الرئيسة \  دراسات  \  ثقافة حديثية ميسرة – 8

ثقافة حديثية ميسرة – 8

10.04.2022
زهير سالم



زهير سالم*

تنويه
تنويه- ومرة أخرى لا أكتب هذه السلسلة العلمية لأهل الاختصاص. وإنما أكتبها لضخ جرعة من الهواء العلمي والثقافي النقي، في فضاء كثرت فيه مخرجات العوادم الكربونية، في التشويش على علم الحديث، ومكانة السنة النبوية الشريفة، وعلى أئمة الهدى من حملة علم السنة المطهرة.
 ما أكتبه هو ثقافة عامة. بلغة عامة ،تتناسب وثقافة الجمهور العام الذي أنتمي إليه، وأحبه وأتعامل معه وأخاطبه. لا أكتب أبحاثا منهجية "أكاديمية"، فلا ألتزم عمليا بالاستقصاء ولا بالتتبع ولا بالمصطلحات العلمية التي تربك الجمهور، ولا بعزو ما أقتبس.. وقد نوهت بهذا من قبل. وإنما أعتمد المشهور من أقوال العلماء، وإن كان ثمة رأيان لمست الخلاف بينهما لمسا خفيفا. وإن كان لي رأي في أمر، أوردته على طريقتي مشعرا أنه رأيي.
والعزيمة أن أمضي في هذه السلسلة من المقالات إن شاء الله في محاولة تقريب علم الحديث، ليس للمحدثين، وإنما للمتحدثين في آفاق العلم والسياسة وعلى صفحات التواصل العام....
لا أزاحم صاحب منبر، ولا سيد عرندس، وإنما هي سرديات علمية بلغة محكية، وأسأل الله أن يعصمني من الزلل..
وإبحاري في هذا العلم قديم منذ عام 1969، له حكايته، لعلي أحكيها لكم في مناسبة، أخرى، إن اتسع لها الوقت في الشهر الفضيل، حكاية كان في أطرافها أساتذتي في الجامعة الدكتور نور الدين عتر- والدكتور نعيم اليافي- والدكتور فخر الدين قباوة -والدكتور صبري الأشتر- والدكتور بكري الشيخ أمين.. رحمهم الله تعالى وأجزل مثوبتهم، وأمتع بالدكتور فخر الدين قباوة وحفظه وزاده من فضله، وإذا قلت إن تسعة أعشار العلم الحق الذي أصبناه على يديه في جامعة حلب- كلية اللغات، لا أكون قد بالغت، وليس في ميدان النحو ومغني اللبيب، والصرف وممتع ابن عصفور فقط، بل في مادتي الأدب سلامة بن جندل- والأخطل – وشعر الفتوح ، والكتاب القديم، الذي كان مبدعا في اختيار موضوعاته، ثم في حلقات البحث التي كان يتحفنا بها كل أسبوع.
ويسرني في هذا التنويه أن ألتمس من كل صاحب فضل، إن وجد فيما أكتب خطأ أن يصوبه، أو خللا أن يسدده، أو نقصا أن يكمله، أو قصورا أن يكمله، أو اعوجاجا أن يقوّمه.. وحرصي على سلامة ما أكتب وما أخرج أكبر من حرصي على شخصي، وإن كنت لا أرى في تصويب المصوبين وتسديد المسددين معرة ولا انتقاصا، بل أفرح وأغتبط وأشكر، وكل ذلك على قاعدة هذا التنويه من طبيعة ومنهجية ما أقدم...
وأتحفكم بهذه اللطيفة لوضع الفقرة السابقة في سياقها، وأن لا يسقطها أحد إسقاط رافضي، فيقول إن لم تكن واثقا فيما تكتب فلمَ تكتب: في حوار مع أحد الرافضة قال لي: يا أخي تزعمون أن أبا بكر خير الأمة بعد نبيها، وهو يوم وقف على المنبر بعد توليه قال: وليت عليكم ولست بخيركم..!! قلت ومن خيريّته رضي الله عنه قال هذا، واعتقده ...
ولتمام الفائدة حول موضوع الحديث القدسي، وكنت بالأمس ذكرت كتاب الاتحافات السنية للمناوي، كمرجع أنموذجي للأحاديث القدسية، ولي معه حكاية أخرى متممة للموضوع الأول أحكيها لكم. أرسل إليّ أخ كريم فاضل محب، أن لفضيلة الأخ الشيخ محمد أبي الفضل عوامة مجموعا لطيفا، عنوانه "من صحاح الأحاديث القدسية" جمع فيه نحوا من مائة حديث قدسي، صحاح، وتذكروا ما قلنا أن سائر الأحاديث القدسية المروية يصح فيها القول كما يصح في سائر الأحاديث من حيث الصحة والضعف. وهنا نستفيد فائدة إضافية، فإذا كان المناوي الذي جمع فاستقصى قد جمع 272 حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف وربما غيرها، والأخ الشيخ أبو الفضل قد جمع مائة مصححة، علمنا أولا قلة الأحاديث القدسية بالنسبة لسواد الأحاديث النبوية التي يذكر في متونها نحو عشرة آلاف متن. وعلمنا من هذا كذلك أن نسبة الصحيح من الأحاديث القدسية إلى المروي نحو 100/ 272 فتأمل..
 وعندما تقرأ حديثا في كتاب أو تسمعه على لسان متحدث، يقول لك على الهواء: كما ورد في الحديث القدسي، تأمل لتتأكد من درجات الحديث القدسي هو.
وفائدة أخرى. يفيد هذا التنويه إضافة مرجع جديد إلى مكتباتكم أو إلى ذاكرتكم في العودة إلى كتاب فضيلة الشيخ محمد عوامة حفظه الله يغنيكم عن عناء البحث عن الصحة..
وكنت بالأمس قد أثرت إشكالية بقولي "تأمل" بعد أن عرضت الرأيين في القول في الحديث القدسي، "المعنى من الله تبارك وتعالى، واللفظ من الرسول الكريم صلى الله عليه"، وعقبت بقولي تأمل. ثم القول "اللفظ والمعنى من الله" وقلت تأمل، فكان من التنبيهات التي وصلتني شكر الله لمرسلها، أن فضيلة الشيخ أبي الفضل بحث هذا، ورجح الثاني "اللفظ والمعنى" من الله تعالى، ونحن تساءلنا فما الفرق بين هذا والقرآن الكريم؟؟ ، فقد تكفل الشيخ حفظه الله، ببيان الفرق فيما نبهت عليه في الفروق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم، مع القول أن كليهما لفظا ومعنى من عند الله. وهذا كلام نفيس أعدكم بأن أعود به إليكم إن شاء الله...
وأخيرا
نحن جميعا مأمورون بقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ..
لندن: 8/ رمضان/ 1443
9/ 4/ 2022
____________
*مدير مركز الشرق العربي