الرئيسة \  دراسات  \  دراسة استقصائية للمكانة الإستراتيجية واللوجستية لسلطنة عمان من منظور مستقبلي لتنظيم القاعدة بجزيرة ا

دراسة استقصائية للمكانة الإستراتيجية واللوجستية لسلطنة عمان من منظور مستقبلي لتنظيم القاعدة بجزيرة ا

07.06.2014
أ. محمد بن سعيد الفطيسي


دراسة استقصائية للمكانة الإستراتيجية واللوجستية
لسلطنة عمان من منظور مستقبلي
لتنظيم القاعدة بجزيرة العرب

         بعيدا عن الإسهاب في تفاصيل النشأة والتاريخ والأصول الفكرية لتنظيم القاعدة , وان كانت مهمة جدا لفهم وتشريح الحالة المراد دراستها هنا , إلا أننا سنتجاوزها لإمكانية الاطلاع عليها من خلال العديد من الكتب والدراسات والأبحاث المكتوبة , أو تلك المتوفرة على شبكة الانترنت , وسنبدأ بشكل مباشر في تناول وسبر الجانب أو الشق الذي نسعى لتسليط الضوء عليه في هذه الدراسة الذاتية الموجزة , والتي نتناول من خلالها إمكانية أن يكون لتنظيم القاعدة دور مستقبلي محتمل أو متوقع في سلطنة عمان وتأثير ذلك على الاستقرار والأمن الوطني العماني .
تقديم للدراسة :
       نظرا لندرة ما تم تناوله وتداوله أو نشره في الصحف العمانية الرسمية حول أخبار تنظيم القاعدة وتسلل عناصرها إلى الحدود العمانية عبر الحدود اليمنية المجاورة , أو عبر غيرها من الحدود أو المنافذ البرية أو البحرية والجوية , فقد اعتمدت هذه الدراسة في قراءتها التاريخية لتحركات التنظيم في سلطنة عمان على ما تناقلته وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية خلال الفترة من العام 2002م وحتى العام 2013م رغم شحها , وقد تعمدنا اختيار كلمة تحركات وليس تواجد , حيث انه لم يثبت حتى كتابة هذه الدراسة الاستقصائية إن لتنظيم القاعدة أي تواجد مباشر أو غير مباشر في الأراضي العمانية , كما لا يمكن الاستناد الى تلك التواريخ التي تعاطت معها الدراسة على أنها تشكل التواريخ الرئيسية الوحيدة لأخبار تسلل ذلك التنظيم الى الحدود العمانية , نظر للتعتيم الإعلامي حول تلك الأخبار لدواع أمنية وعسكرية خاصة حرصت الجهات العمانية المعنية بالأمن الوطني العماني على التعامل معها بكل عناية وحرص منذ فترات طويلة , وهو ما جعل تلك المعلومات نادرة جدا حول هذا الموضوع .
         ويعود أقدم ما تم نشره عن تنظيم القاعدة بشكل صريح في سلطنة عمان خلال القرن 21 الى العام 2002م , وهو العام الذي تلا ما عرف بأحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م بالولايات المتحدة الاميركية والتي اتهم فيها تنظيم القاعدة بشكل رسمي وصريح , حيث تناولت جريدة الشرق الأوسط اللندنية كحال اغلب الصحف في حينها بعددها الصادر بتاريخ 25/08/2002 خبر مفاده : أن السلطات الأمنية في سلطنة عمان قد قامت باكتشاف وتفكيك خلية لعناصر تنظيم القاعدة الذي يتزعمه الشيخ أسامة بن لادن ، وتم اعتقال عناصرها وترحيلهم إلى الولايات المتحدة , وقد نفت سلطنة عمان هذا الخبر في صباح اليوم التالي – أي- بتاريخ 26/8/2002م مؤكدة أن السلطنة تنفي خبر تسليمها الولايات المتحدة عناصر من القاعدة .
         وأوضحت أن أي شخص لم يتم تسليمه الى الولايات مؤكدة أن هذا هو مبدأ تعمل عليه السلطنة في الحاضر والمستقبل , ولكن الملاحظ في الرد الرسمي انه لم ينفي اكتشاف عناصر من القاعدة في سلطنة عمان , ويتوقع أن يكون أفراد الخلية غادروا أفغانستان إلى باكستان وعبروا سلطنة عمان في طريقهم إلى اليمن ، وهي ذات الخلية التي ضمت بين أفرادها محمد أبو جبارة شقيق المطلوب على القوائم السعودية عبد الرحمن أبو جبارة الذي قتل خلال عملية الصوير التي جرت في محافظة الجوف السعودية عام 2003 واستهدفت تركي الدندني (1)
         بعدها لم يتم تداول أي خبر حول تسلل عناصر ذلك التنظيم الى سلطنة عمان حتى منتصف شهر فبراير من العام 2005 , حيث تناقلت العديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية نقلا عن مصادر دبلوماسية ونشطاء إن سلطنة عمان اعتقلت مجموعة من الإسلاميين للاشتباه في ترويجهم للتطرف الديني داخل البلاد , وقال عبد الله الريامي الناشط في مجال حقوق الإنسان في حينها لوكالة رويترز : إن من بين المحتجزين أساتذة جامعة ورجال دين وموظفون حكوميون , وقد اعتقل اقل من 30 شخصا , وقالت مصادر أمنية أن بعض المحتجزين ابلغوا المحققين أنهم يريدون إقامة دولة إسلامية خالصة في عمان , ولم تقدم المصادر مزيدا من التفاصيل , وتتوقع المصادر أن يتم احتجاز المزيد من الأشخاص في إطار التحقيق.ولم تواجه عمان التي رفضت التعليق على الموضوع، والتي تربطها علاقات عسكرية ودبلوماسية قوية مع بريطانيا  (2)
 
        ومنذ العام 2005م حتى نهاية العام 2011م وهو العام الذي يمكن أن نعتبره العام إلي انطلقت فيه أحداث ما يسمي بالربيع العربي بشكل عام والثورة اليمنية ضد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بوجه خاص – أي – بعد ما يقارب من الـ6 سنوات تقريبا من آخر الأخبار التي يمكن ربطها بالتنظيم في سلطنة عمان انقطعت كل أخبار التنظيم التي يمكن ربطها إعلاميا أو امنيا بسلطنة عمان  , إلا انه وفي يوم السبت الموافق 12/5/2012م نقلت العديد من الصحف اليمنية خبرا مفاده أن السلطات العمانية طلبت من دبلوماسيي سفارتها باليمن مغادرة صنعاء اثر تلقيها تهديدات من مجهولين , ونقلت يومية "الجمهورية" الصادرة في تعز جنوب صنعاء عن مصدر دبلوماسي قوله "إن السفارة العُمانية في صنعاء تلقت تهديدات أدت إلى سحب الدبلوماسيين فيها وان السلطات العمانية أخذت هذه التهديدات على محمل الجد وطلبت من طاقمها الدبلوماسي مغادرة صنعاء , وأضافت أن وزارة الخارجية العمانية منحت سفيرها في صنعاء عميد السلك الدبلوماسي عبد الله البادي وطاقم السفارة إجازة موقتة ، وطلبت منهم العودة إلى مسقط لدواعٍ أمنية.
          وذكر المصدر أن السفارة لم تغلق أبوابها ولا يزال الموظفون المحليون يؤدون عملهم الروتيني اليومي، مرجّحاً ألا يطول غياب السفير وأعضاء البعثة , وأشار إلى إن السلطات العمانية تجري اتصالاتها بنظيرتها اليمنية لتعزيز الحماية الأمنية حول السفارة وسكن رئيس وأعضاء البعثة، وأنهم سيستأنفون العمل مجدداً في حال اكتمال الإجراءات الأمنية , وكانت وزارة الداخلية اليمنية قامت بتعزيز الحماية الأمنية على المقرات الدبلوماسية وسكن الدبلوماسيين في صنعاء اثر تهديدات أطلقها تنظيم القاعدة باستهداف السفارات والمقرات الأجنبية. (3)
         بعدها بشهر تقريبا وفي 26/6/2012م نقلت العديد من الوسائل الإعلامية ما مفاده فرار خمسة سجناء من تنظيم القاعدة المتطرف من سجن تابع للمخابرات في مدينة الحديدة اليمنية ، وقال مصدر أمني لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، إن “خمسة من عناصر تنظيم القاعدة تمكنوا من الفرار من سجن الأمن السياسي "المخابرات"بمدينة الحديدة الساحلية دون أن يضيف مزيدا من التفاصيل (4) و في مقابلة على هامش مؤتمر لمكافحة القرصنة في دبي , بثتها وكالة رويترز قال وزير الخارجية اليمنية أبو بكر ألقربي في وقتها قال : أن بعض المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة ربما فروا الى دول مجاورة من بينها سلطنة عمان بعد طردهم من معاقلهم في مدن بجنوب اليمن , وفر كثيرون الى مناطق جبلية في جنوب اليمن بينما هرب آخرون الى دول مجاورة باستخدام مسارات برية وبحرية, وقال القربي انه توجد تقارير بأن بعض المتشددين ذهبوا الى عمان ولم يتم تأكيد هذه التقارير رسميا.
         وأضاف أن الأجهزة الأمنية تنسق مع الدول المجاورة لأن المتشددين لا يمثلون خطرا على اليمن فقط وإنما على الدول الأخرى أيضا , وأي تسلل الى عمان التي تقع على أحد جانبي مضيق هرمز الذي يمر فيه ثلث صادرات النفط العالمية المنقولة بحرا سيثير مخاوف من أن يتمكن تنظيم القاعدة من إقامة قاعدة جديدة له في منطقة لها أهمية إستراتيجية , وأشارت قوات الأمن اليمنية بالفعل الى أن بعض أعضاء القاعدة ربما عبروا الى عمان , وكان متشددون لهم صلة بالقاعدة قد اكتسبوا جرأة نتيجة لتراخي سيطرة الحكومة على البلاد أثناء احتجاجات العام 2011م  التي أدت الى تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح وسيطروا على مدن في جنوب البلاد أثناء الاضطرابات.(5)
         وهو ما أكدته السلطات العمانية على لسان بدر بن حمد البوسعيدي الأمين العام بوزارة الخارجية العمانية , حيث قال هذا الأخير : إن السلطات العمانية تحقق في تقارير تحدثت عن فرار أعضاء من تنظيم القاعدة من هجوم شنه جيش اليمن بدعم من الولايات المتحدة وعن دخولهم الأراضي العمانية , ونقلت الصحف العمانية عن بدر البوسعيدي الأمين العام بوزارة الخارجية العمانية قوله : إن أجهزة الأمن تلقت معلومات عن تسلل عناصر من القاعدة من اليمن إلى أراضي السلطنة وأن التدابير جارية لملاحقتهم واتخاذ الإجراء المناسب , نافيا في حينها أن تكون السلطات الأمنية العمانية قد ألقت القبض على أيٍّ من تلك العناصر، مشيرًا إلى أن هذا الأمر ذو طابع أمني وعلى درجة عالية من الحساسية.
         وقال البوسعيدي الأمين العام بوزارة الخارجية العمانية : لابد أن يبقى في إطار محدود بين المعنيين به، وعندما يستدعي الأمر لقول تفاصيل أكبر سيحدث ذلك في المرحلة القادمة , وأضاف أمين عام وزارة الخارجية بسلطنة عمان: هذا الأمر يأتي في سياق ما تشهده المنطقة والعالم من تهديدات مختلفة ، نحن لسنا في منأى عنها , وأردف: أن الأجهزة الأمنية تتابعه بشكل دقيق، وهي قائمة بواجبها لمكافحة وردع أي تهديد قد يشكل هاجسًا ليس فقط للسلطنة بل لمنظومة دول المنطقة بشكل عام في سياق التنسيق والاتصالات القائمة في هذا الشأن بين سلطنة عُمان ودول المنطقة ، ومثل هذه الاتصالات قائمة الآن بين هذه الدول ,وكانت معلومات أمنية تم تداولها إعلاميًّا أشارت إلى تسلل عناصر من القاعدة إلى سلطنة عُمان عبر الحدود اليمنية في أعقاب معارك ضارية مع الجيش اليمني أسفرت عن دحر ما سمي بـ"إمارة عزان" في محافظة شبوة اليمنية (6)
       و قال أبوبكر ألقربي على هامش مؤتمر مكافحة القرصنة في دبي سالف الذكر في حينها في هذا السياق -: بأن أعضاء القاعدة فروا إلى عمان ، رغم أن تنظيم قاعدة جزيرة العرب كان يرتكز على دولتين أساسيتين هما اليمن والسعودية فإن تناقل أخبار انتقاله الى عمان يدعو للتساؤل والتشكيك ، لكن ثمة أحداث طرحت اسم تنظيم القاعدة في اليمن مع عمان من بينها وصول أشخاص أجانب أعضاء لتنظيم القاعدة لليمن بعد مرورهم من عمان , وكان من ضمنهم شخص تونسي اسمه نزار محمد الجميع , والذي وصل عمان بفيزا رسمية وتأشيرة دخول ومن ثم انتقل الى اليمن عن طريق التهريب وتم القبض عليه من قبل أفراد الجيش المرابطين في بلحاف , ومعنى هذا وجود شبكة تهريب على صلة بتنظيم القاعدة قامت بنقل أعضاء للقاعدة من عمان الى اليمن وعند الإمعان لهذه الحادثة فإن المعروف أن شبكة التهريب من عمان لليمن تتشكل من أشخاص مهربين من محافظة المهرة الذي تربطهم بعمان أواصر تجانس كبيرة.
         وأضاف القربي في الجزئية الثانية والتي تربط تنظيم القاعدة في اليمن بعمان هو اختطاف واحتجاز الدبلوماسي السعودي الخالدي من قبل القاعدة في اليمن، وإغلاق السفارة السعودية في اليمن تلاه حينها إغلاق السفارة العمانية في اليمن جراء تهديد تعرضت له ، وتقول مصادر إن وساطة عمانية من أفراد عمانيين بذلت جهود للإفراج عن الدبلوماسي السعودي وفشلت في بدايتها وتلاها تهديد من مجهولين للسفارة العمانية وكانت هذه الجهود العمانية تنطلق من مبدأ أن وساطات العمانيين مقبولة من قبل كل الأطراف في العديد من الدول وكانت وساطات عمانية قد أفرجت عن مختطفين فرنسيين في اليمن قبل فترة , ولكن ومع هذا كله فإن الطبيعة الديمغرافية العمانية والجغرافية ليست حاضن للقاعدة في عمان، حيث أن المذهب الرسمي في عمان وهو الأباظية لا يتفق أبدا مع الحنبلية المتشددة التي ينطلق منها تنظيم القاعدة , كما أن تضاريس عمان وبيئتها القبلية قد تبدو مغرية لتنظيم القاعدة لإنشاء خلايا هناك ، كما أن عامل الفقر يلعب دور كبير لكن انتقال تنظيم القاعدة لعمان سيكون تحدي جديد للقاعدة وسيحتاج وقت إلى بلورته في مناطق جغرافية صعبة وعند بيئة قبلية محدودة  (7)
         وقد أكد العديد من المحللين في حينها بأن هذا الفعل تطور خطير وليس عشوائياً حيث أن هذه العناصر ليست تائهه في الصحراء بل تعرف وجهتها وتعلم إلى أين تتجه ومن هم الأشخاص الذين يستقبلونها وتنفيذ مهام لوجستية من هذه الأشخاص الذين هم على خبرة طويلة في التهريب للمواشي والإبل والمواد الاستهلاكية بل و مادة القات التي تكاد بشكل يومي يتم إدخالها إلى حدود السلطنة التي تمثل بضاعة نقدية للمهربين عبر طرق التفافية صحراوية وبحرية لا يعرفها سواهم ولم يكن هذا التسلل مفاجئاً لدى الأوساط المتابعة والمختصة بتنظيمات جهادية إسلامية (8)        
        المهم في الأمر أن الأخبار المرتبطة بتنظيم القاعدة والخاصة بسلطنة عمان قد أنقطت بعدها فيما يقارب من السنة تقريبا حتى تاريخ  26/12/2013م , حيث تناقلت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الالكترونية المحلية العمانية ما مفاده أن عدد من عناصر تنظيم القاعدة قد تسللوا الى الحدود العمانية قادمين من الجوار اليمني عبر محافظة ظفار, وان الجيش السلطاني العماني قد رفع حالة الطوارئ الى اللون الأحمر في قاعدة ثمريت الجوية وانه قد تمكن في وقت لاحق من القبض على عدد منهم , وقد حذرت السفارة الأمريكية في السلطنة رعاياها في بيان لها في نفس اليوم من السفر إلى محافظة ظفار وبخاصة ولاية ثمريت ، وذلك لما رصدته في تقاريرها من “تهديدات واضحة وصادقة” بحسب وصفها  (9)
                كما نقلت صحيفة الزمن العمانية على موقعها الالكتروني بتاريخ 26/6/2013م أن معظم المناطق الحيوية في عُمان تشهد هذه الأيام تعزيز الإجراءات الأمنية وذلك بعد ورود معلومات عن دخول عناصر فارين من تنظيم القاعدة في اليمن عبر الحدود الجنوبية للسلطنة , وأشار شهود عيان إلى أن قوات من الجيش السلطاني العُماني وشرطة عُمان السلطانية تتواجد على مدار الساعة لحماية تلك المنشآت , وحسب معلومات لــ "الزمن" فإن تعميما أمنيا صدر مؤخرا أفاد بوجود عناصر "خطرة" في الأراضي العمانية، وأكد البيان أن ذلك يتطلب رفع مستوى الإجراءات الأمنية في المناطق الحيوية.
         وكانت السلطنة أغلقت خلال الفترة الماضية سفارتها "مؤقتا" في صنعاء بعد تلقيها تهديدات من مجهولين تزامنا مع تهديدات مماثلة تلقتها سفارات عربية وأجنبية أخرى , وتعيش اليمن صراعا كبيرا مع تنظيم القاعدة، وصفته وسائل إعلام بأنه حرب "مفتوحة تتجه إلى التوسع"، وهو أمر أوجد "حذرا عمانيا" في التعامل مع التطورات، لقرب بعض المنشآت الحيوية وهي حقول النفط والغاز من محافظة ظفار، وهي البوابة الجنوبية للبلاد , جدير بالذكر أن السلطنة قامت سابقا بسن قوانين وتشريعات حول "الإرهاب" وأنشأت لذلك لجنة وطنية أعيد تشكيلها منذ فترة من قبل مجلس الأمن الوطني.(10)
 
ملاحظات الدراسة :
(1) اعتمدت هذه الدراسة بشكل رئيسي في تعرفها على تواريخ وتفاصيل تسلل تنظيم القاعدة الى سلطنة عمان من خلال الحدود اليمنية – العمانية أو غيرها من المنافذ التابعة لعمان على مصادر إعلامية غير عمانية نظرا لعدم تطرق أو تناول الإعلام العماني الى تلك الأحداث .
(2) كما وضحنا سابقا بأنه لا يمكن الاستناد الى تلك التواريخ التي تعاطت معها الدراسة على أنها تشكل التواريخ الرئيسية الوحيدة لأخبار تسلل ذلك التنظيم الى الحدود العمانية , نظر للتعتيم الإعلامي حول تلك الأخبار لدواع أمنية وعسكرية خاصة حرصت الجهات العمانية المعنية بالأمن الوطني العماني على التعامل معها بكل عناية وحرص منذ فترات طويلة , وهو ما جعل تلك المعلومات نادرة جدا حول هذا الموضوع.
(3) اعتمدت الدراسة في رؤيتها لمرئيات التنظيم المستقبلية خلال السنوات القادمة على خطة التنظيم التي نشرها في العام 2005م للفترة من(2000م-2020م) والمنشورة في مجلة الهام الصادرة باسم INSPIRE  بالانجليزية نقلا عن دراسة تحت عنوان : جهاد 2020 – تقييم لخطة تنظيم القاعدة لـ 20 عاما حتى العام 2020م والصادرة عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
 
لماذا تعتبر سلطنة عمان مهمة من الناحية الإستراتيجية بالنسبة لمستقبل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب:           
          تعد سلطنة عمان كما هو حال المملكة العربية السعودية في نظر تنظيم القاعدة بشكل عام وفرعها الرئيسي في جزيرة العرب والذي يتخذ اليمن مسرحا لعملياته من أهم وابرز الدول التي يمكن يتخذها في خططه الإستراتيجية المستقبلية " كطريق الحرير " الى بقية دول مجلس التعاون , وتتم المفاضلة بينهما بناء على الحاجة التكتيكية , وبما أن تنظيم القاعدة في اليمن ، يعتبر بديلا إلى التنظيم المركزي في معقله في أفغانستان ، وله خصوصيته أكثر من فروع القاعدة الأخرى وهو الأخطر وفقا لتقرير الديلي تلغراف في نسختها الانكليزية الصادرة يوم 5 ديسمبر 2013، بقلم مراسلها في الشرق الأوسط Richard Spencer , ويختلف تنظيم القاعدة في اليمن عن بقية فروع التنظيم ، فأن لم تكن أقواها فهو الأكثر تجذراً  في تعاليم القاعدة المركزي وهي الأكثر قرباً أيديولوجيا وروحياً من زعاماتها –القديمة والحديثة - فالحديث عن القاعدة في اليمن يعني الحديث عن تنظيم يعتبر إمتداداً  للتنظيم المركزي وممكن أن يكون بديلاً لمعقله في  أفغانستان  .
       وزاد هذا الاحتمال في أعقاب مفاوضات الإدارة الأميركية مع طالبان في الدوحة عام 2012 و 2013، باعتبار أن طالبان هي صاحبة الأرض في أفغانستان , وهذا يعني أن دور التنظيم في اليمن سوف لا يتحدد في جغرافية  اليمن بل سيتم تصدير مقاتليه وعملياته إلى ساحات قاعدية " جهادية " في المنطقة , فاليمن ممكن أن تكون ارض" مدد" وتدريب للمقاتليين، وتتمتع اليمن برمزية استثنائية وهي إنها مسقط رأس بن لادن ـ حضرموت , وهذا ما يجعل الغرب والمؤسسات الأستخبارية تعتبر فرع التنظيم في اليمن هو التنظيم البديل عن معقله في أفغانستان وهو والأخطر  (11) وهنا تكمن المشكلة المستقبلية والتحدي الأكبر والأخطر بالنسبة لسلطنة عمان , حيث أنها والمملكة السعودية ستكونان الأقرب للمعقل الرئيسي الجديد , والذي يمكن أن يكون بديل لأفغانستان , كما أن المياه العمانية ستكون الأنسب والأقرب للفرع الآخر الموجود في الصومال .
         وحيث ترتبط حدود عمان مع اليمن من الجنوب الغربي لذا فإمكانية التسلل وارده رغم الرقابة الحدودية من الجانب العماني إلا أن اتخاذ مسالك بعيدة عن أعين حرس الحدود والأمن العماني والصحراء المترامية المتداخلة والمرتفعات بين الدولتين اوجد فرص لأعمال التهريب إلى هناك انطلاقا من ومواقع نائية بمحافظتي المهرة وحضرموت ويقول عدد من العارفين أنه بالإمكان تسلل المهربين ومعهم أنواع من البشر تختلف حاجاتهم لكنهم يتفقون في الدخول إلى عمان بل ربما إلى الإمارات أو السعودية من محيط مثلث " البديع " حيث تلتقي رمال اليمن والدول الثلاث شرقي رماه الصحراوية وبالتأكيد يتجنبون العبور بالقرب من الخطوط اللاسلكية واحتمال آخر من المهرة هو العبور من محيط شحن وبالطبع ليس من المنفذ البري أنما من جزء الصحراء " فوجيت – حات " أو التسلل من مرتفعات " حوف " التي تتصل مع الطرف العماني أو عبر البحر إلى " ضلكوت " أو " رخيوت " العمانية.
          إلا أن المرجح هو التسلل عبر البر الصحراوي الذي يوفر إمكانية فرار شبه آمن خصوصاً لعناصر تنظيم القاعدة الذين يحبذون هذه الطرق وصولاً لتحقيق أهدافهم بإنتشارهم في دول أخرى انطلاقاً من اليمن الذي استقطبت المئات من جنسيات خارجية خلال العام 2011م  وهذا التنظيم يقابله خارج الحدود متعاونين بصور متعددة وتحت غطاء متنوع يمدها ويهيئ لها مناخات الوصول إلى خارج الحدود اليمنية . (12)
         وفي هذا السياق قال المحلل السياسي اليمني فارس السقاف : إن التطورات في جنوب اليمن لها تأثير كبير في تحديد مستقبل اليمن ومستقبل القاعدة , وأشار إلى أن القاعدة باتت تتحكم أو تتحرك بسهولة في "هلال" يمتد من الحدود مع سلطنة عمان مرورا بمحافظة شبوة الصحراوية نزولا إلى أبين والبيضاء المتاخمة لها وصولا إلى محافظة لحج ، ومن لحج إلى عدن كبرى مدن الجنوب , وأكد السقاف أن القاعدة "غيرت تكتيكها التقليدي (اضرب واهرب) وباتت تسيطر على الأرض وتسعى لتبرهن للناس على أنها صاحبة دولة وليست مجرد مجموعة من الإرهابيين" , واقر السقاف بدوره بأنه بات ينظر الى جنوب اليمن على انه "المركز العالمي الجديد لنشاط القاعدة" ولو انه يتحفظ على هذا التوصيف , لكن القاعدة تستفيد لذلك من عوامل خاصة توفرها الحالة اليمنية خصوصا في الجنوب حيث يغيب نفوذ الدولة بشكل كبير وحيث تنشط حركة انفصالية مناهضة لصنعاء استطاعت القاعدة على ما يبدو استمالة قسم من قياداتها وعناصرها . (13)
         وينظر الى اليمن في كل الأحوال الى أنها وسيلة او معبر او وسيلة عبور وليس غاية بحسب العديد من المحللين وبحسب أدبيات التنظيم , أما الهدف النهائي فهو السعودية وباقي دول الجزيرة العربية وخزان الطاقة العالمي , وان اليمن هدف تكتيكي وليس هدفا استراتيجيا ، فخطة القاعدة التي تتأثر بفكر بن لادن هي أنهم إذا استطاعوا السيطرة على اليمن، يمكنهم الدخول إلى السعودية والجزيرة العربية , وقد اعتبرت اليمن كالجسر الذي يعبر إليه التنظيم إلى الجزيرة العربية للسيطرة على الاقتصاد
العالمي من خلال النفط والغاز , ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن وثائق عثر عليها في منزل بن لادن الذي قتل فيه في أبوت آباد مطلع شهر مايو 2011، انه كان يعتقد أن اليمن هو الموقع الأمثل لبناء دولة إسلامية للتنظيم , وبحسب الصحيفة فقد أكد في رسالة لأحد مساعديه أن "أفضل موقع لإنشاء دولة إسلامية هو اليمن"، ووصف هذا البلد الذي تتحدر منه عائلته بأنه "نقطة الانطلاق لدول الخليج"، و"السيطرة على تلك الدول تعني السيطرة على العالم".
 
قراءة استشرافية للتطبيقات المحتملة لخطة التنظيم 2013-2020م على سلطنة عمان:    
      
        من خلال خطة مسربة للباحث الأردني فؤاد حسين مؤلف كتاب : الظواهري , الجيل الثاني لتنظيم القاعدة في العام 2005م للفترة من 2000م- 2020م نقلا عن دراسة تحت عنوان : جهاد 2020 – تقييم لخطة تنظيم القاعدة لـ 20 عاما حتى العام 2020م والصادرة عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى , مع استثناء المراحل الزمنية السابقة للعام 2013م فان تصور التنظيم للمراحل الزمنية القادمة 2013م -2020م كالتالي :
المرحلة الخامسة: 2013- 2016م , في السنوات الثلاث القادمة : يتمنى تنظيم القاعدة أن ينشئ دولة إسلامية أو خلافة إسلامية ، وذلك بفضل تراجع التأثير الغربي على العالم الإسلامي بالإضافة إلى إضعاف إسرائيل والولايات المتحدة، كما أن النفوذ الغربي على المنطقة سيكون قد تقلص بالفعل، كما يتضح من عجز واشنطن الأخير في تشكيل مجريات الأحداث في مصر وسوريا , ومع ذلك فالولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بوجود عسكري كبير بالإضافة إلى علاقات مع الدول العربية , وبسبب حالة عدم الاستقرار التي تعم المنطقة بأسرها ، فإن إسرائيل الآن تتمتع بأكثر من مجرد التفوق العسكري النوعي أكثر من أي وقت مضى.
المرحلة السادسة: 2016- 2020م , وهي مرحلة المواجهة الشاملة كما يطلق عليها التنظيم , وفي هذه المرحلة ، يتوقع تنظيم القاعدة حربا شاملة مع الكفار، حتى المرحلة السابعة والأخيرة في عام 2020م. "النصر النهائي" الذي سيتحقق بهزيمة الكفار ونجاح دولة الخلافة.
       وبناء على تحليل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى للمرحلة الخامسة والسادسة والتي ورد فيها التالي : ان المرحلتين الأخيرتين تبدوان خياليتين إلى حد ما، نتيجة للعقبات الكأداء التي تقف في طريق تنظيم القاعدة لتحقيق هذا الهدف. أولاً، فمع أن الغرب يواجه بالفعل صعوبات اقتصادية وأن نفوذه قد تراجع نسبيا، إلا أنه لا يعيش أزمة  تهدد وجوده، كما توقع تنظيم القاعدة. ولا حتى إسرائيل تعاني من هذه المشكلة. ثانيا، سجل الجهاديين وتجربتهم في الحكم فقيرة جداً، خصوصا عندما بدأوا بتأسيس تصوراتهم الضيقة للشريعة، ومن أمثلة ذلك الفشل الذريع في، أفغانستان والعراق والصومال واليمن ومالي، وذلك بسبب الوحشية الشديدة والسعي لفرض أعراف وقيم اجتماعية لا تزال بعيدة المنال بالنسبة للسكان المحليين. ولذلك، من المحتمل أن تكون هناك ردة فعل تجاه أية مشاريع جديدة في سوريا أو في أماكن أخرى.
        بيد أن استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة برمتها يعني أن الحركة الجهادية، وهي حركة ذكية وتتعلم من أخطائها، من المرجح أن تستمر في إيجاد من يتعاطف معها. فمن غير المعقول أن يحقق الجهاديون نصراً شاملا وينشئوا دولة الخلافة على الشعوب الإسلامية برمتها. ولكن تنظيم القاعدة لن يختفي من الوجود في المستقبل القريب. وبالرغم من أن المراحل الأخيرة من خطته الاستراتيجية لا تزال بعيدة المنال، إلا أن التنظيم يمثل حقيقة واقعة يحتمل أن يصمد لعقود قادمة  (14)
        وعليه فان الاحتمالات المتوقعة للتطبيقات المحتملة لخطة التنظيم 2013م-2020م على سلطنة عمان سيكون من خلال السيناريوهات التالية :
        (1) من الصعوبة التي تصل الى مرحلة الاستحالة ان ينجح تنظيم القاعدة في ان ينشأ قاعدة أيديولوجية أو ثقافية قوية تزيد عن ما يمكن ان نطلق عليه ببعض التعاطف الجزئي لبناء دولة أو خلافة إسلامية كما ينظر إليها ويريدها في أدبياته في سلطنة عمان خلال الفترة المحددة في خطة التنظيم على اقل تقدير .   
         حيث لا تتوفر الأرضية المناسبة لذلك لا من الناحية الفكرية والثقافية ولا من الناحية السياسية , ولكن يمكنه على اقل تقدير اللعب على وتر الطائفيات والمذهبيات من خلال تعزيز قوة فئة على حساب فئة أخرى بأي طرق متوفرة وممكنة للتنظيم , ولا يستبعد ان يتم شحن بعض طوائف ومذاهب وقبائل المجتمع العماني المتماسك ضد أخرى بهدف نشر الفتن والقلاقل بينها من خلال العزف على أوتار التمييز والعدالة الاجتماعية والفوارق الاقتصادية أو السياسية , وكل ذلك بالطبع وان كنا نرى من وجهة نظرنا الشخصية استحالة نجاحه لتحقيق أي هدف عملي للتنظيم , إلا ان ذلك يمكن ان يتسبب بالإخلال بمنظومة الأمن والاستقرار في سلطنة عمان , وهو أمر يمكنه ان يهيئ الأرضية التي يمكن ان يستغلها التنظيم في المستقبل في هذه البقعة الجغرافية وخصوصا أنها قريبة جدا من احد أهم قواعد النفوذ والسلطة للتنظيم -ونقصد به اليمن المجاور لسلطنة عمان , والذي تربط أبناءه مع العديد العمانيين روابط اجتماعية قوية .
         (2) إذا كان التنظيم سيفشل في الوصول الى تحقيق ما يسعى إليه في سلطنة عمان من خلال تهيئة الأرضية المناسبة لدولة الخلافة , فانه لا يستبعد ان يبدأ بمحاولة إضعاف النفوذ الغربي في سلطنة عمان من خلال ضرب القواعد والمصالح الغربية أو كل ما من شانه إضعاف البنية التحتية وخصوصا حقول ومصافي النفط العمانية خلال الفترة من 2013م-2020م – انظر في هذا الشأن محور التحديات الأمنية المطروحة أمام الحكومة العمانية في المستقبل بسبب تنظيم القاعدة.
 
 
التحديات الأمنية المطروحة أمام الحكومة العمانية في المستقبل بسبب تنظيم القاعدة :
 
 (1) تهديد القاعدة للمواني وحقول ومصافي النفط العمانية : من ابرز المخاطر والتهديدات التي يمكن أن يوجهها تنظيم القاعدة الى سلطنة عمان يكمن في تهديد أهم مصادر الدخل القومي العماني – وهي – آبار ومصافي النفط العمانية , وخصوصا تلك القريبة من الحدود مع اليمن في محافظة ظفار , وبكل تأكيد لا يمكن استبعاد بقية الحقول والمصافي في بقية محافظات السلطنة .
         وقد تحدث تقرير لوكالة "يونايتد برس انترناشونال" الأميركية : بأن الحرب في اليمن تهدد قطاعات الغاز والنفط لدى جاراتها السعودية – العمانية , فشركات الخدمات مثل بيكر هيوز وشلمبرجير وهاليبرتون جميعها ترى إمكانات كبيرة للعمل هناك مع بداية عام 2014, كما أن شركة BP وقعت مؤخراً اتفاقاً لاستثمار 16 مليار دولار مشروع غازي في سلطنة عمان , وفي حين تتدفق هذه الشركات إلى شبه الجزيرة العربية، فإنها ستكون أهدافاً محتملة للمتشددين من اليمن، لاسيما القاعدة في شبه الجزيرة العربية (15).     
 (2) استهداف المصالح الغربية في سلطنة عمان , وعلى رأسها تلك المرتبطة بالقواعد العسكرية الاميريكة والتواجد البريطاني :فعلى سبيل المثال وبحسب تقرير لمركز أبحاث الكونغرس الأمريكي Congressional Research Service تم تحديثه في 28/6/2005م ، وحسب كتاب وليم أركِن  "الأسماء المشفرة"  الصادر في أمريكا عام 2005م؛ توجد في سلطنة عمان منذ ما قبل 11 سبتمبر خمس قواعد أمريكيّة تتّبع مباشرة للقيادة الوسطى الأمريكيّة، كما توجد اتفاقات تعطي أمريكا حقّ استخدام 24 مرفقاً عسكرياً عُمانيّاً, ولا توجد قوّات عسكريّة أمريكيّة كبيرة في عُمان ، كما كان الحال وقت حرب أفغانستان، بل يوجد تواجد رمزي، ومخازن ضخمة للأسلحة والعتاد والذّخائر الأمريكيّة.
        وفي عام 2001 مثلاً، موّلت عُمان 79  % بحسب التقرير من تكلفة الوجود العسكري الأمريكي على أرضها، وبعد 11 سبتمبر؛ تمّ تجديد الاتفاق الذي يُتيح لأمريكا حقّ استخدام المرافق والحقول الجويّة في السيب وجزيرة مصيرة وثُمريت التي لا يوجد لها ذكر على الخريطة العربيّة، مع ان مواقع الإنترنت الأمريكية تذكرها تكراراً ، وهي ثلاث قواعد جويّة جاهزة للاستعمال، مع أنها لا تُستعمل جميعاً بشكلٍ مُكثّف اليوم، مع أن قاعدة السيب الجويّة أصبحت محوراً للرّحلات السّريّة إلى يعقوب أباد وشمسي بندري في باكستان، وإلى باغرام وقندهار في أفغانستان , وقد سبق استخدام قاعدة ثُمريت لإطلاق طائرات B-1 القاصفة ، كما استخدِمت قاعدة السيب لإطلاق طائرات براديتور بلا طيار، خلال حرب أفغانستان.
         أمّا القوّات الخاصة الأمريكيّة ومنها القوات الخاصة "السوداء"، والتي تخوض "الحرب على الإرهاب"، فقد أصبحت عُمان منطلقاً رئيسياً لها , وتُستخدم البحريّة الأمريكيّة مرفأ مسقط للرّسو والتزوّد بالوقود , ويتم تشغيل طائرات التّجسّس من قاعدة المصيرة الجويّة. وتُعتبر جزيرة العنز، ومصيرة ، وكسب، جميعاً، محطّات مراقبة أمريكيّة، حسب مراجع مختلفة ,  وقد وقعت سلطنة عمان اتفاقيّة تسمح لأمريكا باستخدام أراضيها ومرافقها العسكريّة للعمليّات الأمريكيّة في المنطقة منذ 12/4/1980م، مما أتاح استخدامها منطلقاً للعمليّات ضد العراق وأفغانستان. وتتعاون عُمان أمنياً بشكل أكبر مع أمريكا منذ 11 سبتمبر، وقد قامت بإجراءات عديدة لضبط "تمويل الإرهاب"، كما أن "القيادة المشتركة للعمليات الخاصة"، والسي أي إيه، تعتبر عُمان قاعدة أساسيّة لها فيما يُسمّى "منطقة الشرق الأوسط".
        وبالطبع تتمتع سلطنة عمان أساسا بعلاقات عسكرية وأمنية متميزة مع بريطانيا , والتي باشرت في 11/2001م بأكبر تمرين عسكري خارج حدودها مع سلطنة عمان منذ حرب العراق في العام 1990م وتتمثل العلاقات العسكرية العمانية البريطانية أيضا بقيام القوات المسلحة البريطانية بإعارة عسكريين للقوات المسلحة العمانية . (16)
 (3) تحول سلطنة عمان من خلال منافذها البحرية والبحرية والجوية معبر لأعضاء التنظيم المتجهين لليمن أو العكس : فقد ألقت السلطات الأميركية القبض يوم الجمعة 18/10/2013م على شاب من سكان نيويورك عمره 25 عاما بتهمة محاولة السفر إلى اليمن للانضمام لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب , وأظهرت وثائق المحكمة اتهام الشاب الذي يدعى ماركوس ألونسو زيا بمحاولة الانضمام إلى التنظيم وتقديم العون له ، ووجه له الادعاء تهم التخطيط للمشاركة في عمليات للقاعدة خارج الولايات المتحدة من شأنها أن تتسبب في قتل أشخاص.
         وقد حاول في يناير 2012 السفر من نيويورك إلى اليمن لكن مسؤولي الجمارك في بريطانيا اعترضوا سبيله بينما كان يحاول تغيير طائرته وأعادوه للولايات المتحدة , وحين فشلت محاولته الوصول لليمن ساعد شابا عمره 18 عاما يدعى جوستن كاليبي في محاولة القيام بنفس الرحلة في يناير 2013م .وأوردت وثائق المحكمة أن كاليبي اعتقل لدى محاولته الصعود إلى طائرة متجهة إلى سلطنة عمان واتهم بمحاولة تقديم الدعم لإرهابيين.(17)
         ويذكر انه وفي العام 2010م تم توقيف احد ابرز قيادات التنظيم في سلطنة عمان وهو العيدان , سعودي الجنسية ويلقب ببارود , فقد ( وجهت بعض المواقع الإلكترونية المتشددة التي ترصدها شبكة CNN الإخبارية الأمريكية رسائل تحذيرية إلى قيادات القاعدة من انكشاف غطاء السرية عنهم في ضوء اعتقال قيادي سعودي مؤخراً وبحوزته لائحة تضم أسماء أكثر من 300 من خلايا التنظيم وأرقامهم بالإضافة إلى مستندات أخرى مهمة ساعة إلقاء القبض عليه.
         ونقلت الشبكة في موقعها الإلكتروني بتاريخ 16/2/2010م عن مصدر استخباراتي أمريكي قوله إن ( ع ص ع ) محتجز حالياً بعد توقيفه في سلطنة عِمان أواخر يناير 2010م ، إلا أنه رفض الخوض في تفاصيل المعلومات التي أدلى بها العيدان أثناء استجوابه نظراً لحساسية تلك المعلومات علاوة على أنه غير مخول بالحديث في هذا الشأن , وأشار إلى أنه ألقي القبض عليه وهو يحمل معلومات من قيادات القاعدة المركزية في باكستان- أفغانستان إلى جناحها في اليمن، والذي يعرف بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.  
        وقد نشرت مواقع متشددة على شبكة الإنترنت تحذيرات جاء في أحدها يوم 28 /1/2010م  من مرسل مجهول إلى قيادات الحركة في اليمن وأفغانستان إن العيدان اعتقل وبحوزته أرقام وصور لأكثر من 300 من الخلايا، بالإضافة إلى أسماء مهمة."وحثت الرسالة قيادات التنظيم على "تغيير أماكن إقامتهم وأرقام هواتفهم المحمولة بأسرع فرصة ممكنة ,وأثار بعض خبراء مكافحة الإرهاب تساؤلات بشأن مغزى حيازة فرد واحد لهذا الكم الهائل من المعلومات المهمة التي قد تعد بمثابة كنز للأجهزة الاستخباراتية بعد التأكد من دقتها علاوة على أنها قد تعد مؤشراً يدل على وجود روابط أوثق مما كان يعتقد في السابق بين قيادات القاعدة المركزية وفرعها في اليمن  (18)
         وقد شكلت محاولات أعضاء تنظيم القاعدة في اليمن استغلال المنافذ العمانية سواء كانت بحرية أو برية أو جوية للدخول الى الأرضي اليمنية قلق وإزعاج كبير شنت على أثره الحكومية اليمنية بتاريخ 24/11/2009م بحسب صحيفة "أخبار اليوم اليمنية " الرسمية هجوماً لاذعاً على سلطنة عمان ووزير خارجيتها يوسف بن علوي واتهمت السلطنة بأنها أعطت منفذاً بحريا لإيران استخدمته الأخيرة كمنفذ آمناً لها لتهريب السلاح إلى المتمردين الحوثيين في محافظة صعده والعناصر المسلحة لما يسمى بالحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة حسب ما أوردته الصحيفة .
         وقد جاء ذلك في خبر نشرته الصحيفة والذي اتهمت فيه الوزير العماني بأنه يحاول أن يخفي حقيقة ما قالت انه تدخل إيراني في الشئون اليمنية ، وانه نصب نفسه وكيلا ومدافعا عن إيران ، حيث قال وبحسب الصحيفة : أن اليمن لم يتح له الاستقرار منذ الثورة ، في محاولة منه لدحض التهم الموجهة نحو إيران خصوصاً وأنه قد قال : إن إيران بلد جار لنا ومصالحنا ومصالحها متداخلة ونتوقع ألا يكون لها شأن في إيذاء العرب، سواء اليمن أو غيره ، ولا نرى أن لها مصلحة في إيذاء أي بلد عربي , وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاقيات العسكرية التي وقعتها السلطنة مع الجمهورية الإسلامية قد مكنت إيران من مد قوتها ونشر أساطيلها في البحر العربي مهددة بذلك سلامة ووحدة اليمن .
      وبحسب مراقبين ومحللين للشأن اليمني فإن التصريحات والاتهامات اليمنية ضد دول الخليج يكشف حالة التخبط الذي يعيشه نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح , والذي وجه تهما قبل شهرين من تاريخ اتهام سلطنة عمان الى دولة الإمارات العربية المتحدة بتهريب أسلحة الى قيادات الحراك الجنوبي عبر سفينة لم تكشف عن هويتها ، ثم أرسل صالح نجله الى ابوظبي لتقديم الاعتذار (19)
(4) القرصنة البرية وأعمال الاختطاف والابتزاز : ستشكل أعمال القرصنة البرية وأعمال الاختطاف والابتزاز البديل الأنسب لتنظيم القاعدة لحصوله على أموال لتمويل عملياته في اليمن وخارجها خلال السنوات المقبلة , وتعد تلك الأعمال من ابرز التهديدات التي يمكن أن يوجهها التنظيم الى الاستقرار والأمن الوطني العماني , فليس من المستبعد أبدا أن يقوم التنظيم خلال السنوات المقبلة بالقيام بأعمال القرصنة واختطاف المواطنين العمانيين او الوافدين المتواجدين في المناطق العمانية التي يمكن أن يتسلل إليها بطريقة او بأخرى , او حتى من خلال اختطاف الدبلوماسيين العمانيين الموجودين باليمن او غيرها من الدول , وقد نجح التنظيم في اليمن خلال السنوات الماضية في هذا الأمر بدرجة كبيرة , وليس تواريخ اختطاف الرعايا الفرنسيين في 28/5/ 2011م , والزوجين الفنلنديين ونمساوي، في ديسمبر/ 2012م وهما على سبيل المثال لا الحصر ببعيد .
       وتُظهر دراسة بحثية في كتاب "اليمن على شفا هاوية"، الصادر عن مركز كارنيغي، أنّ القاعدة استهدفت الأجانب مرتين فقط على مدى 14 عاماً ( بين عامي 1992 و2006)، الأولى في كانون الأول / ديسمبر 1998 عبر اختطاف 16 سائحاً في أبين، والثانية في كانون الأول/ ديسمبر 2002 عبر قتل ثلاثة أطباء من بعثة تبشيرية أمريكية في جبلة بمحافظة إب.
       وفي 3 شباط / فبراير 2006 نجح 23 سجيناً من الهرب من سجن الأمن السياسي في صنعاء، من بينهم ثلاثة سيشكّلون نواة تنظيم القاعدة في نسخته الجديدة، أو ما عرف بـ"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، بعد اندماج فرعيه في السعودية واليمن. إثر ذلك، تزايدت هجمات القاعدة ضدّ الأجانب , وفي تموز/ يوليو من العام 2007، قتل ثمانية سواح من الجنسية الإسبانية ويمنيان في تفجير داخل معبد الشمس (مزار الملكة بلقيس في مأرب). وفي كانون الثاني / يناير 2008 قُتل بلجيكيان ويمنيان في حضرموت. واختُطف تسعة عمال إغاثة في صعدة في حزيران / يونيو 2009، ما يزال مصير ثلاثة منهم مجهولاً إلى اليوم.  وفي آذار/مارس 2012 قامت "مجاميع قبلية" باختطاف المعلمة السويسرية من مدينة الحديدة، التي انتهت الى البقاء بين يدي القاعدة لمدة عام قبل اطلاق سراحها بفدية.
        وقد حصد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ما يصل إلى 20 مليون دولار في الفترة من 2010م-2013م  وفقًا لتقديرات أليستير بيرت، الذي كان حتى شهر أكتوبر / 2013م المسؤول الدبلوماسي البريطاني لشؤون الشرق الأوسط , والذي أكد أن اغلب أموال التنظيم في اليمن خلال الفترة الأخيرة تأتي من المبالغ التي تضطرا الدول لدفع مقابل الإفراج عن مواطنيها المخطوفين كرهائن لدى التنظيم , وقال بيرت في اجتماع دبلوماسي أخير في نيويورك: "إذا استمرت هذه المدفوعات، فإن قدرة القاعدة في جزيرة العرب في اليمن على الهجوم ضد أصدقائها وجيرانها ستصبح أكثر قوة"، مشيرًا إلى أن اختطاف الرعايا الأجانب مقابل فدية هو مصدر الدخل الأكبر للتنظيم  (20)        
 
خلاصة الدراسة :
         بناء على المعطيات والمعلومات والتحليلات الواردة في الدراسة , فانه يمكن ترجيح فكرة : أن سلطنة عمان ستكون محط أنظار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والذي يتخذ اليمن مسرحا لعملياته خلال السنوات القادمة , وتحديدا خلال الفترة من العام 2013-2020م , وان عمليات التسلل من الحدود اليمنية الى الحدود العمانية سترتفع تدريجيا , ولا يمكن استبعاد تعرض المصالح الغربية والمواني وحقول ومصافي النفط العمانية للتهديد خلال تلك الفترة , كما لا يمكن استبعاد استغلال المنافذ الجوية والبحرية العمانية خصوصا كوسيلة عبور او "ترانزيت" لأعضاء التنظيم الى اليمن, كما يرجح أن يلجأ التنظيم خلال الفترة القادمة الى محاولات اختطاف المواطنين او الوافدين او الجنود للمطالبة بفدية تساعدهم على متابعة تمويل عملياتهم في المنطقة.
         من جهة أخرى فانه لا توجد مؤشرات حتى تاريخ الانتهاء من كتابة الدراسة مع مطلع العام 2014م ترجح إمكانية نجاح التنظيم في اختراق المجتمع العماني وبالتالي نيله التعاطف الكافي لتشكيل جبهة او جماعة محلية قادرة على تهديد الأمن والاستقرار الوطني العماني , كما لا يوجد حتى التاريخ المشار إليه سابقا ما يؤكد حصول القاعدة على تمويل مالي او عون لوجستي او دعم ثقافي او فكري من الداخل العماني , وهو أمر يرجح أن يستمر لفترة طويلة نظرا لخصوصية المجتمع العماني وثقافة السلام والسلم السائدة فيه , على أن ذلك لا يمكن أن يؤخذ على انه تأكيد يصل الى منزلة الاستحالة.  
مراجع الدراسة :
(1) الشرق الأوسط اللندنية25/08/2002       
(2) موقع الجزيرة نت بتاريخ 18/2/2005م .
(3) صحيفة الرياض السعودية بتاريخ  13/5/2012م - العدد 16029
(4) صحيفة الاتحاد الإماراتية عدد 27/يونيو/2012م
(5) موقع وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28/6/2012م
(6) موقع ميدل ايست اونلاين بتاريخ 26/6/2012م
(7) موقع وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28/6/2012م
(8) تقرير خاص لموقع المكلا اليمني بتاريخ 28/6/2012م
(9) صحيفة البلد الالكترونية العمانية بتاريخ 26/12/2013م .
(10) الزمن العمانية بتاريخ 26/6/2013م
(11) جاسم محمد , صحيفة الحدث , تحت عنوان :  لماذا أستهدفت ألقاعدة في اليمن مجمع وزارة الدفاع ؟ بتاريخ 9/12/2013م 
(12) تقرير خاص لموقع المكلا اليمني بتاريخ – مرجع سابق
(13) موقع صحيفة الاتحاد الإماراتية , 14/4/2012م
(14) موقع إسلام ديلي تحت عنوان : جهاد 2020- تقييم لخطة تنظيم القاعدة لـ 20 عاما حتى العام 2020م بتاريخ 17 ذو القعدة للعام 1434هـ , نقلا عن المصدر الرئيسي :
www.worldpoliticsreviw.com
 (15) موقع صحيفة أخبار اليوم اليمنية بتاريخ 29/12/2013م
(16) موقع مركز الخليج لسياسات التنمية , الإصدار الاستراتيجي , الخليج 2013:الثابت والمتحول-الملخص التنفيذي , ص 165 – 181
(17) موقع يمن برس , بتاريخ 19/10/2013م.
(18) صحيفة الرياض السعودية بتاريخ 17/2/2010م العدد 15213
(19) موقع عدن برس الإخباري  بتاريخ 24/11/2009م.
(20) موقع إيلاف الإخباري , بتاريخ 22 / 10 /2013م
ــــــــــــ

باحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية 
رئيس تحرير مجلة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية
2014م