الرئيسة \  دراسات  \  القانون الدولي للمياه وحقوق المياه الفلسطينية ـ1ـ

القانون الدولي للمياه وحقوق المياه الفلسطينية ـ1ـ

03.06.2015
هدى جمال محمد الردايدة



" دراسة الحوض الجوفي الغربي في فلسطين في ضوء القانون الدولي"
إعداد : هدى جمال محمد الردايدة

المقدمة

     يحتل الماء قيمة بيئية عالية إذ يشكل العنصر الأساسي للحياة في وجودها واستمرارها وأصل كل الكائنات الحية لقوله تعالى"وجعلنا من الماء كل شيء حي".. سورة الأنبياء ،آية رقم 30 .وبقدر أهمية وجود المياه في حياة الإنسان فانه يحرص عليها بحمايتها من التلوث وسوء الاستخدام ، وهذا يتطلب أن تبذل الدول عبر تشريعاتها الوطنية الجهد للمحافظة على عنصر المياه إلى جانب تعاون الدول كافة في المحافظة على المجاري المائية المشتركة بينها.
 
   لقد أصبحت مسألة المياه المسألة الأساسية لقضايا المجتمع الدولي في الوقت الراهن وقد نظم القانون الدولي المبادئ القانونية الدولية لاستخدام المجاري المائية الدولية ، إذ إن هذه المسألة تعد من أكثر المنازعات المطروحة على الساحة الدولية. وقد عني قديما بالمجاري المائية السطحية لكل من الأنهار والبحار دون الخوض في المياه الجوفية العابرة للحدود، والإشكالية التي ظهرت للجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة تتعلق بمدى تطبيق القواعد التي نص عليها الخاصة بالمجاري المائية الدولية بشكل عام على المياه الجوفية الدولية.
 
    لقد جاءت دراسة المجاري المائية المشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفقا للقانون الدولي واتخذت الباحثة الحوض الغربي عينةً لتطبيق المبادئ القانونية الدولية في استخدام المياه المشتركة في وضع لا يحسد عليه الفلسطينيون مليء بالتعقيدات والصعوبات من كافة النواحي الإدارية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية في ظل انتفاضة الأقصى وبناء جدار الضم والتوسع العنصري الذي أثر على الحياة الفلسطينية سلباً بشكل عام.
    كون قضية حقوق المياه الفلسطينية مسألة شائكة وهي من المسائل العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وجدت الباحثة بأنه لا بد من دراسة الوضع القانوني للمجاري المائية المشتركة بينهما؛ وذلك لأن سيطرة إسرائيل على الموارد المائية أدى إلى تناقص كميات المياه من سنة إلى أخرى إضافة إلى تحويل العنصر الطبيعي للحياة إلى عنصر استراتيجي يخدم مصالحها وأهدافها الاستيطانية دون الاهتمام بالحقوق المائية للطرف الآخر الشريك معها في هذه الموارد.
     من هذا المنطلق حرصت الباحثة في هذه الدراسة على الإلمام بالوضع القانوني للمياه الفلسطينية وعلى تحديد المبادئ القانونية الدولية الخاصة بالمجاري المائية الدولية عسى أن يسهم هذا العمل في الوصول إلى حلول عادلة لحل مسالة المياه العالقة بين الطرفين أو إيجاد البديل عن تلك المبادئ بتوافق الطرفين تفضي في النهاية الى حل الخلاف الناشئ بينهما.
 
أهمية الدراسة وأهدافها
جاءت هذه الدراسة نتيجة لعدة عوامل وتحقيقا لجملة أهداف من أهمها :
  • غياب الدراسات القانونية المتعلقة بالوضع القانوني للمياه الفلسطينية وأهمية الحوض الجوفي الغربي لكافة سكان الاراضي المحتلة.
  • سيطرة إسرائيل بالكامل على أهم منابع المياه وعلى أفضل الأحواض الجوفية الفلسطينية .
  • المخاطر التي تواجه موارد المياه الفلسطينية وخاصة مشكلة تلوثها ، وانخفاض منسوب المياه للمصادر المائية الفلسطينية.
  • ارتباط قضية المياه بالقضايا الأساسية الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتي أجلت إلى مفاوضات الوضع النهائي لإيجاد الحلول لها وتلك القضايا هي القدس،اللاجئون والمستوطنات؛ إذ تعد قضية حقوق المياه إحدى أهم قضايا مفاوضات الوضع النهائي التي يسعى الجانب الفلسطيني إلى تطبيق رؤية الشرعية الدولية عليها لحل هذه المسألة.
  • ضرورة شرح المبادئ القانونية الدولية وتوضيحها لاستخدام المياه المشتركة التي أكدت عليها اتفاقية الأمم المتحدة لاستخدام المجاري المائية المشتركة في الأغراض غير الملاحية  وغيرها من الاتفاقيات الدولية والثنائية.
  • الخروقات القانونية التي قامت بها إسرائيل بخصوص المياه الفلسطينية وخاصة في الحوض الغربي، طبقا للقانون الدولي .
 
    لكل ما تقدم يعدّ بحث هذا الموضوع على درجة كبيرة من الأهمية ، وخاصة على طاولة المفاوضات الثنائية وبناءً عليه يقع العبء على المفاوض والمختص القانوني بأن يكون ملماً بجميع مصادر المياه الفلسطينية ومدركاً للأسس والضوابط والاتجاهات القانونية لاستخدام المجاري المائية الدولية ومدركاً لكل مبدأ من مبادئ استخدام المياه المشتركة " مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول , مبدأ عدم إحداث الضرر , مبدأ التعاون الدولي , ومدى سريان هذه المبادئ على المجاري المائية المشتركة وخاصة الجوفية منها.
 

 أهداف الدراسة

 
  1. معرفة المبادئ والقواعد القانونية لاستخدام المياه الفلسطينية وخاصة المشتركة منها وفقا للقانون الدولي.
  2. التعريف بالحقوق المائية الفلسطينية والإلمام بالطبيعة القانونية لها.
  3. الوصول إلى رؤية قانونية تسهم في اقتراح حل عادل لمشكلة تحصيص المياه على أساس التبادلية وليس مجرد حل وسط بين الطرفين .
  4. الوعي بحقيقة السياسة المائية المراوغة التي تمارسها إسرائيل .
  5. عرض للصعوبات والمعوقات التي ترتبت على السياسة المائية الإسرائيلية المراوغة التي تنفذها من أجل السيطرة على مصادر المياه الفلسطينية بشكل عام والحوض الغربي بشكل خاص .
  6. التعريف بحقيقة الفجوة بين الاستخراج والاستهلاك للمياه لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
  7. تقديم التوصيات التي يمكن أن تعالج الآثار الناجمة عن استغلال إسرائيل للمياه الفلسطينية وخاصة الحوض الجوفي الغربي.
  8. دراسة نقاط الخلاف التي ما زالت قائمة بين كل من الفلسطينيين والإسرائيليين والمتعلقة بحقوق المياه والإدارة المشتركة إذ إن لكل منهما خاصية من الناحية الهيدرولوجية والقانونية.
 

إشكالية الدراسة وتساؤلاتها

يمثل عدم تحديد الحقوق المائية الفلسطينية إشكالية هذه الدراسة الرئيسة ، إذ إن المشكلة تتعلق بمدى تطبيق قواعد القانون الدولي للمياه على الموارد المائية في فلسطين وعلى المياه المشتركة بين فلسطين وإسرائيل وكيفية الوصول إلى الإدارة المشتركة للمياه من كلا الجانبين والخروقات التي قامت بها إسرائيل للسيطرة على مصادر المياه الفلسطينية عن طريق انتهاك القواعد القانونية التي وردت في كل من معاهدات جنيف الرابعة لسنة 1949 والملحقين (The tow protocols) الصادرين سنة 1977 "وهما لحقان اضافيان لمعاهدات جنيف الاربع الصدرة سنة 1949 الاول تعلق بحماية ضحايا النزعات المسلحة الدولية والثاني تعلق بحماية ضحايا النزعات غير الدولية وهما عامان وغير محصوران بحماية الممتلكات العامة وقت الحرب".
    والمشكلة تتعلق أيضا بالأساس القانوني الذي يمكن الاستناد عليه في استخدام المياه المشتركة واستغلالها وخاصة الحوض الجوفي الغربي " إذ تتوافر رؤية لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين تختلف عن الأخرى في السند القانوني لاستخدام مياه الحوض "
وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى طرح العديد من الأسئلة والفرضيات من أهمها :

 

  • كيف يمكن أن تنطبق المبادئ والأسس الناظمة للمياه الدولية على الوضع الفلسطيني الإسرائيلي؟ 
  • العلاقة بين المياه السطحية والمياه الجوفية في نزاع حقوق المياه الفلسطيني الإسرائيلي .
  • إن الحدود بين إسرائيل وكل من الضفة الغربية والقطاع ستعود إلى ما كانت عليه عشية حرب "1967 " وان كان هنالك بعض التعديلات نتيجة لاتفاق سياسي من الممكن التوصل إليه نتيجة لتبادل الأراضي وإخلاء المستوطنات .
  • هل من الممكن تعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب السياسة المائية الإسرائيلية ؟
  • كيف يمكن الوصول إلى إدارة مشتركة لموارد المياه الفلسطينية المشتركة بطريقة مثلى واقتسامها بعدالة وحمايتها من التلوث ؟
 
منهج الدراسة
     انتهجت الباحثة في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي لبحث الوضع القانوني للمياه المشتركة والمياه الفلسطينية مستعينة بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بموضوع الدراسة، وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لاستخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية سنة 1997 والتي لم يسري مفعولها حتى اللحظة وقواعد هلسنكي الصادرة عام1966 وقواعد سيئول الصادرة عام 1986 وغيرها من الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالموضوع، وقد آلت الباحثة عدم التوسع في هذه الدراسة ليصار الى التركيز على الوضع القانوني للمياه الفلسطينية ومدى تطبيق المبادئ القانونية الدولية للمياه على المصادر المائية الفلسطينية.
 

نطاق الدراسة

     تناولت هذه الدراسة بشكل عام تطور القانون الدولي للمياه والأسس القانونية الناظمة للمجاري المائية الدولية واتجاهاتها ومدى تطبيق المبادئ القانونية الدولية لاستخدام المياه على الموارد المائية الفلسطينية، وخاصة الجوفية منها مع التركيز على الحوض الغربي (خزان الجبل) في فلسطين وقد اتخذت الباحثة الحوض عينة لمحدودية الدراسة إذ تتوافر فيه كافة العناصر التي تجعل منه حوضاً جوفياً عابراً للحدود، وما سينطبق عليه من أحكام ومبادئ سوف تطبق على بقية الأحواض الجوفية المشتركة. وسوف تدرس مصادر المياه الفلسطينية والأبعاد القانونية والفنية لوضع الحوض الغربي وإشكالاته المتعلقة برسم الحدود وبناء جدار الفصل العنصري وفقا للقانون الدولي.
 
 
 
صعوبات الدراسة
    من أهم الصعوبات التي واجهت الباحثة في إعداد هذه الدراسة قلّة توافر المراجع القانونية المتخصصة في موضوع المجاري المائية الدولية ومحدودية توافرها في جامعة القدس خاصة، فقد كانت قليلة جدا نظرا لحداثة موضوع الدراسة بالإضافة إلى صعوبة التنقل بين الجامعات الفلسطينية للحصول على مصادر المعلومات الكافية، والالتقاء بالأشخاص المتخصصين في هذا المجال؛ وذلك بسبب الإجراءات التعسفية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وعزل المدن الفلسطينية عن بعضها بعضاً.
 
خطة الدراسة
    قسمت الباحثة هذه الدراسة إلى فصلين رئيسين وفصل تمهيدي تناولت فيه النظام القانوني للمجاري المائية الدولية السطحية والجوفية من حيث نشأته وتطوره وبيّنت فيه علاقة المياه السطحية بالجوفية، أما الفصل الأول فجاء بعنوان (الطبيعة القانونية للمجاري المائية الفلسطينية ومصادرها) وقد تناولت فيه النظام القانوني للمياه الفلسطينية وفقا للقانون الدولي ووضع المياه في ظل الاتفاقيات الثنائية الفلسطينية الإسرائيلية وتناولت فيه أيضا مصادر المياه الفلسطينية والطبيعة الفنية والقانونية للحوض الجوفي الغربي والصعوبات والمخاطر التي تواجه المياه الفلسطينية.
أما الفصل الثاني فجاء بعنوان ( المبادئ القانونية الدولية ومدى تطبيقها على مياه الحوض الجوفي الغربي في فلسطين) وفيه عرضت لكل من مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول لمياه الجوفية ومبدأ عدم إحداث الضرر ومبدأ التعاون الدولي في إدارة المياه المشتركة.
أما الخاتمة فضمنتها أهم النتائج والتوصيات التي خرجت بها من هذه الدراسة وتدعو الباحثة إلى إعمالها والأخذ بها مستقبلاً .
 
يتبع الفصل التمهيدي