بعضُ حقِّهِ التّعظيمُ

كـلُّ  مـا قلتَ أو فعلتَ عظيمُ      يـا رسـولاً بـكلُّ روحٍ رحيمُ
شـاءكَ اللهُ مـنذراً وبـشيراً      جـلَّ مـا شاءهُ العليمُ الحكيمُ
كـرَّمَ اللهُ يـومَ جـئتَ البرايا      مـثلَهُ الـدَّهرَ لـم يكنْ تكريمُ
والسمواتُ رحَّبتْ بكَ، والأرضُ      تـشهّت سـنا ثـراها النُّجومُ
كـلُّ  شـيءٍ يسبِّحُ اللهَ أمسى      لـكَ مـنهُ الـصَّلاةُ، والتَّسليمُ
أومـا لاسـمِكَ الـمحبَّبِ ذكرٌ      كـلَّما يُـذكرُ الـعزيزُ الـعليمُ
وبـنطقِ الـشَّهادتينِ يُـرجّي      أنْ  ينالَ الغفرانَ عاصٍ غشومُ
وبـها اخـتاركَ الإلـهِ رسولاً      أنـتَ  في ذكرِه "رؤوفٌ رحيمُ"
قـدرُكَ الـقدرُ عـندَ ربِّكَ فردٌ      وهـو قـدْرٌ على الزَّمانِ يدومُ
ولـدى الحشرِ ما سواكَ شفيعٌ      حينَ يغشى كلَّ الوجوهِ الوجومُ
أنـتَ  مـن أكرمِ الجدودِ تنقّل      تَ، فـأنتَ الـمُطهَّرُ المعصومُ
وتـقلّبتَ فـي الـحياةِ يـتيماً      حـسبُ  كلِّ الأيتامِ أنتَ اليتيمُ
لـمْ تَـحِدْ عن حميدِ خُلْقِكَ آناً      أوَمـا  اللهُ قـالَ عنهُ "عظيمُ"!
لـمْ  يَـضِرْ يُتمَكَ المُقدَّرَ ضُرٌّ      فـبهِ  أنـت راحِـمٌ مـرحومُ
كـنتَ  طفلاً وما عَدَتْكَ خِصالٌ      أنـت  فـيهنَّ وحدَكَ الموسومُ
قُدْوةً شاءَ أن تكونَ على الدَّهرِ      بـنـهجٍ صـراطُهُ مـستقيمُ!
قـبـلكَ اللهُ كـمْ أقـامَ نـبيّاً      لأنــاسٍ  زمـانُهم مـعلومُ!
وانـتهى عهدُهم وجئتَ بشرعٍ      قــدَّر اللهُ أنَّــهُ سـيـدومُ
صـالحاً مُـصلحاً لـكلِّ زمانٍ      فـهوَ  فـي لوحِ ربِّكَ المرقومُ
شـملَ الـخلقَ من فؤادِكَ حبٌّ      يـستوي فـيه ظـاعنٌ ومقيمُ
وتـساوى بـالعدلِ عـندكَ آلٌ      ولـهُ  ارتاحَ واطمأنّ الخُصومُ
حـكمةً  مـنه قد أتيتَ عظيماً      حـقُّهُ… بـعضُ حقِّهِ التّعظيمُ
كـلُّ  شـيءٍ يقولُ أنت رسولٌ      دلَّ عـنه آنَ الـرِّضاعِ فـطيمُ
أومـا  أخصبتْ ديارُ بني سعدٍ      فـأمستْ،  بـالنُّعمياتِ تـعومُ
وجـهكَ السَّمحُ حين هلَّ عليها      حَسِبَ النَّاسُ أن سقتها الغيومُ
كـلُّ  قـفرٍ عـبَرتَهُ فاضَ ظلاًّ      وبـهِ الـخيرُ وافـرٌ وعـميمٌ
كـلُّ عـسرٍ إذا حـللتَ يسيرٌ      كـلُّ وجـهٍ إذا الـتقاكَ وسيمُ
كـنتَ قـبلَ النُّبوَّةِ الفردَ صدقاً      وبـها أنـتَ مـا سواكَ عظيمُ
ولـك المعجزاتُ صارتْ توالى      طـابَ منها لمنْ هُدوا التَّسليمُ
ولـكَ اللهُ قـدْ تـخيّر صـحْباً      مـن بهم شرعُكَ الحنيفُ يقومُ
لن  يرى الدّهرُ مثلَهم منْ هُداةٍ      قالَ  عنهُم عيسى، وقالَ الكليمُ
خُـشّعٌ، ركّـعٌ إذا جُـنَّ لـيلٌ      وتـباهي  بـما أجادوا العلومُ
حـملوا  رايـة الـجهادِ لفتحٍ      أُلـغيَتْ فـيهِ لـلطُغاةِ التُّخومُ
أيـنما  حـلَّ ركبهمْ كانَ نصرٌ      دونَـه  كـلُّ ما ادَّعى التنجيمُ
نـالَ مـنه الأنـامُ كـلَّ نعيمٍ      لـمْ يـكن مِـثْلَهُ قـديماً نعيمُ

***

يـا  رسولاً للحقِّ أرسى نظاماً      بـك  تنجابُ ما ذُكِرْتَ الهمومُ
جِـئتَ بالحُبِّ والتسامحِ والعد      لِ بـشيراً فـما اشتكى مظلومُ
كـلُّ  مـا كانَ حكمةً لك يُنمى      وبـهِ أنـتَ لـلزمانِ الـحكيمُ

***

يـا رسـول الأنام ماذا تراني      قـائلاً  فـيك والـكلامُ سقيمُ!
لـمْ يَـعُدْ يـبعثُ الجهادَ نذيرٌ      رغـمَ أنَّ الـرّدى علينا تحومُ
ها  همُ النّاس بعد هديكَ ضلّوا      وغـدا  الحقَّ ما يشاءُ الظَّلومُ
وبـكَ  الـيوم قد رجوتُ إلهي      عـلَّها تنقضي الليالي الحسومُ
ما سوى شرعكَ الحنيفِ يُرجَّى      لـزمانٍ قـد حـارَ فيه الحليمُ
شـهدَ اللهُ، والـمحامِدُ تُـنبي      أنّـما نـهجُكَ الـسبيلُ القويمُ
سـاعةً لو وعاهُ من ضلَّ عنهُ      مـا تـشكّى من حاكمٍ محكومُ
وأولـو الحربِ لو هُدوا لتلاقَوْا      كـحميمٍ  قـد غابَ عنهُ حميمُ
وإذا الـخصمُ لـلخصومِ حبيبٌ      وسـوى  الخيرِ ساعةً لا يرومُ
وإذا  الأرضُ بـالسَّلامِ جـنانٌ      لـيسَ فـيها من نعمةٍ محرومُ
هـكذا  اللهُ شاء شرعكَ منجىً      يـا رسـولاً بـكلِّ روحٍ رحيمُ