الرئيسة \  مواقف  \  تقارير أممية و دولية على موازين مختلة بين تصرف الفرد أو المجموعة – والرئيس والدولة

تقارير أممية و دولية على موازين مختلة بين تصرف الفرد أو المجموعة – والرئيس والدولة

19.09.2013
زهير سالم




لا تفتأ تطالعنا المنظمات الدولية والأممية الحقوقية السياسية والإنسانية بتقارير عن مجريات الأحداث في سورية تبنيها على موازين مختلة ، وقواعد منحازة تسوّي فيها بين تصرف فرد أو مجموعة في سياق الثورة السورية ، وبين تصرف ممثلي الدولة بدأ من رئيس ( الجمهورية !! ) أو القائمين بأمره .
فبينما لا يمثل المواطن الفرد أو مجموعة المواطنين الأفراد إلا أنفسهم ، فإن أي شرطي أو جندي أو موظف عام في إطار وظيفته هم ممثلون للدولة ولرئيسها ، محسوب فعلهم عليها وعليه ، منسوب تصرفهم إليها وإليه . ولذا درجت الأمم على تعليق صورة رئيس الدولة فوق رأس كل مدير دائرة أو رئيس مخفر أو موظف عام .
إنه حين ترصد هذه المنظمات أو المؤسسات الدولية في تقاريرها مخالفات أو أخطاء أو خطايا قانونية أو حقوقية أو إنسانية على المستوى الأول ، مستوى الفرد أو المجموعة فليس من حقها أن تنسب فعل هؤلاء إلى الثورة أو إلى الثوار لأكثر من سبب قانوني .
أبسطه ما أسهل أن يدس بشار الأسد بعض أتباعه في صفوف الثورة أو أن يلبسهم ثيابهم ثم يدفعهم إلى ارتكاب جرائم ظاهرة ، أو الإدلاء بشهادات زور كاذبة لتشويه وجه الثورة ورجالها وتخويف البشر الأسوياء منها ..
ثم ليس من المستبعد في أي مجتمع مدني أو مجموعة بشرية أن يرصد الإنسان بعض التصرفات الشاذة على مستوى القول أو الفعل ، وأن تصدر هذه التصرفات عن فرد أو عن مجموعة محدودة نتيجة غلو في الاعتقاد ، أو ضعف في النفس ، أو شعور بالقهر ينفجر أحيانا وسط المجتمعات كرد فعل على تجاوز الفريق الثاني في تصرفاته كل حدود الاحتمال ..
الموقف أو التصرف قولا كان أو سلوكا حين يصدر عن فرد أو عن مجموعة أو عن فصيل في سياق ثورة تعيش في مثل الحالة السورية الناتجة أصلا عن رعونة ما يسمى في القانون الدولي ( ممثلي الدولة )أو ( النظام العام ) لا يجوز بأي حال أن تحسب على الثورة أو على الثوار .
وسيكفي الثورة وقياداتها أن تبادر إلى إدانة أي سلوك يصدر عن بعض من يحسب عليها ، والتبري منه ، وتفسيره – وليس تبريره – في سياقه الفردي لوضع هو في أصله مضطرب وشاذ ، والمسئول الأول عن اضطرابه وشذوذه هو ممثل ( النظام العام ) في الداخل وممثلو القانون الدولي الصامتون عن جرائره في الخارج .
للاقتراب من موضوعنا أكثر نقرر أنه لا احد يدعي العصمة لثورة شعبية عامة وعارمة ولكل فرد أو مجموعة في سياقها . نعترف جميعا أن الخطأ وارد ، وأن الخطيئة أيضا متوقعه ، ولكن هذا الخطأ وتلك الخطيئة لا ينبغي أن تحسب إلا على أصحابها . ودائما يبقى من واجب الأصل أن يوضح ويصحح وينكر المنكر ويصحح الخطأ ، ويرفض الخطيئة ، ويبادر إلى الأخذ على أيدي أصحابها حين يكون بإمكانه أن يفعل ذلك . وعلى الطرف الآخر يبقى التصرف الصادر عن أي فرد في سلك ( الدولة ) في إطار مسئوليته ، محسوبا على رئيسها وعلى نظامها العام .
 إن ما ترتكبه عصابات بشار الأسد هو سياسات ممنهجة وليس تصرفات فردية ، وبشار الأسد وحده هو المسئول عن إقرار هذه السياسات ، وهو المسئول عن متابعة تنفيذها ، وهو المسئول عن نتائجها . وهو المسئول عن وقفها أو عن تدارك نتائجها . وحتى التصرفات الفردية في هذا الإطار تحسب على رئيس الدولة ممثل النظام العام .
وبعدُ : فحين تسوي منظمة دولية أممية أو أهلية سياسية أو حقوقية بين فرد في جماعة أو مجموعة في سياق ثورة وبين ( رئيس دولة ) بنظمها وقواعدها وهياكلها ومؤسساتها وأدواتها تكون قد أقامت تقريرها على أساس أولي من الجور والانحراف ...
إن كل ما نقرؤه في التقارير الدولية عن مخالفات أو جرائم إنسانية تقع مما يسمى ( الحكومة ) و ( الثورة ) هي تقارير قائمة على موازين مختلة ، وقواعد منحرفة . إن أي فرد في سياق الثورة لا يمثلها . بينما كل شرطي أو جندي في سلك الخدمة العامة هو بشار الأسد . حقائق أولية نضطر لتوضيحها في عصر تقلب فيه الحقائق وتطيش الموازين ...
لندن : 12 / ذو القعدة 1434
18 / 9 / 2013
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk