اخر تحديث
الأربعاء-24/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ خُبث اللسان : كاشِف لخُبث القلب ، أم مُنشئ له !؟
خُبث اللسان : كاشِف لخُبث القلب ، أم مُنشئ له !؟
24.10.2017
عبدالله عيسى السلامة
اختلف فقهاء القانون ، حول (العَقد) ؛ هل هو كاشف لإرادة المتعاقدين ، أم هو منشئ لها !؟ وكل منهم تناول الأمر من زاوية رؤية معيّنة ، له فيها حجّة وبرهان ..!
فهل خُبث اللسان ، الذي يقذف بالشتائم هنا وهناك ، ولا يبالي بأيّة لفظة هابطة ، أو متدنّية ، يلوكها في فمه ، ثم يقذفها في وجوه الناس ، ويجرج بها أشخاصهم وأعراضهم .. هل خبث اللسان هذا ، كاشف لخبث القلب ، أم هو منشئ له ، ابتداء ، ولم يكن موجوداً ، من قبل !؟
في هذا الأمر بعض التفصيل ، يختلف عن تفصيل فقهاء القانون .. فنقول :
*) ثمّة فرق ، بين ما يقوله المرء بلسانه دون تعمّد ، على سبيل اللغو ، أو العبث .. أو تحت وطأة انفعال طارئ .. ثم يعود فيعتذر عنه ، حين ينبّه إلى ما فيه ، من خطأ ، أو سوء ، أو ضرر.. أو يستغفر الله منه ، إذا كان من أهل الإيمان ، وكان الزلل الذي وقع فيه يجرح إيمانه ؛ كأن يتلفّظ بكلمة كفر، يتحرّج منها في الأصل ، في حالته العادية الطبيعية ، ثم يعود فيستغفر الله منها .. وربّما يدفعه الإحساس بالذنب ، إلى دفع صدقة أو كفّارة ، وإلى البكاء على ذنبه ، الذي وقع فيه ، دون أن يتمكّن من ضبط انفعاله وكلامه ! وفي القرآن الكريم إشارات واضحة ، إلى الفروق بين ما تلقي به الألسنة، لغواً أو سهواً، وبين ماهو ناجم عن فعل إرادي مصمّم ، منبعث من قلب ، يَعي ما بداخله ، من رصيد لهذه الكلمة !
*) الزوج الذي يحبّ زوجته ، ويرغب باستمرار الحياة معها ، قد ينفعل في لحظة ما، فيلقي في وجهها بكلمة الطلاق ، طلقة واحدة .. وربّما يلقي لها بكلمة الطلاق ثلاثاً! إلاّ أن نيّته بعيدة تماماً ، في أعماقه ، عن أن يفرّط بها ، أو يتخلّى عنها ! وقد يندم ندماً شديداً ، بعد أن يعود إليه توازنه النفسي والذهني ! لذا ، فالطلقات الثلاث ، التي يملك الحقّ فيها ، تعدّ ضمانة له ، ولزوجته ، وأسرته ، وبيته .. أكثرممّا تعدّ سلاحا لديه ! لأن سلاح التفريق موجود في الطلقة الواحدة ، إذا رغب به ! وهنا لا تتّضح إرادة الزوج في مفارقة زوجته ، إلاّ عند تكرار الطلقات ، على مدد مختلفة !
*) التلفّظ بشتم الربّ والدين ، نزقاً ، أو جهالة .. رائج في بعض المجتمعات ، التي يكثر فيها السفهاء ، وتنتشر فيها السفاهات ! إلاّ أن شتم الأنبياء حالة نادرة ، لاتقع إلاّ من متعمّد ، حاقد على النبيّ الذي يشتمه !
*) تكرار الهجوم على النبيّ عليه الصلاة والسلام ، وشتمه ، واتّهامه بما لا يليق بمقام النبوّة .. كل ذلك يعزّز افتراضَ فسادِ القلب وخبثِه .. حتى على فرض أن السفاهة الأولى ، قد وقعت منه بحقّ النبيّ سهواً !
*) انطلاقاً من فكرة ، أن اللسان كاشف لما في القلب ، لا منشئ له ، وفق البنود الواردة أعلاه ، واستئناساً بقول الشاعر ـ في الحالة التي يفترَض فيها التعمّد والإصرار ـ :
إنّ الكلام من الفؤاد ، وإنّما جـُعِلَ اللسان على الفؤاد دليلا
نرى أن ماتلوكه ألسنة الخبثاء السفهاء ، الحاقدين على الديانات ، ومقدّسات الشعوب والأمم ، من هجوم على الانبياء والمقدسات .. ليس هو الأهمّ ، الذي ينبغي النظر إليه ، والبحث في كيفية التعامل معه ، مِن قِبل الآخرين الذين تشتَم مقدّساتهم .. بل الأهمّ هو كيفية التعامل مع الغدّة ذاتها ؛ غدّة الحقد والسفاهة ، التي تفرز الشتائم بين آونة وأخرى! أيْ أن المطلوب ، هو معالجة الحالة البشرية ذاتها ، حالة الشخص ، لا ما تنتِجه من فساد وسوء ، وفتنة وضلال .. عبر كلام قد يَحتجّ بعض الغيارى عليه ، وقد يعتذر عنه صاحبه بلسانه ، امتصاصاً لغضب هؤلاء الغيارى .. ثم يعود إلى التعبير عنه ، بوسائل أخرى مختلفة !
تلك هي المسألة.. والناس إزاءها أصناف :
بعضهم يسَرّ بها .. وهؤلاء من الطينة النفسية والخلقية لصاحب الشتيمة ، حتى لو كانوا من دين مختلف ! فالأمر هنا متعلق بالأخلاق والمروءات الإنسانية ، أكثر من تعلقه بالعقائد والديانات ! فكريم النفس والخلق ، يأبى أن يشتم عقائد الآخرين ، احتراماً لمشاعرهم ، واحتراماً لعقيدته ، التي يعرّضها للشتم من قِبلهم ،على سبيل المعاملة بالمثل.. إذا كان ممّن يؤمنون بعقيدة ما ، أيّة عقيدة ممّا يمكن أن يؤمن به البشر !
بعضهم لايهمّه الأمر .. وهؤلاء لا يَعدّون محمداً نبياً لهم ، إذا كانوا من المحسوبين ، اسماً، على ملّته ! ولا يَعدّون عيسى نبياً لهم ، إذا كانوا محسوبين ، اسماً ، من أتباع ملّته !
بعضهم يفضّل أن يشتَم أبوه وأمّه ، على شتم النبيّ الذي يتبعه ويؤمن برسالته ! ويرى أن نصرة الأنبياء والأديان ، لا تقل أهمّية من الناحية الوطنية ، عن نصرة الأوطان التي تؤمن أكثرية أبنائها بالأنبياء والأديان ..! وهي - لدى المؤمنين المتمّسكين بدينهم - أهمّ وأوجب ، وأكثر قداسة !
بعضهم يسوّغ للشاتم فعلته ، من منطلقات تتعلق بمصلحته ، إذ تكون له صلة ما ببعض المتنفذين ، الذين يدعمون الشاتم ! ومن المسوّغات : الادّعاء باهتزاز شخصية الشاتم ، وضعف التوازن العقلي والنفسي لديه ! ومنها كذلك : قلّة أهمّية الشاتم ، وضآلة شأنه ، وضعف تأثيره !
أكثر الذين يؤذيهم شتم النبيّ ، لايدرون مايفعلون ! وكثيرون منهم يتصرّفون بردود فعل عشوائية ، قد تؤذيهم ، وتؤذي قضيّتهم التي يدافعون عنها ، أكثر ممّا تسهم في كبح جماح المجرمين ، الذين يتطاولون على مقدّساتهم ؛ كما دلّت على ذلك تجارب عدّة ، في أزمنة متعاقبة ..! ( ومن أكثر الأمور إيذاء ، توسيع دائرة المسؤولية عن الجريمة ، لتشمل غيرَ أصحاب الوزر المستبيحين لحرمة المقدسات !) . إن المسلمين منهم ، على سبيل المثال ، يقرأون في كتاب ربّهم ، صباحَ مساء ، أن الجهاد يكون بالمال والنفس ! وإذا كان الجهاد بالنفس ، يشمل فيما يشمل ، الجهاد باللسان والقلم ، كما يشمل الجهد العقلي بأنواعه .. ( وكل ذلك دون اللجوء إلى العنف) فإن المطلوب ، هو التنسيق بين أصحاب القدرة على الجهاد ، الراغبين بالدفاع الصحيح المنضبط ، عن نبيّهم ، وعن مقدّساتهم التي يستبيحها السفهاء بألسنتهم وأقلامهم ! أمّا الجهاد بالمال ، فهو متعدّد الفوائد ، متنوّع الطرائق ، ويمكن توظيفه لخدمة الهدف ، إعلامياً وسياسياً .. وقضائياً ، في بعض الحالات ، التي يجدي فيها التدخل القضائي.. وغير ذلك من أوجه التوظيف ، التي تكبح جماح الحاقدين، الذين وظّفوا أنفسهم ، دمىً رخيصة ، عند شياطين الإنس والجنّ .. وإن كان بعضهم من أخبث شياطين الإنس ، وأكثرها سفاهة ولؤماً !