رسائل طائرة 20/03/2022

البَداء: دين وسياسة..
تستعمل العرب كلمة "البّداء" بمعنى تغيير الرأي، أو الموقف.
مصطلح البَداء مصطلح معتمد في الثقافة الدينية اليهودية. حيث جوّز اليهود "البداء" على الله سبحانه وتعالى. وأن الله سبحانه قد يغير حكمه في أمر، من الامور التي قضى فيها، وأخبر عنها.
والفرق بين البداء وبين النسخ الذي يقول به المسلمون، ان المسلمين متفقون ان النسخ لايكون في العقائد، ولا في الأخبار. وإنما فقط في التشريعات لحكم تشريعية يريدها الله.
اليهود قالوا بجواز البداء على الله وان الله يمكن ان يغير رأيه وحكمه، ويستشهدون بذلك في عدة مواضع من تاريخهم.
ومنها قولهم بنزع البركة والبكورية من عيسو ابن اسحق ونقلها الى توأمه يعقوب. وعندما تقرأ ذلك في الكتاب المقدس تظن انك أمام مؤامرة كيدية تنفذ. ويعقوب يحتال على والده الذي ضعف بصره، وينتزع البركة التي هي حق أخيه. وتساعده امه على ذلك.
تبع الرافضةُ اليهودَ على ضلالتهم هذه، وقالوا بجواز البداء على الله سبحانه وتعالى.
فالرافضة يعتقدون ان أسماء أئمتهم مقررة منذ الازل، منقوشة على قائمة العرش!! ولكن الذي حدث ان الامام السابع اسماعيل بن جعفر الصادق مات في حياة والده!! فأربك هذا الحدث الشيعة، وأحدث انقساما تاريخيا في صفوفهم ، فبعضهم نقل الامامة الى صبي مدعى اسمه محمد بن اسماعيل وكانت الفرقة الاسماعيلية. وفريق قالوا بنقل الامامة الى موسى الكاظم ابن جعفر الصادق.. وإذا سئلوا كيف تنتقل الامامة وهي مقررة من قبل؟؟ قالوا: بدا لربنا !! اي ان الله سبحانه وتعالى غير رإيه!!
وإذا كان البداء لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، فإنه يجوز على البشر. يرى الرجل رأيا في موقف وقضية، ثم يعايش ويعلم ما لم يكن يعلم، فيغير رأيه وموقفه، وذلك لا يضره، بل هو علامة ايجابية في تفاعل الرجل مع المعطيات والمتغيرات.
فيكون البداء على منهج قول القائل: تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي. في رفض ان يفرض على الرجل منطق له خلا.
وعد أحد الكبراء شاعرا بمجموعة من الإبل على سبيل الهدية، ثم بدأ يماطله فقال الرجل:
لعلك والموعود حق لقاؤه
بدا لك في تلك القلوص "بداء.."
لا تثريب على الرجل ان يقول قولا، ثم يبدو له وجه حق، وجه حق وليس وجه طمع فيغيره.
____________
*مدير مركز الشرق العربي