رسائل طائرة 24-09-2022

زهير سالم*

وصحح لي الأحباب جزاهم الله خيرا : بازار عفرين يوم الأربعاء.
وتعالوا أشرح لكم معنى عفرين في اللغة العربية، وحيّ الله عفرين وأهلها كردا وعربا ...
واسم عفرين مشتق على الطريقة الآرامية، والآرامية غصن من أغصان الشجرة السامية التي استحوذت عليها العربية فيما بعد..\وإليكم
ونقول: عفرين وسلقين وسرمين وجبرين وجيرين وجسرين وزبدين وكفرين .. ولو أحصيتم لزدتم علي أو زدت عليكم. ولكل صيغة من هذه الصيغ دلالتها..
وعفرين مشتقة من العفر، والعفر هو التراب، ونقول عفرّه بالتراب. أي لطخه به، وسميت كذلك لخصب تربتها...
وأنا أعتز كثيرا بتلون تسميات البلدات والحفاظ على صبغتها التاريخية. ولست مع تغييرها. هذا تاريخ حضاري عبق علينا أن نحرص عليه...
=============================
أو أجهل أو يجهل عليّ وراجعتُ صحة الحديث بالدعاء عند الخروج من المنزل، ومخالطة الناس:
"اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضَل، أو أزلّ أو أُزّلّ، أو أظلم أُظلَم ، أو أجهل أو يُجهل علي" فوجدته بين التحسين والتصحيح.
والحديث من رواية أمنا أم سلمة رضي الله عنها، ولأن أقول أمنا أحب إلي أن أقول سيدتنا، وكل أم هي سيدة بنيها، وإن لم تكن من العشيرة رغم أنف بعضهم.
والحديث الدعاء أخرجه ابو داود والنسائي والترمذي وأحمد. رحمهم الله تعالى..
وحاجتنا إلى هذا الحديث في دار غربتنا وهجرتنا وذلتنا أكبر ..
وأسوء شيء في ذلة اغترابنا أنها طالت، وأننا ألفناها حتى سوغناها وحتى صارت ذلتنا لنا عنواندألصق بنا من قميصذيوسف المقدود من قبل. وحين يستوطئ الناس جدارك، لا يبق أحد إلا و… عليه.
فالإنسان المهاجر الغريب قد لا يتصور منه أن يتعرض للناس بسوء، وهو منذ خرج من وطنه لم ينس سهمه من الذل، ولكن الناس مهما تكففهم، وأحسن إليهم، ووطأ أكنافه أو أكتافه، لهم هم الذين يقابلونه بمحاولات الإضلال والإذلال والإزلال والظلم وممارسة الجهل، ومعناه أن يستفزك ويهضمك وينكد عليك ويصغرك ويحقرك، وان يقابلك بالنكران، وأن يعاملك بالجفاء، وأنت في موطن من القلّة والذلة والضعف وقلة الناصر، وانعدام الحيلة.. مما يدفعك إلى أن تسّوغ كل هذا، وتقبله، وتمسح به عارضيك، وكأن سباب الجاهلين إذ يجهلون عليك في غربتك وقلة ناصرك، طيب.
ويزداد جهل الجاهلين عليك، وازدراء المزدرين لك، كلما تقدم بك العمر، وظهر منك العجز، فواحد يأخذ برأسك، وآخر يعبث بلحيتك، وثالث يجعل من قولك أضحوكة أو أهزوجة، وأنت تتلطف كما أمرك القرآن، وتتعفف، وتنتظر من جاهل القوم بعض إشفاق، ويعجبك من سفيههم أنك مررت به ولم ..
اسمعوا كيف رد الثلاثة من كبراء أهل الطائف على سيدنا رسول الله وقد نزل بهم داعيا غريبا..
قال الأول: هو سيمزق ثياب الكعبة، إن كان الله قد أرسل رسوله!!
قال الثاني متسائلا مستنكرا مستعظما نفسه، مستصغرا الداعية الذي أمامه: أما وجد الله أحدا غيرك يرسله؟؟!!
وقال الثالث على طريقة الاستكبار: هو لن يرد على رسول الله أبدا، يقول له:
إن كنت نبيا حقا كما تقول، فأنت أكبر أن أكلمك، وإن كنت تكذب على الله فيما تقول فأنت أقل أن أكلمك.
ثم لم يكتف هؤلاء بهذه الأجوبة القاطعة الظالمة الباغية، بل سلطوا سفهاءهم وصبيانهم على صاحب المقام المحمود..
ولعبة تسليط الصبيان والسفهاء ومن لا خلاق له كم يعايشها الغرباء والمهجرون؟؟!! يستأجر أحدهم السفيه والصغير والغلام، ويمكنه ويقدمه ويرفع مقامه، ويقول له: أنت مهمتك أنك كلما قال فلان كلمة أن ترد عليه وأن تحقره، وتعبث به وتسبه..
وهكذا يعيشها المهجر الذي يتعلق بمركب الذل فيكون فيه من المدحضين مثل سيدنا يونس عليه السلام.
وما كان أكثر جهلنا، وقصور فهمنا، يوم كنا نستقل دعوة خطيب على منبر يدعو: اللهم آمنا في أوطاننا…
ذهب الذين يعاش في أكنافهم..
اللهم هل سنكذب إذا قلنا إن صبرنا هذا كان في سبيلك، ولم يكن ذلة منا وقصورا وانعدام حيلة
وأعوذ بك أن أجهل أو يجهل علي!!
=============================
وأستفتح بالذي هو خير ...
وألقى الله تعالى مستنكرا لكل ما صدر عن بشار الأسد في وطني سورية، ولكل الظلم والفساد الذي أشاعه مؤيدوه وأتباعه، وما ارتكبه الروسي والشيعي والأمريكي، وكذا كل ظلم أو فساد ارتكبته القوى الأخرى من فصائل ونحوها، باسم الثورة والتحرير.. وكل ظلم غبت عنه، ولم أسمع به، فأنا منه أمام الله ثم أمام الناس بريء. وله مستنكر ومدين. وأبرأ من الظلم والفساد، وأبرأ ممن لا يبرؤون من الظلم والفساد.
=============================
حكاية من عفرين ومن كلستان ..
وهذه الحكاية عمرها خمسون عاما أو يزيد..
وكنا في مثل هذه الأيام من أوائل الخريف في حلب، نقصد مدينة عفرين، في يوم بازارها الأسبوعي ، الاثنين أو الثلاثاء، والشك مني، فنتبضع ما يقسم الله لنا من مونة العام "زيت وزيتون وزبيب وعدس" والعدس الكردي عند أهل حلب مشهور موسوم ، والزيت الكردي كذا، وأمور أخرى يقصدون عفرين ليتمونوا بها على طريقة "من المزارع إلى المستهلك" ولم يكن الهدف من الرحلة اقتصاديا فقط، فدائما هناك عند المرتحلين مآرب أخرى...
وصلنا في أحد المواسم عفرين، ولعل التوقيت كان بين التشرينين، ونحن نقول بين تشرين وتشرين صيف ثان، وفي ظهيرة ذلك اليوم اشتد علينا الحر، فأوينا بعد الظهيرة إلى المسجد الكبير نصلي ونبترد ونرتاح...
كان المسجد كبيرا وقديما ومتربا، وكانت الجماعة قد قضيت، وبعيد الصلاة، وجدت إمام المسجد في محرابه، و قد مضت العادة كلما وجدنا إمام مسجد سلمنا عليه، واستأنسنا به وآنسناه...
كنت حديث تخرج من الجامعة، سلمت على الشيخ وآنسته واستأنست به، فوجدته مليئا من العلوم والثقافة التقليدية التي تليق بمقامه، وعرجنا في الحديث على اللغتين الفارسية والكردية فأفاد وأجاد، وتذاكرنا شعراء الفرس فإذا هو بهم عليم. وذكرت له سعدي الشيرازي، وكتابه "كلستان" الذي ترجمه للعربية الشاعر الفراتي، فطرب الرجل، وقال لي: الشيرازي شاعر عظيم -علمت فيما بعد أن الشيرازي وقع أسيرا بيد الصليبين" وأن أميرا حلبيا اشتراه من آسريه، وقد فرضوا عليه أن يعمل في الضح والريح والطين، وأن هذا الأمير الحلبي، حمل الشاعر معه من طرابلس إلى حلب، وزوج الشاعر من ابنته حفاوة به، وأنها كانت سليطة اللسان تكثر أذية الشاعر حتى لج... أعود بكم إلى إمام المسجد، ولعلي أكمل حكاية الشيرازي مع المرأة السليطة فيما بعد، قال لي إمام المسجد: إن ديوان الكلستان، ديوان عظيم، وفيه يقول الشيرازي: إنما يروج الفحم عند الفحام. ويروج الزيت عند الزيات، ويروج الجوهر عند الجواهري...
فجاملت الرجل بكلمات ثم انصرفت، وأنا أتساءل، ماذا وجد هذا الرجل الهرم في هذه الكلمات حتى يحفظها، ويستشهد بها ، والإنسان يحفظ أجمل ما يقرأ، ويستشهد بأجمل ما حفظ، وفي الكلستان - حديقة الورد- ورود أكثر رواء وأبهى منظــــــــــرا ...
ثم امتدت بي الأيام، وعشت وعرفت وعافست الناس، فأدركت ما كان غائبا على الشاب الحدث. أدركت المعنى الذي أراده الشيخ العفريني لروحه الرحمة وعلى قبره الرضوان ...
وأّذري الدمع وأنا أرى من ظن نفسه جوهريا، يحثو التبر مقابل زنبيل من الفحم...يقولون في علوم الكيمياء إن الألماس هو كربون شديد النقاء.
ما كلُّ بيضاء شحمة، ولا كلُّ سوداء تمرة، ومن قبل قالها المتنبي:
أعيذها نظرات منك صائبة .. أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
=============================
وأستفتح بالذي هو خير..
ويظل يرسل لي: "فلان عالم العلم العلامة، بحر الفهم الفهامة"
وأقول وأنا بما أقول حقيق، كل عالم أو طالب علم، لم يسجل لنفسه موقفا شرعيا معلنا صريحا واضحا مما يجري في بلاد المسلمين من الإيغور وأركان وكشمير وأفغانستان وإيران والعراق وسورية وفلسطين ولبنان واليمن، وإن كان من بلد، فيزيد القول مما يجري في بلده،، وضوحا وبيانا…
فلا تعقد عليه اصبعك، ولا تلفت لقول له رأسك، فإن هذا العلم ورثه أهله حالا، ولم يرثوه مقالا…
وحسبنا الله ونعم الوكيل..
=============================
غرق مركب لبناني مشحون بالمهاجرين سوريين لبنانيين فلسطينيين مقابلة شاطئ طرطوس...
بعد هجرة ونزوح 13 مليون من المعارضين، هل جاء الدور على الموالين...!!
=============================
وباء الكوليرا - الهواء الأصفر - يجتاح سورية...
وباء خطير سريع الانتشار..
مر على سورية منذ ما يقرب من قرن واجتاح الكثير، سماه الذين عربوا الطب: "مرض الهيضة"
أهم أعراضه الإسهال الشديد..
النظافة أهم سبل الوقاية منه.
وتعليمات الأطباء كأنها من تعاليم الدين..
وأوضح قواعدنا الشرعية في هذا المقام "لا ضرر ولا ضرار" قِ تفسك تقِ الآخرين. ولنحذر أن نبوء بالإثمين.. إثم أنفسنا وإثم من نعديهم
=============================
كتاب الفروق..
من أجمل الكتب التي قرأت في التراث الإسلامي، كتاب الفروق للإمام القرافي.
عنوانه الكامل "أنوار البروق في أنواء الفروق"
والإمام القرافي مالكي، من علماء القرن السابع الهجري.
وتحار تحت أي باب من أبواب علم الشريعة تصنفه، أصول أو فقه.. وتعقبه كثيرون وظل المجلّي، ولم يلحق به المصلي..
وسألني: ما الفرق بين علاقة حركة حماش مع من في مصر، ومع من في دمشق..
قلت على طريقة شيخنا القرافي رحمه الله تعالى
حماس في مصر، تسعى لقضيتها!!
وحماش في دمشق تسعى لقضية قوم آخرين…
ويكتب في هذا كتاب..
==========================
الكتاب طبقات.. والقراء كذلك...
وهذه حقيقة علمية قديمة، وقال رجل لأبي تمام: لما لا تقول ما يُفهم؟ فرد عليه: ولم لا تفهم ما يقال...
وفي إحدى روايات حديث المعراج أن سيدنا جبريل، عليه السلام، وصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقام ثم توقف.
وفي الحديث عن أهل الجنة: أن صاحب الدرجة الأعلى هو الذي يتلطف فيزور الأدنى، والعكس غير ممكن!! فكيف ترومونني أن أصعد إلى مقامكم العالي، وإدراككم السامي.
إخواني الأحبة الذين يريدونني أن أصعد إليهم. وأدور في السامي من فلكهم، لا يمكنني ذلك. وليس بيدي. ومقامي حيث أقامني- ابن عطاء السكندري- وودت لو أنني أنال إعجابكم، وأكون في موضع الرضا منكم. فأنتم أنتم.. وضعيفكم هو أنا..
وصية نبيكم لكم " وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته...
(وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) - الصافات..
إن تشمولني بفهمكم فهذا لطف منكم، وإن تكن الأخرى فيا حزني ويا أسفي..
===========================
وأشكل ما أشرت إليه بالأمس، عن توجيه الرسول الكريم، لمن يجد مع امرأته رجلا، بأن يلتمس أربعة شهداء على بعض الأحباب. بعضهم غاب عنهم، وبعضهم….
وقد كنت أعالج موضوعا أكثر عموما حول ضرورة اللجوء إلى القانون وإلى القاضي، لنيل الحقوق، أو إنزال العقوبات، أو حل أي شكل من أشكال الاختلاف بين الناس.
وإشارتي إلى الحديث الشريف كان استئناسا فلم أكن أكتب بحثا فقهيا ولا أحقق فيه.
وجرت عادة الفقهاء في كتبهم أنهم يذكرون رأس الآية أو عنوان الحديث ويمضون..
وحديث سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه، مشهور- ولا أقصد الشهرة الاصطلاحية - في كتب المحدثين والفقهاء.
وهذه إحدى رواياته من الصحيحين
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال سعد بن عُبَادة: يا رسول الله، لو وجدتُ مع أهلي رجلًا لم أمسَّه حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم))، قال: كلَّا والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اسمعوا إلى ما يقول سيدكم؛ إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني))؛ متفق عليه.
هذا الحديث المتفق عليه يؤكد المعنى الذي أشرت إليه، واعتمدته أو اعتمدت عليه.
ولم أكن في رسالتي الماسة الخاصة القصيرة التي أردتها، لنصح أنفسنا..
لأفتح بحثا فقهيا عن تطور الحكم في هذه القضية بين قوله تعالى (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) والمقصود اللائي يأتين الفاحشة، وبين قوله صلى الله عليه وسلم، خذوا عني .. خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا..
ثم في بيان حكم الملاعنة، وكيف أن كتاب الله تعالى جعل كلمة المرأة هي الحاسمة في موقف من أصعب المواقف..
يا إخوة…
هذه بحوث لها مظانها، وقد شرحت في سياقاتها.
وإنما أكتب بعض الرسائل التوجيهية العامة من مسيس واقعنا اليومي، حين آثر كثير من الناس الصمت.
والذي أردت أن أستدرك على أنفسنا واقعا من الفوضى، وقد استُحلت فيه المحارم على وجه لا يرضي الله ولا رسوله ولا صالح المؤمنين.
رويت الحديث بنصه كما في رواية البخاري، لأدفع استشكالا أو اعتراضات أوردها علي بعض الأحباب.
كان مطلبي أن أثبت أن الاسلام يقيم دولة القانون ولا يقيم دولة الثأر والانفعالات والعنتريات..
وأرجو أن أكون قد وفقت.
وكثير من الناس يودون لو أنني صمت.
وحزاكم الله خيرا
____________
*مدير مركز الشرق العربي