الرئيسة \  تقارير  \  العملية الخاصة الأصلية لموسكو .. لماذا تبقى روسيا في سورية

العملية الخاصة الأصلية لموسكو .. لماذا تبقى روسيا في سورية

16.02.2023
الامارات اليوم

العملية الخاصة الأصلية لموسكو .. لماذا تبقى روسيا في سورية
الامارات اليوم
الأربعاء 15/2/2023
تشغل الحرب الروسية في أوكرانيا الحيز الأكبر من اهتمام المحللين المعنيين بالشأن الروسي، وأصبحت الجهود العسكرية لموسكو في سورية تحظى باهتمام أقل، نظراً إلى نطاق ووتيرة القتال في أوكرانيا، ومن ثم يبرز تساؤل مفاده: “هل تخطط روسيا لمغادرة سورية؟ “.
ويقول خبير الشؤون الإيرانية في مجلس الشؤون الدولية الروسي، نيكيتا سماجين، في تقرير نشرته مؤسسة “كارنيغي “ للسلام الدولي، إن الحرب الروسية ضد أوكرانيا “طغت تماماً على العملية العسكرية الروسية الأخرى التي تنفذها في سورية. فلم تكن التغطية التلفزيونية فقط هي التي تحوّلت من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، ولكن القوات والموارد الروسية أيضاً “.
ويضيف سماجين: “إنه في الأشهر القلائل الماضية، خفضت روسيا عدد قواتها في سورية، وتنازلت عن السيطرة على الأراضي، وخفضت المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، لا يعني هذا أنها تغادر البلاد. ولاتزال موسكو تعتبر وجودها في سورية رصيداً قيماً، وترى في تحالفها مع دمشق ورقة مساومة مهمة في المحادثات مع الغرب “.
استنزاف الموارد
لقد استنزفت الحرب في أوكرانيا موارد روسيا بسرعة، ما جعلها تسعى إلى الحصول على احتياطات إضافية، وسورية هي واحدة من أكثر المصادر وضوحاً للأفراد العسكريين ذوي الخبرة القتالية الحقيقية. وبعد فترة وجيزة من بدء الحرب، تمت إعادة نشر سرب من الطائرات المقاتلة “سو-25 “ في روسيا. وفي أغسطس، تردد أنه تم شحن نظام صواريخ بعيدة المدى من طراز “إس-300 “ إلى شبه جزيرة القرم من ميناء طرطوس السوري. إضافة إلى ذلك، انسحب الجيش الروسي من بعض مناطق اللاذقية، التي أعيد احتلالها على الفور من قبل مقاتلي “حزب الله “ الموالين لإيران. ويتم نقل القوات الروسية ذات الخبرة تدريجياً إلى أوكرانيا، واستبدالها في سورية بجنود مبتدئين. وفي الوقت نفسه، يجب ألا تؤخذ التقارير عن انخفاض حاد في الوجود العسكري الروسي في سورية على محمل الجد، والتي تفيد بأن نقل بعض المفارز إلى الجبهة الأوكرانية بالكاد قلل من قدرات موسكو الاستراتيجية في المنطقة. وتشارك القوات الروسية في عدد أقل من العمليات العسكرية في سورية الآن، لمجرد أن المرحلة النشطة من الصراع السوري قد انتهت. ومع ذلك، تستمر الغارات الجوية على الأراضي السورية، وكذلك التدريبات العسكرية الروسية المشتركة مع جيش الرئيس السوري بشار الأسد.
وسيكون من الخطأ المبالغة في تقدير إمكانات القوات المعاد نشرها من سورية إلى الجبهة الأوكرانية. فلم يكن لدى روسيا أبداً وحدة كبيرة حقاً في سورية. ولم تحاول استبدال القوات المسلحة في البلاد، ولكنها استكملتها وساعدت فقط بالإمدادات. فقد خدم ما يقرب من 500 جندي في سورية، وهو عدد ضئيل على نطاق الصراع الأوكراني، وعلى أي حال، فإن الخبرة المكتسبة في الشرق الأوسط لا تنطبق إلا جزئياً على الأراضي الأوكرانية.
المصالحة
وبالنسبة لموسكو، الغارقة في الصراع الأوكراني، فإن النتيجة المثالية في سورية ستكون المصالحة بين الأطراف المتحاربة. وفي بداية هذا العام، حاولت موسكو تنظيم حوار بين وزير الخارجية السوري ونظيره التركي، لأن تركيا قد تلعب دوراً حاسماً في حل الصراع السوري. لقد تخلت أنقرة منذ فترة طويلة عن هدف الإطاحة بالأسد، وقد يكون شكل من أشكال الحوار مفيداً لكلا الجانبين.
ومع ذلك، فإن حل الخلافات العديدة بين الدولتين سيستغرق وقتاً. ولايزال المسلحون الموالون لتركيا موجودين في سورية، وتسيطر القوات التركية على بعض مناطق البلاد. كما أن الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها في مايو 2023 تشكل عاملاً أيضاً. وقد يرغب الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي استخدم في السابق تهديد الأكراد السوريين والعمليات العسكرية في سورية لتعزيز شعبيته، في القيام بذلك مرة أخرى.
عقبة أخرى
وتشكل المواجهة بين إيران وإسرائيل عقبة أخرى أمام حل الصراع السوري. فمن ناحية، تحاول روسيا الحد من التوترات. ومن ناحية أخرى، سمحت لإسرائيل بتدمير المواقع الإيرانية والمدعومة من إيران في سورية مراراً وتكراراً. والآن، أدى التعاون الوثيق بين موسكو وطهران نتيجة للحرب في أوكرانيا، إلى تعقيد عملية التوازن الروسية بشكل خطير.
وهناك سبب آخر للقلق، وهو أن روسيا قد أوقفت فعلياً مساعداتها المالية لسورية. ولم تسع موسكو أبداً إلى تمويل دمشق بالكامل، ولكن حتى في الربيع الماضي، أبلغت وزارة الخارجية الروسية عن تسليم 5500 طن من الشحنات الإنسانية إلى سورية. والآن يعاد توجيه هذه الموارد إلى الأراضي التي تم ضمها حديثاً في أوكرانيا. وقد يؤدي تراجع المساعدات الروسية إلى تفاقم الوضع في سورية، خصوصاً أن المتبرع الآخر لها، وهي إيران، قد خفضت أيضاً مساعداتها. ويقال إن إيران، التي تعاني أزمات اقتصادية وسياسية، لن تزوّد دمشق بعد الآن بالنفط الرخيص.
العقوبات
ولاتزال سورية خاضعة للعقوبات الدولية، وقد تعرّضت للتو لزلزال مدمر، لذلك من دون دعم من رعاتها الرئيسين، فإن الوضع في البلاد لابد أن يتدهور. وقد تتصاعد التوترات الاجتماعية، وعلى الرغم من أن الاستقرار الداخلي في سورية ليس القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة لروسيا، فإنها بالتأكيد مشكلة إضافية تدعو إلى القلق.
وأخيراً، يقول سماجين: “إنه من المستحيل التوصل إلى حل شامل للأزمة السورية دون مشاركة الولايات المتحدة، التي لاتزال لديها قوات منتشرة هناك. وهذه القوات متحالفة رسمياً مع الوحدات العسكرية الكردية التي تسعى كل من أنقرة ودمشق إلى تدميرها. وفي هذا السياق، من غير المرجح أن تتخذ واشنطن أي خطوات قد تعزّز العلاقات بين روسيا وإيران وتركيا “.
رصيد روسي
على الرغم من كل الصعوبات، تعتبر سورية بالنسبة لروسيا رصيداً قيماً يمكن استخدامه في المفاوضات مع تركيا وإيران وإسرائيل. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون موضوعاً للحوار المحتمل مع الولايات المتحدة، وهو أمر مهم بشكل خاص نظراً إلى ندرة موضوعات النقاش المفتوحة أمام البلدين في هذا الوقت.
وكان على روسيا أن تأخذ الوجود الإيراني في سورية في الحسبان، لكن أهميته الاقتصادية بالنسبة لموسكو كانت ضئيلة. لكن الحرب في أوكرانيا وما تلاها من عقوبات غربية جعلت من إيران طرفاً فاعلاً رئيساً في التحايل على العقوبات. إضافة إلى ذلك، تُعدّ طهران بشكل أساسي طرفاً في الصراع في أوكرانيا الآن، بسبب شحنات طائرات “الكاميكازي “ المسيّرة إلى روسيا. باختصار، إيران أكثر أهمية بكثير بالنسبة لروسيا الآن مما كانت عليه من قبل، ما يجعل من الصعب على موسكو الضغط عليها.
وبناءً على ذلك، ليس لدى روسيا أي خطط لمغادرة سورية. وهي ترى في وجودها هناك إنجازاً مهماً وورقة مساومة في حوار محتمل مع مجموعة متنوّعة من الشركاء، من القوى الإقليمية في الشرق الأوسط إلى الدول الغربية. وفي الوقت نفسه، تبدي موسكو عزوفاً متزايداً عن التدخل في الشؤون الداخلية السورية، سواء عسكرياً أو مالياً. وبدلاً من ذلك، تركز على إقناع الأطراف بعدم تصعيد الوضع. وبعد كل شيء، تحرص روسيا على تقليل أي إلهاء عن أوكرانيا، التي تُعدّ أولوية السياسة الخارجية التي تستهلك كل مواردها تقريباً.
استنزفت الحرب في أوكرانيا موارد روسيا بسرعة، ما جعلها تسعى إلى الحصول على احتياطات إضافية، وسورية هي واحدة من أكثر المصادر وضوحاً للأفراد العسكريين ذوي الخبرة القتالية الحقيقية. وبعد فترة وجيزة من بدء الحرب، تمت إعادة نشر سرب من الطائرات المقاتلة “سو-25 “ في روسيا. وفي أغسطس، تردد أنه تم شحن نظام صواريخ بعيدة المدى من طراز “إس-300 “ إلى شبه جزيرة القرم من ميناء طرطوس السوري.