الرئيسة \  مواقف  \  بطاقة عيد : إلى الإخوان المسلمين ومنهم إلى .. نحن مع كل ثائر ومناهض ومعارض لبشار الأسد

بطاقة عيد : إلى الإخوان المسلمين ومنهم إلى .. نحن مع كل ثائر ومناهض ومعارض لبشار الأسد

31.07.2014
زهير سالم




موقفنا
بطاقة عيد : إلى الإخوان المسلمين ومنهم إلى ...
نحن مع كل ثائر ومناهض ومعارض لبشار الأسد
لا للمحاور .. لا للجيوب .. ولا لتفتيت الموقف الوطني

زهير سالم*
( جماعة الإخوان المسلمين ) تاريخ مشرق من الجهد القاصد في الارتقاء بالوعي الإسلامي على طريق التجديد الديني ، والتطور المجتمعي العصري في المواءمة بين الأصالة والمعاصرة ، وفي تأكيد الالتزام الديني في إطار مشروع نهضة الأمة وبناء الوطن ...
و ( جماعة الإخوان المسلمين ) تاريخ مشرق من العمل الوطني الجاد ، والتضحية غير المسبوقة ، من أجل بناء وطن حر عزيز وسيد ولجميع أبنائه على قاعدة السواء الوطني .
إن مراجعة أدبيات الجيل المؤسس من قادة جماعة الإخوان المسلمين يسقط كل الادعاءات أو الاتهامات التي يثيرها البعض اليوم حول انتهازية الخطاب أو الموقف أو وصوليته أو محاولته الانسياق مع لحظة تاريخية ، أو موجة متعالية ..
كما إن مراجعة التاريخ السياسي العملي لهذه الجماعة في استراتيجيتها و سياساتها ومواقفها في تعاطي قياداتها وسلوكاتهم على الصعد القومية والوطنية والفصائلية يؤكد دائما أن هذه الجماعة كانت مع قضايا الأمة الواحدة ، ومع قضايا الوطن الكبرى ،ومع الشرعية ضد الانقلابات ، ومع الديمقراطية ضد الاستبداد ، ومع التوافقيات الوطنية ضد الانعزالية والتفرد ...
قبل أن تعرف الكثير من القوى السياسية المحلية معنى اللقاء على المشترك ، الدائم أو المرحلي ، وفي عصر استعار الشعارات الإيديولوجية على اختلاف ألوانها ؛ كانت جماعة الإخوان المسلمين في سورية بقيادة مؤسسيها تنخرط في لقاءات الحوار الإسلامي المسيحي ،أو تخوض تجارب التقارب السني الشيعي ، أو تشارك في صنع التحالفات والجبهات السياسية ، أو التآلفات السياسية في القوائم الانتخابية التي تضم في ثناياها أطيافا من المكون الوطني ..
وفي كل ما سبق من تاريخ قبل غرق سورية في عالم الظلام ، لم يُعرف عن جماعة الإخوان المسلمين في كل ما أدت أو تحالفت أو تآلفت إلا البر والوفاء والإخلاص في خدمة المشترك الوطني المتفق عليه ..
وفي مرحلة لاحقة وبعد خروج الكثير من قيادات وكوادر وقواعد جماعة الإخوان المسلمين من سورية ، وفي أجواء ثورية عاصفة وملتهبة في ظل موجة حادة من طروحات المفاصلة المجتمعية والسياسية التي سادت فضاء الحركة الإسلامية بشكل عام ؛ في تلك المرحلة المتأججة استطاعت قيادة الجماعة ، وهذا أمر يجب أن يسجل تاريخيا لها ؛ أن تضبط حماسة قواعدها ، وأن تأخذ زمام مبادرة وطنية جادة وقاصدة، وإن على كره من كثير من تلك القواعد؛ فتنخرط في إطار ( التحالف الوطني ...) الذي انخرطت فيه الكثير من قوى المعارضة السياسية أحزابها وشخصياتها في تلك المرحلة .
ولم يسجل على تاريخ الجماعة وسلوك قياداتها على طول تلك المرحلة وتشعبها إلا البر والوفاء والإخلاص . وقد كان من حصاد تلك المرحلة التي طوى الزمان أعلامها والكثير من رجالاتها كسب الكثير من الصداقات الوطنية التي تحولت إلى حالة من الإخاء الوطني لا تنفصم عراها ...
في مرحلة وطنية لاحقة ومنذ أواسط التسعينات استأنفت الجماعة مشروعها الوطني في محاولة جادة لاستعادة مكانتها في الواقع السياسي السوري رغم إرادة الاستبداد والمستبدين الاستئصاليين والإقصائيين .
ولقد وجدت الجماعة ، والحق يجب أن يعترف به لأهله ، أيدي وطنية ممدودة بالخير ضمن توافقيات وطنية ما أسرع ما تحولت إلى اتفاقات . لقد كان إعلان دمشق حصاد جهد وطني مبارك ، بين مجاميع من القوى والشخصيات السورية اجتمعت كلها على حب الوطن وعلى المشروع الوطني بأسسه الواضحة وآفاقه الرحبة .
يجب أن نذكر بالإكبار الجهد الوطني الذي بذل لتوليف هذا التجمع الوطني الجامع في أجواء العمل في ظل الاستبداد و الملاحقات الأمنية والتخويف والترويع . صحيح أن جماعة الإخوان المسلمين كانت أحد الأركان المهمة في إعلان دمشق ، ولكن القوى الأخرى التي شكلت هذا الإعلان لم تكن أقل شأنا ولا جهدا في تأسيسه وفي استمراره .
كنا نقدر ونحن في الخارج صعوبات الموقف الوطني في الداخل وتحدياته ومحاذيره ولاسيما الأمنية منها ، كما كنا نقدر المنافرات ذات الطبيعة الشخصانية والتاريخية لقواه وشخصياته ، وكنا نحاول أن ننأى بأنفسنا عن هذه المنافرات وهذه الصراعات وإن كان بعضها يدور أحيانا على وجودنا ودورنا ..
لم نتخلف لحظة عن دعم هذا الإعلان وعن نصرته . كنا نغض الطرف عن كل رسالة سلبية تصلنا من أحد أطراف الإعلان . ونتمسك بوحدة الهدف الوطني العام . كانت ضغوط المستبد على الإعلان وقواه وشخصياته كبيرة . وكان الاتفاق الذي بيننا : لا تبالوا بكل ما يصدر عنا ولو سمعتم أن الأمانة العامة للإعلان قد أعلنت إخراج جماعة الإخوان المسلمين منه .
 لا نريد أن نتوقف عند قول بعضهم إننا التففنا أو خذلنا إعلان دمشق ، وإنما نريد أن نؤكد أن إعلان دمشق كان ثمرة إيجابية لجهد وطني مخلص وجاد وقد أدى دورا وطنيا مميزا في مرحلة من أشد مراحل العمل الوطني صعوبة وحساسية . ومن الواجب والحق أن يُذكر بالخير كل القوى والشخصيات التي شاركت في تأسيس الإعلان وفي دفع مسيرته في زمن للجدب الوطني . وحري بالقوى والشخصيات التي أسست وشاركت لهذه المرحلة من العمل الوطني أن يجمع بينها آصرة إضافية من أواصر الحميمية الوطنية .
قبل الحديث عن جبهة الخلاص الوطني نحب أن نؤكد على الاستراتيجية الوطنية الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين : توحيد المتعدد ، وجمع المتفرق ، ولم الشعث في إطار الهدف الوطني المرحلي الجامع لمواجهة المستبد الفاسد العدو الأول لحرية السوريين ولمشروعهم الوطني الجامع . ورفض المحاور والتكوينات ذات الطبيعة الجيبية .
ونحب أن نؤكد أيضا في قواعد العمل السياسي أن الخطوة السياسية مهما كانت طبيعتها لا تقوّم في فراغ ، وإنما تقوم في الظرف الذي تم الإقدام عليها فيه ..
والمقدمة الثالثة أن القرارات السياسية مهما تكن طبيعتها هي قرارات ذات طبيعة تقديرية ؛ تتأرجح في تقديرها وتقويمها العقول والأنظار . والخير المحض والشر المحض في الوقائع السياسية قليل . ومن ادعى أنه يملك الحقيقة المطلقة فقد أبعد النجعة .
والمقدمة الرابعة التي تكشف سرا أن الانخراط في جبهة الخلاص لم يكن بعيدا عن إعلان دمشق ، بله أن يكون محاولة للالتفاف عليه كما تفضل به بعض الفضلاء ، ولكن كان الشخصانية للقوى المشكلة للإعلان في الداخل ، ونظرا لأن بعض قوى الإعلان تمسكت بمواقف شخصية تاريخية في تقويم خطوة مثل إعلان جبهة الخلاص فقد تعددت ردود فعل هذه القوى من الجبهة ، وأخذ البعض يوظف الخطوة كوسيلة للنيل من الجماعة ..
سر آخر نكشفه في هذه العجالة الوطنية هي أن مشروع الدمج بين إعلان دمشق وجبهة الخلاص ظل يطبخ على نار هادئة وبدأب وجهد . قبل أن يتم تقويض جبهة الخلاص من قبل الذين قوضوها وليس من قبل جماعة الإخوان المسلمين ..
على الصعيد العام كان إقدام جماعة الإخوان المسلمين على تشكيل جبهة الخلاص الوطني من خلال التحالف مع السيد عبد الحليم خدام والأطراف والشخصيات الأخرى جزءً من رؤيتها الوطنية في ضرورة صناعة المتحد الوطني المعارض للتصدي لمشروع الاستبداد والفساد . حاولنا جهدنا إقصاء المعادلة الشخصانية والإيديولوجية . في التحالفات المرحلية نكون كالمقاتل في الخندق يبحث عمن يرمي معه على خندق العدو ...
على هذا الأساس قامت جبهة الخلاص الوطني . وعلى هذا الأساس ما تزال رؤيتنا الوطنية تتسع لأمثالها بنفس الروح والصدق الوطني . ..
ولم نكن نحن أبدا الذين نقضنا ما أبرمنا في عقدنا في جبهة الخلاص الوطني . كان موقفنا يوم أعلنا تعليق أنشطتنا المعارضة انتصارا لأهلنا في غزة نوعا من الوفاء لالتزامنا الإسلامي والقومي . فلسطين والدم الفلسطيني ليس قضية حزبية والوفاء له نوع من الوفاء لمشروع الأمة الذي يشكل الإطار الأوسع لمشروعنا .
إن أي تحالف سياسي على أي هدف مرحلي لا يشترط أبدا ذوبان أطراف التحالف في موقف واحد . أو توافقهم على كل صغير وكبير خارج إطار تحالفهم .
ولعل هذا الذي فات بقية الأطراف التي كانت تعمل معنا في جبهة الخلاص ، مع حرصنا الشديد على شرحه وإيضاحه . شعرنا أن هناك قوى أخرى ولعل بعضها إقليمي كانت تدفع في الاتجاه الآخر . ولعل البعض حاول أن يراهن على إرضائها ولم يكن هذا يعنينا ..
إن الذي نريد أن نؤكد عليه أن موقفنا من جبهة الخلاص كما كان موقفنا من إعلان دمشق كان هو البر والوفاء . وغير الضجيج والضوضاء الذي يمكن أن يثيره البعض من حقنا أن نسائل الذين يحبون إثارة الغبار عن حدث عملي واحد يثبت علينا غير ذلك ...
لا نريد أن نغادر المقام قبل إلقاء بعض الضوء على قرار تعليق الأنشطة المعارضة انتصارا لأهلنا في غزة ..
القرار الذي أساء البعض فهمه والذي حاول الكثيرون أن يوظفوه في النيل من الجماعة وفي تشويه موقفها . فهل حقا أن جماعة الإخوان المسلمين كانت منخدعة بمقاومة وممانعة هذا المستبد الفاسد ،أم أنها بهذا القرار كشفت زيف هذه المقاومة والممانعة وعرّت هذا المستبد وأقامت الحجة عليه أمام قوى شعبية ورسمية عربية وإقليمية كانت هي المنخدعة به ؟ ! إن قراءة الموقف السياسي بالتبسيط المباشر الذي يدأب عليه البعض هي إساءة للعقل السياسي الفاعل ومصادرة على العمل السياسي الرشيد. أبسط ما في الموقف أنه فتح أعين قيادات عليا فاعلة على الخارطتين الإقليمية والعربية على حقيقة ادعاءات النظام . وقد تسعفنا الأيام للإفصاح عن كم أكبر من الحقائق .
وبقدر ما كشف القرار موضع الحديث ( قرار تعليق الأنشطة المعارضة ) زيف ممانعة بشار الأسد ووضعها على امتحان المصداقية القومية والوطنية فقد أزعج في الوقت نفسه بعض دوائر صنع القرار الإقليمية على نحو غير مسبوق فحاولت الالتفاف على القرار بنوع من المبادرات لولا أنها كانت مطمئنة إلى صلابة موقف حليفها بشار ..
وبالعود أخيرا إلى ظلال هذه الثورة المباركة وما صاحبها من جهد وعمل وطني ، واستنفار قوى وشخصيات وطنية في الداخل والخارج لدعم مشروع الثورة أو الالتحاق به فقد كانت استراتيجية جماعة الإخوان المسلمين منذ الأيام الأولى للثورة بوصفها القوة الوطنية الأكثر عددا والأكثر تنظيما أن تكون رافعة للمشروع الوطني داعمة لمشروع الثورة بكل ما أوتيت من قوة .
وكان قرارها الأول أن تكون على مسافة واحدة من كل القوى والشخصيات الوطنية تقترب وتبتعد عنها بحسب قرب هذه القوى وبعدها من أصل المشروعين الثوري والوطني على السواء .
 وكان من استراتيجية هذه الجماعة التنحي لدور وطني يتقدم بمشروع هذه الثورة في ظلال وضع دولي وإقليمي لا يخفى على أبناء هذه الجماعة تخوفاته وهواجسه واعتراضاته واشتراطاته . هل نفشي سرا إذا قلنا للرأي العام أن انخراط الجماعة بشكل أكبر في تركيبة المعارضة كان بضغوط من قوى وطنية كانت تريد أن توظف هذه الجماعة في مشروعها وتدخلها ورقة في حساباتها ؟ أنذكر بما جرى في مؤتمر أنطاليا ؟ أليس عجيبا أن يظن البعض أن جماعة الإخوان المسلمين بكل حجمها وثقلها وتاريخها يمكن أن تكون ورقة في جيبه يتلاعب بها كيف يشاء ؟
ولقد كان الدور الذي جهدت الجماعة لتقوم به وما زالت أن توظف كل ما تملك من جهد وطاقة لجمع المتفرق ، وتوحيد المتعدد ليس تحت رايتها كما يظن البعض أو يحاول أن يوظف ، بل تحت راية مشروع وطني جامع يتقدم فيه كل من يرغب في التضحية والعطاء ..
وفي ظل ما آل إليه الموقف الوطني اليوم ، وبعد نجاح بعض القوى في ضرب القوى الوطنية بعضها ببعض ، وبعد انتصار مشروع المال السياسي والنفوذ الإقليمي ؛ على تشكيل تركيبة خادمة لمشروعه أكثر من خدمتها لمشروع سورية والسوريين ..
فإن من الحق على جماعة الإخوان المسلمين أن تعيد التأكيد على ثوابتها الوطنية الكبرى ...
في التحامها بالشعب السوري ودعمها لمشروع ثورته الرافضة لمشروع الاستبداد والفساد بكل صانعيه وحامليه والمدافعين عنه والمنخرطين فيه والمطالبة بسورية حرة كريمة في ظل دولة يسودها القانون ويحكمها العدل و تظللها الحرية ويتساوى فيها كل السوريين على أساس مواطنتهم ..
وعلى تمسكها بالمتحد الجامع للعمل الوطني على الأهداف المرحلية المتمثلة في بناء سورية الحرة وتأجيل كل التفاصيل البرامجية إلى يوم يتمكن فيه المواطن السوري من التعبير عن إرادته بلا تخويف ولا ترهيب ولا ضغط ولا إكراه ..
ترفض جماعة الإخوان المسلمين في إطار المتحد الوطني الملتقي على إسقاط مشروع الاستبداد والفساد سياسة المحاور والجيوب والتكتلات وتعتبر كل ذلك ، مهما تكن نية القائمين عليه ، من محاولات الالتفاف على الثورة ، وتبديد جهود الثوار وحري بها أن تنأى بنفسها عن مثل هذه المواطن والمزالق ..
إن المنتظر من جماعة الإخوان المسلمين مع احتفاظها بكل معطيات موقفها الوطني أن تجتنب موطنا يظن فيه البعض موضع طمع . وأن تتوفر بكل قوتها وجهدها لموطن الفزع حيث ينتظر الشعب السوري أبناء الجماعة الذين عرفهم وعرفوه ...
فإلى جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان كونوا حيث كان من قبلكم الأنصار كما وصفهم رسول الله : إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع ...
وقوفا على أقدامنا في خدمة مشروع دعوتنا وأمتنا وشعبنا ..
وأعلنوها صريحة مدوية لكل شهيد وفّى وقضى ومضى على العهد باقون حتى تتحقق أهداف الثورة كما أرادها الشهداء السابقون الأولون ...
بطاقة عيد إلى أبناء جماعة الإخوان المسلمين ومنهم إلى كل أحرار سورية وثوارها ..
3 / شوال / 1435
30 / 7 / 2014
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232827
zuhair@asharqalarabi.org.uk