد استفدت شيئا من هذا الشهر، فذهبت للمسجد وصليت العشاء، واختليت بنفسي للحظات بعدها داخل المسجد حيث لم تكن هناك أي أخوات غيري، وحينها جاءني إمام المسجد وقال لي : أختي لا توجد صلاة تراويح اليوم، فأجبته : إنني أعرف ذلك، لكنني أريد الاختلاء بنفسي لبرهة، لكنني لم أظل لفترة كافية بعد ذلك للتبصر في التجربة السعيدة التي مررت بها خلال رمضان ".
"وجاء العيد، وكان وقتا سعيداً قضيته مع المسلمات الأخريات ، أدينا صلاة العيد ثم قمنا بزيارة المسلمات في بيوتهن ، وحينها شعرت بالإنجاز الذي حققته بعدما أتممت صيام رمضاني الأول".
ما أصعب رمضان بلا صحبة
هذه الصحبة شعرت "ميستشلر" بقيمتها العظيمة منذ عايشتها، لكنها شعرت بقيمتها أكثر في رمضانها الثاني الذي جاء وهي وحيدة في مدينة كبيرة لم تتعرف فيها على أصدقاء جدد. تصف رمضانها بغير صحبة فتقول: "كان تعيسا بلا صحبة، فقد كنت أعود من العمل مرهقة للغاية لأجد شقتي خاوية على عروشها من البشر، ورغم وجود الكثير من المساجد في المنطقة لكن لم يكن لدي سيارة للتنقل وكان الأمر مرهقاً أن أذهب وحدي ليلاً سيراً على الأقدام أو بوسائل المواصلات".
" حافظت على صومي، لكن المهمة لم تكن سهلة كالعام الماضي، فالقيام وحدي للسحور كان تجربة كريهة، ووجدت الإفطار والحال هكذا أكثر صعوبة".
حتى العيد الذي كان بلسماً أثلج صدرها العام الماضي بعد إتمام صيام شهر رمضان، فقد رونقه هذا العام مع فقد الصحبة. تصف بنفسها مشاعرها فتقول: "ذهبت للمسجد لأداء صلاة عيد الفطر، لكنني شعرت بالوحدة في بحر من الوجوه الغريـبة، وبينما كان لدي ذكريات سعيدة ترسبت في ذاكرتي من رمضاني الأول، جاء رمضاني الثاني بغمامة غير مرحب بها".
وبدلا من أن تلعن المسلمة الجديدة الظلام، أضاءت شمعة حين خرجت من تجربتها الصعبة بوصية للمسلمين الجدد حتى لا يشعروا بمعاناتها: "أنصح المسلمين الجدد بأن يبذلوا الجهد ليشاركوا غيرهم من المسلمين صيام شهر رمضان، ولو كان ذلك فقط في الإجازات الأسبوعية، فتناول طعام الإفطار مع الآخرين يدعم أواصر المحبة في المجتمع، ويحقق شعار الجماعة".
"عائشة رانتز".. الشوق لرمضان
نقلت صحيفة "ساوذرن كاليفورنيا إن فوكس"، عن المسلمة "عائشة رانتز"، أم لثلاثة أطفال من "سان دييجو"، جنوب ولاية "كاليفورنيا" بالولايات المتحدة الأمريكية، أنها تستغل رمضان في تعليم بناتها أهمية إطعام الجائعين في رمضان، وهو درس تراه مهما بالنسبة للأطفال "أن يتعلموه عن طريق القدوة العملية وليس عن طريق التلقين فقط".
تصف "عائشة" أول ليلة لها قبل أول رمضان في حياتها، وأول نية لصوم رمضان، وأول سحور، وأول فجر في رمضان، وأول تمرات تفطر بها قبل أداء مغرب أول يوم تصومه، بصورة رائعة جعلتها تقول:" منذ دخلت الإسلام بدأ عقلي يتدفق بالأفكار والخواطر، وأضحت أحاسيسي أكثر ذكاء، وشعرت وكأنني ولدت من جديد".
وتضيف: "لقد استعددت لرمضان بتزيين وترتيب منزلي، ورغم أنني مريضة بالسكر، ويمنعني الأطباء من الصوم، إلا أنني سأقوم بقراءة القرآن، والقيام بالمزيد من الصلوات، وقراءة الكتب الإسلامية، والكثير من الدعاء والتضرع إلى الله".
وشددت أن المسلم لابد أن يكون في رمضان وغيره من الشهور حريصًا على أداء الصلوات الخمس، وحضور صلاة الجمعة في المسجد، بالإضافة إلى مساعدة الآخرين والتلطف معهم في المعاملة. بالإضافة إلى ضرورة أن تختم القرآن قراءة وتدبرًا.
 وسوف تستغل رمضان هذا العام في تعليم أولادها اللغة العربية وقراءة القرآن بالأحكام وفهمه، وستقوم بزيارة المراكز الإسلامية المختلفة في أمريكا وزيارة بعض أقاربها المسلمين كصلة للأرحام
بل ستقوم بزيارة أهلها غير المسلمين لتعريفهم بالإسلام ودعوتهم للدخول فيه، كما أعدت "ورقة لتعريف غير المسلمين بشهر رمضان وصيامه؛ لأن دعوة الآخرين واجب على كل مسلم، فينبغي على المسلم أن يكون سفيرًا لدينه وقدوة للآخرين، ورمضان أفضل فرصة لدعوة الآخرين للإسلام".
عائشة روبرتسون: القرآن ثبتني
اسمها "عائشة روبرتسون"، تعمل صحفية حرة بولاية "ويسكونسن" بالولايات المتحدة الأمريكية، تحولت من النصرانية للإسلام بعد رحلة بحث عن الحقيقة انتهت بالوصول لبر الأمان، وساعدها على ذلك "القدوة" التي وجدتها في المسلمين الذين تعاملت معهم في مواقف مختلفة، والذين لم "يجبروها يوما على اعتناق الإسلام"، بل تركوها لتتخذ قرارها بنفسها، بعد اقتناع بالإسلام"، الأمر الذي جعلها "مذهولة" من صبرهم على أسئلتها التي "لا تحصي".
تقول "عائشة" عن دور القرآن في حياتها : " لقد كنت في البداية أشعر بشئ ما يشدني للوراء، ويمنعني من دخول الإسلام، لكنني كنت على يقين من أنني سأجد حلاً لهذا القلق في القرآن الكريم، والحمد لله فعلت، فعندما قرأت آيات من سورة المائدة ( من الآية 82 – 85 ) أصبحت مقتنعة كلية بأنني كنت مسلمة منذ ولدت، وأنني كان لدي شغف فطري لأصبح مسلمة".
إنها روح الإسلام التي جعلتها تشعر وكأنها " تطير في الهواء"، إنها نعمة دفعتها للاعتراف بأن " أقسى لحظات حياتي بعد الإسلام كانت أفضل بكثير من أحسن أيامي قبل دخولي الإسلام".
ساجد الهندي: حبًّا في رمضان صمتُ قبل إسلامي
اسمه "ساجد" الهندي، لكنه كان يُدعى قبل تركه للهندوسية واعتناق الإسلام "ساسيدارن".
يقول: الحمد لله أن بلَّغني رمضان لأصوم مع المسلمين أول مرة في حياتي. وجدت الراحة والأمان والطمأنينة في قلبي، فأحمد الله على ذلك ولقد زالت عني جميع المخاوف؛ لأن الله سيعينني في كل الأمور فأنا مرتاح القلب، أما شعوري فلا أستطيع وصفه، وكيف أصفه والسعادة والفرح يغمران قلبي وأنا سوف أصوم مع المسلمين هذا الشهر العظيم لأول مرة في حياتي. ومن حبي للصيام صمت العام الماضي وأنا على الديانة الهندوسية، لكن بلا طعم أما الآن وأنا أصوم وأنا مسلم فالأمر شيء آخر، فأنا في غاية الفرح والسرور؛ لأني سوف أصوم مع المسلمين هذا الشهر.
استعددت لرمضان هذا العام بصيام عدة أيام خاصة الاثنين والخميس لكي أتعود على الصوم، كما كثفت من قراءة القرآن وأنا أنتظر رمضان بفارغ الصبر وكلِّي خشيةً ورهبةً؛ لأنني أعلم أنا الله سيغفر ذنوبي ويمحو خطاياي إن أخلصت في صومي وعبادتي. بل أنوي الاعتكاف خلال العشر الأواخر من رمضان؛ لأعيش جوًّا إيمانيًّا كاملاً، وكلي أمل أن أفوز برحمة الله والعتق من النار، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
سارة آلن.. صيامٌ قبل الإسلام
عاشت الاسترالية "سارة ألن"، والبالغة من العمر 19 عاماً ، طيلة حياتها في مدينة "سيدني"، وأسلمت في يناير عام 2005 بعد بحث حول الإسلام استمر طيلة 3 سنوات.
صامت "ألن" أول رمضان في حياتها قبل أن تصبح مسلمة، فكانت لم تزل في طور البحث حول هذا الدين الجديد ، تقول عن تلك التجربة الفريدة من نوعها : "صمت أول رمضان في حياتي ولم أكن قد أسلمت بعد ، فقد كنت أبحث عن الإسلام منذ سنة ثم جاء شهر رمضان . لكن أثارني هذا الدين الجديد الذي يبدو وكأنه مثالي".
رحلة البحث عن الحقيقة في حياة تلك المسلمة الجديدة جعلتها تتغير شيئا فشيئا، حتى قبل النطق بالشهادتين . تصف "ألن" هذا التغير فتقول: "تغيرت حياتي ببطء، وظهرت الصورة بوضوح، فأصبح ملبسي أكثر اعتدالا ، وشخصيتي أكثر تواضعاً، وأدركت أخيراً أنني وجدت الطمأنينة. وبمجرد أن وجدت هذا التغير قررت اعتناق الإسلام . وأضحى جلياً لي أنني على مقربة من تحول لن يؤثر على حياتي وحدها، بل سيؤثر أيضاً على كل الذين أحبهم . لذلك قررت أن أتحول للإسلام بلطف وكياسة ".
آلن: رمضان فرصة العمر
ومع قرب رمضان، قررت "ألن" استغلال هذا الشهر لتشبع الإثارة التي بداخلها، ولتحقق على أرض الواقع الكثير مما تعلمته خلال رحلة بحث طالت مدتها.. "وجدت في قرب قدوم رمضان فرصة مثالية لتطبيق الدين الجديد الذي أثارني، وقررت أن أصوم ، وجاء رمضاني الأول كما توقعت ، غير أنني وجدت التصميم داخلي يزداد كلما وجدت من حولي يأكلون ويشربون غير آبهين بصيامك وما تبذله من حرمان لنفسك ، وصرت أستحضر كل الصائمين في العالم من إخواني وأخواتي وهم يتركون الطعام والشراب لله ، إنه أقوى المشاعر التي قد تمر به يوما ما، تشعر بأنك شخص قوي يتحكم في تصرفاته، وتحس بأن لديك القدرة على اتخاذ القرارات، وقد تحطمت عاداتك السيئة، وأصبحت وكأنك كائن جديد ، أقوى روحياً، ومنضبط جسمانياً، ومدرك لما يحدث حولك بالمجتمع . إن أكثر ما أحببته في رمضان أن صيام المسلمين مجتمعين فيه يقوي الأمة بأسرها" .
وتختم أختنا الاسترالية مشاعرها بأمنية للصائمين الجدد أن يعيشوا رمضانهم الأول بأفضل حال.
مايكل وولف.. شحن القلب في رمضان
مايكل وولف، مؤلف ومخرج، ولد في 3 أبريل 1954، لأب يهودي وأم مسيحية، قبل أن يعتنق الإسلام بعد سنوات طوال.
ألَّف كتابَي: "الحج:رحلة أمريكي إلى مكة" و"ألف طريق إلى مكة"، وهو مشهور بفيلمه الوثائقي "أمريكي في مكة" والذي أذيع علي قناة ايه بي سي الإخبارية الأمريكية عام 1997، وهو معد الفيلم الوثائقي الأمريكي عن حياة الرسول عليه الصلاة والسلام.
كان رمضان بالنسبة لـ"وولف" فرصة لـ"شحن القلب بالإيمان وتحصينه ضد  الشيطان"، على حد وصفه، بعدما عرف طريق الإسلام. اكتش هذه القيمة حين نصحه أحد المسنين بالمغرب – أثناء زيارته لها - بالصوم، معللاً ذلك بأن في الصيام "فائدة للبدن، وتحصين للقلب فلا تمسه إلا الطيبات". وهي نصيحة يقول عنها "وولف": "كثيرا ما تسمع مثل هذا التشبيه بين رمضان والتحصين لإلقاء الضوء على فوائد هذا الشهر".
ويحكي شعوره حين رأى لأول مرة بلداً أغلبيته مسلمة يعيش رمضان، قائلاً: "لم أكن أتخيل أبدا وجود بلدٍ يصوم 99% من سكانه معاً، ويتوقفون جميعا عن الطعام والشراب يوميا لمدة 30 يوماً، بهدف التقرب من الله".
وحينما سأل "وولف" الرجل المسن قائلاً: "هل تجد صعوبة في الصيام؟"، ابتسم الرجل مجيبا: "لا، لا، إنه يعطيني قوة، وبعد أيام قلائل يجعلني أشعر كأنني ملك البلاد". فقال "وولف" : " ربما أجرب ذلك".
لم يكن وولف قد جرب الصوم بعد، بل كان يتناول طعام غدائه طبيعياً أثناء رمضان، لكنه حين ذهب للمغرب ووجد الذين يقدمون له الطعام، ويجهزونه كلهم صائمون، فشعر بـ"الحياء" من أن يأكل والجميع صائم.
تقدُّم مذهل
وصل "وولف" إلى مرحلة متقدمة جدا مع الصيام، فهو الآن لم يصم وفقط مع الباقين ليدخل بذلك في ما سماها "روح المدينة الصائمة"، بل وصل لمرحلة مكنته من أن يحدثنا أيضا عن مقاصد الشارع من فرضه، فيقول: "لماذا يصوم المسلمون؟ سيجيبك البعض: لأن القرآن أمرنا بذلك. لكن ما الحكمة من وراء فرضه في القرآن؟ أولاً: لأنه وسيلة لتحسين علاقتنا مع الله، ولتذكيرنا بأصلنا في الخلق. في الواقع، الإسلام لا يعلم أتباعه الخطيئة، بل يعلمهم الطهارة، وثانيا: فُرِض الصوم لتزكية النفس وكبح جماحها، وأنا شخصيا كنت أجد هذا الأمر محيرا في البداية حتى أكملت صيام رمضاني الأول منذ أعوام.. وربما تحتاج أنت إلى تذوق طعم صوم رمضان لتعرف ماأعنيه".
يكمل "وولف" مشاعره التي ذاقها، ويدعوا الآخرين ليتذوقوها قائلا: "إنه تحول من الشعور بالحرمان إلى الشعور بالقدرة على التحكم في شهواتك وإكمال الصيام. الانتقال من مرحلة كنت تفكر فيها كيف يمر الوقت ببطء أثناء الصيام لأخرى لا تنظر فيها للساعة، بل ربما تشعر بشوق أكثر إلى الدقائق التي يحدث فيها الغروب".
ومن بين المشاعر التي عاشها "وولف" كان شعور " التفرد برمضان عن باقي البشر" فيقول: " أنت تفطر في رمضان بعد الغروب في الوقت الذي يكون فيه الجميع يتناولون طعام عشائهم، ثم تستيقظ قبل الفجر لتتناول وجبة السحور" بينما يكون الجميع نائمون.
ويتابع "وولف" الحديث عن المقصد الثالث من مقاصد الصيام فيقول : " يطالب المسلمون بالصيام لرفع مستوى تعاطفهم مع الجائعين بقية الشهور، فرمضان ليس شهر إنكار الذات وفقط ، لكنه أيضاً شهر زيادة الإحسان والعطاء . فإطعام المسكين هو إحدى كفارات الفطر في رمضان".
"تلك الحقائق حول رمضان لم يعلمني إياها الرجل المسن – الذي ذكرته آنفاً – بل علمتني إياه السنين التي تلت لقائي به، أو بالأحرى هو الذي أعطاني شعورا بتلك الروح التي أسرتني، فصمت حينها آخر 3 أيام من رمضان قبل أن يفارقني، ولم تلك الأيام صعبة أبداً، فكل المدينة تؤيدك، ولا يوجد من يلوح بأطباق الطعام بالقرب من أنفك وقت الغداء وأنت صائم".
الآن.. أستحق أن أفرح
عيد الفطر بالنسبة لـ"وولف" كان فريداً من نوعه، وكأنه أول مرة يشعر بأنه يستحق فعلا أن يفرح، فهناك الكثيرون ممن يفرحون، لكنهم يشعرون أنهم لا يستحقون. يصف بنفسه مشاعره حول ذلك فيقول: "حينما جاء عيد الفطر بعد انتهاء رمضان، شعرت بأن لدي بعض الحق في أن أحتفل مع الباقين، لذلك انضممت إليهم في الأسواق والشوارع وهم يرتدون الجديد، ويحتفلون بالعيد".
موسى كابلان.. اليهودي الصغير يخفي صومه
"السلام عليكم، اسمي موسى، وعمري 15 سنة، اعتنقت الإسلام حديثا، ما شاء الله، وها أنذا مقبل على رمضاني الأول".
محدثكم هو "موسى كابلان" ابن الخامسة عشرة، الذي ترك اليهودية  بعد أن هداه الله للإسلام، لكن أحدا من أفراد عائلته أو أصدقائه في المدرسة لم يعرف بإسلامه بعد.
بعد أن عرَّفنا بنفسه، نتركه ليحكي مشاعره وهو يستقبل أول رمضان في حياته بعد تركه لليهودية وتحوله للإسلام: "لدى مشاعر مختلطة بين الإثارة والخوف، فالمشكلة بالنسبة لي ليست في الصوم ذاته، لكن في كيفية إخفاء ذلك عن عائلتي وأصدقائي، فأنا لم أخبر والداي بعد باعتناقي للإسلام، ورغم رغبتي الشديدة في إخبارهم، وفخري الشديد وسعادتي الغامرة بكوني مسلماً، إلا أن الأمر يبدوا مستحيلا بالنسبة لي. فقد اقتربت مرات كثيرة من أن أقول لهم الحقيقة، لكن كل مرة لساني كان لا يستطيع الحديث".
"مازلت أذهب لمدرسة يهودية، وبالتأكيد لن يكون رمضان مهمة سهلة بالنسبة لي. فهناك العديد من الأعياد اليهودية ستواكب شهر رمضان، والتي تتطلب أن نأكل خلالها قبل غروب الشمس. إن أفضل خططي هو أن أتظاهر بالمرض. أما بالنسبة للآن فخطتي أن أستيقظ يوميا قبل الفجر لأتناول وجبة السحور، ثم أصلي الصبح. وسأقنع عائلتي، إن شاء الله، صباحاً أنني سآكل فيما بعد".
إنها مشكلة قد لا يشعر بها الكثيرون، ويظنون أن عصر "كتمان الإسلام" قد ولَّى، وأنه إخفاء الإسلام كان أيام "كفار قريش" وفقط، لكن ابتهال "موسى" يؤكد عكس ذلك حين يقول: " أدعو الله أن يساعدني في وقت الحاجة، وأسأل الله أن يغفر لي إذا اضطررت إلى الإفطار في رمضان، لأنه يعلم نيتي واضطراري، كما أسأله أن يقوي إيماني والمسلمين أجمعين".
مِحَنٌ ومِنَح
رمضان الأول بالنسبة لموسى كان يمثل تحديات كثيرة، لكن تلك التحديات لم تمنعه من أن يكون أيضاً ممثلا لـ" الإلهام، وزيادة الإيمان".فيقول : "قبل إسلامي حين كنت أسمع عن صوم المسلمين لمدة 30 يوما بلا انقطاع، وصيامهم 5 صلوات في اليوم والليلة على أقل تقدير، كنت أعتقد أن ذلك أمراً منافيا للعقل، بالطبع كنت أحترم قرارهم الشخصي، لكنني لم أكن أتخيل نفسي يوماً وأنا أعبد الله بتلك الطريقة، فقد كان أقصى ما كنت أفعله هو أن أؤدي أدعية قبيل النوم أمام سريري، وأذهب للمدرسة اليهودية. لكن حينما عرفت أن القرآن هو كلام الله، وأن محمد – صلى الله عليه وسلم - هو قدوتنا، أدركت وقتها أنني يجب أن أفعل هذين الشيئين – اللذان كنت أستغربهما – الصلاة والصيام".
"والآن قد بدأ شهر الصيام ، استيقظت قبل الفجر بقليل، لا أدري هل سيكفي هذا الوقت للسحور والصلاة، ولم أكن متأكدا من قدرتي على إتمام أول أيامي صائماً، فأكلت فقط قطعة من التفاح، لكنني شعرت بالندم يجتاح جسدي لأنني كنت قد أكلت بعد أذان الفجر، وسألت الله أن يغفر لي ، وأن يقويني على الصيام، وأعتقد أنني سأقضى هذا اليوم بعد انتهاء رمضان".
كانت تلك أول عقبة في طريق "موسى" في رمضان، لكنها لم تكن الأخيرة، فأسئلة زملائه كانت تحاصره دائماً: " متى ستأكل؟ ولم لا تشرب؟"، واشتدت المحنة "حين جاء موعد الاحتفال بأحد أعياد اليهود والتي نصوم فيها من غروب الشمس وحتى غروب شمس اليوم التالي،  ومن ثم أجبرت على الإفطار حينها. وحين أثرت موضوع شهر رمضان – وكان خطئاً مني بالطبع – رد جدي قائلاً أنه ينزعج حين يسمع عن رمضان وعن "محمد" في الأخبار، لكنني أجبته :" إنه من الجيد أن يعرف الناس الحقائق حول الإسلام بدلا من الأشياء التي يجتزئها الإعلام حولهم، لكن جدي – وكعادة كبار السن دوما – رد فورا بكلمات متحاملة على الإسلام، الأمر الذي جعل غضبي يتزايد ، لكنني انصرفت فقط ، ولم يزدد الموقف إلا سوءاً".
ويكمل "موسى" وصف التحديات التي واجهته في أيامه الأولى وهو يكتم إيمانه في رمضان فيقول: " وفي محاولة لأخبر والدي بأنني كائن حي أفكر باستقلالية، قلت لهم أنني قررت عدم الصيام يوم عيد اليهود القادم. وأجابت أمي: بل يجب عليك أن تفعل، ورددت قائلا: لدي حرية الاختيار، فقالت لي: ألا تريد أن تطلب من الله أن يغفر خطاياك؟ فأجبتها: أستطيع فعل ذلك في أي وقت من العام، فلم هذا اليوم بالتحديد؟، وهكذا استمر السجال بيننا لمدة 5 دقائق، انصرفت بعدها لغرفتي لأختلي بنفسي لبرهة، وقد تبخر كل أمل لي في إخباري والدي بتحولي للإسلام".
لكن الشعور بالإيمان كان قد بدأ يتمكن من قلبه حين قال: " إنه أمر رائع أن تذعن بنسبة 100% لخالقك، ودعوت حينها أن يرزق الله إخواني وأخواتي في الإسلام شهرا عظيما، وأن يهدي غير المسلمين للحق. آمين".
حداثة عهد "موسى" بالإسلام لم تمنعه أن يقدم كل حلقة من ذكرياته حول رمضان بأقوال قد لا يقدر علي قولها الكثيرون ممن ولدوا لأبوين مسلمين، فمن الغريب أن نجد هذا الصغير قريب العهد بهذا الدين يخاطبنا نحن بمثل هذه الكلمات: "السلام عليكم ورحمة الله، أسأل الله أن ينعم عليكم برحمته في هذا الشهر، وأسأله سبحانه ، اللطيف العظيم، أن يهدي الذين لم يرو طريق الحق بعد . آمين".
الداعية الصغير
يشير "موسى" إلى أن بقية رمضان مر بحال أفضل من بدايته، فأصبح يصوم ويدعوا الله الثبات، لكن في خفاء، كما أنه أخذ في " قراءة القرآن، الأمر الذي أفادني بشدة، الحمد لله، ولقد وجدت مكانا يعلم القرآن ، أنوي أن ألتحق به العام القادم، بدون علم والدي، الذين حاولت معهما ثانية ،  فليس بالأمر الهين بالنسبة لي أن اخفي سراً يملأ على مشاعري". في إشارة إلى أنه حاول جذب قلب والده للإسلام ، فجعله يشاهد حلقة مصورة للشيخ "حمزة يوسف هانسن"، والذي يعتبر أحد أكبر الدعاة المسلمين، بعدما تحول من المسيحية الأرثوذكسية للإسلام -  في أمريكا والعالم الغربي بشكل عام وله نشاط ملحوظ وشعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية. تلك التجربة يروي نتيجتها موسى فيقول: "الحمد لله، لقد أحبه أبي كثيراً".وكانت خطوة على الطريق.
كما استغل "يوسف" فرصة عمل أحد أبناء عمومته بحثا حول النبي محمد،في المدرسة، فيقول : "عرضت عليه المساعدة ، ودعوت الله أن يجد قريبي الحق في الإسلام عن طريق هذا البحث، فهو متفتح جداً، وقد علمته أشياء حول الإسلام، اللهم اهدِ عائلتي وأصدقائي أن يجدوا الحق في الإسلام".
العشر الأواخر
 يكمل "موسى" مذكراته حول العشر الأواخر من رمضان فيقول : " السلام عليكم إخواني وأخواتي في الإسلام. إن هذا الشهر يمر بسرعة كبيرة، فأسأل الله أن يتقبل صلاتنا وصيامنا، وأن ينعم على المسلمين أجمعين في هذا الشهر العظيم".
"إننا على أعتاب العشر الأواخر من رمضان، وأنا أستيقظ كل يوم في الثالثة قبل الفجر للقيام، إنه شعور مهيب، وقد دعوت الله اليوم كما فعلت أمس أن يرزقني رفقة المسلمين في مجتمعي هذا الذي يضم القليلين منهم".
دعوة أرسلها "موسى" في جوف الليل، ولم ينتظر طويلا حتى تحققت، يقول موسى: " لقد لاحظت وللمرة الأولى أن الله قد أجاب دعائي، فبينما كنت في المكتبة أمس، أبحث عن كتب حول النبي محمد لأشتريها، رأيت أسرة مسلمة، امرأتان وثلاث رجال، فكرت أن أذهب لأتحدث معهم، لكن الخجل منعني، وحين ذهبوا ندمت كثيرا أنني لم أكلمهم ، شعرت وكأنني يجب على أن أخرج من المكتبة وأجري لألحق بهم  قبل أن يذهبوا بسيارتهم، لكنني قررت ألا أفعل ، ظنا مني أن ذلك مجرد حدث عابر وأنه ليس إجابة لدعائي".
"وسرعان ما حدث أمرا آخر أكثر غرابة، حين كنت أدخل أحد المتاجر وكنت أدعوا الله سراً( اللهم ارزقني مسلما ألقاه هنا يستطيع مساعدتي)، رأيت بعدها رجلا اعتقدته مسلما، لكنني اكتشفت بعد قليل أنه ليس مسلما،. استمر أملي ولم ينقطع، لكن مرت 15 أو 20 دقيقة ولم أحرز تقدما في العثور على مسلم، فقررت البحث عن والدتي في المتجر ثم الرحيل، وبينما كنت أبحث عنها، سألت الله ثانية أن يقودني لمسلم".
وهنا حدثت المعجزة، استجاب الله دعائه، حيث يقول موسى" هناك أمام عيني، وجدت رجلا بلحية وزياً لم أره من قبل في المدينة، ومعه فتاتان يرتديان الحجاب، ربما كانا في الثامنة. ورغم أن الخجل انتابني ثانية، إلا أنني لم ألبث إلا وتقدمت منهم وقلت : السلام عليكم، فنظرت إلى الفتاة ، فتراجعت خجلا، وندمت وشعرت بعيني تملؤهما الدموع. وللمرة الثانية أضعت فرصة منحها الله لي، ودعوت الله أن يغفر لي تضييعي لما منحه لي، وسألته أن يرزقني المزيد، فهو الغفور العليم، كما أنني تركت ركوب الدراجة أملا في ملاقاة أحد المسلمين ثانية أثناء السير".
اختبار إيماني
"مر بحمد الله رمضاني الأول بسرعة شديدة، وها هو العيد، كنت أبحث عن وسيلة أتغيب بها عن المدرسة لأذهب مبكراً إلى المسجد للمرة الأولى، وقد كنت أتطلع لذلك بشدة، لكنني فشلت، فقررت ليلة العيد أن اخبر والدي بإسلامي ، فطلبت منهما أن نخرج لتناول الغداء ، واصطحبت معي بعض الكلمات التي  تتحدث عن الإسلام ، ولفرط دهشتي  مرت الأمور بخير، فأأخبرتهم بحياة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم-، شعرت حينها أن الوقت قد حان للكشف عن حقيقة إسلامي لوالدي، وقبل أن أخبرهما، تسلل الخوف مجددا لعقلي، ولم أستطع إخراج الكلمات من فمي ، ومرة أخرى فشلت في مواجهة والدي".
"شعرت بأن حياتي عبارة عن كذبة كبرى، فلا أحد يعرف الحقيقة غير الأشخاص الذين ألتقيهم على الانترنت، وهم حتى ليسوا من مدينتي، فقد كنت أود إخبار العالم بإسلامي، وتمنيت لو استطعت يوما ما حضور صلاة الجمعة في المسجد، وأن أحضر دروسا حول الإسلام في مدرسة إسلامية، إن شاء الله ربما يأتي يوم أستطيع فيه الصوم والصلاة في العلن بدلا من الاختفاء خلف الأبواب المغلقة، أتمنى لو استطعت يوما أن اخبر والداي، بدلا من الخوف الذي ينتابني".
ما لا يُدرَك كله
رغم كل هذه الصعوبات في حياته، وجد "موسى" ثمارا وسط الشوك، ومنحا وسط المحن، يقول عنها "على الأقل الآن اكتسبت خبرة حول ما ينبغي علي فعله رمضان القادم، وسأصلح، إن شاء الله، كل ما أفسدته هذا العام. ورغم كون رمضان هذا العام قد كان تجربة صعبة بالنسبة لي، إلا أنني أشعر بصدق أنه كان اختباراً لمدى إيماني، والحمد لله، أشعر أنني قد اجتزت هذا الامتحان".
كلمات "موسى الأخيرة كانت: " أتمنى أن تكونوا قد عشتم رمضاناً وعيداً طيبين، وسيجزينا الله جميعا على ما عملناه. رجاء أن تدعوا إلى الله طوال العام، وأطلب منكم أن تدعو لعائلتي بالهداية، فلدي أحلام كبيرة أن تسلم عائلتي في المستقبل، إن شاء الله، في الأعوام القادمة سيقرروا هم أيضا صيام شهر رمضان".
هذه مشاعرهم فما هي مشاعرك؟ وهذه قلوبهم فكيف حال قلبك؟