رسائل طائرة 20-07-2023

رسائل طائرة 20-07-2023

زهير سالم*
سنّة حلبية…
قالت لي ماذا تفطر؟؟
قلت السنة في حلب -والسنة هنا هي العادة- أن نفطر مامونية ونكتفي بها إذا تعذر الباقي..
قالت: ومرضك؟؟
قلت: نصنع قليلا فندهن بالقليل الصحن، ثم نلعقه. وقد حفظنا أن لعق الاناء سنة أخرى..
أما زلتم تلعقون الإناء بالأصبع؛ وفي الأصبع على قول أهل اللغة: ست لغات..
وكل عام وآكلو الحلوى في مثل هذا اليوم، ولا عقو الإناء بألف خير..
================
تتعبني هذه الأسئلة، وتلاحقني في ليلي ونهاري..
الإمام السرخسي، بنسبه الأنصاري. وفقهه الذي تجاوز، وكان يقيم في مدينة "أوزجند" من بلاد خراسان.
وتزوج خاقان مدينته زواجا مخلا بشروط الفتيا، فأنكر عليه الشيخ، وقال له: لا يحل لك. فغضب الخاقان على الشيخ وحبسه سنين طوالا تجاوزت العشر في قعر بئر.
وكان طلبة العلم يحتاجون إلى علم الشيخ، فأذن لهم الخاقان، أن يجتمعوا إليه كل يوم بترتيب معين، هم عند فوهة البئر والشيخ في قعره، فيملي عليهم من حفظه. وهكذا أملى عليهم على هذه الطريقة من حفظ، دون رجوع إلى أصل، كتابه "المبسوط" موسوعة الفقه الحنفي، وزينته ومرجع من مراجعه. المبسوط في ثلاثين مجلدا جامعا منظما سابقا، وراءه عقل متوقد، أكثر استشرافا للمستقبل من كثير من عقول علماء هذا الزمان.
وحين تقرأ كتاب المبسوط، يفجعك الشيخ كلما انتقل من جزء إلى جزء بشكواه من حبسه، وأجمل ما في هذه الشكوى، أنه يظل يقول "المحبوس عن الجمعة والجماعات" هذا الذي كان يهمه من أمر الحبس، وليس أمر الدنيا وأمر المال والبنين..
الأسئلة التي تتعبني فلا أجد حوابا عليها. الشيخ أفتى فتيا فحبس في بئر مدينة "أوزجند" من أجلها، وطالت به السنون، فأين كان بقية علماء المدينة، وكان كثير منهم يأكل على مائدة المخالف للفتيا، الآمر بالحبس ظلما وجورا، الرز بحليب..
نقول في حلب: من يوم يومك يازبيبة…
أجيبوني أفيدوني..
____________
*مدير مركز الشرق العربي