الرئيسة \  تقارير  \  المعتقلات تحصد أرواح مزيد من السوريين

المعتقلات تحصد أرواح مزيد من السوريين

24.11.2024
ليث أبي نادر



المعتقلات تحصد أرواح مزيد من السوريين
ليث أبي نادر
العربي الجديد
السبت 23/11/2024
تورد شهادات لناجين من معتقلات النظام السوري، وآخرين اعتقلتهم أطراف النزاع الأخرى، أشكالاً متعددة من الانتهاكات التي انتهت بمقتل كثيرين، وإصابة آخرين بأمراض بعضها دائمة، وتؤكد الشهادات أن السلطات الأمنية والجهات المسؤولة عن المعتقلات تمارس أنماطاً قاسية من التعذيب، من بينها العنف الجنسي على المعتقلين والمعتقلات والأطفال.
وتؤكد منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات السورية ما زالت تعتقل المطلوبين بشكل تعسفي، وتزجهم في معتقلات مشهورة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان وممارسة التعذيب. وتقول المديرة المساعدة لبرنامج العدالة الدولية في المنظمة، بلقيس جراح، إن النظام السوري لم يمتثل لأوامر محكمة العدل الدولية الصادرة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، باتخاذ جميع التدابير لمنع أعمال التعذيب في السجون السورية، والتي صدرت على أثر دعوى رفعتها هولندا وكندا ضد انتهاكه "اتفاقية مناهضة التعذيب"، مشيرة إلى أن السوريين لا يزالون معرضين لخطر الإخفاء القسري والموت تحت التعذيب وظروف الاحتجاز القاسية.
بدورها، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير بمناسبة يوم الطفل العالمي (20 نوفمبر/تشرين الثاني)، ضلوع أطراف النزاع السوري بمقتل 225 طفلا من جراء التعذيب في سجونها خلال عام 2024، من بينهم 216 على يد قوات النظام، وثلاثة أطفال على يد قوات سورية الديمقراطية (قسد)، وطفلان على يد "هيئة تحرير الشام"، وطفل على يد تنظيم "داعش"، وطفل على يد فصائل المعارضة المسلحة الأخرى، فيما قتل طفلان تحت التعذيب على يد جهات أخرى غير محددة.
ووثقت الشَّبكة الحقوقية اعتقال واختفاء ما لا يقل عن 5298 طفلاً بشكل قسري على يد جميع الأطراف خلال الفترة ذاتها، مشيرة إلى أن النظام مسؤول عن 3702 حالة، وقوات "قسد" عن 850، و371 على يد فصائل المعارضة المسلحة، أما تنظيم داعش فمسؤول عن 390 حالة، و47 على يد هيئة تحرير الشام.
وفي تقرير سابق لها، كشفت الشبكة عن اعتقال وإخفاء ما يزيد عن 157634 شخصا، من بينهم 5298 طفلا و10221 امرأة، 86.7% منهم على يد النظام السوري، فيما تسببت الأطراف بمقتل 15393 معتقلا تحت التعذيب، 98.1% منهم قتلوا في سجون النظام.
كان حسين (49 سنة) معتقلاً في فرع فلسطين المشهور باسم فرع الخطيب في دمشق، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه اعتقل بسبب نشاطه السياسي بعد انطلاق الاحتجاجات السورية في عام 2011، وإنه تعرض للتعذيب، وتم ضربه على أعضائه التناسلية، عدا عن الإهانات اللفظية التي كان يتعرض لها.
أما المعتقل السابق في سجون النظام رياض، وهو خمسيني من حمص، فتعرض في الأيام الأولى من اعتقاله للتعذيب بواسطة الضغط النفسي، ثم للتعذيب الجسدي بالشبح والكهرباء، وبعد أن عجز الجلادون عن انتزاع أي اعترافات منه لجأوا إلى استخدام التعذيب الجنسي، ولم يكتفوا بتعريته وضربه على الأعضاء التناسلية، وإنما قاموا بتعرية إحدى بناته القاصرات أمام ناظريه لانتزاع اعترافات منه، ثم قاموا باغتصابها أمام ناظريه، ليتعرض إثر ذلك إلى جلطة أثرت في قدرته على النطق.
تقول ناشطة حقوقية من العاصمة دمشق، طلبت عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، إن "حكايات كثيرة يسمعها كل باحث عن قصص الانتهاكات في السجون لدى قوى النزاع في سورية، لكن أخطرها وأشدها إيلاماً ما يحدث في معتقلات النظام ومعتقلات تنظيم داعش، ومنها ما كان يحدث في (السجن الأحمر) بصيدنايا، وفي سجون الرقة أثناء سيطرة داعش عليها، حيث لا يعرف جلادو هذه السجون سوى لغة القتل والتعنيف وانتهاك الأعراض. هذه الانتهاكات لا تزال مستمرة، ولا يلقي مرتكبوها بالاً لقوانين ومعاهدات حقوق الإنسان، كما أن تلك الانتهاكات ممنهجة وليست فردية كما يحاول بعض من أنصار النظام الترويج".
وأشارت الناشطة السورية إلى أن "مقاطع مصورة عديدة سربت توثق أشكال الانتهاكات على يد القوى المتصارعة منذ بدء الثورة السورية في عام 2011. هذه الانتهاكات ستستمر ما لم يتم تطبيق حلول دولية حقيقية تردع تلك الجهات التي تمارس الانتهاكات، وتضع لها حداً بعيداً عن التنظير والإجراءات بعيدة المدى التي لا تنفع مع هكذا سلطات تضرب بالقوانين والقرارات الأممية عرض الحائط".