الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 04-06-2023

رسائل طائرة 04-06-2023

04.06.2023
زهير سالم



رسائل طائرة 04-06-2023
زهير سالم*
معادلة العود وقشه…
من أمثالنا البلدية "ما بحنّ على العود إلا قشُّه" ويصحفها البعض فيقولون "قشره"
وقشُّ العود هي الطبقات الخارجية، التي تحيط بعجمته، وتحميها من حر ومن برد ومن عدوان عاد..
ومعادلة هذا المثل أعيتني منذ سنين طويلة..
لا أنا عود له قش فيحنّ عليّ قشي، ولا أجد عودا أكون قشا له فأبذل له بعض ما أملك من حنان..
واعتقد أن تبادل الحنان والعواطف على أي سبيل، حاجة أصيلة، يظمأ إلى مثلها الانسان.ويشتد ظمأه أكثر إذا كان سيره في مغترب أو في صحراء..
ومن هنا كانت المشاركة في الأفراح وفي الأتراح فريضة اجتماعية راتبة، لها شروط وأركان وسنن وآداب…
يسمي العرب "قشك" يوم الحزن، أبعد الله عنا وعنك الحزن "المسعد"
يقول ابو العلاء:
أبنات الهديل أسعدن
أو عدن
قليل الإسعاد بالإسعاد
المسعد الذي يسعد ويسلّي، ومعنى تسلّى الإنسان: طلب السلوة، أو السلوى، أي طلب أن بسلو حزنه، وألمه. طلب ذلك هو، أو سبق إليه به عوده الذي يجدر به أن يواسيه.
وما أشقى الانسان حين يشتد عليه الحر والبرد ثم يتلفت فلا يجد عودا ولو مثل ورق الجنة يداري به ما هو فيه؟؟!!!
وسموا بناتهم "سلوى" أي هي تنسيك بحسن وجهها وعذوبة منطقها، ورقة طباعها ما أنت فيه من هم وغم وحزن وضيق، وبعضهن يكن فوق البلاء بلاءً..
وعندما قُتل المتوكل العباسي بيد ابنه المنتصر، كما تقتل الثورة السورية اليوم بيد بعض المحسوبين عليها، وكان الشاعر البحتري حفيا بالمتوكل، قريبا منه..
هام على وجهه، وخرج إلى مرابع كسرى يطلب السلوى بسينيته العصماء التي يقول فيها:
أتسلى عن الهموم وآسى
لمحل من آل ساسان درس
ذبحونا، ودفنونا وعلى قبورنا خيّموا…
وشربوا المنكر وعزفت لهم القيان، وتسامع بهم أهل الشرق والغرب كما قال أبو جهل متشهيا غداة بدر..
لم يقتلنا ولم يشردنا ولم يهزمنا بشار الأسد ولا يستطيع…
وإنما فعل ذلك الذين ظنوا أن قيادة الثورة فعل يشبه قرط الخيار..
وما أصعب قرط الخيار على من لا أسنان له!!
جهدهم ونصرهم اذ تنصروا
وخرجنا من كل ذلك لا عود ولا قش..
وإلى الله المشتكى، وهو المستعان، وعليه التكلان..
وجاء رسول الله من حراء إلى بيته، وقد هاله ما عاناه مما طالعه من أمر الوحي، فقال
دثروني ..دثروني.. زملوني زملوني..
=========================
تعليق على آخر مفاجآت المشهد السوري باللغة البلدية أيضا…
وأراد مني تعليقا على آخر ما تداول الناس عن المؤتمرات والدعوات..
فقلت له ذكرتني بالمثل البلدي، حين يسأل:
الأقرع بياكل حلاوة؟؟!
فيجيبه: بفلوسه!!
فيعيد السؤال: وبيلبس الجوخ؟؟
فيجيبه: والجوخ ملبوسه!!
وهذه الثورة مع الاسف، منذ أن انخرطت في سياق حاجة ثوارها الحقيقيين لما لا يملكون، أصبحت ملكا أو وقفا على الذين يملكون..
وكل مانح وشروطه، تذكروا هذا وطبقوه تحلوا لأنفسكم كثيرا من العقد..
وكل مالك وقناعاته أيضا..
فإذا أردت ان تمضي بمشروع بكلفة عشرة دراهم، وأردتهم من عشرة رجال، فواجبك ان تقنع ثم أن ترضي الرجال العشرة، بينما مالك العشرة ومالك المائة ومالك الألف يحتاج ان يرضي نفسه فقط..
كثير من الأحباب كانوا وما زالوا يطرحون الأسئلة الصعبة..
وبعض المانحين جندوا الجنود للحرب في أكثر من مكان
وما حيلة المضطر إلا ركوبها..
يا عين عمك بفلوسو…
وفي المثل البلدي:
الغني غنولو والحلبي يكمل المثل إذا شاء فأنا لن أفعل..
=========================
كان يزعجني وصار يرعبني الإلحاح على النفخ في القربة المقطوعة..
قولوا له فليرفق ببنات أذنيه..
=========================
مقاربات حضارية,,,
كل الحضارات عندما تصل إلى لحظة الزوال عن القمة، تطمس في الحفر نفسها..
في العربية للتأكيد يمكن أن نقول : الحفر نفسها، أو عينها أو ذاتها...
ثم يثوب الإنسان إلى إنسانيته، وشروط نهضته، وقواعد فطرته...
ثقوا بالله...
____________
*مدير مركز الشرق العربي