الرئيسة \  مشاركات  \  ثلاث زهراوات رابعتهن آل عمران

ثلاث زهراوات رابعتهن آل عمران

12.06.2016
الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي


(مقدمة لتفسير سورة آل عمران)
أما إحداهن فسيدة الأيام، الجمعة الزهراء الغراء، وقد روي صحيحا أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ( إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها، ويبعث يوم الجمعة زهراء منيرة، أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها، تضيء لهم يمشون في ضوئها، ألوانهم كالثلج بياضا، وريحهم تسطع كالمسك، يخوضون في جبال الكافور، ينظر إليهم الثقلان ما يطرقون تعجبا حتى يدخلوا الجنة، لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون )، وقال:( أكثروا الصلاة علي في الليلة الزهراء واليوم الأغر، فإن صلاتكم تعرض علي فأدعو لكم وأستغفر )، وقال: ( الليلة الزهراء واليوم الأزهر يوم الجمعة ).
وتشرق علينا معها زهراء استعار منها ضوء الشمس وِشاحا، واستمد منها الظلام صباحا، وتسابق فيها الإشراق والثمَر، وانبعثت منها مصابيح للنور والزهَر، وحجج من الكتاب تترى وتنتثر، ذرية طاهرة زكت أصولا وفروعا، وطابت تابعا ومتبوعا، ورثت النور المبين تلاداً، وكانت أحد الثقلين هدايةً وإرشاداً][1][، إنها زهراء آل بيت النبوة، فاطمة رضي الله عنها، بنت الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وقد قال عنها: ( لم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد )، وقال لها يوما: ( الحمدُ لله الذي جعلك شبيهةً بسيدة بني إسرائيلَ ) أي مريم بنت عمران. وسألتها عائشة رضي الله عنها: رأيتك أكببت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فبكيت، ثم أكببت عليه الثانية فضحكت، فقالت:" أكببت عليه فأخبرني أنه ميت فبكيت، ثم أكببت عليه الثانية فأخبرني أني أول أهله لحوقا به وأني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت "، وسأله علي والعباس رضي الله عنهما قالا:" يا رسول الله جئناك نسألك أي أهلك أحب إليك؟"، قال:(أحب أهلي إلي فاطمة بنت محمد). وقالت عنها عائشة رضي الله عنها: ( ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها )[[2]].
وفي كتاب الله الكريم، وبين آيات الذكر الحكيم تسطع علينا زهراوان نيرتان، كلاهما مقابس للنور المبين، إن خفي الحق كانتا بدره الهادي، وإن أطبق الظلام كانتا شمس آلاء الله الصادعة، إنهما سورة البقرة وشقيقتها سورة آل عمران، وقد قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اقرؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غَمَامَتَانِ أو غَيَايتان][3][ أو كأنهما فِرْقَان][4][ من طير صوافٍّ يحاجَّان عن أصحابهما ). أي نيرتان شديدتا الضوء تظللان أهلهما من فوق رؤوسهم وتجادلان عنهم يوم القيامة وتهديانهم إلى طريق الجنة، وقال أيضا: ( يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به، تقْدمهم سورة البقرة وآل عمران ).
لقد أنزلت أولى هاتين الزهراوين وهي سورة البقرة، لرسم معالم الإيمان والتوحيد ومنهاج بناء الأمة الشاهدة، أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد نيطت بها خلافة الأرض وشهادة الدنيا والآخرة على غيرها من الأمم، بعد أن خانت أمة بني إسرائيل عهدها ونقضت ميثاقها، وأبعدت عن رحمة ربها، فناسب أن تتلوها في الترتيب المصحفي زهراؤها الشقيقة سورة آل عمران، لاسيما وأوجه الارتباط والتكامل بينهما كبيرة، يجمعهما اسم الله الأعظم الوارد فيهما معا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾البقرة 163، وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ آل عمران 1/2، وروى عبد الله بن العلاء قال : سمعت القاسم يحدث عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن، في سورة البقرة، وآل عمران، وطه)، قال القاسم:"فالتمستها إنه الحي القيوم".
كما يؤلف بينهما ما كشفته الأولى من قضية الوجود الأول لآدم عليه السلام من غير أب أو أم، وتعليمه الأسماء كلها، وما أوضحته الثانية من نموذج خلق جديد من أم لم يمسسها بشر، هو عيسى عليه السلام، يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، وما تنـزلت به الأولى من تشريعات أكملتها الثانية وفصلتها وزادت عليها في مجالات الحياة الروحية والمدنية والعسكرية والعلاقات الاجتماعية والإنسانية، وما اشتملتا عليه من صفات أولياء الله المتقين: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ البقرة 3/4، وصفات عباده الصالحين: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ آل عمران 16/17.
 إن بين سورة آل عمرن وسورة البقرة اتحاداً وتلاحماً يجعلانهما سورة واحدة أو كالمكملتين لبعضهما، ذلك أن أول سورة البقرة افتتح بنفي الريب عن الكتاب بقوله تعالى:﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ﴾ البقرة 2، وفي سورة آل عمران وصف عز وجل نزوله بالحق والتصديق لما قبله من الكتب:﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْه ﴾آل عمران 3، ثم بسط فيه القول فقسمه إلى محكم ومتشابه:﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ آل عمران 7، وفي سورة البقرة أمر تعالى بإتمام الحج والعمرة بقوله:﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه ﴾ البقرة 196، وفي آل عمران فرض الحج وأوجبه وكفر من أعرض عنه وأنكر وجوبه فقال: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾آل عمران97، ومن ذلك أنه تعالى بيَّن في سورة البقرة أركان الإيمان والتوحيد بآية الكرسي، ثم أخبر بها في سورة آل عمران وأكدها وأثبت الشهادة بها وأعلم أن ما سواه ليس بإله، وأن إلهية غيره باطلة بقوله عز وجل:﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ آل عمران 18، وكانت بذلك شهادة التوحيد أشرفَ شهادة وأعدلَها وأصدقَها وأعظمَها من أجلِّ شاهد بأجلِّ مشهود به، ومن ذلك أن سورة البقرة افتتحت بذكر عاقبة التقوى وهي الفلاح في قوله تعالى ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ البقرة 5، وأن سورة آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى التي هي طريق الفلاح بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ آل عمران 200. إلى تكامل وتلاحم بين السورتين في التشريع والمقاصد والأهداف وطرائق التربية والتهذيب والإعداد وإعلاء الهمم وإحياء النفوس وتقوية القلوب وتثبيت الأفئدة وترقية المشاعر من أجل إخراج خير أمة للناس، أمة تبليغ الرسالة عن رسولها صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وأداء الشهادة إقامة للحجة على الأمم في الآخرة ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ البقرة 143.
إن هذه السورة التي نحن بصددها - سورة آل عمران - من السور المدنيّة الطويلة، آياتها مائتان، سميت بآل عمران والد مريم، وهم عيسى ومريم وأمها، لاصطفاء الله لهم، ولِمَا نزل فيهم منها بقوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ آل عمران 33، ولِمَا تجلّى في هذه الأسرة الطيبة من مظاهر القدرة الإِلهية بدعاء زكرياء وولادة مريم وعيسى ويحيى عليهم السلام، ولِما يرمز إليه إيمانهم من ثبات على الحق ونصرة للدين وعفة عن كل دنية وصبر على كل أذى في سبيل الله. كما تسمى "الزهراء" لما بها من توضيح للتصور الإيماني السليم الذي بينه تعالى وشهد به الملائكة وأولو العلم، لا سيما حول ما التبس على أهل الكتابين من شأن عيسى عليه السلام، وتسمى "الأمان" لأن من تمسك بما فيها أمن من الشرك والضلال والانحراف العقدي، وتسمى "المجادلة" لنـزول نيف وثمانين آية منها في مجادلة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصارى نجران، وتسمى "الطيبة" و"سورة الاستغفار" لذكرها أصناف الطيبين في قوله تعالى: ﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ آل عمران17.
وقد ذُكِرَ أن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية منها نزل في وفد نجران][5][، إذ قدموا المدينة سنة تسع من الهجرة كما ورد لدى المفسرين وكتاب السير, قال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ستون راكباً، يؤول أمرهم إلى ثلاثة منهم هم: العاقب وهو أميرهم وذو رأيهم, وأبو حارثة بن علقمة وهو أسقفهم وحبرهم وإمامهم، والسيد وهو عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم, وكانوا جميعا على النصرانية مع اختلاف أمرهم في عيسى عليه السلام، يقولون: هو الله, ويقولون: هو ولد الله, ويقولون: هو ثالث ثلاثة, تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً. فلما كلمه الحبران - الأسقف والسيد - قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أسلما ) قالا: قد أسلمنا, قال:( إنكما لم تسلما فأسلما ). قالا: بلى قد أسلمنا قبلك. قال: ( كذبتما يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولداً وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للوفد:(ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه ؟)، قالوا: بلى، قال: (ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يحفظه ويرزقه)، قالوا: بلى، قال: (فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟)، قالوا: لا، قال: ( ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ ) قالوا: بلى، قال: ( فهل يعلم عيسى عن ذلك شيئا إلا ما عُلِّم؟ )، قالوا: لا، قال: ( فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء، وربنا ليس بذي صورة وليس له مثل، وربنا لا يأكل ولا يشرب ) قالوا: بلى، قال: ( ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما يغذى الصبي ثم كان يطعم ويشرب ويحدث؟ )، قالوا: بلى، قال: ( فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ )، قالوا: فمن أبوه يا محمد؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ولم يجبهم, فأنزل الله في ذلك صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها، وفي رواية أخرى نزلت آية المباهلة وهي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ آل عمران59/61. وكان أحبار يهود عند رسول الله، فتنازعوا عنده، قالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديّاً، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانياً، فأنزل الله عز وجل فيهم: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾آل عمران 65/68، فقال رجل من الأحبار: أتريد منا يا محمد أن نعبدَك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ وقال رجل من نصارى نجران: أو ذلك تريد يا محمد وإليه تدعونا؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ( مَعَاذَ الله أَن أَعبدَ غَيرَ الله، أَو آمرَ بعبَادَة غَيره، ما بذلكَ بَعَثَني ولاَ أَمَرَني )، فأنزل الله عز وجل في ذلك: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ آل عمران 79/80.
هذه خلاصة ما ورد في أمر وفد نجران إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن توقيت الزيارة بسنة تسع للهجرة، قد يكون محل نظر وتردد، إذا لاحظنا سياق السورة ومضمونها وخصوصياتها وما دأبت على معالجته من شبهات أعداء الدعوة ومعتقداتهم الضالة وما يبثونه في الصف المسلم الناشئ، كل ذلك يوضح أن نزول السورة لا يتناسب تاريخيا مع السنة التاسعة، بل هو أقرب إلى السنة الثالثة للهجرة بعد غزوة بدر، وعقب غزوة أحد وما أصاب المسلمين فيها وبعدها من محن، وما كانوا معرضين له من مكر أعدائهم ودسائسهم ومكائدهم ومؤامراتهم.
أما في السنة التاسعة للهجرة فقد كان الإسلام قد بلغ مبلغا من القوة والانتشار استأصل به كيد اليهود، وقمع به مكر النصارى، وصفيت به مقاومة المشركين، وأخذ المنافقون يتسابقون إلى إظهار الولاء للمسلمين، بل إنه منذ السنة الثامنة للهجرة بسط الإسلام نفوذه العقدي على الجزيرة العربية غير الخاضعة للنفوذ الفارسي أو الروماني، وخطط الرسول صلى الله عليه وسلم لمخاطبة كافة الشعوب غير العربية بالإسلام بصفته دينا للعالمين، وافتتح هذه النقلة النوعية بخطبته التي قام فيها على المنبر وقال: ( أما بعد فإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك الأعاجم فلا تختلفوا علي كما اختلفت بنو إسرائيل على عيسى بن مريم ).
وفي نفس السنة كتب صلى الله عليه وسلم إلى والي الروم في الشام وإلى مقوقس الإسكندرية, وإلى كسرى فارس يدعوهم للإسلام، وكانت غزوة مؤتة، وغزوة ذات السلاسل على مشارف الشام ضد الجيوش الرومانية.
وفي السنة التاسعة كانت غزوة تبوك بأرض الروم، وفي السنة العاشرة كان إعداد جيش أسامة بن زيد لغزو البلقاء والداروم من أرض فلسطين الخاضعة للروم. بل إن هذه السنوات الأخيرة كلها من حياة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم لم يبق فيها أي موقع عقدي أو فكري أو سياسي لغير الإسلام، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يتأهب لإنهاء رسالته والالتحاق بالرفيق الأعلى وقد نُعِيَتْ إليه نفسه الشريفة بنـزول سورة النصر، قال ابن عباس رضي الله عنه: لما نزلت ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، وقال:( نُعِيَتْ إليَّ نفسي ) فبكت، قال:( لا تبكي فإنك أول أهلي لاحق بي ) فضحكت.
وأيا ما كانت سنة نزول السورة فإننا أمام نص حي من الذكر الحكيم، لا فرق بين أن يكون نزل في السنة التاسعة للهجرة أو السنة الثالثة، نص يمثل حياة الجماعة الإسلامية الأولى بعد غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، وما عالجه القرآن الكريم من معاركها مع أرتال المنافقين والمشركين وأهل الكتاب المتربصين، ومع ما تجيش به نفوس هشة حديثة عهد بالإسلام من هواجس وانفعالات ونجوى، بعضها من طبيعة الضعف البشري وبعضها من دس الخصوم.
لقد كانت لنصوص هذه السورة المباركة غاية محورية تنتظم كل آياتها، سواء في ذلك ما تعلق منها بالأحداث وتحليلها والتعليق عليها وتوظيفها لتربية النفوس وتزكية الأخلاق وبناء المجتمع، أو ما تعلق بالمجادلة والمحاججة والمناظرة مع الخصوم والمعترضين، أو ما تعلق برفع الروح القتالية وتعميق تجربة النصر والهزيمة، وترقية وسائل العمل ومنهج التحرك وإعداد القوة، هذه الغاية هي إقامة الدين بشقيه العقدي والعبادي، ولذلك ركزت على قضايا التوحيد والوحي والنبوة، والشبهات التي تعرض للمسلم أو تعرض عليه، وعلى الجانب العملي التشريعي في حياة المسلم كالحج والزكاة والمعاملات الربوية وأحكام القتال والجهاد.
وقد تجلى هذا الهدف المرصود في تركيز السورة على ثلاثة محاور:
أولها حقيقة الإسلام المبني على التوحيد الخالص، والتصور الإيماني السليم للألوهية والربوبية بما بينه تعالى في هذه السورة من ضوابط لا تُسْتَقَى من غير الكتاب والاتباع الرشيد للرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ آل عمران 2، ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَام ﴾ آل عمران 18/19، ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ آل عمران 31/32.
أما المحور الثاني فهو ثمرة طبيعية للمحور الأول، إذ التوحيد الخالص لله تعالى لابد أن يستتبع ولاءً مطلقاً له عز وجل ولرسوله وكافة أوليائه المؤمنين، ولاءً يُشيع في المجتمع المسلم روح الأخوة والمحبة والتناصر والتكافل، والتعاون على البر والتقوى والتناصح بالمعروف والتناهي عن المنكر: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ آل عمران 28، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ آل عمران118، ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ آل عمران 103/105.
ومن البدهي أن قلوبا مفعمة بالتوحيد الخالص لله تعالى والولاء المطلق له ولرسوله وأوليائه لابد أن تكون مثالا لطاعته عز وجل والاستسلام لأحكامه وتشريعاته، والامتثال لأوامره والإقبال على الجهاد في سبيله، وقد ورد في هذه السورة المباركة كثير مما يوضح ظاهرة السمع والطاعة والمسارعة إلى تحكيم الشريعة في الصف المسلم، قال تعالى: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ آل عمران 7/8 .
والمحور الثالث ما تعلق في القسم الأخير من السورة بمنهج الإسلام في حماية البيضة وتحصين الجبهة الداخلية ورفع مناعتها، ووضع لبنات بنائها وإقامة عمدها وأركانها، ورسم خط سيرها الجاد الحثيث لنشر الدين واستنقاذ أهله من الضعف والخور والوهن والاستضعاف.
على هذا النهج تمضي السورة المباركة مفعمة بالرشد والهداية تعيد تربية الإنسان الذي ولد من جديد بالتحاقه بركب الإيمان والإحسان، وتصور صراعه مع نفسه وهواجسها ومخاوفها، ومع ذوي العقائد الضالة من خصومه، مجادلا ومحاججا بالجنان واللسان، أو مجاهدا بالسيف والسنان، أو مهاجرا مفارقا للأهل والأوطان، لا يصده عن دينه صاد ولا يرده راد، سمع نداء الإيمان فصدع بالاستجابة، وسقته غمائم الرحمة فأسرع بالإنابة، وأدركته نسائم الجنة فاشتاق إليها وعمل لها: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ آل عمران 192/194.
تمضي السورة على هذا النهج فتراكم رصيدا من التجربة والحكمة والخبرة بطبيعة صراع الحق والباطل في كل عصر ولدى كل أمة، وتضع للنصر قواعد لا تخطئ، وتكرس للتمكين مبادئ لا تخيب، وتكشف لعُصَبِ الإيمان في كل زمان أعداء دينهم من سائر أمم الكفر، وتوضح لهم طبيعة المعارك التي يواجهونها على مر الحقب، معارك ما زالت تفرضها أمم الكفر على الأمة الإسلامية إلى عصرنا هذا ولحد الساعة، تحت شعارات مزيفة ومسميات مموهة، وما هي إلا محاولات لاستئصال جذور العقيدة والقضاء على أهلها ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾آل عمران69، ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ البقرة217.
تمضي السورة في هذا السياق لتبقى نيرة زهراء في نفسها، منيرة طريق النجاح والفلاح للمؤمنين بها، تثبت قلوبهم على صراط الحق المبين، وترص صفهم في درب البناء باليقين، وفي ساحات الجهاد والشهادة صابرين محتسبين ﴿ الَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ آل عمران 195.
هذا قدر الأمة الإسلامية، عطاء في سبيل الله تعالى، من النفس والمال والأهل والولد، عطاء دائم على مدى الحياة الدنيا، لا تريد بذلك علوا في الأرض ولا فسادا، ولا تطلب بذلك أجرا دنيويا فانيا، أو مجدا في الحياة غير مخلد، غير أن لها من ربها وعدا هو وديعتها لديه ﴿ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ آل عمران194، ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ التوبة72. وليس للفوز بهذا الموعود إلا طريق واحد ختمت به هذه السورة الكريمة هو قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ آل عمران 200.
 
 
 
 

 

[1] - قال صلى الله عليه وسلم:( كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض )- صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه/ المستدرك للحاكم.
وقال: ( إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض )/ صحيح الألباني.
[2] - حب أهل بيت النبوة من ذرية سيدتنا فاطمة رضي الله عنها وسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لدى لدى جميع المسلمين فوق كل الشبهات، وقد ورد القرآن الكريم والسنة الثابتة بفضلهم ووجوب محبتهم محبة شرعية توحد الأمة ولا تفرقها، محبة لا ترفعهم عن قدرهم فتفتن بهم، ولا تنزلهم عن درجتهم التي جعلها الله لهم بالنصوص الثابتة.
[3] - غيايتان: الغياية كل ما أظل الإنسان من فوق رأسه كالسحابة ونحوه.
[4] - فرقان: سربان وجماعتان من طير.
[5] - منطقة نجران هي إحدى المناطق الثلاثة عشر للمملكة العربية السعودية، وتقع في جنوب غرب المملكة على الحدود مع اليمن. وتبلغ مساحة منطقة نجران 360000 كم2 وتعتبر رابع أكبر منطقة في المملكة، وعدد سكانها 620,000 الف نسمة حسب إحصائيات عام (2008)م . وعاصمتها هي مدينة نجران. تشتهر بالـزراعة ، وبها سد وادي نجران ، الذي يعد من أكبر السدود المقامة في السعودية إذ تصل طاقته التخزينية لحوالي 85 مليون مترا مكعبا، يكثر فيها الـنخيل، وأشهر آثارها المنطقة الأخدودية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة البروج، ولا تزال آثار الأخدود قائمة لحد الآن.