الرئيسة \  مواقف  \  إلى قيادة النصرة وأركانها وكوادرها وأفرادها .. أهلكم يتطلعون إلى فك الارتباط العملي وليس الإعلامي

إلى قيادة النصرة وأركانها وكوادرها وأفرادها .. أهلكم يتطلعون إلى فك الارتباط العملي وليس الإعلامي

27.07.2016
زهير سالم

موقفنا :



تتردد في الفضاء الإعلامي أخبار عن عزم ( جبهة النصرة ) على فك ارتباطها بتنظيم القاعدة . وتغيير اسمها الذي زُج به في التصنيف الدولي تحت خانة  (الإرهابي)  .
قليل من السوريين المناصرين للثورة ، يشكك أو يتشكك في دور ( جبهة النصرة ) ومكانتها وتضحياتها . وكثير من هؤلاء شعروا بالصدمة وعبروا عنها ، يوم كشفت جبهة النصرة عن ارتباطها بتنظيم القاعدة ثم ما ترتب عليه . ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف الدعوات والمناشدات لقيادة جبهة النصرة أن ترفع عن مؤيديها ومناصريها من السوريين الحرج ، وأن تعلن عن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة ، هذا الارتباط الذي ظل ذريعة للتشكيك ليس في جبهة النصرة وحدها ، وإنما في الثورة السورية وفصائلها وفي تضحيات أبنائها ...
واليوم ، وإذ تلوح بالأفق فرصة تحقيق هذا المطلب ، الذي ظل أملا ، وإن كان في ظروف دولية وإقليمية وداخلية أكثر صعوبة ؛ فإن الأمل المنشود لن يحقق هدفه ومبتغاه ما لم يترافق مع ( فك الاتباط  الإعلامي ) و( تغيير العنوان ) عملية مراجعة شاملة للاستراتيجيات والأهداف والوسائل والعلاقات . وأن يتم ذلك على ضوء ما استقر من فقه أهل السنة والجماعة عند علماء أهل الشام ، مادامت الحركة تعمل على أرض الشام. وقديما قال عمر لمعاوية وقد ذكّره في ثيابه ومظاهر ملكه وسلطانه، فقال عمر ،رضي الله عن عمر ،: لا آمرك ولا أنهاك .
إن المنتظر من حاملي لواء جبهة النصرة المراجعة الشاملة على ضوء ما استقر من فقه أهل السنة والجماعة في بلاد الشام أولا ، ثم على ضوء المواضعات السياسية العامة التي تحكم العالم اليوم ، مما يعرف بالقانون الدولي ، وبالمواثيق والعهود الدولية ، فالثورة السورية إنما انتصبت لإزاحة ظالم مستبد فاسد مباشر اسمه ( بشار الأسد ) ، وليس ، وهي ثورة مستضعفين وليدة ، لتقوّم في هذا العالم كل اعوجاج ...
والمنتظر من مراجعات (جبهة النصرة ) ، أن تستشرف في منهجيتها الجديدة (المستقبل)  لا أن تغرق في جزئيات وتفاصيل الماضي . القرآن الكريم نزل لكل عصر ، وليس ليحاصرنا في فقه عصر . المطلوب أن تعظم ما عظم الله من شعائر ، لا أن تستغرق في الجزئيات والصغائر . وأن تدور مع مقاصد الشريعة ، ولا تتوه في تفصيلات النقول والأقوال ..
نذكر قادة النصرة ، وكوادرها ، وأفرادها وهم أهل لكل خير من الذكرى بوصية رسول الله  لسيدنا سفيان بن عبد الله الثقفي يوم قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ ، فقل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ، قال ( قل آمنت بالله ثم استقم ) . إيمان واستقامة ، ونعما الوصية وصية رسول الله ..
ونذكر قادة النصرة بالكلية الجامعة في سورة العصر ، التي قال عنها الإمام الشافعي ، لو تأمل الناس في سورة العصر لوسعتهم : (( ... إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )) ويكفينا في هذا العصر ( عنوانا لمشروعنا الإسلامي ) ( إيمان وعمل صالح ) وتواص بالحق وتواص بالصبر ..
ندرك إن ما تؤشر إليه هذه الكلمات ليس مطلبا سهلا ،  وندرك أن بنيان  ( جبهة النصرة ) لا يشبه بحال بنيان حزب مثل حزب البعث يتغير ببيان قطري تصدره القيادة المظفرة عقل بنيه ,,,
إن المأمول أن تشرك قيادة النصرة في عملية ( المراجعة الشاملة ) العقولَ والقلوبَ  بحكمة وجرأة ، وبعلم وفقه ، وبمأثور ومعقول . ولا ضير على المسلم وهو يواجه اليوم واقعا جديدا ، ويستقبل تحديات جديدة أن يقول كما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، وكررها الصالحون من بعده : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ...
هذه الدعوة الآملة تنطلق من خلفية النصح الشرعي أولا ، ومن خلفية الحرص على المصالح الشرعية للمسلمين بشكل عام ، ولأبناء الشام المصابر بشكل خاص . وتنطلق من حقيقة شرعية يطبق عليها جمهور أهل العلم والفقه والحكمة من علماء الإسلام الموثوقين وهي أن في الأسس التي قام عليه تنظيم القاعدة ، والتنظيمات التي سميت قبل بالجهادية ، أخطاءً شرعية مدمرة أجلبت على المسلمين وتسببت لهم بكثير من الشرور والآثام  .
إن فك الارتباط بتنظيم القاعدة لا ينبغي أن يكون إعلانا سياسيا فقط بل يجب أن يكون خطوة منهجية يؤسس لها في العقول والقلوب ، ليثمر ذلك فلاحا ونجاحا وديمومة واستمرارا وليدخل الاطمئنان والراحة والأمل إلى قلوب كل السوريين  ..
 
لندن : 21 / شوال / 1437
26 / 7 / 2016
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
zuhair@asharqalarabi.org.uk