الرئيسة \  مشاركات  \  حول التقارب التركي الروسي

حول التقارب التركي الروسي

14.08.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين 12‏/08‏/2016
حظيت زيارة الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان الى سانت بيترسبورج يوم الثلاثاء المنصرم 9 آب / اوجسطس واجتماعه ومباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باهتمامات السياسة في اوروبا وخاصة في المانيا وايضا ببعض الدول العربية تخللتها آراء متناقضة حول التقارب التركي الروسي وما اذا سينجم عنه حلف عسكري لمواجهة الغرب بمشاركة ايران ، فمن المقرر ان يصل وزير خارجية الدولة المذكورة جواد ظريف الى تركيا هذا اليوم الجمعة لاجراء مباحثات مع المسئولين الاتراك حول تطورات الاوضاع الاقليمية ، وما اذا كان حلف شمال الاطلسي / الناتو / سيلغي عضوية تركيا بالحلف . هذه الاراء قام وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير بتفنيدها اذ أكد اهمية تركيا في اوروبا والعالم وانها حليف استراتيجي للـ / ناتو / وغيره ولا يمكن الاستغناء عنها مؤكدا ضرورة تنفيذ الاوروبيين الاتفاق الاوربي التركي حول إلغاء تاشيرة دخول الاتراك دول الاتحاد الاوربي العضوة باتفاقية / شينغين / وعدم المماطلة بالمفاوضات الاوروبية لحصول انقرة على عضوية الاتحاد الاوروبي ، بينما أعرب خبير السياسة الدولية ومهندس العلاقات الالمانية الروسية وزير الدولة السابق بوزارة الخارجية لشئون الشرق الاوسط جيرنوت ايرلر عن ترحيبه بالتقارب التركي الروسي لفائدته بمحاربة الارهاب مستبعدا قيام محور عسكري تركي روسي وربما ايراني لمواجهة الغرب .
لم تكن الاراء حول احتمال الغاء / الناتو / عضوية تركيا منه بشكل اعتباطي ، فقائد الجيش الالماني السابق وعضو هيئة رئاسة خطط / الناتو / العسكرية كلاوس ناومان الذي يعادي تركيا والسعودية وقطر وغيرهم من الدول الاسلامية حذر من التقارب التركي الروسي اذ سينجم عنه حلف عسكري ربما يضم ايضا السعودية وايران لمواجهة حلف / الناتو / مطالبا قيادة الحلف المذكورة اتخاذ سياسة صارمة ضد انقرة ، بينما رأى ناب رئيس البرلمان الاوروبي عن كتلة الليبراليين / الديموقراطيين الاحرار – السياسي الالماني كريستيان جراف بالتقارب بين انقرة وموسكو بخرطر محدق على الاوروبيين مشيرا انه ما اعلنت تركيا عقوبة الاعدام فعلى الحلف طرد انقرة منه . هذه التصريحات اضافة الى تصريحات المستشار النمساوي كريستيان كيرن ووزيرخارجيته سباستيان كورتس اعتبرها مسئولون اوروبيون بمثابة تحريض على تركيا التي تعيش في ازمة محاولة الانقلاب العسكري وانتقادات سبقت المحاولة استهدفت تركيا ولا سيما رئيسها اردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية كما استهدفت دولة الخلافة الاسلامية العثمانية جراء اتهام البرلمان الالماني الدولة العثمانية بارتكاب مجازر ضد الارمن وتهجيرهم اثناء الحرب العالمية الاولى ، فاستاذ ماة التاريخ الحديث في جامعة هومبولدت البرلينية هاينريش اوجوست فينكلر رأى بادانة الدولة العثمانية ادانة للمسلمين قاطبة واوروبا والمانيا ترتكبان أخطاءا لن تغتفر بابتعاد تركيا عنهما متساءلا ما اذا كانت اوروبا تفتقد الى الحكمة والحكماء في السياسة .
تركيا وروسيا لا يمكن تقاربهما ، فتاريخ العصور الحديث بدأت ، كما يؤكد مؤرخون ، بفتح القسطنطينية عام 1453 بينما يرى بعضهم بدايتها باكتشاف القارة الامريكية عام 1492 ، فبفتح استانبول رأى قياصرة الروس انهم ورثة الدولة البيزنطينية فاعدوا العدة لمحاربة العثمانيين طيلة خمسة قرون ولا ينسى الاتراك دور الروس بتأليب دول البلقان على الدولة العثمانية ووقوف روسيا وراء اتهام الغرب للدولة العثمانية بابادة وتهجير الارمن اثناء الحرب العالمية الاولى ، فمن ضمن اتفاقيات سايكس بيكو ضم ارمينيا لروسيا هذه الاتفاقية كانت وراء غضب الارمن ورفضهم ضم بلادهم الى روسيا وكانت المجازر والتهجير وراء ذلك .
هل هناك تقارب يحصل بين انقرة وطهران بزيارة ظريف الى انقرة هذا اليوم وخاصة من ناحية الملف السوري ؟ فالجواب لن يكون هناك اي تقارب فالعداء بين تركيا وايران قديم مع قيام دولة الخلافة الاسلامية العثمانية فقد كانت ايران طابور الصليبيين منذ العصور الوسطى والحديثة .
ربما تعود اسباب زيارة اردوغان الى روسيا ومصالحته بوتين الى ان الغرب وبعض الدول العربية قد رمت تركيا عن قوس واحدة ولا بد من ايجاد مخرج للحصار الذي تعانيه تركيا ، وقديما قال ابو الطيب المتنبي :
ومن نكد الايام للحر ان يرى عدوا ما من صداقته بد