الرئيسة \  دراسات  \  ثقافة حديثية ميسرة - 2

ثقافة حديثية ميسرة - 2

02.04.2022
زهير سالم



زهير سالم*
علوم الإسلام:
ذكرنا من قبل حقيقة "أن ما كل ما صح سندا، صح متنا". وكان المقتضى المكمل الذي يجب أن يذكر بعده: وما كل حديث صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجب أو جاز العمل به. فاحفظ هذا ولكن مع فقه.
ولما كانت هذه القاعدة العلمية المتوافق عليها عند أئمة الشأن، مثل اللقمة الكبيرة، والجافة تحتاج إلى تيسير ومضغ وتليين، حتى لا يغص بها من يبتلعها؛ أنصحك أن تعقد عليها، ثم نمهد لها معا في أفقين، الأول في معرفة "المجتهد المطلق" من علماء أهل الإسلام. والثانية في معرفة "المحدث" وإجراء موازنه اعتبارية بين الثاني والأول، لإدراك السر في قولنا "ما كل حديث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجب أو جاز العمل فيه. وأن الأمر ليس رغبة عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل عمل على تحقيق مراد الرسول الكريم"..
ولمعرفة " المجتهد المطلق" وهي طبقة محدودة جدا من رجالات الإسلام وعلمائه، منها الأئمة الأربعة المتبوعون، ومنها عشرات من الأئمة من غيرهم كانوا في خير القرون، ثم يقتضي الأمر أن يكونوا في كل عصر من العصور؛ أقول ولمعرفة هؤلاء يقتضينا الأمر أن نعرف ولو عناوين عن علوم أهل الإسلام.
وأول هذه العلوم فيما نذكر، علم "معرفة الله" سبحانه وتعالى. وحدانيته، وأسمائه وصفاته وأفعاله. وما ورد في كتاب الله من إخباره عن ذاته، وطريقة فهمه وتنزيله، وكل ذلك عرف عند المتقدمين بأسماء: علم الكلام- علم أصول الدين- علم الإلهيات- قاعدته الأساسية قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وفروعه بحر لا يقاربه إلا الواثقون.
ثم علم التفسير، تفسير القرآن الكريم، والإحاطة بمعانيه. وأصل التفسير من الفسر. والفسر استخراج اللب من القشرة. والمعنى من اللفظ. وهو علم علوم ومناهج وطرائق، منها التفسير بالمأثور، ومنها تفسير الأحكام، ومنها التفسير البياني، ومنها التفسير الكلامي,,
ثم علوم القرآن، الكتاب الكريم، وهو علم علوم أيضا يدرس تنزيله، وتنجيمه، وسابقه ولاحقه وناسخه ومنسوخه..
ثم علم الحديث الشريف ، رواية ودراية ويتأسس على علم الرجال الصحابة والتابعين ومن يليهم، ومعرفة تاريخ حياة الرواة، وعلم الجرح والتعديل وقواعده،
ثم علم "الاستنباط" أو علم أصول الفقه وقواعده..
 وهو العلم الذي سبقت إليه أمة الإسلام منذ ألف وأربع مائة، ويسمى في هذا العصر "علم مناهج البحث" ، وتضع لكل علم من العلوم الرئيسة منهجا أو مدخلا للبحث فيه. وتشترطه الجامعات المرموقة أن يدرس في عام مستقل كمدخل شرطي للبحث في كل علم.
ثم علم الفقه وقول الإنسان العالم المستجمع لشروط البحث والعلم عن الله سبحانه وتعالى: هذا حلال وهذا حرام.
ثم علم السير، مما كان عليه حال أهل الإسلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي عهد خلفائه الراشدين، وبقية ملوك الإسلام المرضيين.
ثم علم الفرائض الموسوم بعلم المواريث، الذي استقل البحث فيه عما سواه ..
وينضاف إلى كل ذلك طائفة من العلوم تزيد على العشرة يسمونها علوم الآلة مثل علم النحو والصرف واللغة والبيان والبلاغة والحقيقة والمجاز وعلم أشعار العرب وأيامها وطرائقها وعوائدها ...
أختم ولعلي قد أطلت وقد أوجزت، والتعريف بكل علم من هذه العلوم حدها- ومضمونها- ومبادئها- يحتاج إلى وقفة، أختم لأقول لكم كلمة بعد كل هذا السرد أن "المجتهد المطلق" من مثل الأئمة الأربعة ومن وازاهم أو داناهم يكون كل واحد منهم أولَ في كل هذه العلوم. وهذا "المجتهد المطلق" هو في الرتبة التي وصفها القرآن الكريم (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)
هذه الرتبة العلمية المحيطة بعلوم الإسلام هي التي تمكن صاحبها من أن يعمل كل ما في صدره من علم وما في قلبه من تقوى وخشية ، ليقول في شريعة الإسلام.
نحفظ هذا لنذهب في محطة اخرى إلى الذي يليه.
لندن: 28/ شعبان/ 1443
31/ 3/ 2022
____________
*مدير مركز الشرق العربي