الرئيسة \  مشاركات  \  الشهامة - قصة قصيرة

الشهامة - قصة قصيرة

23.06.2024
د. محمد رفعت زنجير



الشهامة - قصة قصيرة
د. محمد رفعت زنجير
***
مرت عشر سنوات على مأساة جمعة...
حيث هجم مجموعة لصوص على مزرعته فخربوها .. واقتادوا ماشيته.. وحرقوا زرعه وشردوا عائلته.. وسرقوا ذهب أمه وزوجته ..ولم يبق عنده زرع ولا ضرع .. شريد في البراري..
كان كبير اللصوص فيروز ذكيا جدا
حيث دخل في شراكة وتعاضد ووحدة حال مع سمعة ابن عم جمعة.. فشهد سمعة لفيروز بأنه هبة الأقدار.. وسيد الأبرار .. ومنقذ القرية  من الأشرار .. وقال فيه أحسن الأشعار.... وفيروز يكرمه بالدرهم والدينار.. ثم يتسلط على بيوت الأحرار ليكويهم بالنار ... ويفتك بهم بسيفه البتار... بتواطئ دنيء من شيخ الخفر والمختار.. وصار يتدخل في كل قضية شائكة ومسألة.. من كرسي المختار إلى مكان المزبلة...
***
ذات يوم هجمت ضبعة على بيت سمعة.. فأكلت غنماته وجرحت بعض أولاده.. فتعاطف معه الناس..
طار الخبر كالنار في الهشيم إلى جمعة الذي كان شريدا في القفار والصحارى ... فلم يجد منجدا ولا غيارى..
أعلن جمعة مؤازرته لسمعة ضد الضبعة .. وعن استعداده لجوب الصحارى بحثا عنها ليربطها ويسلمها لابن عمه سمعة ليشفي غليله منها...
 ونسي جمعة انحياش سمعة لفيروز .. ورقصه في حضرته في ظهر تموز .. حيث كان فيروز يأكل الموز ويلقي بقشره لسمعة الذي يبادر لالتقاطه ويبلعه كأنه يأكل المأمونية بالجوز واللوز..
فلما سئل جمعة من ربعه عن سر تبدل موقفه من ابن عمه الانتهازي؟ أجابهم مرددا قول الشاعر المقنع الكندي:
وَإِن الَّـــــذي بَينـــــي وَبَين بَنــي أَبـــــي
وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِـــــفُ جِــــــــــدّا
أَراهُم إِلى نَصري بِطـــــاءً وَإِن هُـــــــم
دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُــم شَــــــــــــــــــــدّا
فَإِن يَأكُلوا لَحمـــي وَفَرتُ لحومَهُـــــم
وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجـــــدا
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُـــــم
وإن هم هووا غيّي هويت لهم رُشدا
وَإِن زَجَـــــروا طَيـــــراً بِنَحـــــسٍ تَمـــرُّ بي
زَجَـــــرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِـــــم سَــــــــــعدا
وَإِن هَبطـــــوا غـــــوراً لِأَمـــــرٍ يَســوءني
طَلَعـــــتُ لَهُم ما يَسُــــــــــرُّهُمُ نَجــــــــــــــدا
فَإِن قَدحـــــوا لي نـــــارَ زنـــدٍ يَشـــــينُني
قَدَحتُ لَهُـــــم في نـــــار مكرُمةٍ زَنـــــدا
وَإِن بادَهوني بِـــــالعَـــــداوَةِ لَم أَكُــــــــــن
أُبادِههُـــــم إِلّا بِما يَنعَــــــــــت الرُشـــــدا
وَإِن قَطَعـــــوا مِنّي الأَواصِـــــر ضَـــــلَّةً
وَصَلـــــتُ لَهُـــــم منّي المَحَبَّـــــة وَالوُدّا
وَلا أَحمِـــــلُ الحِقدَ القَـــــديمَ عَلَيهِـــــم
وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدا
***
حياك الله ياجمعة .. فعلا هذه هي نخوة العرب الأماجد التي ستبقى فيهم إلى يوم البعث.