الرئيسة \  تقارير  \  رغم جهود المنظمات المحلية والدولية في شمال سوريا : أزمة الاستجابة الإنسانية مستمرة

رغم جهود المنظمات المحلية والدولية في شمال سوريا : أزمة الاستجابة الإنسانية مستمرة

06.03.2023
منهل باريش

رغم جهود المنظمات المحلية والدولية في شمال سوريا : أزمة الاستجابة الإنسانية مستمرة
منهل باريش
القدس العربي
الاحد 5/3/2023
أعرب الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة للولايات المتحدة عن قلق بلاده من تحويل نظام الأسد المساعدات للبيع في الأسواق أو الاستفادة من توزيعها.
تطغى لغة الأرقام أكثر من أية مرة على خطاب وتصريحات المنظمات السورية العاملة بالشأن الإغاثي والإنساني لحصر المتضررين في شمال سوريا التي تسيطر عليها المعارضة.
يقول فريق “منسقو استجابة سوريا” المتخصص برصد الاحتياجات وحركات النزوح في آخر تحديث أصدره ليل الجمعة حول مستجدات الوضع الإنساني في شمال غرب سوريا على خلفية الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري في 6 شباط (فبراير) الماضي، أن الزلزال تسبب في ضرر أكثر من 200 ألف عائلة سورية، وأكثر من مليون ومئة ألف شخص، كما تسبب في نزوح ما يقارب من 230 ألف شخص من المناطق الأكثر تضررا في الزلزال.
وحسب تحديث الوضع الإنساني الصادر عن “المنسقين” فإن الزلزال دمر 1800 منزل، والحق الضرر بنحو 3817 منزلا وأصبحت غير قابلة أو آمنة للسكن.
وعن جهود الاستجابة الطارئة، ذكر الفريق أنه قدم مستلزمات طبية ولوازم عامة لأكثر من 18 منشأة طبية، وفي قطاع المأوى قدم الفريق معدات المخيمات التي شملت خيما ومنشآت سكنية مؤقتة لما يقارب 23 ألف عائلة، في حين قدر حاجة شمال غرب سوريا لأكثر من 20 ألف خيمة.
وفي وقت سابق، ذكر بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا” الخميس، أن أعداد النازحين داخل سوريا زاد بنسبة 10.1 وأن حجم المساعدات الإنسانية التي وصلت عبر الحدود لداخل سوريا بما فيها المساعدات المتعلقة بالمشاريع الثابتة المنفذة قبل كارثة الزلزال بلغ وزنها أكثر من 23 ألف طن بعدد شاحنات 1733 شاحنة خلال شهر شباط (فبراير) الماضي، وبلغت نسبة الاستجابة الإنسانية بعد الزلزال 47.3 في المئة لجميع القطاعات الإنسانية.
عن الاستجابة الطارئة لمتضرري الزلزال قال أركان تنرغان، المدير التنفيذي لمنظمة سند الإنسانية لـ”القدس العربي” إن المنظمة قدمت مساعدات عدة في القطاعات الإنسانية المختلفة كاستجابة طارئة لكارثة الزلزال المدمر سواء في الداخل السوري أو في تركيا، وذكر تنرغان أن المنظمة وزعت مساعدات مالية “كاش” لـ 1800 عائلة تركية، و1200 عائلة سورية بقيمة 3 ملايين ليرة تركية، كما شملت استجابة المنظمة توزيع ما بين 1500إلى 2000 سلة غذائية، وعدد كبير من سلل النظافة، ومستلزمات المخيمات تم توزيعها وتجهيزها في عموم المناطق المتضررة في الداخل السوري. هذا ويعمل فريق المنظمة في خيام نصبت أمام المبنى في مدينة غازي عنتاب، حيث تضرر نتيجة الزلزال حسب ما رصدت “القدس العربي”.
وفي السياق ذاته، قال مدير منظمة مرام الإنسانية، يقظان الشيشكلي، في اتصال مع “القدس العربي” أن المنظمة بالشراكة مع رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد” قدمت استجابة طارئة في 11ولاية تركية ضربها زلزال 6 شباط (فبراير) وهي من المساعدات الإنسانية في خمس طائرات محملة بمستلزمات المأوى من خيام وحقائب عائلية وبطانيات ومعدات مطبخ، مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وأشار إلى ان طائرة محملة بـ 80 طنا من المواد الإغاثية دخلت للمناطق المتضررة في سوريا قدمتها المنظمة التي أنشأت أول مركز لإيواء المتضررين في منطقة الشيخ بحر بريف إدلب. وأضاف الشيشكلي أن المنظمة أنشأت خمسة مراكز “صديقة للطفولة” لتقديم الدعم النفسي للأطفال المتضررين بالزلزال، في كل من هاتاي وأديمان ومرعش في تركيا، وخمسة مراكز أخرى في الداخل السوري.
وحسب الشيشكلي، فقد سخرت المنظمة آلياتها المستخدمة في مشروع ثابت مع “أوتشا” لإزالة الثلوج وفتح الطرقات خلال الأحوال الجوية السيئة، وفي إزالة أنقاض الزلزال ونقل الركام الناجم عنه.
وقدرت الأمم المتحدة، حتی تاريخ الأول من آذار (مارس) الجاري أن النداء العاجل لزلزال سوریا والذي أطلقته الأمم المتحدة تلقی171 ملیون دولار فقط، ما یشكل 43 في المئة من الدعم المطلوب والمقدر397.6 ملیون دولار للاستجابة للاحتياجات الملحة للمتضررين من الزلزال لمدة 3 أشهر فقط، تم تمویل خطة الاستجابة الإنسانية ﻓﻲ سوریا للعام 2022 بنسبة 49 في المئة فقط من المبلغ المطلوب والبالغ 4.4 مليار دولار. حيث جرى تأمين219 ملیون دولار فقط من أصل4.8 مليار مطلوبة لدعم خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2023.
كذلك، طالبت وحدة تنسيق الدعم بفتح جسر جوي بین جنوب تركیا وشمال غرب سوریا لنقل الإصابات الحرجة إلى تركیا وإیصال المساعدات الطبیة بشكل عاجل لشمال غرب سوریا. وتأمين 17.477 خیمة لإیواء العائلات التي فقدت المأوى وقرابة 174.660 فرشة وبطانیة، إضافة إلى توزیع لباس شتوي على العائلات المتضررة باعتبار أنها تركت المأوى دون أن تتمكن من التزود باللباس ﻓﻲ الظروف الجویة الباردة جداً. وطالبت الوحدة بتأمين 5.239.800 لیتر من وقود التدفئة وهذه الكمية هي احتیاج العائلات المتضررة لشهر واحد. وحثت على تأمين 69.864 وجبة غذائیة ساخنة بشكل یومي من خلال مطابخ متنقلة. ناهيك عن الخبز اليومي، وشددت وحدة تنسيق الدعم على “تأمین متطلبات الدفاع المدني الحرّ من الآلیات الثقیلة والمعدات لإخراج العالقین تحت الأنقاض بأسرع وقت وتأمین المحروقات لهذه الآلیات”.
إلى ذلك، ذكرت منظمات إنسانية سورية أن شخصين على الأقل توفيا جراء الإصابة في وباء “الكوليرا” الذي انتشر شمال سوريا في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وذكر الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” في تغريدة على منصة تويتر “زاد دمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف بعد الزلزال من احتمال تفشي الوباء”.
وأشار تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر الأسبوع الفائت أن تفشي الكوليرا في سوريا ارتفع بسبب “النقص الحاد” للمياه العذبة النظيفة في أنحاء البلاد.
وكان مجلس الأمن قد عقد الثلاثاء الماضي جلسة بحث من خلالها المستجدات الإنسانية والسياسية في سوريا، وطالب المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون خلال إحاطته للمجلس الأمن، بنزع الطابع السياسي عن الاستجابة الإنسانية.
وقال بيدرسون “هذا ليس الوقت المناسب لممارسة السياسة فيما يتعلق بالمعابر عبر الحدود أو عبر الخطوط الأمامية للصراع. فهذا هو الوقت المناسب كي يتبرع الجميع بسرعة وبسخاء لسوريا وإزالة جميع العوائق التي تحول دون وصول الإغاثة إلى السوريين في جميع المناطق المتضررة”.
وأشار إلى حالة الإحباط التي أصابت السوريين في شمال غرب سوريا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام إزاء عدم قدرة المجتمع الدولي على تقديم المساعدة العاجلة لهم في الأيام التي أعقبت الزلازل، وحول ذلك قال “هو أمر سمعته من الكثيرين في المجتمع المدني ومن قيادة المجلس الوطني السوري في إسطنبول”.
بالمقابل، أشار المبعوث الأممي إلى أن الكارثة الناجمة عن الزلزال المدمر كشفت عن رسالة مفادها أنه من الممكن القيام بخطوات إيجابية مستقبلية، وان التعاون ممكن في سوريا.
وبنى بيدرسون الرؤية الإيجابية على أساس أربع مقومات هي حسن النية بين السوريين من حيث الأقوال والأفعال، والإعفاءات المتعلقة بالزلزال في العديد من أنظمة العقوبات أحادية الجانب – بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وجهودهم لضمان عدم تعارض عقوباتهم مع الاستجابة، لا سيما بسبب الامتثال المفرط، بالإضافة لقرار حكومة النظام السوري فتح معبري الحمام وباب السلامة أمام المساعدات، وأخيرا الهدوء النسبي في العنف بعد الزلزال.
بدوره دعا منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارتن غريفيث إلى زيادة الدعم الدولي لسورية لتلبية الاحتياجات المتزايدة، بعد أن أضاف الزلزال فيها كارثة تُضاف إلى الأزمة التي كانت تمر بها بالفعل بعد 12 عاما من الصراع المسلح.
وعلى صعيد المساعدات الأممية، أرسلت الأمم المتحدة منذ 9 شباط (فبراير) الماضي أكثر من 423 شاحنة إلى شمال غرب سوريا، تحمل غذاء ومواد للمأوى والنظافة ومعدات طبية وإمدادات حيوية لما لا يقل عن مليون امرأة ورجل وطفل. وأكد المنسق الدولي أن “الكثير من الإمدادات الأخرى ستتوجه إلى المنطقة خلال الأسابيع المقبلة”.
وبالتوازي، أعرب الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة للولايات المتحدة روبرت وود في إحاطته أمام مجلس الأمن عن قلق بلاده من تحويل نظام الأسد للمساعدات المنقذة للحياة والتي انتهى بها الأمر أن تكون معروضة للبيع في الأسواق أو في أيدي السلطات التي تسعى للاستفادة من توزيعها. ودعا وود النظام وكافة الأطراف إلى تسهيل العمليات الإنسانية والامتناع عن تحويل المساعدات أو تسييسها.
كما أشار الممثل البديل إلى استئناف قوات النظام السوري قصفها لمناطق عدة في شمال غرب سوريا ما تسبب في زيادة المعاناة الإنسانية للمتضررين في كارثة الزلزال المدمر.
الجدير بالذكر، أن وزير الخارجية المصري سامح شكري زار دمشق في أول زيارة لمسؤول مصري لسورية منذ 2011 وقال شكري خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد أن هدف الزيارة “إنساني بالدرجة الأولى”.