اخر تحديث
الأربعاء-24/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ اللغة سلوك .. واللغة السياسية سلوك سياسي
اللغة سلوك .. واللغة السياسية سلوك سياسي
08.11.2017
عبدالله عيسى السلامة
*) الأفراد العقلاء العاديون ، ينتقون مفردات لغتهم ، بما يناسب مواقفهم ، وعلاقاتهم بالناس ! فيتعاملون مع العدوّ ، بلغة معادية ، ومع الصديق ، بلغة فيها مودّة ولطف ! ومع الإنسان العادي ، بلغة محايدة ، تعكس أخلاق صاحبها وحكمته ، في التعامل مع الغرباء !
*) الأفراد الحمقى ، ليس للغتهم ضوابط أو مقاييس ! فقد يتكلّم أحدهم مع صديقه ، بلغة جارحة مؤذية ، دون سبب واضح ! وقد يتحدّث عن شخص ، يعدّه من أقرب الناس إليه.. في غيابه ، بلغة سيّئة ، تحمل شحنة كبيرة من العداوة.. دون سبب واضح ! كما أنه قد يتحدّث ، عن أعدى أعدائه ، بلغة تحمل مودّة ، أو لطفاً زائداً ، دون سبب واضح ! مع أن عدوّه يسنّ الخنجر لذبحه ، أو هو مستمرّ، فعلاً، في ذبح أهله وأقاربه وأصدقائه! وقد تسأله ، عن سبب إيذائه لصديقه ، في غيابه ، بكلام جارح.. فلايجد ، لديه ، جواباً واضحاً! كما قد تسأله ، عن سبب ذِكره لعدوّه ، بلغة لطيفة ، تحمل مودّة، فيجيبك ، بابتسامة بليدة : بأنه لا يريد فتح جبهة عداوة معه ! ناسياً أن الجبهة مفتوحة على مصاريعها ، وأن العدوّ يعدّ العدّة ، للقضاء عليه .. مادياً ، أو معنوياً !
*) اللغة السياسية سلوك سياسي ، لا تـُقبل فيه حماقات الأفراد ! لأن المتكلّم لايعبّر عن شخصه ، وأخلاقه الفردية .. بل عن سياسة ، يشترك فيها مع آخرين ! وحتّى لو تكلّم باسمه الشخصي ، فإن سلوكه اللغوي ، يعَدّ نافذه ، يَنظر من خلالها الآخرون ، إلى مافي داخل البيت السياسي ، من قيم وأخلاق، وتوجّهات، وطموحات، وسياسات ، ونيّات مبيّتة ! لأن المتكلّم هو لبنة ، في بنيان سياسي ، يضمّ لبنات كثيرة ، يُتوقّع أن تكون متقاربة ، في أفكارها ونيّاتها ، وطموحاتها وسياساتها .. التي تعكسها لغة كل فرد من أفرادها ! وفي حال اختلاف اللغات ، بين الأفراد .. يتوقّع الناس ، أن ثمّة اختلافاً في السياسات ! وفي حال تَعارض اللغات ، يتوقّع العقلاء ، أن ثمّة تعارضاً في السياسات ، لايسوّغه مبدأ (حرّية الرأي !) ؛ لأن حرّية الرأي الفردية ، الشاذّة عن سياسة البنيان السياسي ، الذي ينتمي إليه الفرد ، تفسّر ـ إذا سمعها الناس ، أو قرأوها ـ على أنها انشقاق ، أو توتّر.. داخل البنيان !
*) اللغة داخل البنى التحالفية ، إذا مَسّت أساساً من أسس البنيان التحالفي ، نظِر إليها على أنها تَعارض بين الحلفاء ، أو انشقاق ! حتّى لو سمّاها صاحبها: (حرية رأي!). أمّا اللغة التي تعبّر عن وجهة نظر خاصّة بفريق معيّن ، ولا تَمسّ أسس البنيان التحالفي.. فتظلّ في الحدود التي وضَعها لها صاحبها ، دون أن تعكس خلافاً تحالفياً !
*) اللغة السياسية ، التي تظهِر المودّة ، لعدوّ ظاهر العداوة .. تفسّر على أنها سلوك جديد ، طرأ على تفكير الفريق السياسي ، ودفعَه إلى إعادة النظر، في موقفه من عدوّه ! فإذا كان الفريق ضمن تحالف ما ، أثارت اللغة الجديدة ، ريبةَ الأطراف الأخرى ، في التحالف ! وصار من حقّها ، الاسيضاح ، عن سبب الخطاب الجديد ، الذي يفترَض ـ بحكم منطق السياسة ، المستقرّ بين العقلاء ـ أنه يحمل موقفاً جديداً، وأنه ليس مجرّد ألفاظ عابرة ، عنّت لهذا الفرد ، أو ذاك ، من أفراد الفريق السياسي ، ليتظرّف بها ، أو يظهِر نفسَه بمظهر المهذّب اللطيف ، الذي يكنّ الودّ لخصمه الشرس ، الذي يذبحه ! فالشاعر يقول :
إنّ الكلام من الفؤاد ، وإنّما جعِلَ اللسان على الفؤاد دليلا
أمّا العدوّ ، نفسه ، فيصعب عليه تفسير هذا اللطف ، تجاهه ، إلاّ أنه نوع من التذاكي الفجّ ، والمكر الساذج .. أو أنه نوع من الغباء الشديد ! وهو لطف يَسرّه ، في كل الأحوال ! لأنه يوظّفه توظيفات مختلفة ، في مصالحه المختلفة ! وأهمّ هذه التوظيفات ، هو المتاجرة به ، أمام الناس عامّة ، وأمام الجماهير المؤيّدة لصاحب اللغة اللطيفة خاصّة، أن: انظروا .. هذه هي شهادة ساستِكم بي ! ( ولابدّ من التأكيد ، في كل الأحوال ، على أن الشتم والسبّ والتجريح .. ليست من اللغة السياسية في شيء ، وإن وضعَها صاحبها في سياق سياسي ! فهي لاتخرج عن كونها نوعاً من السفَه السياسي ، أو .. بمعنى أدقّ : هي نوع من السفَه الشخصي المفسِد للسياسة ! ولابدّ من التذكير، هنا ، بأن شتائم الرئيس السوري بشار الأسد ، للحكّام العرب ، بأنهم أنصاف رجال ، وأشباه رجال .. قد دخلت تاريخ السفَه الشخصي المدمّر للسياسة ، من أوسع الأبواب .. كما دخلت ، قبلها ، شتائم وزير الدفاع السوري المزمن ، مصطفى طلاس ، للرئيس الفلسطيني الراحل ، ياسر عرفات ! إلاّ أنّ هذه الشتائم ، وأمثالها ، مختلفة بشكل عامّ ، عن وصف العدوّ ، أو الخصم اللدود .. بما فيه من أوصاف حقيقية ، كالظلم ، والإجرام ، والنزعة العدوانية ، والغدر، والرشوة ، واللصوصية .. وغيرها ، من أوصاف يجب أن يعرفها الناس ، عن حقيقة هذا العدوّ ، أو الخصم الشرس المتجبّر .. الذي يمثله حكم بشار الأسد ، بامتياز، ضدّ شعبه خاصّة ، وضدّ الأمّة التي يزعم الانتماء إليها .. عامّة ! مع وجوب الحكمة والكياسة ، في إيراد هذه الأوصاف ، ومراعاة الحاجة الدافعة إلى استعمالها، والدقّة في إيرادها ، ضمن سياقاتها وظروفها !) .
*) العدوّ المختلَف حول عداوته ، داخل البنيان السياسي الواحد .. يستفيد كثيراً ، من اختلاف اللغة حوله ، بين أعضاء هذا الفريق .. ويوظّفها لمحصلحته ، سياسياً ، واجتماعياً ، وثقافياً ؛ إذا كان للعداوة طابع ثقافي ! وقد ورد في القرأن الكريم ، قول الله ، عزّ وجلّ : (فما لَكم في المنافقين فئتينِ والله أركسَهم بما كسَبوا ..) !
*) شتم حكومات بعض الدول الكبرى، لبعض عملائها، من حكّام الدول الصغرى.. وحضّ هؤلاء الحكّام العملاء ، على شتمها .. لمنح هؤلاء العملاء ، شهاداتِ حسن سلوك مجّانية ، يَخدعون بها شعوبهم ، حين يَظهرون بمظهرالزعماء الكبار، أصحاب السيادة والموقف الصلب ، ورفض العمالة للاجنبي .. هذا ، كله لا يغيّر شيئاً ، من صحّة المبدأ! بل صحّة المبدأ ـ أساساً ـ هي التي تجعل المغفّلين ، يصدّقون لعبة الدول الكبرى، مع عملائها الحكّام الصغار، ومنحَهم شهادات البطولة الزائفة ، وشهادات حسن السلوك المجانية ، عبر الشتم المتبادل ، بين التابع والمتبوع ، أو بين السيّد والعبد! وربما كان هذا الخداع ، من أهمّ العمليات التي يحتاجها صنع الزعماء ، في الدول البائسة ، في العصر الحديث !