الرئيسة \  ملفات المركز  \  الدور الإيراني بعد الاتفاق النووي .. مقالات وتحليلات

الدور الإيراني بعد الاتفاق النووي .. مقالات وتحليلات

24.01.2016
Admin



إعداد : مركز الشرق العربي
23/1/2016
عناوين الملف
  1. العربية نت  :إيران: معادلات الربح والخسارة
  2. المنار :تداعيات سقوط الحظر: تسارع صعود إيران... ومحور المقاومة
  3. العربي الجديد :صعود إيران
  4. الامارات اليوم :علاقة إيران مع الغرب تتجه نحو «التعاون الاستراتيجي»
  5. شبكة النبأ :رفعُ العقوبات عن إيران وانعكاساته الإقليمية
  6. الاتحاد :غازي العريضي: ما بعد الاتفاق مع إيران      
  7. النشرة :السعودية وإيران: صراع نفوذ بالأدوات المتاحة
  8. الجزيرة :كاتبة أميركية: إيران لم تتغيّر
  9. العرب :إيران وما بعد رفع العقوبات
  10. الغد الاردنية : ابراهيم غرابية :ما معنى عودة إيران إلى السكة الدولية؟
  11. النهار: إيران بعد رفع العقوبات غير ما قبلها
  12. الجزيرة :"تايمز: إيران تستغل ثروتها الجديدة في تمويل الإرهاب
  13. الخليج ":تدخلات إيران في المنطقة: أهداف سياسية ب «تقية» مذهبية
 
العربية نت  :إيران: معادلات الربح والخسارة
الجمعة 12 ربيع الثاني 1437هـ - 22 يناير 2016م
أسعد حيدر
أربعون يوماً تفصل عن الانتخابات التشريعية ومجلس الخبراء في إيران. بعد أكثر من ثلاثين استحقاقاً انتخابياً منذ قيام الجمهورية الاسلامية في إيران، تبدو هذه الانتخابات وكأنها «أم الانتخابات». الإيرانيون ومعهم محيطهم الإقليمي والعالم كله متلهفون ومستعجلون لمعرفة من سيفوز فيها: المتشددون والحرس الثوري، أم المعتدلون من «روحانيين» و»رفسنجانيين» و»خاتميين»؟ النتيجة الحاسمة تعني إما وضع إيران جديدة على سكة «الدولة» بكل استحقاقاتها، وإما بقاء إيران، والتي هي في عهدة المرشد آية الله خامنئي، أسيرة خطاب التشدد خارج الشرعية الدولية رغم الاتفاق النووي ورفع العقوبات!
القراءة الدقيقة لكل ما جرى ويجري حالياً تعطي صورة أولية قائمة على معادلة وليدة وقائع متراكمة منذ أشهر وأبرزها: ان إيران تعيش على وقع صعود الرئيس حسن روحاني وهبوط المرشد خامنئي. الاول أمامه نصف ولاية رئاسية تقريباً، اي اقل من عامين، ونجاح شبه مضمون لولاية ثانية من اربع سنوات نتيجة لصعود شعبيته الخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي والتوقعات بطفرة اقتصادية بدأت معالمها تتشكل منذ الآن، اضافة الى تحولات شعبية إيرانية باتجاه خطه المعتدل. أما خامنئي فإنه يتراجع مع تراجع خطابه «المقاوم» من الاقتصاد الى السياسة. يكفي انه بعد ربع قرن من سلطة الولي الفقيه المطلقة اضطر عملياً إلى «الاعتذار» الموجّه الى الداخل والخارج معاً من إحراق السفارة السعودية، والاعتداء على السفارة البريطانية قبل عام تقريباً، مما يعني وضع نقطة ختام على سياسة الخط الثوري الذي لا يقيم وزناً للقواعد والالتزامات الدولية. الأهم ان خامنئي في المرحلة التي ظهر فيها في المستشفى قبل أشهر قليلة، مؤكدا بذلك جدية مرضه، ومن ثم في اللحظة التي أكد فيها ان مجلس الخبراء المنتخب في شباط القادم هو الذي سينتخب المرشد خليفته، فإنه وضع الإيرانيين كافة على سكة البحث عن خليفة له، مما يفتح الأبواب امام بحث كل القوى والافراد عن مستقبلها خارج دائرته، ومن الطبيعي ان ذلك يضعفه الآن ولاحقاً.
عدد نواب مجلس الشورى هو نائباً أغلبيتهم المطلقة من المتشددين الذين يعملون على عرقلة سياسة وقرارات الرئيس روحاني. من ضمن جميع النواب توجد كتلة «الحرس» المعروفة باسم «الصخرة» وهي تضم حوالي سبعين نائباً. فماذا عن المجلس المنتخب القادم؟
رفض ترشيح ثلاثة آلاف مرشح بينهم اكثر من خمسين أعضاء في المجلس الحالي كانوا قد وقعوا على كتاب يطالب بمراقبة مؤسسات تابعة للمرشد ويدير معظمها أولاده خصوصا السيد مجتبى الى جانب النائب «المشاغب» علي مطهري، أثار القلق من عملية رسم «خريطة خامنئية» للمجلس الجديد تثبت «يده» على المجلس الجديد وتقيد روحاني من جديد. في المبدأ ومن بعيد يبدو ذلك صحيحاً، اما في الواقع وعند الاقتراب من «الخريطة» الداخلية فإن النتيجة مختلفة. اولاً تتم حالياً مراجعة المبعدين وسيتم تعديلها. ثانياً لقد أُبعد ثلث المرشحين وبقي الثلثان فيما أُبعد في الدورات السابقة احياناً اكثر من النصف. لذلك فإن الأسماء ليست الأساس بل الأهم الالتزام.
يبلغ عدد سكان إيران حوالى خمسة وسبعين مليوناً، بينهم دون الثلاثين من عمرهم، وينتخب منهم اكثر من ثلاثة وخمسين مليون ناخب من اصلهم اكثر من عشرة ملايين يحملون شهادات جامعية. هذه الأرقام تؤشر الى عمق التوجه نحو التغيير طلباً للعيش حسب معطيات العصر والأسواق والعثور على فرص عمل بعد ان تجاوزت البطالة اكثر من عشرين في المئة من مجموع القوة العاملة في السنوات الماضية. لذلك فإن الاقتراع بكثافة كما هو متوقع وكما يعمل اقطاب التغيير سيكون كبيرا وستفرز معالمه في حصول الأقطاب على الملايين من الأصوات عكس الآخرين مما يؤكد ويثبت شرعية إرادة التغيير.
الرئيس الأسبق محمد خاتمي كما يصفه «معسكر» التغيير الاصلاحي والتغييري هو «عمود الخيمة الإصلاحية» وهو بدأ الحملة الانتخابية دون ان يترشح منذ اللحظة التي اقترع فيها لروحاني رغم مقاطعة الآخرين وتوجيه الاتهامات له بالتخلي عن موقعه. اهمية خاتمي ان ليس لديه الكثير مما سيخسره، بالعكس لديه إمكانات كثيرة للربح وللثأر من كل الخامنئيين والنجاديين الذين أبعدوه عن الساحة الى درجة منعه من الظهور الإعلامي والسفر. من المتوقع كما يرى أنصار التيارات المعتدلة والإصلاحية انه مهما جرت من ضغوط فإن تركيبة المجلس المنتخب ستتغير بحيث لا تضم كتلة «الصخرة» من «الحرس» أكثر من ثلاثين الى أربعين نائباً، وأن تتشكل مجموعة من المستقلين من إيران الداخلية تضم عدة عشرات يميلون حسب مصالحهم الانتخابية وموازين القوى، ومن الاصوليين والمتشددين كتلة تضم بين الى نائباً بدلا من حوالى كما هو الوضع، اما الكتلة الإصلاحية والمعتدلون فالكتلة من حوالى تسعين الى مئة نائب، ومن المتوقع أن ينضم اليهم من المستقلين عدد كافٍ لتشكيل أغلبية «مريحة» ومؤيدة لروحاني وخطه السياسي.
من الآن وحتى يوم الانتخابات بعد أربعين يوماً، إن رياحاً كثيرة ستهب على الانتخابات وحملاتها وستفرض نفسها على النتائج .
يبقى، وهو مهم جداً، ماذا عن مجريات ونتائج انتخابات «مجلس الخبراء» في تشكيل القوى التي ستنتخب المرشد القادم سواء غداً او في المستقبل؟ وبالتالي مستقبل إيران، فماذا عنه؟
*نقلاً عن "المستقبل" اللبنانية
 
======================
المنار :تداعيات سقوط الحظر: تسارع صعود إيران... ومحور المقاومة
بقلم: د. امين محمد حطيط*
يوم انطلقت الثورة الإسلامية وأقامت دولتها في إيران تحت عنوان «لا شرقية ولا غربية»، أيّ دولة مستقلة تتمسك بسيادتها واستقلالها، طرح الكثيرون من دهاقنة السياسة والفكر الاستراتيجي سؤالاً هاماً:
 «أيّ دولة يمكن أن تقوم مستقلة فعلياً في عالم منقسم بين معسكرَيْن يتنافسان على اقتسام النفوذ ولا يسمحان – وهما المنتصران في الحرب الكونية الثانية التي أفرزت نظاماً عالمياً يحمي مصالح مَن انتصر -، لا يسمحان لأحد بالاستقلال الفعلي، وبالتالي لا يتيحان لأحد امتلاك قوة تحمي هذا الاستقلال إذا فكّر فيه. ولذلك سارعت تلك القوى إلى «تأديب إيران» ومعاقبتها بحرب وحصار وملاحقة دولية عرقلت امتلاكها خصائص الدولة الفاعلة في المنظومة الدولية، وحالت دون ممارستها ما للدول من وظائف في المجالات الدولية المتعدّدة العناوين.
هدف الحصار الدولي هو حملُ إيران على العودة عن استقلالها والرجوع إلى فلك المعسكر الغربي بقيادة أميركية، وقد مارست أميركا في سبيل ذلك ومباشرة بعد انتهاء حرب الخليج الأولى حرب صدام على إيران – وتفكك المعسكر الشيوعي، سياسة الاحتواء المزدوج احتواء العراق وإيران معاً . وقد تمكنت أميركا من النجاح في مواجهة العراق، حيث ختمت سياسة الاحتواء تجاهه باحتلاله عسكرياً وتفكيك دولته والإجهاز على مؤسساتها كلها، ثم نشر بذور التفتيت والاحتراب الداخلي فيه بما يمنعه من بناء الدولة الموحّدة القوية التي تملك قرارها بحرية وسيادة. وكان هذا أيضاً هو المصير الذي ينتظر إيران التي حوصرت باحتلال أفغانستان شرقاً وباحتلال العراق غرباً وبمحاصرة وملاحقة للدولة كلها.
لكن سياسة الاحتواء فشلت في تركيع إيران، رغم الحصار الشديد والحظر القاسي المتعدّد العناوين اللذين مارسهما الغرب ضدّها بقيادة أميركية وتبعية أوروبية. حظر اتخذ من سلوك إيران السيادي ذرائع للتفنّن في انتقاء جزئياته، حظر تصاعد منذ أكثر من عقد من الزمن حتى شمل تقريباً معظم مرافق الثروة والمال والاقتصاد والتسليح التي تربط إيران بالخارج، حظر تفلّت من قواعد القانون الدولي والإنساني وأدّى إلى معاناة لا يُستهان بها عاشها الشعب الإيراني في أكثر من وجه من وجوه الحياة والسلوك المدني والمعيشي والاقتصادي.
أمام هذا العدوان الذي مورس ضدّ إيران كحرب تعتمد استراتيجية القوة الناعمة الحرب الناعمة على حدّ وصف مرشد الثورة السيد خامنئي ، أمام هذا كان على إيران أن تختار بين التمسك بمبادئ ثورتها الاستقلالية والسيادية مع ألم الحظر ومعاناته، أو التنازل عن تلك المبادئ لتلافي ذاك الألم المادي واستبداله بألم معنوي هو ألم الاستتباع والسقوط في شباك الهيمنة الأميركية ومصادرة الثروة والحرية.
ولم تتردّد إيران في اختيار الاستقلال والسيادة مع ألم الحظر ومعاناة الحصار، واتجهت إلى اعتماد «الاقتصاد المقاوم» الذي يقوم على أركان أربعة، هي: الاتكال على الذات في تحصيل الحاجات سعياً إلى الاكتفاء الذاتي ما أمكن، والتطوير الصناعي والسير في دروب التحصيل والبحث العلمي للالتحاق بمقتضيات العصر، ثم سياسة ترشيد الإنفاق والاستهلاك دون المسّ بمجالات التطوير والتعليم والتصنيع والعمران الضروري، وأخيراً اعتماد مبادئ الإنفاق الإنتاجي والتخفيف ما أمكن من الاقتصاد الريعي والاستهلاكي.
ولتحصين «الاقتصاد المقاوم» هذا كان اندفاع إيراني استراتيجي لحشد القوة العسكرية المتعدّدة المصادر للدفاع عن الدولة، مواكباً مع إقامة شبكه علاقات دولية في الحدّ المتاح للتخفيف ما أمكن من المعاناة وإرساء أسس فضاء استراتيجي حيوي للدولة يمنحها مناعة إضافية في الدفاع عن الذات والمبادئ، وكان من ثمار هذه الاستراتيجية ظهور محور المقاومة الذي سيسجل التاريخ يوماً أنه غيّر مسار الحركة الدولية ومنع إقامة نظام عالمي أحادي القطبية.
لقد تمكّنت إيران عملاً باستراتيجية «الاقتصاد المقاوم» والدفاع عن النفس والمبادئ، من النجاح في مجال الصناعة الخفيفة والثقيلة وفي معظم المجالات الاقتصادية الأخرى ما خلا قطاع السياحة والخدمات المحاصر وبلغت حداً أمّنت فيه بجهد ذاتي ما يلامس 85 من السلع والخدمات الأساسية للشعب، كما أنها امتلكت قدرات عسكرية متطوّرة جداً مكّنتها من بناء قوى عسكرية قادرة على الدفاع عن الإقليم، ثمّ امتلكت قدرات ردعية كافية لمنع أيّ اعتداء عليها، وأذهلت مَن حاصرها عندما امتلكت مقاليد التقنية النووية إلى حدّ بات الغرب يتخوّف من قدرة إيران على تصنيع القنبلة النووية، خوف لم يسقطه على الأقلّ إعلامياً، تأكيد إيران المتكرّر بأنها ليست معنية بهذه القنبلة وليست بصدد السعي إليها. لكن الغرب لم يقتنع وأصرّ على اتخاذ الأمر ذريعة لتشديد الحظر والحصار بعد أن وصل إلى قناعة بعجزه عن شنّ حرب تدميرية تسقط الدولة، كما فعل في العراق.
وفي مواجهة التشديد الغربي الذي بلغ أقصى درجاته في العام 2013 ظلت إيران متماسكة وصامدة ومتمسّكة بحقوقها لا بل «تهدّد» الغرب بالمزيد من النجاح في «الاقتصاد المقاوم» الذي خسر الغرب عبره سوقاً من 80 مليون مستهلك وميداناً واسعاً للاستثمار، واقتنع الغرب في النهاية بأنّ سياسة الحصار لن تخضع إيران، لا بل إنها باتت ترتدّ سلباً عليه، فاضطر أن يدخل في مفاوضات جدية، ما قاده إلى اتفاق معها، مكّنها من إسقاط الحظر الذي مورس عليها طيلة تلك السنين.
والآن ومع سقوط الحظر الذي قادته أميركا ومعها أوروبا، وشرّع دولياً بقرارات من مجلس الأمن، يطرح السؤال: إلى أين تتجه إيران والمنطقة؟ وكيف سيكون العالم مع إيران العائدة إلى خريطة العلاقات الدولية عضواً مكتمل الصفات والخصائص، له ما للدول من حقوق ويستطيع أن يلتزم كما تلتزم الدول بالواجبات، وأن يشعر المنتمي إليه أنه حرّ في التصرف والحركة والعمل، كما يعمل الآخرون من دون قيود وحصار وحظر من هنا وهناك؟
لا شك في أنّ سقوط الحظر سيكون له من الارتدادات والتداعيات ما لا يمكن حصره في باب أو مجال، ويمكن اعتبار يوم سقوطه يوماً وطنياً إيرانياً ويوم انتصار فكرة الاستقلال عالمياً، أما تداعياته فتتردّد في أكثر من ساحة، داخلياً وإقليمياً ودولياً، نذكر منها:
1 ـ تطوير العمل بنظرية «الاقتصاد المقاوم» المنفتح، وستقدّم إيران نموذجاً فذاً يمكن أن يُحتذى من قبل الدول الساعية إلى الاستقلال الحقيقي، فإيران بعد سقوط الحظر لن تنفتح على الخارج بشكل تصبح فيه سوقاً استهلاكياً وتخسر مكتسبات المرحلة السابقة، بل إنها كما يبدو تشترط على صاحب السلعة أن يرفق سلعته بتقنيته التصنيعية ما يوفر لها تعزيز فرص السعي للاكتفاء الذاتي مع الاستفادة من تقنيات الخارج.
2 ـ تغيير وظيفة النفط كسلعة استراتيجية تُستَعمل ضدّها إلى سلعة تحاصر دعاة العدوان عليها وعلى محور المقاومة وسيشكّل رفع إيران لصادراتها النفطية بمعدل مليون برميل يومياً فرصة لتخفيض الأسعار التي طالما استعملت ضدّ الاقتصاد الإيراني ما سيؤدّي إلى ارتداد الكيديّة السعودية في حرب النفط على أصحابها وانقلاب الخنجر الذي شاءوا غرزه في ظهر إيران إلى سيف بيدها تشهره للدفاع عن مصالحها وحقوق شعوب المنطقة. فانخفاض سعر النفط سيعوّض إيرانياً بزيادة حجم الصادرات النفطية وسيتزامن مع تلقي إيران لـ 150 مليار من الخارج كانت مجمّدة أو مصادرة أو
3 ـ تعزيز علاقات إيران الخارجية في مجال الصناعة العسكرية، من خلال دخول إيران سوق السلاح المنخفض الكلفة والمتقدّم تقنياً ونوعياً، ما يؤثر أيضاً في توسيع فضاء إيران الحيوي الاستراتيجي ويتيح فرص إقامة علاقات مؤثرة مع دول جديدة، وهنا كان لافتاً أن تستقبل إيران رئيس الوزراء الباكستاني بعد 72 ساعة من سقوط الحظر.
4 ـ تحرُّر إيران من القيود والأثقال ما يمكنها من التعاطي الرشيق مع ملفات الإقليم، بشكل يعيد الأمن والسلام إلى المنطقة، كما يعطي إيران أرجحية تنافسية مع دول أخرى، بخاصة تركيا والسعودية اللتين ستشهدان حتماً ضموراً مؤكداً في فضائهما الاستراتيجي بعد إخفاق سياستهما العدوانية والتخبّط في مشاكل داخلية تكاد تكون مستعصية.
5 ـ امتلاك إيران القدرة على إقامة القوة الإقليمية القادرة على ترسيخ نظام إقليمي جديد يقيم شرق أوسط لأهله على أنقاض «الشرق الأوسط الجديد» الأميركي الهوية والسيطرة.
6 ـ تحريك جدّي لعمليات البحث عن حلول لأزمات المنطقة بشراكة إيرانية فاعلة، خاصة في كلّ من البحرين واليمن ولبنان وسورية والعراق، ولن يجرؤ أحد بعد اليوم على تجاهل الدور الإيراني، وبالتالي سيكون محور المقاومة هو الرقم الصعب في معادلة هندسة الحلول.
7 ـ وتبقى كلمة تُقال لدول الخليج التي عليها أن تختار في العلاقة مع إيران بين التعاون والاشتراك في الأرباح المحققة وجعل المكاسب إقليمية، أو العداء وعندها ستكون وحدها الخاسر، وتكون في الخندق الواحد مع «إسرائيل» التي ترى في سقوط الحظر يوماً «إسرائيلياً» حزيناً، لأنّ إيران التي تعتبرها إسرائيل رأس أعدائها، لا بل تكاد تنحصر صفة العدو المؤلم بها وبحزب الله الذي تدعمه، إيران هذه ستكون أقوى وأفعل بعد سقوط الحظر ولن يمكن لأحد احتواؤها أو إخضاعها.
أستاذ في كليات الحقوق اللبنانية
======================
العربي الجديد :صعود إيران
إبراهيم غرايبة
 
استعادت الولايات المتحدة إيران وكوبا، وفي ذلك يتشكل مشهد عالمي وإقليمي جديد، فإيران تعود سياسياً وجيوسياسياً إلى ما قبل 1979، ولن يضيف شيئاً إلى المشهد التغير الداخلي في إيران إن حدث، ففي جميع الأحوال، ومهما كانت طبيعة النظام السياسي والاجتماعي، فإن إيران (الدولة) تعود إلى ترتيب سياساتها ومصالحها وفقاً للمحاور والأحلاف والأدوار التي كانت سائدة قبل الثورة الإيرانية. وفي ذلك، فإن تحولات كبرى وجوهرية تبدو قادمةً، ويمكن تقديرها مستمدة من سؤال بديهي: ما معنى انتهاء العداء بين إيران والولايات المتحدة والغرب؟ الحال أن التصدي لإيران ومواجهة تهديداتها المحتملة أو حضورها المؤثر في الخليج والشرق العربي كانت تديره، وتتكفل به الولايات المتحدة، واليوم تنسحب؛ بل ويبدو ذلك واضحاً وعملياً منذ عام 2001 في الحرب على القاعدة و"طالبان" ثم في عام 2003 في الحرب على العراق،.. ونتذكّر هنا مقولة وزير الخارجية السعودي السابق، الأمير الراحل سعود الفيصل، عندما قال إن الولايات المتحدة قدمت العراق إلى إيران على طبق من الفضة! وكتب عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط (29 مايو/أيار2007) مقالاً بعنوان "هل يبيع الأميركيون العراق إلى إيران؟". إذن، ليس القلق السعودي والخليجي والعربي من التمدد والتهديد الإيرانيين جديداً. وبالطبع، شكّل الاتفاق بين إيران والغرب، والذي يبدو شكلياً حول الملف النووي، لكنه يتجاوز ذلك إلى سياسات ومصالح ومواقف جديدة، شكّل إعلاناً عملياً واضحاً لتحالفات جديدة ومواجهات جديدة أيضاً.
التقطت إيران وروسيا أنفاسهما، منذ أحداث "11 سبتمبر"2001، تحولتا إلى شريكين مهمين مع الولايات المتحدة في مواجهة "الإرهاب"، ثم تضاعف أسعار النفط والغاز، وصعدت دول جديدة أخذت دوراً مهماً ومستقلاً عن الولايات المتحدة؛ مثل البرازيل وجنوب أفريقيا، .. وكانت الحرب في العراق، ثم الأزمة المالية العالمية، هزيمة كبيرة للولايات المتحدة، وسياساتها الاقتصادية والسياسية.
ومضت السياسة الأميركية في ما أعلنه الرئيس باراك أوباما بوضوح، في برنامجه الانتخابي (2008) الانسحاب من العراق، .. ثم ظهر ما لم يكن واضحاً، إعادة المنطقة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة. المسألة ببساطة أن حالة عدم الاستقرار والصراعات بدأت في متوالية ناشئة عن، أو مرتبطة بالتحولات الإيرانية عام 1979، الغزو السوفييتي لأفغانستان، ثم الثورة المناهضة لنظام الحكم المتحالف مع السوفييت، والحرب العراقية الإيرانية، ثم ما تبعها من سلسلة معقدة من الأحداث، حرب الخليج الثانية التي أعقبت الغزو العراقي الكويت (1990) وصعود العنف المسلح المناهض لأميركا في العام متوجاً بأحداث "11 سبتمبر" 2001، فغزو أفغانستان والعراق،... وبطبيعة الحال، يبدأ تفكيك الأزمة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، .. أن تعود إيران حليفاً للغرب، وجزءاً من منظومتها السياسية والإقليمية، وهذا ما يحدث/ حدث اليوم!
سوف تجد كل من باكستان وتركيا مصالح وأولويات كبرى في التحالف والمشاركة مع إيران
"يبدأ تفكيك الأزمة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، .. أن تعود إيران حليفاً للغرب، وجزءاً من منظومتها السياسية والإقليمية، وهذا ما يحدث/ حدث اليوم!" لأجل تنسيق الأدوار الإقليمية، والمصالح في آسيا الوسطى، والتوازن مع الهند والصين وروسيا، والولايات المتحدة أيضاً في حاجة إلى ترميم هذا الحلف (سنتو) وصيانته، والحال أنه حلفٌ لم يتوقف عملياً عن الفعل والتأثير، على الرغم من كل ما أحاطه من تصدّع أو تغييب رسمي، .. ربما تكون إيران ابتعدت قليلاً، لكن باكستان وتركيا كانتا على الدوام دولتين إقليميتين فاعلتين في مواجهة الاتحاد السوفييتي، ثم روسيا، وفي حضور ميداني وعملي فاعل على مسرح آسيا الوسطى والشرق الأوسط، .. وبالمناسبة، لم تتوقف تركيا عن رعاية المؤسسات الدينية والثقافية في دول آسيا الوسطى (تركمنستان، وكازاخستان، وقيرغيزيا، وأوزبكستان، وطاجيكستان)، والتي تنتمي جميعها، عدا طاجيكستان، إلى الأمة التركية منذ انضوائها في الإمبراطورية الروسية ثم السوفييتية ثم استقلالها. وحتى في عهد مصطفى كمال، ومن جاء بعده، لم تتوقف هذه الرعاية، .. ولم تتوقف المشاركة التركية الإيرانية الباكستانية طوال العقود الماضية، حتى في ظل الثورة الإيرانية وعدائها الولايات المتحدة.
وبالنسبة للدول العربية في الخليج والشرق العربي، فهي تبدو متأثرةً، على نحو كبير، بسبب التدخل الإيراني المقلق في العراق وسورية ولبنان واليمن، والقلق الدائم من تأثيرها، أو تدخلها في الخليج العربي المقابل لها. انسحبت الولايات المتحدة من المواجهة المباشرة مع إيران، ولا تبدو الدول الصديقة/ الحليفة، (مصر وتركيا وباكستان) راغبة في المواجهة مع التمدد الإيراني، .. ولكن، ويا للمفارقة، تبدو اليوم روسيا، ثم الهند، أمل الشرق العربي في المواجهة والتوازن مع إيران.
ربما تنسحب إيران من الحضور المباشر في الدول العربية، .. لكنها ستظل مؤثرة على نحو مقلق، .. وما يزيد القلق منها أنها تبدو جهة تقصدها/ سوف تقصدها دول يعوّل العرب المشرقيون عليها في المواجهة، وأعني مصر وتركيا وباكستان، ..
ليس المشهد مظلماً ولا يدعو إلى التشاؤم، وليس تهديدا كبيرا، فمن قال إنه يجب الدخول في مواجهة مباشرة استنزافية مع إيران، حتى في حال حضورها/ تورّطها المباشر في الشرق العربي؟ ومن قال إنها ستظل متورطة في المرحلة الجديدة، أو أنها قادرة على مواصلة التدخل، وتحمل تكاليفه؟
======================
الامارات اليوم :علاقة إيران مع الغرب تتجه نحو «التعاون الاستراتيجي»
التاريخ:: 23 يناير 2016المصدر: ترجمة: حسن عبده حسن عن «هافبوست»
يحنّ قادة إيران منذ أمد بعيد إلى يوم رفع العقوبات، إذ إن حلم هذه الدولة هو رفع العقوبات الاقتصادية، الذي تحقق بعد 20 عاماً. وحسب شروط الاتفاقية النووية التي تم التوصل إليها في يوليو بين إيران والدول 5+1، فإن تنفيذ الاتفاقية يعني أشياء عدة، فهو من ناحية يعني:
1ـ ستحصل طهران على راحة كبيرة من العقوبات التي فرضت عليها من قبل مجلس الأمن الدولي.
2ـ ستتلقى ايران 90 مليار دولار.
3ـ سترفع الولايات المتحدة الشخصيات الإيرانية المهمة من قائمة العقوبات.
4ـ ستعاود إيران دخول النظام البنكي، والتمويل العالمي، وتبيع النفط في السوق العالمية.
ومن ناحية، لابد أن نذكر أيضاً:
1ـ قامت إيران بتخفيض أجهزة الطرد المركزي التي شغلتها من 19 ألفاً الى 7000، إذ ستحتفظ بالأجهزة التي تم تفكيكها في مستودع يخضع للرقابة.
2ـ خفضت طهران من مخزونها من اليورانيوم المخصب من 10 أطنان الى 500 كيلوغرام فقط.
3ـ إيران يبعدها عام كامل عن صنع القنبلة النووية.
4ـ تم ملء قلب مفاعل أراك للمياه الثقيلة، حيث يتم إنتاج البلوتونيوم، بالأسمنت.
5ـ اقتصرت أبحاث العلماء الايرانيين على بعض ملامح التطوير النووي، بما فيها جهاز الطرد المركزي المتقدم، وسيستمر ذلك 10 سنوات.
ولكن هل يمكن ان تواصل ايران الامتثال لأنظمة وقوانين منظمة الطاقة الدولية؟ وهل سيؤدي المال المفرج عنه نتيجة رفع العقوبات الى تحسين حياة الشعب الإيراني؟
وعلى الرغم من ان الشعب الإيراني هلل وطرب لرفع العقوبات، فإنه لسوء الحظ لن يرى هذا الشعب الثمار الاقتصادية للاتفاق، ورفع العقوبات، لأن الحرس الثوري الإيراني سيواصل قمع أي معارضة، وسيكبت الحريات. والمهم أن المكاسب المالية التي ستحصل عليها إيران بعد الاتفاق ستذهب الى الحرس الثوري وقوات القدس، لأنهما يسيطران على المؤسسة السياسية والاقتصادية في إيران.
والثغرة الكبيرة الموجودة في الاتفاق أنه ليس هناك آلية لمجلس الأمن الدولي تجعله يعيد العقوبات في حالة استئناف نشاطها النووي، وبالنظر الى التنافس الجيوسياسي بين الغرب وروسيا والصين، فإنه سيكون من الصعب اعادة بكين وموسكو الى المجموعة التي كانت تتفاوض معها إيران.
ولن يكون لدى الولايات المتحدة و الدول الأوروبية المحفز المالي للدفع نحو إعادة العقوبات، اذا أعادت ايران صنع القنبلة النووية، ويرجع ذلك الى أن الشركات الأوروبية ستضع استثمارات هائلة في إيران التي تعد السوق الناشئة الكبرى في العالم (تبلغ قيمتها نحو تريليون دولار)، وستكون الشركات الأميركية عاملة في إيران أيضاً مستغلة الدعم أو الإعفاءات التي تقدمها وزارة الخزانة الأميركية. وفي نهاية المطاف، فإنه بعد 10 سنوات، مدة الاتفاقية، سيكون من المسموح لإيران تخصيب اليورانيوم أو تشغيل أجهزة الطرد المركزي بأي معدل شاءت، كما ان الحظر المفروض على برنامج صواريخ إيران البالستية سيتم رفعه.
وثمة سؤال أخير يتعلق بالسياسة الخارجية لإيران، فهل يمكن أن يؤدي رفع العقوبات إلى تغيير السياسة الخارجية لطهران كما أشار إلى ذلك الرئيس الأميركي باراك أوباما؟ في واقع الأمر فإن كل المؤشرات تدل على أن هذه السياسة ستظل كما كانت.
والآن ومع امتلاء جيب الحرس الثوري بالدولارات وعلاقة طهران الجيدة مع الغرب، فإن إيران ستكون أكثر قوة في دعم النظام السوري والشيعة في العراق، و«حزب الله» في لبنان، والحوثيين في اليمن، إضافة الى آخرين من الذين تستخدمهم لتنفيذ أغراضها. وسيتطور التعاون الاستراتيجي بين إيران والغرب، ويزداد التعاون التجاري بينهما. لقد كان تنفيذ الاتفاقية يوم فرح بالنسبة للإيرانيين، ويبقى السؤال الأساسي: هل سيكون ذلك بداية لحرب وشيكة في المنطقة إذا لم تغير طهران سياستها؟
======================
شبكة النبأ :رفعُ العقوبات عن إيران وانعكاساته الإقليمية
نجاح كبير كتبته الدبلوماسية الإيرانية من خلال مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، التي استمرت لعدة سنوات، وقد توجت تلك المفاوضات الشاقة باتفاق لوزان بين إيران ودول الخمسة زائد واحد في يونيو من العام الماضي. فبعد التزام إيران ببنود الاتفاق وإقناع الغرب والولايات المتحدة بنواياها النووية السلمية، على الرغم من معارضة إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة التقليديين في دول الخليج، أعطت وكالة الطاقة الذرية الضوء الأخضر لرفع العقوبات الدولية عن إيران، ليرسل بعدها الرئيس الأمريكي مرسوماً إلى الكونغرس يدعوه إلى رفع العقوبات عن طهران. وبالفعل دخل رفع العقوبات الاقتصادية حيّز التنفيذ، ليعمّ الفرح بعدها شوارع العاصمة الإيرانية "طهران" وبقية المدن في إيران، مقابل بؤس وإحباط واكتئاب في دول الخليج وإسرائيل.
رفع العقوبات يعني أن إيران -ومنذ سنين طوال- تجد نفسها بدون عقوبات دولية وإقليمية "سياسية واقتصادية"، وهذا يعني عودة الغاز والنفط والسجاد وغيرها من المنتوجات الإيرانية إلى الأسواق العالمية، وبلا قيود دولية أو إقليمية. كذلك رفع العقوبات يعني تدفق الأموال الإيرانية المتجمدة في المصارف العالمية والتي تقدر بـ(50) مليار دولار إلى الخزانة الإيرانية، وإلغاء كل القيود على القطاع البنكي والتأمينات، وهذا سيساهم في إنعاش البورصة الإيرانية بالتأكيد، إلا أن هذا الانتعاش سوف يؤثر سلباً على البورصة الخليجية، كذلك يؤثر سلباً في تهاوي أسعار النفط وقد تصل إلى أدنى مستوياتها، وربما تصل إلى ما دون العشرين، الأمر الذي سيدخل الاقتصاديات الخليجية والعراق وبعض الدول النفطية في كارثة حقيقية؛ وذلك بسبب ضخ إيران للخزين النفطي المقدر بـ(38) مليون برميل، وكذلك إنتاجها اليومي الذي سيصل إلى مليوني برميل يومياً، فضلاً عن الكمية التي تستعد طهران لضخها إلى الأسواق العالمية والتي تقدر بمليون برميل، وهذا سيُغرق الأسواق العالمية بالمنتوج النفطي المتخمة أصلاً بالنفط، ولعل هذا سيجعل من طهران القوة الاقتصادية النفطية المتحكمة في أوبك، وقد تحاول السياسية الإيرانية جر دول الخليج، ولاسيما السعودية إلى سياسة المضاربات الاقتصادية التي اتبعتها الأخيرة ضد إيران مؤخراً، محاولة منها تدمير الاقتصاد الإيراني، كما سبق لها في عهد الشاه؛ وذلك بسبب القوة السياسية والاقتصادية التي ستكتسبها إيران من رفع العقوبات؛ لكونها -أي إيران- أكدت بأنها قوة سياسية واقتصادية إقليمية ودولية في ظل العقوبات السياسية والاقتصادية التي فرضت عليها لسنوات طوال، فكيف بها وهي تنفض كل تلك العقوبات بعد رفعها سياسياً واقتصادياً بموجب الاتفاق النووي؟.
إذاً، نحن أمام تغير في ميزان القوى الإقليمي سياسياً واقتصادياً بعد رفع العقوبات المفروضة على إيران، وستكون إيران هي اللاعب الرئيس في المنطقة، ولاسيما في ظل تنامي دورها السياسي والعسكري والملفات السياسية التي تديرها في أكثر من بلد عربي. هذا التغير سيضع دول الخليج أمام حقيقة الدور الإيراني المتزايد، وتجنب التصعيد السياسي والعسكري، ولاسيما أن إيران من الممكن أن تصبح الحليف المستقبلي للولايات المتحدة في حال استطاعت توظيف دورها بشكل إيجابي في المنطقة، كحل الأزمة السورية واليمنية، وتجنب التصعيد مع السعودية ودول الخليج وإسرائيل، والانغماس الإيجابي مع السياسية الدولية، وتأكيد التزاماتها السلمية اتجاه الغرب والولايات المتحدة في المنطقة، ومساعدة العراق وحكومة بغداد على دورها السياسي والرسمي في حربها ضد تنظيم (الدولة الإسلامية "داعش")، والكف عن دعم وتسليح الفصائل الشيعية المرتبطة بها أيديولوجياً في العراق، ومساعدتها في تقوية المؤسسة العسكرية العراقية بعيداً عن كل المسميات الأخرى، وتشجيع دورها الدبلوماسي والسلمي على الصعيد الخارجي.
بالتأكيد هذا لا يعجب السعودية وإسرائيل المتخوفتين من تنامي دور طهران الإقليمي والدولي، وقد تعول إسرائيل على الانتخابات الأمريكية القادمة بصعود الجمهورين للرئاسة الأمريكية، ومحاولتهم تقويض الدور الإيراني. كذلك الحال بالنسبة للسعودية، إلا أن الرياض لم تفلح كل محاولاتها في جر إيران للمواجهة السياسية والتصعيد لكسر بنود الاتفاق النووي الإيراني مع المجتمع الدولي، والتي كانت آخرها قضية إعدام الشيخ النمر.
قطر وتركيا، ربما ستكونان الدولتين الأكثر براغماتية من السعودية في قضية رفع العقوبات عن إيران، وقد يتعاملان بطريقة أفضل من السعودية، وهذا سيجعل من هاتين الدولتين قريبتين من الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أي وقت مضى، فضلاً عن دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن التوافق الأمريكي بطرفيه التركي القطري والإيراني قد لا يُفضي إلى حل سياسي في سوريا أو/ولربما يتعكر بسبب الحركات المتطرفة التي تدعمها كل من قطر وتركيا ضد نظام بشار والتي صنفتها روسيا وإيران من ضمن الحركات الإرهابية التي لا يمكن التحاور معها، أو ليس لها مستقبل في سوريا بعد بشار الأسد.
هذا التوتر في المواقف لحل الأزمة السورية من الجانب التركي والقطري قد يحمل سيناريو آخر في حل الأزمة، وبضغط أمريكي على الطرف التركي والقطري، بأن لا مستقبل لتلك الحركات المصنفة تحت طائلة الإرهاب بالمفهوم الروسي الإيراني في مستقبل الدولة السورية بشرط تنحي بشار الأسد مستقبلاً. وقد تقنع الإدارة الأمريكية حلفاءها الأتراك والقطريين في هذا السيناريو، وتصطف مع الطرف الإيراني الروسي ضد تلك الحركات، ليس إرضاءً لطهران أو موسكو، وإنما وفقاً للرغبة الأمريكية غير المحبّذة بوجود هذه الحركات المتطرفة في مستقبل الدولة السورية، محاولة منها للحفاظ على علمانيتها. وهذا سيكون بحد ذاته انتصارا سياسيا للمحور الروسي الإيراني على المحور التركي الخليجي. لكن يبقى السؤال مطروحاً: هل بإمكان واشنطن أن توفق بين كل تلك الإرادات؟ وإذا وفقت كيف ستوافق؟ أم أنها ستكون خاضعة للإرادة الروسية الإيرانية وتعويلها على دور إيران الإقليمي، ولاسيما بعد نجاحهما في الحفاظ على النظام السوري لحد الآن؟.
أما بالنسبة للعراق، والذي يكون أكثر تضرراً؛ بسبب رفع العقوبات عن إيران وتهاوي أسعار النفط، والتي من المتوقع أن تنخفض لما دون العشرين دولارا، مما سيضع الحكومة العراقية وصانع القرار العراقي أمام حقيقة واحدة، وهي أن تتناسى النفط، وألا تعوّل عليه في مستقبل الاقتصاد العراقي، وأن تفعل القطاعات الأخرى الزراعية والصناعية والتجارية والمشاريع الاستثمارية، ولاسيما تنشيط ودعم الصناعة الوطنية، ودعم القطاع الزراعي، وتفعيل قانون التعرفة الكمركية، والسيطرة على المنافذ الحدودية ووارداتها المالية، وإبعاد سيطرة الأحزاب السياسية والمتنفذين من تلك المنافذ، وتفعيل قانون الضريبة بشكل سليم، مع توفير الخدمات الأساسية والرئيسة للمواطن العراقي.
ويرى البعض، بأن "رفع العقوبات عن إيران يساهم في تعزيز وتيرة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين "العراق وإيران"، وزيادة التبادلات المصرفية، وتسديد قيمة الواردات، وسوف ينهي رفع العقوبات معوقات التجارة والاستثمار بين البلدين، خصوصاً المتعلقة بقطاع المصارف والطاقة"، إلا أن هذا التعزيز، ربما سيكون على حساب تعطيل الصناعة الوطنية، وتعطيل الاقتصاد الوطني، مما يسبب مشكلة حقيقية للاقتصاد الوطني العراقي. وعليه، كيف تستطيع حكومة بغداد وصانع القرار العراقي توظيف رفع العقوبات عن إيران لمصلحة الدولة العراقية واقتصادها الوطني؟.
* باحث مشارك في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
======================
الاتحاد :غازي العريضي: ما بعد الاتفاق مع إيران      
قبل بدء تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الـ5+1، حدثت واحدة من الصدمات أو الصدامات التي أشرنا إلى احتمال وقوعها بين الإيرانيين والأمريكيين بصفة مباشرة أو غير مباشرة يوم توقيع الاتفاق، ولكن دون أن يؤثر ذلك على مسار تنفيذه، وهذا ما تأكد بالفعل، إذ، عندما دخلت قوات بحرية أمريكية إلى المياه الإقليمية الإيرانية بادرت قوات بحرية تابعة للحرس الثوري إلى تطويقها واقتيادها إلى مواقع إيرانية، ولم تكتف طهران بذلك، بل عمدت قوات الحرس إلى تصوير البحَّارة
الأمريكيين راكعين على الأرض وأيديهم فوق رؤوسهم، ولكن الرئيس أوباما اعتبر المسألة حادثاً عرضياً، وأشاد بدبلوماسية وزير خارجيته جون كيري الذي اتصل بنظيره الإيراني وتمت معالجة الأمر خلال ساعات.
 
إذن، الحادثة لم تؤثر على مسار الاتفاق وحركة زورق التطبيع بين أمريكا وإيران في بحر العلاقات الذي سادته موجات من التوتر والعواصف والقلق!
 
أما تنفيذ الاتفاق فقد تم وفق برمجة محددة سلفاً، وبسيناريو متفاهم عليه. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعلن إنجاز إيران المراحل التمهيدية الضرورية لبدء تطبيق الاتفاق المبرم في 14 يوليو 2015، وفوراً المفوضية الأوروبية تعلن رفع العقوبات، ثم يأتي الإعلان ذاته من واشنطن. ويتزامن ذلك مع هدايا متبادلة فتطلق طهران سراح معتقلين أمريكيين موقوفين لديها ومحكومين، وتعلن واشنطن إطلاق سراح إيرانيين تطالب بهم طهران منذ مدة، وتقدم “Bonus” للرئيس روحاني وحكومته من خلال إعلان التخلي عن ملاحقة 14 إيرانياً آخر أمام الإنتربول!
 
توقف كثيرون في المقابل عند فرض عقوبات أمريكية على شخصيات وشركات إيرانية متهمة بموضوع الصواريخ البالستية، ولا أعتقد أن الأمر يخرج عن إطار اللعبة المعهودة في بداية طريق التطبيع. الإدارة الأمريكية وحكومة روحاني وقعتا الاتفاق لينفّذ، ثم ليستمر بينهما من جهة ومن قبل كل فريق وفق مصالحه وحساباته الداخلية والخارجية من جهة أخرى! وإيران تريد التطبيق قبل انتهاء ولاية أوباما الذي يريد بدوره تكريس هذا الإنجاز التاريخي أيضاً.
 
أوباما اعتبر الخطوة إنجازاً تاريخياً واختراقاً دبلوماسياً ذكياً، مشيراً إلى أنها “تتيح لنا أن نكون في موقع أفضل لمواجهة مشاكل أخرى”، وخاطب الإيرانيين ولاسيما الشباب منهم، بالقول: “نحن نتحاور الآن؛ باتت أمامكم فرصة لإقامة روابط جديدة في العالم ولسلوك طريق جديد”.
 
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية قرارها بالسماح لفروع الشركات الأمريكية في الخارج بالتعامل مع إيران ليؤكد روحاني أنه مع هذا القرار “فتح ألف خط ائتمان مع المصارف الإيرانية بما يسقط رهانات المشككين”! وأكد روحاني أن بلاده “تتجه إلى قطع” الحبل السري “مع النفط”. بمعنى العمل على “إعادة بناء الاقتصاد الإيراني” في معزل عن التقلب في أسعار النفط، فطهران ستستعيد 150 مليار دولار من جهة، وستطلق مشروع تنمية تحتاج فيه إلى استثمارات أجنبية تتراوح بين 40 و50 مليار دولار في السنة من جهة أخرى. ستأتي من الخارج وستكون البلاد موقع جذب واستقطاب لكل الدول البعيدة والقريبة، “الصديقة التي وقفت معنا أولاً والدول الأخرى ثانياً”! ويضاف إلى ذلك أن إيران تراهن على ذراعها الواصلة إلى مناطق كثيرة! وهذا يستوجب قراءة واعية لمجريات الأمور وخطوات مدروسة على كل الصعد.
 
أما إسرائيل فقد منع رئيس حكومتها وزراءه من التعليق على الحدث حتى نرى “ما سنحصل عليه من أمريكا”، ويعني الاستمرار في لعبة الابتزاز المفتوحة لقبض ثمن كل خطوة، إلا أن المدير العام لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية قال: “تمكن الإيرانيون من لف الجميع حول إصبعهم الصغيرة”! وفي ذلك إهانة للغرب وأمريكا من جهة وتأكيد لمبدأ ابتزازهما تحت عنوان ضمانات إسرائيل وإطلاق حرية حركتها في فلسطين والمنطقة لتحمي أمنها وشعبها واستقرارها من جهة أخرى!
 
نقلا عن جريدة الإتحاد الإماراتية
 
 
======================
النشرة :السعودية وإيران: صراع نفوذ بالأدوات المتاحة
السبت 23 كانون الثاني 2016   آخر تحديث 10:18 فريد الخازن
 
في البدء كانت الجغرافيا، قبل الايديولوجيا والدولة والثروة النفطية، بين بلاد فارس وجيرانها العرب والأتراك والروس وسواهم. بعد إيران الصفوية، استقرت العلاقة بين إيران والسلطنة العثمانية ووريثتها الدولة التركية في زمن الدولة القاجارية ولاحقا البهلوية. في الحقبة المعاصرة، علاقات مأزومة سادت بين إيران والعراق، والمواجهة الأبرز انتهت بتسوية على حساب الأكراد في اتفاق الجزائر عام 1975. وفي المجال الاقتصادي، مصالح مشتركة جمعت إيران والدول العربية المصدرة للنفط في إطار منظمة أوبك.
اهتزت موازين القوى في الخليج بعد سقوط الشاه، حليف واشنطن في الدولة المتاخمة للاتحاد السوفياتي، فكان إنشاء مجلس التعاون الخليجي في 1981 بدعم أميركي تعويضاً لخسارة الحليف ودعماً لأمن دول الخليج بمواجهة إيران الإسلامية. جاءت حرب صدام حسين بعد عام على إطاحة الشاه لتوحّد إيران الفارسية والإسلامية. الحرب العراقية - الإيرانية دامت ثماني سنوات مكلفة على الأطراف جميعها، ومنها دول الخليج التي دعمت العراق في حربه مع إيران. لكن بعد انتهاء الحرب في 1988 بتسوية دولية استعادت توازنات ما قبل الحرب، انطلق صدام حسين بالتوسع باتجاه جيرانه، عرب الخليج هذه المرة، فاجتاح الكويت وألغى النظام وضمّ الدولة محافظة إدارية الى العراق، وبات الجيش العراقي على حدود الكويت مع السعودية. ذهب صدام حسين بعيداً في اعتدائه، فشكل تهديداً مباشراً لدول الخليج، السعودية تحديداً، وللمصالح الأميركية والاقتصاد العالمي.
حرب «تحرير الكويت» وتداعياتها قلبت الأوضاع رأساً على عقب. الأكثر تضرراً كان العراق، والأكثر انكشافاً أمن الخليج الذي أصبح تحت الحماية الأميركية المباشرة، فكان الوجود العسكري الأميركي في السعودية دافعاً لأسامة بن لادن لإعلان الجهاد المسلح في السعودية، بعد أفغانستان. وسرعان ما انتشرت القواعد العسكرية الأميركية في الكويت وقطر والبحرين. حرب تحرير الكويت أعطت واشنطن الزخم السياسي لإطلاق مفاوضات مباشرة بين العرب وإسرائيل في 1991، أنتجت «اتفاق اوسلو» ومعاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل. الغزو الأميركي للعراق في 2003 أعاد خلط الأوراق من جديد بعدما شكل الجيش الأميركي في العراق حيّزاً فاصلاً بين السعودية وإيران. انسحبت أميركا من العراق وباتت ايران صاحبة النفوذ الأكبر في البلاد. بإيجاز، مغامرات صدام حسين قلبت المعادلات القائمة داخل العراق وفي محيطه وأوجدت وقائع جديدة تزامنت مع التبدّل الجذري في موازين القوى الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي.
لم يكن لإيران أي دور حاسم في مسار هذه التطورات. إلا أن طهران لم تترك فرصة إلا ووظفتها لتوسّع دائرة نفوذها الإقليمي واستفادت من أخطاء الغير، لا سيما عراق صدام حسين وجورج دبليو بوش. لم تخف إيران سياستها «بتصدير الثورة» منذ اليوم الاول ولا هويتها الإسلامية. سلكت ايران سلوك الدولة الكبرى في مجالها الإقليمي، مثلما فعلت تركيا في السنوات الأخيرة، وقبلها مصر والسعودية وقطر والعراق وسوريا، ومثلما تفعل الدول الطامحة لدور ونفوذ، دينية كانت أم علمانية، بأدوات القوة الناعمة أو الخشنة. أقامت طهران علاقات وثيقة مع دمشق ودخلت الساحة اللبنانية في زمن الحرب، لا سيما بعد الاجتياح الاسرائيلي في 1982، وأصبح «حزب الله»، المدعوم من إيران، تنظيماً أساسياً وفاعلاً في لبنان ورأس حربة في تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، خصوصا في التسعينيات، ودعمت أيضا التنظيمات الإسلامية في فلسطين. ولفترة طويلة كانت سوريا الحليف المشترك لإيران والسعودية، وشاركت دمشق في حرب تحرير الكويت بدعم عربي وأميركي.
في العقود الماضية توسع النفوذ الإيراني، قبل أن تمتلك ايران قدرات نووية وتتصالح مع الدول الكبرى. وجاء «الربيع العربي» ليقوّض الاستقرار القائم على توازنات أسقطتها النزاعات المسلحة، وأسقطت معها العلاقة المميزة بين واشنطن والرياض. فلا احتكار سعودياً أو عربياً للعلاقة مع واشنطن، أقله في عهد الرئيس أوباما، ولا علاقة مودة خاصة مع طهران، بل علاقة عمل براغماتية بامتياز. فإذا كان الاعتداء على مقرّي البعثة الديبلوماسية السعودية في إيران مرفوضاً ومداناً ويمكن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكراره، فإن تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة لن توقفه بيانات الإدانة والاستنكار، ولا أي إجماع مفترض، عربي أو إسلامي، ولا طبعاً أي عمل عسكري. حكومة جزر القمر قطعت علاقاتها الديبلوماسية مع طهران تضامناً مع الرياض، بينما ايران تستعد لوصل ما انقطع مع الدول الكبرى.
التحولات الجيوسياسية في السنوات الأخيرة في المنطقة، لا سيما في المجال الإقليمي المباشر للسعودية، أنتجت موازين قوى جديدة. سياسة «الاحتواء المزدوج» التي اعتمدتها واشنطن انتهت مفاعيلها، فجاء الاحتلال الأميركي للعراق لينتج توازناً قسرياً في العلاقات المأزومة بين الجيران الثلاثة، ايران، العراق والسعودية، الى أن خرج العراق من المعادلة الثلاثية وبقيت السعودية وايران وجهاً لوجه. أما التحالف المستجد بين الرياض وأنقرة فلن يعيد التوازن المفقود، مع حليف محاصر من روسيا وإيران ومصر. فإذا كانت الجمعيات الخيرية تتنافس في عملها الإنساني، فالدول والشعوب أحرى بذلك. إنه الصراع التقليدي بين دول تتنافس بأدوات السلطة والنفوذ المتاحة باسم الدين والدنيا في زمن التحولات الكبرى.
 
======================
الجزيرة :كاتبة أميركية: إيران لم تتغيّر
حذرت الكاتبة الأميركية آني أبلباوم من الاعتقاد بأن إيران قد تغّيرت، وقالت إن الرئيس الإيراني حسن روحاني ليس ميخائيل غورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفياتي السابق) وأن هذه الفترة ليست فترة بريسترويكا، بل على العكس "فإن القمع قد ازداد منذ تولى روحاني السلطة".
وأشارت في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست إلى أنه وبرفع العقوبات عن إيران فقد حانت لحظة التغيير، وإلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وصف هذه اللحظة بأنها "فرصة فريدة، ونافذة للسعي لحل قضايا هامة". كما أوردت تصريحا للدبلوماسي الأميركي السابق نيكولاس بيرنز قال فيه "وصلنا إلى نقطة تحوّل في تاريخ الشرق الأوسط الحديث".
وأعربت عن اتفاقها مع تصريحات أوباما وبيرنز، قائلة إن التغيير قد عُرض على إيران، لكنها لم تتغيّر. وأضافت أن معدلات القمع قد ازدادت داخل إيران منذ تولي روحاني "المعتدل" الرئاسة، فقد ارتفعت حالات الإعدام حيث كانت إيران ثاني أعلى دولة تنفذ إعدامات عام 2014 بعد الصين.
واستمرت أبلباوم تقول إن القمع السياسي والتمييز الديني ازدادا أيضا، كما ازدادت الضغوط على المثقفين حتى بعد رفع العقوبات، وأوردت عددا من الأمثلة.
الشريك الموثوق
وقالت لو كانت هناك إمكانية لعزل هذه الحقائق كي نصف إيران بأن لها "سجل سيئ في حقوق الإنسان" وأن "سياستها الخارجية تشهد تحسنا" فسيكون هناك معنى لتجاهل هذه الحقائق، لكن "وكما علمتنا التجربة الغالية في روسيا وغيرها" فإن الأنظمة التي تحتاج للعنف لإخضاع مواطنيها لن تكون شريكة دبلوماسية موثوقة.
وأضافت أن أي أقلية حاكمة تخشى الثورة الشعبية ضدها ستقوم بتفصيل سياستها الخارجية من أجل الحفاظ على حكمها، وفي الوقت الراهن يعتقد روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف أن رفع العقوبات سيساعد في تحسين الاقتصاد الإيراني وينشئ تأييدا شعبيا "لكن إذا لم يحدث ذلك، فإنهما أو من يخلفونهما سيوجهون فورا الغضب الشعبي مرة أخرى ضد الشيطان الأكبر".
واختتمت بقولها إن التغيير جاء إلى منطقة الشرق الأوسط، لكنه لم يأت إلى إيران، وإلى حين أن يأتي إليها ستظل مصدرا لعدم الاستقرار والعنف بجميع أنحاء المنطقة.
 
======================
العرب :إيران وما بعد رفع العقوبات
الجمعة 12 ربيع الثاني 1437هـ - 22 يناير 2016م
إدريس الكنبوري
أغلق رفع العقوبات المفروضة على إيران، منذ ما يزيد على عشر سنوات، قوس الأزمات الذي ظل مفتوحا لأمد طويل بين النظام الإيراني والغرب، وبشكل خاص الإدارة الأميركية. فقد تلقّت طهران شهادة حسن السلوك من واشنطن بإعلان رفع العقوبات، وتنفست طهران الصعداء بعد أن زال جبل الجليد بينها وبين الشيطان الأكبر، والسؤال الذي بات يطرح نفسه بعد الآن هو: ماذا بعد الآن؟
في خطابه الأخير، الوداعي، حول حالة الاتحاد الأميركي، أعرب الرئيس باراك أوباما عن ابتهاجه بنجاح إدارته، خلال الفترة الأخيرة، في فتح صفحة جديدة مع نظاميْن ظلاَّ طيلة العقود الماضية مصدر انزعاج لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة، وهما كوبا وإيران. وقد أكد أوباما أن التحدي الجديد الذي تواجهه بلاده لم يعد هذه الأنظمة التي كانت محسوبة على “محور الشر”، بل أصبح يتمثل في الجماعات المتطرفة والإرهاب العابر للحدود، الأمر الذي يتطلب من الولايات المتحدة توثيق التعاون مع شركائها وحلفائها لملاحقة هذه الجماعات الإرهابية والقضاء عليها.
إيران، بدورها، ابتهجت للصفقة الجديدة التي أبرمتها مع البلدان الغربية والإدارة الأميركية، والتي ستمكنها من إعادة “تدويل” نفسها معتمدة على شهادة حسن السلوك التي حصلت عليها، وإعادة اكتشاف دورها الجديد في المنطقة وعلى الصعيد العالمي. فرفع العقوبات يعني إمكانية تسويق النفط الإيراني في الأسواق الدولية، ودخول حلبة المنافسة السياسية من بوابة أسعار البترول، ولكنه يعني أيضا إطلاق يد النظام الإيراني في أي مناورات سياسية يمكن أن يقررها. فطهران التي لجأت إلى الانخراط في المناورات السياسية في المنطقة طيلة الفترة الماضية، والتي كانت خلالها واقعة تحت ضغوط العقوبات، قد ترى بأنها ليس لديها ما يمكن أن تخسره في حال ما سعت إلى مضاعفة وتيرة تلك المناورات وهي متحررة من تلك العقوبات، ذلك أن من تدرب على الركض في المرتفعات يسهل عليه أن يفعل ذلك بشكل مضاعف في المنبسط.
من الصعب التكهن بطبيعة السياسة الإيرانية في حقبة ما بعد رفع العقوبات، لكن من السهل التقاط نوعية التحولات الجارية اليوم في المنطقة، وسياق هذا الانفتاح الجديد بين إيران والغرب.
خلال الأعوام الماضية ظل المشروع النووي الإيراني هو نقطة الخلاف الجوهرية بين الإدارة الأميركية وبين إيران، وفي جميع جولات التفاوض التي كانت تجمع بين طهران والعواصم الغربية كان هذا المشروع النووي هو النقطة الأبرز في جدول الأعمال. فواشنطن ظلت ترى أن انعدام الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط نابع من نية النظام الإيراني تخصيب اليورانيوم ومواصلة مشروعاتها النووية، رغم أنف الإرادة الدولية، لكن من دون أن تنظر إلى الجوانب الأخرى المرتبطة بالدور الإيراني في محيطه الإقليمي. وهذا يظهر بأن المصالح الأميركية كانت هي المقياس الرئيس الذي تقيس به الإدارة الأميركية موقفها من طهران، ومن خلف المصالح الأميركية الحليف الاستراتيجي لواشنطن، ممثلا في إسرائيل.
وفي الوقت الذي انزلقت المنطقة في صراع طائفي غير مسبوق، نتيجة المحاولات الإيرانية لإعادة رسم خارطة الإقليم وخلخلة التوازن الطائفي، كان ما يهم الإدارة الأميركية بوجه خاص هو المشروع النووي الإيراني دون غيره. بل إنه يبدو أن الإدارة الأميركية، ذات السياسة التقليدية المعروفة في الشرق الأوسط، تدرك بأن التوقيت أهم من الحدث السياسي أحيانا، مهما كان حجمه، وتنظر من ثم إلى خطوة رفع العقوبات عن إيران بوصفها جزء من ماكينة سياسية تفيد في ضبط الوضع الإقليمي، من خلال الحفاظ على “توازن” مختل تلعب فيه إيران دورا محوريا في المرحلة القادمة، خاصة بعد صار الصراع السني – الشيعي محور الاستقطاب في المنطقة، والخطر الذي يهدد بتفجيرها، إذ لم يعد خافيا أن إيران، التي تسعى منذ عقود إلى خلق محور شيعي في المنطقة، سوف تجد في المناخ الجديد الذي يتيحه لها رفع العقوبات فرصة جديدة لاستئناف خياراتها السياسية.
يشكل رفع العقوبات وعودة إيران إلى المسرح الدولي تحولا نوعيا في المعطى السياسي العام في المنطقة، وهو تحول يتزامن اليوم مع الانقلابات الكبرى التي تمر بها المنطقة، ولذا يتعين على الجانب الإيراني أن ينظر إلى هذه الصفقة بينه وبين الغرب والإدارة الأميركية على أنها فرصة لاختبار نواياه حيال بلدان المنطقة، لا هدية مجانية في ظرفية توجد فيها المنطقة فوق رمال متحركة. فالسياسة ليست فقط فن صناعة الأزمات، بل هي بشكل رئيسي وهام فن الالتفاف عليها.
 
======================
الغد الاردنية : ابراهيم غرابية :ما معنى عودة إيران إلى السكة الدولية؟
"لسنا ننشد عالماً لا يُقتل فيه أحد، بل عالماً لا يجوز فيه ولا يمكن تبرير القتل" (ألبير كامو).
تتضمن العودة الإيرانية إلى التوافق مع الغرب (الولايات المتحدة وأوروبا)، اعترافا بها في المجتمع الدولي كما كانت قبل العام 1979؛ فلم تعد دولة خارجة على القانون الدولي، أو بعبارة أصحّ، لم تعد جزءا من المحور المعادي للولايات المتحدة وتحالفها. وفي ذلك فرص وتحديات جديدة لإيران والشرق العربي؛ إذ ستبدأ المتوالية الهائلة أو كرة الثلج التي بدأت بالتدحرج منذ العام 1979، بالتفكك والزوال.
سوف تكون إيران، بمقتضى اتفاقها الجديد مع الولايات المتحدة والغرب، أكثر التزاما بالاتجاه الدولي العام. ولن يعود بمقدورها إرسال قوات عسكرية إلى الدول الأخرى، كما يحدث اليوم في العراق وسورية وربما اليمن، إلا تحت غطاء دولي وبقرار من مجلس الأمن. وفي المقابل، سيكون بمقدور إيران زيادة تأثيرها وحضورها الاقتصادي والسياسي، والتأثير في سياسات الدول المجاورة وفي الشرق العربي باتجاه مصالح وأهداف ترغب فيها ومعترف بها، وليست بالضرورة مصالح وأهدافا لا توافق عليها هذه الدول؛ أو في عبارة أكثر صحة، توافق على بعضها وتخالف بعضها. وهنا ستكون الحكمة السياسية في قدرة إيران ودول الشرق العربي (الخليج العربي + اليمن والعراق وسورية والأردن ولبنان وفلسطين) على الإدارة السلمية لمصالحها المشتركة وخلافاتها أيضا.
وخلافا لما يركز عليه البعض أو يظنونه مصدر الصراع، فإن الخلاف المذهبي والقضايا الدينية بعامة، ليست مؤثرة في الصراع والتعاون على نحو بنيوي أو جوهري؛ هي في الواقع ليست جزءا من الصراع والتفاهم، ولا علاقة لها بذلك إلا بمقدار ما تستحضرها الدول والمجتمعات لدعم موقفها. ويجب القول إنها لعبة خطرة ومدمرة يجب إيقافها والتخلي عنها نهائيا. ذلك أن الصراعات والكوارث الدائرة كان يمكن تجنبها نهائيا أو التخفيف منها بنسبة كبيرة جدا، لو أن الصراعات والعلاقات الدولية وضعت في سياقها الحقيقي والجوهري، وهو الجغرافيا السياسية؛ لا أكثر ولا أقل!
وعلى عكس ما يبدو صعبا أو مقلقا، فإن الخلاف المذهبي والعرقي يمكن أن يكون عاملا إيجابيا في الاستقرار والتعاون. إذ بمقدور الدول العربية أن تؤثر على العرب والسُنّة في إيران باتجاه الاندماج مع دولتهم، وأن يكونوا مواطنين كاملي المواطنة، والالتزام بحقوقها وواجباتها، مقابل مساعدتهم في نيل حقوقهم ومطالبهم. ويمكن أن تكون إيران عاملا إيجابيا في التأثير على الشيعة ومناصريها في الشرق العربي في الاتجاه نفسه أيضا. التنوع المذهبي والإثني يمكن أن يكون مصدرا للقوة والتعاون وزيادة المكاسب، وليس بالضرورة سببا في الصراع والكراهية!
ويمكن أن تؤدي إيران أيضا دورا إيجابيا في تسوية الأزمات القائمة اليوم في العراق وسورية واليمن؛ إذ يفترض أنه لا إيران ولا الدول العربية ولا الطوائف والمكونات الاجتماعية في الدول العربية، ترغب في استمرار الصراع، كما لا ترغب في إلغاء المكونات الأخرى. وفي هذه الأزمة المعقدة، فإن المكونات المتصارعة تعجز عن الاعتراف بحقوق الآخر.
تحتاج إيران والدول العربية إلى إدارة وتسوية الصراع باتجاه مصالحة تتنازل فيها جميع الأطراف وتكسب أيضا؛ فلم يعد أحد يرغب في استمرار الصراع، ولم يعد أحد قادرا على الانتصار وفرض مطالبه وشروطه.
======================
النهار: إيران بعد رفع العقوبات غير ما قبلها
لويس حبيقة-خبير اقتصادي
20 كانون الثاني 2016 | 17:42
النهار
تعود إيران الى قلب المجتمع الدولي بعد الرفع التدريجي للعقوبات عنها. اقتصاد #إيران متنوع ولن يحتاج الى الوقت الطويل كي يزدهر من جديد. يتوزع الانتاج الإيراني على 50% للخدمات، 41% للصناعة و 9% للزراعة. وضمن هذه الأرقام لا يشكل القطاع النفطي بالاضافة الى الغاز خمس الناتج المحلي. ففي سنة 2011، كانت تنتج إيران 1,65 مليون سيارة سنويا. واقتصاد إيران غني بالمواد الأولية والطاقات الشابة المتعلمة داخل الحدود وخارجها. 64% من الشعب الإيراني هو ما دون 35 سنة من العمر أي هناك طاقات منتجة كبيرة. لكن هناك خللا مهما داخل الدولة في العديد من المؤشرات، أهمها أن 73% من الشعب يعيش في المدن، أي نزح بسبب الاقتصاد والاجتماع والرفاهية، ولا بد من التنبه لهذه المتغيرات التي تنعكس سلبا على البيئة والحياة المدنية والتنوع كما التوزع الاقتصادي بين طبقات الشعب.
لا تتعدى نسبة الأمية 13% من مجموع السكان و 2% فقط بين الشباب والشابات أي ما بين 15 و 24 سنة من العمر. هنالك 4,4 مليون طالب في الجامعات بينهم 60% من النساء. 44% من الجامعيين يتخصصون في العلوم أي التكنولوجيا والهندسة والرياضيات بالاضافة الى الفيزياء والكيمياء وغيرها. 13,3% من الشعب حاصل على شهادة جامعية مقارنة بـ 12,5% في المكسيك، 11,7% في البرازيل و 6,9% في أندونيسيا. ولا بدّ من العودة الى نوعية البرامج في الجامعات والمعاهد والمدارس كي تتناسب نوعية التعليم أكثر مع متطلبات وتحديات وتقنيات القرن الواحد والعشرين. العلوم والآداب تقدمت جداً في العقود الماضية، ولا بد من اللحاق بها حتى تكون الأجيال الجديدة أكثر إنتاجية واستيعاباً للمتغيّرات المتنوعة.
يبلغ الناتج المحلي 1,4 ألف مليار دولار أو ما يقارب 1,5% من الناتج العالمي أي في المركز الـ 18 عالميا. أما الناتج الفردي فيبلغ 17 ألف دولار لدولة يفوق عدد سكانها على 80 مليون نسمة، أي يتفوق على الناتجين الفرديين البرازيلي والصيني بالرغم من الحصار والعقوبات. نسبة الدين من الناتج لا تتعدى 12% وهي من أدنى النسب العالمية. هنالك ملايين الإيرانيين في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، هاجروا قسرا بسبب السياسة كما بسبب الحياة الاجتماعية التي تعودوا عليها قبل الثورة ويرغبون في الحفاظ عليها. هنالك ملايين من المتعلمين والمتمولين الذين يستطيعون خدمة إيران وتطويرها، وهم موجودون أيضا في كل المؤسسات العالمية، وبارعون جدا في كل القطاعات والمجالات. إيران اليوم ليست إيران التي يمكن أو يجب أن تكون عليه، وعندها تصبح مفيدة ليس لها فقط، وانما لكل المنطقة بدأ من الخليج الى أقصى الحدود. واذا حررت الأوضاع الجديدة ما يقارب 100 مليار دولار من أصول الدولة الإيرانية، فهي لا شيء نسبة للحاجات المتنوعة بدءًا من قطاعي النفط والغاز الى البنية التحتية كما الفوقية من تعليم وتربية وصحة وغيرها. وتشير الدراسات الى حاجة إيران الى ما يفوق ألف مليار دولار خلال العقد القادم، لبناء وصيانة البنية التحتية فقط، أي طرق ومطارات وكهرباء ومياه واتصالات وغيرها. والسباق مع الوقت هو الأساس.
هنالك اصلاحات كبرى مطلوبة في القوانين والاجراءات الضرورية لاجتذاب الاستثمارات. ويحتاج الاقتصاد الغربي في زمن الركود الى الأموال الإيرانية. وظهرت هذه الحاجة جليا عبر شراء الطيران الإيراني لـ 114 طائرة "ايرباص" لتجديد الاسطول وتطويره وتوسيعه. ولا شك أن الشركات الأميركية وفي مقدمها "بوينغ" تنتظر بفارغ الصبر أن تسمح لها السياسة الأميركية الداخلية بالمنافسة الجدية في السوق الإيرانية المتنوعة. وكلما تأخرت أميركا، سيطرت أوروبا وربما آسيا على القدرات والمشاريع والفرص الذهبية الإيرانية. أميركا في سنة انتخابات دقيقة تتمهل جدا في اقرار خطواتها حتى لا تعيد علاقاتها الدولية الى الوراء، ليس فقط مع إيران وانما مع كوبا وأوروبا والصين والمكسيك وغيرها. فاذا فاز الجمهوريون في الانتخابات الرئاسية القادمة، ربما نشهد تراجعا أو قلبا للمواقف أو أقله تشويشا على الانجازات الديبلوماسية الكبيرة التي حققها ويحققها الرئيس أوباما.
المصلحة المشتركة
عودة إيران الى المجتمع الاقتصادي الدولي لا تعني تراجعا للدول العربية اذا أحسنت التعاون معها للمصلحة المشتركة. لكن لماذا لا نستطيع في منطقتنا التعاون الذي نجحت به كل مناطق العالم بدأ من أوروبا الى أميركا وآسيا وأفريقيا؟ كان الاقتصاد الأوروبي قريبا من الانهيار، وكان نقده في أسوأ الاوضاع واستطاع الحفاظ على حيويته واتفاقاته ومصالحه المشتركة. لماذا النجاح الإيراني يعني فشلا عربيا والعكس بالعكس؟ يجب أن تكون لنا القدرة في المنطقة على التمييز بين الغايات السياسية والمصالح الاقتصادية المشتركة التي تفيد الجميع. بعد انخفاض سعر النفط، يصبح التعاون أهم بل ضروري للانقاذ الاقتصادي المشترك أي ربما تكون الأوضاع النفطية الجديدة دافعا للتغيير. فالحاجة تبقى أمّ الاختراع حتى في منطقتنا. أما المشاريع الصناعية، فتنتظر التعاون العربي الإيراني تنويعا للانتاج ورفعا تدريجيا للدخل القومي، الذي يبقى أدنى بكثير من قدرات المنطقة البشرية والمادية. ظروف سعر النفط المنخفض يجب أن تكون دافعاً للتغيير المطلوب، ليس اليوم فقط وانما دائما بل طال انتظاره.
ما المهم بل الأهم الذي تحتاج اليه إيران اجتذاباً للاستثمارات الخارجية التي بلغت 43 مليار دولار السنة الماضية مقارنة بـ 209 مليارات دولار لتركيا التي تحتوي على عدد السكان نفسه؟ هنالك إصلاحات قانونية ضرورية تتناسب مع متطلبات القرن الـ 21 والأوضاع الاقتصادية العالمية، وذلك تبعاً للكاتبين "سايرس أمير مكري" و"حميد بغلاري" نشر في مجلة "فورين أفيرز" الرائدة في أواخر السنة الماضية:
أولاً: تقوية حماية الملكية الفكرية التي تعتبر اليوم أساس الاختراع والتجدد والابتكار. إيران غنية بكل الطاقات وتحتاج للإطار القانوني الضروري.
ثانياً: خصخصة العديد من القطاعات اذ من الصعب على القطاع العام، أي قطاع عام، القيام بالاصلاحات الضرورية الحتمية التي فرضتها العقود الماضية. المطلوب الاسراع في التنفيذ للتعويض عن الأوقات التي هدرتها السياسة لأسباب نووية أو غيرها والتي تحتاج الى دينامكية القطاع الخاص الداخلي والخارجي. ما حصل من خصخصة سابقا أي تحويل ملكية الشركات من القطاع العام الى مؤسسات يملكها أو مرتبطة بالقطاع العام ليس جيدا، بل لا يعطي النتيجة المتوخاة أي رفع الانتاجية لتحسين الاداء ورفع مستوى وجودة الخدمات.
ثالثاً: هنالك إصلاحات مالية واقتصادية ونقدية ضرورية، يجب تنفيذها كي يستطيع القطاع العام التأثير ايجابا على المؤشرات الاقتصادية. ومن الضروري تحديث دور المصرف المركزي، أي تقوية الاستقلالية لمحاربة التضخم بجدارة وهو ما تحتاج اليه إيران اليوم. تشكو إيران من التضخم، أكثر من أي شيء آخر، بسبب الاقفال العملي وليس الكلي للتبادلين التجاري والمالي الدوليين لعقود خلت.
أخيرا يمكن القول أنه اذا نجحت إيران في التخلص من قسم من العوائق القانونية والاقتصادية الداخلية، ستنمو من جديد بقوة وسرعة وتعود الى مصاف الدول المتطورة وتدخل الى مجموعة الدول العشرين لتشارك في وضع القرارات التي تلزم كل دول العالم. لا بد للحكومة الإيرانية من أن تشجع الإيرانيين الموجودين في الخارج على الرجوع أو الاستثمار، وهذا ما فعلته الهند والصين وايطاليا وما يحاول أن يفعله لبنان. هنالك مقولة لـ "ولتر ريستون" الرئيس السابق لمصرف "سيتي كورب" هي "أن رأس المال يذهب الى الدول التي تحسن استقباله، ويبقى في تلك التي تعامله جيدا". فلنتعظ ونبقي الرساميل في منطقتنا للنمو والتنمية.
======================
الجزيرة :"تايمز: إيران تستغل ثروتها الجديدة في تمويل الإرهاب
قالت تايمز البريطانية إن إيران باتت في موضع اتهام بحجة أنها تخصص مليارات من الدولارات، التي تجنيها من رفع العقوبات عنها تنفيذا للاتفاق النووي، في تمويل الإرهاب.
وجاء في الصحيفة أن المملكة العربية السعودية أعربت عن مخاوفها من أن ثمة سباقا جديدا للتسلح ستشهده المنطقة بعدما أُميط اللثام عن أن الحرس الثوري الإيراني سيتلقى دعماً هائلاً لميزانيته.
وذكرت أيضا أن قوات الحرس الثوري بمقاتليها البالغ عددهم 125 ألفاً بمثابة سدنة ما يسمى الثورة الإسلامية الإيرانية، وتضم هذه القوات فيلق القدس الذي يشرف على وكلاء إيران بالخارج مثل حزب الله اللبناني.
وقد أدرجت حكومة طهران منضدة البرلمان مقترحات ميزانيتها للعام الجديد والتي تشمل زيادة مقدارها 15.2% في مخصصات الحرس الثوري و50% أخرى لأجهزة المخابرات. كما ستضاف 16.2% إلى ميزانية الجيش التقليدي في حال أُجيزت الميزانية العامة، وفق ما جاء بالصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن أنطوني كوردسمان، من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، القول إن الأهداف الإقليمية للحرس الثوري لم تتغير "إذ أنهم ملتزمون تماما بصون دور إيران العسكري وتوسيع نفوذها في دول الجوار مثل لبنان وسوريا والعراق، وبدعم العناصر الشيعية في دول مثل البحرين واليمن والسعودية".
وقد أوضح اثنان من مسؤولي الأمن الإيرانيين بجلاء أنهما يتوقعان أن يجني الحرس الثوري وفيلق القدس فوائد من الثروة الجديدة التي هبطت على إيران.
وقال أحدهما "الحرس والفيلق يمثلان ذخيرة إيران الرئيسية في المنطقة، إذ أننا عازمون على مناصرة حلفائنا والمضطهدين". بينما أضاف الآخر "إن كنت ثرياً فتستطيع مساعدة أصدقائك بشكل أكبر أليس كذلك؟ نحن لا نريد أي صراعات لكننا سنواصل مساعدتنا لحلفائنا".
 
======================
الخليج ":تدخلات إيران في المنطقة: أهداف سياسية ب «تقية» مذهبية
تاريخ النشر: 22/01/2016
كتب: عمار عوض
حبس العالم أنفاسه إثر الأزمة الأخيرة بين المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية في مواجهة إيران، في الوقت الذي ينظر فيه قادة العالم والمهتمون بالسياسة الخارجية إلى أثر رفع العقوبات من قبل مجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن إيران بموجب الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة (5+1) حول البرنامج النووي الإيراني، على مجمل القضايا صاحبة التماس بين إيران والدول العربية، وعلى رأسها سوريا والعراق واليمن بشكل مباشر وبشكل غير مباشر، لا سيما في ظل تواصل التدخلات الإيرانية في الدول العربية ومنها الدول الخليجية والتوقعات بتزايدها بعد رفع العقوبات.
وفي هذا السياق، يقول ديفيد بلير كبير محرري الشؤون الخارجية في «التلغراف»: «كانت الولايات المتحدة تقول نظرياً إن البرنامج النووي أخطر من تدخلات إيران الخارجية، وبعد رفع العقوبات الآن ستكون تحت الاختبار العملي أيهما كان أكثر خطورة». وما يجدر ذكره هنا أن الغرب والولايات المتحدة وعن جهالة بطبيعة المنطقة أو بوعي كامل وإدراك ساعدوا على إذكاء الطابع المزيف لهذه الحروب والاختلاف في وجهات النظر، ففي حوار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد التوقيع المبدئي على الاتفاق النووي ودون مقدمات أورد كلمة «شيعة» في مقابل «السنة» 15 مرة، في حين أن هذين الوصفين لم يسبق لهما أن وردا في سياق أي تصريح لرئيس أمريكي، بمثل هذه الكثافة قبل هذا الحوار لأوباما مع النيويورك تايمز.
ويحيلنا هذا الأمر بالضرورة إلى النظر في طبيعة الملفات المختلف عليها بين الدول العربية وإيران، هل هو خلاف سياسي جوهري في التعاطي مع هذه الملفات؟ أم هو شان آخر مثل ما تحاول إيران تصويره إلى العالم الخارجي بأن الأمر يتعلق بالأقليات والخلافات المذهبية والطائفية؟ وتظل الأزمة السورية على رأس القضايا التي تتقاطع فيها الدول العربية مع إيران، وهي أكثر مثال واضح على اختلاف زوايا النظر إزاء هذه القضية الشائكة، حيث نجد أن الإيرانيين ومن خلفهم «حزب الله» اللبناني، ارتدوا في تدخلهم إلى ساحة الصراع السوري لباساً مضللاً، حيث قالوا ابتداء إنهم دخلوا الساحة السورية لحماية «مرقد السيدة زينب»، مع أنه حديث باطل تدحضه الشواهد الحالية، حيث إنهم يحاربون في كل الجبهات القتالية في سوريا، وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً، نجد أن الثورة السورية عند انطلاقتها لم يكن لها أي بعد طائفي. وكان يشارك فيها الجميع، وكانت ذات مطالب سياسية بحته، تتعلق بإنهاء حكم الفرد، ولكن من قام بإلباسها ثوباً طائفياً، هو نظام بشار الأسد والخبراء الإيرانيون الذين كانوا يعملون في دمشق أول أيام الثورة ويقول الكاتب الصحفي المخضرم روجر بويز «إيران موجودة في سوريا لحماية نظام الأسد، وليس لها أي دوافع مذهبية بل هي عملية سياسية بحته، تتعلق بالمصالح وليس الدين أو الطائفة».
 
إذا نظرنا إلى الطرف الآخر نجد أن الدول العربية والمعارضة السورية مطالبها تتعلق بمغادرة الأسد ونظامه سدة الحكم نسبة إلى الجرائم التي ارتكبها في حق شعبه، ولا يوجد أدنى حديث عن بعد استئصالي لطائفة معينة دون الأخرى، وهو ما تعضده الوجوه التي تقود المعارضة، حيث توجد بها كل فسيفساء الداخل السوري طائفياً وإثنياً، بل أكثر من ذلك كل الدول العربية بها طوائف دينية مختلفة، وتعيش بكامل حريتها داخل الدول العربية، فلو كان الصراع طائفياً لما سمح العرب في مصر والخليج وغيرها بوجود طوائف مختلفة، بل أكثر من ذلك لما وجد المسيحيون وحتى المسلمين المختلفين، موطئ قدم في هذه الدول.
والعراق الذي يشهد التهاباً حاداً هذه الأيام، على خلفية أحداث العنف الطائفية في المقدادية شرقي بغداد، والانتهاكات التي تعرض لها السكان من ميليشيات الحشد الشعبي القريبة من إيران، فتحت ملف العنف الطائفي من جديد. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» نقلاً عن مجموعات حقوقية: «إن العنف في محافظة ديالى تكمن خطورته في أن ما يحدث في الفترة الأخيرة هو تهجير قسري من ميليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة»، وهو هو ما يعيدنا إلى حديث مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في تقريره الأخير القائل: «إن دعم إيران لمجموعات طائفية بعينها هو ما قاد إلى ظهور التنظيمات المتطرفة في العراق»، وعاب على حكومته في واشنطن أنها جعلت السيطرة لإيران التي بسياستها الأحادية الجانب «حولت العنف في العراق ليتخذ لنفسه طابعاً طائفياً» بقوة دفع إيرانية.
وإذا نظرنا إلى سياسات الدول العربية إلى الغرب من حدود العراق، نجد أنها لا تقوم بمثل ما تقوم به إيران بإذكاء نيران الطائفية، حيث تقوم العواصم العربية بمكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي في حرب لا هوادة فيها، بالرغم من أن التنظيم المتطرف يحاول تصوير نفسه للمجموعات السكانية في العراق، أنه يمثل الطائفة المضطهدة من قبل إيران، وهو ما يشير بوضوح إلى أن المكون العربي ينظر إلى أوضاع العراق من ناحية سياسية ومستقبلية ويدعم الحكومة الشرعية في بغداد، ويمد لها يد العون، رغم أن العراقيين ينظرون إليها على أساس أنها واقعة تحت النفوذ الإيراني.
ويظل المثال اليمني أنصع صورة لخطأ الصورة التي تحاول إيران، ومن خلفها عدد من الدول والباحثين قصيري النظر رسمها للمتلقي، فواقع الحال اليمني يشير بجلاء إلى أن الأزمة بدأت عندما أرادت جماعة بعينها الاستحواذ على مقاليد الحكم بقوة السلاح والنار، وتحركت بمتمرديها تحت ستار ليل بهيم، مستغلة روح الحوار الوطني التي كانت تسود اليمن وعاصمته صنعاء، لتقوم بتنفيذ مخططها في الاستيلاء على السلطة، وتحويلها إلى دولة دينية تحتكم لولاية الفقيه في إيران، وهناك الكثير من الشواهد التي لا تحصى على ذلك بداية من تصريحات الحوثي وأركان جماعته الذين أعلنوا ولاءهم للفقيه في إيران في أكثر من مرة.
وفي الضفة الأخرى نجد أن الدول العربية تحركت بموجب نداء من السلطة الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووفق الشرعية الدولية ممثلة في مجلس الأمن وقراره 2116، الذي ينظم طريقة عودة الشرعية إلى اليمن، وما يدحض الصورة التي يحاول بعضهم تصويرها، هو أن الشرعية التي يريد التحالف العربي إعادتها هي شرعية الانتخابات الديمقراطية التي جرت في اليمن، وأتت بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتي شاركت فيها جماعة الحوثي، وحصدوا من خلالها أصواتاً ونواباً ووزراء الحكومة، وحال ما عادت الحكومة الشرعية سيعود نواب جماعة الحوثي وفقاً للشرعية.
نقطة الخلاف في وجهات النظر السياسية، تتمثل في أن جماعة سياسية بعينها تريد الاستئثار بالسلطة لوحدها تحت غطاء الدين والطائفة، في الوقت الذي يعمل فيه التحالف العربي لإعادة شرعية يمثل فيها الجميع بوزنهم الحقيقي، وليس بأوزان متسربلة بأشياء أخرى.
والناظر إلى الواقع اللبناني سيجد مثالاً واضحاً للغاية، لأن العلاقات العربية الإيرانية متوترة بسبب الخلاف في مقاربة الواقع السياسي خاصة أن بيروت هي عاصمة عربية وأن الكثير من العواصم التي تقع في غرب الشام كان لها دور كبير في دعم المقاومة اللبنانية عندما كانت تقف في وجه العدو الصهيوني، وتعبر عن الروح العربية في مقاومة المحتل، لكن إيران بتدخلها في سوريا جرت معها «حزب الله» إلى المستنقع السوري بحسابات المصالح السياسية رغم وضعهما مسحة طائفية على الأمر، وهو ما جعلهما بعيدين جداً عن روح الشعوب العربية. وإذا نظرنا بعمق إلى أزمة رئاسة الجمهورية التي يعانيها لبنان كمثال لذلك، نجد أن كتلة «المستقبل» تقدمت بمبادرة لترشيح شخصية محسوبة على إيران و«حزب الله» مثل سليمان فرنجية وتقول كارولين ليل في «وول استريت جورنال» إن ترشيح سمير جعجع المحسوب على تيار 14 آذار المعروف ببعده السياسي للعماد ميشيل عون المرتبط بإيران هو علامة فارقة في الصراع اللبناني اللبناني. وهو ما يؤشر بوضوح إلى تيار «المستقبل» المعروف برمزيته ومن خلفه العواصم العربية يبحث عن حلول تحوي تنازلات سياسية لحيلولة دون انزلاق لبنان إلى العنف الطائفي، والظاهرة في مبادرة رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، لحل أزمة الرئاسة بترشيح فرنجية وهو ما يجعل هناك سؤالاً منطقياً مفاده كيف سترد إيران على هذه الخطوة السياسية، لمعالجة الخلافات بينها والعواصم العربية المتطلعة إلى مبادرة شبيهة في سوريا، وتأتي الإجابة من دينيس روس الذي شغل منصب مساعد في إدارة أوباما، ويعمل الآن في معهد أبحاث الشرق الأدنى، في معرض تحليله لمقبل خطوات طهران بقوله لصحيفة «وول استريت جورنال»، «لا أتوقع أن تغير طهران موقفها في سوريا فهي تنظر لأي تراجع في موقفها هناك على أنه هزيمة لها». ويضيف: «يجب علينا خفض سقف التوقعات بشأن سلوك إيران في المدى القريب فهي ما أظهرت تغير مواقفها من الغرب الذي شهدناه سوى لأنها تريد الحصول على ال 100 مليار دولار المجمدة ورفع العقوبات الاقتصادية والجميع يخشى أن تستخدمها في إذكاء حروبها الطائفية في المنطقة».
وهنا نخلص إلى أن طهران غيرت من ثوبها لتطلعها إلى «المال» فقط وحسابات السياسة، وليس للأمر علاقة ب «المذهب» أو نصرته، وأنها وفقاً للمستشارين السابقين في البيت الأبيض، لن تغير من ثوبها الطائفي الذي ترتديه وسط العرب، في حين تحرص على ارتداء ثياب أخرى عندما تجلس إلى الغرب للتفاوض لفك الأموال المجمدة، لكن يظل الثابت أن العواصم العربية تبحث عن حلول سياسية لتدخلات إيران في المنطقة، وأن تكف أذاها عنهم وأن خلافها مع طهران هو خلاف سياسي وليس له أي بعد آخر.
======================