الرئيسة \  مشاركات  \  روسيا إيران بشار وبس!

روسيا إيران بشار وبس!

27.01.2018
د. محمد أحمد الزعبي




قبل أن أدخل في صلب موضوع هذا العنوان المثلث الأبعا د ، رأيت أن ألقي الضوء بداية(الفقرة رقم١ ) على التسمية المتعلقة بحراك ٢٠١١ الوطني السوري :
١.
لقد اختلف الكثيرون حول تسمية الحدث السوري الضخم الذي انطلق من درعا يوم ١٨ آذار ٢٠١١ ليعم معظم مدن وقرى ( الجمهورية العربية السورية ) ، أهو انتفاضة ؟ ام ثورة؟ أم ماذا؟ . ومن جهتنا ، فإن ماشهدته درعا يوم ١٨أذار ٢٠١١ كان هبة / انتفاضة شعبية عفوية ارتبطت بشكل مباشر بشعاري الحرة والكرامة ، ولكنها بعد أن عمت معظم مدن وقرى سوريا ، وبعد أن رفض نظام الأسد مطلب الديموقراطية ( الحرية والكرامة ) وقابل الحناجر بالخناجر ( الرصاص الحي ) وتساقط الشهداء في الساحات العامة وفي المقابر ، تحولت هذه الانتفاضة إلى ثورة شعبية لاتقبل بأقل من إسقاط ذلك النظام العسكري الوراثي الديكتاتوري ، وإقامة نظام مدني ديموقراطي بديل ،يقوم على المواطنة والحريّة والقانون .
٢.
إن حل إشكالية التسمية ( انتفاضة - ثورة ) ، لم يؤد عملياً إلى حل إشكالية الثورة ، ( بعد أن درجت التسمية ) وإنما زاد في تعقيدها ، ويرجع سبب تزايد هذا التعقيد - على مانرى - إلى الطابع العفوي الذي نزلت به جماهير الشعب السوري الى الشوارع ، ونقصد بالعفوي هنا غياب القيادة السياسية لهذا الحراك الثوري ، حيث أن كافة الأحزاب السياسيةفي سوريا كانت قد حلت بصورة أو بأخرى عام (١٩٥٨) واستمر هذا الوضع لاحقاً و بحكم قانون الطوارئ حتى عام ١٩٧٠ ،مروراً بتواريخ ١٩٦١ والثامن من آذار ١٩٦٣ ، و٢٣ شباط ١٩٦٦ ، وهكذا ( لم يبق بالميدان غير حديدان ) أي ( ابو سليمان ) وورثته الشجعان(!!)منذئذ وحتى هذه اللحظة ( يناير ٢٠١٨ ) .
ولكي لايظنن أحد بأني ( أمزح) عندما وصفت ورثة أبي سليمان بالشجعان ، كان لابد من أن أوضح ، أنني قد شاهدت بأم عيني شجاعة الوريث بشار مرتين ، مرة أولى عندما رأيت وزير الدفاع الروسي وهو يرتجف أمام هيبة سيادة رئيس سوريا العربية ، وذلك عندما أحضره الوزير الروسي المذكور مخفوراً إلى قاعدة حميم الروسية المعروفة لكي يتشرف بمقابلته، ومرة ثانية عندما رأيته يصرخ في وجه بوتن كالهزبر عندما أحضره بوتن إلى موسكو بطائرة شحن ، ويقول له : لقد سمعت يابوتن بأنك تريد أن تسحب قواتك من عرين الأسد ، ولهذا جئت على جناح السرعة لأحذرك من سحب هذه القوات ، وإنك لو فعلتها ستجد مالا يسرك . وحين سأله بوتن وماذا ستفعل لو سحبت قواتي من سورية يا أبا حافظ ? ، أجاب سيادته دون خوف (أو وجل ) من بوتن ، سأستدعي قوات مشتركة أمريكية - إسرائيلية لحمايتي (!!) ، بدلاً عن قواتك الروسية ، ضحك بوتن وقال له : ولمحاربة داعش أيضاً (!!) وهنا أجاب سيادة الوريث بشجاعته المعهودة النادرة والفائقة : ليس فقط لمحاربة داعش يابوتن ، وإنما لمحاربة الإخوان المسلمين أيضاً (!!) . وهنا بدأ يعلو صوت هدير موتور طائرة الشحن ثانية ، مختلطاً بصوت أحدهم يقول لبشار بلغة عربية ركيكة ، إن وزير الدفاع الروسي بانتظاركم في حميميم ياسيادة الرئيس .
3.    
وقبل أن يصعد بشار سلم طائرة الشحن التي كانت بانتظاره ، سلمه أحدهم مغلفا مغلقاً ، ولما فتحه سيادته كاد يطير من الفرح ،فلقد كان المغلف عبارة عن دعوته لحضور مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري الذي تنظمه روسيا وإيران من أجل إطلاق رصاصة الرحمة على ثورة آذار السورية ، وعندما أعاد قراءة الدعوة زادت فرحته في أن المسألة لاتتعلق برصاصة واحدة وإنما بخمس رصاصات يطلقها في آن واحد كل من بوتن وولي الفقيه وأردوغان و بشار الأسد وممثل عن الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والتغيير ، حيث سيضيع دم المليون شهيد سوري بين هؤلاء الأربعة ، وعظم الله أجركم ، وكأنك يابوزيد ماغزيت(!!) .
٤.
وقبل أن أغلق باب هذه المقالة ، أرغب أن أشير ، لمسألة شخصية ، وهي أنه رب ناقد لبعض ماورد في إحدى فقرات هذه المقالة ، يتساءل : ألم تكن وزيراً لإعلام حركة ٢٣ شباط عام ١٩٦٦ التي كان حافظ الأسد وزيردفاعها ? . إذن مالفرق بينكما ? . لايمكنني -بطبيعة الحال - أن أنكر دوري وبالتالي مسؤوليتي (على هامشيتهما ) ، في هذا الموضوع ، ولكن تعقيد وتشابك الأمور في تلك المرحلة التاريخية التي شاهدتها وعايشتها بنفسي قبل هزيمة ١٩٦٧ ، لاتسمح لي خلقياً من جهة أن أبصق في الصحن الذي أكلت منه ، ومن جهة ثانية ، أن أسكت على منظر الذباب ( الخدعة الطائفية ) الذي بات يملأهذا الصحن ، وأفسد طعامه ، وجعله لايصلح حتى للحيوانات ، وبات على كل الشرفاء في سوريا وفي حزب البعث ، وخاصة بعد اندلاع ثورة آذار العظيمة عام ٢٠١١ ، أن يلقوا بصحونهم المليئة بهذا العفن الطائفي الفاسد في مكب النفايات ، أو بتعبير آخر في ( مزبلة التاريخ ) ، وعندها لن نعود بحاجة لا إلى سوتشي بوتن ، ولا إلى تغريدات ترامب ، ولا إلى لطميات ملالي طهران وحسن نصر الله ، ولا إلى ٢٠١١ أخرى .