اخر تحديث
الجمعة-26/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ جدل الدين والسياسة بين الأمس واليوم
جدل الدين والسياسة بين الأمس واليوم
13.08.2016
د. محمد أحمد الزعبي
في عام
1948
، وفي شهر رمضان من ذلك العام ، كنت أجلس مع والدي رحمه الله ، والشيخ حسين الطه إمام مسجد القرية ( المسيفرة ) ومرجعها الديني الأكبر والوحيد ،رحمه الله أيضاً ، على حجر طويل ( ربذة ) في مدخل دارنا ، ننتظر " مدفع الإفطار " وكان ذلك قبيل غروب الشمس بحوالي الساعة . وبما أنني كنت في أول أيام انتمائي إلى "حزب البعث العربي " ، فقد دخلت وأنا الصغير (
14
سنة ) والبعثي المتحمس للقومية العربية في بعدها العلماني ، مع الشيخ حسين وبحضور والدي ، بجدل نظري حول العلاقة بين الدين والسياسة ، حيث كنت ، كبعثي علماني أقف موقفا سلبيا من الدين ولاسيما من تعارض هذا الدين مع الفكر القومي العربي الذي كان ميشيل عفلق المؤسس لحزب البعث والمسيحي أحد أعمدته ، وكان الشيخ حسين " كرجل دين إسلامي " يقف موقفا سلبيا من حزب البعث العربي لكون رئيسه " مسيحي" (وهو ما كان يراه سبباً كافياً للرفض)وهنا سألني الشيخ حسين ، وهو يعرف أنني صائم مثله : ما دامت هذه نظرتك كبعثي إلى الدين ، فلماذا أنت صائم إذن ؟! . وبما أن سؤاله قد بدالي صحيحا ومنطقيا ومحرجاً ، فقد دخلت إلى البيت وأحضرت " كسرة خبز " وعدت بها الى حيث يجلس الشيخ ووالدي ، وشرعت ألتهمها أمامهما كجواب على سؤال الشيخ لي ، على قاعدة ( الجواب ما تراه لاماتسمعه ) . لقد كان جواب الشيخ حسين الطه يومها على سلوكي الصبياني هذا "
الله يهديك
" ، أما والدي فقد ظل صامتا كما لو أن الأمر لا يعنيه .
ما أرغب أن أقوله اليوم ، وبعد مرور سبعة عقود على هذه الواقعة المحفورة في ذاكرتي هو :
1
.
لقد كان رد ذلك الشيخ على " صبيا نيتي اليسارية " وسكوت والدي كما لو أن الموضوع لا يعنيه ، يمثل الموقف الإسلامي الحقيقي لكل من الشيخ و والدي . بل وللعلاقة الجدلية الصحيحة بين الدين والسياسة في ذلك الزمن ، والمتجسدة بحرية كل من الرأي والمعتقد ، أو قل إذا شئت حرية كل من الرأي والرأي الآخر . .
2
.
لقد كان سبب سكوت والدي على سلوك ولده ( سلوكي ) الصبياني المخجل يومها ، هو - حسب تقديري اليوم - اعتزازه الضمني بأن ولده أصبح شخصاً متعلماً ( صف سابع ) قادرا على مناقشة " الشيخ حسين " ومحاججته وهو الفقيه والمرجع الديني الكبير والوحيد في القرية .
3
.
إن العلاقة بين الدين والسياسة
قبل سبعين عاما
كانت أكثر ديموقراطية وأكثر أخلاقية مماهي عليه اليوم ، حيث يقوم
دواعش آخر زمان
أو مايعادلهم من الحوثيين والحالشيين واتباع ولي الفقيه ، بقتل كل من يخالف مايرونه هم (!!) يمثل " شرع الله " .
4
.
لقد جاءت ثورات الربيع العربي عام
2011
لتعيد اللحمة الى العلاقة العضوية بين العروبة والإسلام التي حاول السيدان
سايكس وبيكو
قطعها بعد الحرب العالمية الأولى ، ولكن أعداء الديموقراطية من أحفاد سايس وبيكو وبعد أن انضمت إليهم أمريكا وإسرائيل وبعض العملاء العرب كانوا لهذا الربيع العربي بالمرصاد. بيد أن أحفاد أبطال ثورة
1925
، وأبطال ثورة
2011
كانوا لمرصادهم بالمرصاد ، وهاهم يخوضون اليوم معركة تحرير حلب الشهباء الكبرى من براثن عائلة الأسد ومن يدور في فلكها من الطائفيين والعملاء والمستعمرين الجدد من أعداء العروبة والإسلام .
5
.
لو كان الشيخ حسين ما يزال حيّاً ، ربما لكنت وإياه اليوم في خندق وطني واحد ضد أعداء العروبة والإسلام ، سواء من دعاة التتريك بالأمس ، أو من دعاة التغريب هذه الأيام ، فالعروبة والإسلام هما وجهان لعملة واحدة ، هي
مبدأ " المواطنة " التي لحمتها الديموقراطية ، وسداها العدالة الاجتماعية وقوامها مكارم الأخلاق .