الرئيسة \  مشاركات  \  حتى لا ننسى تاريخ المجازر وحمامات الدم

حتى لا ننسى تاريخ المجازر وحمامات الدم

31.01.2022
المهندس هشام نجار




فكلما انتهوا من مجزرة ، اذاقوا الشعب مجزرة جديدة . بالأمس تكلمنا عن مجزرة نهر قويق في حلب واليوم نتكلم عن مجزرة أل ٤٠ الف شهيد في حماة والتي قص الشريط لها مجرم سوريا الأول حافظ أسد في ٢ شباط / فبراير ١٩٨٢ .حيث أطبقت قوى الإجرام الطائفية الأسدية على المدينة واستمر قصفها لمدة شهر كامل حولها الطائفيون إلى كومة انقاض وإلى اكبر مقبرة بالتاريخ.
سأتكلم عن واقعة واحدة فقط من عشرات الآلاف من الوقائع المؤلمة ، هي مأساة حصلت لعائلة كما أخبرني اياها صديق على معرفة بها .
أعزائي القراء..
أرغب إليكم جميعاً أن تقرأوا الواقعة المؤثرة التاليه ليس بعيونكم فحسب.. بل بدموعكم وقلوبكم وعقولكم وبحواسكم الخمسة ايضاً حتى يتأكد لنا جميعاً سبب الإصرار على ثورة ٢٠١١..
المشهد الأول:
المكان: مدينة حماة
الزمان: شباط ١٩٨٢
الممثلون : الجنرالات الطائفية "للصمود والتصدي" منهم:
العقيد رفعت الأسد -العقيد ديب ضاهر- المقدم رياض عيسى - العقيد يحيى زيدان - العقيد فؤاد إسماعيل - العقيد شفيق فياض ,الجميع بلباس الميدان الكامل، ونظاراتهم السوداء الأنيقة تختال على عيونهم الجريئة وقد تدلى على صدورهم الناظور الميداني بينما يداعبون بشفاههم بقايا سيجارٍ هافاني أصلي مهدى اليهم من الرفيق كاسترو ليضفي على شخصيتهم المهزوزة بعضاً من الثقة بالنفس أمام عساكرهم, بينا تطوق دباباتهم وراجمات صواريخهم ومدفعية ميدانهم..وثلاثين ألف عسكري من جيشهم الطائفي مدينة حماة من كل أطرافها..الجميع وقف متأهباً للإنقضاض على حماة منتظرين شارة البدء من "بطل ابطال فيالق الصمود والتصدي الجنرال حافظ اسد"...وعند الفجر إنطلقت دبابات الصمود وصواريخ الصمود ومدافع الصمود تنهش بكل ماهو جامد وحي في مدينة حماة فتحولت خلال ايام إلى بقايا مدينة تضم اربعين الف شهيداً من سكانها.
المشهد الثاني:
 نظرت السيدة ( ل.ن )ونحرص على عدم التصريح بإسمها ، الحامل في شهرها الأخير حولها فوجدت أبناءها الأثنين أحمد ومصطفي وزوجها أسعد وأبوها وامها جثثاً هامدة بعد أن عاجلتهم قذائف دبابات الصمود، بينما الدماء الساخنة تجري من حولها فتخرج من بقايا بيتها وقد كادت ان تفقد عقلها.فتسرع إليها سيارة ( بيك اب نصف شاحنة) محملة ببقايا عوائل هاربة فيحشرها سائقها حشراً داخل السيارة لتنطلق الى أية جهة بعيدة عن أعين أبطال "الصمود" ليجدوا أنفسهم بعد عشرة ساعات في مدينة اللاذقية فحملوا السيده (ل.ن) إلى أقرب مستشفى بعد أن بدأت الآم المخاض تشتد عليها...
المشهد الثالث :
وضعت السيده (ل.ن) طفلتها علياء في ظروف لا تعلم والدتها ماذا تصنع فالأهل والأقارب والأصدقاء رحلوا عن الدنيا..وكان لا بد من عائلة ان تتبنى علياء..ولكن من كان يملك الجرأة على تبني مولودة أتهم أهلها أنهم من "عصابات الإخوان المسلمين" وهي حجة الامس كما هي داعش حجة اليوم ..لقد كان خوف الجميع على أنفسهم وعوائلهم من إلصاق تهمة الإخوان بهم وبالتالي تصفيتهم.. مأساة أخرى من مأسينا التي زرع عواقبها نظام "الصمود" في داخلنا. فتضاعفت مأساة (ل.ن) إلى مستوى من الألم والضياع والتشتت ليس بمقدور أحد من البشر ان يتحمله فلا مدينتها حماة حاضنه لها وليس لها من أحد هناك ينجدها بعد أن دمر كل حييها وإنتشر شبيحة النظام في بقايا أحياء المدينة تبحث عن فريسة لتلتهمها.
هنا تقدمت السيدة جورجيت ( إسم مستعار) وهي سيدة مسيحية من مدينة اللاذقية وقالت أمام الجميع انا اكفل علياء..فإن خفتم جميعاً أن تتهموا بالإخوان..فكوني مسيحية لن يستطيع النظام ان يتهمني بهذه التهمة..وفعلاً اخذت جورجيت الطفلة الوليدة وربتها... وعمرها اليوم ٤٠ عاماً بعمر مأساة حماة وعندما بلغت سن الصبا تم إعلامها بقصتها .
أعزائي القراء..
لقد نجح النظام بإتهام نشطاء الثورة من أنهم جماعة مرتزقه من عصابة الإخوان المسلمين فسلط سيف الإعدام على رقبة كل من يقاومهم تحت ذريعة الانتساب للإخوان ، وهي ذريعة راقت لحكام العرب ولحكام الغرب والشرق ، حتى اخانا المسيحي مصطفى خليفة مؤلف كتاب القوقعة لم يسلم من الاتهام، فبعد حصوله على إجازة في الإخراج السينمائي. ترك مصطفى خلفه كل شيء في باريس : صديقته، ومقاهي باريس، وأشياء أُخْرَى.. متشوقاً للوصول لدمشق وفي المطار. يوقفه الأمن السوري. ويأخذوه إلى التحقيق، بتهمة الانتماء إلى تنظيم “الإخوان المسلمين”، وهناك يختفي مصطفى لمدّة ١٣ سنة وثلاثة أشهر وثلاثة عشرة يوماً، في سجون المجرم الأسد.
ثم يأتي اليوم اصحاب البدلات الرمادية الانيقة ليقولوا لنا بكل لطف مصطنع : شباب.. احباءنا .. اخواننا .. ليش قمتوا بالثورة، والله كنا عايشين.
ولاك منا ألف ثورة حتى تنضف البلد من العصابات الطائفية القذرة صانعة حمامات الدم .
ونجاح ثورتنا مرهون باستمرارها ووحدتها للقضاء على اصحاب المجازر .