الرئيسة \  تقارير  \  فانس نائب "الرئيس" ترمب ... ما مواقفه من قضايا الشرق الأوسط؟

فانس نائب "الرئيس" ترمب ... ما مواقفه من قضايا الشرق الأوسط؟

17.07.2024
عقيل عباس



فانس نائب "الرئيس" ترمب ... ما مواقفه من قضايا الشرق الأوسط؟
عقيل عباس
المجلة
الثلاثاء 16/7/2024
لم يكن اختيار السيناتور الجمهوري جي دي فانس من ولاية أوهايو نائبا رئاسيا مفترضا لدونالد ترمب، المرشح الرسمي للحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أمرا مفاجئا. إذ إن اسمه كان في التداول منذ فترة طويلة نسبيا إلى أن قرر ترمب اختياره بعد نقاشات كثيرة داخل حملته الانتخابية، خصوصا مع ولديه إيرك ودونالد اللذين، حسب مصادر صحافية، طالبا والدهما بقوة باختيار فانس.
ورغم عمره السياسي الحزبي القصير، نحو عامين فقط في مجلس الشيوخ الأميركي كسيناتور جمهوري، فإن لفانس سجلا علنيا من المواقف الجمهورية المحافظة على مدى فترة طويلة قبل دخوله الرسمي في السياسة وتحوله إلى سياسي جمهوري بمواقف شديدة المحافظة في السياستين الداخلية والخارجية.
تتسق هذه المواقف كثيرا مع موقف ترمب سواء بخصوص الضرائب أو الإجهاض أو الاقتصاد أو الإنفاق العسكري، لجهة السياسات الداخلية، أو الحرب الروسية- الأوكرانية و"حلف شمال الأطلسي" (الناتو) وكيفية التعاطي مع دور أميركا في الشرق الأوسط، لجهة السياسات الخارجية من جهة أخرى.
كرئيسه ترمب، يدعو فانس إلى "الحمائية الاقتصادية"، أي فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات الصينية مثلا، و"الانعزالية السياسية"، أي عدم دخول الولايات المتحدة في مشاكل الدول الأخرى ونزاعاتها ما دامت هذه المشاكل والنزاعات لا تؤثر بشكل مباشر وحقيقي على مصالح الأمن القومي. ويطالب بتحويل التركيز الأميركي إلى آسيا، ومواجهة "خطر" الصين المتصاعد اقتصاديا وجيوسياسيا.
بخصوص الشرق الأوسط، كانت أول تجربة لفانس في العراق، حيث خدم في قوات مشاة البحرية الأميركية هناك نحو ستة أشهر عام 2005، بوصفه مراسلا حربيا ضمن مكتب العلاقات العامة في القوات المسلحة. كان هذا بعد تخرجه من الثانوية، وقبل ذهابه إلى الجامعة. يصف تلك الفترة بأنها الفصل التعريفي في حياته، لأنها أعطته حسا بالمسؤولية وهدفا في حياته المقبلة.
للرجل آراءٌ تكاد تكون متطابقة مع آراء ترمب: تخفيف الوجود العسكري الأميركي هناك، ومواجهة إيران، فضلا عن دعم قوي ومفتوح لإسرائيل.
سيعني وصول الثنائي ترمب- فانس للبيت الأبيض دفعا رسميا أميركيا أقوى لسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا ومن العراق
يقف نائب ترمب، بشكل عام ضد إرسال القوات الأميركية إلى الشرق الأوسط وبقائها هناك فترة طويلة. ويحاجج بأن بقاءها المفتوح في بلدان المنطقة (سوريا، العراق، وسابقا في أفغانستان) مكلف ماليا لميزانية الدفاع الأميركية، ويؤجج المشاعر المعادية للولايات المتحدة، مما يخلق المزيد من المشاكل ولا يقود للحلول، فضلا عن عدم تحقيقه الأهداف الأميركية المتوخاة.
بهذا الصدد، يعتقد أن استخدام القوات الأميركية هناك ينبغي أن يكون محددا وقصيرا وواضح الأهداف بدقة ويمكن قياس النجاح من الفشل فيه تقنيا (مثلا إرسال قوات أميركية خاصة لمواجهة "داعش" أو تعقب "القاعدة" عبر استخدام طائرات الدرون المتطورة)، ولا يُربط بمشاريع سياسية طويلة المدى خصوصا مع تعرض هذه القوات لهجمات قوى معادية (كما في مشروع "بناء الديمقراطية" في العراق أو أفغانستان).
على الأكثر، سيعني وصول الثنائي ترمب- فانس للبيت الأبيض دفعاً رسمياً أميركياً أقوى لسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا ومن العراق. وسيخدم الانسحاب من سوريا المصالح التركية هناك ويضعف كثيرا من تأثير "حزب العمال الكردستاني" في سوريا، ويقود إلى تقويض نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"حزب الاتحاد الديمقراطي"، اللذين تتهمهما تركيا بأنهما ذراع سوريا لـ"حزب العمال الكردستاني".
وفي نهاية عام 2019، قرر ترمب عندما كان في البيت الأبيض، سحب القوات الأميركية من سوريا، لكنه ووجه بمعارضة مؤسساتية وسياسية داخلية قوية قادت إلى إيقاف تنفيذه والاكتفاء بتخفيض عدد هذه القوات.
يُعد فانس من الصقور الجمهوريين الداعين إلى مواجهة إيران، لكن دون استخدام القوات الأميركية في عمليات داخل الأراضي الإيرانية. يقف الرجل بقوة ضد العودة للاتفاق النووي مع إيران الذي تحاوله إدارة بايدن، إذ سبق له انتقاد إدارة باراك أوباما على إبرامها هذا الاتفاق في 2015، ودعمَ قرار ترمب في الخروج منه عام 2018، فضلا عن تأييده سياسة الضغوط القصوى التي اتبعها ترمب في ولايته الرئاسية بين 2017 و2021 ضد إيران.
تقوم رؤية فانس بخصوص كيفية التعاطي الأميركي مع إيران كتهديد للمصالح الأميركية على الجمع بين العقوبات الاقتصادية الشديدة والشراكات الإقليمية مع دول المنطقة المتضررة من جهود التمدد الإيراني (دول الخليج عموما)، والجهود الدبلوماسية نحو إيران مع استبعاد العمل العسكري أو التفكير في تغيير النظام. يعتبر الرجل، كما معظم الجمهوريين، أن خطر إيران يكمن في تطويرها أسلحة نووية وصاروخية فضلا عن سلوكها المزعزع في المنطقة، خصوصا عبر جماعات ميليشياوية تشكلها أو تدعمها.
بخصوص الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، يؤيد فانس تقديم أميركا دعما عسكريا قويا لإسرائيل حتى "تنهي العمل ضد حماس" في غزة ، ويعتبر أن هذا شرط أساسي لتحقيق السلام. لا يتصل معنى السلام الذي يقصده فانس بحل الدولتين كسياسة تفرضها أميركا على إسرائيل، على العكس مما تحاوله بهذا الصدد الإدارة الديمقراطية الحالية.
في هذا الصدد، يعتقد فانس، كما ترمب، أن الحوافز السياسية هي السبيل الأفضل لحل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وذلك من خلال مسار سعودي- إسرائيلي قائم على تنفيذ إسرائيل الشروط السعودية لإنجاز تطبيع محتمل بين البلدين: إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. على الأغلب سيُترجم هذا في ظل إدارة جمهورية مقبلة محتملة في البيت الأبيض إلى إحياء مسار "الاتفاقات الإبراهيمية" التي تبنتها إدارة ترمب السابقة كسبيل لتفكيك النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وهو المسار الذي رفضت السعودية الدخول فيه من دون إنشاء دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.
وعكست تصريحاته الأولى بعد تعيينه، هذه المواقف، حيث دعا إلى تنشيط اتفاقات السلام، منتقدا سياسات بايدن التي جعلت العالم "أكثر خطورة".
لا يخلو دعم فانس لإسرائيل من حس ديني يفتح الباب على بعض الازدواجية في السياسة الخارجية. فعند سؤاله ذات مرة عن سبب دعمه المشروط والحذر لأوكرانيا ضد الهجوم الروسي عليها، مقابل دعمه المفتوح والقوي لإسرائيل، أجاب على نحو لا يختلف عن إيمان الكثير من الإنجيليين المسيحيين الأميركيين المؤيدين لترمب: "إن معظم المواطنين في هذا البلد (أميركا) يعتقدون أن منقذهم- وأنا نفسي مسيحي- وُلد ومات وأعيد إحياؤه في تلك القطعة الصغيرة والضيقة من الأرض المطلة على البحر الأبيض المتوسط".