الرئيسة \  مشاركات  \  الضربة العسكرية على سوريا تشكل اندفاعة اميركية وانكفاء روسي..

الضربة العسكرية على سوريا تشكل اندفاعة اميركية وانكفاء روسي..

09.04.2017
حسان القطب

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، سيزور (موسكو) يومي 11-12 أبريل/ نيسان، الجاري. وذكر بيان للخارجية الروسية، أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف سيبحث مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، في موسكو الوضع في سوريا، ومكافحة الإرهاب في الأراضي السورية، وملفات كوريا الشمالية وأوكرانيا. وأضاف البيان أن الوزيرين الروسي والأمريكي، سيبحثان أيضا العلاقات الثنائية بين البلدين ..!!. بعد هذا الاعلان الروسي يوم الاربعاء الماضي جاء القصف الاميركي على سوريا فجر بعد يومين اي يوم الجمعة الماضي..؟؟
لذا من المفيد ان نستطلع تداعيات واهداف القصف الاميركي الذي طال قاعدة جوية اساسية في وسط سورية، قبل ايام من زيارة وزير الخارجية الاميركية للقاء نظيره الروسي في موسكو، على العلاقات الروسية – الاميركية وعلى وضع المنطقة العربية برمتها والشان السوري بشكل خاص، لأن الضربة العسكرية شكلت حدثاً بارزاً وانعطافاً بالغاً في مسار الحرب السورية..
قراءة اولية في الاهداف كما النتائج المفترضة لهذا التحول العسكري:

  • جميع الدول التي تتدخل في دول الشرق الاوسط تنسق دورها وعملياتها مع اسرائيل..وهذا ما اشارت اليه اسرائيل حين اعنت ان الولايات المتحدة ابلغتها بالضربة العسكرية..!! تماماص كما قامت روسيا من قبل بتنسيق تدخلها في سوريا مع اسرائيل وتشكيل غرفة عمليات مشتركة بين الجانبين..؟؟
  • اكدت الولايات المتحدة ان الضربة العسكرية محدودة وتعتبر رداً على انتهاك الاسد للخطوط الحمر التي سبق ان وضعت ومفادها عدم استعمال الاسلحة الكيميائية في الصراع...
  • الضربة العسكرية جعلت من الولايات المتحدة لاعباً اساسياً في الصراع الداخلي السوري وفي تحديد مستقبل سوريا، بعد ان كانت تكتفي باطلاق المواقف واصدار البيانات ودعم بعض قوى المعارضة فقط..
  • ان ابلاغ الولايات المتحدة دولة روسيا الاتحادية بموعد ومكان الضربة العسكرية ..وانكفاء وانسحاب الجنود والمستشارين الروس من القاعدة العسكرية (الشعيرات) دون اعتراض حتى لا تقع اصابات بين الجنود الروس.. يجعل من الولايات المتحدة في موقع المتفوق عسكرياً، والدولة التي لا تطلب اذناً من احد لتنفذ هجومها العسكري المحدود، حتى من دولة روسيا التي تعتبر نفسها دولة نووية وقوة عظمى.. بل ان روسيا انصاعت للطلب الاميركي وانسحبت من القاعدة الجوية خلال وقت بسيط وبسرعة لتترك قوات الاسد وطائراته تلاقي مصيرها المحتوم..
  • إن التدخل العسكري الاميركي المحدود في سوريا كما اشارت الولايات المتحدة ياتي قبل ايام من زيارة وزير خارجيتها لموسكو، مما يفيد بان احادية التصرف الروسي في مصير سوريا قد انتهت.. وان التدخل الاميركي كما الوجود الاميركي على الاراضي السورية يعطي الولايات المتحدة دوراً بارزاً ومفصلياً في مستقبل سوريا واستقرارها..
  • إن توقيت الضربة العسكرية يعطي ايضاً الولايات المتحدة افضلية تفاوضية قوية، خاصةً وان المفاوضات بين الطرفين سوف تشمل مستقبل سوريا والعلاقات الثنائية، ومن المؤكد ان روسيا لن تغامر بخسارة فرصة تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة .. مقابل مزيد من التورط العسكري على الساحة السورية ومخاطر وقوع مواجهة بين الدولتين..
  • زيادةً في الضغط على روسيا فقد اشارت الولايات المتحدة بوضوح الى ان روسيا قد تكون متورطة في الغارة الكيماوية على بلدة خان شيخون، سواء كانت على علم بهذه الغارة التي ارتكبت بواسطة طائرة روسية الصنع نتيجة الدعم والحماية الروسية لهذا النظام او اذا كان الاسد، يتلاعب بالمعلومات التي يقدمها لدولة روسيا ويخفي عنها ممارساته وتصرفاته وجرائمه وفي كلتا الحالتين فان روسيا تبقى مسؤولة عن تصرفات هذا النظام الذي تؤمن له الحماية والرعاية والسلاح والذخيرة، والرعاية السياسية، بما فيها حق النقض الفيتو لحمايته من قرارات الادانة في مجلس الامن..كما يكشف ايضاً عن عجز روسيا عن ضبط اداء الاسد وايران وميليشياتها وهذا ما يستدعي المعالجة...
  • بالتزامن مع الغارة أقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يفوّض إدارة الرئيس ترامب، إرسال صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف «مانباد» إلى فصائل سورية معارضة. ومع أن المشروع يتضمن بعض القيود على نقل الأسلحة المثيرة للجدل، إلا أنه يمثل تحولاً ذا دلالات، لأنه يشكل تحذيرا مباشراً للطيران الروسي ويذكر القيادة الروسية بما جرى خلال حرب افغانستان ابان حقبة الاتحاد السوفياتي..في حال عدم التفاهم مع الولايات المتحدة..
  • كما نشرت الولايات المتحدة على الاراضي السورية، في شمال شرق البلاد نحو 900 مستشار عسكري وعناصر من القوات الخاصة ومن سلاح المدفعية. وتساعد مدافع تابعة لسلاح البحرية الاميركي قوة كردية - عربية في تنفيذ هجوم في محافظة الرقة حيث معقل تنظيم «داعش» في سوريا. وقام الاميركيون بتجهيز مدرج لهبوط الطائرات في كوباني قرب الحدود التركية، ليتمكنوا من استقبال طائرات شحن أميركية من طراز «سي - 17»، قادرة على نقل عربات مدرعة. مما يعني ان روسيا لم تعد وحدها الى جانب ايران وتركيا على الاراضي السورية..
  • التدخل الاميركي والاستجابة الروسية، يضع ايران ومن معها في موقع الضعيف والقلق والتساؤل عن اهمية وجدية تحالفها مع روسيا والاعتماد على سلاح روسيا الجوي لدعم عملياتها البرية..على الاراضي السورية.. ومن خطورة النتائج التي قد تترتب على اي تفاهم روسي – اميركي على مستقبل سوريا خلال اللقاء المرتقب بين الطرفين.. كما ان الوجود الاميركي المباشر على الاراضي السورية يشكل رسالة واضحة للقوى الاقليمية وميليشياتها بان دورها قد قارب على النهاية..
  • التواصل الاميركي – الروسي الجدي والحاسم، يعتبر مؤشر على قرب نهاية ديكتاتور سوريا الذي تجاوز الخطوط الحمر ولم يحسن الاستفادة من المهل التي اعطيت له مرات عدة لاجهاض الثورة السورية بالقوة العسكرية، والتجاهل الدولي لممارساته وجرائمه بالرغم من تعاون روسيا ودول اقليمية معه بما فيها اجهزة وميليشيات لبنانية..
ان الضربة العسكرية الاميركية رغم انها محدودة لكن توقيتها وسرعتها ودقتها والاستجابة الروسية الفورية خلال ساعات للمطالب الاميركية تفيد بأن المرحلة المقبلة تؤشر الى اندفاعة اميركية على الساحة السورية كما على الساحة العربية والى تراجع بل انكفاء روسي، او الى لعب دور محدود على الاقل، والى قرب الغاء الوجود الايراني والتدخل الايراني في كلٍ من سوريا والعراق واليمن ولبنان...