الرئيسة \  ملفات المركز  \  روسيا في الحرب الأوكرانية .. الأزمة السورية إلى أين ؟

روسيا في الحرب الأوكرانية .. الأزمة السورية إلى أين ؟

03.03.2022
Admin


ملف مركز الشرق العربي 2/3/2022

عناوين الملف :
  1. الاخوان المسلمون سوريا :عدوان روسي متغطرس آخر على دولة مستقلة ذات سيادة
  2. عربي 21 :الصراع الروسي الغربي في أوكرانيا بين "الأولتراس" والتوضُّع السياسي
  3. عربي 21 :FT: غزو أوكرانيا سيهز العالم ومخاوف من تحولها لـ"سوريا" بأوروبا
  4. سوريا 24 :روسيا تكرر في أوكرانيا سيناريو مارسته ضد المعارضين للأسد
  5. البعث :هل تعيد الولايات المتحدة إضرام الحرب لمعاقبة روسيا في أوكرانيا؟
  6. نورث برس :هل تستغل المعارضة السورية انشغال روسيا بالحرب وتنفذ عملاً عسكرياً ضد الحكومة؟
  7. المدن :سوريون يريدون القتال في أوكرانيا:هزيمة بوتين نصر للثورة
  8. بلدي نيوز :الائتلاف الوطني يطالب المجتمع الدولي بتزويد المعارضة بمضادات الطائرات أسوة بأوكرانيا
  9. كيف يمكن للسوريين أن يستثمروا الورطة الروسية في أوكرانيا؟
  10. العربي الجديد :الاجتياح الروسي لأوكرانيا: سوريون على جبهتي الصراع
  11. العربي الجديد :أي تداعيات للأزمة الأوكرانية على العملية السياسية في سورية؟
  12. القدس العربي :المعارضة السورية والحرب في أوكرانيا
  13. نورث برس :في ارتدادات الحرب في أوكرانيا على سوريا
  14. اطلس :سوريا بعد الحرب في أوكرانيا
  15. شام :"بلومبرغ" : ما فعله بوتين في سوريا يتيح معرفة ما سيلقيه على أوكرانيا
  16. اللواء :المفارقة بين الحرب الروسية على أوكرانيا والحرب على سوريا
  17. سوريا تي في :الخارجية الأميركية لتلفزيون سوريا: سنحاسب روسيا لاعتدائها الوحشي على أوكرانيا
  18. الحرة :"الغارديان" تحذر الغرب من تكرار سيناريو سوريا في أوكرانيا
  19. الخليج اونلاين :مصالح متشابكة.. كيف ستتعامل دول الخليج مع حرب روسيا وأوكرانيا؟
  20. المصري اليوم :روسيا: القوميون الأوكرانيون يستخدمون الأساليب نفسها التي يستخدمها الإرهابيون في سوريا
  21. الجزيرة :لن تكون أوكرانيا سوريا جديدة.. لماذا؟
  22. سكاي نيوز :كيف تطبق روسيا في أوكرانيا ما جربته في سوريا؟
  23. الحرة :سوريا والحرب على أوكرانيا.. المنافع والأضرار
  24. السورية نت :ما غاب هنا يحضر هناك، أوكرانيا ليست سوريا حتماً
  25. المدن :هل توقف أوكرانيا جنوج بوتين الجنوني في سوريا؟
  26. الاهرام :أوكرانيا مقابل سوريا!
  27. الشرق الاوسط :(تحليل سياسي) سوريا «رهينة» المغامرة الأوكرانية
  28. عنب بلدي :وكرانيا.. رجل أعمال من أصل سوري يشكل كتيبة لقتال الروس
  29. اورينت :احتلال أوكرانيا وتحرير سوريا ونهاية بوتين
  30. العربية :تهديدات عسكرية وأزمة غذاء.. سوريا بقلب حرب أوكرانيا
  31. الاناضول :إسرائيل وأزمة أوكرانيا.. عينٌ على سوريا وأخرى على إيران وروسيا (تحليل)
  32. سي ان ان :الأسد لبوتين: نواجه عدوا واحدا.. تطرف في سوريا ونازية في أوكرانيا
  33. الميادين :بدأت الحرب في أوكرانيا.. فهل تنتهي في سوريا؟
  34. البي بي سي :روسيا وأوكرانيا: الغرب اكتفى بالمشاهدة في سوريا ولا يجب أن يفعل الشيء نفسه في الأزمة الأوكرانية- في الغارديان
 
الاخوان المسلمون سوريا :عدوان روسي متغطرس آخر على دولة مستقلة ذات سيادة
28 فبراير، 2022 محرر الموقع
بيان رسمي
ما تزال الإنسانية تشهد حروباً مكشوفة لبسط الهيمنة والنفوذ على الشعوب بكسر إرادتها وفرض أنماط من الولاءات والسلوك عليها..
إن ما جرى ويجري على الشعب السوري منذ عقدين من الزمان، والذي تأكد بالغزو الروسي لوطننا سورية، وما أقدم عليه الرئيس بوتين من قتل وتدمير، ليمثل صورة صارخة لتغوّل الإنسان، ويعود بالبشرية إلى عصر التوحش حيث يعدو القوي على الضعيف بلا وازع ولا ضمير..
إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية ندين ونستنكر كل حروب الهيمنة والنفوذ التي تمارسها دول كبرى مدججة بالأسلحة الفتاكة لكسر إرادة الشعوب والاستحواذ على ثرواتها وديارها..
وكما أدنّا وسنظل ندين العدوان الروسي والإيراني الآثم على بلدنا سورية وتقتيل وتهجير سكانها وتدمير مؤسساتها وعمرانها، فإننا اليوم ندين الحرب الروسية الآثمة على الدولة الأوكرانية ونستنكر أفعال كل الذين يساعدونها في العدوان على الشعب الأوكراني الحر..
وندعو جميع الدول المناط بها حسب القانون الدولي حفظ أمر السلام والأمن الدوليين، أن تبادر لتحمل مسؤولياتها تجاه ما حصل ويحصل في سورية حتى اليوم، وفي أوكرانيا منذ اليوم..
وإننا وإن كنا لا نرضى نظام الفيتو المعمول به في مجلس الأمن والذي يتيح للأقوياء حق استخدامه ضد الشعوب المقهورة والمظلومة، فإننا ندعو الدول التي تتمتع بهذه الخصوصية أن تعطيها حقها وتدفع ثمنها في ساحات الجد والحقيقة، وتستجيب لحاجة العالم لنظام أكثر قسطاً وعدلاً..
وإننا ندعو كل القوى السورية المخلصة إلى تناسي خلافاتها والعمل الجاد على كل مستويات الصراع للضغط وطرد المحتل الروسي والإيراني بكل الوسائل المشروعة..
ستبقى قضايا الشعوب حية منتصرة، وسيكون الخزي والعار والهزيمة للمعتدين الظالمين..
النصر والحرية لسورية وشعبها.. والنصر والحرية للشعب الأوكراني الحر الأبيّ..
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
٢٨ شباط ٢٠٢٢م
٢٧ رجب ١٤٤٣ه‍
=============================
عربي 21 :الصراع الروسي الغربي في أوكرانيا بين "الأولتراس" والتوضُّع السياسي
عمرو علان# الجمعة، 25 فبراير 2022 08:21 م بتوقيت غرينتش1
من الهيِّن على أي جماعةٍ أو حزبٍ أو وسيلةِ إعلامٍ أو حتى نظامِ حكمٍ رفع ما طاب لهم من شعاراتٍ رنانةٍ، أكان عن الديمقراطية أم عن معاداة الغرب والقوى الاستعمارية أم عن مجابهة المشروع الصهيوني. فمِن المعروف أن أمريكا وربيبتها "إسرائيل" لا تكترثان بما تقوله الجماعات أو أنظمة الحكم، ولا تُلْقِيان بالاً لعقيدة الأحزاب والدول طالما أن سياساتها لا تضر بصورةٍ عمليةٍ بالأهداف الاستعمارية والاستيطانية لأمريكا "الشيطان الأكبر"، وللكيان الغاصب المؤقت "الشيطان الأصغر". فكُن إسلامياً أو علمانياً، يسارياً أو يمينياً كما يحلو لك، ولتكن خطاباتك ناريةً وثوريةً بلا سقفٍ، لكن المهم ما تفعل وكيف تتوضَّع في الصراع العالمي ضد قوى الهيمنة والاستكبار، والشواهد على هذا كثيرة.
فمثلاً، كشف أمين عام "حزب الله"، السيد حسن نصر الله، عن أن الأمريكي كان قد بعث إلى "حزب الله" عرضاً عبر وسيطٍ عربيٍ، مفاده أن الأمريكي لا يمانع بأن يحتفظ "حزب الله" بكل سلاحه، ذلك خلا صواريخه التي تقد مضاجع الكيان الغاصب المؤقت، وبأن الأمريكي مستعدٌ للاعتراف بحضور "حزب الله" السياسي في الداخل اللبناني، وبأنه حاضرٌ ليمنحه عشرات مليارات الدولارات بشكلٍ مباشرٍ عدَّا ونقداً. وأضاف نصر الله، أنه سأل الوسيط متندراً، إذا ما كان سيتم تقديم مليارات الدولارات هذه عبر البنوك، ليجيبه ذاك الوسيط: لا، يمكن تسليمها لكم "كاش" في حقائب! وأضاف نصر الله، بأن الأمريكي عرض كل هذا في مقابل كف "حزب الله" عن مساعدة فصائل المقاومة الفلسطينية عسكرياً وبشكلٍ عمليٍ، بينما لا يمانع الأمريكي في عرضه - الذي حتى لم يناقشه "حزب الله" ناهيك عن أن يقبل به - من أن يحافظ "حزب الله" على نبرته العالية وسقف خطابه المرتفع تجاه الحق العربي والفلسطيني، ليصير بذلك خطابه مجرد شعاراتٍ فارغةٍلا طائل منها على أرض الواقع، كما هو حال خطاباتٍ كثرةٍ.
ولكن يبقى الأنكى، أن بعضاً ممن يرفعون شعارات محاربة الاستعمار والصهيونية، مقتنعون حقاً بما يقولون، ويعتقدون أنهم يتصرفون ويَتوضَّعون في السياسة بطريقةٍ تخدم الشعارات التي يتغنون بها، والشواهد على هذا حاضرةٌ أيضاً، ولعلها تكون أقرب عهداً!
يبقى الأنكى، أن بعضاً ممن يرفعون شعارات محاربة الاستعمار والصهيونية، مقتنعون حقاً بما يقولون، ويعتقدون أنهم يتصرفون ويَتوضَّعون في السياسة بطريقةٍ تخدم الشعارات التي يتغنون بها، والشواهد على هذا حاضرةٌ أيضاً، ولعلها تكون أقرب عهداً
فمع مطلع العَقْد الماضي واندلاع الأزمة السورية، انقسمت القوى العربية بشكلٍ عامٍ إلى معسكرَين، معسكر رأى في أحداث سوريا ثورةً خالصةً ونقيةً، ويُدَلِّل هذا المعسكر على رؤيته عبْر تحليلاتٍ يشوبها التكلف، بالإضافة إلى تبدلها من مرحلةٍ إلى أخرى حتى حد التناقض أحياناً، فعلى سبيل المثال لا الحصر: تارةً قيل إنه لا وجود "لجبهة النصرة" سوى في رواية وخيالات "النظام السوري"، وبأن "جبهة النصرة" لا تعدو سوى كونها فِرْيةٌ يستخدمها "النظام" من أجل قتل "المتظاهرين السلميين"، لنكتشف بعد حين أنها موجودةٌ وبقوةٍ أيضاً، وبأنَّها "مقاومة الشعب السوري" وعماد "ثورته" وذلك حسب توصيفات قيادات "المعارضة السورية" ذاتها، وهكذا دواليك.
وبناءً على هكذا تحليلاتٍ، توصل هذا المعسكر إلى أن دول المعمورة قاطبةً شرقاً وغرباً، وجميع الأضداد الدولية وكذلك الإقليمية، نحَّت جانباً كل تناقضاتها في الجغرافيا السياسية المرتبطة بمنطقتنا، وتطابقت - بقدرة قادرٍ - مصالحها الجيو استراتيجية في إفشال "الثورة السورية" حسب رؤيتهم!
ولا شك في كون قسمٍ ممن سار في رِكاب هذا المعسكر، أنه كان صادقاً في عدائه للغرب وللصهاينة، ومخلصاً في نواياه تجاه تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة، لكن سرعان ما تبين انخراط القوى الغربية في هذا المعسكر، وتحكمها في مساره العام وتوجهاته، بسبب إدراكها العميق لأبعاد أي حراكٍ على الجغرافيا السياسية، ووعيها بوضوحٍ لأهمية موقع سوريا وتوضُّعها ضمن هذه الجغرافيا.
لا شك في كون قسمٍ ممن سار في رِكاب هذا المعسكر، أنه كان صادقاً في عدائه للغرب وللصهاينة، ومخلصاً في نواياه تجاه تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة، لكن سرعان ما تبين انخراط القوى الغربية في هذا المعسكر، وتحكمها في مساره العام وتوجهاته
وقد تحكَّمت القوى الغربية بالمسار العام لهذا المعسكر إما مباشرةً، وإما مِن خلال بعض حلفائها مِن دول الخليج التي كانت تمول "الثوار"، فصار ذاك القسم "المُخْلِص" جزءاً من مشروعٍ أكبر وأقوى منه، فوجد نفسه تبعاً لذلك في الخندق الغربي؛ تخندقٌ فرض وسيفرض عليه باقي مواقفه المستقبلية تجاه الصراع العالمي ضد دول الهيمنة والاستكبار، كما سيتضح في سياق هذا المقال.
أما المعسكر الآخر الذي تبنى وجهة نظرٍ مغايرةٍ حول الأزمة السورية، فبشكلٍ عامٍ، قد رأى في الأزمة مطالب محقةً لقسمٍ كبيرٍ من الشعب السوري، لكنه تنبه في الآن ذاته إلى كون هذه المطالب يتم استغلالها من قبل دول الاستعمار، وذلك من أجل تحقيق أهداف جيواستراتيجية؛ أهداف لو تحققت لكانت لها تداعياتٌ خطيرةٌ على قوى المقاومة في الإقليم، وعلى كلٍّ من روسيا والصين المنخرطتين في مواجهةٍ حادةٍ مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الغربي. وبطبيعة الحال، تُعد هذه الأهداف الغربية ضد مصالح شعوب منطقتنا، التي عانت وما زالت تعاني من هيمنة الغرب الاستعماري عليها منذ سقوط الدولة العثمانية.
فمثلاً، يصعب تفسير توَضُّع الصين ضمن هذا المعسكر خارج هذه النظرة الشمولية للأحداث، حيث إن الصين لا ترتبط بالدولة السورية، ولا "بالنظام السوري"، بمصالحٍ اقتصاديةٍ، ولا هي مرتبطةٌ بسوريا بعلاقات تحالفٍ تاريخيةٍ ذات بالٍ، على عكس روسيا وإيران مثلاً، اللتين فسر البعض موقفيهما من الأزمة السورية بطريقةٍ سطحيةٍ ومتناقضةٍ أيضاً، وذلك استناداً إلى علاقتيهما القديمة بالدولة السورية، أو بشخص الرئيس السوري بشار الأسد كما خُيِّل للبعض، علماً أن روسيا كانت قد صرَّحت في غير مرة بأنها لا تنخرط في الأزمة السورية دفاعاً عن شخصٍ بعينه؛ تصريحاتٌ لطالما أبرزَتها "المعارضة السورية" كدليلٍ على قرب سقوط الرئيس بشار الأسد، مستخدمين بهذا منهج التحليلات المتقلبة والمتناقضة التي أشار لها المقال آنفاً.
وعلى أي حال، دار الزمان دورته، ووصلنا اليوم إلى الأزمة الأكرانية، التي تتقابل فيها روسيا مدعومةً من الصين، مع الحلف الأمريكي الأطلسي الاستعماري، الذي يهيمن على مصائر البلاد والعِباد، هذه الأزمة التي سيتحدد على نتائجها مستقبل هيمنة قوى الاستعمار الغربي إلى حدٍ بعيدٍ.
وصلنا اليوم إلى الأزمة الأكرانية، التي تتقابل فيها روسيا مدعومةً من الصين، مع الحلف الأمريكي الأطلسي الاستعماري، الذي يهيمن على مصائر البلاد والعِباد، هذه الأزمة التي سيتحدد على نتائجها مستقبل هيمنة قوى الاستعمار الغربي إلى حدٍ بعيدٍ
فالأزمة الأكرانية تُعد تجسيداً لاختلال موازين القوى الدولية لغير صالح قوى الهيمنة والاستكبار العالميين، وفي حال انكسار إرادة المعسكر الأمريكي فيها، وفرض التراجع عليه، ستشكِّل هذه النتيجة خطوةً رئيسةً إضافيةً في مشوار أفول إمبراطورية "الشيطان الأكبر"، وولِادة عالَمٍ جديدٍ متعدد الأقطاب، على نقيض عالمٍ أحادي القطبية تكون فيه العلاقات الدولية أكثر توازناً. ومن البديهي أن في هذا مصلحةٌ حيويةٌ لدول "الجنوب"، بِدءاً من دول أمريكا اللاتينية، مروراً بالقارة الأفريقية ومنطقة المشرق العربي، وصولاً إلى دول شرق آسيا.
وكما يقر أكثرية المحللين، فإن أحداث العالم باتت مترابطةً بشكلٍ غير مسبوقٍ نتيجةً "العولمة" وتشابك الاقتصادات، علماً بأنه على المستوى الجيواستراتيجي، كان العالم مترابطاً منذ القرن السادس عشر على أقل تقديرٍ، وليت كل المحللين أخذوا بعين الاعتبار هذه الحقيقة حينما بنوا قراءتهم الخاصة للأزمة السورية! عموماً، نتيجةً لترابط الأحداث الدولية، وامتداد تأثيرها لتصيب كل أركان المعمورة، وَجَدت جماعات الوطن العربي نفسها تتخندق في الصراع الدائر حول أوكرانيا، وفقاً لرؤية مصالحها، ووفقاً لرهاناتها العميقة على المعسكرات الدولية.
وَجَدت جماعات معسكر "الثورة" السورية، أو غالبيتها على أقل تقديرٍ، نفسها تتخندق بشكلٍ تلقائيٍ في جانب أمريكا وحلف شمال الأطلسي، كاستكمالٍ طبيعيٍ لتوضُّعٍ ولمسارٍ كانت قد اتخذته قبل نحو عقْدٍ من الزمن. ففي أوقات الحروب والاشتباك الميداني تسقط المراوغات، ولا يبقى محلٌ للتحليلات التي "يشوبها الكثير من التكلف"، وتتجلى حقيقة تخندق القوى، وتوضُّعها في الصراع الدولي ضد قوى الاستعمار والناهب الدولي، حيث يُختبَر حينها مدى انسجام الشعارات التي ترفعها أي "جماعةٍ أو حزبٍ أو وسيلةُ إعلامٍ أو حتى نظامِ حكمٍ" مع واقع حالها وخياراتها الاستراتيجية.
أما المعسكر الآخر، الذي رأى في الأزمة السورية خليطاً بين قوى استعماريةٍ مهيمنةٍ على مسار الأحداث، وبين مطالب شعبٍ محقةٍ، لكن تم تجييرها لحساب مصالح جيواستراتيجيةٍ تصب في طاحونة الناهب الدولي، فكان قد حدد مبكراً "تناقضه الرئيس" متمثلاً في مكافحة قوى الهيمنة العالمية الغربية.
من غير الصحيح تشبيه حركة الجماعات - أو التجمعات السكانية - بحركة "الأولتراس" مثلاً، وكأن خيارات التجمعات السكانية خبْط عشواء، وأنه لا يمكن تحليلها بناءً على علوم السياسة والاجتماع
وعليه، توضَّعت جماعات هذا المعسكر، وبشكلٍ طبيعيٍ وتلقائيٍ، ضد الحلف الأمريكي الأطلسي، وذلك بناءً على وعيٍ جمعيٍ كانت قد شكلته وصقلته الأحداث، وبناءً على إدراكٍ عميقٍ لمصلحتها في زعزعت أركان الإمبراطورية الأمريكية.
يُحاجّ هذا المقال بأنه من غير الإنصاف التعامل مع حركة الشعوب والجماعات بخفةٍ، وبصورةٍ تُسخِّف من خياراتها التي تتخذها بناءً على وعيها الجمعي، وبناءً على قناعاتها، ورهاناتٍ لها انعكاسٌ واقعيٌ على الأرض وفي السياسة، ناهيك عن مجافاة هذا المنهج للأسس السليمة لقراءة حركة الشعوب ولعلوم الاجتماع على حدٍ سواء.
فمن غير الصحيح تشبيه حركة الجماعات - أو التجمعات السكانية - بحركة "الأولتراس" مثلاً، وكأن خيارات التجمعات السكانية خبْط عشواء، وأنه لا يمكن تحليلها بناءً على علوم السياسة والاجتماع، اللهم إلا إذا كنا سنستمر بنهج "التحليلات المتكلفة" والمتناقضة في أحيانٍ كثرٍ، أو من أجل تبرير توضُّعٍ سياسيٍ لا يمكن تبريره!
=============================
عربي 21 :FT: غزو أوكرانيا سيهز العالم ومخاوف من تحولها لـ"سوريا" بأوروبا
عربي21- باسل درويش# الخميس، 24 فبراير 2022 06:23 م بتوقيت غرينتش1
حذرت صحيفة "فايننشال تايمز" من أن حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا ستهز العالم.
وقالت الصحيفة ، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن الحرب الزائفة قد انتهت، والآن بدأت الحرب الحقيقية، وهو ما ظلت الولايات المتحدة والحكومة البريطانية تعتقدان على مدى الأسابيع أنه سيحدث، وأن بوتين ينوي شن حرب شاملة على أوكرانيا، وهذا يحدث الآن.
وأضافت: "بدأنا نعرف الأهداف الدقيقة للجيش الروسي، ولكن من الواضح أن الهجوم ليس محدودا. فقد سمعت أصوات الانفجارات في العاصمة كييف. وهناك تقارير تتحدث عن دخول القوات الروسية من بيلاروسيا، التي تعدّ طريقا مباشرا وقصيرا إلى العاصمة".
وأشارت إلى أن الاستخباراتية الغربية، التي توقعت بدقة حدوث هذا السيناريو، تعتقد أن بوتين يهدف للإطاحة بالحكومة الأوكرانية، وتنصيب حكومة دمى، ولن تقتصر عملية "قطع" رأس الحكومة في العاصمة، بل وستشمل على الحكومات الإقليمية والمحلية. وتم إعداد قائمة بأسماء المسؤولين الأوكرانيين الذين سيتم اعتقالهم.
وبحسب مسؤول أمريكي، فالأساليب العسكرية التي ستستخدمها روسيا ستكون قاسية "مثل التي شاهدناها في سوريا والشيشان". كما أن نشر الدبابات الروسية والقوات الجوية تعني خسائر كبيرة بين المدنيين الأوكرانيين.
وقدرت بعض المصادر عدد القتلى المحتملين بحوالي 50 ألف شخص. وأعلن الجيش الأوكراني عن تصميمه على القتال والدفاع عن البلد، لكنه سيكتشف أن قدرات الروس أكبر منه. وربما كان هدف الروس هو حصار كييف بشكل يؤدي إلى انهيار حكومة زيلنسكي.
ولا يريد الروس التورط في حرب مدن لو استطاعوا ذلك. وتوعد بوتين في إعلانه عن الغزو أي قوة خارجية تفكر بالتدخل بأنها ستواجه "تداعيات لم يروها في التاريخ"، في إشارة مبطنة للسلاح النووي.
وفي الوقت الحالي، سيتركز الرد الغربي على العقوبات الاقتصادية. ونظرا للمخاوف الأمريكية والأوروبية من تطورات الوضع بشكل سريع، فهم يعملون على حزمة منسقة من العقوبات التي سيتم تطبيقها في الأيام المقبلة. وستواجه روسيا الآن عقوبات مالية، وعلى أفراد، وستطال التكنولوجيا. وسيتم قطع المصارف الروسية عن النظام المالي العالمي. ولن يستطيع أفراد روس السفر إلى الغرب، وسيتم تجميد أرصدتهم الخارجية. ولن تستطيع روسيا الحصول على التكنولوجيا، مثل أشباه الموصلات وقطع غيار الطائرات.
وستكون آثار العقوبات على الاقتصاد الروسي عميقة. لكنها ليست كافية لحرف بوتين عن مساره الذي اختاره. ولن يجوع الزعيم الروسي، بل سيستخدم الحرب التي أطلق لها العنان لمحو آخر مظهر للحرية في روسيا. ونتيجة لقراره، فستميل روسيا بشكل كامل نحو الديكتاتورية، والتي ستكون قادرة على سحق أي معارضة للروس الغاضبين من بوتين والمسار الذي اختاره.
لكن الخرق الاقتصادي بين روسيا والغرب سيترك تداعياته الخطيرة على أوروبا والولايات المتحدة. وحتى قبل اندلاع الحرب شهدت أسعار الطاقة ارتفاعا متزايدا. فلو قطعت روسيا الغاز عن أوروبا، فعندها سيعاني المستهلكين إلى جانب الصناعة. وسيكون أثر هذا واضحا في الدول التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي مثل ألمانيا وإيطاليا. ولن يمنع هذا من دخول الغرب كله حالة من الركود وزيادة معدلات التضخم.
وعلى خلاف بوتين، فالقادة الغربيون أكثر عرضة لتقلبات الرأي العام. ورغم تأكيد الناتو أنه سيظل بعيدا عن الحرب، إلا أن هناك مخاطر من توسع النزاع بعيدا عن أوكرانيا.
وواحد من السيناريوهات، هو محاولة الطيران الروسي ملاحقة الطيران الأوكراني إلى المجال الجوي البولندي، ما سيؤدي إلى مواجهات مباشرة بين روسيا وبولندا، عضو الناتو.
وربما يقتل القصف الروسي أمريكيين وأوروبيين لم يغادروا أوكرانيا، ما يزيد من الضغوط على بلدانهم للتدخل. وتناقش الحكومات الغربية كيفية مساعدة المتمردين الأوكرانيين في حالة ظهورهم لمواجهة الاحتلال الروسي. ويرى الداعمون لهذه الخطة، أن الدعم هو واجب أخلاقي وضرورة استراتيجية، تسمح للأوكرانيين بمواصلة القتال. ويخشى آخرون أن دعم المقاومة قد يحوّل أوكرانيا إلى ساحة نزاع مثل سوريا على حدود أوروبا. وهذه النقاشات ستتواصل وتصبح أكثر إلحاحا في الأسابيع المقبلة. وفي الوقت الحالي، لا تزال المبادرة بيد بوتين.
=============================
سوريا 24 :روسيا تكرر في أوكرانيا سيناريو مارسته ضد المعارضين للأسد
خاص - SY2401/03/2022
أجمع عدد من المحللين السياسيين والناشطين السوريين، على أن روسيا تكرر السيناريو ذاته الذي اتبعته في سوريا ضد المعارضة السورية والدفاع المدني، من خلال محاولة الادعاء بأن أوكرانيا تمتلك سلاحا كيمياويا أو نووياً، وذلك لشرعنة استمرار الانتهاكات التي تمارسها هناك.
وفي التفاصيل، زعم وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في تصريحات نقلتها ماكينات الإعلام الروسية، أن أوكرانيا تمتلك سلاحاً نووياً، مدعياً بالقول: إن “المخاطر التي يمثلها نظام فلاديمير زيلينسكي للدول المجاورة والأمن الدولي عموما ازدادت بشكل ملحوظ بعد أن بدأت السلطات التي اتخذت من كييف مقرا لها ألعابا خطيرة متعلقة بخطط لامتلاك أسلحة نووية خاصة بها”.
وتابع مزاعمه قائلاً: إن “التصريحات غير المسؤولة التي سمعناها بهذا الخصوص ليست مجرد تبجح فارغ، إذ تمتلك أوكرانيا منذ أزمنة الاتحاد السوفيتي تقنيات نووية ووسائل لحمل هذا السلاح، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الخطورة الواقعية”.
وزاد من مزاعمه، “أؤكد أن روسيا بصفتها عضوا مسؤولا من المجتمع الدولي يتمسك بالتزاماته الخاصة بعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، تتخذ كل التدابير اللازمة لمنع ظهور سلاح نووي وتقنيات ذات الصلة في أوكرانيا”.
وربط مراقبون وناشطون ومحللون بين تلك الادعاءات وتلفيق التهم الروسية لأوكرانيا لشرعنة حربها عليها ولتجييش باقي الدول ضدها، وبين الاتهامات التي كانت توجهها للمعارضة السورية وخاصة فريق الدفاع المدني “الخوذ البيضاء”، بأنها تُحضر لاستهداف قواتها أو قوات النظام السوري أو حتى المدنيين بالسلاح الكيماوي.
ومنذ أعوام وما تزال، تتهم وزارة الدفاع الروسية، “الخوذ البيضاء” بالتحضير لتنفيذ ما تسميها “مسرحيات الكيماوي” لإثارة الرأي العام الدولي ضد النظام السوري، في حين يؤكد ناشطون ومراقبون أن هذه “الرواية المزعومة يكررها النظام السوري وبدعم روسي في كل مرة قبيل هجومه بالأسلحة السامة”.
وفي هذا الجانب قال المحلل السياسي “عمر الحسون الهاشمي” لمنصة SY24، إن “وزير خارجية روسيا وكعادته إضافة إلى أركان حكومته وعسكرها يتهمون الضعفاء كذبا وزورا باستخدام الأسلحة الكيميائية او المحرمة دوليا، وقد سبق وأن اتهمت روسيا المقاتلين الشيشان بهكذا تهم وهم الذين لم يكن لديهم حتى صواريخ لكي يقاوموا بها إجرام بوتين في نهاية التسعينات”.
وأضاف “واتهمت روسيا العظمى الفصائل الصورية السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهي التي كانت تقاوم روسيا وإيران والنظام بأبسط الأسلحة رغم استخدام روسيا لأعتى أسلحة الدمار الشامل، والمضحك في ادعاءات المسؤولين الروس أن أعرق وأكبر صحيفة في روسيا هي برافدا وتعني الحقيقة، هي أكبر مروج إشاعات كاذبة في العالم”.
وتابع “أمّا بالنسبة لاستخدام الروس أسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا، فأستبعد وأتوقع أن لا تستخدم روسيا ترسانتها النووية فقد أصبحت قديمة مهترئة، والروس يخشون التقنية الأوروبية الحديثة التي طورت من الأجهزة الحديثة التي من الممكن أن يزودوا بها أوكرانيا ما يوقف أي هجوم نووي”.
وأعرب عن اعتقاده بأنهم “ربما يستخدمون الأسلحة الكيميائية، وخصوصا بعد اتهام لافروف الذي نسي أنه هو المعتدي وأن قوات بلاده هي من دخلت إلى أوكرانيا”.
وفي العام 2018، طالبت موسكو الدول الغربية بإخراج عناصر “الخوذ البيضاء” من إدلب وعموم سوريا، لأنهم يمثلون مصدر تهديد لسوريا، حسب ماكينات الإعلام الروسية.
يذكر أن روسيا تدخلت عسكريا إلى جانب النظام السوري في عام 2015، وتسببت عملياتها العسكرية بمقتل عشرات الآلاف من المدنيين بعد تدمير مدنهم وبلداتهم بالصواريخ المحرمة دوليا.
=============================
البعث :هل تعيد الولايات المتحدة إضرام الحرب لمعاقبة روسيا في أوكرانيا؟
24-فبراير-202201 4 دقائق
البعث الأسبوعية- سمر سامي السمارة
مهدت الولايات المتحدة وحلفاؤها للحرب المستمرة منذ ما يزيد على 11 عاماً على سورية، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل تخطط الولايات المتحدة لانتزاع التنازلات من روسيا بشأن أوكرانيا، ببذل قصارى جهدها والمخاطرة باندلاع حروب في جميع أنحاء غرب آسيا.
مع تصاعد التوترات السياسية والعسكرية والاقتصادية الجديدة بين الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو من جهة، والصين وروسيا وكوريا الديمقراطية وإيران من جهة أخرى – بما في ذلك جبهة تايوان في شرق آسيا وأوكرانيا في وسط أوروبا – نشهد الآن خططاً متسارعة لتفعيل أزمات جديدة في غرب آسيا، من سورية إلى العراق إلى الحرب على اليمن.
وهنا دعونا نركز على سورية، التي شهدت جواً من الهدوء في السنوات القليلة الماضية بعد أن حقق الجيش العربي السوري سلسلة من الانتصارات واستعاد أكثر من 70 في المائة من أراضيه، باستثناء بعض المناطق مثل محافظة إدلب التي تسيطر المجموعات الإرهابية المسلحة على معظم أراضيها، وكذلك في مناطق أخرى في الجزيرة السورية  التي تنضوي تحت مظلة القوات الأمريكية حالياً.
لكن يبدو أن هناك مؤشرات دولية وإقليمية عديدة، تُظهر أن الولايات المتحدة في طريقها لإعادة تحريك ما يُسمى بـ “المعارضة السورية” والجماعات الارهابية التي تدعمها، حيث يرى محللون أن سعي الولايات المتحدة، سيكون أكثر شراسة مما كانت عليه في بداية الحرب على سورية في آذار 2011. وقد ظهرت بالفعل مؤشرات عديدة على ذلك:
كشفت هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية مؤخراً، عن خطط أميركية لدعم المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية وتوجيهها لتكثيف هجماتها ضد الجيش العربي السوري و القوات الروسية والإيرانية بالتزامن مع تشجيع “الاحتجاجات” داخل سورية. وذكرت الهيئة أن  الاستخبارات الأمريكية تخطط لتوجيه خلايا نائمة تابعة للعصابات الإرهابية في دمشق والمنطقة المحيطة بها، وكذلك محافظة اللاذقية لشن هجمات دقيقة ضد عناصر أجهزة الأمن وكذلك والعسكريين الروس والإيرانيين. وبدوره، قال نائب مبعوث روسيا الدائم لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جينادي كوزمين: “إن مشكلة التهديدات الإرهابية في شمال شرق سورية أصبحت ملحة، فالقوات الأمريكية المنتشرة هناك بشكل غير قانوني لا تستطيع فرض النظام. أو أنها لا تريد ذلك “. وفي معرض الإشارة إلى هروب عدد غير معروف من سجناء ينتمون إلى “داعش” من مدرسة الصناعة التي تحولت لسجن كان يحتجز  فيه حوالي 3000 من إرهابي “داعش” في الحسكة من منطقة تسيطر عليها الولايات المتحدة أواخر كانون الثاني الماضي، أضاف كوزمين أن “أجواء الفراغ في السلطة والإفلات من العقاب حول مناطق انتشار القوات الأمريكية يشكل أرضية خصبة للإرهابيين بمختلف انتمائتهم “.
ويظهر المؤشر الثاني صحة البيان الصادر عن هيئة الاستخبارات الروسية الخارجية، والذي جاء فيه أن الإدارة الأمريكية تسعى للحفاظ على وجودها العسكري في شمال شرق سورية، ومنع بسط الاستقرار، وإعادة تأهيل قيادة ما يُسمى بـ “المعارضة السورية”، وتوحيد صفوفها، وسيتم تنفيذ الخطة الأمريكية من خلال استغلال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها سورية بسبب الحصار الأمريكي الخانق. وبحسب البيان، تنوي الولايات المتحدة إطلاق حملة إعلامية واسعة، بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة بالعربية لتحريض السوريين على النزول مرة أخرى إلى الشوارع والساحات، في العاصمة دمشق، ومدن حلب وحمص واللاذقية، وبعبارة أخرى، إعادة عرض سيناريو درعا مطلع عام 2011.
أما المؤشر الثالث فقد ظهر من خلال المؤتمر الذي عقد مؤخراً، على مدى يومين في عاصمة مشيخة قطرية الدوحة، والذي يهدف لإعادة توحيد شخصيات “المعارضة المسلحة” المختلفة. وللإشارة، فإن المؤتمر الذي أطلقه المنشق رياض حجاب، وضم ممثلين عن مراكز البحوث القطرية والعربية والدولية، فضلاً عن أكثر من 60 من شخصيات المعارضة المسلحة، تتويجاً لسلسلة من ورش العمل التي عقدت في مجموعة مختارة من العواصم الأوروبية. وبدورها، قدمت سلطات مشيخة قطر الدعم الكامل لهذه الندوة التي غطتها قناة الجزيرة وقنوات مضللة أخرى بكثافة ملحوظة.
أما المؤشر الرابع فيتعلق بجهود الجزائر المتعددة لعقد قمة عربية تشارك فيها سورية ويعاد مقعدها في جامعة الدول العربية، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل.
وأخيراً، عملية الاغتيال المفاجئة لزعيم تنظيم “داعش” أبو إبراهيم الهاشمي القرشي على يد القوات الأمريكية الخاصة في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في سورية، حيث تعرض القرشي للهجوم في منزله شمال إدلب، ومن الجدير بالذكر، أنه لم يتم توثيق الهجوم بدليل صوتي أو صور، على غرار الاغتيالات السابقة لأبي بكر البغدادي وقبله أسامة بن لادن، لكن على عكس الاغتيالات السابقة، كإعدام صدام حسين ومقتل نجليه. لا شك أن هذا “الاغتيال”، مجرد غطاء للخطة الأمريكية الجديدة لاستئناف الاتصالات السرية مع المجموعات الإرهابية المتطرفة ودعمها، بينما يشير ظاهرياً إلى أن الولايات المتحدة تواصل استهدافها للمجموعات بوصفهم “منظمات إرهابية”.
أثار مقتل “القرشي” المفاجئ في سورية خلال المواجهة الخطيرة بين الناتو وروسيا بعض التساؤلات في واشنطن أيضاً، إذ يتسأل إيثان براون ، المراقب السابق للعمليات الخاصة في القوات الجوية الأمريكية، حول توقيت العملية وقربها من الأزمة في أوكرانيا، وفيما إذا كان تنفيذ عملية عسكرية للولايات المتحدة خارج منطقة معلنة في الشرق الأوسط هو إلى حد ما يشكل رادعاً للإجراءات الروسية في أماكن أخرى”. ثم يعلن بشكل صريح قائلاً: “لا تخطئ فالحالتان الفريدتان متشابكتان”.
يرى مراقبون، أن محاولات التصعيد المرتبطة على الأرجح باستراتيجية واشنطن في أوكرانيا قد بدأت بالفعل في سورية، فقد أطلقت ما تُسمى بـ “المعارضة السورية” أول “حراكها” قبل 11 عاماً في الدوحة، ويبدو أن محاولة إحيائها ستتم أيضاً من نفس المكان.
وبدورها، ذكرت إحدى وسائل الإعلام التي بدأت بالتحريض على الشعب السوري منذ بداية الحرب على سورية، في أحد تقاريرها مؤخراً، أن إدارة بايدن تريد أن يكون عام 2022 عام تأهيل لما يُسمى بقوى “المعارضة السورية” لتكون جاهزة، وكشف التقرير أيضاً أن نائب وزيرة الخارجية الأمريكية إيتان غولدريتش التقى قادة “المعارضة السورية” في إسطنبول والقامشلي وغازي عنتاب أواخر العام الماضي للتحضير للسيناريو الأمريكي الجديد في سورية.
في الحقيقة، على الرغم من أن الخطة الأمريكية لزعزعة الأمن والاستقرار في سورية بدأت منذ 11 عاماً، لكن هذه الخطة لا تزال مستمرة من خلال الحصار الخانق الذي تفرضه الولايات المتحدة، ومع ذلك استطاعت سورية الصمود والوقوف في وجه كافة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وعملائها في المنطقة.
=============================
نورث برس :هل تستغل المعارضة السورية انشغال روسيا بالحرب وتنفذ عملاً عسكرياً ضد الحكومة؟
2022-03-02
إدلب – نورث برس
أثار انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، حماس سكان ونشطاء فاعلين في شمال غربي سوريا، للمطالبة بفتح جبهات جديدة مع قوات حكومة دمشق، فيما يرى محللون وقادة عسكريون في المعارضة أن الفصائل غير قادرة على التحرك عسكرياً لأنها مرتهنة لجهات إقليمية أو دولية.
والخميس الماضي، أعلنت روسيا، بدء عملية عسكرية ضد أوكرانيا، تبعها ردود فعل عالمية غاضبة ومطالبات بتشديد العقوبات على موسكو.
ويواصل الجيش الروسي عملياته العسكرية في أوكرانيا، مع دخول الحرب يومها السابع، بينما كثفت الدول الغربية عقوباتها المالية على موسكو وأغلقت أجواءها أمام الطيران الروسي.
والسبت الماضي، دعا الأمين العام للائتلاف الوطني السوري المعارض هيثم رحمة المجتمع الدولي، إلى دعم الجيش الوطني الموالي لتركيا، وإمداده بالعتاد النوعي، وبمضادات طيران، أسوة بأوكرانيا، لمحاربة قوات الحكومة.
واعتبر “رحمة”، في تصريح نشره في الموقع الرسمي للائتلاف، أن هذا الدعم “يحدّ من خيارات روسيا العسكرية في سوريا، ويمنعها من تهديد دول الناتو من خلال القواعد الروسية في الساحل السوري”.
ولكن تلك المطالبات، قوبلت بردود فعل متباينة، في أوساط الصحفيين والسياسيين والعسكريين.
ليست صاحبة قرار
ويقول المحلل العسكري السوري أحمد رحال، لنورث برس، إن “القوى الموجودة في شمال غربي سوريا هي للدفاع الجزئي وليست للدفاع الكلي، أي أنها لا تملك قراراً ولا يعطى لها قرار”.
ويستشهد ” الرحال ” بما أكده مدير التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري حسن دغيم، حول ارتباط قوى المعارضة باتفاقيات “استانا وسوتشي”.
وفي وقت سابق، قال “دغيم” إنه “لا يمكنهم مخالفة اتفاقيات استانا وغيرها بمعنى أنهم يحتاجون أمراً من الدول التابعين لها”.
وأضاف المحلل العسكري، أن “معظم هؤلاء لم يعودوا عناصر ثورة بل عناصر تابعين لدول أخرى مثل تركيا”.
وتلك القوى الموجودة اليوم، “بما فيها القيادة العسكرية والسياسية والحكومة المؤقتة غير قادرة على اغتنام الفرصة، ولا تملك أفقاً استراتيجياً بالتفكير”، بحسب رحال.
وأضاف: “كما أنها لا تملك قدرة على بناء مواقف بناءة على تقاطع مصالح بناءٍ على استغلال فرصة أو ثغرة وبناء علاقات مع دول من أجل الاستفادة من متغيرات الموقف الدولي”.
بدوره، يرى الناطق الرسمي باسم جيش العزة التابع لفصائل المعارضة السورية، “مصطفى بكور”، أنه “في ظل تشرذم الفصائل وتنافس الحكومات وعدم وجود نشاط حقيقي فعال للجناح السياسي للمعارضة، وعدم وجود قيادة سياسية وعسكرية موحدة لها، لا يمكنها إطلاق أي عمل عسكري”.
ويقول “بكور”، لنورث برس، إن الحرب الروسية على أوكرانيا “لا يعني أن موسكو غير قادرة على شن عدوان على الشمال السوري، لأن طيرانها وجنودها وأسلحتها التي استخدمتها في سوريا لا تزال موجودة”.
ترميم وتصحيح مسار
وشدد “بكور” على أنه “لا بد من إصلاح البيت الداخلي للثورة السورية قبل التفكير بأي عمل عسكري ضد النظام السوري، لأن الظروف تغيرت كثيراً ما بين 2011 و2022، وأصبح الجسد السياسي والعسكري للثورة السورية بحاجة إلى تجديد وترميم وتصحيح مسار”.
لكن “رحال” قال إنه “بالمرحلة العسكرية يفترض أن تقوم الفصائل بتصعيد عسكري على كافة الجبهات، أي أن روسيا لا تستطيع أن ترتكب جرائم في موقعين وتحت أنظار المجتمع الدولي الذي يراقبه اليوم”.
وأضاف المحلل العسكري: “هذا ما يفترض أن يحدث اليوم، ولكن لا أحد من هؤلاء يملك قرار اليوم، وهم غير قادرين على إضافة أي شيء للثورة السورية”.
من جانبه، قال مأمون الشمالي وهو اسم مستعار لصحفي في إدلب، إن “الفصائل قادرة على البدء بعمل عسكري في حالة واحدة، وهي أن تخرج عن أوامر القوات التركية التي كان لها الدور الأول في خسارتها أبرز المناطق التي كانت تسيطر عليها”.
وأشار الصحفي إلى أن الفصائل اليوم مع هيئة تحرير الشام “تمتلك القدرات العسكرية التي تمكنها من قلب موازين القوى  السيطرة على الأرض السورية، إذ أنها تملك السلاح والجنود والمال”.
وأضاف: “لكنها لا تملك القرار، ومن الصعب اليوم أن تتخلى عن أوامر تركيا التي لا يهمها إلا مصالحها”، بحسب “الشمالي”.
إعداد: براء الشامي- تحرير: فنصة تمو
=============================
المدن :سوريون يريدون القتال في أوكرانيا:هزيمة بوتين نصر للثورة
خالد الخطيب|الإثنين28/02/2022شارك المقال :0
لا توفر مؤسسات المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي أي فرصة للتعبير عن تضامنها وتأييدها لأوكرانيا في دفاعها ضد الغزو الروسي، بينما تتفاعل الأوساط الشعبية المعارضة بحماسة مع تطورات الحرب هناك وكلها أمل بأن تميل الكفة لصالح الأوكرانيين، كما بدأت وبشكل جدي تتعالى الأصوات المطالبة بتوفير ممرات عبور للمشاركة في الحرب ضد الجيش الروسي.
وجاء إعلان رجل الأعمال الأوكراني من أصل سوري طارق الجاسم، تأسيس كتيبة عسكرية مسلحة من ماله الخاص، لمحاربة الروس في أوكرانيا، لتزيد من حماسة الأوساط الشعبية المعارضة شمال غربي سوريا، وحظيت تطورات المعارك بمتابعة أوسع بعد أن شعرت الأوساط المعارضة بأن المعركة في أوكرانيا هي معركتها أيضاَ.
تداول السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي في 26 من شباط/فبراير تسجيلاً مصوراً يظهر فيه الجاسم، وهو ينحدر من منطقة منبج في ريف حلب، ومن خلفه مجموعة من أفراد الكتيبة التي شكلها. ووجّه الجاسم في التسجيل رسالة إلى الشعب الأوكراني قال فيها: "أعزائي الأوكرانيين وأبناء مدينتي أوديسا أنا موجود ولم أغادر، وسنقوم بالدفاع عن أرضنا".
وتابع الجاسم: "الروس دخلوا أمن منزلنا وأرضنا وسوف ندافع عن أرضنا، لقد ولدتني سوريا، وربتني أوكرانيا، روسيا دمرت بلدي الأم، ولكن لن أسمح لها بتدمير أوكرانيا، وهؤلاء الرجال مستعدون أيضاً".
ويبدو أن إعلان الجاسم أثار حماسة المعارضين السوريين. فقد طلب سهيل أبو التاو، وهو أحد أشهر رماة صواريخ التاو الأميركية المضادة للدروع في صفوف الفصائل المعارضة، المساعدة للوصول إلى أوكرانيا والمشاركة في المعركة ضد الجيش الروسي.
وقال أبو التاو في تغريدة: "كيف يمكنني الذهاب إلى أوكرانيا والقتال إلى جانب الجيش الأوكراني؟ هل هناك طريقة، أنا مستعد ولدي رغبة وإرادة قوية، أنا في إدلب الآن، ومستعد للذهاب لدعم الجيش الأوكراني، أريد مساعدة للوصول إلى هناك".
وقال مصدر عسكري معارض في ريف حلب ل"المدن"، إن "هناك أكثر من 4 ملايين سوري في منطقتي إدلب وحلب يتابعون باهتمام بالغ تطورات الحرب في أوكرانيا، وكأن المعركة معركتهم، يفرحون لرؤية خسائر الجيش الروسي، ولرؤية الطائرات الروسية في سماء أوكرانيا وهي تتساقط، ولمشاهد الدبابات وناقلات الجنود وهي تحترق على الطرق الرئيسية وحول المدن". وأضاف "مثل تلك المعدات الحربية الروسية دمرت منازلهم وقتلت أحبائهم على مدى سنوات، وقد جاء الوقت لكي يدفع الروس ثمن ما اقترفته أيديهم من جرائم ضد البشرية".
وتابع المصدر أن "طيفاً واسعاً من المعارضة السورية كان يرفض إرسال مقاتلين للاشتراك في الحروب خارج سوريا، كما حصل في أذربيجان وليبيا سابقاً، لكن ومع الحرب الروسية على أوكرانيا قد تغير المزاج العام في مناطق المعارضة، وبات طيف شعبي واسع يرى أن القتال إلى جانب الأوكرانيين سيكون قتالاً مشرفاً ومن المفترض أن يرجع بالفائدة على الثورة السورية". وقال: "في حال كان هناك إجماع وإرادة دولية لمساعدة الأوكرانيين فسيبادر الكثيرون من مقاتلي الفصائل المعارضة للمشاركة في تلك الجهود".
ولا يختلف الموقف "الشرعي" بين الإسلاميين المقربين من الفصائل والسلفيين التابعين لهيئة تحرير الشام بخصوص فرضية الاشتراك في القتال إلى جانب الأوكرانيين ضد الجيش الروسي. ولعل الموقف "الشرعي" المتطابق نسبياً شجع الكثيرين من مقاتلي الفصائل المعارضة والإسلامية على التصريح بالرغبة القتال. وقال الشيخ أيمن هاروش، المقرب من الفصائل، إنه "من الغريب القول بأن حرب روسيا على أوكرانيا لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل كل النوق والجمال فيها لنا، فكسر روسيا وتحطيمها وهزيمتها ثأر لكل يتيم وأرملة ومدينة مهدمة ونازح ومهجر في سوريا وغيرها ممن اكتووا بنار الروس".
وتابع هاروش على تلغرام: "نصر أوكرانيا سيمتد إلى عمق سوريا الجريحة، لذلك أدعو الله من أعماق قلبي بأن يؤيد الاوكرانيين ويسدد رميهم ويصوب رأيهم ويثبت على قلوبهم وأن يجعل أوكرانيا مقبرة روسيا ومهلكة بوتين وجنوده".
أما السلفي العراقي في تحرير الشام أبو ماريا القحطاني فقال على تلغرام: "‏المسلم في أوكرانيا إن أخلص النية لله بمواجهة الروس وكسر شوكتهم فهو مأجور وإن قتل فهو شهيد، لأن من مصلحة المسلمين أن تنكسر شوكة الروس الذين أجرموا في الشام".
التأييد المتنامي من قبل السوريين لأوكرانيا رأى فيه المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أمراً طبيعياً قائلاً: "كان متوقعاً هذا التفاعل والحماسة لدى شريحة واسعة من مقاتلي الفصائل، والذين أبدوا رغبة حقيقية بالاشتراك بالمعارك ضد الجيش الروسي، لأنهم ببساطة يعتقدون أن هزيمة روسيا في أوكرانيا سيتبعها هزيمة مماثلة في سوريا".
وأضاف بكور ل"المدن"، أن "مجريات المعارك والوسائل الدفاعية المتوفرة لدى الأوكرانيين تغري الكثير من المقاتلين المعارضين الذين تمنوا على مدى 10 سنوات أن يمتلكوا مثلها، كمضادات الطائرات وغيرها من الأسلحة التكتيكة التي تحصد اليوم الآلة العسكرية الروسية، وتكسر هيبتها".
يدرك السوريون عموماً، معارضين وموالين، أن نتائج الحرب الروسية على أوكرانيا ستنعكس على سوريا في حال انتصار روسيا أو هزيمتها، فالمعارضون وبحسب موقفهم المعادي لروسيا ومن ممارساتها في سوريا يتمنون هزيمتها والتي قد تكون كنوع من النّشوة لهزيمة عدو مباشِر لهم، وذلك على عكس الموالين للنظام الذين يتمنون انتصارها، فبدونها سيكون سقوط النظام أمراً شبه حتمي، وبالتالي لن يكون مستغرباً أن تتعالى في أوساط الموالين لنظام الأسد أصوات تطالب بالاشتراك في الحرب إلى جانب الجيش الروسي.
=============================
بلدي نيوز :الائتلاف الوطني يطالب المجتمع الدولي بتزويد المعارضة بمضادات الطائرات أسوة بأوكرانيا
دعا الائتلاف الوطني السوري، أمس السبت 26 فبراير/شباط، المجتمع الدولي إلى دعم المعارضة السورية أسوة بدعم الشعب الأوكراني بالعتاد النوعي وبمضادات الطائرات.
وطالب الأمين العام للائتلاف الوطني "هيثم رحمة" في بيان نشرته الدائرة الإعلامية للائتلاف، المجتمع الدولي بضرورة دعم الجيش الوطني السوري وإمداده بالعتاد النوعي وبمضادات طيران أسوة بدعم أوكرانيا بها، ما يحدّ من خيارات بوتين العسكرية في سوريا، ويمنعه من تهديد دول الناتو من خلال القواعد الروسية في الساحل السوري.
وحذّر "رحمة"، المجتمع الدولي من احتمال رد بوتين على خساراته في أوكرانيا بضربات انتقامية على الشعب السوري.
وأكّد الأمين العام أن المجتمع الدولي ارتكب خطأً فادحاً بترك حبل بوتين على غاربه في سوريا، وتركه يتمدد فيها على حساب أرواح السوريين، ما شجعه على غزو أوكرانيا، والذي إن نجح فيه بوتين فلن يتوقف عند تخوم الأراضي الأوكرانية، ولكن مطامعه ستمتد إلى دول جديدة في العمق الأوروبي.
وأشار إلى أن النفاق والتلفيق الروسي في الذرائع والحجج التي تشهرها روسيا تسويغاً لعدوانها على دول وشعوب العالم.
وشدد "رحمة" على أن أمن أوروبا بات أكثر ارتباطاً بأمن سورية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا ما يستدعي التفكير جدياً والسعي فعلياً لدعم الثورة السورية والجيش الوطني ضد النظام المجرم ومن أجل إضعاف الوجود العسكري الروسي في سوريا.
وكانت أعلنت الحكومة الألمانية، أمس السبت، أنها ستزود أوكرانيا "في أسرع وقت" ألف قاذفة صواريخ و500 صاروخ أرض-جو من طراز ستينغر لمساعدتها في مواجهة هجوم الجيش الروسي.
وكتب المستشار أولاف شولتس في تغريدة على تويتر، أن "العدوان الروسي على أوكرانيا يشكل نقطة تحول، إنه يهدد النظام الذي نشأ منذ ما بعد الحرب" العالمية الثانية"، مضيفا "في هذا الوضع، من واجبنا أن نساعد أوكرانيا بقدر ما نستطيع، في الدفاع عن نفسها ضد جيش فلاديمير بوتين الغازي".
=============================
كيف يمكن للسوريين أن يستثمروا الورطة الروسية في أوكرانيا؟
تمام أبو الخير
قتلت روسيا منذ تدخلها في سوريا لصالح نظام بشار الأسد في سبتمبر/أيلول 2015، أكثر من 6910 مدنيين بينهم 2030 طفلًا و974 امرأةً، و70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، إضافة إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني، كما قتلت 24 من العاملين في القطاع الإعلامي، وارتكبت ما لا يقل عن 357 مجزرةً، ودمرت 1231 مركزًا حيويًا مدنيًا، بينهم 222 مدرسةً، و207 منشآت طبية، و60 سوقًا.
هذه الجرائم الفظيعة التي لم تحاسب عليها، وما زالت مستمرة، تعطي السوريين الحق بأن يتمنوا كسر شوكة الجيش الروسي في أوكرانيا، فتدخل روسيا في سوريا كثّف مأساة السوريين وأبقى على حكم نظام الأسد الدموي الذي باع بلدهم حرفيًا للروس والإيرانيين مقابل بقائه بالسلطة.
بعيدًا عن العواطف والأمنيات، فإن الأحداث الجارية على الأرض الأوكرانية ما زالت ضبابية، ومن المبكر الحكم على مآلات الغزو، وربما تطول هذه الحرب إلى أمد بعيد، لكن الواضح أن عزلة غربية باتت تحكم خناقها على روسيا هذه الأيام عبر حزم من العقوبات المتتالية التي تهدد سوق الاقتصاد والمال والأعمال والطاقة والإعلام والرياضة.
هنا، يتبادر للذهن سؤال مهم: هل يمكن للغزو الروسي لأوكرانيا وما يتبعه من محاولات غربية لعزل وحصار موسكو أن يصب في صالح القضية السورية؟
خلص تقرير سابق لـ"نون بوست" أنه "لا مقاربة بين الحربين في سوريا وأوكرانيا، فسوريا بعيدة جغرافيًا عن أوروبا وروسيا وهذا يجعل الأطراف أقل رغبةً أو أقل حرصًا على سرعة إنجاز الحلول في الحالة السورية، بينما في الحالة الأوكرانية فإن قرب كييف من أوروبا على اعتبار أنها محسوبة على الغرب ووقوعها على الحدود مع روسيا يجعل الأمر شائكًا ومعقدًا وبذات الوقت مخيفًا بالنسبة للأطراف جميعًا".
في صالح الثورة
صحيح أن المقاربات الحربية ضعيفة في البلدين، لكن العدو واحد وانكساره في منطقة يعني ضعفه في المناطق كافة، يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج الكاتب والباحث السوري لـ"نون بوست": "إضعاف روسيا اقتصاديًا وكذلك سياسيًا وعسكريًا سيحول سوريا مع الوقت إلى عبء عليها، وسيقلل من قدرتها على الإنفاق العسكري، لكن تأثير العقوبات على الموقف في سوريا يتوقف على درجة تأثير العقوبات على روسيا أولًا وعلى نهاية الحرب التي تشنها في أوكرانيا ثانيًا"، مضيفًا "إذا فشلت عسكريًا، واستطاعت أوروبا إبقاء العقوبات فإن هذا سيجعل إمكانية عقد صفقة لحل سياسي في سوريا أمرًا ممكنًا مع الدول المنخرطة في سوريا".
الصحفي السوري غسان ياسين يتفق مع ما قاله الحاج، فيشير إلى أن الحرب الروسية وما تبعها من أحداث هي "قطعًا في صالح الثورة والقضية السورية"، وذلك لعدة أسباب وعوامل أهمها: "إضعاف روسيا اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا يعني بالضرورة إضعاف قدرتها على التحرك".
ولعل مقصد ياسين أن قوة روسيا سابقًا في سوريا لن تكون ذاتها مستقبلًا في حال كسرت شوكتها، فـ"روسيا عندما دخلت سوريا عام 2015 كان لها حرية التحرك بوجود إدارة أمريكية هشة، وكانت توجد تفاهمات غير معلنة بين إدارة أوباما والروس بخصوص سوريا والمنطقة، لذلك تركت سوريا لمصيرها تواجه إجرام بوتين وطيرانه وحقده بتواطؤ أمريكي وعجز أوروبي".
أما الآن فالمعادلة تغيرت، حيث "توجد نقمة عالمية غربية وتحديدًا أوروبية، خاصة أننا رأينا أن أوروبا باتت تتحرك بشكل ملفت للنظر من أجل دعم أوكرانيا"، وهنا يرى ياسين أن هذا مؤشرًا على أن هذا الصراع طويل، وسيمتد إلى خارج أوكرانيا ولو على مراحل.
عبد الرحمن الحاج: إضعاف روسيا اقتصاديًا وكذلك سياسيًا وعسكريًا سيحول سوريا مع الوقت إلى عبء عليها، وسيقلل كذلك من قدرتها على الإنفاق العسكري
لكن رأيًا مخالفًا لما سبق نجده لدى باسل حفار مدير مركز إدراك للدراسات والاستشارات، فيعتقد أنه "لن يحصل أي انعكاس سلبي أو إيجابي لما يحدث في أوكرانيا على القضية السورية خاصة على المدى القريب، لا على المستوى الثوري ولا على مستوى المعارضة السورية"، لكن حفار خلال حديثه لـ"نون بوست" يرى أنه "يمكن التأسيس لمكاسب مستقبلية على المدى البعيد".
يشير حفار إلى أن "ما يجري في أوكرانيا بكل الأحوال سواء انتهى بتقدم الروس أم تراجعهم، سيجعل الموقف الروسي أكثر عنادًا وأقل مرونة في المشهد السوري على المدى القريب، بمعنى أن أي مرونة كانت متوقعة أو تواصل معين ممكن أن يجري بين الروس والطرف التركي مثلًا يبدو الآن أصعب مما كان عليه قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا".
وفي حال ضعف الروس في سوريا، يستحضر حفار عاملًا مهمًا ألا وهو العامل الإيراني، حيث يعتبر أن "أي فراغ على المستوى الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي والعسكري، سيعوضة النظام بسرعة من خلال الإيرانيين الذين يتوقون كثيرًا للتوسع في المشهد السوري على المستوى العسكري بعد أن تم تقليص وتحجيم الوجود الإيراني في سوريا كمًا ونوعًا بفعل الضربات الإسرائيلية والاتفاقات السياسية".
أين دور المعارضة؟
في حال أخذنا بآراء عبد الرحمن الحاج وغسان ياسين بوجود تأثيرات إيجابية وفرص لصالح القضية السورية في سياق الحرب الروسية على أوكرانيا، فإنه من الأكيد أن هذه المكاسب تحتاج إلى كيانات تعمل على تحصيلها والسعي الدؤوب في سبيل اغتنام الفرصة، ولعل الأمر واقع على عاتق المعارضة السورية بكل مؤسساتها وأطيافها.
غسان ياسين: "الأوروبيون والأمريكان من الممكن أن يعيدوا تفعيل دعمهم للسوريين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإضعاف روسيا على أكثر من محور"
في السياق يقول الدكتور الحاج: "يجب أن تتحرك المعارضة الآن للاستفادة من الظروف الحاليّة في الضغط على روسيا، يمكن الاستفادة منها في تعزيز السياسات الحاليّة في دعم الأوكرانيين في تسليح المعارضة والإسهام في الضغط على الروس بقاعدة حميميم"، ويضيف الحاج "لكن المعارضة لكي تقوم بذلك عليها أن تعمل على خطاب مشترك، وتتجاوز انقساماتها وتعمل على إطلاق مجلس تشاوري مشترك يقود وضع إستراتيجية ويعمل على التنسيق لتنفيذها".
في السياق ذاته يؤمن الصحفي ياسين بوجود رابط سياسي وأخلاقي وقيمي وقانوني بين القضية الأوكرانية والسورية يجب أن تعمل عليه أطياف المعارضة، قائلًا: "يجب أن نذكر العالم بأن التضامن مع كييف مطلوب ومحق ضد العدو الروسي الحاليّ ولا ننسى أن هذا العدو أمضى سنوات وما زال وهو يرتكب مجازر بحق السوريين في مناطقهم كافة".
باسل حفار: "هناك الكثير مما يمكن أن تتعلمه المعارضة السورية وتراقبه وتستفيد من تفاصيله فيما يخص الحالة الأوكرانية وتوظيف المشهد وتحقيق المكاسب"
أما على الصعيد العسكري، يتحدث ياسين عن أفكار قال إنه من المبكر الحديث عنها، لكن لا بد من طرحها من أجل الاستعداد لما هو آت، إذ إن المتغيرات حاليًّا كثيرة ومتسارعة، والحرب من الممكن أن تمتد لأكثر من نقطة ويجب أن نكون جاهزين.. لا نملك قرار بندقيتنا بشكل كامل لكن في لحظة ما يمكن أن تتغير التفاهمات الإقليمية، ممكن أن يتم الافتراق بين ثلاثي أستانة ويعود ضجيج السلاح إلى سوريا"، ويشير ياسين قائلًا: "الأوروبيون والأمريكان من الممكن أن يعيدوا تفعيل دعمهم للسوريين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإضعاف روسيا على أكثر من محور".
مضيفًا "هذه كلها تكهنات، لكن يجب أن نكون جاهزين لها، ويجب علينا أن نعمل لأن تصير هذه التكهنات واقعًا ونعمل على استجلاب الدعم على أساس محاربة روسيا التي هي عدو مشترك"، ويرى أن "هذا دور أساسي للمعارضة كي تطرح نفسها كطرف لمواجهة روسيا وكطرف قادر على أن يضعف روسيا سياسيًا وعسكريًا"، ويشير الصحفي السوري إلى أن "الفصائل السورية رغم ضعفها وتناثرها قادرة بقليل من السلاح النوعي أن تطرد روسيا وإيران".
الباحث حفار يعتقد أن "هناك الكثير مما يمكن أن تتعلمه المعارضة السورية وتراقبه وتستفيد من تفاصيله فيما يخص الحالة الأوكرانية وتوظيف المشهد وتحقيق المكاسب مع ملاحظة خصوصية الحالة الأوكرانية"، يقول: "من الضروري جدًا على المعارضة السورية بكل أشكالها أن تسجل موقفًا واضحًا ضد العدوان الروسي إلى جانب أوكرانيا وإلى جانب كل قوة في هذا العالم تواجه روسيا، وهذا من شأنه أن يشعر العالم أن الجريمة الروسية التي ارتكبت في سوريا ليست مسألة محدودة الأثر على البعد الزمني أو البعد الجغرافي بل هي جريمة متسعة الأثر".
ختامًا، يجدر بالمعارضة السورية اغتنام كل فرصة كبيرة كانت أم صغيرة، قريبة أم بعيدة، لاستعادة حقوق الشعب السوري ومحاكمة منتهكيها، وإن كانت اليوم الحرب على أوكرانيا بعيدة الجغرافيا إلا أنه يجب البحث عن ارتباطها بالحالة السورية باعتبار أن العدو واحد والجرائم هي ذاتها، والاستفادة من إضعاف روسيا هناك لتحقيق المكاسب في سوريا.
=============================
العربي الجديد :الاجتياح الروسي لأوكرانيا: سوريون على جبهتي الصراع
عدنان أحمد
مع احتدام المعارك في أوكرانيا، تبرز معطيات عدة حول التقاطعات بين الحالتين السورية والأوكرانية، في ظل مشاركة "سورية" متصاعدة على جبهتي الحرب، وسط توقعات بتعثر المسار السياسي في الأزمة السورية، نظراً لانشغال روسيا في الحرب الأوكرانية، وحالة العزلة التي بدأت تعيشها مع المجتمع الدولي.
وذكرت مصادر محلية أن روسيا شرعت بتجنيد الشبان في مناطق سيطرة النظام السوري للقتال في الحرب ضد أوكرانيا.
وذكر موقع "صوت العاصمة" السوري المحلي أن المندوبين المرتبطين بروسيا والعاملين على تجنيد الشبان سابقا للقتال في ليبيا بدأوا بتجهيز قوائم بأسماء الراغبين في القتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن عمليات تنسيق قوائم التجنيد تركزت في مدن الساحل السوري، وجنوب سورية، إضافة إلى عناصر التسويات في ريف دمشق.
وأوضح الموقع أن عملية التجنيد ما زالت مقتصرة على تنسيق قوائم الأسماء وإجراء الدراسة الأمنية، من دون إبرام أي عقد قتالي حتى اليوم، مشيراً إلى أن شروط التجنيد مشابهة للشروط المنصوص عليها في عقود التجنيد للقتال في ليبيا وفنزويلا، وتتضمن إرسال المتطوعين إلى نقاط متقدمة ضمن القواعد العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا.
وأضاف "صوت العاصمة" أن عروض التجنيد تتضمن دفع راتب شهري يصل إلى 2000 دولار أميركي للمجندين، و5 آلاف دولار لذوي القتلى، ومبلغ يصل إلى 500 دولار تعويضاً للمصابين.
وعلى الطرف الآخر، شكّل رجل أعمال أوكراني من أصل سوري كتيبة عسكرية لمجابهة الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وانتشرت رسالة مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم أمس السبت، لشخص يدعى طارق الجاسم، وهو رجل أعمال أوكراني من أصل سوري، وذلك بعد قيامه بتشكيل "كتيبة" على نفقته الشخصية لـ"الدفاع عن بلده الثاني أوكرانيا".
وقال الجاسم، المتحدر من ريف حلب، في التسجيل المصور: "أعزائي الأوكرانيين وأبناء مدينتي أوديسا، أنا موجود ولم أغادر وسوف ندافع عن أرضنا". وأضاف، ومن خلفه مجموعة من أفراد الكتيبة التي شكلها: "لقد ولدتني سورية، وربتني أوكرانيا، روسيا دمرت بلدي الأم، ولن أسمح لها بتدمير أوكرانيا، وهؤلاء الرجال مستعدون أيضاً".
وفي سياق متصل، أبدى المقاتل في "الجيش الوطني السوري"، سهيل الحمود، المعروف باسم "أبو التاو"، استعداده للذهاب إلى أوكرانيا من أجل قتال الروس. وقال أبو التاو، في تغريدة على "تويتر"، إنه يريد الذهاب إلى أوكرانيا لقتال الروس، طالباً المساعدة للوصول إلى هناك.
يعتبر أبو التاو من أبرز رماة الصواريخ الموجهة في المعارضة السورية
ويعتبر أبو التاو من أبرز رماة الصواريخ الموجهة في المعارضة السورية، حيث دمر أكثر من 100 آلية للنظام وروسيا.
من جهته، دعا الأمين العام للائتلاف الوطني السوري هيثم رحمة المجتمع الدولي إلى دعم الجيش الوطني السوري وإمداده بالعتاد النوعي، وبمضادات طيران، أسوة بأوكرانيا.
واعتبر رحمة، في تصريح نشره موقع الائتلاف أمس السبت، أن هذا الدعم "يحدّ من خيارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العسكرية في سورية، ويمنعه من تهديد دول الناتو من خلال القواعد الروسية في الساحل السوري"، محذراً من احتمال "رد بوتين على خساراته في أوكرانيا بضربات انتقامية على الشعب السوري"، وفق قوله.
وأكد رحمة أن المجتمع الدولي "ارتكب خطأً فادحاً بترك حبل بوتين على غاربه في سورية، وتركه يتمدد فيها على حساب أرواح السوريين، ما شجعه على غزو أوكرانيا، والذي إن نجح فيه، فلن يتوقف عند الأراضي الأوكرانية، ولكن مطامعه ستمتد إلى دول جديدة في العمق الأوروبي".
إلى ذلك، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن من أسمتهم مجموعات "القوميين الأوكرانيين" يستخدمون الأساليب التي اتبعها من تصفهم بـ"الإرهابيين" في القتال خلال الحرب السورية.
وذكر بيان للوزارة أن "الكتائب القومية الأوكرانية تستخدم سيارات دفع رباعي مجهزة بأسلحة من العيار الثقيل أو مدافع هاون، وهذا التكتيك كان يستخدمه الإرهابيون الدوليون في سورية".
وقال الصحافي السوري شادي العبد الله، في تعليق على هذه التطورات، إن "السوريين المخذولين من تراخي المجتمع الدولي والغرب في دعم كفاحهم ضد نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا، يجدون في أجواء الدعم الدولي لأوكرانيا ضد الغزو الروسي فرصة مواتية للانخراط في أي جهد عسكري مدعوم دوليا ضد روسيا".
 وأضاف العبد الله، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع أن يزاد انخراط سوريين في أحداث الحرب الأوكرانية نظرا لوجود روسيا في الحالتين كعدو مشترك لتطلعات الشعبين السوري والأوكراني، خاصة مع نجاح روسيا العسكري في سورية بتثبيت نظام الأسد بأقل كلفة عسكرية، نظرا لغياب الدعم الدولي الحقيقي للثورة السورية".
وكان الرئيس الأوكراني قد دعا مواطني أوروبا القادرين على حمل السلاح إلى التوجه إلى أوكرانيا لمواجهة الروس، فيما أصدرت السفارة الأوكرانية في إسرائيل بيانًا عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك" عن تشكيل قوائم للتطوع في القتال ضد روسيا.
وأعلنت كل من ألمانيا وهولندا وبلجيكا والولايات المتحدة عزمها تزويد أوكرانيا بالسلاح، وقالت واشنطن إنها ستخصص 600 مليون دولار لدعم أوكرانيا عسكريًا.
=============================
العربي الجديد :أي تداعيات للأزمة الأوكرانية على العملية السياسية في سورية؟
أمين العاصي
28 فبراير 2022
تشير جميع المعطيات إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستكون لها العديد من التداعيات السلبية على العملية السياسية في سورية، وهو ما حذّرت منه منظمة الأمم المتحدة، التي نجحت أخيراً في تحديد موعد لجولة سابعة من اجتماعات "اللجنة الدستورية السورية" بعد توقف دام أشهراً.
وأبدى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسن، خشيته من انعكاس الصراع الدائر في أوكرانيا على العملية السياسية في سورية، مشيراً في إحاطة له لمجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة إلى أن الدبلوماسية الدولية البنّاءة المطلوبة لدفع العملية السياسية في سورية "قد تكون أكثر صعوبة مما كانت عليه بالفعل، على خلفية العمليات العسكرية في أوكرانيا".
وكان بيدرسن قد جال أخيراً على عدد من العواصم المعنية بالأزمة السورية، فضلاً عن زيارته إلى العاصمة السورية دمشق، في محاولة لإحياء العملية السياسية المرتبطة بسورية، خصوصاً لجهة مسار التفاوض حول سلّة الدستور، المتوقف منذ أواخر العام الماضي.
وأثمرت جهود بيدرسن عن تحديد موعد الجولة السابعة للهيئة المصغرة في اللجنة الدستورية، التي تضم ممثلين من المعارضة والنظام، والمجتمع المدني من كلا الطرفين، في 21 مارس/آذار المقبل في مدينة جنيف السويسرية.
وكانت الجولة السادسة من المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام حول كتابة دستور جديد للبلاد، انتهت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بلا نتائج، في دلالة واضحة على عبثية التفاوض حول الدستور في ظل تعنّت النظام ورفضه التعامل الجاد مع جهود الأمم المتحدة.
أبدى بيدرسن خشيته من انعكاس الصراع في أوكرانيا على العملية السياسية في سورية
وكانت الأمم المتحدة قد حدّدت في عام 2017 سلالاً للتفاوض بين النظام والمعارضة، هي: الحكم، الدستور، الانتخابات، ومكافحة الإرهاب. وأعلن عن هذه السلال المبعوث الأممي السابق إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في ذلك الوقت، وفقاً للقرار الأممي 2254 لعام 2015 والذي رسم حلاً سياسياً شاملاً للقضية السورية.
وتأمل الأمم المتحدة أن تشكّل كتابة دستور جديد لسورية مدخلاً واسعاً لحل القضية السورية برمتها، على الرغم من أن القرار الدولي 2254 كان قد دعا إلى تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات من النظام والمعارضة، تشرف على كتابة دستور تجري على أساسه انتخابات.
واضطرت المعارضة السورية تحت ضغوط إقليمية للقبول بالتفاوض على سلّة الدستور أولاً قبل تحقيق انتقال سياسي جدي، ما يعني نسف التراتبية في القرار الدولي 2254 المستند إلى بيان جنيف 1 الصادر في منتصف عام 2012.
أما النظام فبقي، بدعم روسي، على موقفه الرافض لكتابة دستور جديد، بل القيام بـ"إصلاح" على دستور وضعه في عام 2012 جرت على أساسه انتخابات رئاسية مرتين، الأولى في عام 2014 والثانية في عام 2021 وفاز بهما بشار الأسد، الذي يعطيه دستور 2012 صلاحيات واسعة النطاق، تمكنه من التحكم بالبلاد بشكل مطلق.
ولا يكترث النظام بالعملية السياسية، فهو يطلق على المعارضة السورية صفة "الإرهاب"، ويسوّق اتهامات بـ"العمالة" بحق المعارضين السوريين من مختلف التيارات والمشارب السياسية.
النظام السوري... استغلال إضافي لأزمة أوكرانيا
ومن المتوقع أن يواصل النظام السوري تعنّته، على الرغم من قبوله إرسال وفده إلى جنيف الشهر المقبل، مستفيداً من الأوضاع الساخنة في أوكرانيا واتساع نطاق الضغط الدولي على الجانب الروسي، الحليف الأساسي لهذا النظام الذي يحاول استغلال الأوضاع السياسية المستجدة لصالحه.
وسارع النظام إلى إعلان تأييده التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا. وقال وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل مقداد، منذ يومين، إن التنسيق السوري الروسي لم يعد في إطار التخمينات، وهو تنسيق استراتيجي ومستمر وعميق، وستظهر آثاره على مختلف المستويات.
من جهته، دان الائتلاف الوطني السوري المعارض، والذي يمثل المعارضة السورية، التدخّل الروسي في أوكرانيا، مبدياً "خشية حقيقة من نوايا (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين تجاه سورية ووحدة أراضيها، لا سيما مع عقود الإذعان التي يقدّمها النظام المجرم لروسيا، وما يقوم به من رهن مقدرات البلاد وثرواتها وساحلها وأراضيها لقوات الاحتلال الروسي"، وفق بيان.
ومن الواضح أن النظام يأمل ألا يمارس الروس عليه ضغوطاً لتقديم تنازلات في العملية السياسية في ظل التشنج بين موسكو والغرب، والذي وصل إلى أقصى حدوده.
لكن المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، رجّح في حديث مع "العربي الجديد"، أن تدفع موسكو باتجاه أي حل سياسي في سورية "يُبقي بشار الأسد في السلطة، أو على أقل تقدير يضمن لها ظهور نظام حكم يمنحها الامتيازات ذاتها التي حصلت عليها من الأسد".
أحمد القربي: الموقف الروسي في سورية سيتأثر بالموقف التركي من أوكرانيا
ومنذ بدء المفاوضات تحت مظلة الأمم المتحدة بين النظام والمعارضة، لم يضغط الجانب الروسي على النظام السوري بشكل يدفعه إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة. بل استغلت موسكو حاجة النظام إليها للحصول على مكاسب جمّة في سورية، أبرزها القاعدة العسكرية في منطقة حميميم على الساحل السوري، والتي يستعرض فيها الروس قدراتهم العسكرية في خضم الأزمة الأوكرانية.
واعتمد النظام على موسكو في تصلب موقفه تجاه مساعي الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي في سورية، مستغلاً تردد الغرب بقيادة الولايات المتحدة في الملف السوري، وترك حرية التحكم لموسكو بمفاصل القرار في سورية.
روسيا في سورية بعد الحرب: مرونة أم تشدد؟
وفي هذا الصدد، رأى الباحث والمحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الموقف الروسي في سورية لجهتي التشدد أو المرونة "يعتمد على ردة الفعل الغربية الأوروبية والأميركية إزاء ما يحدث الآن في أوكرانيا". واعتبر أنه "إذا كان الرد الغربي على الجانب الروسي قوياً، وكانت هناك مقاومة كبيرة من الشعب الأوكراني، فهذا كفيل بإضعاف روسيا".
وأعرب الباحث عن اعتقاده بأن "روسيا ضعيفة في أوكرانيا، يعني أنها ضعيفة أيضاً في سورية، وهو ما سيجبرها على التخلي عن قواعدها العسكرية في سورية، ودعمها الاقتصادي والسياسي والعسكري لنظام بشار الأسد".
في السياق، رأى الباحث في مركز "الحوار السوري" أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الموقف الروسي حيال ما يجري في سورية "متأثر بالموقف التركي (من أوكرانيا) كون المعارضة السورية محسوبة على أنقرة".
وأضاف أنه "لا توجد عملية سياسية في سورية، ومن ثم التشدد الروسي سيكون في الميدان أكثر". واعتبر أنه "إذا كان هناك تدخل تركي مؤيد لأوكرانيا، فمن الممكن أن تشهد سورية تصعيداً عسكرياً روسياً ضد مناطق المعارضة السورية في الشمال".
=============================
القدس العربي :المعارضة السورية والحرب في أوكرانيا
26 - فبراير - 2022
منهل باريش
من غير المستبعد تقديم صواريخ مضادة للطائرات لإزعاج موسكو وتهديد قاذفاتها في السماء السورية، وأن تكون هيئة «تحرير الشام» عنوان ذلك، بعد أن قامت بدور الوكيل الأمني لأمريكا في إدلب.
أدانت المعارضة السورية الرسمية ممثلة بـ«الائتلاف الوطني» المعارض، الخميس، الغزو الروسي على أوكرانيا ودعت العالم للتصدي له بحسم، تجنباً لكارثة دولية قد تمتد وتتوسع لتشمل الكثير من الدول.
وحذر الائتلاف في بيان «إن حياة ملايين الناس ليست رخيصة لتكون مجرد أرقام في بازار السياسة أو مجرد أوراق يقامر بها بوتين ويخوض بها مغامرات إجرامية ستسفك أنهاراً من دماء الشعب الروسي قبل أي شعب آخر».
ولفت البيان الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه إلى أن الشعب السوري لا يريد أن يشهد «المزيد من الإجرام الروسي المقترن بخذلان دولي في أي جزء جديد من العالم، بعد ما عانى وما يزال من مجازر روسيا وجرائمها في سوريا، لذا ندعو المجتمع الدولي وأطرافه الفاعلة ونخص الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى التدخل الفوري لردع بوتين ووضع حد لمطامعه التي لن تتوقف عند حدود أوكرانيا».
وأشار إلى أن التهاون مع العدوان الروسي في غزو الدول المستقلة ذات السيادة وقضم أجزاء منها «سيشجع على تكرار هذا السيناريو في أماكن أخرى من العالم وسيحرض مطامع الدول القوية في جيرانها الضعفاء ما يعني خللاً عالمياً في الأمن والاستقرار وشيوع فوضى دولية عارمة».
مذكرا أن «الشعب السوري يعرف جيداً مآسي الحرب وويلاتها ومرارة الخذلان الدولي وبشاعته، لذا يعلن وقوفه إلى جانب الشعب الأوكراني الصديق ويدعم مقاومته للعدوان الروسي ويدعم دفاعه الشجاع عن وحدة بلاده وسيادتها».
وشدد «الائتلاف الوطني» على أن «أي تلكؤ أو تهاون أو ترك للشعب الأوكراني في مرمى النيران الروسية قد ينذر بحرب عالمية جديدة يصعب تلافي نتائجها وويلاتها وضحاياها، وإذا لم يتوحد العالم اليوم في مواجهة ديكتاتور روسيا المغرور فإن جرائمه ضد الإنسانية لن يكون لها حدود».
موقف المعارضة الرسمية لم يكتف بالبيان، فقد خصصت الهيئة السياسية في الائتلاف المذكور، جزءا من اجتماعها الدوري لبحث تطور الأوضاع في أوكرانيا، حيث أدانت بحضور رئيس الائتلاف، سالم المسلط «العدوان الروسي على أوكرانيا وانتهاك أراضيها وسيادتها».
هذا، وحمس الغزو الروسي لأوكرانيا جزءا من النشطاء والفاعلين وطالبوا بفتح الجبهات ضد النظام استغلالا للانشغال الروسي في أوكرانيا، وحول إمكانية تحقق ذلك، قال القيادي في الجيش الوطني السوري، النقيب عبد الرزاق عبد السلام لـ«القدس العربي» إن المعارضة السورية «لم تكن مواكبة للأحداث في يوم من الأيام» وشكك القيادي ببقاء فصائل الثورة «لم يعد هناك فصائل ثورة. الجميع حاليا هم موظفون ومقاتلون عند الطلب». ورأى أن روسيا بدأت تعود للمسرح الدولي منذ حرب القرم 2014 والتدخل في سوريا 2015 ويمضي بالقول «شكلت الحرب في سوريا اختباراً وتجربة لروسيا واليوم تدخل على حدود الناتو (حلف شمال الأطلسي) في أهم اختبار لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية» ويشكك عبد الرزاق «ما حصل هو حتما بضوء أخضر أمريكي». وفي السياق، وصف القيادي في الجيش الوطني، النقيب مصطفى معراتي أن فتح الجبهات ضد النظام وحلفائه بـ«الفرصة التي لا تعوض». مستدركا «للأسف لا يوجد موقف لدى المعارضة وكل يغني على ليلاه». معتبرا روسيا «عدوا واحدا وقاتلا واحد لشعبين». وختم في اتصال مع «القدس العربي»: «إذا انتصرت روسيا في المعركة ضد أوكرانيا فستتغير خريطة المشرق أمنياً» وفي حال تَدخل حلف شمال الأطلسي «الناتو» ومنع سقوط أوكرانيا توقع «أن ينعكس ذلك في سوريا وسنكون المستفيدين من ذلك بكل تأكيد».
وفي رسالة واضحة، استبقت روسيا غزوها لأوكرانيا بمناورات في البحر المتوسط شارك فيها عدد كبير من السفن البحرية والقاذفات الاستراتيجية، حاولت القول من خلالها إن المصالح الروسية في المياه الدافئة خط أحمر. وجرت المفاوضات غير بعيدة عن قواعد حلف شمال الأطلسي «الناتو» وأشرف وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو شخصيا على مناورات «دحر سفن العدو المفترض» وشارك في تلك المناورات ميغ 31 وحاملة صواريخ «كانجال» فوق الصوتية وقاذفة توبوليف تي يو-22 إم، كذلك شاركت سفن حربية من أساطيل المحيط الهادئ والشمال والبحر الأسود بهدف التصدي للغواصات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية أن سبب العمليات في المتوسط وجود حاملات طائرات تابعة لـ«الناتو» في مياه المتوسط في إشارة إلى الحاملة الأمريكية «هاري ترومان» وحاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول» وحاملة إيطالية مصحوبة بسفن هجومية.
على الجبهة السورية، حتى لو تغيرت المعادلة العسكرية لصالح أوكرانيا وأدخلت روسيا بحرب استنزاف طويلة بعد دعم محتمل من حلف شمال الأطلسي، إلا أنه من غير المتوقع حصول تغيير آخر في سوريا على المستوى الميداني، فالملف السوري من طرف المعارضة ممسوكة بالمطلق من قبل أنقرة ومن غير المرجح إطلاقا حصول تغيير في العلاقة بين روسيا وتركيا، رغم إدانة الأخيرة للغزو الروسي لأوكرانيا، وبيع أنقرة طائرات بيرقدار المسيرة لكييف والتي من الواضح أن لها دورا فعالا في الميدان ضد الدبابات الروسية، لم يظهر إعلاميا بسبب الرغبة التركية المسبقة التي اشترطت عدم إظهاره للإعلام خلال عملية البيع التي بدأت عام 2019 مراعاة لحساسية موسكو، لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية التركية من التعليق على أن الأسلحة واستخدامها ملك لمن يشتريها. كما أنه من المستبعد أن تلجأ تركيا لإغلاق المضائق الواصلة المتوسط بالبحر الأسود في وجه البحرية الروسية. فأولوية تركيا هي الحفاظ على ميزان تبادل تجاري مرتفع مع روسيا، من المتوقع أن يرتفع بسبب العقوبات الأوروبية.
ويبقى السؤال، ما هو عنوان المعارضة السورية التي يمكن أن تلعب دورا يغير موازين القوة على الأرض ضد النظام وروسيا وإيران؟ فالتجربة الأمريكية مع فصائل المعارضة السورية لم تكن مشجعة عدة مرات، لا خلال فترة تأسيس هيئة الأركان المعارضة التي هاجمتها الفصائل الإسلامية وكانت فصائل الجيش الحر على قدر المسؤولية في تمايزها عن الفصائل الإسلامية والمتطرفة، ولا أبلت بشكل جيد خلال تشكيل غرفتي «الموم» و«الموك» في الشمال والجنوب، ولا هي فازت بشراكة «التحالف الدولي لمحاربة داعش» الذي تقوده أمريكا.
لكن في الاعتبارات الأمنية من غير المستبعد تقديم صواريخ مضادة للطائرات لإزعاج موسكو وتهديد قاذفاتها في السماء السورية، وهو الأمر الذي حصل عدة مرات وبانضباط كبير خلال الهجوم الأخير في إدلب، وقبله عدة مرات حيث استهدف الطائرات الروسية. ومن غير المستبعد أن تكون هيئة «تحرير الشام» هي العنوان لذلك، بعد أن قامت بدور الوكيل الأمني لأمريكا في إدلب وقامت بتصفية المهاجرين ومحاربة تنظيم «القاعدة» والتعاون الاستخباراتي في مشاركة إحداثيات وأرقام تواصل قادة تنظيم «حراس الدين» وغيرهم.
ختاما، يبدو من المضحك بالنسبة للكثيرين مناقشة فكرة استغلال ما يحصل في أوكرانيا ومباشرة معارك ضد النظام. ففصائل المعارضة السورية لا يمكن التعويل عليها في التخفيف عن نفسها. وهي التي تفرجت على بعضها تذبح من قبل القاعدة وداعش وفي آخر الفصول استفرد النظام وحلفاؤه في مناطق «خفض التصعيد «منطقة تلو الأخرى وكانت كل منطقة وقائدها يعتقدون أن الدولة الضامنة لهم هي من ستنجيهم، وفي نهاية المطاف ذبحوا جميعا ومن هجر إلى الشمال تحول بندقية للإيجار في الحروب الإقليمية، أما من صمد إلى اليوم فهو في طريقه للذبح.
=============================
نورث برس :في ارتدادات الحرب في أوكرانيا على سوريا
2022-02-28
ليس ثمة أهمية لموقف النظام السوري بالاصطفاف خلف موسكو في هجومها على أوكرانيا، ولا يهتم العالم إلى ذلك أن يقول رأس “النظام السوري” أن غاية روسيا من الحرب “تصحيح أخطاء التاريخ” أو أن روسيا “تدافع اليوم عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية”، ذلك أن النظام سواء أعلن اصطفافه المتوقّع أم آثر الصمت فإنه في كل الأحوال شريك روسيا في سوريا، في المغنم والمغرم، وأن ما يحصل في أوكرانيا سيكون له صدى بعد أن تتلاشى رائحة البارود، والبداهة تقول إن تحقيق روسيا غاياتها سيقوّي من حضورها في سوريا وسيدعمّ النظام، والعكس بالعكس، بكلمات أقل: آلت سوريا قاطرة مرتبطة بإحكام شديد إلى القطار الروسيّ.
قد لا تظهر الارتدادات على الساحة السوريّة باكراً، سوى تلك المرتبطة بضبط النفقات العسكرية في سوريا، وهو ضبط مقترن باستدامة الحرب في أوكرانيا، ذلك أن روسيا ليس بوسعها التوسّع في الإنفاق العسكري على ما تقوله الأرقام وحالة الاقتصاد الروسي غير المستقر والذي تحيطه عقوبات اقتصادية عاجلة والتي قد تبلغ أوجها مع عزلها عن نظام سويفت SWIFT، فضلاً عن أن روسيا لم تتعهّد بتحسين أحوال السوريين. ولم تنفق، خارج الإنفاق العسكري، ما يستحق الوقوف عليه لتحسين أحوال السوريين أو تقديم الخدمات الأساسية لهم، إلّا إذا اعتبرنا صناديق المساعدات الإنسانية والدعائية بأنها غاية الأمر بالنسبة للسوريين.
تحذّر الأمم المتحدة من أن 14.6 مليون شخص باتوا بحاجة إلى المساعدة في سوريا، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يشي باحتمالات تعرّض مناطق سيطرة النظام لمزيد من الاضطرابات وتنامي حركة الاحتجاجات في بعض المناطق، لا سيّما مع إرجاء النظام الاتفاق مع الإدارة الذاتية والاستفادة من الموارد المهمّة التي تديرها الإدارة خاصة قطاع النفط. يأتي ذلك في ظل المخاوف من أزمة غذاء قد تضرب بأطنابها العالم وخاصة الدول الفقيرة كسوريا التي تعتمد على روسيا في إمدادها بسلال القمح، خاصة وأن روسيا وأوكرانيا يساهمان في إمداد العالم بـ 29% من احتياجاته من القمح، فيما تدرس دمشق في هذه الأثناء عرضاً مقدماً من إقليم القرم لتزويدها بالقمح للعام الجاري، إلى ذلك قفزت أسعار النفط خلال الأيام القليلة الماضية بمقدار 6% للبرميل الواحد.
تضاعف”المقاومة” في أوكرانيا خلال الحرب الدائرة من احتمالات تثبيط الهجوم الروسي وتكبيده الخسائر والحط من هيبة الجيش الروسي وأسلحته التي اختبرها في سوريا خلال السنوات الماضية (رغم الاحتمالات المتصلة بتحطيم أوكرانيا وتدميرها أو تقسيمها)، ما يعني أن نجاح المقاومة سيفضي إلى تهافت استراتيجية بوتين القاضية بالسيطرة على أوكرانيا وتنصيب حكومة موالية لموسكو، ولا شك أن تحقق ذلك من شأنه تقويض استراتيجية بوتين في سوريا أيضاً حيث تتنامى احتمالات استلهام التجربة الأوكرانية والتفكير في مقارعة الجيش الروسي وعدم الاكتراث للقوة الروسية طالما أنّها قابلة لأن تهزم، وتحقّق ذلك مقترن دائماً بما سيحصل في أوكرانيا، ولا يعني ذلك أن الهزيمة أو الانتصار حتميان هناك بقدر ما تنصبّ محاولة التحليل هنا على فكرة “تورّط” روسيا في حرب تضعفها وتتسبّب في عزلها دولياً وبالتالي تخرجها من حلبة التنافس مع الدول الكبرى، الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.
وجه آخر للصدى الأوكراني جاء على لسان فيصل المقداد، وزير الخارجية السورية، الذي حاول خلال مشاركته في أعمال نادي فالداي بروسيا، إرجاء مواجهاته إلى مرحلة لاحقة، إذ تودّد للإدارة الذاتية ولقوات سوريا الديمقراطية دون أن يقطع وعوداً بالاتفاق معها، وإن كانت كلماته تستبطن تهديداً واضحاً، لكنه إلى ذلك بدا ودوداً مع الأتراك من منصّته الروسية، فلم يستبعد “تطبيع” العلاقات مع تركيا، وإن بشروط مكرّرة، ويعني ذلك أن النظام بات أسير الحرب في أوكرانيا، ويحاول شراء الوقت ما أمكن، بدل أن يمضي في فرص السلام المتاحة حالياً والتي قد تتلاشى مجدّداً مع تبدّل الأحداث في أوكرانيا لغير صالح روسيا.
في الغالب لم تكن موسكو تتوقّع أن يتشكّل حلف عريض اتخذ من إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا عنواناً له، ذلك أن المتوقّع كان انقساماً أوروبياً وتسليماً غربياً بقَدر كييف الروسي، فهل ستتوقّف مطاردة موسكو في أوكرانيا فقط أم أنها ستطاول الوجود الروسي على المتوسّط، وسوريا، أيضاً؟.
من المستبعد أن يعني التضييق على روسيا دعم جماعات المعارضة المسلّحة أو الجماعات الإسلامية الراديكالية في سوريا، إذ أنه ثمة افتراق عظيم  بين هذه الجماعات وبين ما يصطلح على تسميته المقاومة الأوكرانية، وهو ما يعني أن لسوريا خصوصية تمتاز من خلالها عن أوكرانيا، وهو ما قد يريح النظام إلى حين.
ومن الصعب أن تشذّ أو تخرج تركيا عن قواعد اللعبة مع روسيا في سوريا والتي تبدو شبه راسخة، هذا أيضاً يخفّض من حماسة المعارضة التي تستبشر خيراً في ما يجري بأوكرانيا من احتمالات تعثّر روسيا أو هزيمتها على المدى الطويل، فضلاً عن صعوبة إقناع الغرب بتبنّي المعارضة السورية البائسة أو إعادة تدويرها، وعليه فإن المؤشرات قد تقودنا إلى احتمال آخر مفاده الإبقاء على الأوضاع في سوريا على ما هي عليه مع نجاح روسيا أو فشلها في مسعاها العسكري في أوكرانيا.
=============================
اطلس :سوريا بعد الحرب في أوكرانيا
بقلــم: يوني بن مناحيم
 الثلاثاء 01 / مارس / 2022  12:10 م  نسخ رابط الخبر:
أطلس للدراسات / ترجمة: عبير شهاب
أصدرت الخارجية السورية بيانًا رسميًا أدانت فيه حملة التصعيد ضد روسيا، والغرب وأمريكا الذين قتلوا ملايين الأبرياء في حروبهم، بما في ذلك في سوريا، "لا يحق لهم الحديث عن القانون الدولي وانتهاك القوانين، ولروسيا كل الحق في الدفاع عن نفسها وأمنها".
يسلّط المعلقون في العالم العربي الضوء على حقيقة وجود وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في موسكو بينما أقر الرئيس بوتين باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا وزيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو دمشق قبل أيام، من أجل لقاء الرئيس بشار الأسد في إطار التنسيق الوثيق بين سوريا وروسيا فيما يتعلق بعملياتها الدولية ومحاولة إعادة تنظيم النظام العالمي.
يرى الروس والسوريين الوجود العسكري الأمريكي في سوريا والشرق الأوسط هو وجود أجنبي غير شرعي، بينما الوجود العسكري الروسي في سوريا هو حضور ضيوف بدعوة من الرئيس بشار الأسد. وهذا ما يعطي الرئيس بوتين شرعية إقامة قواعد عسكرية وميناء بحري وجوي في سوريا. لذلك، سارعت سوريا إلى الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا وأبدت استعدادها للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية معهم.
سوريا ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للرئيس بوتين من حيث الوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط والبحر المتوسط ​​، ويبدو أن الحرب في أوكرانيا والمقاطعة العالمية لروسيا التي أعقبت ذلك لن تؤدي إلا إلى تعميق التحالف الاستراتيجي بين دمشق وموسكو.
العلاقة بين الوضع في سوريا والحرب في أوكرانيا
أصبحت روسيا تُعرف باسم صاحبة المنزل في سوريا وهي تأخذ في الاعتبار جميع سيناريوهات الحرب المحتملة وتداعيات الحرب على وجودها العسكري في سوريا. أفادت صحيفة العربي الجديد من مصادر سورية أن الولايات المتحدة وسوريا ستزيدان قواتهما العسكرية في شمال شرقي وشرق سوريا، وهو خط مواجهة محتمل مع الولايات المتحدة.
يمكن لسوريا بالتأكيد أن تحاول قضم مناطق في سوريا حيث يوجد نفوذ أمريكي لمحاولة خلط الأوراق مرة أخرى كجزء من النظام العالمي الجديد الذي تحاول بنائه.
لا أحد يعرف حتى الآن كيف ستتطور الحرب في أوكرانيا، يجب أن نتذكر أن هذه جبهة عسكرية ضخمة، الرئيس بوتين يبقي الأوراق قريبة من صدره، لكن ليس من المستبعد أن يضطر الجيش الروسي إلى نقل القوات من سوريا إلى أوكرانيا لتعزيز وجوده هناك، وقد تم تجهيز حوالي 50.000 منها بالأسلحة حتى الآن.
وزار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو سوريا منتصف الشهر الجاري وسط مخاوف من أن تحاول موسكو استخدام نفوذها العسكري في سوريا في مواجهتها مع دول الناتو بشأن أوكرانيا. وتزامنت زيارة شويغو مع انطلاق مناورات عسكرية روسية في البحر المتوسط ​​، شملت 140 غواصة وفرقاطة وسفينة، مع تغطية جوية من 40 طائرة حربية.
قبل بدء التدريبات، جلبت روسيا إلى قاعدة طرطوس ست سفن إنزال كبيرة من الأسطول الشمالي وبحر البلطيق، وفي نهاية يناير نشرت طائرات مقاتلة جديدة من طراز "سوخوي سو-34" و "35”، وكذلك كقاذفات استراتيجية بعيدة المدى. ووصلت طائرات "ميج 31" المحملة بالصواريخ والتي تستخدم في ضرب حاملات الطائرات في البحر إلى قاعدة "حميميم" في سوريا هذا الشهر.
 تداعيات الحرب على سوريا
لا يزال مصير أوكرانيا يلفه الضباب، ولم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس بوتين سينجح من خلال تحركه العسكري في إحداث تغيير في النظام في أوكرانيا أم سيستمر في الهزيمة في المستنقع الأوكراني عسكريا، مع دعم قوات الناتو خارجيًا لقوات المقاومة الأوكرانية.
يرى الرئيس بوتين سوريا على أنها جزء من العالم الجديد الذي يريد تشكيله بعد الهجوم على أوكرانيا، وسوريا هي العمق الاستراتيجي لروسيا في الشرق الأوسط، وكان التدخل العسكري الروسي ضد القوى الإسلامية التي أرادت الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ناجحًا. وحصلت روسيا على موطئ قدم في سوريا يشمل إقامة قواعد عسكرية.
بوتين يريد أن يحكم أوكرانيا، فهو يرى أنها جزء من "العالم الروسي" وليست جزءًا من العالم الغربي الذي يتجه إليه الرئيس الأوكراني زلنسكي، ويبدو أنه يريد نظام يحكم أوكرانيا وفقًا لتعليمات تمليها موسكو. في عام 2015، قرر الرئيس بوتين الانخراط في نشاط عسكري في سوريا لوقف إخفاقات القوات السورية في الحرب الأهلية في البلاد ومنع تغيير النظام. وفي المقابل حققت روسيا امتيازات عسكرية كبيرة، أهمها إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في حميميم بريف اللاذقية وقاعدة بحرية في ميناء طرطوس.
 تأثير الحرب في أوكرانيا على سوريا
لا يقتصر الأمر على البعد العسكري والسياسي في سوريا، فهناك العديد من الآثار الاقتصادية، لا سيما أن دمشق تعتمد بشكل كبير على الدعم الغذائي والنفطي من موسكو للتعامل مع العقوبات الغربية ضدها، وليس أمام دمشق خيار سوى اتخاذ قرار "تشديد حزامها" في مواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. لا شك أن مستقبل أوكرانيا سيؤثر على موقف سوريا، أصبحت سوريا رهينة غزو بوتين العسكري لأوكرانيا وستدفع ثمن ذلك.
دفع الغزو الروسي لأوكرانيا النظام السوري إلى خفض الإنفاق، وقررت الحكومة السورية المتضررة اقتصاديًا نهاية الأسبوع الماضي خفض الإنفاق في محاولة للحد من تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا، خوفًا من ارتفاع حاد في أسعار النفط والقمح والمراقبة عن كثب توزيع السلع وتقنينها. يتوقع الرئيس بشار الأسد أن يغير الرئيس بوتين موقفه تجاه إسرائيل ويوقف نشاطها العسكري وهجماتها في سوريا.
في الوقت الحالي، تعمل آلية التنسيق بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي بشكل جيد، وتستمر إسرائيل في مهاجمة أهداف إيرانية في سوريا، وفي الأسبوع الماضي وقع هجومان من هذا القبيل في منطقة دمشق نسبتهما مصادر أجنبية إلى إسرائيل.
حتى أن الجيش الإسرائيلي رفض هجومًا مخططًا له على سوريا خلال زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لدمشق، ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت القضية الإسرائيلية الروسية ستستمر طويلًا في ظل الحرب في أوكرانيا، يُمكن للرئيس بوتين أن يهدئ ويغير المواقف تجاه إسرائيل ثم يقيد نشاط سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا. قام الروس بتركيب أنظمة دفاع جوي جديدة من طراز S-300 وS-400 في سوريا، والتي يمكن أن تغطي أيضًا مناطق واسعة داخل إسرائيل، حتى الآن لم يعطِ الرئيس بوتين الضوء الأخضر للجيش الروسي لاستخدامها ولم ينقل المعرفة التقنية لتشغيلها إلى الجيش السوري، كل هذا قد يتغير.
تعتبر حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية مهمة للغاية لإسرائيل من أجل منع التمركز العسكري الايراني في سوريا ونقل الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، لذلك، يجب التأكد أن المستوى السياسي في إسرائيل لن يرتكب أخطاء ويعقد العلاقات مع الكرملين، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سماء سوريا.
=============================
شام :"بلومبرغ" : ما فعله بوتين في سوريا يتيح معرفة ما سيلقيه على أوكرانيا
قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، في مقال لها، إن النظر إلى ما فعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في سوريا، يتيح معرفة ما سيلقيه على أوكرانيا، لافتة إلى أن "السوابق مرعبة، وقد انتقلت الأسلحة ذاتها إلى مسرح الحرب الروسي الجديد".
وأوضحت الوكالة في مقال للكاتبة روث بولارد: "لأولئك الذين صُدموا من صور المدنيين الأوكرانيين المستهدفين بغارات جوية روسية، لدي كلمة واحدة لكم: سوريا"، في إشارة إلى حجم الإبادة الروسية التي مورست في سوريا طيلة السنوات الماضية.
وبينت أن "حملة القصف العشوائي التي شنتها موسكو في سوريا دعماً لحرب بشار الأسد الوحشية ضد شعبه -بما في ذلك الهجمات على المستشفيات والمدارس والأحياء السكنية والأسواق- قتلت آلاف المدنيين"، ولذلك "لا أحد يعرف أفضل من السوريين كيف يبدو العيش تحت قصف المقاتلات الروسية".
ونقل المقال عن المستشارة في "معهد السلام الأمريكي" منى يعقوبيان، أن تكرار تفاصيل المشاركة الروسية في سوريا غير مرجح في أي مكان آخر، إلا أن هناك بالفعل "أوجه تشابه مخيفة في أوكرانيا: الاستخدام العشوائي للقوة، وعدم احترام قانون النزاع المسلح أو القانون الإنساني الدولي، والوحشية ضد المدنيين".
وأشارت يعقوبيان إلى أن بوتين "يرسم أوكرانيا بلغة وجودية، بينما كانت أفعاله في سوريا أكثر انتهازية"، وخلصت الكاتبة إلى أن المجتمع الدولي الذي "خذل السوريين"، يدع التاريخ يتكرر، مرة أخرى.
=============================
اللواء :المفارقة بين الحرب الروسية على أوكرانيا والحرب على سوريا
02 آذار 2022 08:38
العميد الركن نزار عبد القادر      حجم الخط
وضع الحشد الروسي حول اوكرانيا وبداية عملية الغزو لأراضيها من جميع الحدود مع روسيا وبيلاروسيا والبحر الأسود، بالإضافة إلى شن عمليات إنزال واسعة في العمق الأوكراني، الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي امام اختبار صعب ومعقد، لم يكونا مستعدين له منذ تأسيسهما.حيث فرضت الحرب على حلف شمالي الأطلسي القائم منذ 73 سنة القيام بتحركات عسكرية باتجاه أربع دول أعضاء في الحلف ومجاورة لأوكرانيا، كما أن تطوّر الأوضاع الميدانية قد فرض على الحلف إنذار قدراته الرادعة في القارة الأوروبية كتدبير احتياطي، وخصوصاً بعد أن أمر فلاديمير بوتين بوضع الترسانة النووية الروسية في حالة تأهب وإنذار، من خلال إصداره أمراً مباشراً إلى القيادات العسكرية الروسية الممثلة بوزير الدفاع ورئيس أركان الجيوش الروسية.
يبدو أن قرار بوتين بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب وإنذار لم يفاجئ القيادات السياسية والعسكرية في الولايات المتحدة أو في الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الأطلسي، حيث إنهم يُدركون من خلال مواقف مسبقة عبّرت عنها القيادات الروسية، وخصوصاً بوتين ورئيس أركان القوات الروسية الجنرال فاليري غيراميسوف بأنهما لا يجدان ان هناك ضرورات للفصل بين القوى النووية الاستراتيجية والقوات الروسية التقليدية، على غرار ما هو سائر في نظريات الحرب والعقيدة القتالية المعتمدة في الدول الأساسية في حلف شمالي الأطلسي. هذه النظرية المعتمدة في الجيوش الأميركية هي بالذات التي دفعت واشنطن إلى الإعلان بأن حالة التأهب النووي التي أعلنها بوتين لم تغيّر الوضع لجهة الاستعدادات النووية للولايات المتحدة.
شكلت عملية الغزو الروسي لأوكرانيا صدمة كبرى للمجتمعات الأوروبية حيث شعرت الشعوب بأن الحرب وويلاتها لا تجري في مسارح عمليات بعيدة كالعراق وافغانستان وسوريا وغيرها بل تجري داخل أوروبا نفسها، وبأن المدن التي تشهد عمليات الغزو والقصف بالطيران والصواريخ الباليستية هي مدن أوروبية، وبأن مئات آلاف اللاجئين المدنيين الباحثين عن ملاجئ آمنة خارج حدود دولتهم هم أوروبيون.
في رأينا هذه الحقائق هي التي دفعت مختلف القيادات في الاتحاد الأوروبي وحلف شمالي الأطلسي إلى اتخاذ مواقف سياسية صارمة لإدانة الغزو الروسي. كما دفعت مختلف الحكومات إلى إقرار توجيه مساعدات عسكرية فورية إلى أوكرانيا، تُمكّنها من الصمود ومواجهة الغزو وإفشاله. ويبدو بأن عدم انتساب أوكرانيا للاتحاد الأوروبي ولحلف شمالي الأطلسي، لن يحول دون مشاركة أية دولة أوروبية، حتى من الدول التي تتمسك بمبدأ الحياد على غرار السويد وفنلندا وسويسرا في إدانة الغزو والمشاركة في الالتزام بنظام العقوبات القاسي والواسع المعتمد لمعاقبة روسيا والضغط عليها لإنهاء عدوانها على أوكرانيا.
مع الأسف الشديد يمكن للعالم خارج أوروبا أن يشاهد ويقر بأن تعرّض المواطن الأوروبي لآلام وويلات الحرب يختلف عن تعرّض المواطنين العرب في العراق وسوريا، حيث تمرّ الويلات والمجازر دون أن تثير أية ضجة أو إدانة، على غرار ما يُعبّر عنه الآن من إدانات وردود فعل تجاه المواطنين الأوكرانيين الهاربين من جحيم المعارك.
لا يمكن التوقف عند قرارات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيسية بتقديم مساعدات عسكرية فورية للجيش الأوكراني، وخصوصاً لجهة شحن الصواريخ المتطورة المضادة للدبابات أو الطائرات، بل يجب التوسع إلى رؤية التداعيات التي يمكن ان تتسبب بها مختلف العقوبات التي فرضت على روسيا، والتي قد تتوسع لتشمل حليفة موسكو بيلاروسيا، سواء على الصعيد الاقتصادي أو المالي، حيث يمكن أن تؤدي عملية حظر روسيا من استعمال نظام «سويفت» المصرفي إلى عزلها بشكل كامل عن الاقتصاد العالمي.
ويبقى من اللافت جداً دعوات ما يقارب عشر دول من الاتحاد الأوروبي بضم أوكرانيا للاتحاد بصورة فورية، في الوقت الذي كانت تأخذ عملية انضمام أية دولة سنوات طويلة، على سبيل المثال كانت كرواتيا آخر الدول التي انضمت للاتحاد، وقد استغرقت هذه العملية عشر سنوات كاملة.
تظهر ردود الفعل التي اظهرتها أوروبا على عملية غزو أوكرانيا بأن القارة ما زالت تعيش في حالة نفسية تشابه الأجواء التي كانت سائدة وتفرّق بين الشرق الأوروبي وغربه في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حيث شكلت روسيا وبعدها الاتحاد السوفياتي عالماً آخر يعيش حالة من العزلة والعداء مع غربي أوروبا. ولا بدّ في هذا السياق من استعادة ولادة نظريات الحرب الشاملة التي ولدت في اوروبا، والتي تركزت جمعيها على الطوائف والاستراتيجيات الممكنة لإحتواء الخطر العسكري القادم من البر الأوروبي - الآسيوي الذي يُشكّل أراضي الدولة الروسية، سواء من خلال نظرية «قلب الأرض» التي أوجدها ماكندر، مروراً بنظرية ماهان للسيطرة على البحار والمحيطات المحيطة بالبر الأوروبي  - الآسيوي، ووصولاً إلى نظرية الحرب الجوية مع ميتشل وسافارسكي، إلى النظرية النووية والرعب المتبادل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. شكلت عملية احتواء روسيا الهاجس الاستراتيجي الدائم للقوى الغربية، وخصوصاً منذ غزو نابليون لروسيا مروراً بالحرب العالمية الثانية وغزو هتلر، وبالحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفياتي، والتي انتهت بتفكك الاتحاد السوفياتي، وسيطرة الولايات المتحدة على العالم.
وفي عهد الرئيس بوتين بدأت روسيا مسيرة العودة والحنين للعب دورها كقوة دولية قادرة على استعادة جزء من نفوذها زمن الاتحاد السوفياتي، وبالتالي العمل على وقف الزحف الغربي باتجاه حدودها، سواء عبر توسيع الاتحاد الأوروبي أو ضم دول أوروبا الوسطى والمحيطة بروسيا إلى حلف شمالي الأطلسي، الأمر الذي يعتبره بوتين تهديداً مباشراً لأمن روسيا، والذي بات يخطط ويعمل فعلياً على تغييره في جمهوريات البلطيق وجورجيا وأوكرانيا، ومن خلال دور روسيا الجديد المؤثر في امدادات الطاقة للقارات الأوروبية أو على الصعيد العالمي.
لا بدّ لنا في العالم العربي من التوقف امام المفارقة الكبرى المتمثلة بردود فعل الاتحاد الأوروبي وحلف شمالي الأطلسي والهبّة الجماعية لعزل روسيا وإدانة غزوها لأوكرانيا، ومدها بالاسلحة المتطورة لمواجهة الغزو الروسي، وبين حالة اللامبالاة التي وقفتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة تجاه التدخل الروسي الكثيف في الحرب السورية، وقصفها الوحشي للمدن والمناطق التي سيطرت عليها فصائل الثورة.. وذلك ضمن استراتيجية عسكرية شاملة لنصرة بشار الأسد ضد شعبه المطالب بإصلاح النظام.
استعملت روسيا ترسانتها العسكرية الكاملة لقصف المدن السورية وقتل وتهجير سكانها، دون ان يثير ذلك حفيظة الحكومات أو الشعوب في أوروبا وفي الولايات المتحدة، بالرغم من تصريحات بوتين عن تجربة كل الترسانة الروسية.
ولا بدّ أيضاً من تجاهل الدول الغربية لعمليات تهجير الشعب السوري بالملايين سواء إلى الداخل السوري أو الدول المجاورة، هذا بالإضافة إلى إجهاض الثورة والتي كانت على بعد أسبوعين كحد أقصى من هزيمة النظام وبالتالي تحرير الشعب السوري وإقامة حكم ديمقراطي في البلاد، لولا التدخل الروسي في الحرب في آخر أيلول عام 2015.
وفي السياق نفسه لا بدّ من الإشارة إلى المؤامرة المستمرة والمشتركة بين روسيا وإسرائيل ضد الدولة السورية والشعب السوري، حيث يجري باستمرار قصف جميع المناطق السورية من قبل القاذفات الإسرائيلية بتشجيع وتحت نظر وحماية القوات الروسية العاملة في سوريا، والتي تملك أكبر شبكة صواريخ للدفاع الجوي وأكثرها تطوراً.
=============================
سوريا تي في :الخارجية الأميركية لتلفزيون سوريا: سنحاسب روسيا لاعتدائها الوحشي على أوكرانيا
آخر تحديث: 27.02.2022 | 09:04 دمشق
إسطنبول - خاص
وصف المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، ساميويل وربيرغ، في تصريحات خاصة لتلفزيون سوريا، اليوم السبت، الغزو الروسي لأوكرانيا "بالاعتداء الوحشي على سيادة دولة مستقلة وشعب مسالم ودولة مسالمة لم تقم بأي شيء لاستفزاز روسيا".
وقال إنه اعتداء ينافي كل الأعراف الدولية والمواثيق والقوانين والقواعد الدولية. واعتبر أن هذه الحرب التي شنتها روسيا بكل وحشية ضد أوكرانيا ليس لها أي داع أو مبرر وتستحق إدانة دولية من كل العالم.
وقال "الآن هو وقت العمل وعلى جميع الدول توضيح موقفها، فهي إما مع الشعب الأوكراني ومع الحق، أو مع العدوان الروسي غير المبرر ضد الأبرياء".
وعبر وربيرغ عن شعورهم بقلق وحزن بالغين من التقارير والصور التي تصل من كل أنحاء أوكرانيا.
وأردف "نحيي شجاعة الأوكرانيين وعزمهم الدفاع عن بلادهم وعن استقلالهم والدفاع عن مبادئ دولتهم، كما أننا نحيي شجاعة القوات الأوكرانية في التصدي لهجمات روسيا. فالعالم كله يرى الآن أن ما كنا نحذر منه منذ أشهر قد تحقق للأسف بالرغم من أكاذيب الرئيس بوتين ووزير خارجيته بأن روسيا ليس لديها نية لغزو أوكرانيا".
وتابع "كنا نتمنى لو كنا مخطئين ولكن بات العالم الآن يرى حقيقة النوايا الروسية لإعادة إمبراطوريات قديمة وإعادة العالم إلى الوراء. ولكننا مازلنا متحدين مع أوكرانيا ولم ولن نتخلى عنها وعن الشعب الأوكراني".
وعن الخطوات التي اتخذتها واشنطن، أكد المتحدث أن  بلاده أعلنت اليوم عن تقديم مساعدات عسكرية دفاعية فتاكة جديدة لأوكرانيا بقيمة 350 مليون دولار، وبهذا يصل إجمالي المساعدة الأمنية التي التزمت بها الولايات المتحدة لأوكرانيا خلال العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار ونحن مستعدون لتقديم المزيد.
وقال إن الولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها قامت منذ أشهر بدراسة عدة إجراءات حازمة لفرض تكاليف باهظة جداً ومدمرة على روسيا ولن نتردد في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
وتابع "لن نخوض في تفاصيل عقوبات مقبلة، ولكن ما يمكننا تأكيده هو أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يتركوا روسيا تفلت من العقاب. وأن روسيا والرئيس بوتين سيتحملون نتائج أفعالهم وسيدفعون الثمن غالياً جداً. وما قمنا به من إجراءات حازمة حتى الآن هو البداية، هذه الخطوة الأولى وستتبعها خطوات أخرى من شأنها تدمير الاقتصاد الروسي وإضعاف الدولة الروسية".
=============================
الحرة :"الغارديان" تحذر الغرب من تكرار سيناريو سوريا في أوكرانيا
 
بلدي نيوز
استخلاص الخلص تقرير لصحيفة "الغارديان" إلى مجموعة من الدروس التي يمكن أن يتعلمها الغرب من ما حصل خلال أكثر من 11 عاما في سوريا، بعد إعلان روسيا، أحد أهم اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية، الحرب على أوكرانيا.
ووصف النظام السوري الهجمات على أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية من قبل الحلفاء الروس للحفاظ على أمنهم القومي و استقرارهم"، وهو ما ينسجم مع تصريحات بوتين في إطار إعلانه الحرب الخميس.
ويقول الخبير في الأسلحة الكيماوية، هاميش دي بريتون -غوردون، والذي أعد التقرير: "منذ أن أزالت الأمم المتحدة مخزون سوريا المعلن من الأسلحة الكيماوية عام 2014، واصل النظام السوري قصف المستشفيات والمدارس، وحرق القرى في سياسة الأرض المحروقة".
وأضاف أنه "بالرغم من عدم استخدام أسلحة كيماوية في سوريا منذ نيسان 2019، إلا أن سوريا أصبحت دولة روسية تسيطر عليها موسكو، باستثناء إدلب الخارجة عن سيطرة النظام، ولكن الغرب أدار ظهره لها بالرغم من الأزمات الإنسانية داخل المحافظة".
وأشار غوردون إلى أن ما يبعد القلق عن العالم هو أن رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، "على عكس الأسد، لا يرحب ببوتين بأذرع مفتوحة".
وعن ما يقصده من تكرار السيناريو السوري، يوضح غوردون أن "دمشق تمثل وجودا روسيا وإيرانيا كبيرا على حافة أوروبا، وإذا سقطت أوكرانيا أيضا، فسوف يتحول ميزان القوى إلى حد كبير نحو الشرق".
وتابع: "مع اعتماد الكثير من الدول الأوروبية على الغاز الروسي، بدأ عدم الاستقرار العالمي الحالي من دمشق، حيث تبدو روسيا المتشجعة المدعومة بأسعار النفط المرتفعة أكثر استعدادا لمواجهة الناتو مما كانت عليه قبل بضع سنوات، عندما لم يكن جيشها البالي يضاهي الدبابات الغربية".
وأصر غوردون على أنه "يجب النظر إلى سوريا والإقرار بأنه كان ينبغي القيام بعمل أفضل، وذلك لتكون هذه المعرفة مصدرا لاستجابة الغرب لغزو بوتين الجديد".
واستخف الخبير الكيماوي بقدرة العقوبات على وقف الحرب، قائلا: "لا أعتقد أن بعض العقوبات المفروضة على عدد قليل من البنوك والمليارديرات سوف تزعج بوتين إنه يفهم فقط بقواعد القوة والقوة فقط".
وتابع: "حان الوقت لإظهار فولاذنا، وقفنا متفرجين بينما تشق روسيا وإيران طريقهما عبر سوريا لإنشاء قاعدة عمليات أمامية على أعتاب أوروبا".
المصدر: الحرة
=============================
الخليج اونلاين :مصالح متشابكة.. كيف ستتعامل دول الخليج مع حرب روسيا وأوكرانيا؟
طه العاني - الخليج أونلاين
يلقي التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا بظلاله على مناطق واسعة من العالم، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي ترتبط بعلاقات متشابكة مع أطراف النزاع الدائر بين روسيا والغرب.
وتجد الدول الخليجية نفسها في قلب التوترات الحاصلة بين روسيا والغرب في السنوات الأخيرة، باعتبارها أكبر مورد للطاقة في العالم، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي المهم، إلى جانب العلاقات القائمة والتحالفات بين الأطراف المختلفة.
وبعد يوم مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين 21 فبراير 2022، الاعتراف باستقلال منطقتي "لوغانسك" و"دونيتسك" عن أوكرانيا، بعث برسالة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "تتعلق بالقضايا المشتركة والعلاقات الثنائية وسبل تعزيزها".
من جهته أعلن مجلس التعاون، في بيان، أن دول الخليج "تتابع بقلق تطورات الأحداث الجارية في أوكرانيا، وتؤكد تأييدها لكافة الجهود الرامية لحل الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية"، مؤكداً دعمها "للجهود الدولية المبذولة لتخفيف حدة التوتر والتصعيد والشروع في إجراءات التهدئة بما يكفل عودة الاستقرار ويفسح المجال أمام إجراء مباحثات سياسية تفضي إلى حل سياسي للأزمة".
لكن بوتين ألقى بنداءات العالم وراء ظهره، وبدأ جيشه، فجر الخميس 24 فبراير، "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا بزعم حماية إقليم دونباس الانفصالي، داعياً الجيش الأوكراني لإلقاء أسلحته.
موازنة العلاقات
وتعد أوكرانيا إحدى أهم الدول التي استثمرت فيها دول الخليج العربي خلال السنوات الأخيرة، خاصة في القطاع الزراعي وقطاعات أخرى، حيث وقع العديد من اتفاقيات الشراكة التي تطورت بشكل ملحوظ.
وتولي كييف اهتماماً كبيراً لتطوير تلك العلاقات، لا سيما في المجال الاقتصادي، كان آخرها إصدار رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، في أغسطس 2020، مرسوماً يعفي مواطني دول الخليج من التأشيرة عند دخول بلاده، بحسب صحيفة "إندبندنت عربية".
ورغم الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فإن الدول الخليجية حرصت على إقامة علاقة متوازنة مع روسيا، وتمكنت الإمارات من زيادة تجارتها مع موسكو بنسبة 78% مقارنة بعام 2019، ووقع كلاهما إعلان شراكة استراتيجية لتعزيز مختلف جوانب العلاقة، مثل استقرار سوق النفط ومكافحة الإرهاب.
ويشير المركز العربي للبحوث والدراسات إلى أن روسيا قد سعت إلى بناء علاقات تعاون اقتصادي أقوى مع دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال جذب استثمارات واسعة النطاق منها، مما يعني أن الخسائر الاقتصادية داخل روسيا ستؤثر سلباً على دول المجلس أيضاً.
وإذا نظرنا إلى قطر فقط، ففي عام 2019 أصبح صندوق الثروة السيادية القطري وجهاز قطر للاستثمار مساهماً في شركة "روسنفت" في أعقاب خصخصة شركة النفط الروسية العملاقة التي تسيطر عليها الدولة، في أواخر عام 2016. ويمتلك جهاز قطر للاستثمار الآن حصة 19% في تلك الشركة.
ويضيف تقرير المركز بأن الاستثمارات الروسية الأخرى لقطر -ومن ضمن ذلك شراؤها عام 2013 حصة بقيمة 500 مليون دولار في بنك VTB، وحصة بنسبة 25% في مطار بولكوفو في سانت بطرسبرغ- يضع قطر في موقف صعب بشأن مع من تقف في الوقت الحالي.
ومن خلال مشاركتها في "أوبك +"، تظل روسيا لاعباً مهماً في سوق الطاقة لدول مجلس التعاون، وخصوصاً السعودية، وبالاتفاق المتبادل سيواصل أعضاء "أوبك +" برنامجهم لزيادة الإنتاج الشهري التدريجي في فبراير 2022، وهو قرار تم التوصل إليه بشكل مشترك بين موسكو ودول الخليج.
القواعد العسكرية
ورفعت القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج حالة التأهب مع بوادر الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا الحليفة للولايات المتحدة.
وتنقل شبكة "روسيا اليوم" عن المحلل السياسي ألكسندر نازاروف، في مقالة نشرت في 11 فبراير 2022، أنه في حالة نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا فإن أي استخدام لقواعد واشنطن في شرق البحر الأبيض المتوسط أو الخليج في الهجوم سوف يجعل من تلك المناطق الواقعة في نطاق الصواريخ الروسية "مرمى مناسباً لهذه الصواريخ".
ويحذر المحلل الروسي من أن استخدام هذه القواعد "يجعل هذه الدول أهدافاً مشروعة للرد العسكري الروسي، كما أنها توفر ذريعة مشروعة لتدمير منشآتها النفطية والغازية بشكل كامل"، على حد قوله.
ويستدرك بالقول إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع روسيا من القيام بذلك هو أن تظل دول الخليج مورداً رئيسياً للنفط والغاز للصين الصديقة لروسيا، لكن هذا يعني رفضها لواشنطن في محاولاتها لاستبدال الإمدادات الروسية في أوروبا، وهذا يعني صراعاً حاداً بين هذه الدول وواشنطن.
"علاقة حذرة"!
ويرى المحلل السياسي الكويتي عبد العزيز سلطان أن علاقة دول الخليج مع روسيا أيام الحرب الباردة تختلف عن علاقتها اليوم، رغم أنها حتى الآن "ما زالت علاقات سطحية، لكنها شهدت تغيرات كبيرة، وتعد السعودية من أكثر دول الخليج التي تتمتع بعلاقات ودية ومصالح تجارية مع روسيا".
ويتابع في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن العلاقة بين الخليج وروسيا "علاقة مصلحية ما زالت في بدايتها، حيث تخشى دول الخليج من أن تتدخل ما بين الروس وبين علاقتها بالغرب، لأن دول الخليج لديها مصالح وشراكات استراتيجية ودفاعية وأمنية مع حلف الناتو، وأيضاً مع دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية".
ويشير سلطان إلى أنه خلال عام 2016 أصبح لدول الخليج علاقات جيدة مع الروس بحكم أن الأخيرة بدأت تدخل في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في ملفات سوريا وليبيا واليمن.
ويصف المحلل السياسي هذه العلاقة بأنها "حذرة جداً"، حتى إن السعودية رفضت مؤخراً أن تزيد إنتاج النفط بعد دعوة الرئيس الأمريكي إلى تخفيض أسعار البترول؛ "بسبب المصالح المشتركة بين المملكة والروس، ولدعم اقتصادها من خلال العملات الصعبة".
التغطية مستمرة
ويعتقد سلطان أن "الروس أصبحوا شركاء استراتيجيين مع دول الخليج والمنطقة، خاصة في بعض الملفات السياسية مثل ملفات سوريا واليمن وليبيا، وكذلك في بعض الملفات الدبلوماسية، إضافة إلى الملفات الخاصة بالتسليح، وكذلك العلاقات التجارية التي شهدت تقدماً خلال السنوات الأخيرة، وكل ذلك جعل روسيا تصبح لاعباً مهماً تحتاج دول الخليج إلى وجوده لتهدئة أوضاع المنطقة".
ويرى أن الملف السوري قد يشهد في المستقبل القريب حلولاً، "وقد تخرج القوات الروسية من سوريا، ويتغير بشار الأسد مقابل ألا يتدخل الغرب في موضوع أوكرانيا، كما أن اعتراف الروس باستقلال منطقتين انفصاليتين في أوكرانيا يوحي بأن الروس مقدمين في موضوعهم الجيوسياسي، حيث إنها تعمل على دفع أوكرانيا بعيداً عن حلف الناتو".
كيف يتأثر الخليج؟
وحول الموقف الخليجي من الأزمة الروسية الأوكرانية يقول سلطان إن خلاصة الموقف تتعلق بالسعودية وقطر، لكون الأخيرة تملك أكبر احتياطي غازي في العالم، والسعودية تعد الأكثر إنتاجاً للنفط، ولهذا أصبحت هاتان الدولتان في محور الأزمة وفي وسطها.
ويشير بالقول: "دول الخليج ليست بعيدة عن الصراع؛ لأن ما يحدث الآن بين أوكرانيا وروسيا هو أشبه بعلاقة التحكم في الطاقة، حيث إن الروس سيطروا على شرق أوكرانيا التي فيها أغلب مناجم الفحم، كما أن أوكرانيا تعتبر منطقة تماس ما بين حلف الناتو "الأوروبي" والروس، فتشكل بذلك خطراً على روسيا وأمنها.
ويضيف المحلل السياسي أن الروس يخشون من استحواذ الأوروبيين على الطاقة، حيث إن روسيا تصدر كميات كبيرة من الغاز عن طريق الأنابيب إلى ألمانيا، لكن مؤخراً أعلن وزير الطاقة الألماني إيقاف الاستيراد عن طريق هذا الأنبوب، وبذلك فمن المتوقع أن يتوجه الأوروبيون إلى قطر من أجل الغاز؛ "لذلك أرسل الرئيس بوتين الرسالة عن طريق وزير الطاقة والمعادن الروسي إلى أمير قطر، للإشارة إلى عدم التدخل في موضوع الغاز"، بحسب سلطان.
ويرى أن تصريح وزير الخارجية القطري الأخير حول الأزمة الأوكرانية "يدل على عدم الرغبة في أن تكون قطر جزءاً من الصراع والاستقطاب السياسي، كما أن الوزير يؤكد عدم رغبتهم بأن يكونوا مع طرف على حساب آخر، سواء في منع الغاز أو في ضخه"، لافتاً إلى أن المنافسة التجارية مفتوحة أمام الجميع، "فقد تبيع قطر للأوروبيين لكن لن يقوموا بتخفيض الأسعار، ولن يفرض أحد الرأي السياسي على قطر".
وكان وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد الكعبي قال، الثلاثاء، إن الدول المنتجة للغاز لا توافق على فرض عقوبات اقتصادية على أي من الدول الأعضاء بالمنتدى "خارج إطار الأمم المتحدة"، فيما أكد وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده تؤمن بحل النزاعات عبر الدبلوماسية الوقائية.
ويشير سلطان إلى أن دول الخليج ستكون دولاً محايدة، وأن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -والذي يعتبر حليفاً ومقرباً من الولايات المتحدة الأمريكية- لدولة الكويت، وزيارة الرئيس الجزائري "تتعلقان بالصراع الروسي الأوكراني".
ويضيف سلطان أن السعودية "في نقطة تماس خطرة جداً مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرياض أن تضخ النفط لتفادي غضب البيت الأبيض، وكذلك على القطريين أن يبيعوا الغاز بكميات مضاعفة لسد العجز الذي وقع الآن في الناتو، وحتى لا يكونوا أيضاً في نقطة تماس خطرة مع واشنطن ومع حلف الناتو، وهي قضايا متشابكة وفيها مصالح معقدة".
ورقة خليجية
بدوره يرى الكاتب الصحفي العُماني أحمد الشيزاوي أن دول الخليج ليست بمنأى عن ارتدادات أزمة أوكرانيا وإن تباعدت المسافات، "فالمصالح الدولية متشابكة والارتباط الخليجي مع الحليف الأمريكي والغربي لم يغفر لهم حتى وإن أرادوا الصمت أو البقاء بعيداً عما ستخلفه الأزمة من ارتفاع ونقص حاد في سوق الغاز والنفط".
ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن أمريكا والغرب أكثر تواصلاً مع الدول الخليجية لتأمين العجز المتوقع للغاز والنفط، خاصة في الدول الأوروبية التي لديها عقود وارتباط مباشر مع الغاز الروسي.
ويتابع الشيزاوي أن أهمية الورقة الخليجية تكمن في "الفرص التي يمكن أن يستثمرها الساسة الخليجيون في إعادة قراءة التحالفات التقليدية مع أمريكا والغرب، وأن يستفيدوا من الأزمات بين الأقطار وصراعاتهم من خلال توزيع تحالفاتهم الأمنية والاقتصادية المستقبلية وتحويلها إلى سلة تحالفات تضمن لهم ارتباط المصلحة الخليجية مع جميع الأقطار والقوى، مع روسيا من جهة أو أوروبا والغرب وأمريكا من جهة أخرى".
وحول إمكانية حلحلة الأزمة من خلال تسويات لملفات إقليمية أخرى كسوريا أو الملف النووي الإيراني، يعتقد الشيزاوي أن ذلك ‏"لا يبدو ظاهراً، لكن لا يستبعد أن تكون هناك مبادرات مستقبلية إذا ما استمرت الأزمة فترة طويلة وطالت مرحلة الدبلوماسية ولم تصل إلى مرحلة التصادم العسكري".
ويلفت الكاتب الصحفي إلى أنه من غير المستبعد أن تُطرح بعض المقايضات مقابل بقاء روسيا في أوكرانيا وخروجها من الشرق الأوسط وبالذات من سوريا، التي ترى أمريكا نفسها مهزومة أمام التغول الروسي الإيراني فيها، ووقف دعمها لإيران الذي يهدد مصالح الغرب في الخليج، مقابل تخلي أمريكا والغرب عن أوكرانيا لتنفرد بها روسيا، بحسب الشيزاوي.
=============================
المصري اليوم :روسيا: القوميون الأوكرانيون يستخدمون الأساليب نفسها التي يستخدمها الإرهابيون في سوريا
السبت 26-02-2022 19:12 | كتب: بسام رمضان |
أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، اليوم السبت، أن القوميين في أوكرانيا يستخدمون الأساليب نفسها التي يستخدمها الإرهابيون الدوليون في سوريا لمواجهة القوات الروسية.
وقال كوناشينكوف: «القوميون الأوكرانيون يستخدمون عربات النقل المزودة بأسلحة صغيرة أو مدافع الهاون ذات العيار الكبير، وهذه التكتيكات يستخدمها الإرهابيون الدوليون في سوريا».
وأضاف: «وفقا للمعلومات الاستخبارية، فإن القوميين الأوكرانيين ينشرون وحدات صاروخية ومدفعية في المناطق السكنية في كييف ومدن أخرى».
وتابع قائلا: «هذا يتم عن قصد حتى تقوم القوات المسلحة الروسية بشن ضربات على هذه المناطق... القيادة القومية الأوكرانية تستخدم الأساليب نفسها التي يستخدمها الإرهابيون»، مصيفا: «نناشد الشعب الأوكراني أن يطلب من السلطات الإجرامية في كييف إزالة جميع الأسلحة الثقيلة من منازلهم والمناطق السكنية في المدن».
وأصدرت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، أوامرها للقوات المسلحة الروسية بشن هجوم على جميع المحاور في أوكرانيا، وذلك بعد رفض الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي التفاوض مع روسيا.
=============================
الجزيرة :لن تكون أوكرانيا سوريا جديدة.. لماذا؟
ياسر عبدالعزيز
كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي متحمسا جدا، مدفوعا بالوعود الغربية وشحنات الأسلحة التي أرسلوها، فلبس لأمة الحرب وشحذ همم شعبه ووزع السلاح وطلب الشباب للتعبئة. كل ذلك والمنطقة تنتظر الخطوط التي سيرسمها الدب الروسي بمخالبه، أما العم سام فلا يزال يتحسس سلاحه.
منذ بدء الحرب في أوكرانيا، يستدعي البعض المشهد الأشهر في فيلم الناصر صلاح الدين عندما دخلت الكاميرا "كلوز" (بالقرب) على وجه الفنان حمدي غيث أو ريتشارد قلب الأسد، ليقول جملته الأشهر: "كل حلفائك باعوك يا ريتشارد، واليوم آرثر الأمين".
لم يكن زيلينسكي قد نطقها بعد، لكن حاله وتردي الأوضاع أمام الآلة العسكرية الروسية وجنودها الذين استدعوا من كل حدب -من بيلاروسيا والشيشان وحتى سوريا- جعلته يصرخ بها في وجه قادة حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) وصرح بها أمام شعبه، "الكل تخلى عنا وتركونا نحارب وحدنا".
قاعدة الأثلاث هي تلك القاعدة التي يستخدمها مخرجو السينما لرسم كادر المشهد لنقل المشاعر المقصودة من صانع الفيلم إلى المشاهد، وعليه فيمكن من خلال تقسيم كادر المشهد تحديد نقاط القوة في المشهد، لجذب عين المشاهد إليه ومن ثم التأثير على المتلقي بتلك النقاط التي أراد بها المخرج نقل ما يريد، ويستمد قوة المشهد من دقة اختيار المخرج لنقاط قوته ومدى تأثيرها على المتلقي.
ولأن للعالم مخرِجا واحدا يحاول رسم مشاهده، فإن الفيلم يبدو ضعيفا لأن المخرج لم يكن على مستوى الفيلم الذي يخرجه، فبايدن -الذي يمثل الولاية الثالثة لرئيسه أوباما- يمشي على نهجه لكن بمزيد من الوهن، فالرجل لا يحمل من المؤهلات ما يمكنّه من صناعة الدراما في العالم كما كان أسلافه الذين رسموا حدود القوة والنفوذ في العالم، واستطاعوا إسقاط الإمبراطوريات طوعا بعد الحرب العالمية الثانية، أو كرها بالقوة الناعمة بعد الحرب الباردة.
في المقابل، يظهر في الكادر من بعيد -في أحد الأثلاث المؤثرة في المشهد- ذلك الطامح المسكون بعظمة بلاده والساعي لصناعة مجد لبلاده قبل أن تضعه كتب التاريخ كصانع لذلك المجد، مستغلا حالة الضعف والتردد التي تعيشها الإمبراطورية الأميركية بانسحابات متوالية وتمحور حول الذات، وهي السياسة التي تتنافى مع طبيعة تكوينها أو الدور الذي لعبته منذ الحرب العالمية الثانية وإلى يوم الناس هذا، أو على الأقل ما يظنه الناس فيها.
لم تكن ثورة الميدان الأوروبي في أوكرانيا عام 2014 إنجازا غربيا بمعنى الكلمة، حتى مع وصول نظام موال للغرب، وساع للانضمام للاتحاد الأوروبي وحلفه العسكري؛ إذ إن الإطاحة بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش وإسقاط نظامه الموالي لموسكو منزوع الدسم، حيث استطاعت روسيا سلخ المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وصولاً إلى إجراء استفتاء القرم عام 2014، ثم التدخل العسكري الروسي، وتأسيس دول بحكم الأمر الواقع في دونيتسك ولوغانسك، واليوم وفيما يبدو أن الغرب -وأميركا تحديدا- تكتوي بنار الثورات المضادة التي هندرتها  في الشرق الأوسط ويترنح حليفها في كييف منتظرا لحظة السقوط، إن لم يكن قد سقط وقت نشر هذا المقال.
يقول المثل الإسباني الوعود هي الفخاخ التي يقع فيها الحمقى.
سؤال أريد أن أطرحه على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأرجو أن تمهله الأقدار أن يرد عليه، هل كنت تصدق وعود الغرب -حين أرسلوا لك السلاح على استحياء- أنهم سيقاتلون معك؟
لقد كانت كل المؤشرات وتقديرات الموقف تظهر الحالة التي عليها الغرب وينطلق في مواقفه منها: تلكؤ مفهوم في إرسال السلاح، واستجابة مدفوعة بمساحات الضغط الأميركي لدول جوار أوكرانيا جعلت السلاح يصل إلى حدود الدولة المحتاجة لسلاح متطور أمام آلة الحرب الروسية الجبارة، لا سيما وأن كييف سلمت سلاحها طوعا للاتحاد الروسي بإيعاز من الولايات المتحدة التي نصحتها ووعدتها بتعويضها بحماية الحلف الأكبر في العالم، والدولتين الكبريين في الاتحاد الأوروبي -حتى آخر لحظة- تتحسسان سراويلهما لعلهما تجدان ما تتصدقان به لكييف، في وقت يحكّون فيه رؤوسهم لحل حساب معادلة الطاقة مع روسيا المعقودة في خط أنابيب نورد ستريم.
لقد كان الاتحاد الأوروبي كريما جدا مع أوكرانيا بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية التي وصفوها بالـ"صارمة" على روسيا، على الرغم من أن روسيا لا تحتاج للمزيد فلديها ما يكفيها، لكنها -مع ذلك- مستمرة رغم سنوات العقوبات؛ مثل إيران -التي تعيث في الأرض داعمة مليشياتها في المنطقة وتوسعت حتى أفريقيا لتصنع لها أوراق قوى- يوقع الآن بايدن أمامها بتنازلات مدفوعا بتلك الأوراق. مع ذلك، فإن تلك العقوبات التي أطلقها قادة الغرب، لحفظ ماء الوجه، إنما هي نتاج خلافات ومدفوعة بالضغط الشعبي، بعد التظاهرات التي خرجت في عواصمهم، حتى اقتراح إخراج روسيا من نظام التحويلات المالية العالمي "سويفت" لم يلق قبولا في قراءته الأولى، ولا أظنه سيمرر في الطرح الثاني، فالكل له مصالحه، وليذهب زيلينسكي وشعبه ليقاتلوا فالغرب هاهناك قاعدون.
قالها بايدن صريحة بأنه لن يرسل جنوده للقتال في أوكرانيا، وصفق الجميع لحكمة الرئيس الملهم، حامي بيضة العالم وحافظ انزلاقه نحو حرب عالمية، متمثلا بقول مرشد الإخوان في مصر ومتبعا خطاه حين صرخ على منصة الاعتصام: "سلميتنا أقوى من الرصاص"، تلك الحكمة التي اتفق معه فيها السيسي مستطلعا العواقب: "علشان ما نبقاش زي (حتى لا نكون مثل) سوريا والعراق".
بايدن حكيم العالم وحافظ أمنه وسلامه لن يرسل جنوده لأوكرانيا؛ لا لأنه يحافظ على أمن العالم ويطبق ميثاق الأمم المتحدة، ولكن لأن أوكرانيا ليست جارة لبلاده، وليست بها قاعدة عسكرية له، والأهم لا يوجد بها احتياطات إستراتيجية من البترول، كما أنها ليست شريكا تجاريا رئيسيا.
رغم قنابل النابالم التي أنارت سماء كييف منذ أيام، فإن بوتين لن يقصفها بالكيماوي، ورغم مشاهد النزوح والهجرة التي تبثها شاشات القنوات الفضائية، فإن الأوكرانيين لن يقيموا في مخيمات 10 سنوات، ولن يصبح الأوكرانيون عبئا دوليا تلفظهم الحدود أو تستغلهم البلدان كرقيق أبيض، أو تسرق منهم فلذات أكبادهم مقابل مأوى ولقمة، ولن تشكل مجموعة باسم "أصدقاء أوكرانيا"، ولن يعقدوا لهم اجتماعا ينفض على اللا شيء، ورغم انعقاد مجلس الأمن والتصويت على قرار إدانة -لم تصوت فيه الإمارات- لن ترسل الجمعية العامة مساعدات إنسانية في رتل طويل من الشاحنات تحمل مستلزمات العناية الشخصية، كما حدث في مضايا التي ماتت جوعا وأرسل لها الشامبو بعد أن أكل أهلها الكلاب والقطط، وكادوا أن يأكلوا بعضهم بعضا، ولن يعتقل مئات الآلاف في سجون بوتين، أو يختفي مثلهم، ولن يسلط بوتين عليهم مرتزقته ليسقطوا البراميل المتفجرة عليهم، فتقطع أوصالهم من خلاف، ولن يشعر الأوكرانيون بمرارة الفرق ولا الغربة، على الرغم من فتح الدول المحيطة حدودها لهم، وفتح كندا أبواب بلادها أيضا لهم، فمن شاء فليخرج ومن شاء فليمكث، فدار أبي سفيان له ملاذ ولا مانع لديه أن يأويهم هو الآخر، فلقد تعلم من موقفه في الحرب السورية حين منع السوريين من دخول حماة. إذن لن تكون أوكرانيا سوريا جديدة لهذه الأسباب.
على الرغم من أن بوتين دكتاتور، وفق المعايير الغربية للتعريف، وعلى الرغم من أنه يرعى دكتاتورا سفاحا في دمشق، يقتل شعبه، ويشاركه القتل ليل نهار، فإن الرجل يراعي المعايير الدولية التي نصت عليها المواثيق في جنيف وبروتوكولاتها الإضافية والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العرفي، بالطبع يتوقف ذلك لو حقق هدفه بتراض بين الطرفين، والهدف بسيط، في حين لم يغيره مستفيدا من حالة التردد والضعف التي يعيشها الغرب، وهو إنشاء منطقة فاصلة بين روسيا وحلف الناتو، وهو ما قد يتحقق بالاعتراف بدونيتسك ولوغانسك وينضمان للاتحاد الروسي، أو بتنصيب حكومة موالية لموسكو بعد اجتياح كييف، وأظن أن الاتحاد الأوروبي الذي صرح بأنه يستطيع عبور "هذا الشتاء" من دون الغاز الروسي، سيفكر كثيرا في فصول الشتاء القادمة.
=============================
سكاي نيوز :كيف تطبق روسيا في أوكرانيا ما جربته في سوريا؟
l 1 مارس 2022 - 13:36 بتوقيت أبوظبي
سكاي نيوز عربية - أبوظبي
يتابع السوري أحمد راكان من خيمة بالجيب الذي تسيطر عليه المعارضة في بلاده، أنباء الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، وذلك بعد عامين على تدمير منزله بغارة جوية روسية في هجوم شنه الجيش السوري بدعم عسكري من موسكو، مما أجبره وآلاف السوريين على مغادرة الديار.
وفي رسالة وجهها إلى المدنيين الأوكرانيين الذين يتعرضون حاليا للقصف الروسي، قال راكان: "نحن نشعر أكثر من أي شخص آخر بألمكم".
فعلى مدار 7 سنوات، عايش سوريون مثل راكان قوة روسيا العسكرية مباشرة، عندما كانت تضرب معاقل المعارضة، وتتوسط في صفقات استسلام جماعية، وتنشر الشرطة العسكرية في أنحاء سوريا.
الحرب النفسية .. الذراع الخفية للصراعات
ويقول مراقبون إن التدخل العسكري الروسي في سوريا، شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ومنحه موطئ قدم في الشرق الأوسط، مكنه من تأكيد القوة العسكرية الروسية، ومهد الطريق لغزو أوكرانيا.
ويقول إبراهيم حميدي، الصحفي السوري والمحرر الدبلوماسي للشؤون السورية بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "مما لا شك فيه أن تدخل روسيا في أوكرانيا جاء نتيجة تراكم سلسلة من التدخلات العسكرية لموسكو في جورجيا عام 2008، وشبه جزيرة القرم عام 2014 وسوريا في 2015. بوتن يعتقد أن دور أميركا يتراجع ودور الصين يتزايد، وأن أوروبا منقسمة ومنشغلة بمخاوفها الداخلية، لذلك قرر التدخل".
عندما قررت روسيا عام 2015 الانضمام إلى الحرب في سوريا، كان ذلك أول عمل عسكري لها خارج الاتحاد السوفيتي السابق منذ انهياره، وهي العملية التي حولت دفة الحرب لصالح الرئيس السوري بشار الأسد، مما مكنه من إعادة فرض سيطرته على مناطق كثيرة من البلاد.
المنهج الروسي
وتقول آنا بورشيفسكايا الزميلة بمعهد واشنطن، إن روسيا استخدمت منهجا "متعدد النطاقات" في سوريا، يشمل أسلحة دقيقة بعيدة المدى وحملات قصف واسعة، إلى جانب الحرب الإلكترونية والإعلامية، ونشر قوات شبه عسكرية.
وتضيف أن استخدام القوة الجوية "بات محددا لأسلوب روسيا المتطور في الحروب، وتعد سوريا مثالا خاصا على هذا التطور".
وأظهرت موسكو أيضا حصافة دبلوماسية في سوريا، حيث وضعت ترتيبات مع الغرب فرضت قبولا ضمنيا لتدخلها. فشكلت دوريات مشتركة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي كانت من داعمي المعارضة السورية، بهدف ضمان استمرار الهدنة في بعض المناطق.
كما أبرمت اتفاقات مع إسرائيل سمحت بتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف على صلة بإيران في سوريا، وحددت "خط عدم التضارب مع أميركا"، لمنع وقوع صدامات بين الطائرات الأميركية والروسية في الأجواء السورية.
القوة الناعمة
وفي الداخل السوري، أطلقت روسيا حملة "القوة الناعمة"، فأقامت مهرجانات لنشر الثقافة الروسية، وبثت الأناشيد الوطنية الروسية على شاشات التلفزيون السوري، وقدمت وجبات ساخنة للمواطنين.
ويشير "ماكس"، وهو سوري أوكراني مزدوج الجنسية ينحدر من محافظة اللاذقية، إلى أنه عمل لمدة أسبوع على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الحقيقة حول إجراءات "القوة الناعمة" الروسية في سوريا، مع غيره من السوريين الناطقين بالروسية من مكتب في إحدى الجامعات.
وقال إنه شعر بالامتنان مع آخرين في مسقط رأسه عندما تدخلت روسيا عسكريا عام 2015، خاصة مع اقتراب المتطرفين من منطقته.
وقال لوكالة "أسوشيتد برس" في مكالمة هاتفية من أوكرانيا، حيث هو عالق الآن في كييف: "ثم جاء الروس ودفعت الخطوط الأمامية إلى الوراء".
ويعمل ماكس حاليا في منظمة دولية في لبنان، وقد سافر إلى أوكرانيا لتحديث وثائقه الشخصية فعلق هناك بسبب الغزو الروسي، وتحدث شريطة عدم استخدام اسمه الكامل خوفا على سلامته.
والآن لم يعد ماكس يؤمن بالرواية الروسية أو يصدقها، إلا أن الكثيرين في مسقط رأسه بسوريا يدعمون روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وتثير الصور القادمة من أوكرانيا، ومنها صور الفرار الجماعي للمدنيين المروعين، مشاعر متضاربة بين السوريين، إذ يتصاعد الاستياء في إدلب شمال غربي سوريا، وهو آخر معقل تسيطر عليه المعارضة، حيث تستمر الضربات الجوية الروسية حتى الآن.
وفي بيان صدر يوم الاثنين، دان الدفاع المدني المعارض المعروف باسم "الخوذ البيضاء"، الغزو الروسي لأوكرانيا، قائلا: "من المؤلم للغاية أن نعلم أن الأسلحة التي تم اختبارها على السوريين ستستخدم الآن ضد المدنيين الأوكرانيين"، كما عبر عن أسفه لنقص دعم المجتمع الدولي لمحاسبة روسيا على تصرفاتها، سواء في سوريا أو غيرها من الدول.
وقالت بورشيفسكايا إن الدرس الذي خرج به بوتن من سوريا هو أن "الغرب لن يعارض تدخلاته العسكرية".
ونقلت "أسوشيتد برس" عن بورشيفسكايا قولها: "الشهية تأتي مع الأكل، ومع كل تدخل يصبح بوتن أكثر جرأة، وبلغت جرأته ذروتها في المأساة التي نشهدها الآن في أوكرانيا. وكما أن ما حدث في سوريا لم ينته في سوريا، فإن ما يحدث في أوكرانيا لن ينتهي في أوكرانيا".
=============================
الحرة :سوريا والحرب على أوكرانيا.. المنافع والأضرار
ضياء عودة - إسطنبول
28 فبراير 2022
منذ اليوم الأول للغزو الروسي لأوكرانيا، وقبل ذلك بأسابيع، كان الملف السوري حاضرا بصورة مباشرة وغير مباشرة، وفي الوقت الذي ناورت فيه موسكو جواً وبحراً، انطلاقا من قاعدة حميميم بريف مدينة اللاذقية، أطلق النظام السوري مواقف دعم سياسية وإعلامية لحليفه الروسي، وصلت في آخر مراحلها الاثنين إلى الجانب الاقتصادي.
وعدا عن ذلك، تجلّت حالة الربط بين الملفين بسلسلة تقارير نشرتها صحف ووسائل إعلام غربية، بينها "واشنطن بوست"، إذ استذكرت الأيام الأولى للتدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، والقواسم المشتركة التي تجمعه مع غزو أوكرانيا في 2022.
ومع دخول الغزو يومه الخامس، لا تلوح في الأفق أي بوادر تهدئة، وسط مؤشرات على ضربات "قوية" تلقتها موسكو، على الصعيدين السياسي والعسكري، والاقتصادي أيضا، مع افتتاح أسواق الاثنين على تهاوٍ قياسي لقيمة الروبل الروسي أمام الدولار الأميركي.
ويرى مراقبون وخبراء أن "ما بعد غزو أوكرانيا لن يكون كما قبله"، وهو أيضاً ما تؤكده بيانات الدول الغربية ومسؤولي الإدارة الأميركية، فيما يشير محللون سوريون إلى انعكاسات "نفع وضرر" قد تتضح ملامحها على أرض الواقع في سوريا، سواء فشلت الأهداف الروسية أم لم تفشل.
"ربط واستثمار إعلامي"
منذ عام 2015، وحتى الآن، ثبتت روسيا في سوريا "موطئ قدم" كبيرة، وبينما جعلت من نفسها طرفا أساسيا في أي مسار سياسي يؤدي إلى "الحل"، انتشرت عسكريا في مناطق متفرقة، أبرزها قاعدة "حميميم" ومرفأ طرطوس، كما هيمنت على قطاعات اقتصادية رئيسية، بموجب عقود طويلة الأمد.
أما في أوكرانيا فهي تسعى حاليا إلى تحقيق هدفين، الأول نزع السلاح من أوكرانيا من جهة، وإزالة الحكومة المنتخبة من جهة أخرى.
وكان لموسكو، في البلد الأول، حليفٌ على الأرض يتمثل بالنظام السوري والميليشيات المساندة له، سواء التي تتبع لإيران أو غيرها من الميليشيات المحلية، في حين تفتقد في البلد الثاني (أوكرانيا) لأي حليف فعلي، سوى الانفصاليين الذين أعلنوا استقلاهم في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.
وفي موقف لم يكن مستبعداً، لكن الزخم الذي بدا فيه كان لافتاً، أعلن النظام السوري في الأيام الماضية على لسان "كبار مسؤوليه"، دعمه للغزو الروسي لأوكرانيا، وبينما اعترفوا أولاً بـ"سيادة دونيتسك ولوغانسك" اتجهوا في منحى آخر لربط البلدين بمصطلحات تشير إلى "العدو الواحد" وأن ما يحصل هو "تصحيح للتاريخ".
وقال رأس النظام السوري، بشار الأسد الجمعة: "ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي".
وبعد هذه الكلمات التقت زوجته أسماء الأسد بطفلة روسية في العاصمة دمشق ومسؤولين روس آخرين، وقالت في حديث نشرته وكالة الأنباء السورية "سانا": "جنود المؤسسة العسكرية الروسية مع جنود الجيش السوري يقاتلون لحماية سورية وروسيا معا. يقاتلون لتصحيح التاريخ ولتصويب البوصلة نحو الحق".
من جانبها اعتبرت مستشارة الأسد، بثينة شعبان، في مقابلة مع قناة "الإخبارية السورية" الاثنين أن "الغرب لم يلتزم بتعهداته حول توسع الناتو شرقا، ولم يكن لدى روسيا خيار آخر".
وكذلك الأمر بالنسبة للمستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية السورية، لونا الشبل، بقولها لوكالة "سبوتنيك" الروسية، الاثنين، إن "سوريا تدعم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا"، مضيفة: "سوريا ستدعم روسيا للتغلب على العقوبات كما فعلت موسكو مع دمشق".
"انعكاسات متوقعة"
ويدعم بوتين النظام السوري منذ سنوات، ويعتمد الأسد بشكل كبير على روسيا من أجل البقاء، وإعادة إعمار سوريا من الدمار واسع النطاق الذي تعرضت له.
وسبق للنظام السوري أن اعترف باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، اللتين انفصلتا عن جورجيا عقب تدخل عسكري روسي عام 2008، ويعترف بتلك الجمهوريتين بالإضافة إلى روسيا وسوريا كل من نيكارغوا وفنزويلا وناورو وتوفالو.
لكن، ومع العقوبات التي فرضتها الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها، هناك مؤشرات على أن الضرر الذي استهدف القطاع المالي والاقتصادي الروسي ستكون له انعكاسات على النظام السوري.
ويرى الباحث في الشأن الروسي الدكتور نصر اليوسف أن "الوضع السوري بعد هذه المغامرة التي بدأها بوتين دخل في نفق لا نرى ما فيه".
ويقول اليوسف لموقع "الحرة": "روسيا في السنوات السابقة لم تقدم أي تنازلات لأنها عرفت أنها لن تحصل على شيء. إذا كانت تراهن سابقا على إعادة الإعمار فالآن من الذي سيشارك؟ خاصة أن جميع البنوك والشركات الروسية وقعت تحت وطأة عقوبات اقتصادية مشددة".
ومن جهته يعتبر الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، أن "النظام السوري لا يمكنه أن يتخذ موقفا خارج الموقف الروسي مما يحصل في أوكرانيا"، لكون "وجوده مرتبطاً بالحماية الروسية. تصريحاته تصب في اتجاه واحد".
ويقول بربندي لموقع "الحرة": "الأوضاع في روسيا ستضعف النظام السوري أكثر، لأن الأخير يفتقد لأي حماية دولية سوى تلك التي تفرضها موسكو".
لكن، ومن زاوية بعيدة، يرى الدبلوماسي السوري السابق أن مشكلة أوكرانيا "هي مشكلة بين أوروبا وبوتين. الأوروبيون حربهم أكثر لإعادة التوازن مع روسيا".
ولا يعتقد بربندي أن "هناك أحداً له نظرة مستقبلية لإبعاد روسيا عن الملفات العالمية"، مؤكدا: "على المدى القريب (دوليا) لن يضغط أحد على روسيا في سوريا أو مكان آخر في العالم. الهدف الأساسي لأميركا إبعادها عن الصين وليس معاداتها، ونرى أيضا أن التحرك ضد روسيا، أوروبي مدعوم أميركيا، وليس العكس".
ولم تنته الحرب في سوريا حتى الآن، بعد مرور أكثر من عشر سنوات، وإضافة إلى ذلك يوضح ذات المتحدث أنه "لا نستطيع القول: نريد أحداً ليساعدنا دون وجود صوت سوري يطرح مبادرات وأفكار. هذا الصوت غير موجود عمليا".
 "نقاط نفع وضرر"
وفي غضون ذلك يوضح ناصر زهير، الباحث في العلاقات الدولية بمركز جنيف للدراسات السياسية، أن "هناك ارتباطاً كبيراً بين الملف السوري والأوكراني، سواء حدث اتفاق بخصوص أوكرانيا أم لم يحدث".
ويقول زهير لموقع "الحرة": "بعد انتهاء (أزمة) أوكرانيا سيكون هناك تصعيد متوقع في سوريا. سواء روسيا التي تريد فرض سيطرتها على كامل الأراضي، أو أميركا والغرب الذين سيحاولون التضييق على نفوذ موسكو في الشرق الأوسط".
ويؤكد الباحث اعتقاده، أنه "سيكون هناك تصعيد مقبل في سوريا انعكاساً للأزمة الأوكرانية".
وفي المقابل اعتبر مدير العلاقات الحكومية والاستراتيجية في المجلس السوري- الأميركي، محمد غانم أن "ما يجري في أوكرانيا قد يعود بالنفع والضرر على القضية السورية".
ونقطة الضرر تتعلق بأن "المفاوضات الخاصة بتجديد قرار عبور المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا، الذي يتجدد كل ستة أشهر في مجلس الأمن، يمكن أن تتعطل".
لكن غانم يضيف لموقع "الحرة": "يمكن أن تكون هناك فائدة للملف السوري بشكل عام. وهي تتعلق بشكل نهاية الحرب في أوكرانيا، من سيكون الرابح في النهاية".
ويوضح مدير العلاقات في المجلس السوري- الأميركي، أن الروس عندما دخلوا في 2015 وقدموا الدعم دبلوماسيا وعسكريا لنظام الأسد لم يتعرضوا أو يدفعوا أي كلفة، لأن المجتمع الدولي لم يكترث بالشأن السوري.
والآن، يتابع غانم: "هم يدفعون الثمن لأوكرانيا وليس لسوريا. الثمن باهظ إن كان فصل روسيا من نظام سويفت أو العقوبات التي تستهدف المركزي الروسي، وخسارة الروبل نصف قيمته".
ويمكن أن تعود العقوبات بالنفع على سوريا لأن روسيا لم تدفع فيها أي ثمن، بينما تضعه الآن "بسبب مغامراتها العسكرية. الأمر يعتمد على إدارة روسيا للحرب ومقدرة أوكرانيا على الصمود، ونهاية هذه الحرب. إما أن تخرج روسيا منتصرة أو تعود تبعات بوتين عليه بالسوء".
"ما قبل ليس كما بعد"
وعلى مدى السنوات السبع الماضية من عمر الحرب السورية، عملت روسيا على جعل نفسها طرفاً فاعلاً في مختلف الملفات، سواء العسكرة على الأرض أو المسار السياسي كمحادثات "أستانة" أو "سوتشي" واللجنة الدستورية".
وإضافة إلى ذلك سيطرت على قطاعات اقتصادية مختلفة، فيما هيمنت على موانئ وحقول نفط وفوسفات وغيرها، ونشطت مؤخراً في الملف الإنساني، من خلال سعيها لعرقلة دخول مساعدات الأمم المتحدة إلى شمال سوريا ومناطق أخرى في الشرق السوري.
وفي سياق حديثه لموقع "الحرة" يقول غانم: "إذا استمر الضغط الدولي على ما عليه الآن، فإن موقف روسيا عسكريا وسياسيا واقتصاديا لن يكون كما قبل أوكرانيا. هذا الأمر قد يجلعهم أكثر ليناً في شؤون متنوعة في سوريا"، مضيفاً: "أي شيء يضعف روسيا سيعود على سوريا بالنفع".
لكنه في المقابل يشير: إذا استطاع بوتين إدارة الموقف والخروج من الموقف وتحقيق أهدافه في أوكرانيا والخروج من الأزمة بخسائر قليلة، فإن الأمر سيكون كارثة على سوريا، لأنه من الصعب الحصول على أي تنازلات منها في هذا الملف. موقفها دوليا سيكون أكبر بكثير، ومن الصعب أن تكون هناك مقدرة للحصول على أي تنازلات".
وزاد غانم: "الاحتمال المذكور قد يكون الأضعف، وذلك مرده إلى أن العواقب التي اتضحت على الاقتصاد الروسي في الأيام الماضية كبيرة، وكذلك الأمر بالنسبة للتجييش الأميركي والأوروبي. نريد مراقبة الوضع وكيف سيرسو غبار المعركة".
ضياء عودة - إسطنبول
=============================
السورية نت :ما غاب هنا يحضر هناك، أوكرانيا ليست سوريا حتماً
في 28/02/2022
ما زال العالم يقف على قدم واحدة بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وإعادة أوروبا بأكملها إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، بين الصدمة أن روسيا فعلتها حقاً وغزت دولة أخرى بحرب شاملة، وبين من لم يفهم حتى الآن ما حصل ويقرأ في الجيوسياسة الدولية لعله يفهم.
بوتين سيحتل أوكرانيا، باتت هذه حقيقة وربما مسألة وقت فقط، لأن السياق يشير إلى ذلك، روسيا تهجم بكل قوتها وثقلها العسكري، وأوكرانيا تُركت وحدها إلا من بعض المساعدة العسكرية الخجولة والمزيد من العقوبات الاقتصادية متعددة الأطراف، والكثير الكثير من التصريحات التي لن تغير من موازين المعركة. لكن ماذا بعد؟ ما الخطوة الروسية التالية داخل أوكرانيا نفسها؟
مراكز صنع القرار الدولي كانت تعلم بالغزو الروسي لأوكرانيا منذ أشهر، لكنها لم تتحرك بشكل جاد لإيقافه، كانت تملك كل الوقت لردع روسيا عندما كانت الحرب مجرد فكرة في عقل بوتين، كان لدى العالم الوقت لتسليح أوكرانيا بشكل يجعل من مغامرة روسيا في الأراضي الأوكرانية أقرب للكوابيس، لكن أحداً لم يفعل.
إنه الفخ الذي رُسم لروسيا لتدخل غياهب أوكرانيا الموحشة، وتضع نفسها بنفسها في الزاوية الصعبة. ما ينتظر روسيا داخل أوكرانيا يؤكد فعلًا أن بوتين لم يتعلم من الدرس السوري أبداً.
أظهر الشعب الأوكراني مقاومة شرسة في الدفاع عن أرضه، وتضامنت العديد من شعوب العالم في دعمهم، وأبدت دول عديدة الاستعداد لتزويدهم بالأسلحة. ألا يذكركم هذا بشيء؟ إنه السيناريو السوري الذي انخدع بوتين فيه بانتصار وهمي، لكن الاختلاف أكبر كثير والتكلفة التي ستدفعها روسيا في أوكرانيا أكبر بكثير.
في سوريا لم تخسر روسيا كثيراً، فقد دفع جنود النظام والميلشييات الموالية لهم الثمن عسكرياً، ودفع الشعب السوري الثمن اقتصادياً، بينما ربحت روسيا النفوذ والسلطة، ومازال المستقبل السوري غامض وسط استنزاف أمني وعسكري واقتصادي يعانيه النظام. أما في أوكرانيا، فإن روسيا تدفع الثمن عسكرياً واقتصادياً بشكل مباشر، والمستقبل يبشر باستنزاف عسكري وأمني طويل الأمد.
في سوريا، كانت روسيا تمهد للنظام السيطرة على الأرض ثم تتركه ليواجه العواقب الأمنية والأعباء الاقتصادية والاجتماعية. أما في أوكرانيا، فإن روسيا من ستواجه مرحلة ما بعد السيطرة العسكرية، وجنودها على الأرض من سيواجه المقاومة الأوكرانية التي تبدو جاهزة لحرب استنزاف أمنية طويلة الأمد. بينما اقتصادياً واجتماعياً لا نعلم من أين ستبدأ روسيا لملمة خسائرها في ظل حزمة عقوبات وقطيعة اقتصادية دولية لم تواجهها من قبل.
في سوريا، فرضت روسيا التسويات وما أسمتها بـ “المصالحات” في مناطق عديدة، واعتبرتها إنجازاً لدورها، ظناً منها أن دمية قصر المهاجرين استعاد نفوذه وسلطته، بينما في الواقع فلا المصالحة وقعت ولا المقاومة انتهت بينما الدماء تُراق على الطرقات، ولأن بوتين لم يتعلم من الدرس السوري، يبدو أنه يفكر بذات العقلية في أوكرانيا ويخطط لحكومة دمى موالية له في كييف ثم يحاول فرضها وإقناع الشعب بها ويظن أن الأمور ستنجح فعلًا!
في سوريا، عجزت روسيا عن فرض سيطرة كاملة، بينما تحابي أمريكا والأكراد شرقاً وتركيا شمالاً والأردن جنوباً، بينما إسرائيل تسرح وتمرح في كل الجغرافيا السورية، فلا نعلم كيف يفكر بوتين في حلحلة الوضع في أوكرانيا وهو يقف على حدود الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يحشد قواته ويفعل خططه الدفاعية.
في سوريا، اكتفت روسيا بقاعدة عسكرية واحدة لتفرض النفوذ في الجو، بينما في أوكرانيا فإن “الستنغر” في انتظار الطائرات الروسية.
أوهم العالم بوتين ومن معه بانتصار في سوريا، فأصابت العنجهية قيصر الكرملين، وبات يبحث عن استعادة أمجاد السوفييت التي دفنها الأوروبيون منذ عقود، تورطت روسيا في أوكرانيا، ولعل خسارتها لن تتوقف هناك فقط وبات الوقت واقعًا لتخسر معركتها في أوكرانيا وانتصارها الوهمي في سوريا.
=============================
المدن :هل توقف أوكرانيا جنوج بوتين الجنوني في سوريا؟
العقيد عبد الجبار العكيدي|الأحد27/02/2022شارك المقال :0
ربما كان تاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2015، تاريخ التدخل العسكري الروسي في سوريا، مفصلاً حاسما ليس على القضية السورية فحسب وإنما على السياسة الروسية حيال الغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص، ذلك أن التفويض الذي منحه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاستفراد بالملف السوري واستباحة الجغرافيا السورية، كان له كبير الأثر في تعزيز القناعة لدى بوتين بأن هشاشة الموقف الأميركي يجب استثماره جيداً، وقد مهد لهذه الهشاشة موقف الإدارة الأميركية ذاتها من استخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوي ضد المدنيين السوريين، فالصفقة التي جرت بين بوتين وأوباما في آب/أوغسطس عام 2013، ربما فاجأت الرئيس الروسي، لجهة سلاسة وليونة الموقف الأميركي.
الخطاب الدولي العام الآن حول الصراع في أوكرانيا بات يستحضر جرائم بوتين في الشيشان وحلب كنموذجين مأساويين لما يمكن أن يعانيه الشعب الاوكراني في حال انتصار بوتين، وهذا له دلالة على عدالة القضية السورية، ويدحض كل الأكاذيب والذرائع الروسية حول محاربة الإرهاب، ويعيدنا بالذاكرة إلى مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في شباط/فبراير 2016، إبان العدوان الروسي الغاشم على مدينة حلب قالت فيه: "إذا سقطت حلب فإن الحرب الشرسة في سوريا ستأخذ منعطفاً جديداً تماماً، فسقوطها سيؤدي إلى عواقب سيئة بعيدة المدى، لن تنعكس فقط على المنطقة، بل على أوربا أيضاً"، منذ ذلك الحين لم تعد استباحة الدم السوري من جانب الروس تثير أي إشكالية بالنسبة إلى الإدارة الأميركية والغرب عموماً.
طموحات الروس لم تكن تنظر إلى سوريا على أنها بؤرة مصالح اقتصادية وعسكرية فحسب، بل مساحة جديدة يمكن لبوتين أن ينطلق منها لمواجهة الغرب، فالروس يتطلعون إلى دور أكبر من سوريا، وربما ما يجمع بين المسالتين السورية والأوكرانية بالنسبة إلى روسيا هو أن المنطقتين تُعتبران ساحة صراع يمكن الانطلاق منها لمواجهة خصم أكبر، ذلك أن مواجهة هذا الخصم (أميركا) تستدعي بالضرورة وفقاً للروس إيجاد مناطق نفوذ واسعة في العالم توازي طوح بوتين الذي لا يرمي للارتقاء بروسيا الاتحادية كدولة ذات نفوذ قوي في المنطقة فحسب، بل ربما بات طموحه يسترد من مخيلته كل الصور الموروثة عن الإمبراطورية الروسية السابقة (الاتحاد السوفياتي).
الغزو الروسي لأوكرانيا، أدى إلى خلط الأوراق في المشهد الدولي ودخول العلاقات الدولية في أزمة سياسية مع روسيا، سيكون لها تأثير كبير على إعادة فرز المواقف والتحالفات الإقليمية والدولية، ولا شك أنه سيكون لها تداعيات على القضية السورية من جوانب عديدة أهمها:
أولاً، أن تطورات الحدث الاوكراني وما سيؤدي اليه الغزو الروسي سواء من حيث نجاحه في تحقيق أهدافه أو حال فشله، سيكون له ارتدادات كبيرة على الدور الروسي في سوريا، بمعنى أن نجاح الروس في فرض واقع جديد في أوكرانيا وشرق أوروبا سيمنحهم المزيد من أوراق القوة المتعلقة بسياساتهم الحالية والمستقبلية تجاه سوريا، بالمقابل فإنه في حال فشل روسيا وإخفاقها في مواجهة الدول الرافضة لتدخلها في أوكرانيا أو محاصرتها بحزمة العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عليها سيؤدي ذلك إلى ضعف قوة تأثيرها في الورقة السورية.
ثانياً، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والمتغيرات الدولية والإقليمية التي ستنجم عنه سنرى متغيرات ذات صلة بالوضع السوري بحكم اختلاف مواقف الفاعلين الدوليين والإقليميين المعنيين بالملف السوري تجاه هذا الغزو، وهذا يضعنا أمام تساؤلات جديدة حول مدى استمرار التفاهمات الروسية التركية من جهة، والتفاهمات الأميركية الروسية الإسرائيلية من جهة أخرى.
ثالثاً، يكشف الصراع القائم الآن بين روسيا والغرب عن إمكانية تبلور فرضيات جديدة سيكون لها تأثيرات مباشرة على علاقة هذه الأطراف بالملف السوري وبالعملية السياسية التي تشكل روسيا أحد مفاتيحها الأساسية، ولذلك علينا توقع عدة سيناريوهات في هذا السياق:
- استمرار استعصاء العملية السياسية وممانعة الدور الروسي الضاغط لإنجاز حل سياسي يحقق مصالح روسيا ويُبقي على نظام الأسد، وهذا السيناريو سيتوقف على كيفية تعامل الغرب مع الحدث الأوكراني، فكلما كانت المواقف حازمة وصلبة تجاه روسيا فإن هذا يمكن أن يكون عامل إضعاف للدور الروسي في سوريا.
- السيناريو الآخر، الوصول إلى تفاهمات وتسويات جديدة مع روسيا يكون ثمنها إطلاق اليد الروسية في سوريا مقابل ضبط الدور الروسي في شرق أوروبا والبلقان.
وبالعودة إلى السؤال المحوري الذي لا يفارق أذهان السوريين: هل سيكون لما يجري في أوكرانيا ارتدادات مباشرة على القضية السورية؟
يمكن التأكيد على أن مسعى الروس في سوريا وأوكرانيا قد يتقاطع في جانب مهم وهو أن المسالتين بالنسبة إلى روسيا هي جولة من معركة طويلة مع الغرب وتعتبر فصلاً من فصول الصراع معه وليس الصراع كله، ومن هنا يمكن التساؤل هل بمقدور الولايات المتحدة ومن خلفها أوروبا إجبار روسيا على إعادة النظر باستراتيجيتها في هاتين المسألتين؟ وهل ستنجح واشنطن في تقويض الطموح البوتيني في استعادة امجاد القوة السوفياتية. وهذا بالطبع يتوقف على استراتيجية الردع لدى واشنطن وحلفائها الغربيين.
بالنظر إلى المعطيات الراهنة وكذلك بالاستناد إلى المواقف المعلنة لكل العواصم الغربية يتبين أن كل أساليب الردع المزمع اتخاذها ضد بوتين لا تتجاوز العقوبات الاقتصادية بشتى أشكالها، مع التأكيد على استبعاد الجانب العسكري في مواجهة روسيا، ولكن اجتياح القوات الروسية لأوكرانيا قد وضع العالم الغربي بمجمله أمام امتحان استراتيجي، ربما يجعله أمام خيارات وتحديات أخرى في حال لم يجد جدوى ملموسة لهذه العقوبات، ربما تكون الأرض السورية أحد هذه الخيارات، وساحة مناسبة للجم التمرد الروسي، ومجالاً لمواجهة غربية له من جديد، حيث أن إمكانية هذه المواجهة ما تزال متاحة إذا ارادت واشنطن استثمارها وعلى أكثر من مستوى.
فعلى المستوى العسكري، الأمر لا يحتاج سوى إعادة الدعم لفصائل الجيش الحر وتزويده ببعض الأسلحة النوعية المضادة للطيران (ستنغر)، والدروع (تاو)، والطائرات المسيرة، وصواريخ غراد، لإمطار قاعدة حميميم التي تعتبر نقطة ضعف أكثر منها قوة، والواقعة ضمن المدى المجدي لمدفعية وصواريخ الجيش الحر، ما يساعد على ذلك جغرافية المنطقة وتضاريسها الجبلية التي تسهل عملية الوصول اليها.
وعلى مستوى النفوذ الجغرافي، فان واشنطن تضع يدها على بقع من الجغرافيا السورية تعتبر الأغنى اقتصاديا بل هي غلة الاقتصاد السوري، فهي تسيطر على النفط والمياه والسلة الغذائية.
وعلى الصعيد الإقليمي، بإمكان واشنطن تمتين أواصر علاقاتها مع أنقرة التي لها مناطق نفوذ واسعة في الشمال السوري، وتعزيز علاقاتهما التقليدية وابعادها عن الابتزاز الروسي.
وعلى الصعيد السياسي، يمكن للولايات المتحدة وحليفها التركي أن تمارس تأثيراً كبيراً على كيانات المعارضة السورية السياسية والعسكرية ونسف كل ما بناه الروس سواء على مسار أستانة وسوتشي، أو مسار اللجنة الدستورية، وبالتالي تستطيع الولايات المتحدة إن أرادت أن تجعل روسيا هي المحاصرة في سوريا، وأن تجعلها تعيد التفكير جدياً بكيفية الخروج من المستنقع السوري.
اليوم وبعد أن دمر الدب الروسي سوريا، وغضّ العالم الطرف عن جرائمه التي راح ضحيتها عشرات الآلاف وملايين المهجرين والنازحين، ها هو المجتمع الدولي يدفع ثمن صمته وتواطؤ البعض منه مع روسيا، ولو كان هناك موقف دولي حازم من تدخله في سوريا لما تجرأ بوتين على مجرد التفكير بغزو أوكرانيا.
ولعل الأزمة الأوكرانية الراهنة تثير في أذهان الإدارة الأميركية نزعة نحو مراجعة مواقفها السابقة وخصوصاً بما يتعلق بالمسالة السورية، لتعيد السؤال: هل النأي عن القضية السورية كان صائباً؟ ألم يكن إفساح المجال لبوتين ليجعل من الأرض السورية ميداناً لتجريب صناعاته الحربية وتدريب عشرات الالاف من جنوده وطياريه، في قتل الشعب السوري، خطأً استراتيجياً فادحاً، أدى الى جموح بوتين الجنوني؟
=============================
الاهرام :أوكرانيا مقابل سوريا!
مرسى عطا اللهطباعة المقال
أعتقد أن الوقت مازال مبكرا لفهم ما يجرى بشأن الأزمة الأوكرانية وحتى لو كان بالإمكان عرض بعض وقائع الأزمة والاجتهاد فى تحليل دوافعها فإن من الصعب حتى هذه اللحظة استخلاص نتائج محددة ومؤكدة تساعد على معرفة ما هو محتمل حدوثه فى المنظور القريب أو على المدى البعيد.
لكن المفاجأة جاءت على سطور مقال بالغ الأهمية نشرته قبل أيام صحيفة البعث السورية الرسمية تحت عنوان مثير: «أوكرانيا مقابل سوريا.. صفقة رفضها بوتين».
ولأن الصحيفة هى لسان حال النظام الحاكم فى دمشق ولا يمكن أن يصدر عنها رأى لا توافق عليه ثنائية الحكومة والحزب فى سوريا.. ولأن علاقات سوريا مع روسيا تجاوزت فى عمق ارتباطاتها مجرد وصفها بأنها علاقات استراتيجية فقط ومن ثم لا يمكن للصحيفة الرسمية فى دمشق أن تنسب شيئا لرجل الكرملين القوى دون موافقة موسكو.. ولأن.. ولأن.. ولأن... كان ينبغى التوقف بالتأمل أمام كل كلمة وردت فى هذا المقال المثير.
وحسب ما قالته صحيفة البعث فإن سوريا تقع فى عمق ما تشهده الجبهة الأوكرانية حاليا من تصعيد وحرب محتملة خاصة فى ظل التسريبات التى تفيد بأن الأمريكيين كانوا يفاوضون الروس خلال الأسابيع الماضية على أن تكون أوكرانيا مقابل سوريا.
وأوضحت صحيفة البعث أنه وبحسب التسريبات الأمريكية فإن واشنطن عرضت على موسكو إنهاء التزاماتها مع سوريا ومغادرة الملف السورى نهائيا مقابل تعهد الأمريكيين بأن تكون أوكرانيا تابعة سياسيا بالمطلق لموسكو.
وطبقا لرواية البعث السورية فإن واشنطن تعهدت لموسكو أيضا بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف الأطلنطى والسماح لموسكو بإعادة تشكيل النظام السياسى فى أوكرانيا بما فيه الرئيس وفق ما تراه موسكو مناسبا لمصالحها.
ومضت صحيفة البعث قائلة: إن التسريبات ذاتها تقول إن موسكو رفضت العرض الأمريكى وأبلغت واشنطن أنها متمسكة بأوكرانيا ومتمسكة بالتحالف مع سوريا والنظام السياسى لبشار الأسد.. بل إن الرئيس بوتين ذهب إلى أبعد من ذلك وأرسل أحدث المنظومات القتالية إلى قاعدة حميم السورية وأتبع ذلك بإيفاد وزير الدفاع الروسى سيرجى شويغو إلى دمشق للقاء الأسد.
....
انتهت سطور المقال اللغز المثير فى صحيفة البعث السورية الرسمية ولا أظن أننى بحاجة إلى أن ما قيل إنه تسريبات أمريكية علمت بها دمشق أمر لا يقبله العقل والمنطق وأغلب الظن أنها تسريبات روسية عبر الصحيفة السورية لأهداف ومقاصد أوروبية وشرق أوسطية من خلال الإيحاء بأن أمريكا لا يهمها سوى مصالحها فى المقام الأول حتى لو كان ذلك على حساب أقرب حلفائها فى أى مكان فى العالم!
خير الكلام:  الأشرار... حديثهم شىء وحقيقتهم شىء آخر!
=============================
الشرق الاوسط :(تحليل سياسي) سوريا «رهينة» المغامرة الأوكرانية
السبت - 25 رجب 1443 هـ - 26 فبراير 2022 مـ رقم العدد [ 15796]
لندن: إبراهيم حميدي
لا مبالغة في القول إن سوريا ستكون بين الأكثر تأثراً من الهجوم الروسي على أوكرانيا ومآلاته العسكرية والسياسية، سواء نجح الرئيس فلاديمير بوتين في إجراء تحول كبير في الميدان و«تغيير النظام» في كييف، أو غاص في «المستنقع الأوكراني» وووجهت قواته بمقاومة داخلية أو بدعم سري من دول «حلف شمال الأطلسي» (الناتو) عبر الحدود البولندية.
في الأصل، كان هناك رابط دائم بين الملف السوري وأزمات أخرى، مثل ليبيا وناغورنو قره باخ، في السنوات الأخيرة، باعتبار أن «اللاعبين» هم أنفسهم خصوصاً تركيا وروسيا. وكثيراً ما كان الطرفان يتبادلان الضربات في جبهة لإيصال «رسائل» في جبهة أخرى لإنجاز مقايضات جيوسياسية. لكن الرابط العسكري الأوضح هو بين أوكرانيا وسوريا، وهنا بعض الأسباب:
أولا، الأسد - يانوكوفيتش: بعد هروب الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا في فبراير (شباط) 2014، رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «الثورة الملونة» بضم شبه جزيرة القرم في مارس (آذار) من العام نفسه. كما أن موسكو طلبت من دمشق التشدد في عملية السلام في جنيف التي كانت تجري برعاية الأمم المتحدة وعدم المرونة أمام طلبات «الثورة الملونة» في سوريا. وفي أحد الاجتماعات، أبلغ الرئيس بشار الأسد نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف أنه لن يكون مثل يانوكوفيتش الذي هرب خلال أيام، بل قرر «البقاء والصمود».
ثانياً، التدخل العسكري: بعد اعتراض موسكو على التدخل الغربي في العراق وليبيا، وبناء على طلب سري من موفد الأسد إلى الكرملين وطلبات أخرى من طهران في 2015، قرر الرئيس بوتين الانخراط العسكري في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015 لوقف انتكاسات القوات السورية ومنع «تغيير النظام». في المقابل، حصلت روسيا على امتيازات عسكرية كبيرة أهمها تأسيس قاعدة عسكرية دائمة في حميميم بريف اللاذقية وقاعدة بحرية في ميناء طرطوس.
لم تقلب روسيا ميزان القوى العسكرية في سوريا بحيث ارتفعت حصة القوات النظامية من السيطرة على الأرض من 10 في المائة إلى 65 في المائة وحسب، بل إن الجيش الروسي استعمل الأراضي السورية مختبراً لتجربة 350 نوعاً من المعدات والأسلحة العسكرية في المعارك. ولوحظ أن مشاهد بعض المعارك في أوكرانيا حالياً تشبه إلى حد كبير مشاهد المعارك في وسط سوريا وغربها في 2016.
ثالثاً، المياه الدافئة: وجود روسيا على مياه البحر المتوسط، كان حلماً قيصرياً روسياً قديماً، تحقق بتحويل ميناء صغير في طرطوس إلى قاعدة بحرية وإقامة قاعدة عسكرية قرب حدود «الناتو» في تركيا. وأبرز استعراض لهذا «الإنجاز الاستراتيجي» كان عشية بدء الهجوم على أوكرانيا، إذ جرت أكبر مناورات بحرية في البحر المتوسط الذي كان يشهد مناورات لـ«الناتو». يضاف إلى ذلك، أنه قبل المناورات زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قاعدة حميميم والتقى الأسد، وكانت هذه إشارة واضحة إلى أن موسكو باتت تعتبر سوريا «امتداداً لأمنها القومي».
رابعاً، إشارات رمزية: لم تكن صدفة أن يكون وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في موسكو، يوم اعتراف بوتين بـ«استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك»، الذي اعتبره المقداد منسجماً مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ولاحقاً، أشاد الأسد بالهجوم على أوكرانيا باعتباره «تصحيحاً للتاريخ» بعد «تفكك الاتحاد السوفياتي». وكانت سوريا أيضاً وقعت اتفاقات لربط ميناء اللاذقية بشبه جزيرة القرم، واعترفت بجمهوريات انفصالية كثيرة تدور في فلك موسكو، وكلها إشارات إلى أن سوريا «جزء من العالم الروسي» الذي يريده بوتين.
خامساً، رأس حربة: تعتبر موسكو قاعدة حميميم التي تضم منظومات صواريخ «إس 400» و«إس 300»، رأس حربة في المواجهة مع «الناتو» الذي يقيم قاعدة في انجرليك جنوب تركيا. واستطاع بوتين كسب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، المصاب بخيبة من السياسة الأميركية ودعمها للأكراد شرق سوريا، إلى جانبه. وأوضح مثال على ذلك، أن أنقرة رفضت إغلاق ممر البوسفور أمام مرور السفن العسكرية الروسية باتجاه السواحل الجنوبية لأوكرانيا. في المقابل، رفض شويغو طلباً سورياً خلال زيارته الأخيرة بإعطاء الضوء الأخضر لهجوم شامل في إدلب، حسب معلومات.
سادساً، «القبة الحديدية»: الحذر في التعاطي مع الهجوم الروسي في أوكرانيا، لم يكن تركياً فقط، بل إن إسرائيل كانت حذرة بدورها، حيث أفادت تقارير عن عدم تقديم تل أبيب دعماً عسكرياً لكييف خوفاً من إغضاب بوتين وتقييد أيدي إسرائيل في غاراتها على «مواقع إيرانية» في سوريا، خصوصاً وسط تقارير عن احتمال أن يكون إحدى ثمار الحرب الأوكرانية تقارب إضافي روسي - إيراني.
سابعا، خطوط التماس: لم تتغير «الحدود» بين مناطق النفوذ السورية الثلاث خلال سنتين، لكن المواجهة الأوكرانية تطرح أسئلة عن إمكانية تعرضها لاختبارات كثيرة. واشنطن أعلنت أن اتفاق «منع الصدام» بين الجيشين لا يزال قائماً. وموسكو رفضت طلب دمشق شن هجوم على إدلب. لكن لا شك أن مستقبل هذه «التفاهمات» مرتبط بمسار الأوضاع في أوكرانيا ومدى قدرة موسكو وواشنطن على عزل المسارات بين الملفات المختلفة. وينطبق هذا أيضاً على تفاهم البلدين على قرار المساعدات الإنسانية عبر الحدود وتمديده.
ثامناً، ثمن اقتصادي: لا تقتصر آثار الرياح الأوكرانية على البعد العسكري والسياسي في سوريا، بل هناك آثار اقتصادية كثيرة، خصوصاً أن دمشق تعتمد بشكل كبير على الدعم الغذائي والنفطي من موسكو لمواجهة العقوبات الغربية عليها. موسكو في الأيام المقبلة، مشغولة جداً بملفها الساخن، لذلك لم يكن أمام دمشق سوى اتخاذ قرار بـ«شد الأحزمة» أمام تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية.
لا شك أن مستقبل «خطوط التماس» ووقف النار والمساعدات الإنسانية والغارات الإسرائيلية والأوضاع الاقتصادية، بات مرتبطا بمآلات شرق أوروبا... كأن سوريا أصبحت «رهينة» مغامرة بوتين في أوكرانيا.
=============================
عنب بلدي :وكرانيا.. رجل أعمال من أصل سوري يشكل كتيبة لقتال الروس
 27/02/2022
شكّل رجل الأعمال الأوكراني من أصل سوري طارق الجاسم، كتيبة عسكرية مسلحة من ماله الخاص، لمحاربة الروس في أوكرانيا.
وانتشر يوم السبت 26 من شباط، على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل مصور يظهر فيه الجاسم، وهو ينحدر من ريف حلب، ومن خلفه مجموعة من أفراد الكتيبة التي شكلها.
ووجه الجاسم في التسجيل المصور، رسالة إلى الشعب الأوكراني، “أعزائي الأوكرانيين.. أعزائي أبناء مدينتي أوديسا أنا موجود ولم أغادر، وسنقوم بالدفاع عن أرضنا”.
وتابع الجاسم، “روسيا دمرت بلدي الأم، ولكن لن أسمح لها بتدمير أوكرانيا، وهؤلاء الرجال مستعدون أيضًا”.
وهتف في نهاية المقطع المصور “فلتحيا أوكرانيا – أوكرانيا البطلة”.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن بدء عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا بعد اعترافه رسميًا باستقلال كلًا من منطقتي لوغانسك ودونيتسك قبل أيام.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” إنه بينما تقول روسيا إن ضرباتها لم تستهدف المدنيين، فإن المشاهد من مدن أوكرانيا تكشف روايات معاكسة تمامًا.
ولا يزال العدد الإجمالي للضحايا المدنيين في أوكرانيا غير واضح مع عدم وجود أرقام شاملة صادرة عن الحكومة الأوكرانية، وقال الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، إن 137 شخصًا على الأقل، من المدنيين والعسكريين قتلوا في الهجمات الروسية.
ودعا الرئيس الأوكراني مواطني أوروبا القادرين على حمل السلاح للتوجه إلى أوكرانيا لمواجهة الروس.
وكانت السفارة الأوكرانية في إسرائيل نشرت بيانًا عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك“، أعلنت فيه عن تشكيل قوائم للتطوع في القتال ضد روسيا.
وقالت السفارة في منشورها، “إلى أبناء الوطن الأعزاء، الإخوة وجميع المواطنين الإسرائيليين المهتمين وأبناء الدول الأخرى الموجودين حاليًا في إسرائيل، بدأنا في تشكيل قوائم المتطوعين الذين يرغبون في المشاركة في الأعمال القتالية ضد المعتدي الروسي”.
وأرفقت السفارة بريدًا إلكترونيًا لخدمة “المتطوعين للدفاع عن سيادة أوكرانيا” لتسجيل أسمائهم.
وتسعى ألمانيا وهولندا وبلجيكا والولايات المتحدة لتزويد أوكرانيا بالسلاح، إذ أعلنت واشنطن تخصيص 600 مليون دولار لدعم أوكرانيا عسكريًا.
=============================
اورينت :احتلال أوكرانيا وتحرير سوريا ونهاية بوتين
فواز تللو | 2022-02-25 07:00 بتوقيت دمشق
أساطير عربية وسورية نسمعها بغزارة عن أوكرانيا، كما سبق سمعناها ولا زلنا عن سوريا من إخباريات ومحلليها وضيوفها، كما يتركز التحليل حول اللحظة الراهنة مع قفز الجميع عن ردود الفعل والتغييرات الإستراتيجية المتوقعة لما يجري في أوكرانيا، وتأثيره على العالم ومن ذلك تأثيره في سوريا، لذلك فإن تلك الأساطير التي تشوش الصورة لدى الجمهور والتأثيرات الإستراتيجية المتوقعة هي محور هذا المقال .. لذلك وللعلم:
ما يجري في أوكرانيا منذ عام 2014 (احتلال القرم التي هجّر الشيوعيون معظم سكانها المسلمين سابقاً، وتمرّد إقليمين شرقها يسكنهما كما القرم (مع الأوكرانيين) روس مستوطنون هناك منذ العهد الشيوعي، ما يجري في أوكرانيا ليس حرباً أهلية بل عدوان من قبل سلطة غير شرعية شرق أوكرانيا قامت بدعم لا محدود من سلطة مافيوية روسية للاعتداء على حرية بلد مستقل تحت سلطة شرعية منتخبة، أساطير تقارب تشبيه ثورة سورية الشرعية في وجه سلطة غير شرعية تتلقى الدعم من نفس الجهة المافيوية الروسية؛ تشبيهها بحرب أهلية.
أمريكا لا تريد توريط بوتين بغزو أوكرانيا لاستنزافه بل ترغب وبشدة في منعه لكن دون تقديم تنازلات إستراتيجية له في ما يتعلق بانتشار الناتو والأسلحة الإستراتيجية، لكن إن فعلها وغزا أوكرانيا فحرب استنزاف ستنتظره حتماً كنتيجة لغزوه لا كهدف.. تماماً كما لم تورّط أمريكا بوتين في سوريا لاستنزافه كما تقول الأسطورة، فالروس لا يخسرون شيئاً في سوريا بل يربحون الكثير، كما إن أوباما تجاهل الأمر (وربما أعطى الموافقة للروس) رغبة بإنقاذ مشروع حليفه ملالي فارس في سوريا، وبالتالي إنقاذ النظام الأسدي الطائفي غير الشرعي، ولم يقدّم ومن خَلَفوه (ترامب وبايدن) على أي عمل حتى اللحظة لاستنزاف الروس في سوريا بعكس ما تقول الأسطورة.
أمريكا لا ترغب بترهيب الأوكرانيين من احتلال أو سيطرة للروس أو عملائهم بهدف إيجاد مبرر لتسليح أوكرانيا كما تقول الأسطورة، بل تعطيها السلاح اليوم بمقدار ونوعيات محدودة محسوبة بحدّها الأدنى حالياً، بما يعينها على بعض الدفاع عن النفس لكي لا يكون الغزو وما سيليه من مقاومة طويلة سهلاً، فمن السذاجة تصوّر أن الغزو الروسي بعملائه يمكن مواجهته بمظاهرات سلمية .. أما في سوريا فأمريكا لم تسلّحنا يوماً "لكي تُفسد الثورة السلمية" كما تقول الأسطورة، بل بالعكس مارست أمريكا حظراً صارماً على تسلّحنا انصاع له كل حلفائنا، واستثنيت شحنات تافهة من مضادات الدروع (تاو) كذرّ للرماد في العيون بشكل لا يؤثر أبداً على النظام وحلفائه الروس وملالي إيران، تماماً مثلما أن نظام القرداحة كان همه منع وصول أي سلاح لأيدينا منذ أشهر سبقت الثورة حتى لو كان بندقية صيد، بعكس ما تقول أسطورة "الكيوت" الذين يختصرون الثورة ورموزها بهم، وبكم حركة ومظاهرتين، بينما عددهم بالكاد يملأ بضع حافلات وشهداؤهم بعدد ركاب حافلة صغيرة ومعتقلوهم بالكاد يملؤون حافلة، وإنجازاتهم حبّة رمل في جبل الثورة وتضحياتها.
كل المباحثات التي جرت حتى الآن فشلت في كبح هوَس بوتين بالسيطرة بعكس أسطورة الإعلام العربي وجهابذة محلليه بعد كل اجتماع سابق (بما فيها اجتماع المستشار الألماني شولتز ببوتين قبل أيام كما رددت بعض الإخباريات العربية ومراسلوها قبل أيام).
وبالنتيجة، فإن توسع وإرهاب بوتين ليس توريطاً مرغوباً ومدفوعاً من قبل أمريكا كما تقول الأسطورة، ولن يتوقف عند أوكرانيا، وفعله ليس ذكاء وقوة كما نسمع من جهابذة التحليل، بل فعله هو إجرام وحماقة مغرور مهووس سيواجه عواقبها بتدمير مشروعه بحرب باردة طويلة ستجبر عليها أمريكا وأوروبا وليست ساعية لها كما تقول الأسطورة، وسنستفيد نحن منهما؛ أي حماقة بوتين والحرب الباردة عليه، فلا داعي للّطم والعويل مما سيجري كما يزعق أصحاب الأسطورة في كل المنابر وكأن الحرب القادمة على عتبة بيتهم متباكين بسذاجة على السلام العالمي الذي ننعم به!!!، وربما كان ما سيجري في أوكرانيا وما سيليها (وهو غالباً كذلك برأيي) خيراً يخلّص العالم من دولة نظام المافيا التوسعي الإرهابي البوتيني الروسي الجديد الداعم لكل استبداد في العالم.
يقودنا هذا وبعيداً عن الأساطير إلى استشراف ما سيجري على المستوى الإستراتيجي، وهو موضوع القسم الثاني من هذا العرض:
1. بوتين حتماً سيغزو أوكرانيا أو سيبدأ الروس حملة قصف مركز لتدمير الدفاعات والجيش الأوكراني ليقوم متمرّدون أوكرانيون مزعومون (معظمهم مرتزقة وجنود روس) باحتلال العاصمة كييف تمهيداً لإعلان حكومة أوكرانية عميلة لبوتين هناك، وسيعترف الروس بها ولن نسمع عن جندي روسي هناك مع أنهم في كل زاوية، وسينسحب الروس من الحدود .. الغزو (أو السيطرة تحت قناع متمردين) ستجري خلال أيام او أسابيع وربما قبل أو بُعَيد إدراج هذا المقال للنشر.
2. بعد أوكرانيا سيأتي دور دول البلطيق الثلاث (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) بحجج وسيناريوهات مختلفة لتنصيب حكومات عميلة، وقد يتطلب الأمر بضع سنوات لا أكثر كما أعتقد.
 3. الرد الأمريكي والأوروبي المباشر سيكون بعقوبات اقتصادية تسحق الاقتصاد الروسي الفارغ الهشّ، ما سيسبّب حنقاً داخلياً شديداً على بوتين الذي يستغلّ مشاعر الروس اليوم بوهم القوة مقابل الدونية التي أشعرهم بها الأوروبيون عبر التاريخ، أيضاً ستُضعف العقوبات المؤسسة العسكرية الروسية بما يخلق ظروفاً لتمرد شعبي وعسكري محتمل
4. لن يستطيع بوتين الضغط على الأوروبيين لفترة طويلة باستخدام إمدادات الغاز لأن بيع الغاز إلى جانب النفط كان وسيظل مورده الأساسي وربما شبه الوحيد المتبقي لتمويل دولته.
5. سيبدأ دفع الثمن البشري الروسي من أوكرانيا بخسائر واستنزاف لجنوده سيستمر ما دام يحتل أوكرانيا.
6. سيدعم الأمريكان حركات متمردة في الأقاليم التي تتبع أو بشكل أدقّ تحتلها روسيا كالشيشان وداغستان وأقاليم مسلمة عديدة، كما سيدعمون حركات متمردة في الجمهوريات المستقلة نظرياً لكنها عملياً محكومة بأنظمة استبدادية عميلة لروسيا مثل كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وباقي الجمهوريات الإسلامية، ومثل ذلك المعارضة في روسيا البيضاء، كما سيدخلون في شراكات عسكرية إستراتيجية عسكرية مع دول معادية لبوتين كجورجيا .. وهنا سيدفع الروس خسائر ربما بمئات آلاف الجنود الروس على مدى سنوات طويلة  قد تصل لعقد أو أكثر وصولاً لاستنزاف روسيا وطردها من معظم هذه المناطق وتحويلها إلى قزم اقتصادي بعد أن تفقد مواردها الطبيعية في هذه الأقاليم بعد تحريرها وشعوبها من السيطرة أو الاحتلال الروسي الذي بدأ منذ عهد القياصرة.
7. سيعمل الأمريكان على إخراج روسيا من كل تمدد خارجي سابق مثل ليبيا ومالي وأينما تمدد بوتين وعلى رأس ذلك سوريا، وسيكون ذلك على حساب نظام القرداحة وملالي إيران، حيث إن التحالف الثلاثي الشيطاني الإرهابي الطائفي القرداحي/البوتيني/الصفوي، يعيش بأضلاعه الثلاثة معاً ويسقط الجميع في سوريا بسقوط أحد أضلاعه، بعكس ما تقول أسطورة تقول بإخراج الإيراني لصالح الروسي أو العكس ولصالح استمرار نظام القرداحة، لذلك سنكون نسبياً أكثر المستفيدين في سوريا كثورة من سيناريو الجنون البوتيني في أوكرانيا وما سيليه، باعتبارنا شركاء في هذا المشروع وليس كما تحلم عصابات أوجلان الكردية التي ستذهب ومشروعها الانفصالي بين الأرجل كما سقط ما سبقها خلال قرن مضى في خضم تحوّلات عالمية إستراتيجية كبيرة مشابهة، ففي سوريا لن يمر المشروع الأمريكي بوجه بوتين دون عون تركي، ودون مواجهة مباشرة تركية/روسية، عون تركي ثمنه غالباً إنهاء المشروع الأوجلاني الكردي الإرهابي الذي يحتل شمال شرق سوريا أو تقزيمه إلى درجة كبيرة تشبه الاحتضار ما قبل النهاية، وليحصل الأكراد الذين استوطنوا سوريا قبل قرن حقوقهم كمواطنين في إطار دولة سورية ديموقراطية دون أوهام فيدرالية مزعومة بجوهر انفصالي لا تستقيم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ووطنياً وإقليمياً ودولياً، ناهيك عن أنها تغتصب ما ليس لها تاريخياً.
8. ستنتهي روسيا بوتين إلى كيان مقلّم المخالب بما فيها نزع سلاحها النووي في النهاية، وسيسبق ذلك التخلص من بوتين شخصياً بسيناريوهات متعددة، ولن يختلف مصيره عن موسوليني أو هتلر وأضرابهم، ولن يكون مصير سفاح القرداحة المعتوه وزبانيته مختلفاً عن ذلك أيضاً.
9. كل ما سبق يعتمد على جنون بوتين وطموحاته غير الواقعية والمستندة إلى سيكولوجيا أي ديكتاتور معتوه كما حصل مع هتلر وموسوليني، وهو جنون وعُته يتمتع به بوتين لتبدأ سلسلة التفاعل المتسلسل السابقة .. فقط يحتاج بدء التفاعل لشرارة بات من شبه المؤكد أن يشعلها بوتين بعُتهه في أية لحظة أو قريباً عاجلاً باحتلال/السيطرة على أوكرانيا وهو ما سينجح فيه حتماً في البداية وإلى حين، بل برأيي أن احتلال/ السيطرة الروسية سياسياً وعسكرياً على أوكرانيا باتت بحكم "فعل ماض" حتى ولو لم تحدث حتى اللحظة.
أخيراً .. قد يسمّي البعض ما سبق من "سلسلة التفاعل" مجرد حرب باردة جديدة، لكنني أميل ووفقاً لكل المعطيات والسيناريوهات والنتائج إلى تسميتها  "حرباً عالمية ثالثة" لكن بأسلوب جديد ودون مواجهات أمريكية أوروبية/روسية مباشرة، ففي مقدمات ما يجري تذكير وتشابه بل وشبه تطابق بما سبق الحرب العالمية الثانية، وربما كانت خطوة ضرورية قبل مراحل لاحقة (دموية غالباً مع الأسف) ليسود السلام العالم بعدها متخلصاً من الاستغلال وأنظمة الاستبداد والحروب والعنف.
=============================
العربية :تهديدات عسكرية وأزمة غذاء.. سوريا بقلب حرب أوكرانيا
العربية.نت ـ جوان سوز
تنذر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والتي تدخل يومها الخامس، بتداعيات سياسية واقتصادية وعسكرية محتملة على الأزمة السورية التي اندلعت في العام 2011 بعد احتجاجات شعبية شهدتها البلاد في منتصف شهر مارس للمطالبة بإسقاط رئيس النظام بشار الأسد، فما هي علاقة سوريا بالنزاع المسلّح بين موسكو وكييف؟ وكيف سيؤثر ذلك عليها؟
المحلل السياسي السوري كمال الجفا قال لـ"العربية.نت" إن "سوريا جزء أساسي من الحروب المتعددة والمتنقلة التي اجتاحت العالم مع بدء ما سمي بالربيع العربي وصولاً إلى ما حدث مؤخراً في كازاخستان وقبلها في أرمينيا، وبالتالي الصراعات الدولية في منطقتنا مرتبطة ببعضها بعضا إلى حدّ كبير وإن اختلفت الأولويات والأهمية والأهداف البعيدة والقصيرة المدى".
تأهب في كييف.. والجيش الروسي يدعو المدنيين للمغادرة
فرض واقع جديد
وأضاف أن "ما يحدث في أوكرانيا الآن هو بمثابة تنافس روسي مع الغرب لفرض واقع جديد وتدعم دمشق القيادة الروسية في الملف الأوكراني، ووضعت كل رهانها على انتصار موسكو في هذه الحرب، ولذلك أي انتكاسة روسيّة فيها ستدفع سوريا مقابله ثمناً باهظاً في ملفاتٍ عدّة، بينها مفاوضات سوتشي واللجنة الدستورية على خلفية وقوفها بالكامل مع موسكو".
كما تابع أن "الموقف التركي من العملية العسكرية في أوكرانيا أيضاً مهم للغاية، باعتبار أن أنقرة أحد أهم اللاعبين الثلاثة في سوريا عسكرياً وأمنياً وسياسياً، وهذا يعني أن انكسار موسكو في أوكرانيا سيدفع أنقرة لاحقاً لتصعيد مواقفها ورفع سقف أطماعها في الأراضي السورية، وربما تقدم على عملية اجتياح واسعة لمناطق شمال شرق البلاد، وفرض ما عجزت في تحقيقه خلال السنوات الماضية، وهو مشروع المنطقة العازلة على امتداد الشريط الحدودي مع أراضيها".
ضوء أخضر لأنقرة
أيضا رأى أن "وقوف أنقرة إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الأزمة الأوكرانية سيمنحها الضوء الأخضر الذي تنتظره من واشنطن منذ سنوات، لبدء تطبيق فعلي لمخططاتها ضد الأكراد والجيش السوري، ومع ذلك لا يمكن لموسكو أن تقايض أنقرة في هذا الأمر، وسبق أن تمّ التفاوض معها لأجل ذلك لكنها رفضت باعتبارها ترى في سوريا مجالاً حيوياً لها على شواطئ المتوسط".
بحسب الجفا، تكسب الموانئ السورية أهميةً قصوى لدى روسيا، خشية من إغلاق تركيا لمضائقها البحرية وهو ما سيعيق مرور سفنها البحرية.
دعم صاروخي بعيد المدى
في هذا الصدد قال أيضاً: "قبل بدء الأزمة مع أوكرانيا، أرسلت روسيا أعداداً ضخمة جداً من أسطولها الحربي إلى الشواطئ السورية تحسباً لأي إغلاق لمضيقي البوسفور والدردنيل من قبل تركيا، حيث وضعت ميناء اللاذقية وشواطئ سوريّة كقواعد خلفية عُهِدت إليها تنفيذ مهام عسكرية فيما لو احتاجت الوحدات الروسية دعم ناري وصاروخي بعيد المدى".
مع ترجيح الجفا لتصعيدٍ تركي محتمل في سوريا حال تراجع موسكو في الأراضي الأوكرانية، استبعد سيف الدين أرول، رئيس مركز أنقرة للأزمات ودراسات السياسات (ANKASAM) حصول مقايضاتٍ حاليا بين مناطق النفوذ التركية والروسية وتلك التي تتواجد فيها قواعد أميركية على الأراضي السورية.
لا صدام بين روسيا وأميركا في سوريا
وقال أرول لـ "العربية.نت" إن "الولايات المتحدة لم تصطدم بشكلٍ مباشر مع القوات الروسية في سوريا حتى الآن رغم كل التوترات بين الجانبين، وقد تمكنتا رغم ذلك من إنشاء قوات اتصالٍ بينهما بخصوص سوريا، ومع وجود ساحات أخرى تتشابك فيها العلاقات التركية ـ الروسية كما في ليبيا وكاراباخ وأفغانستان وآسيا الوسطى وإفريقيا لا تعد سوريا المكان الوحيد للمقايضات المحتملة بين أنقرة وموسكو، علاوة على وجود تعاونٍ بينهما في مجالات طاقة، ناهيك أن أنقرة ليست طرفاً في الأزمة الروسية ـ الأوكرانية".
ومع ذلك، تعد الآثار الاقتصادية المحتملة التي قد تنجم عن استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مباشرة أكثر مقارنة مع التداعيات السياسية على دمشق بعد دعمها لموسكو.
توريدات المواد الغذائية
في سياق الأمن الغذائي، اعتبر أن "الوضع الاقتصادي في سوريا مرتبط بشكل كبير مع روسيا ومع أوكرانيا بما يتعلق بتوريدات المواد الغذائية، خاصة القمح والمشتقات النفطية والمواد الأساسية المتعلقة بإعادة الإعمار كالحديد والإسمنت ومواد البناء، فالمواد المستوردة لا تأتي فقط من روسيا وإنما من أوكرانيا أيضاً، وسوريا تعيش تحت ضغوطٍ اقتصادية كبيرة، والاحتياطات الحكومية من القمح والنفط والمواد الغذائية لا تكفي سوى لعدة أشهرٍ مقبلة".
طوابير الخبز في سوريا
وتابع أن "أي ضغوط سياسية أو خسائر ضخمة لروسيا في معارك أوكرانيا أو خفض سقف الشروط التي وضعها الرئيس فلاديمير بوتين لإنهاء الأزمة مع أوكرانيا، سيعني دفع أثمان سياسية واقتصادية في الملف السوري لأن موسكو حتماً ستكون أولويتها الحفاظ على وضعها الاقتصادي في الداخل والتصدي للعقوبات الغربية وتأمين الأمن الغذائي للشعب الروسي أولاً والجاليات الروسية في أوكرانيا ثانياً لاسيما أن موسكو لا يمكنها أن تدخل في أتون حرب طويلة الأمد في أوكرانيا تستنزفها لعشرات السنين وتعيدها إلى حقبة التسعينات، حيث حدث الانسحاب من أفغانستان والذي تلاه تفكك الاتحاد السوفياتي".
إلى ذلك، قلل أكاديمي وخبير اقتصادي سوري من تداعيات الأزمة الأوكرانية على سوريا، معتبراً أن تأثيرها سيكون محدوداً للغاية، لاسيما على المدى القريب.
وقال المحلل الاقتصادي جلنك عمر إن "العلاقات الاقتصادية السورية الروسية لن تتأثر بشكل مباشر بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكنها قد تؤثر على إمدادات بعض السلع الغذائية التي تعد مصدرها مثل القمح أو الزيوت. خاصة تلك المقدمة من قبل المنظمات الأممية مثل برنامج الغذاء العالمي، لذلك قد تشهد السوق السورية المزيد من الاختناقات في توفير السلع الأساسية قبل إيجاد مصادر بديلة".
خيارات النظام السوري
وأضاف لـ "العربية.نت" أن "خيارات دمشق في تأمين مصادر توريدات جديدة محدود مسبقاً نتيجة العقوبات، فهي تعتمد فيهما على موسكو وطهران، ومؤخراً كان هناك حديث عن شبه جزيرة القرم التي وقعت اتفاقيات اقتصادية مع النظام السوري. إلا أن ذلك سيواجه صعوبات إضافية في حال توسيع حزمة العقوبات الغربية على موسكو، وهو ما قد ينجم عنه مزيد من الصعوبات الاقتصادية بالنسبة للسوريين في أمنهم الغذائي، لاسيما مع التضخم القياسي في الأسعار وانهيار العملة الوطنية".
وتابع أن "السوق السورية ليست ذات أهمية كبرى بالنسبة إلى روسيا، فهي تستحوذ على كثير من المرافق الاقتصادية الحيوية في سوريا كالموانئ والمطارات وحقول النفط والفوسفات، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية في سوريا لكن روسيا لم تلعب أي دور في مد يد العون للحكومة السورية والتخفيف من معاناة مواطنيها رغم أنها تعد من كبار منتجي الطاقة في العالم، بينما تعيش سوريا أزمة محروقات".
=============================
الاناضول :إسرائيل وأزمة أوكرانيا.. عينٌ على سوريا وأخرى على إيران وروسيا (تحليل)
القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول
** أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية يوناثان فريمان:
- السؤال هو هل ستشارك إسرائيل بفرض عقوبات على موسكو؟ فهي تستورد من روسيا الدقيق والنفط
- إسرائيل تخشى بأن تشعر إيران بأن الغرب لا يريد القتال وأنه يريد إبرام اتفاق أقل تشددًا مع طهران
** المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس"، يانيف كوبوفيتش:
- يمكن لبوتين أن يحد من قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل من الجو ضد التواجد الإيراني في سوريا
- روسيا قد تنقل أسلحة متقدمة إلى سوريا ودول أخرى لخلق توازن رعب لمواجهة الغرب بالشرق الأوسط
تضع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي بدأت الخميس، إسرائيل أمام حسابات صعبة، تبدأ من سوريا وتمر بإيران، وبينهما روسيا.
فللدولة العبرية حساباتها التي تتمثل بالاستمرار بالتمتع بـ"حُرية" هجماتها الجوية على أهداف تقول إنها إيرانية في سوريا، وأيضا رغبتها بتقويض قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية.
وفي حين أن حرية هجماتها في سوريا مرتبطة بغض الطرف الروسي، فإن فُرص التوصل إلى اتفاق دولي مع إيران في فيينا يلبي مطالبها، تشوبه أسئلة في ظل انشغال العالم بأزمة أوكرانيا.
** آثار متعددة
يرى يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، أن الآثار المترتبة لهذه الأزمة على العلاقات الإسرائيلية الروسية "متعددة".
ويقول فريمان لوكالة الأناضول: "أعتقد أولا، أن لدى إسرائيل مخاوف فيما يتعلق بقدرتها على العمل من الجو في سوريا".
وأضاف: "كلما ابتعدت المسافة بين روسيا وإسرائيل بسبب الأوضاع، وبسبب مواقف تل أبيب الداعمة منذ وقت طويل للمواقف الأمريكية، فإنه قد يترتب على ذلك تقييد لقدرة إسرائيل على العمل في تلك المنطقة".
وأردف: "لدى إسرائيل أيضا مخاوف فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية التي تربطها مع روسيا، فهي تستورد الدقيق من هناك، وأيضا بعض النفط، ولذلك فإن الآثار متعددة".
واستدرك فريمان: "ما زال يتعين رؤية ما إذا كانت إسرائيل ستنضم إلى العقوبات التي يُعلن عنها الغرب الآن على روسيا، فيتوجب على إسرائيل اتخاذ قرار بهذا الشأن".
** ترقب روسي
ولفت فريمان إلى أن إسرائيل "وجّهت اللوم إلى روسيا على هذا الهجوم، ولكن عليها أن تُحدد ما إذا كانت ستفرض عقوبات على موسكو، وما هو نوع العقوبات التي ستعلنها ضدها؟".
وقال: "حتى الآن، لم يصدر عن إسرائيل سوى الكلمات، ولم تقم بأي إجراء، ولذلك يتعين الانتظار لرؤية ماهية الإجراءات التي ستقوم بها ضد روسيا، وعليها اتخاذ القرار".
وأشار فريمان، إلى أن القرار سيكون "الخطوة التي سترقبها روسيا، وإذا ما فعلت إسرائيل شيئا، فإنه قد يؤثر على علاقاتها مع روسيا".
وبعد تردد، أدان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في مؤتمر صحفي، الجمعة الماضي، الهجوم الروسي على أوكرانيا وقال إنه "انتهاك خطير للنظام الدولي".
وأضاف أن إسرائيل "تُدين الهجوم، وهي مستعدة وجاهزة لتقديم المساعدة الإنسانية لمواطني أوكرانيا".
** الأهداف الإيرانية في سوريا
وتخشى إسرائيل من تأثيرات هذا الموقف على علاقاتها مع روسيا، وبشكل خاص على قدرتها على التحرك الجوي ضد أهداف في سوريا بموافقة روسية.
وأعلنت إسرائيل مرارا أنها نفّذت مئات الهجمات الجوية على أهداف، قالت إنها تابعة لإيران و"حزب الله" اللبناني في سوريا، خلال السنوات الماضية.
وبهذا الصدد، قال المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس"، يانيف كوبوفيتش "إن مصدر القلق الرئيس لمؤسسة الجيش، هو عرقلة العلاقات الإسرائيلية الروسية الحساسة بشأن سوريا، حيث ورد أن الجيش الإسرائيلي يعمل بانتظام ضد القوات المدعومة من إيران، وهي جماعة حزب الله اللبنانية".
وأضاف كوبوفيتش، في تقرير نشره في الصحيفة، الجمعة: "في ظل هذه الظروف، من المرجح أن يُغيّر (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين سياسته بشأن العمليات الإسرائيلية في سوريا، وأماكن أخرى في الشرق الأوسط".
وأردف: "في محاولة لاستعادة مكانته، يمكن لبوتين أن يتحرك للحد من قدرة إسرائيل على العمل ضد التواجد الإيراني، في إطار آلية تفادي التضارب بين إسرائيل وروسيا في سوريا".
واتفقت إسرائيل وروسيا، على "آلية تفادي التضارب"، عقب التدخل الروسي العسكري في سوريا عام 2015، لمنع وقوع اشتباك دون قصد خلال الهجمات الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني في سوريا.
وتابع كوبوفيتش: "يُقدّر المسؤولون الإسرائيليون أيضًا أن روسيا قد تقرر نقل أسلحة أكثر تقدمًا إلى سوريا ودول أخرى في المنطقة، بهدف تحقيق عائدات من صفقات الأسلحة الكبيرة، مع خلق توازن جديد للرعب في مواجهة القوات العسكرية الغربية في منطقة الشرق الأوسط".
وأكمل: "حتى وقت قريب كانت إسرائيل تعتقد أن روسيا لم تكن مهتمة برؤية وجود إيراني أكبر في سوريا (..) حيث تريد موسكو أن تلعب دورًا رئيسيًا في إعادة إعمار البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب".
وتمتلك روسيا نفوذا عسكريا كبيرا في سوريا، حيث تدعم قوات النظام، في مواجهة قوى المعارضة.
وقال كوبوفيتش: "الآن، يقول مسؤولو الجيش الإسرائيلي إنهم قلقون من أنه كجزء من محاولة تقريب إيران من روسيا، سيمنح بوتين طهران مزيدًا من الحرية للعمل في سوريا-أكثر بكثير مما تود إسرائيل رؤيته".
وأشار إلى أن "مصدر قلق آخر لإسرائيل، هو أن روسيا قد تستخدم أنظمة متقدمة لتعطيل أنظمة التوجيه عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وإجراءات الحرب الإلكترونية الأخرى والهجمات الإلكترونية، لتعطيل الناتو أو العمليات الغربية في البحر المتوسط".
وقد يؤدي ذلك أيضًا، وفق كوبوفيتش، إلى "تقييد حرية الجيش الإسرائيلي في العمل أو تعطيل التكنولوجيا العسكرية والمدنية في إسرائيل".
** الاتفاق النووي مع إيران
ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل تخشى من أن تؤدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلى حرف الأنظار الدولية عن التوصل لاتفاق أكثر تشددا مع إيران، في مفاوضات فيينا.
وكانت إسرائيل قد رجّحت، قبيل العملية الروسية، أن يتم هذا الاتفاق خلال هذا الأسبوع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية الأحد: "تشهد المحادثات بين إيران والدول العظمى بخصوص العودة إلى الاتفاق النووي تقدمًا كبيرًا، وقد نرى إبرام اتفاق خلال فترة وجيزة".
وأضاف: "يبدو أن الاتفاق الجديد الذي تتم بلورته هو أقصر وأضعف من الذي سبقه"، في إشارة إلى اتفاق 2015.
ووقّعت إيران اتفاقا في 2015 مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا، لكن واشنطن انسحبت منه في 2018، وأعادت فرض عقوبات على طهران.
ويفرض الاتفاق قيودا على برنامج إيران النووي، لمنعها من إنتاج أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
وفي هذا الصدد، يقول فريمان: "تخشى إسرائيل من أن هذه الحرب يمكن أن تشجع إيران التي قد تشعر أنها أكثر قوة بسبب الأوضاع، وشعور إيران بأن الغرب لا يريد القتال وأنه يريد الاتفاق".
وأضاف: "لذا فإن إيران قد ترفع الثمن الذي تريده مقابل الاتفاق، سواء أكان ذلك بالحد من العقوبات ضدها أو أمر آخر".
وأردف: "هذا بالمقابل قد يدفع إسرائيل للتخوف أكثر فبسبب الأوضاع الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، فإن الغرب سيكون أقل حدة مع إيران في اتفاق أقل قبولا من إسرائيل".
وتابع فريمان: "توقيع هكذا اتفاق سيزيد من إمكانية تحرك إسرائيل مستقبلا ضد إيران، لأن هكذا اتفاق لن يوقف طموحات إيران النووية".
ولفت إلى أن "الأوضاع بين أوكرانيا وروسيا، قد تُظهر لإيران لماذا يتوجب عليها الحصول على سلاح نووي كنوع من الضمان، لأن أوكرانيا تنازلت في الماضي عن سلاحها النووي، وانظر إلى أين وصلت اليوم".
وزاد فريمان: "لذا، ربما كان هذا أيضا وضع، يظهر لإيران لماذا تحتاج إلى هذا النوع من السلاح للحفاظ على نظامها من هكذا مستقبل".
وكان موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري" قال الجمعة، إن السبب الأعمق وراء التفضيل الإسرائيلي لحل دبلوماسي سريع لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، هو أنه سيسمح بالاهتمام العالمي بالعودة إلى مفاوضات فيينا.
وأضاف الموقع: "يُعتقد أن القوى العالمية على وشك توقيع اتفاقية دبلوماسية أخرى يُنظر إليها على أنها أكثر أهمية لمصالح إسرائيل، وهي عودة مشتركة بين الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة".
** مرتفعات الجولان
وعلى صعيد آخر، فقد قلل فريمان من أهمية التقرير الذي قال إن روسيا قررت عدم دعم قرار إسرائيل الذي فرضت بموجبه سيادتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وقال فريمان: "أعتقد أن روسيا لن تعترف أبدا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهذا ليس جديدا، لربما أصدرت روسيا بيانا تجدد التأكيد فيه على موقفها، ولكن بشكل عام لم يكن هناك أي تغيير في موقف روسيا بما يتعلق بتواجدنا في الجولان".
وكان نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، قد هاجم إسرائيل، وجدد التأكيد على موقف روسيا بعدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وأنها جزء لا يتجزأ من سوريا.
وقال بوليانسكي، قبل ساعات من بدء روسيا هجمات عسكرية على أوكرانيا: "نشعر بالقلق إزاء خطط تل أبيب المعلنة لتوسيع النشاط الاستيطاني في مرتفعات الجولان المحتلة، الأمر الذي يتعارض بشكل مباشر مع أحكام اتفاقية جنيف لعام 1949".
=============================
سي ان ان :الأسد لبوتين: نواجه عدوا واحدا.. تطرف في سوريا ونازية في أوكرانيا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد، الجمعة، أن روسيا "تدافع عن نفسها والعالم ومبادئ العدل والإنسانية"، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعدما غزت القوات الروسية أوكرانيا.
ورأى الأسد أن "ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي". وقال إن "الهيستيريا الغربية تأتي من أجل إبقاء التاريخ في المكان الخاطئ لصالح الفوضى التي لا يسعى إليها إلا الخارجون عن القانون"، مضيفا أن "روسيا اليوم لا تدافع عن نفسها فقط وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية".
وحمل الأسد الدول الغربية "مسؤولية الفوضى والدماء نتيجة سياساتها التي تهدف للسيطرة على الشعوب"، قائلا إن "هذه الدول تستخدم أساليبها القذرة لدعم الإرهابيين في سورية والنازيين في أوكرانيا وفي أماكن مختلفة من العالم"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وأضاف الأسد أن سوريا تقف مع روسيا "انطلاقًا من قناعتها بصوابية موقفها، ولأن مواجهة توسع الناتو هي حق لروسيا لأنه أصبح خطرًا شاملًا على العالم، وتحول إلى أداة لتحقيق السياسات غير المسؤولة للدول الغربية لضرب الاستقرار في العالم".
واعتبر الأسد أن "العدو الذي يجابهه الجيشان السوري والروسي واحد، ففي سوريا هو تطرف، وفي أوكرانيا هو نازية"، مضيفا أن "روسيا سوف تعطي درسًا للعالم بأن الدول العظمى لا تكون عظمى بقوتها العسكرية فقط وإنما باحترام القانون والأخلاق العالية والمبادئ الإنسانية"، على حد تعبيره.
=============================
الميادين :بدأت الحرب في أوكرانيا.. فهل تنتهي في سوريا؟
أحمد الدرزيأحمد الدرزي
المصدر: الميادين نت
1 آذار 11:10
أظهرت الحرب في أوكرانيا عمق الانقسام السوري، فكانت ردود الأفعال متعاكسة تبعاً لطبيعة الاستقطابات الداخلية، وتبعاً لاختلاف مناطق السيطرة الثلاث، دمشق وحلفائها الروس والإيرانيين، والكرد وحلفائهم من العشائر العربية والسريان والكلدان وغيرهم، وفوقهم جميعاً قوات أميركية دخلت وسيطرت من دون استئذان من أحد، وأيضاً في المنطقة التي احتلتها تركيا، ومعها مجموعات مسلحة سورية وأجنبية، والجميع يترقب نتائج الحرب وما يمكن أن تتركه من آثار واسعة في مشاريعها التي لا يمكن التنبؤ بمصيرها ومستقبلها.
تخوض موسكو حربها في أوكرانيا باعتبارها حرب وجود، وهي لم تقدم على هذا العمل إلا بعد أن استنفدت كل الوسائل للاعتراف بها ضمن المنظومة الدولية الغربية الحديثة كقوة عظمى. لم يكن هذا السعي وليد العقود الماضية، بل يعود عميقاً إلى نهايات القرن السابع عشر، مع قدوم بطرس الأكبر.
وعلى الرغم من كلِّ محاولاتها التي أخذت أشكالاً متعددة، فإن الدول الغربية المتعاقبة على قيادة العالم رفضت ذلك، واشتركت جميعها في محاولات تدمير روسيا التي تختلف معها بالنسيج القومي السلافي من جهة، وتبنيها الكنيسة الأرثوذكسية من جهة أخرى، مقابل الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية، فضلاً عن التهديدات المحتملة لقوة برية أثبتت قدرات دفاعية كبيرة في تحطيم كلّ الجيوش التي غزتها.
تهيأت موسكو لحربها الهجومية الأولى في تاريخها المعاصر، وخصوصاً بعد أن اقترب الناتو من الوصول إلى حدودها الغربية مع أوكرانيا، ما دفعها إلى ترتيب أوضاعها الداخلية على مدى 8 سنوات، والاندفاع نحو سوريا وليبيا والقوقاز وأواسط أفريقيا، في محاولةٍ منها للخروج من سجن الجغرافيا، والالتفاف على أعدائها المحيطين بها من كلّ جانب، وتوجت ذلك بالتوجه نحو الصين المُهددة أيضاً، والوصول إلى اتفاق شراكة استراتيجية معها، ما أمَّن لها البديل الاقتصادي لمنتجاتها من الغاز والنفط.
على عكس موسكو، إن الدول التي تخوض الحرب مع روسيا بالأوكرانيين لا تتعاطى مع الحرب باعتبارها حرباً وجودية، بل من منطلق الاحتفاظ بالدور، واستمرار الهيمنة على مسارات السياسة والاقتصاد العالميين، والخشية من دور أكبر لكلٍّ من الصين وروسيا في إحداث تغيير المسار العالمي نحو الشرق.
من هنا، تأتي تباينات مواقف السوريين من الحرب، تبعاً لطبيعة التهديدات والفرص لكلّ طرف من الأطراف، والتداعيات التي يمكن أن تتركها نتائج هذه الحرب عليهم.
كانت مواقف دمشق هي الأكثر وضوحاً في تبني الموقف الروسي بشكل كامل، وهي تعتبر الحرب فرصة كبيرة لها لاستعادة زخم السيطرة العسكرية على كل المناطق التي ما زالت خارج سيطرتها، وخصوصاً بعد الاتفاق الروسي الأميركي السابق الذي أعلن انتهاء العمليات العسكرية والذهاب نحو إيجاد حل سياسي وفق أستانة والقرار 2254، ما منعها من متابعة معارك إدلب بشكل أساسي للسيطرة على شمال غرب البلاد، ثم التمدد نحو المناطق الأُخرى.
ولم يكن هذا الموقف الواضح الصريح إلا نتيجة يقينها بأن موسكو ستحسم هذه الحرب لمصلحتها ولمصلحة النظام الدولي الجديد الذي تم الإعلان عنه من بكين في 4 فبراير/شباط من هذا العام.
وعلى الرغم من عدم صدور أيّ تصريح عن القيادة الكردية حول الحرب، فإنَّ التردد والقلق من نتائج الحرب هما المسيطران على رؤيتها وموقفها، فنتائج الحرب ستترك آثارها في مشروع الإدارة الذاتية واستمرار السيطرة على ثلث المناطق الغنية بالنفط والغاز والإمكانيات الزراعية الهائلة.
وعلى الرغم من عدم ثقة الكرد بالأميركيين الذين خذلوهم في عفرين في العام 2018، وفي المنطقة الممتدة بين تل أبيض ورأس العين في العام 2019، فإنّ قسماً منهم ما زال يراهن على التطمينات الأميركية في تحصيل حقوقهم القومية.
وبالتالي، إنَّ خسارة روسيا الحرب ستمنح الولايات المتحدة مزيداً من الأوراق الضاغطة لإيجاد وضعية خاصة بها في النسيج السوري، بينما يعتبر البعض أنّ الوجود الأميركي يشكّل تهديداً لهم في المستقبل القريب، سواء نتيجة التباين الفكري والأيديولوجي من جهة، أو نتيجة تجاربهم السيئة من جهة ثانية، بدءاً من الدور الأميركي الواضح مع "الموساد" الإسرائيلي في اعتقال عبد الله أوجلان، وانتهاءً بإعطاء الضوء الأخضر لتركيا لاجتياح مناطق الشمال السوري وتهجير أهله الكرد منه، وهم يراهنون على عودة العلاقة التاريخية مع موسكو لإحداث تغيير سياسي يجعلهم شركاء في إدارة سوريا، ويمنحهم الأولوية في إدارة مناطق وجودهم.
وعلى العكس، إنَّ السوريين الذين استقطبتهم تركيا في مشروعها الكبير يتابعون بقلق كبير مجريات الحرب، ويخشون نتائجها، وخصوصاً أن الراعي الأول لهم، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، متورط فيها، فهو الذي أمدّ أوكرانيا بطائرات بيرقدار، وأصرّ على وحدة أراضيها علانية وعدم الاعتراف بجزيرة القرم الروسية الأصل، والتي يعتبرها ضمناً من أراضي الإمبراطورية العثمانية، ولوّح بتطبيق معاهدة مونترو، ما يمنع مرور السفن الحربية الروسية من الدخول إلى البحر الأسود.
يدرك سوريو أنقرة أنَّ انتصار روسيا في هذه الحرب سيقلص هامش مناورة الرئيس التركي بشكل كبير، بعد أن يعجز حلف الناتو عن تغيير معادلة الحرب، ما يدفع إلى المزيد من تصدع العلاقات بين أوروبا من جهة والولايات المتحدة من جهةٍ أخرى، إضافة إلى التصدع بين الدول الأوربية نفسها التي تتباين مواقفها ضمنياً تجاه العلاقة مع روسيا، ومحاولات تقليص الدور الأميركي في السياسات الأوروبية.
القلق من الانتصار الروسي لا يأتي من فراغ، وخصوصاً إذا ما صحَّت الأخبار عن تجهيز مجموعات مسلّحة من السوريين في جبهة تحرير الشام للمساهمة في الحرب الأوكرانية وقلب معادلات الحرب لمصلحة تركيا.
تأتي خشية هؤلاء من الانتصار الروسي خوفاً من أن يجعل موقف موسكو في وضع مريح لفرض شروطها على أنقرة، للتخلّص من التنظيمات الإسلامية، وخصوصاً الأجانب منهم، ما يجعلها مجردة من أوراق القوة، ومعرضة لفقدان الذرائع للاحتفاظ بالأراضي السورية التي احتلتها، وخصوصاً عذر اللاجئين السوريين، وإيجاد الحل السياسي ومبررات تهديدات الأمن القومي.
على الرغم من المؤشّرات الدولية المتتالية التي تؤكّد قرب ولادة نظام دولي جديد يترافق مع نهاية نظام إقليمي قديم في غرب آسيا تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، وقرب ولادة نظام إقليمي جديد لا يمكن التنبؤ بصورته النهائية حتى الآن، فإنَّ رهانات السوريين مستمرة حتى الآن من خلال الانقسام والتعويل على اصطفافاتهم الإقليمية والدولية لإحداث التغيير السياسي، كنتيجة لحسم الصراع الدولي والإقليمي الذي يمكنه أن يصب في مصلحة كل طرف من الأطراف، وهي لن تكون بالضرورة لمصلحتهم كنتيجة نهائية، رغم أنّ الملامح العامة ما زالت تؤكد ولادة هذا النظام الجديد من رحم الحرب الأوكرانية، واستعادة الصين لتايوان، وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وإقرار كلّ الأطراف الدولية والإقليمية بذلك، بما يفرض وقائعه على السوريين الّذين أنهكتهم الحرب، وأصبحت لقمة العيش أولويتهم القصوى، بعيداً عن أي أحلام سياسية.
=============================
البي بي سي :روسيا وأوكرانيا: الغرب اكتفى بالمشاهدة في سوريا ولا يجب أن يفعل الشيء نفسه في الأزمة الأوكرانية- في الغارديان
25 فبراير/ شباط 2022
تناولت صحف بريطانية التطورات في أوكرانيا ودخول القوات الروسية إلى مناطق متعددة في البلاد، والتشابه بين ما يجري حاليا وما حدث في سوريا من قبل وتنامي النفوذ الروسي وما يمكن للغرب أن يفعله حاليا، وأسباب مدح ترامب لبوتين.
في الغارديان، ربط مقال للعقيد السابق بالجيش البريطاني وخبير الأسلحة الكيماوية هاميش ستيفن دي بريتون-جوردون، بين ما يجري في أوكرانيا وما حدث في سوريا منذ سنوات.
وقال الكاتب إن الغرب "تراجع واكتفى بالمشاهدة في سوريا، لا يجب أن يفعل الشيء نفسه في أوكرانيا، وحان الوقت للولايات المتحدة وحلفائها لإظهار قوتهم في مواجهة عدوان بوتين. لقد تعلمنا أنه لا يوجد حل آخر".
وأضاف أن الأزمة السورية مستمرة دون أن يلاحظها أحد. وعبر عن اعتقاده بأنها "تحمل دروسا مهمة للغرب حول طبيعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي لم يلاحظها أحد في العالم. وتستمر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ظل الدكتاتورية التي ترعاها روسيا".
وأوضح المقال أنه في الاستجابة لحالة الطوارئ الحالية في أوكرانيا، هناك دروس يمكن للغرب بل ويجب عليه أن يتعلمها من الوضع في سوريا.
ومضى يقول إنه منذ أن أزالت الأمم المتحدة مخزون سوريا المعلن من الأسلحة الكيماوية في عام 2014، واصل الأسد قصف المستشفيات والمدارس، وحرق القرى على الأرض على غرار العصور الوسطى. وقال إنه "لحسن الحظ، لم نشهد استخدام أسلحة كيماوية منذ أبريل 2019، لكن سوريا اليوم دولة روسية في كل شيء ما عدا الاسم، والأسد هو دكتاتور دمية يتحرك بخيوط من موسكو".
ويرى الكاتب أن سوريا "تمثل الآن وجودا روسيا وإيرانيا كبيرا على حدود أوروبا. وإذا سقطت أوكرانيا أيضا، فسوف يتحول ميزان القوى إلى حد كبير نحو الشرق".
وأوضح الكاتب أن روسيا المدعومة بأسعار النفط المرتفعة "أكثر استعدادا لمواجهة الناتو حاليا بصورة أقوى من قبل بضع سنوات، عندما لم يكن جيشها البالي يضاهي الدبابات الغربية".
بينما قامت الدول الغربية بقطع جيوشها بالكامل، بالاعتماد على الإلكترونيات والفضاء لخوض الحرب القادمة، قامت روسيا بتحديث قوتها المدرعة، والتي تظهر الآن في جميع أنحاء أوكرانيا، وتتميز بنوعية فريدة من الكتلة والدروع الثقيلة، وفق الكاتب.
وقال دي بريتون-جوردون "ننظر إلى سوريا ونعلم أنه كان ينبغي علينا القيام بعمل أفضل. يجب أن تكون هذه المعرفة أساسا لاستجابتنا لعدوان بوتين الآن".
ويتابع الكاتب المقارنة قائلا إن الغرب لم يتدخل عندما بدأ النظام بمهاجمة شعبه. بعد ذلك، أعلنت الولايات المتحدة خطا أحمر بشأن استخدامالأسلحة الكيماوية، لكنها فشلت في التصرف عندما تم تجاوز هذا الخط.. وأخيرا، وقفنا متفرجين بينما تشق روسيا وإيران طريقهما عبر سوريا لإنشاء قاعدة عمليات أمامية على أعتابنا.
ويخلص دي بريتون-جوردون إلى القول "سيحسن قادتنا صنعا إذا تذكروا ذلك وسيكونون أقوياء ومرنين لحماية أوكرانيا. لا أستطيع أن أتصور أن بعض العقوبات المفروضة على عدد قليل من البنوك والمليارديرات سوف تزعج بوتين. إنه يفهم فقط القدرةوالقوة، لقد حان الوقت لإظهار صلابتنا".
كيف سيرد الناتو؟
وفي صحيفة التايمز ، أثير تساؤل عن كيفية رد حلف الناتو وبريطانيا على "حرب روسيا ضد أوكرانيا"، في مقال للكاتبين برونو وتيرفيلد، ولاريسا براون.
وقال الكاتبان إن الحلفاء الغربيين استبعدوا إرسال قوات قتالية إلى أوكرانيا لأنها ليست في حلف الناتو. وبدلاً من ذلك، أرسلوا أسلحة مثل أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات والأسلحة غير الفتاكة مثل الخوذات وأشكال أخرى من المساعدات والدعم المالي.
وقالا "لقد عززوا أيضا قواتهم في الأجنحة الشرقية للتحالف وسط مخاوف من احتمال تعرض دول البلطيق ودول أخرى لتهديد من روسيا".
لكنّ الكاتبين تساءلا : "في النهاية ماذا يمكن أن يفعل الغرب بعد ذلك؟"
وأجابا بأنه يمكن للدول الأوروبية تقوية الجانب الشرقي، ووافق الناتو في محادثات طارئة على تعزيز قواته البرية والبحرية والجوية بالإضافة إلى زيادة جاهزية القوات في أماكن أخرى.
وأشارا إلى أن البلدان الأقرب إلى مناطق الصراع، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، طلبت إجراء مشاورات نادرة بموجب المادة 4 من المعاهدة التأسيسية للناتو، والتي يمكن إطلاقها عندما "تتعرض سلامة أراضي أو استقلال أو أمن أي من أعضاء (االناتو) للتهديد".
وأشار الكاتبان إلى قول أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ إن هناك 100 طائرة في حالة تأهب قصوى وإن أكثر من 120 سفينة حليفة انتشرت في البحر من أقصى الشمال إلى البحر المتوسط.
كما نوها إلى أن الدول الغربية ومنها بريطانيا والولايات المتحدة، زودت كييف بالفعل بالتدريب والأسلحة المضادة للدبابات بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز ستينغر.
وتعهدت بريطانيا بإرسال المزيد من الأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا، رغم أنها لم تحدد متى ستصل تلك الأسلحة وما هي ماهيتها. كما سيتم إرسال مساعدات عسكرية غير مميتة. من المفهوم أن بريطانيا تتطلع إلى إرسال خوذات.
وفي رأي الكاتبين، فإنه يجب توفير حماية من الهجمات الإلكترونية، وأشار إلى أن خبراء الإنترنت البريطانيون يساعدون أوكرانيا بالفعل في الدفاع ضد الهجمات الإلكترونية.
غير أنهما يعتقدان بأن الحلفاء الغربيين يمكنهم دائمًا فعل المزيد. ويضربان مثالا بالمملكة المتحدة التي يقولان إنها قادرة على شن هجمات إلكترونية هجوميةعلى روسيا، مثلما فعلت من قبل ضد تنظيم داعش.
وأضافا أنه يمكن لبريطانيا تقديم دعم جوي لأوكرانيا، وأشارا إلى دعوة ديفيد ديفيس، النائب عن حزب المحافظين الوزير سابق في الحكومة، بريطانيا وحلفائها إلى تقديم دعم جوي للقوات الأوكرانية وحث الناتو على توفير طائرات حربية يمكنها تدمير القوات المدرعة الروسية.
غير أن الكاتبين يريان أنه يجب أن يقتصر هذا على المجال الجوي فوق أوكرانيا، واستنادا إلى طلب من الرئيس زيلينسكي، حتى يكون قانونيا تماما بموجب أي تفسير للقانون الدولي. وأضافا أن هذا سيقلل من مخاطر التصعيد.
ونصحا بأن فرض منطقة حظر طيران أيضا خيار مطرزوح، لكن معظم المراقبين يعتقدون أن الأوان قد فات.
ترامب معجب ببوتين
واهتم مقال في صحيفة التليغراف بتعليقات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على ما يجري في أوكرانيا، وقال كاتب المقال مايكل ديكون إنه "ليس من المستغرب أن نرى ترامب يمتدح بوتين، فهو كان يميل دائما للأشرار الخارقين".
بوتين وترامب
وقال الكاتب إنه في جميع الديمقراطيات، أجمع السياسيون على إدانتهم لفلاديمير بوتين، إلا أن تصرفات الزعيم الروسي نالت الثناء من رجل دولة غربي كبير، إنه دونالد ترامب.
وقال الرئيس الأمريكي السابق في مقابلة إن تحركات بوتين هذا الأسبوع كانت "عبقرية" و"ذكية" و "ذكية للغاية".
وأضاف أنه شاهد تحركات القوات الروسية وعلق عليها قائلا "هذا عبقري..بوتين يعلن أن جزءا كبيرا من أوكرانيا مستقل...هذا رائع...وسيدخل ليكون أحد جنود حفظ السلام. هذه أقوى قوة سلام. يمكننا استخدام ذلك على الحدود الجنوبية (للولايات المتحدة)... هذا رجل ذكي للغاية، وأنا أعرفه جيدًا. جيد جدا."
وقال الكاتب إنه رغم ردود المعلقين باشمئزاز على ترامب، فإنها ليست المرة الأولى التي يمتدح فيها ترامب طاغية مستبدا، ففي الماضي أعرب عن إعجابه بالرئيس الصيني شي جينبينغ، وقال عنه "رجل طيب جدًا"، وكذلك الرئيس التركي إردوغان، ووصفه بأنه "أصبح صديقا"، وكيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، وقال عن لقائهما "لقد وقعنا في الحب".
وعدد الكاتب الكثير من الشخصيات الشريرة في أفلام الحيال العلمي الأمريكية، التي تحدث عنها ترامب ووصفها بالذكاء والعبقرية وانبهاره بها، مثلما فعل مع بوتين، ومنها: شخصية دارث فادير، في حرب النجوم، وعلق ترامب قائلا عنه "أتذكر عندما كان يواجه تلك المشكلة مع تحالف المتمردين (في الفيلم). قلت ، "هذا عبقري. الطريقة التي فجر بها ذلك الكوكب بأكمله باستخدام ليزر فضائي هائل. إنه تصرف ذكي".
وحرص الكاتب على نقل العبارة التالية عن ترامب: "عندما أتولى منصب الرئيس مرة أخرى في عام 2024، سنقوم ببناء نجمة الموت. وسوف تدفع الأيوكس مقابل ذلك ".
=============================