الرئيسة \  دراسات  \  حول التحركات الدولية الأخيرة: الاتفاق الأميركي- الروسي

حول التحركات الدولية الأخيرة: الاتفاق الأميركي- الروسي

24.08.2016
مركز حرمون للدراسات




الكاتب: وحدة دراسة السياسات13 أغسطس 2016
http://harmoon.org/wp-content/uploads/2016/08/About-the-recent-international-moves.pdf
المحتويات
أولًا: مقدمة
ثانيًا: ديمستورا.. تلك هي فلسفتنا
ثالثًا: مسودة اتفاق كيري-لافروف
رابعًا: خطة مؤسسة راند
خامسًا: موقف المعارضة
سادسًا: خاتمة
 
أولًا: مقدمة
في سياق الحديث عن التحركات الدولية المتعثرة، وما يمكن أن يكون قد نتج عن اللقاء الماراثوني الحاصل، عشية الخامس عشر من تموز/ يوليو 2016، في موسكو بين وزيري الخارجية، الأميركي جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، والتصريحات التي واكبت ذلك، وتأخير الإعلان عن نتائج هذه الاتفاقات، والتي يُصرّ مسؤولون أميركيون على وصفها بأنها ليست اتفاقات، بل توافقات، لا بدّ من ربط هذا اللقاء بما يجري في مدينة حلب، شمالي سورية.
إن ما جرى في معركة حلب الكبرى، وما حققته المعارضة العسكرية على الأرض من إنجازات إستراتيجية، أعاد القضية السورية إلى مسارات جديدة، سيُبنى عليها بكل تأكيد ما هو متمايز، ومختلف، عن ذلك الذي بُنيت عليه توافقات أو اتفاقات كيري-لافروف المفترضة؛ إذ يرتبط بالتحركات الجارية الآن، في الساحتين الدولية والإقليمية، بما يخص الشأن السوري بهدف الوصول إلى جولة جديدة، من مفاوضات جنيف المتوقفة منذ عدة أشهر.
يُرجَّح أن التوافق الروسي-الأميركي يهدف إلى إنجاز مسألتين أساسيتين؛ وضع خطة واتفاقية لمحاربة الإرهاب “داعش والنصرة”، ومن ثم المضي في مسار الحل السياسي، وصولًا إلى عملية الانتقال السياسي التي يُفترض أن تبدأ في آب/ أغسطس 2016، وتنتهي بعد ثمانية عشر شهرًا من هذا التاريخ.
يرى بعض المحلّلين أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد يسعى لتسليم خلفه المقبل، ما يُمكّنه من مواصلة العمل عليه في الشرق الأوسط، وفي سوريّة تحديدًا، بما يخدم الإستراتيجية الأميركية المُعتمدة. لكن هذا الافتراض يصطدم بصراع النفوذ الدولي والإقليمي، المشتعل في المنطقة، وقد يصطدم أيضًا بخلافات الولايات المتحدة مع أوروبا حول الملف السوري، وخلافات مُحدثة أخرى بينها وبين تركيا، خاصة بعد التقارب التركي-الروسي الذي وجّه رسالة ضمنية إلى الولايات المتحدة، بأن التحالف الإستراتيجي التركي-الأميركي لم يعد متينًا كما كان سابقًا.
 
ثانيًا: ديمستورا.. تلك هي فلسفتنا
على الرغم من أن أداء المبعوث الأممي، المكلف بالملف السوري، ستيفان دي مستورا، ومنذ توليه مهمته، لم يكن ناجحًا ولا ناجعًا، ولم يكن مُرضيًا للمعارضة السورية، التي حاول غير مرّة أن يلتف عليها، ويضعها أمام خيارات صعبة، بتقديم اقتراحات غير قابلة للتنفيذ، ولا تتوافق حتى في كثيرٍ من الحالات، مع القرارات الدولية والأممية، ذات الصلة بالشأن السوري؛ إلا أنه ما زال يتعامل مع الملف السوري من منطلق التجريب، ويُقدّم اقتراحات جديدة، ومبادرات بعيدة، كليًّا، عن الواقع، كان آخرها متعلقًا بحصار النظام السوري وحلفائه لحلب، وشنّ الطيران الروسي غارات كثيفة ضد المدينة ومدنييها، فلم يرَ المبعوث الأممي في كل هذه الانتهاكات، التي تتعارض مع مقدمات مفاوضات جنيف التي يرعاها، إلاّ ضرورة أن تؤمن الأمم المتحدة، مسارات آمنة لخروج المدنيين من المدينة، في عملية رأى فيها كثيرٌ من السوريين تسهيلًا لتغيير ديموغرافي، ومقدّمة لتطهير عرقي في حقّ سكان هذه المدينة، حيث تنتظرهم قوات النظام، لمعاقبتهم على احتضانهم المعارضة المسلحة.
تهرّب ديمستورا من مسؤولية الأمم المتحدة عما يجري في حلب، وأبدى رأيًا سلبيًا في هذا الشأن، مشيرًا إلى أنه “من السابق لأوانه التعليق على ما أعلنته دمشق وموسكو، عن خطة مساعدات المدنيين بالمناطق المُحاصرة في شرقي حلب، والعفو عمن يستسلم من المقاتلين هناك”، مضيفًا: “إنّ الممرات الآمنة هي من عمل الأمم المتحدة”، وكأنه في هذا الموقف يغطي على أفعال الروس والنظام، وعلى خروقاتهم الفاضحة والواضحة لكل الاتفاقات في حلب، والوصول إلى حصار 400 ألف مدني باتوا يعانون من آثار الجوع، ونقص كل متطلبات الحياة البشرية وسط صمت أمميّ فاضح.
ولم ينسَ ديمستورا، أن يُعلن أن “الوضع في حلب خطر للغاية؛ إذ أن المؤن المتبقية لا تكفي إلا لأسبوعين أو ثلاثة”، مضيفًا بشأن المفاوضات المقبلة، أنه “في حال عدم تكَلُّل هذه المناقشات بين روسيا والولايات المتحدة بالنجاح؛ فلا شك في أن ذلك سينعكس بصورة سلبية للغاية على إمكان إنجاح المفاوضات. في كل الأحوال، ستكون المفاوضات صعبة، لكن علينا أن نعطيهم -أطراف النزاع- أقصى قدر من الفرص”.
كذلك حذّر أيضًا من انعكاسات فشل التعاون بين روسيا وأميركا، في حل المسألة السورية، واستئناف مفاوضات السلام نهاية شهر آب/أغسطس، داعيًا الطرفين إلى العمل معًا من أجل خفض القتال في سوريّة، وقال: “نحن جميعًا في الانتظار، وندعو روسيا والولايات المتحدة إلى تسريع مناقشتهما في شأن الحد من العنف”.
ثالثًا: مسودة اتفاق كيري-لافروف
يبدو أن ما يُعرف باتفاق أو توافق “كيري_لافروف” سيأخذ حيزًا كبيرًا، وطويل الأمد في المشهد السوري. فاللقاء الذي كان ماراثونيًا -كما تم توصيفه- استمرّ في مناقشات بين الوزيرين، ما يزيد على ست ساعات متواصلة، أكملاه لاحقًا في لاوس، ومن ثم في جنيف، في اجتماع ضمّ ممثل الأمم المتحدة أيضًا.
كل ما قيل حتى الآن هو تسريبات فحسب، حرص الروس والأميركان على عدم الإفصاح عنها. فالخطة الأميركية-الروسية التي حملت اسم “مجموعة التنفيذ المشترك” ضد “جبهة النصرة” و”داعش”، قد تؤثر فيها عملية فك الارتباط التي أعلنتها النصرة، مؤخرًا، عن تنظيم القاعدة.
وبحسب التسريبات التي تمت حتى الآن؛ فقد تبين أن هناك ثغرات كبيرة فيها، ولا بدّ لهما من التعاطي مع هذه الثغرات، وسدّها، وتلافيها قبل إصدار الاتفاق، والعمل به، والذي يتضمن:
– تحديد الأردن مركزًا لتنسيق العمليات المشتركة بين البلدين، ضمن ما أطلق عليه اسم “مجموعة التنفيذ المشتركة”.
– تقييد الاستهداف الروسي وحصره ضد تنظيمات مصنفة، من جانب الأمم المتحدة، كجماعات إرهابية في سوريّة.
– تقييد عمليات القصف المدفعي والعمليات البرية، التي يقوم بها النظام وروسيا، ووقف عمليات القصف المستمر بالبراميل المتفجرة، التي يقوم بها النظام السوري، ومنع استخدامه المتكرر لغاز الكلور.
– إغلاق ثغرات “التهديد الوشيك” و”الظروف الأخرى”؛ ففي فقرة “الظروف الناشئة” هناك ثغرات كبيرة، حيث يمكن أن تستخدمها القوات الروسية والنظام السوري.
– جعل العلاقة بين “مجلس الإدارة الانتقالي” و”بيان جنيف” أكثر وضوحًا.
– الأهم، هو عدم وجود أي نص في شروط المرجعية، يبيّن عواقب عدم الامتثال، وما الذي سيحدث إذا لم يلتزم الروس أو النظام احترام الاتفاق. ولعل خطر حدوث ذلك كبير جدًا، بالنظر إلى سجلهما الحافل بالاختراقات اليومية.
 
رابعًا: خطة مؤسسة راند
هي واحدة من الخطط، التي وضعتها مراكز الأبحاث الأميركية. لكن أهميتها تأتي من كون “راند” مؤسسة بحثية مهمة، ومقربة من البنتاغون، والمخابرات المركزية الأميركية. جاءت خطة “راند” تحت مسمى “خطة سلام من أجل سورية”، وجاء إطلاقها في هذه المرحلة، وقد واكبتها ردّات فعل كثيرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي؛ فقد كانت متفاوتة لدى أوساط الثورة السورية، ولدى المهتمين في مثل هذه الأبحاث من السوريين، نظرًا إلى أن من أصدرتها مؤسسة عريقة وقديمة، يعود تاريخها إلى ستينيات القرن الفائت، ومن وضعها دبلوماسيون، كانوا قد شغلوا مناصب ومراكز مهمة في وزارة الخارجية الأميركية.
الأهم من ذلك، ما ركزت عليه محدِّدات هذه الخطة، حيث تمحورت حول وقف القتال في سوريّة. لكن المشروع الواضح فيها هو تقسيم سوريّة، تحت دعاوى عدة، منها حماية المواطنين الذين ما زالوا في سوريّة، حيث قدرتهم “راند” بـ 16.6 مليون نسمة، ومن أهدافها، الاشتغال على وضع آلية لإدارة المناطق المقسمة، عبر أشكال أربعة من الفدراليات؛ حيث تجتمع الفصائل بعد وقف القتال –بحسب راند- لدراسة الوضع النهائي للدولة السورية، وإذا ما توقف القتال وفق حيازة الأرض الحالية، كما تشير الخطة؛ فإن سورية ستقسم إلى أربع مناطق: “منطقة تحت سيطرة الحكومة الحالية، منطقة تحت سيطرة الأكراد، منطقة تحت سيطرة معارضة العرب السنّة، منطقة تحتلها داعش وسينظر في أمرها بعد تحريرها”.
الخطة، هي رؤية خاصة لم تُعتمد بعد من الإدارة الأميركية، لكن أهميتها تنبع من قرب هذه المؤسسة من صانعي القرار في الولايات المتحدة.
عمومًا، وعلى الرغم من خطورة تصورات هذه الخطة للواقع السوري، إلا أن مضامينها العامة لا ترى أن التقسيم سهل في الوضع السوري، على الرغم من كل النزاعات “الإثنو طائفية” التي خلفتها هذه الحرب. لكن تجزئة سورية، وفق الخطة، “على أساس إثنو طائفي بعيدة من أن تكون نظيفة، حالها حال معظم بلدان الشرق الأوسط؛ فالمجتمعات السورية قد تمازجت تاريخيًا؛ إضافة إلى ذلك، فإن العرب السنّة يُشكّلون 76 في المئة من السكان، وهم موجودون في كل مكان، ويشكلون أغلبية حتى في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وبقوا موالين للنظام في حالات كثيرة”. وهذا يشير إلى مؤشرات مهمة، جاءت في الخطة، وتوجسات معينة أرادت الخطة الإشارة إليها، على الرغم من قبولها بواقع التقسيم المفترض، الذي تراه مقبلا وفق تحليلها للواقع السوري.
يرى واضعو الخطة “أنّ “ثمة مساران نحو السلام، مساران يختلفان في نتائجهما؛ المسار الأول، هو التركيز على توسط في تسوية سياسية شاملة، بين الأطراف السورية المتحاربة ورعاتها الخارجيين، متضمنة إصلاح مؤسسات الدولة، وتشكيل حكومة جديدة وخطة لانتخابات تترافق مع وقف إطلاق النار، والبدء بعملية إعادة البناء. أما المقاربة الثانية؛ فهي ضمان اتفاق على وقف فوري لإطلاق النار، تتبعه مفاوضات إضافية، حول شكل الدولة والحكومة السوريتين اللتين يُعاد بناؤهما”. نعتقد أن أهمية إعادة تسليط الضوء على “خطة راند”، تأتي مما يجري من تسريبات حول مباحثات كيري-لافروف في موسكو، وما بعدها وما قبلها، وما يُحكى عن خطة ما لضبط الحالة السورية، يرى بعض المحلّلين أنه يمكن البناء عليها.
لا يبدو من متابعة التطورات الميدانية، ولا من النتائج الضحلة للقاءات كيري–لافروف الأخيرة، وعجزهما عن تظهير الاتفاق المزعوم، كما وعد كيري في الأول من آب/أغسطس الجاري -وهذا يدلل على فشل الاتفاق-، أن ما ذهبت إليه مؤسسة “راند” ليس أكثر من رأي فحسب، لم تأخذ به الإدارة الأميركية؛ فضلًا عن أن تعقيدات الواقع الديموغرافي لسوريّة، تجعل الأخذ بها عملية صعبة ومعقدة، إن لم تكن مستحيلة. والأهم من ذلك كله، هل تقبل إرادة السوريين الذين خرجوا في ثورة عظيمة، خططًا من هذا القبيل على أنها قدرٌمحتوم؟
 
خامسًا: موقف المعارضة
حال المعارضة السورية، المتمثلة بالهيئة العليا للمفاوضات، كحال الدول الداعمة لها، والتي يتعمد الأميركيون ركنها جانبًا، والتفرّد مع الروس في تفاهماتهم. تلك المعارضة حاولت أن تتلاقى حول مواقف توافقية في الرياض، مع توسيع الهيئة العليا، وضم بعض المنصّات إليها، وباتت المعارضة بكل تلاوينها تعيش مرحلة الانتظار، لما يُمكن أن ينتج عن التفاهم الروسي-الأميركي، لكنها، وبعد ما حصل في حلب من انتصارات عسكرية على الأرض، في مواجهة النظام وحلفائه؛ فسوف تفيد المعارضة، لاستثمارها في أي مفاوضات مقبلة محتملة.
تحاول المعارضة التنبؤ بما يمكن أن ينتج من التقارب الروسي-التركي، والاتفاق الأميركي-الروسي، وكيف يمكن أن يترك أثرًا واقعيًا، ضمن إطار التساؤل عما يمكن أن يعطيه أي اتفاق أميركي-روسي قبل موعد الانتخابات الأميركية، التي باتت قاب قوسين أو أدنى، ومع اقترب الوضع الأميركي من مرحلة السبات الانتخابي، الذي لا يمكن خلاله توقع أي سياسة خارجية فاعلة، قبل الفراغ من العملية الانتخابية، الأكثر أهمية واهتمامًا لكل الأميركيين.
رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، لم يكن في مقدوره إلا أن يُعلن عن امتعاضه مما يجري للسوريين، وبالتالي، أن يبعث برسالة إلى بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، يُبلغه فيها “حزنه وأساه لما جرى في ريف حلب (منبج) من قتل للمدنيين، بشكل غير مسبوق؛ فقد سقط مئات المدنيين، جلهم من الأطفال والنساء، وعائلات بكاملها دفنت تحت الأنقاض، نتيجة لقصف التحالف الدولي وطائراته”.
إبان اللقاء بجنيف في 26 و27 تموز/ يوليو، الذي ضم مسؤولين كبارًا من الخارجية الروسية والولايات المتحدة، إضافةً إلى مسؤولين في منظمة الأمم المتحدة يتقدمهم ديمستورا، استبق لافروف تثبيت دعم موسكو لبقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، والذي لن يطاح به “إلا عن طريق الانتخابات”، على حد تعبير لافروف، واستعان بالتهويل الكبير بما أسماه “تكرار السيناريو الليبي في سورية” فيما لو أطيح بالأسد، وهذا الموقف هو جوهر الحل السياسي الذي تتبناه موسكو، وتعرفه المعارضة السورية وتدركه جيدًا، ولمسته منذ انطلاق الثورة السورية؛ وما دعوة لافروف لكيري إلى “تنظيم مكافحة الإرهاب” إلا تأكيد للنهج الروسي، في محاولته تثبيت النظام، وإعادة تأهيله، من خلال إشراكه في الحرب على الإرهاب.
لم تكن الإدارة الأميركية معنيةً بالوقوف يومًا إلى جانب قضية الشعب السوري، فهي منعت انتصار ثورته، عندما حالت دون رفع الشرعية عن النظام السوري بشكل حاسم، ومنعت أي تغيير في الميزان العسكري لمصلحة “الجيش الحر” في المراحل السابقة، وما زالت تصر اليوم على حل سياسي، يوافق تصوراتها الإستراتيجية في المنطقة، كجزء من صراعات النفوذ الدولية. إلى ذلك، لم تجد المعارضة السورية أي جديد في إعلان النظام، استعداده للعودة إلى المفاوضات، بينما طائراته تقصف المدنيين، وتحاصر المدن والأرياف، وتمنع الهواء والماء عن الشعب السوري، فهي ما زالت لا تجد أي إمكانية لتحقيق تقدم حقيقي وفعلي، في أي جولة مفاوضات قريبة مقبلة وفق هذه الأوضاع والمعطيات.
 
تتهم الهيئة العليا للمفاوضات، النظام السوري بـ”الإصرار على الحسم العسكري، ورفض الحل السياسي”، وتؤكد أيضًا أن أميركا لا تتصدى لروسيا التي ترتكب جرائم حرب في سوريّة، وتدعم القوات النظامية، والميليشيات في حصار حلب، مشيرة إلى أنها “قلقة من غموض الاتفاقات الأميركية-الروسية حول سورية”.
كان اجتماع الرياض بين 15 و18 تموز/ يوليو قد ناقش كل ذلك، خصوصًا نص مسودة الوثيقة التي أعدتها للحوار، حول رؤيتها للعملية السياسية وفق بيان جنيف، بدءًا من مرحلة التفاوض وصولًا إلى نهاية المرحلة الانتقالية، وتوافق المجتمعون على الاستمرار في المفاوضات، والعملية السياسية السلمية، كحلٍّ للواقع السوري، وضمن إطار المواثيق الدولية، وعلى أرضية جنيف 1.
 
سادسًا: خاتمة
بعد عودة العلاقات الروسية-التركية، ومن ثم فشل الانقلاب في تركيا، وإعادة الاعتبار إلى حكومة رجب طيب أردوغان، ومن ثم حصار حلب المُطبق، ومعركة حلب الكبرى المستمرة فصولًا، وعدم جدوى مقررات القمة العربية في نواكشوط وضبابيتها، وخاصةً، المتعلقة بالموقف من الوضع السوري، وترحيل المسألة السورية إلى مؤتمرات أخرى، وفك الارتباط بين النصرة والقاعدة، لا تزال الأسئلة الأهم مطروحة، فهل تحقِّق هذه التفاهمات المُفترضة أي إمكانية جدية الآن، وقبل الانتخابات الأميركية، لمصلحة الإسهام في حل المسألة السورية؟ وهل هناك إمكانية حقيقية لجولة جديدة مقبلة خلال آب/ أغسطس 2016؟ وهل توافر الدعم الكافي لمنح فرصة حقيقية لبداية ناجعة؟ وهل الاختلال في موازين القوى سيكون لمصلحة النظام ومن وراءه؟ أم أن خسارته في حلب ستنعكس إيجابًا لمصلحة المعارضة؟ وإلى أي حد يمكن للروس أن يتخلوا عن الأسد، حتى لو تم الاتفاق مع الأميركان على محاربة الإرهاب؟ وهل سيكون واقع الاقتصاد الروسي المتهالك -بعد الإعلان عن بيع أصول مملوكة للدولة الروسية، لإنقاذ موازنة السَّنَة التي تعاني عجزًا يزيد على 50 مليار دولار- أحد العوامل التي تساهم في الإسراع في الحل، خروجًا من هذا التورط في الوحل السوري؟ وبالتالي، هل يمكن القول، إن الأزمة الخانقة والمواجهة الحالية بين الروس والغرب، أدتا إلى كبح جماح طموحات الكرملين داخليًا وخارجيًا، وخاصة في سورية؟ وهل يمكن أن يكون الحذر في محله، من أن تتحول عملية مكافحة الإرهاب، إلى مجازر ضد المدنيين، الذين لا يجدون مكانًا آمنًا يلجؤون إليه، للنجاة من القصف اليومي، لمدنهم وقراهم كما حصل في قرية التوخار بالقرب من منبج؟ كَون “روسيا تقول شيئًا، وتفعل شيئًا آخر”.
يبدو أن هذه التساؤلات، وأخرى قريبة منها، ستبقى راهنةً، وفي ميدان التداول، فترة زمنية ليست بالقصيرة.