الرئيسة \  تقارير  \  بوليتيكو: لماذا فشلت بريطانيا في مواجهة أزمة اللاجئين؟

بوليتيكو: لماذا فشلت بريطانيا في مواجهة أزمة اللاجئين؟

05.11.2022
إبراهيم درويش

Untitled 7

بوليتيكو: لماذا فشلت بريطانيا في مواجهة أزمة اللاجئين؟

إبراهيم درويش

القدس العربي

الخميس 3/11/2022

لندن- “القدس العربي”: لماذا لن تحل أزمة المهاجرين في بريطانيا؟ تجيب كريستينا غلاردوا في تقرير بمجلة “بوليتيكو” إن مشكلة في مركز معالجة معاملة طلبات اللاجئين في جنوب إنكلترا، كشفت عن معضلة عميقة الجذور.

وقالت الكاتبة: “لو ظنّت بريطانيا أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيخفف من قلقها بشأن المهاجرين، فقد كانت مخطئة”، وأدت زيادة أعداد الأشخاص الذين يحاولون عبور القنال الإنكليزي باستخدام القوارب الصغيرة، إلى حسٍ جديد بالأزمة، على الأقل بين نواب حزب المحافظين، ووضعت الحكومة أمام مشكلة في البحث عن سكن لهم إلى جانب انسداد في نظام اللجوء والترحيل وزيادة في الكلفة على دافعي الضريبة.

والأسوأ من كل هذا، فقد وجد الكثير من القادمين الجدد أنفسهم في مراكز احتجاز غير مناسبة لأسابيع، أشهر بل حتى سنوات، وبدون القدرة على العمل وبمستقبل مجهول.

 وتعتبر وزيرة الداخلية المتشددة سويلا بريفرمان، آخر وزيرة من سلسلة وزراء حاولوا التصدي للمشكلة وفشلوا حتى الآن. وقالت في يوم الإثنين أمام مجلس العموم: “النظام محطم والمهاجرون غير الشرعيين خرجوا عن السيطرة”.

ووافقت وزيرة الداخلية في حكومة الظل العمالية، يويفت كوبر، على ضرورة التحرك السريع، لكنها لامت حكومة المحافظين على انهيار آلية اتخاذ القرارات بشأن حالات اللجوء. وتركز النقاش يوم الإثنين على الازدحام في مركز لجوء محدد يتعامل مع حالات اللجوء في جنوب إنكلترا. وقال وزير الهجرة روبرت جينريك، ليلة الثلاثاء، إن عدد اللاجئين في المركز قد انخفض بشكل جوهري. إلا أن الصورة الأوسع للمشكلة أكثر تعقيدا وقاتمة، فقد زاد عدد القادمين عبر القنال إلى الشاطئ الإنكليزي بدرجة ثابتة، حيث ارتفع من 8400 عام 2020 إلى 28500 في 2021، و40000 هذا العام. ومن المفارقة أن هذه الزيادة هي نتيجة لعمليات ملاحقة المهاجرين الذي دخلوا البلاد تهريبا على ظهور الشاحنات من الحدود الفرنسية. وتقول مادلين سامبشن، مديرة مرصد المهاجرين بجامعة أوكسفورد: “يعتقد الناس أن واحدا من أسباب بروز ظاهرة القوارب الصغيرة هي نجاح سياسة التشديد في ممرات الشاحنات في شمال فرنسا”، مضيفة: “عندما تغلق طريقا، فإنك تزيد الضغط على الناس للبحث عن خيارات أخرى”.

وتعتبر بريطانيا آخر حلقة في السلسلة، فأعداد المهاجرين في زيادة مطردة في كل أوروبا خلال السنوات الماضية، وبمعدلات لم تر منذ أزمة المهاجرين في 2015. مما زاد من الضغوط على جهود معالجة الطلبات في كل أنحاء القارة. وزادت الأعداد من الضغوط على توفر الإسكان، كما في النمسا التي بدأت بإسكان اللاجئين في الخيام.

وفي عام 2019، تعهدت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، بجعل عملية عبور القنال الإنكليزي “ظاهرة نادرة” في ربيع العام التالي. وعندما فشلت، تعهدت بجعل القنال طريقا “غير متاح” من خلال اقتراح مثير للجدل تخلت عنه لاحقا، وهو الطلب من سلطات الحدود دفع القوارب الصغيرة بعيدا عن الشواطئ الإنكليزية. والمدهش هو وجود أكثر من 100 ألف طالب لجوء ينتظرون قرار وزارة الداخلية. ولأنهم ينتظرون بدون أفق، فيجب على الحكومة دعمهم ماليا من أموال دافعي الضرائب، بسبب منعهم عن العمل بناء على القانون البريطاني.

ولأن الحكومة لم تكن قادرة على معالجة الطلبات واتخاذ قرارات فيها أو منع العبور نفسه، فقد ركز وزراء الداخلية المتلاحقون على شيء واحد هو: الترحيل.

وفي نيسان/ أبريل 2022، وقّعت الحكومة على اتفاقية بـ120 مليون جنيه، لترحيل المهاجرين إلى رواندا في شرق إفريقيا. ولكن بعد ستة أشهر، لم تغادر أي طائرة المدرج بسبب التحديات القانونية في المحاكم.

وفي العام الماضي، وقّعت باتل اتفاقية مع حكومة ألبانيا لتسريع عملية ترحيل اللاجئين الألبان الذين يفشلون في الحصول على لجوء، وذلك بعد زيادة أعداد القادمين من هذا البلد في البلقان. ويعمل المسؤولون الألبان والبريطانيون والشرطة للحد من تدفق المهاجرين.

واعترفت الوزيرة بريفرمان أن الخطة حققت نوعا من النجاح لترحيل اللاجئين إلى ألبانيا، ولكنها قالت إن هناك حاجة “للمضي أكثر وأسرع” حتى يكون هناك أثر حقيقي. ففي السنوات التي تبعت تصويت بريطانيا على الخروج من الكتلة الأوروبية عام 2016، أصرت الحكومة على أن اتفاقيات ثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي هي أفضل للحد من تدفق المهاجرين، بدلا من اتفاقيات مع الاتحاد نفسه الذي ينسق سياسات الهجرة بين الدول الأعضاء. وخرجت بريطانيا من معاهدة دبلن عندما أنهت خروجها عام 2020. ولم توقع صفقات مع الاتحاد الأوروبي.

وترفض الدول الأوروبية المطلب البريطاني بإعادة المهاجرين إلى أول مرفأ وصلوه في أوروبا عندما يكون الوضع آمنا. وقبول هذا المنطق، يعني وضع دول القارة على جبهة المواجهة أمام تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين. وستجد دول مثل اليونان وإيطاليا نفسها أمام قبول مزيد من الأعداد إضافة للأعداد الموجودة. وتواصلت بريطانيا مع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا والنمسا وبولندا، وكلها طلبت من لندن التواصل مع بروكسل مباشرة. ورغم وجود إجماع حول الرغبة بتوقيع اتفاقية بريطانية- أوروبية، إلا أن المنظور قاتم؛ لأن لندن تلوم المفوضية الأوروبية بأنها لا تريد نقاش الموضوع معها. وتظل الهجرة الداخلية والخارجية موضوعا مثيرا للانقسام بين دول القارة، واشتكت ليز تراس أثناء حكومتها التي لم تعمر سوى 6 أسابيع، من عدم اهتمام القمم الدولية بالهجرة.

وهناك آمال باتفاقية بين حكومة ريشي سوناك وفرنسا لتحسين طرق حراسة القنال وفرض القوانين. وسيراجع المسؤولون مسودة اتفاقية تضم أهداف الاعتراض للقوارب في القنال، وعددا محدودا من أفراد الدرك الفرنسيين الفرنسية على الشاطئ الشمالي الفرنسي. وستقوم فرنسا بمعالجة طلبات اللجوء على أراضيها مقابل موافقة بريطانيا على طلبات من عبّروا عن رغبة في الهجرة إليها. وعلقت سامبشن من مرصد اللاجئين بالقول: “لو أدت صفقة مع فرنسا لتخفيف عدد الأشخاص الذين يعبرون القنال، وعنت أن هناك أعدادا من الأشخاص يعبرون بطريقة منظمة وآمنة، فربما يكون هذا الأمر جذابت” لبريطانيا. مضيفة: “الناس قلقون حول الطرق وليس الأعداد، أي الطريقة التي يصل بها الناس والمخاطر التي يتكبدونها وصعوبة سيطرة الحكومة عليها”.

وفي أول مكالمة بين سوناك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تباحثا في مشكلة الهجرة وعبور القنال، حسب النص البريطاني، مع أن الموضوع لم يرد في النص الصادر عن الحكومة الفرنسية. ولكن سنوات من تدهور العلاقات مع عدد من رؤساء وزراء بريطانيا في مرحلة ما بعد البريكسيت، والخلافات حول قواعد التجارة في أيرلندا الشمالية، خفضت شهية باريس لأي اتفاقية ثنائية مع لندن. وقال دبلوماسي فرنسي، إن بريطانيا تبنت موقفا بنّاء من المهاجرين في الأوقات الأخيرة، ولكن عليها “فهم” أنها لا تستطيع تقسيم أوروبا بشأن الهجرة. وفي الوقت الحالي، يواصل آلاف من المهاجرين عبور القنال كل أسبوع.