الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 09-07-2024

رسائل طائرة 09-07-2024

09.07.2024
زهير سالم



رسائل طائرة 09-07-2024

زهير سالم*
‏ويشمني النسيم، وتعرفني الشوارع والدروب…!!
‏يا أخت حلب عليك سلام… وعدت إلى عمان التي أقمت فيها أربعين؛ بعد خمس من الغياب، فكيف لو عدت إلى التي غبت عنها خمسين؟؟
======================
أقوال..
في أنظمة العالم اليوم لكل بلد قانونه، في السماح بالإقامة، ثم بمنح الجنسية…
ولفقهائنا في ذلك أقوال..
والقول المعتمد عند أكثرهم، أو هذا ما علمته، أن من أقام في بلد أربع سنوات حُق له أن ينتمي إليه!!
فأنا زهير سيلم الحلبي العَمَّاني الصنعاني ثم اللندني..
لا والله الذي جلت أسماؤه ما غادرت حلب ولا فارقتها عن قلى، ولا رغبة ولا طمعا…
وكانت عمان نعم الظل لخائف ينشد الأمان، وفي صنعاء استروحت روح الحكمة، وأنا الآن في لندن في جوار قوم أمّنوني، ولا أعرفهم ولا يعرفونني…
ولدت وفيا، ورُبيت على أنه لا يليق بالإنسان غير الوفاء، وأن من عجز على مكافأة المنعم حيّاه
======================
العصبية الإيجابية
حتى يوم خروجي من سورية 25/ تموز 1979 لم يكن عندنا في ثنايا المجتمع السوري طبقة من الناس يعملون في جمع القمامة المتميزة؛ ليقتاتوا...
وكانت لدينا في الخمسينات والستينات مجموعة من الأفراد تمتهن مسح الأحذية، وليس عيبا، ولكنها صارت إلى زوال، حتى سن اليفاعة كنت أمد رجلي لإنسان مثلي ليلمع حذائي، فلما وعيت، اشتريت فرشاة وعلبة صباغ، وأخرى للتلميع، وصرت أقوم بهذا المهمة لنفسي، وأحيانا لأمي وأخواتي..
كرامة الفرد من كرامة الجميع. وكرامة الجميع من كرامة الفرد. وأول مرة رأيت امرأة تنبش في حاوية القمامة لتأكل في فرنسة سنة 1966، ولو حدثتكم عن مشاعري يومها، وكيف زلزلتُ زلالا شديدا لقلتم يدعي أو يبالغ..
أنا من جيل تربى على أن لعق الإناء سنة. وكنا إذا رأينا قطعة خبز ساقطة على الأرض، نحملها ونقبلها ونزويها..
فخرنا بكرامة الإنسان لا حدود له.. لا عيب في طلب الرزق ولكن...
======================
بإيجاز شديد..
أولويات السوريين في اختيار مكان إقامتهم…
أن تتاح لهم ظروف أفضل، لنصرة قضيتهم. فهم أصحاب قضية، وهجّروا من وطنهم من أجلها.
ثم أن يتوفر لهم ولأسرهم في مكان إقامتهم الجديد الأمن والأمان. الأمن السياسي، والأمان الاجتماعي. ولكل ذلك أبعاد.
في الأمن السياسي مثلا، أن يُمكّنوا من طرح رؤيتهم للحل في بلدهم، وإن اختلفت مع رؤية البلد المضيف. الشعب السوري لم يخرج في ثورته طلبا لدستور جديد، ولا بحثا عن شراكة سياسية مع نظام عنصري طائفي مستبد وفاسد، ولا عن شراكة مع تجار الكبتاغون..
مهم جدا أن لا تختصر مصالح السوريين المقيمين في دولة، في مصلحة تلك الدولة.
الثوار السوريون بجمهورهم ضد جميع مشروعات التقسيم، ومن بينها مشروع البي كة كة ولا يعترفون، بتنظيم عنوانه قسد، ولكن معركتهم الأساسية مع الأسد وليست مع قسد. ومطلبهم الأول الذي لا يتقدم عليه مطلب، هو إزالة الأسد. وبعد رحيل الأسد سيكون كل شيء سهلا على السوريين.
قد نتفهم أن بعض من نأوي إليه ونواليه، لا يستطيع نصرتنا، ولكن يصعب علينا أن نتفهم أنه يستعين بنا بدلا من أن يعيننا، وأن يختصر كل قضيتنا، وتضحياتنا، وآلامنا، في كسب معركة تخصه. هي بالنسبة إليه كل شيء، وبالنسبة إلينا مطلب تالٍ..
ومن الأمان الذي ينتظره اللاجئ في مكان إقامته أن يمكن من السعي، لينال ما به قوام الإنسان.
في مشهد للأضحية في العيد، قال لي الجزار السوري: إنا طبيب بيطري..
فنقلني من التعاطف مع الحيوان المذبوح إلى الإنسان الذابح، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
وطلب الحلال مر.
======================
ونحن، الاخوان المسلمين، لنا تجربة…
وعشنا خمسةً وأربعين سنة معارضة مهاجرة..
ووجدنا تفهما.. وتعاطفا إنسانيا، وتوزعنا على العديد من الأقطار الشقيقة والصديقة..
وأقول موجزا بكل الصدق، لم يفرض علينا أحدا من الإخوة أجندته..
كان لكل دولة نحن فيها، خياراته في التعامل مع نظام الأسد.
مرات كثيرة استُقبل فيها الأسد زائرا. في نفس البلد الذي نأوي إليه. كان الأشقاء يديرون شؤونهم، ونحن نعرف هذا، ونظل مستقلين بقرارنا.
لم يخذلنا أحد
لم يفرض علينا أحد قرارا
لم تجعلنا أي دولة عربية ورقة في مساومات.
لم ننتظر من أحد أن يتنازل عن خياراته.
كنا نرضى بالمساحة المحددة لنا. ولا نتجاوز.
كنا في كثير من الأحيان نتلقى النصح، ثم يكون لنا قرارنا فيه.
وكم نفعنا نصح الناصحين من قادة الدول التي نقيم فيها.
أعتقد أن من حق المعارضة السورية بجمعها أن تطلع على هذه التجربة..
وكانت علاقاتنا مع العديد من الأقطار العربية على مستويات متقدمة
إخوة وود ونصح واحترام.
وكنا في كل محطة نؤكد وما زلنا للدول المضيفة، شكرا حقيقياً نابعا من قلب ومن رؤية..
عاصمان للسوريين في هذه المحطة: كما لا نقبل أن تُفرض أي أجندة علينا، لا نفرض أجندتنا على أحد.
أن لا نبسط ألسنتنا بالسوء على أحد فهذا يعيبنا ويؤدينا.
أن نستأنف طريق ثورتنا أكثر وعيا، وصدقا والتزاما.
القاعدة الأوسع في هذا السياق:
ضرورات الدول لا تصادر خيارات الشعوب.
لهم ضروراتهم ولنا خياراتنا.
======================
معارضون على شمال بشار الأسد.
طبقة من المعارضين السوريين يحتجون على بشار الأسد لأنه ما يزال في الدستور السوري مواد تتحدث عن الاسلام والعروبة
ويحتجون لأن المساجد ما تزال مفتوحة في سورية.
ويحتجون لأن المآذن ما تزال تصدح بالأذان.
ويحتجون لأن المصلين ما زالوا يصلون.
ولأن النساء المسلمات يضربن بخمرهن على جيوبهن.
ويطالبون أن يمتد القانون ٤٩: ١٩٨٠ الذي يحكم بالإعدام على جميع منتسبي الإخوان المسلمين؛ ليشمل كل مسلم ومسلمة في سورية.
القاسم المشترك الأعظم بين بشار الأسد وهؤلاء كراهية الإسلام وأهله ودعاته وجنده وحملة رسالته، والمدافعين عن مشروعه.
وما زالوا يلهجون بعهدهم معه…
بطرائق وأساليب…
____________
*مدير مركز الشرق العربي