الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 14-12-2021

سوريا في الصحافة العالمية 14-12-2021

15.12.2021
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :
  • واشنطن بوست: إسرائيل أحبطت محاولة للنظام السوري لإنتاج أسلحة كيميائية
https://www.trtarabi.com/now/واشنطن-بوست-إسرائيل-أحبطت-محاولة-للنظام-السوري-لإنتاج-أسلحة-كيميائية-7400227
  • فورين أفيرز: روسيا قد توافق على حل النزاع مع أمريكا والتسوية ممكنة في سوريا
https://www.alquds.co.uk/فورين-أفيرز-روسيا-قد-توافق-على-حل-النزا/
  • فورين أفيرز :الجميع ضد الجميع: صعود الطائفية في شرق أوسط ما بعد أميركا (2-1)
https://alghad.com/الجميع-ضد-الجميع-صعود-الطائفية-في-شرق-أ/
  • فورين أفيرز :الجميع ضد الجميع: صعود الطائفية في شرق أوسط ما بعد أميركا (2-2)
https://alghad.com/الجميع-ضد-الجميع-صعود-الطائفية-في-شرق-2/
  • نيويورك تايمز :خلية أمريكية سريّة قتلت بصورة متكررة مدنيين سوريين بذريعة قتال داعش
https://www.noonpost.com/content/42649
 
الصحافة العبرية :
  • صحيفة إسرائيلية: استهداف الكيماوي رسالة للأسد وإيران عن خطوط إسرائيل الحمراء
https://www.syria.tv/صحيفة-إسرائيلية-استهداف-الكيماوي-رسالة-للأسد-وإيران-عن-خطوط-إسرائيل-الحمراء
 
  • هآرتس :لا لتوسيع استيطان الجولان
https://alghad.com/لا-لتوسيع-استيطان-الجولان/
 
الصحافة الفرنسية :
  • لوبوان: حارة الشمس في برلين.. هنا سوريا مصغرة
https://www.aljazeera.net/news/2021/12/13/لوبوان-حارة-الشمس-ببرلين-هنا-سوريا
 
الصحافة الروسية :
  • نيزافيسيمايا غازيتا :خصوم الأسد السابقون مدعوون للاجتماع في دمشق
https://arabic.rt.com/press/1303838-خصوم-الأسد-السابقون-مدعوون-للاجتماع-في-دمشق/
 
الصحافة الامريكية :
واشنطن بوست: إسرائيل أحبطت محاولة للنظام السوري لإنتاج أسلحة كيميائية
https://www.trtarabi.com/now/واشنطن-بوست-إسرائيل-أحبطت-محاولة-للنظام-السوري-لإنتاج-أسلحة-كيميائية-7400227
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الاثنين، أن هجوماً إسرائيلياً على سوريا في 8 يونيو/حزيران الماضي، استهدف ثلاث منشآت تعتقد تل أبيب أن النظام السوري كان يستخدمها لإعادة بناء برنامجه لإنتاج أسلحة كيميائية.
ووفق الصحيفة، نقلا عن 4 مصادر مخابراتية أمريكية وغربية طلبت عدم نشر أسمائها، فإن مقاتلات إسرائيلية أطلقت آنذاك صواريخ على ثلاثة أهداف عسكرية قرب مدينتَي دمشق وحمص وسط سوريا، فقتلت سبعة جنود سوريين، بينهم ضابط كبير برتبة عقيد.
وأضافت أن الهجوم استهدف إحباط محاولة للنظام السوري استئناف إنتاج غاز الأعصاب القاتل.
وامتنع الجيش الإسرائيلي آنذاك عن التعليق على التوغل في المجال الجوي السوري. وعادةً ما تتبع تل أبيب سياسة التعتيم في ما يتعلق بهجماتها الخارجية.
لكن محللي مخابرات في عواصم غربية قالوا إن الهجمات الإسرائيلية السابقة في سوريا استهدفت القوات التي تعمل بالوكالة لصالح إيران وشحنات أسلحة، فيما استهدفت غارات 8 يونيو/حزيران منشآت عسكرية سورية كانت متصلة بالبرنامج الكيميائي السوري السابق، حسب "واشنطن بوست".
وأمر مسؤولون إسرائيليون، وفق الصحيفة، بشنّ هذه الغارات، إحداها العام الماضي، بناء على معلومات تفيد بأن نظام بشار الأسد كان يحصل على سلائف كيميائية وإمدادات أخرى ضرورية لإعادة بناء قدرة الأسلحة الكيميائية، التي أعلن التخلي عنها قبل ثماني سنوات (تحت ضغط دولي).
وقالت المصادر إن هذه الهجمات عكست مخاوف خطيرة أثيرت داخل أجهزة المخابرات الإسرائيلية منذ عامين، بعد محاولة ناجحة من جيش النظام لاستيراد مادة كيميائية رئيسية يمكن استخدامها في صنع غاز أعصاب السارين القاتل.
وتابعت بأن المخاوف تنامت عندما رصد عملاء للمخابرات الإسرائيلية نشاطاً في مواقع سورية متعددة يكشف عن جهود لإعادة بناء برنامج الأسلحة الكيميائية.
وردّاً على طلب للتعليق، لم يؤكد مسؤولون إسرائيليون طبيعة هجمات 8 يونيو/حزيران الماضي، ولم يوضحوا أسبابها، وفق الصحيفة.
وحينها أدان مسؤولون في النظام السوري بشدة الهجمات الإسرائيلية، ونفت دمشق مراراً استخدام أو إنتاج أسلحة كيميائية منذ عام 2013.
وذكرت الصحيفة أن "الرئيس السوري بشار الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه عشرات المرات منذ بداية الثورة السورية" عام 2011.
ولفتت المصادر إلى أن إسرائيل شنت غارة مماثلة في 5 مارس/آذار 2020 استهدفت فيلّا ومجمعاً جنوب شرقي حمص على بعد نحو 100 ميل شمال دمشق.
وحمص ثالث أكبر مدينة في سوريا، وكانت مركزاً لإنتاج الأسلحة الكيميائية، حسب الصحيفة.
=============================
فورين أفيرز: روسيا قد توافق على حل النزاع مع أمريكا والتسوية ممكنة في سوريا
https://www.alquds.co.uk/فورين-أفيرز-روسيا-قد-توافق-على-حل-النزا/
إبراهيم درويش
لندن-“القدس العربي”: نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا لجيمس جيفري، الممثل الأمريكي الخاص إلى سوريا والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم “الدولة” ويعمل حاليا مديرا لبرنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون قال فيه إن تسوية سياسية للنزاع السوري لا تزال ممكنة لكن على الولايات المتحدة التوقف عن تجاهل الحرب هناك.
وقال فيه إن الرئيس جو بايدن وفريقه يركزون اهتمامهم على الخطر النووي الإيراني في وقت ظلت فيه الحرب السورية جرحا مفتوحا في قلب الشرق الأوسط. ومع أن الإدارة الحالية لم تحدث أي تغير درامي في النهج عن الإدارات السابقة إلا أن قرارها جعل النزاع في أسفل أولوياتها يأتي في وقت سيء.
وقال إن الفرص لحل الأزمة بدأت تظهر الآن، وعلى الولايات المتحدة أن تكرس طاقة دبلوماسية ووقتا ضرورية لانتهازها. ولا تكمن مفاتيح النجاح بعد سنوات من الفشل ليس في المشاركة على مستوى عال ولكن تقييم ما يمكن تحقيقه وبشكل واقعي في أي صفقة. وتظل مخاطر ترك الملف السوري على الرف واضحة، فالنزاع تحول إلى قطار مدمر: فانتصار نظام بشار الأسد سيرسل رسالة إلى الحكام الديكتاتوريين حول العالم أن القتل الجماعي هو سلاح مهم للحفاظ على السلطة، كما وسيعطي صورة عن صعود داعمي الأسد في المنطقة وهما روسيا وإيران.
وولد النزاع تهديدات جيوسياسية من تنظيم “الدولة” إلى نشر إيران صواريخ دقيقة لضرب إسرائيل وخلق موجات من اللاجئين لزعزعة استقرار الجيران وأوروبا. أما بالنسبة للسوريين، أنفسهم، فإن العقد الذي مضى على الحرب الأهلية أدى إلى أعداد مروعة من الضحايا وتشريد نصف السكان من بيوتهم وخلفت معظم السكان في حالة من البؤس.
وفي حالة ترك هذه الديناميات بدون معالجة فستظل تهدد الشرق الأوسط وتؤثر على استقراره لسنوات مقبلة. وأدت الحرب السورية لدخول القوات التركية والأمريكية وتدخل الطيران الإسرائيلي، وهناك مخاطر من تصادم مع القوات السورية والإيرانية والروسية، وهذه إمكانية حقيقية.
وتتعامل واشنطن مع الجيب الكردي في شمال- شرق سوريا كحليف مهم لمحاربة تنظيم الدولة، لكن تركيا تتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية كفرع لحزب العمال الكردستاني الإرهابي.
وفي الفترة الماضية حصل خرقين واضحين لوقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه بين الرئيس دونالد ترامب والروسي، فلاديمير بوتين عام 2017، وبدون أي رد أمريكي واضح. فالخرق الأول قامت به قوات الأسد في جنوب- غرب سوريا والثاني الهجوم الإيراني على القوات الأمريكية في قاعدة التنف في جنوب سوريا، وقد يشجع هذا الأسد أو الإيرانيين على استهداف المناطق التي تقوم بحراستها القوات التركية أو الأمريكية. وأعرب مسؤولو إدارة بايدن عن عدم رغبة بحل النزاع السوري، لكن عليهم إعادة النظر في موقفهم مع التحول في الوضع وإمكانية حصول تنازلات. ورغم تركيز الولايات المتحدة على الملف النووي الإيراني أكثر من تأثير طهران الإقليمي، إلا أن من الواجب التركيز على سوريا من جديد حالة اتضاح الصورة في المحادثات النووية. فمخاطر تجاهل النزاع والمنافع النابعة من التوصل لصفقة مهمة ويجب عدم تركها تفلت. وعلى الولايات المتحدة قيادة جهود إحياء الجهود الدبلوماسية والتوصل إلى حل للنزاع السوري. وأي حل يجب أن يكون متساوقا مع صيغة الأمم المتحدة، لكن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة التنسيق بين القوى المتعددة والمعادية للأسد والمحاور الوحيد للولايات المتحدة في هذه المفاوضات هي روسيا.
أثبتت المحاولات السابقة ومنذ عام 2011 فشل وخيبة من حاول التوصل إلى حل مع الأسد. وترفض إيران مناقشة دورها وتحركاتها في الدول المجاورة لها مع الدول الخارجية.
وأثبتت المحاولات السابقة ومنذ عام 2011 فشل وخيبة من حاول التوصل إلى حل مع الأسد. وترفض إيران مناقشة دورها وتحركاتها في الدول المجاورة لها مع الدول الخارجية.
ولأن موسكو لا تمارس سلطة كاملة على الأسد ويجب أن تتنافس على التأثير مع إيران، فهي تظل الشريك الأبرز في التحالف الروسي- الإيراني- السوري. وروسيا ليست لديها طموحات واسعة في دمشق مثل إيران، ولهذا قد تكون طيعة لأي تفاوض.
وضمن هذا السياق على إدارة بايدن متابعة نهج خطوة خطوة لخفض التوتر. وسيكون هذا النهج مثل استراتيجيتي الإدارتين السابقتين. لكن الفرق هو ما تريد إدارة بايدن عمله أولا وأفضليات شركائها على الجانب الآخر. ويجب أن يكون على رأس المفاوضات، عودة اللاجئين من الخارج وإعادة توطينهم بمراقبة دولية، بالإضافة لبنود تتعلق بإعادة دمج قوات المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية وضمانات للأمن على الحدود الجنوبية لتركيا. وكذا سحب دائم للأسلحة الإيرانية الاستراتيجية من الأراضي السورية، وتحديدا الصواريخ الدقيقة (وانسحاب إيراني كامل ليس واقعيا). ومقابل هذا فقد تضغط روسيا باتجاه سحب القوات الإسرائيلية والأمريكية والتركية من سوريا. وقد تطلب روسيا تعاونا في مجال مكافحة الإرهاب ضد تنظيم “الدولة” ذلك أن الأسد غير قادر على هزيمته، كما يبدو، إلى جانب تخفيف العقوبات وعودة اللاجئين من تركيا والأردن ولبنان إلى بلداتهم ومدنهم.
وربما فكرت روسيا- بطريقة غير واقعية- أن هذه الخطوات قد تؤدي لرفع العقوبات وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية وإعادة إعمار سوريا. والخطوة الأخيرة، هي قرار من مجلس الأمن يؤكد الصفقة ويخلق آلية رقابة على التزامات كل طرف. وفي النهاية ستعود سوريا إلى “بلد عادي” وعضو في الجامعة العربية.
ويرى جيفري أن روسيا قد تكون طيعة لأي صفقة أكثر مما تتوقع إدارة بايدن. ويعطي التاريخ مثالا عن قدرة الولايات المتحدة وشركائها اتخاذ قرارات قد تؤثر على حسابات روسيا في سوريا. فقد وضعت إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية نظام الأسد تحت ضغوط اقتصادية ودبلوماسية.
واستخدمت إدارة ترامب لاحقا الخيار العسكري لتعزيز الضغط الاقتصادي والدبلوماسي. وقامت بشن هجمات صاروخية أوقفت الهجمات بالأسلحة الكيماوية التي شنها الأسد ضد شعبه واحتفظ بقوات عسكرية في شمال- شرق وجنوب سوريا ودعمت الغارات الجوية الإسرائيلية والتدخل العسكري التركي في البلد. وأدت هذه الخطوات بحلول 2018 إلى حالة انسداد لا تزال قائمة حتى اليوم. ثم دفعت إدارة ترامب روسيا لقرار وسط يقوم بشكل عام على وقف الضغط الدولي، وبالتحديد العقوبات والقبول بالأسد مقابل تنازلات في القضايا الاستراتيجية. وضمت هذه نزع الأسلحة الإيرانية الاستراتيجية والتعاون في العملية السياسية والمصالحة مع قوات المعارضة واللاجئين ونهاية للهجمات الكيماوية. وكان المقترح مغريا لبوتين بدرجة دعوته لوزير الخارجية مايك بومبيو إلى منتجع سوتشي في أيار/مايو 2019. لكن بوتين قرر عدم عقد صفقة في ذلك الوقت. وكان يعتقد أنه قادر على تحقيق النصر عسكريا وليس إنجاز الأهداف الروسية، بل وجعل موسكو اللاعب الإقليمي المهم في المنطقة. وشجعه على هذا الموقف، كلام ترامب المستمر عن خططه لسحب القوات الأمريكية من سوريا. وحاولت موسكو وبشكل مستمر تقسيم القوى المعارضة للأسد وضغطت على الأتراك والإسرائيليين وحلفاء أمريكا الأكراد لعقد اتفاقيات منفصلة مع الأسد. كما وشجع التواصل العربي مع دمشق موسكو.
وبات المشهد اليوم كالتالي: تراجعت أمال روسيا بانتصار حاسم للأسد. وأبقت تركيا وإسرائيل والأكراد الضغط العسكري على نظام الأسد نظرا لنزعته الميالة للحرب. وبالنسبة للتواصل العربي مع نظام الأسد، فهو مقلق لكنه لم يؤد إلى إعادة دمج النظام السوري في الجامعة العربية. وقد واصلت إدارة بايدن معظم عناصر الاستراتيجية السابقة: الحفاظ على القوات الأمريكية بتعديلات طفيفة واستمرار نظام العقوبات وتحذير كل الأطراف عدم تحدي أو خرق اتفاقيات وقف إطلاق النار مع تركيا والمعارضة والقوات الكردية ودعم الغارات الجوية الإسرائيلية ضد إيران والتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم” الدولة” وبطريقة غير مباشرة ضد دمشق وتحميل نظام الأسد المسؤولية عبر الجهود الدبلوماسية وجمع المعلومات لدعم تحقيقات الأمم المتحدة والإجراءات القضائية الأوروبية ضد المسؤولين السوريين والمصادقة على الجهود السياسية للأمم المتحدة. وفي ظل هذا الوضع فقد باتت خيارات موسكو محدودة، فهي تعرف أن الأسد لم ينتصر في الحرب وليس لديه خيار لتحقيقه.
وتسيطر القوات المدعومة من أمريكا وتركيا على نسبة 30% من أراضي سوريا، بما في ذلك معظم المنشآت النفطية ومعظم الأراضي الخصبة. ولا تزال النسبة الباقية من السكان، النصف، تخشى من العودة لحكم الأسد. ورغم محدودية المخاطر لروسيا، لكن لا يعني أنها غير مهمة، وتشمل تدهور الاقتصاد السوري الذي يعاني من تراجع مستمر أو تعرض النظام لتصدع داخلي أو تصعيد غير مقصود مع القوات الإسرائيلية والأمريكية والتركية الأكثر تفوقا. وحتى نهاية حكم ترامب عوم المسؤولون الروس إمكانية حل ينهي النزاع. وأصبحت خطوط الإصطفاف في المنطقة أكثر تناسقا، فقد عمت اتفاقيات التطبيع من علاقات إسرائيل مع دول الخليج وحلت الأزمة مع قطر وخففت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من لهجته تجاه شركاء الولايات المتحدة في المنطقة. ويطلب قادة المنطقة المهمة من الولايات المتحدة لعب دور بارز. وحتى لو قامت واشنطن بمحاولة غير ناجحة لحل النزاع السوري، فإنها ستعزز الدعم الإقليمي للموقف الأمريكي بشكل يؤدي إلى استمرار الانسداد بطريقة تحرم إيران وروسيا من انتصار استراتيجي. وحتى نكون متأكدين، فمحاولة دبلوماسية كبيرة ستكون أكبر مما تستطيع الإدارة تحمله، لكن القيام بهذا هو أقل خطورة من ترك النزاع مستمرا، مع ما يرافقه من مأساة إنسانية ومخاطر أمنية. وقد يؤدي حل النزاع السوري إلى تقوية القيم الأمريكية وشركائها في الشرق الأوسط وأبعد منه.
=============================
فورين أفيرز :الجميع ضد الجميع: صعود الطائفية في شرق أوسط ما بعد أميركا (2-1)
https://alghad.com/الجميع-ضد-الجميع-صعود-الطائفية-في-شرق-أ/
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
ولي نصر* – (فورين أفيرز) عدد كانون الثاني (يناير)/ شباط (فبراير) 2022
نجحت إدارة ترامب في ضرب الاقتصاد الإيراني، وزيادة البؤس الاجتماعي والاستياء السياسي في البلد. لكن محاولتها فرض انسحاب إيراني أوسع نطاقاً من العالم العربي فشلت فشلاً ذريعاً.
على العكس من ذلك، ردت إيران بتصعيد التوترات الإقليمية: هاجمت ناقلات النفط في الخليج العربي؛ واستهدفت منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية؛ ونفذت ضربة صاروخية جريئة على القواعد الجوية العراقية التي تؤوي قوات أميركية، وهو ما جعل إيران والولايات المتحدة أقرب إلى الحرب من أي وقت مضى.
وخرجت إيران من عهد ترامب أكثر عدوانية وفتكا. منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب، ووسعت بنيتها التحتية النووية، واكتسبت الدراية النووية الحاسمة، وهي الآن قريبة بشكل خطير من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.
* * *
اللازمة التي تكررها إدارة بايدن بشأن بالشرق الأوسط بسيطة: “إنهاء الحروب ’الأبدية‘” هناك. الآن، أصبح البيت الأبيض منشغلاً تماماً بإدارة التحدي الذي تشكله الصين، وهو يهدف إلى فك ارتباط الولايات المتحدة بصراعات الشرق الأوسط التي لا نهاية لها والتي لا يمكن الانتصار فيها.
لكن فك ارتباط الولايات المتحدة مع المنطقة يهدد بترك فراغ سياسي ستملؤه الخصومات الطائفية، ما يعبد الطريق إلى منطقة غير مستقرة وأكثر عنفاً.
الآن، يقوم الصراع على الأسبقية الجيوسياسية بين الثيوقراطية الشيعية في إيران والدول التي يقودها العرب السنة -ومؤخرًا تركيا السنية- بتأجيج الصراع في جميع أنحاء المنطقة، وعلى نحو يؤدي إلى تآكل المواثيق الاجتماعية، ومفاقمة الاختلالات الوظيفية للدول، وتحفيز الحركات المتطرفة.
وقد استخدم كلا جانبي الصراع الهوية الدينية كسلاح لخدمة أغراضهما الخاصة، كما استخدماها لحشد المؤيدين وتعزيز نفوذهما في مختلف أنحاء المنطقة. ونتيجة لذلك، أصبح الشرق الأوسط الأوسع علبة ثقاب قابلة للاشتعال.
وعلى الرغم من احتفاظ إيران باليد العليا في هذا الصراع، فإن التحديات التي تواجه موقفها آخذة في الازدياد في جميع أنحاء المنطقة. وبدورهم، سئم السنة من التطرف الخبيث، لكن الغضب الذي غذى صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضًا باسم “داعش”) لم تخفت حدته وما يزال على حاله.
وسوف تستغل حركات التمرد الجديدة التي نشأت في الأجزاء المحطمة من المنطقة بلا شك هذا الغضب مرة أخرى. ويتصاعد غضب السنة في العراق، ولبنان، وسورية من تحركات طهران وحلفائها لتشديد قبضتهم على السلطة.
كما عاد الإرهاب في أفغانستان إلى الظهور مرة أخرى، وشرع ذلك البلد في الانزلاق مجدداً إلى دوامة الفوضى في أعقاب انتصار “طالبان”.
وفي غياب أي عملية سياسية لنزع فتيل هذه التوترات، فإن من المحتم أن تندلع في موجات جديدة من الاضطرابات وإراقة الدماء.
ولم يفعل تدخل إسرائيل في هذه الصراعات الطائفية إلى جانب القوى السنية سوى صب الزيت على النار.
وبسبب تدخل إسرائيل، أصبح الاستقرار الإقليمي يخضع بدرجة أكبر لمصير البرنامج النووي الإيراني. وتناقش واشنطن والقدس بالفعل “خطة ب” للجوء إليها في حال ظلت التسوية الدبلوماسية بعيدة المنال.
وسيكون من شأن هذا المسار أن يضع إيران والولايات المتحدة على مسار تصادمي -إضافة إلى مفاقمة التوترات الطائفية، وتعميق الانقسامات المجتمعية، وإثارة صراعات جديدة تمتد على كامل المساحة من بلاد الشام إلى أفغانستان.
تأتي رغبة واشنطن في بذل جهود أقل في الشرق الأوسط في وقت تميل فيه الصين وروسيا إلى دخول المنطقة، ووجود حكومة متشددة في إيران تتسم بالعناد وتتشبث بمواقفها، ودول عربية سنية أقل ثقة من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالضمانات الأمنية الأميركية.
وما لم تمهد الولايات المتحدة الطريق أمام نظام إقليمي أكثر استقرارًا -بدءًا من إبرام اتفاق بشأن برنامج إيران النووي- فإنها قد تجد نفسها وقد انجرفت مرة أخرى إلى صراعات الشرق الأوسط العديدة، على الرغم من بذل قصارى جهدها للانسحاب.
تسليح الإسلام
تعود أصول التنافس بين الشيعة والسنة وراء إلى البدايات الأولى للإسلام، وقد طورت الطائفتان على مر القرون تفسيرات متمايزة للشريعة الإسلامية والممارسات الدينية.
ومع ذلك، فإن الخلاف القائم بين المجموعتين اليوم ليس متجذرًا في اللاهوت بقدر ما هو متجذر في الصراع على السلطة والنفوذ.
وقد أصبحت الشيعية والسنية اليوم من العلامات البارزة للهوية التي تشكل الولاءات السياسية في المجتمعات المنقسمة.
وراوحت حدة الاقتتال الطائفي بين المد والجزر على مدى العقدين الماضيين، لكن بروز الطائفية في سياسات المنطقة لم يتضاءل -وكذلك حال الصراع بين إيران وخصومها الذين يقودهم السنة أيضاً، والذي يتغذى على هذا الانقسام ويؤججه على حد سواء.
وتشكل هاتان القوتان وجهين مختلفين لعملة واحدة.
كان الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 هو الذي سمح لإيران بتوسيع نفوذها بشكل كبير في العالم العربي. ومنذ اللحظة التي أسقطت فيها الولايات المتحدة النظام الاستبدادي الذي ضمن حكم الأقلية السنية في بغداد، لعبت طهران بخبرة على الولاءات الطائفية لتمكين شبكة من الوكلاء المسلحين تمتد الآن من لبنان وسورية إلى العراق واليمن، والتي شكلت ما أطلق عليه العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ذات مرة اسم “الهلال الشيعي”.
وبفعلها ذلك، تكون إيران قد مكنت الشيعة على حساب السنة في جميع أنحاء المنطقة، وعززت نفوذها الخاص على حساب منافسيها مثل المملكة العربية السعودية، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة.
وفي المقابل، أفضى الاندفاع الأخير في العالم العربي نحو تحقيق الديمقراطية والحكم الرشيد، في ما يسمى بـ”الربيع العربي”، إلى قيام القادة المستبدين المهددين باحتمالات التغيير بتسليح الطائفية بشكل أكبر.
في سورية، عمل الرئيس بشار الأسد على تعبئة الخوف من السنة لتخويف المجتمع العلوي السوري الذي ينتمي إليه، والذي تعود جذوره إلى التشيع، وتحويله إلى دعم لا يتزعزع لنظامه.
وفي اليمن والدول التي فيها أغلبية شيعية، برر الحكام حملات القمع العنيفة التي شنوها على مواطنيهم باتهام المحتجين الشيعة بأنهم وكلاء لإيران. وعززت إيران وخصومها العرب هذه الدينامية من خلال حشد أنفسهم خلف وكلائهم الشيعة والسنة، والنظر إلى إخوانهم في الطائفة كأدوات لحماية نفوذهم الإقليمي.
وقد توسعت بصمة إيران الإقليمية بالتوازي مع برنامجها النووي. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كبحت بشكل فعال طموحات إيران النووية في العام 2015 من خلال الاتفاق الذي أُبرم بوساطة دولية، ثبت أن احتواء طموحات طهران الإقليمية أبعد منالاً.
وأثار إصرار واشنطن على عدم إدراج المسائل الإقليمية في المحادثات النووية حفيظة حلفائها العرب، الذين كانوا في ذلك الحين على وشك الوصول إلى نهاية خاسرة للحروب الطائفية بالوكالة في العراق وسورية واليمن.
وعزز الرئيس الأميركي باراك أوباما مخاوفهم بشأن التزام واشنطن بمساعدتهم في هذه الصراعات عندما صرح بأن الإيرانيين والسعوديين في حاجة إلى “إيجاد طريقة فعالة لتقاسم الجوار”.
من جهتها، نظرت الدول العربية السنية إلى الاتفاق النووي على أنه نهاية الكتاب التي تستكمل رفض إدارة أوباما السابق للإطاحة بنظام الأسد. ومن وجهة نظر القادة العرب، أدى هذان القراران إلى قلب ميزان القوى الإقليمي بشكل قاطع لصالح طهران:
فقد عزز الفشل في الإطاحة بالأسد حلفاء طهران الشيعة في دول أخرى؛ وفشل الاتفاق النووي في كبح تدخل إيران الإقليمي. وبدا الأمر، بالنسبة للزعماء العرب، وكأن الولايات المتحدة تبارك الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب متعاطفًا مع هذا الرأي. وقد انسحب من الاتفاق النووي في العام 2018، وقال إن اتفاقاً جديداً يجب أن يعالج مسألة دور إيران الإقليمي. وفرضت حملته “الضغط الأقصى” عقوبات قاسية على إيران وأرادت أن تجعل من المستحيل على طهران أن تديم مالياً موقفها في العالم العربي.
وفي عهد ترامب، اتخذت واشنطن خطوات عدة لكبح جماح إيران، بما في ذلك شن غارة جوية بطائرة من دون طيار في العام 2020، والتي أسفرت عن مقتل قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس”، فرع الاستطلاع في الحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس، القائد البارز لإحدى الميليشيات الشيعية العراقية.
وفي الحقيقة، نجحت إدارة ترامب في ضرب الاقتصاد الإيراني، وزيادة البؤس الاجتماعي والاستياء السياسي. لكن محاولتها لفرض انسحاب إيراني أوسع نطاقاً من العالم العربي فشلت فشلاً ذريعاً.
وعلى العكس من ذلك، ردت إيران بتصعيد التوترات الإقليمية: هاجمت ناقلات النفط في الخليج العربي؛ واستهدفت منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية؛ ونفذت ضربة صاروخية جريئة على القواعد الجوية العراقية التي تؤوي قوات أميركية، وهو ما جعل إيران والولايات المتحدة أقرب إلى الحرب من أي وقت مضى.
وخرجت إيران من عهد ترامب أكثر عدوانية وفتكا. منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب، ووسعت بنيتها التحتية النووية، واكتسبت الدراية النووية الحاسمة، وهي الآن قريبة بشكل خطير من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.
كان قرار إلغاء الاتفاق النووي، وليس قرار التوقيع عليه في المقام الأول، هو ما جعل إيران قوة أكبر في المنطقة.
وقد تقدمت طموحات طهران النووية والإقليمية جنبًا إلى جنب: سوف يوفر برنامج نووي موثوق مظلة تحمي وكلاءها في جميع أنحاء المنطقة، وهو ما سيعزز بدوره نفوذ إيران بشكل أكبر.
وهكذا، كلما كانت المظلة النووية أكثر اتساعًا ومرونة، زادت فعالية الوكلاء الذين يعملون تحت حمايتها. ومن خلال تقليص نطاق البرنامج النووي الإيراني، قلل الاتفاق النووي المُبرم في العام 2015 أيضًا من الحماية التي يمكن أن توفرها طهران لقواها الوكيلة.
ومع تعليق الاتفاق النووي وتنمية إيران السريعة لبرنامجها النووي، ستصبح قواتها الإقليمية أكثر جرأة.
كما عزز المتشددون الإيرانيون سلطتهم خلال سنوات ترامب أيضاً.
في ذلك الوقت، رأوا نظرتهم العالمية وهي تجد تبريراً في حملة “الضغط الأقصى” التي شنها عليهم ترامب: بالنسبة لهم، كان ذلك دليلًا على أن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير النظام في طهران وأنها لن تتراجع إلى أن تنهار الجمهورية الإسلامية.
وقد جعل هذا من التعامل مع واشنطن مسعى عديم الجدوى وعنى أن إيران لن تستطيع تأمين مصالحها إلا من خلال المواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها. وهكذا خرجت إيران من عهد ترامب عازمة على مواصلة برنامجها النووي وتعزيز مكانتها في المنطقة.
خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر)، أوضح إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الجديد، أنه يعتقد أن ميزان القوى الإقليمي يميل لصالح طهران.
وبينما يستحضر أحداث الشغب التي جرت في 6 كانون الثاني (يناير) في مبنى الكابيتول الأميركي وصور المدنيين الأفغان وهم يسقطون من الطائرات الأميركية أثناء محاولة الهروب من أفغانستان، قال رئيسي إن هذه المشاهد بعثت برسالة واضحة إلى العالم: “إن نظام هيمنة الولايات المتحدة لا يتمتع بالمصداقية، سواء كان ذلك في داخلها أو خارجها”.
وكما توحي مثل هذه التصريحات، فقد تبنت الحكومة الإيرانية الجديدة منظوراً انتصارياً بشأن الأحداث في الشرق الأوسط.
وحسب رؤيتها، فإن التدخل الإيراني في سورية أنقذ الأسد في مواجهة مسعى أميركي وأوروبي وتركي وعربي سني منسق للإطاحة به.
وفي اليمن، فشلت الحملة العسكرية الشرسة المدعومة من الولايات المتحدة في تغيير حقيقة أن الحوثيين راسخون بقوة في العاصمة صنعاء وفي جميع أنحاء شمال البلاد تقريبًا.
كما حافظت إيران على مكانتها المهيمنة في العراق ولبنان، على الرغم من الضغوط الاقتصادية عليها وما تعتبره تدخلاً من خصومها.
أصبحت ضرورة حفاظ إيران على نفوذها في العالم العربي جزءًا لا يتجزأ من الحسابات الاستراتيجية للدولة العميقة للبلاد، وأصبحت الميليشيات التي بنتها طهران لتنفيذ هذه المهمة حقائق على الأرض في جميع أنحاء المنطقة.
ولكن، على الرغم من كل الانتصارات التي حققتها إيران في الآونة الأخيرة، فإن الصراعات الطائفية التي تعصف بالشرق الأوسط ما تزال بعيدة كل البعد عن الانتهاء.
وضع مهيأ للانفجار
ليست إيران هي الطرف الوحيد الذي يقف وراء تصاعد الصراع الطائفي في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ فقد دعمت قطر والسعودية وتركيا والإمارات الفصائل السنية في العالم العربي.
وقامت تركيا ورجال الأعمال السنة الأثرياء في الخليج العربي بتمويل بعض الفصائل السنية الأكثر تطرفاً التي سعت إلى الإطاحة بالأسد -بما في ذلك “داعش”.
وكانت معاداة هذه المجموعة الشرسة للشيعة ووعدها بإحياء الخلافة الإسلامية، التي كانت مركزاً للسلطة السنية في العصور السابقة، قد لقيت قبولاً لدى السنة المحرومين في كامل المساحة الممتدة من دمشق إلى بغداد.
وفي نهاية المطاف، تم القضاء على “داعش” على يد تحالف المصالح الذي شكلته روسيا والولايات المتحدة وإيران، حيث قاتلت الأخيرة ضد “داعش” إلى جانب حلفائها الشيعة المحليين في العراق وسورية.
ولكن، على الرغم من أن طهران تمكنت حتى الآن من تحقيق الصدارة في الصراع الإقليمي على النفوذ، فإنها قد تجد نفسها تحت ضغط متزايد في السنوات المقبلة.
هناك مصلحة لدول الخليج العربي السنية، إلى جانب إسرائيل وتركيا، في نتيجة الصراعات الطائفية التي تعصف بالعالم العربي. ومع إشارة الولايات المتحدة إلى أنها لن تحاول طرد إيران من مختلف الأماكن التي رسخت فيها نفسها، أصبح اللاعبون الإقليميون الآخرون يستعدون لالتقاط القفاز ومواجهة التحدي.
في سورية، يحاول نظام الأسد ترسيخ سلطته، لكن البلد ما يزال يشكل برميل بارود طائفيا.
وقد يتم استئناف القتال في البلد للسيطرة على محافظة إدلب الشمالية الغربية والمنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.
وفي الأثناء، دفعت تركيا ضد محاولات الأسد للسيطرة على إدلب، معززة ادعاءها بأنها المدافع عن حقوق السنة في سورية.
كما انجذبت إسرائيل أيضًا إلى دوامة الصراع السوري، حيث أصبحت غير مرتاحة بشكل متزايد مع توسع الوجود العسكري الإيراني هناك.
وفي الوقت نفسه، ما تزال الأغلبية من السكان السنة في البلد، الذين يعيشون في الأجزاء التي دمرتها الحرب التي دامت عشر سنوات، فقراء ومحرومين من حقوقهم.
يرتبط مصير سورية بمصير العراق.
ولم يؤد انتصار الحكومة العراقية المركزية على الجهاديين سوى إلى تأكيد اعتمادها على الدعم العسكري من إيران والولايات المتحدة، كما جاء بكلفة تعزيز نفوذ الميليشيات الشيعية في البلاد.
وقد تمكن العراقيون من تهدئة الصراع الطائفي الداخلي في الوقت الحالي، لكن جمره ما يزال يتوهج مباشرة تحت السطح. كما أبرزت الانتخابات الوطنية الأخيرة في العراق هشاشة الوضع السياسي الراهن.
قبل التصويت في تشرين الأول (أكتوبر)، شجع آية الله العظمى علي السيستاني والمؤسسة الدينية الشيعية العراقيين على التوجه إلى صناديق الاقتراع -لكن هذه المناشدات لم تلق آذاناً صاغية.
ونتج عن هذه اللامبالاة العامة انخفاض قياسي في الإقبال على الاقتراع، ما أعطى دفعة لأكثر الشخصيات السياسية طائفية في البلاد:
رجل الدين المنشق مقتدى الصدر ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وكان الجانب المشرق الوحيد في هذه الانتخابات هو أن أداء الأحزاب التابعة للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران كان ضعيفًا أيضًا.
ومع ذلك، منحها ذلك دافعًا لزعزعة استقرار البلاد -كما اتضح من المحاولة الأخيرة لاغتيال رئيس وزراء البلاد. (يُتبع)
*Vali Nasr: أستاذ مجيد خضوري لدراسات الشرق الأوسط والشؤون الدولية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: All Against All: The Sectarian Resurgence in the Post-American Middle East
=============================
فورين أفيرز :الجميع ضد الجميع: صعود الطائفية في شرق أوسط ما بعد أميركا (2-2)
https://alghad.com/الجميع-ضد-الجميع-صعود-الطائفية-في-شرق-2/
ولي نصر* – (فورين أفيرز) عدد كانون الثاني (يناير)/ شباط (فبراير) 2022
وضع مهيأ للانفجار
لا يبشر صعود رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، بالخير عندما يتعلق الأمر بالسلام الطائفي في العراق. وعلى الرغم من أنه يعرض نفسه على أنه قومي، إلا أنه يساوي بين المصحلة الوطنية للعراق وحق طائفته الشيعية في حكم البلاد. وكانت ميليشياته في طليعة الحرب الأهلية الطائفية التي اجتاحت العراق في العام 2006، وهو لا ينوي التنازل عن السلطة لتهدئة السنة. وعلى الرغم من أنه يريد تحقيق الحكم الذاتي والاستقلال عن إيران، إلا أنه سيواجه الفصائل المتنافسة في الداخل ومناورات الممالك السنية في الخليج الفارسي، الذين عارضوا سيطرة الشيعة على العراق. ولذلك سيكون ميله هو الاعتماد على طهران.
كما تنذر الاضطرابات المتزايدة في لبنان أيضًا بعدم الاستقرار، لكنها لا تعِد بأي تقليص للنفوذ الإيراني. والفاعل السياسي المهيمن في البلاد هو حزب الله، الذي بنى قدرته العسكرية على مر السنين بدعم إيراني سخي. وقد أدت الجماعات الشيعية اللبنانية أداءً جيدًا في الحروب ضد إسرائيل، وما تزال ترسانتها الضخمة من الصواريخ تشكل رادعًا يهدد العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران. كما نجح حزب الله في نشر مقاتليه نيابة عن حلفاء إيران في جميع أنحاء العالم العربي، ولا سيما في العراق وسورية، حتى أصبح لاعباً أكثر أهمية ولا غنى عنه بالنسبة لطهران.
لكن حزب الله يظل أيضا قوة سياسية في لبنان، ويشارك في التسبب بالأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تآكل الدولة والمجتمع. ولطالما استنكر المجتمعان المسيحي والسني في البلاد ولاءات حزب الله المتجهة إلى إيران وإصراره على العمل كدولة داخل دولة. ويلقي عدد متزايد من اللبنانيين باللوم على المجموعة في تقويض التحقيق الرسمي في الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت في آب (أغسطس) 2020، الذي دمر أجزاء كبيرة من المدينة أيضاً. ولن يتخلى حزب الله عن السلطة من دون قتال. وما تزال قبضته على الطائفة الشيعية قوية، وما تزال إيران ملتزمة بدعم الحزب. ولطالما كان لبنان عرضة لنوبات العنف، وليس من الصعب أن نرى كيف تمهد الأحداث الجارية المسرح لقدوم نوبة أخرى من الصراع الطائفي هناك.
وفي اليمن، أصبحت الحرب الأهلية حربًا بالوكالة. فمن جهة، هناك الحكومة المركزية المدعومة من السعودية. ومن جهة أخرى، هناك القبائل الحوثية التي تنحدر من شمال البلاد الذي يسيطر عليه أعضاء من الطائفة الزيدية الشيعية، والذين يتمتعون بدعم إيران. وقد اتخذت الحرب في اليمن طابعًا طائفيًا علنيًا في العام 2015، عندما تدخل تحالف الدول بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لمنع انتصار الحوثيين والحيلولة دون إنشاء رأس جسر إيراني في شبه الجزيرة العربية. وقد دمرت حملتهم اليمن -لكنها لم تهزم الحوثيين، الذين ازداد اعتمادهم على إيران خلال القتال فحسب. وعندما تنتهي الحرب، سيسيطر الحوثيون على أجزاء كبيرة من اليمن وسيكون لهم رأي كبير في تحديد سياساته. وسيكون نصف الكأس الممتلئ من نصيب إيران والجانب الشيعي من دفتر الأستاذ الإقليمي، بينما سيكون النصف الفارغ للسعودية وحلفائها السنة.
بينما تتطلع الدول العربية السنية إلى تسوية ميدان اللعب، فإنها تتجه بشكل متزايد إلى التدفئة مع حليف قوي في الصراع ضد إيران: إسرائيل، التي وضعت نفسها بشكل مباشر في وسط الصراع الإقليمي المتنامي من خلال شن غارات جوية ضد القواعد الإيرانية في العراق وسورية، وتنفيذ الاغتيالات والهجمات الإلكترونية والتخريب الصناعي لإبطاء البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. وحتى الآن، قصرت طهران ردودها ضد إسرائيل على الهجمات الإلكترونية والهجمات على سفنها في الخليج الفارسي، لكن الوضع قد يتصاعد بسرعة -ليس بالضرورة إلى حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، ولكن ربما إلى اشتباكات بين الشركاء الضمنيين لكلا الجانبين في العراق ولبنان وسورية، وشن إيران هجمات ضد حلفاء إسرائيل الجدد في الخليج الفارسي.
الضربة الارتدادية السُّنية
في خضم كل هذا، تبحث الدول العربية السنية عن استراتيجيات جديدة لحماية مصالحها. وكانت تعتمد حتى الآن على الولايات المتحدة لاحتواء توسع نفوذ إيران الإقليمي، وهو توسع آذنت بانطلاقه واشنطن نفسها عندما قامت بغزو العراق. لكن رحيل الولايات المتحدة من أفغانستان، والحديث عن تقليص الوجود العسكري الأميركي في العراق، ورغبة إدارة بايدن في إنهاء “الحروب الأبدية” أجبرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على البدء في الحديث مع إيران على أمل الحد من التوترات وكسب الوقت لبناء قدراتهما الإقليمية الخاصة.
وجاءت هذه المحادثات بعد سنوات من الحروب بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة، ودعم السعودية والإمارات للخنق الأميركي للاقتصاد الإيراني، والهجمات الإيرانية داخل الأراضي السعودية والإماراتية. ولذلك، تشكل هذه المحادثات جهداً مهماً للحد من التوترات. وتريد السعودية أن تضغط إيران على الحوثيين لإنهاء الحرب في اليمن ووضع حد لهجمات الطائرات المسيرة على أراضيها. ومن جهتها، تريد إيران بدورها التطبيع الكامل للعلاقات مع السعودية. ولا يبدو أن ثمة انفراجاً قريباً يوشك على القدوم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن المحادثات تجري في ظل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة. ومع ذلك، يواصل الجانبان الاجتماع، وقد حددا الخطوات الأولى المحتملة في عملية تقارب، مثل فتح قنصليات لتسهيل السياحة الدينية. وقد دعمت إدارة بايدن الحوار، لكن واشنطن لا تستطيع دفع الرياض للتوصل إلى اتفاق مع طهران إذا لم تستطع أن تفعل ذلك هي نفسها.
كما يظل شبح التطرفية السنية سبباً في قلق إيران أيضًا. وكان انتصار طالبان في أفغانستان بمثابة نعمة للتشدد السني في جميع أنحاء المنطقة وقدم له دفعة كبيرة: فتاريخ الجماعة الأفغانية غارق في العنف الطائفي الدموي، وهي ترى أن التشيع خارج عن الإسلام. وعلى الرغم من أن طالبان لم تعد تتبنى علانية العداء للشيعة وأقامت علاقات مع إيران، إلا أن عودتها إلى السلطة تميزت بعمليات تطهير للشيعة من “الهزارة” من الوظائف الحكومية، وإغلاق أعمالهم التجارية، وطردهم من منازلهم وقراهم. وعلى الرغم من أنه تم إلقاء اللوم في العنف الطائفي الأخير في البلاد، مثل الهجمات القاتلة بالقنابل على المساجد الشيعية، على فرع “داعش” المعروف باسم “الدولة الإسلامية، خراسان”، فإن ذلك يظل يؤكد احتمالية نشوب صراع طائفي أوسع في أفغانستان.
كما تسعى الدول العربية السنية إلى خلق عمق استراتيجي من خلال إصلاح الخلافات مع تركيا، التي تعتبر نفسها في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان قوة إقليمية ومدافعة عن الامتيازات السنية. وتعتبر تركيا أردوغان نفسها وريثة للإمبراطورية العثمانية التي كانت حتى العام 1924 مقر الخلافة الإسلامية، القلب الرمزي للقوة السنية. كما أنها تحافظ على علاقات وثيقة مع جماعة “الإخوان المسلمين”، القوة الإسلامية الأكثر أهمية في العالم العربي. وخلال “الربيع العربي”، عرضت تركيا نفسها كنموذج للعالم العربي، ودعمت المطالب الشعبية بالديمقراطية وطموحات “الإخوان المسلمين” إلى السلطة. وفي وقت لاحق، انحازت إلى جانب قطر عندما فرض جيرانها في الخليج العربي حصارًا عليها.
وقد أثارت هذه السياسات غضب ممالك الخليج الفارسي، التي اعتبرت تركيا منافسًا على قيادة العالم السني. وطغت هذه المشاحنات الضروس أحيانًا على التنافس الطائفي مع إيران. وفي الواقع، كانت علاقة أنقرة بطهران بشكل عام أكثر دفئًا من علاقاتها مع الرياض وأبو ظبي. وأدى تنافس تركيا مع خصومها السنة إلى دخولها في كل ساحة تعمل فيها الطائفية، حيث راهنت حكومة أردوغان على سعيها إلى النفوذ في العراق ولبنان -ومؤخراً في أفغانستان.
كانت تركيا بمثابة حصن منيع ضد النفوذ الإيراني. وقد استخدمت تركيا قوتها العسكرية في العراق وسورية بشكل فعال: وعلى الرغم من أنها لا تستطيع مجاراة قوات إيران بالوكالة، إلا أن قدراتها العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية ضمنت لها الاحتفاظ بدور مؤثر في الشرق الأوسط. وبالمقارنة، فشلت الدول العربية السنية في كبح جماح القوة الإيرانية بأي طريقة ذات معنى. وجاء استثمارها في المعارضة السورية بلا فائدة، وتخلت السعودية عن لبنان، وفشلت في الحصول على موطئ قدم في العراق، وتعثرت في الحرب في اليمن. ومع ذلك، تواصل بعض الدول العربية السنية ممارسة نفوذها في واشنطن، وتعزز هذا العمق الاستراتيجي بالتعاون الاستخباراتي والعسكري مع إسرائيل. ولكن، على الأرض، يمكنها أن تأمل فقط في إبطاء تقدم إيران، وليس تقويضه.
المغادرة مع الاحتفاظ بعلاقات جيدة
لا تستطيع الولايات المتحدة التخفيف من جميع المخاطر التي تلوح في أفق الشرق الأوسط. لكن عليها أن تتجنب جعل الأمور أسوأ مما هي. وقد يكون لعب دور أميركي أصغر في المنطقة حتميًا، لكن الطريقة التي تسحب بها واشنطن أصولها ستكون مهمة. بالنسبة للكثيرين في الشرق الأوسط، يعد الانسحاب الأميركي اختصارًا لتخلي واشنطن عن المنطقة، حيث دافعت سابقًا ضد تهديدات الاتحاد السوفياتي وإيران والعراق، ومؤخراً، “داعش”. وحتى لو استمرت الولايات المتحدة في الحفاظ على وجود عسكري كبير لها في المنطقة، فإن التزامها باستخدام القوة العسكرية يصبح مفتوحاً أكثر على التساؤل باطراد.
يشكل هذا الارتباك الاستراتيجي فرصة لإيران ووكلائها. كما أنه سيدعو مشاركين جدداً للدخول إلى المعركة، مثل روسيا وتركيا. ولا يوجد بديل جاهز لاستراتيجية الاحتواء التي تتبعها الولايات المتحدة، والتي ظلت لأكثر من أربعة عقود بمثابة البنية الأمنية الفعلية في المنطقة. ولعل أفضل ما يمكن أن تهدف إليه واشنطن هو تثبيط الخصومات الإقليمية ومنعها من التصاعد، على أمل أن يوفر الهدوء النسبي فرصة لتطوير أطر إقليمية جديدة. ولهذا السبب، يجب أن تسير جهود الولايات المتحدة للتراجع عن فرض الاحتواء جنبًا إلى جنب مع اندفاع دبلوماسي من أجل تقليل وحل النزاعات بين القوى الإقليمية.
وسيظل وجود اتفاق نووي مع إيران أهم رادع لقدوم مزيد من عدم الاستقرار الإقليمي. وهناك أسباب مفهومة تجعل إدارة بايدن مترددة في العودة إلى الاتفاق النووي للعام 2015. ومن المقرر أن تنتهي بعض القيود التي وضعها الاتفاق على إيران قبل نهاية الولاية الأولى للرئيس جو بايدن، وسيكون من شأن رفع العقوبات المطلوب كجزء من الصفقة أن يثير انتقادات من الحزبين. ولهذه الأسباب، تقول الإدارة الأميركية إنها تريد صفقة “أطول أمداً وأقوى”. ومع ذلك، فإن إيران مهتمة فقط باستعادة اتفاق العام 2015 -ولكن هذه المرة بضمانات أميركية بأن الإدارة المقبلة لن تقوض الصفقة مرة أخرى. وسيكون من شأن جمود -أو الأسوأ من ذلك، انهيار المحادثات- أن يضع إيران والولايات المتحدة على طريق خطير نحو المواجهة التي ستشعل العالم العربي حتماً وتؤجج الطائفية.
وقد شجعت إدارة بايدن الجهات الفاعلة الإقليمية على التحدث مع بعضها بعضا. لكن هذه الحوارات لن تستمر إذا تعثرت الجهود المبذولة لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني. وستكون الضحية الأولى هي الاستقرار في العراق ولبنان، الأمر الذي يتطلب توافقاً بين الأطراف الشيعية والسنية. ولكي تتمكن إدارة بايدن من إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، فإنها في حاجة إلى تحقيق حتى ولو قدر ضئيل من الاستقرار الإقليمي -ويجب أن يبدأ هذا الجهد بإعادة إيران والولايات المتحدة إلى الامتثال المتبادل لاتفاق 2015.
لأكثر من أربعة عقود، نظرت الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط على أنه مكان حيوي لمصالحها الوطنية. وفي الأثناء عقدت تحالفات مع دول عربية لاحتواء إيران، وإبقاء الإسلاموية بعيدة، وإدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكانت الإستراتيجية الأميركية أكثر نجاحًا عندما تمكنت من الحفاظ على توازن قوى مستقر بين إيران وجيرانها العرب. ومنذ أن قوضت الولايات المتحدة هذا التوازن بغزوها العراق في العام 2003، كانت عاكفة على محاولة استعادته -والآن، في مواجهة تحديات عالمية أخرى ملحة، يبدو أنها تتخلى عن هذا الجهد كليًا. وثمة ما يكفي من الأسباب لتبني إعادة التقويم الاستراتيجي هذه. وسيكون السعي إلى تحقيق توازن قوى ما يزال مراوغاً وبعيد المنال جهداً مكلفاً للغاية، خاصة وأن الشرق الأوسط لم يعد يتمتع بأهمية حيوية بالمقدار نفسه للمصالح القومية الأميركية.
لكن ترك المنطقة لآلياتها الخاصة هو مناورة خطيرة. من دون ترتيب أمني جديد، ستكون الفوضى والصراع هما النظام السائد في الوقت الراهن. وستكون لعودة التطرف الإسلاموي، وشبح المزيد من انهيار الدولة، والحروب الكبيرة والصغيرة على الأراضي والموارد، والصراع المفتوح بين إيران وإسرائيل، عواقب أمنية وإنسانية كارثية والتي ستتطلب حتماً اهتماماً أميركياً متجدداً. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تتجاهل عبء الحفاظ على توازن القوى في الشرق الأوسط، فإن عليها أن تبحث عن بديل مستدام -ترتيب يمكن أن ينهي الصراعات الأكثر خطورة في المنطقة ويضع القواعد لترتيب إقليمي قابل للتطبيق. ويجب أن تبدأ هذه المهمة بنزع فتيل الصراع الذي يمثل أكبر تهديد للمنطقة: المواجهة مع إيران.
 
*Vali Nasr: أستاذ مجيد خضوري لدراسات الشرق الأوسط والشؤون الدولية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: All Against All: The Sectarian Resurgence in the Post-American Middle East
=============================
نيويورك تايمز :خلية أمريكية سريّة قتلت بصورة متكررة مدنيين سوريين بذريعة قتال داعش
https://www.noonpost.com/content/42649
كتب بواسطة:مارك مازيتي
ترجمة وتحرير: نون بوست
أطلقت خلية قتالية أمريكية سرية للغاية عشرات الآلاف من القنابل والصواريخ ضد تنظيم الدولة في سوريا. ولكن خلال استهداف هذا العدو الشرس، تجاوزت هذه الفرقة السريّة كل الحدود وقُتل مدنيّون بشكل متكرر في الهجمات التي نفّذتها، وذلك وفقًا للعديد من المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الحاليين والسابقين.
ما بين 2014 و2019، كانت هذه الخليّة السريّة التي تعرف باسم "تالون أنفيل" تعمل  خلال ثلاث مناوبات وعلى مدار الساعة على تحديد الأهداف للقوات الجوية الأمريكية، على غرار القوافل والسيارات المفخخة ومراكز القيادة والقوات المعادية.
لكن من عملوا في صفوف هذه الخلية السرية أكدوا أن حماسها للقضاء على الأعداء جعلها تتحايل على قواعد حماية المدنيين وهو ما أثار قلق شركائها في الجيش ووكالة المخابرات المركزية بشأن احتمال قتل مدنيين لم يكن لهم أي دور في النزاع، مثل المزارعين الذين يحاولون جني المحاصيل والأطفال في الشوارع والعائلات الفارة من المعارك والقرويّون المحتمون بالمباني.
 على الرغم  من أن فرقة "تالون أنفيل" كانت صغيرة - أقل من 20 عنصرًا أحيانًا يعملون من غرف مجهولة الموقع تملأها شاشات مسطحة - إلا أنها لعبت دورًا كبيرًا في توجيه 112 ألف قنبلة وصاروخ استهدفت معاقل تنظيم الدولة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تبينها مفهومًا فضفاضًا لقواعد الاشتباك العسكرية.
في هذا السياق، أوضح ضابط سابق في المخابرات الجوية نفّذ مئات المهمات السرية ضمن "تالون أنفيل" من 2016 إلى 2018: "لقد كانوا يتمتعون بدرجة عالية من الكفاءة والخبرة في المهمات الموكولة لهم، لكن العديد من الضربات لم تكن موفّقة".
وصف الجيش الأمريكي الحرب الجويّة ضد تنظيم الدولة بأنها الحرب الأكثر دقة وإنسانية في التاريخ العسكري، وقال إن القواعد الصارمة والرقابة من قبل كبار القادة أبقت الوفيات بين المدنيين عند الحد الأدنى رغم الوتيرة الشرسة للقصف. في المقابل، أقرّ أربعة مسؤولين عسكريين حاليين وسابقين بأن غالبية الضربات لم تصدر بأوامر من كبار القادة وإنما من قبل عناصر الكوماندوز في قوة دلتا بالجيش الأمريكي ضمن فرقة "تالون أنفيل" الأدنى رتبة نسبيًا.
في تقرير لها نُشر الشهر الماضي أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن تفجيرًا نفذته قوات العمليات الخاصة سنة 2019 أسفر عن مقتل العشرات من النساء والأطفال، وظلّ العدد الحقيقيّ مخفيًا عن الرأي العام وكبار القادة العسكريين. خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أصدر وزير الدفاع لويد ج.أوستن الثالث تعليمات بفتح تحقيق رفيع المستوى في هذه الضربة لتي نفّذتها خلية تالون أنفيل.
لكن الأشخاص الذين عملوا عن كثب مع الفرقة السرية أكّدوا أن ضربة  2019 كانت جزءًا من عدد الضربات المتهوّرة التي بدأت الخلية شنّها قبل سنوات.
عند مواجهتهم بالنتائج التي توصلت إليها صحيفة "نيويورك تايمز"، نفى العديد من كبار ضباط العمليات الخاصة الحاليين والسابقين تنفيذ هذه الخلية ضربات جويّة متهورة أو تجاهل الحد من الخسائر المحتملة بين صفوف المدنيين. وقد رفض النقيب بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش التي تشرف على العمليات في سوريا، التعليق على هذه المزاعم.
مع تصاعد وتيرة الضربات الفاشلة، أوضح المسؤولون العسكريون الأربعة أن شركاء خلية تالون أنفيل في تنفيذ العمليات دقّوا ناقوس الخطر. في بعض الأحيان، رفض الطيارون المعنيون بإجراء الضربات الجوية في سوريا إلقاء القنابل لأن الأهداف المشتبه بها التي كانت تريد خلية "تالون أنفيل" ضربها كانت في مناطق مأهولة بالسكان.
أعرب كبار المسؤولين في وكالة المخابرات المركزية عن استيائهم لقادة العمليات الخاصة من المعايير المثيرة للقلق التي تتبعها هذه الخلية السرية أثناء تنفيذ ضرباتها العسكرية. عارضت فرق القوات الجوية المكلفة بمهام استخباراتية مع تالون أنفيل هذا الأسلوب خلال اتصالات هاتفية على خط مؤمّن يُعرف باسم "الخط الأحمر". وحتى داخل خلية تالون أنفيل، رفض بعض العناصر أحيانا المشاركة في ضربات تستهدف أشخاصًا لم يبد أنهم منخرطون في القتال.
أشرف المسؤولون الأربعة على جوانب مختلفة من المهام القتالية، وجميعهم تفاعلوا بشكل مباشر مع فرقة تالون أنفيل في إطار تنفيذ مئات الضربات، وسرعان ما أعربوا عن امتعاضهم من طريقة عملها. وقد أبلغوا الرؤساء المباشرين والقيادة المشرفة على الحرب الجوية بما لاحظوه، لكنهم أكدوا أنه وقع تجاهلهم.
صرّح ضابط مخابرات جوية سابق، عمل عن كثب مع هذه الفرقة من 2016 إلى 2018، بأنه أبلغ مركز عمليات القوات الجوية الرئيسي في المنطقة بالخسائر المسجلة في صفوف المدنيين في عدة مناسبات، لا سيما خلال الغارة التي جدت  في شهر آذار/ مارس 2017 عندما أسقطت خلية تالون أنفيل قنبلة تزن 500 رطلا على مبنى كان يحتمي به حوالي 50 شخصًا. وصرح هذا الضابط أن القادة بدوا مترددين بشأن فتح تحقيق مع هذه الفرقة التي قادت الهجوم في ساحة المعركة.
اعتبر الخسائر بين صفوف المدنيين من أهوال الحرب وتبعاتها" وليست نتيجة "عدم اكتراثهم
وفقًا للاري لويس، المستشار السابق في البنتاغون ووزارة الخارجية الذي كان أحد مؤلفي تقرير وزارة الدفاع لسنة 2018 حول الأضرار المدنية، فإن معدل الخسائر المدنية في سوريا كان يرتفع بشكل كبير مع تنامي معدل الهجمات السنوية التي تنفذها هذه الخلية. وأضاف لويس، الذي اطلع على بيانات الخسائر المدنية السرية للبنتاغون في سوريا، أن المعدل كان 10 أضعاف ما سُجّل في العمليات المماثلة التي نُفّذت في أفغانستان،"لقد كان أعلى بكثير مما كنت أتوقعه من وحدة أمريكية"، مؤكدا أنه صدم من حقيقة أن "المعدل ارتفع بشكل كبير وبوتيرة ثابتة على مدار سنوات".
قال لويس إن القادة أكدوا فعالية هذه التكتيكات مقابل التغاضي عن أهمية التقليل من حجم الخسائر المدنية، في حين أن الجنرال ستيفن تاونسند، الذي قاد الهجوم على تنظيم الدولة في 2016 و2017، نفى تقارير وسائل الإعلام الإخبارية ومنظمات حقوق الإنسان التي سلطت الضوء على الحصيلة المتزايدة للقتلى من المدنيين.
خلال مكالمة هاتفية، صرّح الجنرال ستيفن تاونسند، القائد الحالي للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، بأن المنظمات الخارجية التي تتبعت الخسائر المزعومة في صفوف المدنيين لا تجري في كثير من الأحيان تحقيقًا كافيًا في هذه الادعاءات. لكنه نفى بشدة مسألة عدم أخذ الخسائر المدنية بعين الاعتبار.  وأضاف الجنرال تاونسند: "لا شيء أصعب من معرفة الحقيقة"، مشيرا إلى أنه بصفته قائدا عسكريً أمر بنشر التقارير الشهرية عن عدد الضحايا المدنيين في كل من العراق وسوريا. كما اعتبر الخسائر بين صفوف المدنيين من "أهوال الحرب وتبعاتها" وليست نتيجة "عدم اكتراثهم".
في ظل وجود عدد قليل من القوات الأمريكية في ميدان الحرب، كان من الصعب الحصول على إحصائيات موثوقة لقتلى المدنيين، وذلك وفقًا للجنرال جوزيف ل. فوتيل، رئيس القيادة المركزية للجيش في ذلك الوقت والرئيس المباشر للجنرال تاونسند.
وقد أكد الجنرال فوتيل خلال مكالمة هاتفية: "قدرتنا على الخروج والتثبت من  فعالية الضربات كانت محدودة للغاية - لقد كان نظامًا معيبًا. لكنني أعتقد أننا دائمًا ما أخذنا وجود المدنيين في الحسبان وحاولنا بذل قصارى جهدنا لحمايتهم".
الأوامر والضربات
رسميًا، لم تكن هناك أي خلية باسم "تالون أنفيل"، فكل ما فعلته كان سريا للغاية، وتم استقاء أنشطتها في سوريا من تقارير سرية للغاية ومقابلات مع مسؤولين عسكريين حاليين وسابقين تعاملوا معها، واشترطوا عدم ذكر أسمائهم.
تمت إدارة الخلية الهجومية من قبل وحدة عمليات خاصة سرية تسمى الوحدة القتالية 9، والتي أشرفت على الهجوم البري في سوريا، وكان للوحدة مهام متعددة. أشرفت الوحدة على قوات "القبعات الخضر" الأمريكية التي قامت بتدريب القوات الكردية والعربية السورية الحليفة، وضمت مجموعات صغيرة من قوة دلتا المدمجة مع القوات البرية، وفريق هجومي من كوماندوز دلتا الذي كانت مهمته شن عمليات برية على أهداف استراتيجية مهمة، بما في ذلك الهجوم على زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي.
صرح أعضاء سابقون في الوحدة أن العمليات كانت تُدار في معظمها من قبل "تالون أنفيل". بدأت الوحدة عملها في مكتب صغير في أربيل بالعراق، ثم امتد نشاطها إلى سوريا في مصنع أسمنت مغلق في الشمال، وفي مجمع سكني بالقرب من الحدود العراقية يسمى القرية الخضراء.
كانت الخلية تستقي معلوماتها من القوات البرية الحليفة، وعمليات الاختراق الإلكترونية السرية، وكاميرات الطائرات المسيرة، وغيرها من المصادر لتحديد أهدافها، ثم استهداف العدو بالطائرات المسيرة، أو إرسال تعليمات إلى طائرات التحالف الأخرى للقيام بالمهمة. كما قامت بتنسيق الدعم الجوي للقوات الكردية والعربية الحليفة المقاتلة برا.
يقول عضو سابق عمل في الوحدة خلال ذروة الحرب سنة 2017، أن المشرفين على الخلية نادراً ما يظهرون برتبهم العسكرية، ويستخدمون الأسماء الأولى فقط، ولم يكن لديهم رتب أو زي رسمي، وكان العديد منهم ملتحين، ويتظاهرون بالعمل في صناعة الأحذية والسراويل القصيرة في مصانع شركتي "كروكس" و"بيركنتسوك"، لكن عملهم الفعلي كان في غرفة العمليات، حيث كانوا يديرون أسطولا من طائرات "بريداتور" و"ريبر" المسيرة التي تحمل صواريخ "هيلفاير" الدقيقة والقنابل الموجهة بالليزر.
كان لدى الوحدة خلية هجومية ثانية تعمل مع وكالة المخابرات المركزية لمطاردة كبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية، بنفس الآلية المتبعة في الخلية الأولى، لكنها غالبًا ما كانت تتتبع هدفاً معيناً لأيام أو أسابيع، وتقوم بجزء بسيط من الضربات.
تم إنشاء الخليتين سنة 2014، عندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، وهاجم حلفاء الغرب في الشرق الأوسط وشن هجمات إرهابية في أوروبا. كانت الولايات المتحدة في حاجة ماسة إلى قوة تستطيع تحديد الأهداف للهجوم على العدو، وتم إنشاء وحدة دلتا لتتولى المهمة.
في بداية الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة، والذي عُرف باسم "عملية العزم الصلب"، وجد الجيش صعوبة في القيام بمهامه لأن الموافقة على الضربات كانت تتم فقط من قبل جنرالات رفيعي المستوى من خارج دلتا، وفقًا لتقرير مؤسسة "راند" حول العمليات الجوية. يُذكر أن 74 بالمئة من الطلعات الجوية كانت تعود دون تنفيذ أي ضربات، ويتم تعليق الهجوم.
تغيرت التكتيكات في أواخر سنة 2016 عندما تولى الجنرال "تاونسند" القيادة، وفي محاولة لمواكبة توسع الهجمات، قام بنقل سلطة الموافقة على الضربات إلى القادة الميدانيين.
يقول مسؤول كبير داخل الوحدة القتالية رقم 9 يتمتع بخبرة واسعة في العراق وسوريا، إنه تم نقل السلطة فعليًا إلى مستوى أدنى، حيث يتخذ الضابط المناوب في غرفة العمليات قرار القيام بالضربة.
لكن وفقا للتكتيكات الجديدة، كان يتعين على الخلية جمع المعلومات الاستخباراتية وتقليل المخاطر للحد من الضرر اللاحق بالمدنيين قبل شن أي هجوم. غالبًا ما كانت الطائرات المسيرة تحلق فوق الأهداف لساعات لتحديد أماكن الأعداء بدقة والتأكد من عدم وجود مدنيين في المنطقة.
ويقول العضو السابق في الوحدة إن المشرفين على قوة دلتا كانوا يتعرضون لضغوط هائلة لحماية القوات البرية المتحالفة وإحراز تقدم في الهجوم، إلى جانب العوائق بسبب ضمانات عدم استهداف المدنيين. في أوائل سنة 2017، وجدت الوحدة طريقة للهجوم بسرعة أكبر، وهي اتباع أسلوب الدفاع عن النفس.
تم تطبيق معظم قيود "عملية العزم الصلب" على الضربات الهجومية، فيما كانت القيود المفروضة على الضربات الدفاعية، التي تهدف إلى حماية قوات الحلفاء في حال وجود تهديد جدي، أقل صرامة. لذلك بدأت "تالون أنفيل" تنفذ معظم ضرباتها بذريعة الدفاع عن النفس، الأمر الذي مكنهم من التحرك بسرعة مع القليل من المساءلة والتدقيق، حتى لو كان الهدف على بعد أميال من أي هجوم، وذلك وفقاً لعضوين سابقين في الوحدة.
وبحسب ضابطين مطلعين على تلك العمليات، حذر مسؤولون كبار من أنه لا ينبغي استخدام ذريعة الدفاع عن النفس للالتفاف على قواعد الاشتباك. ووفقاً لعضو سابق في الوحدة، لم يكن تفسير "تالون أنفيل" لسبب استخدام هذا التكتيك منطقيا، حيث كانت تبرر كل ضربة تقريبًا بأنها دفاعية. فإذا سُمح لـ "تالون أنفيل" بمهاجمة الأهداف بهذه الطريقة، ربما يصبح هدف ما على بعد 10 أو حتى 100 ميل ضمن الخطوط الأمامية.
يقول مستشار البنتاغون السابق، لاري لويسن إن "اللجوء إلى تكتيك الدفاع عن النفس كان أنسب وأسهل طريقة للحصول على الموافقة".
لكن سرعة القيام بالضربات يعني وقتًا أقل في جمع المعلومات الاستخبارية وتحديد أماكن العدو والمدنيين. يقول العسكريون الأربعة السابقون الذين عملوا مع "تالون أنفيل" إن الخلية اعتمدت في كثير من الأحيان على معلومات استخبارية واهية من القوات البرية الكردية والعربية، أو سارعت بالهجوم دون التأكد بشكل كاف من وجود مدنيين بالقرب من المنطقة المستهدفة.
ويؤكد عضو سابق في الوحدة إن أغلب ضربات "تالون أنفيل" استهدفت مقاتلي العدو فقط، لكنه يوضح أن المشرفين في قوة دلتا كانوا يميلون في كثير من الأحيان إلى اتخاذ قرار الهجوم حتى عندما لا يكون هناك ما يكفي من الأدلة على وجود هدف مشروع.
ويضيف العضو السابق أن جزءا من المشكلة يكمن في أن المشرفين على قوة دلتا، الذين يتغيرون كل أربعة أشهر تقريبًا، تم تدريبهم كقوات نخبة، لكن لم تكن لديهم خبرة كافية في طريقة إدارة الوحدات الهجومية، مؤكدا أن الإشراف اليومي على الضربات كان يشكل تحديا إنسانيا يقض مضاجع المسؤولين عن الخلية.
وصرّح الضابط السابق في مخابرات القوات الجوية أنه رأى الكثير من القتلى المدنيين نتيجة تكتيك الدفاع عن النفس الذي طبقته "تالون أنفيل"، وأُنهك بسبب تلك العمليات، لكنه تغاضى عن ذلك بحكم وظيفته.
ويقول الضابط السابق إنه في إحدى العمليات في خريف 2016، رصدت "تالون أنفيل" ثلاثة رجال يحملون أكياساً من القماش، ويعملون في بستان زيتون بالقرب من مدينة منبج، ولم يكن لديهم أسلحة، ولم يكونوا قريبين من أي عمليات قتالية، لكن المشرفين على الطائرة المسيرة اعتبروهم من مقاتلي العدو وتم تصفيتهم بصاروخ.
ويضيف أنه في عملية أخرى، بينما كان مدنيون يحاولون الفرار من القتال في مدينة الرقة في حزيران/ يونيو 2017، واستقل العشرات منهم قوارب لعبور نهر الفرات، زعمت الوحدة أن من بينهم مقاتلين أعداء. ويؤكد الضابط السابق أنه شاهد فيديو بجودة عالية يُظهر استهداف عدة قوارب، ما أدى إلى مقتل 30 مدنيا على الأقل.
حسب مسؤول عسكري رفيع المستوى على دراية مباشرة بعمل هذه الفرقة العسكرية السريّة، فإن ما اُعتبر "تهديدًا وشيكًا" لم يكن قائمًا على أسس موضوعية، كما مُنح كبار العناصر في قوة دلتا في "تالون أنفيل" سلطةً واسعة لشن غارات جوية دفاعية. وأقر هذا المسؤول العسكري بأن من تسببوا في تنفيذ غارات جوية فاشلة وأولئك الذين أظهروا سوء تقدير قد عُزلوا. لكنه أكّد في المقابل نُدرة هذه الحالات.
مقاتلون أم أطفال؟
مع تصاعد الغارات الجوية في سنة 2017، انزعجت مجموعة واسعة من شركاء الولايات المتحدة من تكتيكات هذه الخلية السريّة.
زرعت وكالة المخابرات المركزية ضباطًا ضمن الوحدة القتالية رقم 9 لتزويدها بمعلومات استخبارية عن قادة تنظيم الدولة وتنسيق الغارات. كانت الوكالة تلاحق أفرادًا مهمين للغاية، وغالبًا ما كانت تتعقبهم لأيام باستخدام العديد من الطائرات المسيّرة، في انتظار الوقت المناسب لشنّ الغارة من أجل تقليل الوفيات بين المدنيين.
أفاد ضابطان سابقان من وكالة المخابرات المركزية بأن هذه الوحدة لم تكن ترغب دائمًا في الانتظار. وقد صُدم موظفو وكالة المخابرات المركزية عندما تبيّن لهم أن الوحدة كانت تشن غارات متكررة دون أدنى اهتمام بالمدنيين. وقد أبلغوا المفتش العام بوزارة الدفاع بمخاوفهم، وناقشت قيادة الوكالة هذه المسألة مع كبار الضباط في قيادة العمليات الخاصة المشتركة.
قال أحد الضباط إنه لم ير قط دليلًا على أن هذه المخاوف أُخذت على محمل الجد. وتجدر الإشارة إلى أن متحدثا باسم وكالة المخابرات المركزية امتنع عن التعليق.
في بعض الأحيان، نشبت خلافات بين عناصر فرقة "تالون أنفيل" وفرق المخابرات الجوية المتمركزة في الولايات المتحدة التي ساعدت في تحليل اللقطات التي سجلتها الطائرات المسيّرة. وقال ضابط مخابرات جوية سابق إن عناصر قوة دلتا كانوا يضغطون على المحللين من أجل تأكيد رؤيتهم لأدلة من شأنها أن تبرر الغارة الجوية قانونًيا مثل وجود أسلحة، حتى إن لم يكن ذلك صحيحًا. وإذا كان تقرير أحد المحللين مخالفًا لما تريده قوة دلتا، كانت تطلب تغييره.
وحسب أحد الأعضاء السابقين في هذه الفرقة، كان عناصر قوة دلتا والمحللون يتجادلون حول ما إذا كان ما يظهر في مرمى الطائرات المسيّرة مقاتلين أم أطفال.
يُخزن الجيش جميع اللقطات التي توثّقها الطائرات المسيّرة أثناء الغارات الجوية. وحسب ما أفاد به ضابط سابق في المخابرات الجوية وأحد الأعضاء السابقين في الخلية السرية، فإنه في محاولة واضحة للحد من الانتقادات وتقويض التحقيقات المحتملة، كانت وحدة "تالون أنفيل" تقوم بتحويل اتجاه كاميرات الطائرات المسيّرة بعيدًا عن الأهداف قبل وقت قصير من تنفيذ أي غارة، مما حال دون جمع لقطات الفيديو التي قد تستخدم كأدلة ضدهم.
قال ضابط آخر في القوات الجوية، راجع العشرات من الغارات الجوية لوحدة تالون أنفيل التي قُتل فيها مدنيون، إن أطقم الطائرات المسيّرة تدرّبت على إبقاء الكاميرات موجّهة نحو الأهداف حتى يتسنى للجيش تقييم الضرر. مع ذلك، كثيرًا ما كان يرى انحراف اتجاه الكاميرات بعيدًا عن الهدف في اللحظات الحاسمة، كما لو عصفت بها الرياح. وبعد ملاحظة تكرر هذا النمط، بدأ يشك في أن ما حدث كان متعمدا.
مطاردة الأهداف
أرسلت فرقة "تالون أنفيل" في فجر أحد الأيام في أوائل آذار/ مارس 2017،  طائرة مسيّرة من طراز بريداتور لتحلّق فوق بلدة زراعية سورية في ناحية الكرامة لتحديد مواقع العدو في المنطقة استعدادًا لاستهدافه من قبل الحلفاء بعد أسبوع.
بالنسبة لضابط المخابرات الجوية السابق، تقدّم هذه المهمة مثالا عن طريقة العمل المعيبة لوحدة "تالون أنفيل"، وتُظهر كيفية تجاهل القادة العسكريين لذلك.
وحسب ما أفاد به المصدر ذاته، كانت الطائرات المسيّرة في حدود الساعة الرابعة صباحًا تحلّق فوق أسطح منازل البلدة. ومن مركز عمليات آمن في الولايات المتحدة، كان فريقه ضمن المخابرات الجوية يهتم بالمراقبة. وكتب أحد عناصر وحدة "تالون أنفيل" رسالة في غرفة الدردشة شاركتها الخلية مع محللي المخابرات: "لقد فرّ جميع المدنيين من المنطقة، أي شخص بقي هو مقاتل عدو. اعثروا لنا اليوم على الكثير من الأهداف لأننا نريد اليوم إطلاق جميع صواريخ الطائرات المسيّرة والقنابل الـ 500 رطل.
قال الضابط السابق، بدا أن سكان البلدة نائمون أثناء تحليق الطائرة المسيّرة في سمائها. وحتى بوجود مستشعرات الأشعة تحت الحمراء، لم يلاحظ الفريق أي حركة. ركّزت خلية "تالون أنفيل" على أحد المباني وكتبت في غرفة الدردشة أن القوات البرية تشير إلى أنه كان مركز تدريب للعدو. وأظهرت أجهزة الاستشعار وجود هاتف خلوي أو راديو تابع للعدو قد يكون في الجوار، بيد أنه لم يكن بإمكانها تحديد موقع الحي فما بالك المبنى الذي تصدر منه الإشارة.
أضاف المصدر ذاته أن وحدة "تالون أنفيل" لم تنتظر التأكيد، وأمرت بشن غارة جوية دفاعية حيث ألقت طائرة بريداتور قنبلة تزن 500 رطل عبر السقف.
مع تلاشي الدخان، قال الضابط السابق إن فريقه قد حدّق في الشاشات بذهول، إذ أظهرت كاميرات الأشعة تحت الحمراء نساءً وأطفالا في حالة هلع يخرجون من المبنى المنهار جزئيًا، بعضهم كانت أطرافه مبتورة، والبعض الأشخاص كانوا يجرّون الموتى.
بدأ محللو المخابرات بأخذ لقطات فيديو وإحصاء عدد الضحايا، وأرسلوا تقييمًا أوليًا إلى "تالون أنفيل"، أكدوا فيه أن 23 شخصا قُتلوا أو أصيبوا بجروح بليغة، وأصيب 30 شخصا بجروح طفيفة، ومن المرجح جدًا أن يكونوا من المدنيين.
وقال الضابط السابق إن "تالون أنفيل" توقفت لفترة قصيرة ثم توجهت نحو الهدف التالي، مضيفا أنه أبلغ على الفور عن الخسائر المدنية إلى مركز العمليات في "عملية العزم الصلب"، ثم اتصل بضابط الاتصال في المركز عن طريق الخط الأحمر. وأكد الضابط أنه لم يسمع أي رد ولم يشاهد أي خطوات لاتخاذ أي إجراء على الإطلاق.
تعهدت عملية العزم الصلب بالتحقيق والإبلاغ عن كل حالات استهداف المدنيين، لكن تقاريرها لم تتضمن أي إشارة إلى هذا الهجوم، ولا تزال الخسائر البشرية في الكرمة غير مؤكدة.
 أقرت عملية العزم الصلب في أوائل آذار/ مارس، بأنها شنت 47 غارة في المنطقة. منذ ذلك الوقت، تُظهر صور الأقمار الصناعية أضرارًا جسيمة لعشرات المباني على الأقل، بما في ذلك المبنى الذي قال الضابط السابق إنه شاهده وهو يُقصف. أفادت وسائل إعلام محلية حينذاك أن الغارات الجوية التي شُنت على الكرمة يومي 8 و9  آذار/ مارس تسببت بمقتل ما بين 7 و14 شخصا وجرح 18 آخرين.
بعد الضربات، وعلى مدى سنتين، قال المسؤولون عن عملية العزم الصلب إنهم لا يستطيعون تأكيد وقوع أي خسائر في صفوف المدنيين في البلدة. وسنة 2019، أقر المسؤولون بإصابة مدني واحد فقط عندما قصف التحالف موقعًا للعدو. أظهرت الإحداثيات جزءا من المبنى الذي قال ضابط المخابرات الجوية السابق إنه شاهده مدمرًا.
لم يحقق أي طرف محايد في الغارة السرية، كما أن الخطوات التي اتخذها الجيش الأمريكي لتحديد المسؤوليات ليست واضحة.
ويقول الضابط السابق إنه لم يتلق أي اتصال من المحققين العسكريين، مضيفا أن الأدلة، سواء كانت سجلات دردشة أو إحداثيات أو مقاطع فيديو، بقيت سرية.
ورداً على أسئلة صحيفة "ذا تايمز" هذا الشهر، اعترف مسؤول في العمليات الخاصة بأن خليته الهجومية ضربت أهدافاً في البلدة في 8 آذار/ مارس وقتلت 16 مقاتلاً، ونفى مقتل أي مدني في الهجوم.
المصدر: نيويورك تايمز
=============================
الصحافة العبرية :
صحيفة إسرائيلية: استهداف الكيماوي رسالة للأسد وإيران عن خطوط إسرائيل الحمراء
https://www.syria.tv/صحيفة-إسرائيلية-استهداف-الكيماوي-رسالة-للأسد-وإيران-عن-خطوط-إسرائيل-الحمراء
تاريخ النشر: 14.12.2021 | 07:29 دمشق
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" حول الهجومين الإسرائيليين العام الماضي على منشآت لنظام الأسد يستخدمها لإنتاج الأسلحة الكيماوية يهدف إلى إرسال إشارات للأسد وإيران حول "الخطوط الحمراء" التي تفرضها إسرائيل، مؤكدة على أن نظام الأسد يستمر في إنتاج الأسلحة الكيماوية.
وفي تقرير أعده محرر الشؤون العسكرية والأمنية، رون بن يشاي، قالت الصحيفة إن ما نشرته "واشنطن بوست" "لم يأت من فراغ"، حيث نُسب هجوم سابق للجيش الإسرائيلي استهدف منشأة لصنع وتطوير الأسلحة الكيماوية في مدينة حماة في العام 2018،  موضحة أن "الرسائل من هذه الهجمات هي أن إسرائيل وجيشها لن يهدأا للحظة في فرض الخط الأحمر لمنع تطوير أسلحة غير تقليدية في سوريا".
وأشار بن يشاي إلى أنه "كان من المفترض أن يكون هذا التهديد وراءنا، حيث قدّم مدير الأسلحة الكيماوية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تموز من العام 2014، تقريراً سرياً لمجلس الأمن، أكد فيه أنه تم تدمير 1300 طن من ترسانة جيش نظام الأسد الكيماوية، جزء كبير منها هو غاز الأعصاب "السارين"، الذي استخدمه النظام بكثافة.
وأضاف أنه "من العام 2012 حتى آب من العام 2013، هدد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بضرب الأسد، وبدأ بتنظيم تحالف للقيام بذلك، لكنه لم ينفذ هجومه"، موضحاً أن "الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اغتنم الفرصة لكسب مكانة عالمية وأقنع بشار الأسد بتدمير أسلحته الكيماوية".
 ووفق التقرير فإن "مسؤولي الجيش الإسرائيلي قدّروا أن الأسد ربما ما يزال لديه مستودعات عرضية بكميات صغيرة من الأسلحة الكيماوية، واعتبرت أجهزة الدفاع والاستخبارات أن الأسد لم يعد بإمكانه تهديد إسرائيل بالأسلحة الكيماوية، لذلك قررت الحكومة إيقاف جزء من الأقنعة الغازية عن مواطني إسرائيل، وقلصت التصنيع وأوقفته بشكل شبه كامل عن التدريب في الجيش للتعامل مع الأسلحة الكيماوية".
وأوضح أن "الحقائق على الأرض لا تبرر التفاؤل، فبعد نحو ثلاثة أشهر من إبلاغ مجلس الأمن بأن عملية تفكيك الأسلحة الكيماوية في سوريا قد اكتملت، أصبح من الواضح أن نظام الأسد لديه احتياطيات كبيرة أخرى من الأسلحة الكيماوية، وهو ما لم يعلن عنه".
وقال التقرير إن "هذه الوقائع أثارت القلق في إسرائيل، خاصة بعدما اتضح أن الأسد توقف عن استخدام غاز الأعصاب ضد السوريين، لكنه استمر في استخدام غاز الكلور بتراكيز عالية، الأمر الذي لم يسفر عن سقوط كثير من القتلى، بل تسبب بإصابات وأمراض خطيرة".
وأضاف أن "هذه الهجمات الكيماوية استمرت بين عامي 2016 و 2017، وفي بعض الحالات استخدم نظام الأسد غاز السارين مرة أخرى، ما دفع بالرئيس السابق دونالد ترامب لشن هجوم على سوريا كعقاب لنظام الأسد"، مشيراً إلى أنه في إسرائيل "اطلعوا على التقارير وبدؤوا يستعدون لتقويض القدرات القتالية الكيماوية لنظام الأسد بشكل مستقل وفي سياق (المعركة بين الحروب)".
 من جانب آخر، قال بن يشاي إن "العديد من الأصابع المقطوعة (في إشارة إلى مصادر غير مؤكدة) حرصت على لفت انتباه المجتمع الدولي إلى حقيقة أن نظام الأسد ما يزال يستخدم الأسلحة الكيماوية، بل وينتجها أيضاً".
وأشار إلى أن نظام الأسد "يستورد مواد تدخل في صناعة الأسلحة الكيماوية من العديد من الدول، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، مثل بلجيكا وألمانيا وهولندا وسويسرا، لصالح مركز البحوث (SSRC) و(المعهد 4000)، التي تطور وتصنع _من بين أمور أخرى_ الصواريخ والأسلحة الجوية، وتنتج أسلحة كيماوية وبيولوجية".
ونهاية العام 2020، كشف بحث أعده مشروع "الأرشيف السوري"، تفاصيل عن "مركز البحوث" والمعاهد التابعة له، ومهام كل منها والمسؤولين عنها، كما يشرح التقرير بالضبط كيف يصنع نظام الأسد أسلحته الكيماوية من مواد يستوردها من الخارج".
ووأوضح أن إسرائيل شنت غارة في نيسان من العام 2018، على منشأة يديرها "مركز البحوث"، حيث يتم تطوير وتصنيع الأسلحة الكيماوية، موضحاً أن "إسرائيل لم تكن غير مبالية، بل كانت مصممة على القيام بكل ما في وسعها حتى لا تمتلك سوريا أسلحة كيماوية".
وختم المحلل الإسرائيلي تقريره بالقول إنه "يمكننا الآن معرفة أن الهجمات التي كشفت عنها واشنطن بوست أمس في دمشق وحمص، وهجمة العام 2018 في حماة، استهدفت بالفعل منشآت لصنع الأسلحة الكيماوية وتطويرها".
وأكد على أن نشر صحيفة "واشنطن بوست" لتقرير بالأمس، كان يهدف إلى "إرسال إشارات للأسد والإيرانيين، خاصة مع محادثات فيينا الجارية حالياً، مفادها أن إسرائيل ما تزال مصممة على عدم السماح بمهاجمتها بأسلحة الدمار الشامل، سواء كانت كيماوية أو بيولوجية، وهي أسلحة حاولت سوريا تطويرها وإنتاجها، وما تزال إيران تطورها وتنتجها حتى اليوم".
=============================
هآرتس :لا لتوسيع استيطان الجولان
https://alghad.com/لا-لتوسيع-استيطان-الجولان/
بقلم: أسرة التحرير 13/12/2021
الاراضي المحتلة هي أراض محتلة والضم هو ضم، حتى لو كانت هذه هضبة الجولان أو إذا ما سميت خطة الضم “الخطة لتشجيع نمو ديموغرافي دائم”. بعد نحو أسبوعين ستعقد الحكومة جلسة احتفالية في هضبة الجولان، بهدف إقرار خطة تنمية وبناء تستهدف مضاعفة عدد السكان هناك حتى نهاية العقد. يبلغ عدد سكان هضبة الجولان اليوم نحو 52 ألفا. ومن أجل الوصول الى الهدف الديموغرافي، مطلوب بناء مكثف يوفر سكنا للتزايد المصطنع المخطط. وبالفعل، حسب الخطة حتى 2026 ستسوق في المجلس الإقليمي هضبة الجولان وفي كتسرين نحو 7 آلاف وحدة سكن. إضافة الى ذلك، ستقر الحكومة إقامة مستوطنتين جديدتين أسيف ومطر. وكي يكون لعشرات آلاف السكان الجدد مصدر رزق، هناك حاجة لإقامة مناطق صناعية، تجارة وسياحة بل حتى يخطط لمشاريع خلوية كبرى عدة، بينها إقامة حقل خلوي في منطقة سهل البكاء.
ينبغي لنا أن نسمي الأمور بأسمائها. فهذا مشروع للتكاثر السكاني المصطنع الذي هدفه تعميق السيطرة الإسرائيلية في الجولان وخلق واقع على الأرض يجعل من الصعب على الزعماء في المستقبل أن يفكروا بخوض مفاوضات سياسية على هذا الإقليم. لأجل تسريع السياقات، فإن ديوان رئيس الوزراء معني بأن يشكل “لجنة خاصة” مع صلاحيات لجنة تخطيط محلية ولوائية، لكن من دون ممثلي الجمهور كما هو دارج في لجان التخطيط الأخرى. يدور الحديث عن مشروع وطني. مثل تهويد الجليل. مثل مشروع الاستيطان.
إن الإجماع الداخلي على أن الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل لا يغير حقيقة أن هذه أرضا محتلة خلافا للقانون الدولي والمبدأ الأساس في قرار الأمم المتحدة 242 والذي يقضي بعدم جواز اكتساب الأراضي بواسطة الحرب.
حتى لو كان الإسرائيليون يسمون سكان الجولان سكانا فهم مستوطنون. حتى لو كان الجولان جميلا، وفي جبل الشيخ يوجد ثلج أبيض فإنه ما يزال أرضا محتلة. حتى لو كانت سورية فمنذ حرب يوم الغفران لم تحاول احتلال الجولان، والمفاوضات السياسية معها لم تحقق نجاحا حتى الآن، وهي تعيش منذ سنين في حرب أهلية وتشكل أرضا خصبة لتموضع “داعش” وإيران، وحتى لو “أعطى” الرئيس السابق دونالد ترامب لبنيامين نتنياهو “هدية” الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية في الجولان، فإن كل هذا لا يغير حقيقة أن هذه أرضا محتلة.
غير أن الاعتراضات الوحيدة التي انطلقت حتى الآن على الخطة هي على خلفية جودة البيئة (إسكان غير منضبط سيمس بالمجالات الطبيعية) والتخطيط (إقامة بلدات جديدة ستمس بالمخططات لتعزيز بلدات مدينية مثل كتسرين وكريات شمونا المجاورة لهضبة الجولان)، وصفر معارضة على خلفية سياسية. هذا بالضبط هو الصوت الذي يجب يسمعه ميرتس. حذار على وزراء ميرتس أن يعطوا يدا لتوسيع الاستيطان في الجولان.
=============================
الصحافة الفرنسية :
لوبوان: حارة الشمس في برلين.. هنا سوريا مصغرة
https://www.aljazeera.net/news/2021/12/13/لوبوان-حارة-الشمس-ببرلين-هنا-سوريا
يتوافد عشرات الآلاف من اللاجئين من بلاد الشام إلى "الشارع العربي" في العاصمة الألمانية برلين، محولين إياه إلى ما يشبه "سوريا صغيرة".
هذا ما أوردته مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية في تقرير مشترك لغيوم بريي ودهام الأسد، أوضحا في بدايته أن حارة سوننالي Sonnenallee أو "حارة الشمس" هي شارع في برلين، يقع على مرمى حجر من محطة هيرمنبلاتز Hermannplatz، لكن الجميع أصبح يطلق عليها "الشارع العربي".
على نفس الرصيف وعلى بعد بضع مئات من الأمتار، يقول الكاتبان، يمكنك تذوق المأكولات السورية الشعبية في كشك يديره لاجئون من حمص، أو أن تمتع نفسك بمعجنات إدلب أو الدجاج المشوي على الطريقة الدمشقية.
وفي صالونات تصفيف الشعر وبارات الشيشة والشاورما ومحلات الملابس، يتم التحدث بالعربية بلهجة سورية، حسب قولهما.
فمنذ عام 2015 ومع وصول عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ألمانيا، أصبح هذا الشارع نقطة تجمع لجميع فئات الشعب السوري. إنهم يجتمعون هنا معًا على أساس إقليمي، حمص أو حلب أو إدلب أو دمشق أو الرقة، أو حسب الانتماء المجتمعي والسياسي، وهنا في هذا الحي يجد السوريون فرصا للقيام بأعمال تجارية أو بناء علاقات جديدة.
"نحن لا نأتي فقط إلى هذا الشارع لتناول الطعام أو التسوق. بل هو بالنسبة للعديد من السوريين في برلين مكانًا للتنفيس والتفاعل الاجتماعي" وفقا لسائق سيارة الأجرة الذي يقول إنه أصبح يعرف هذا الحي عن ظهر قلب.
ويضيف هذا الدمشقي الأربعيني أن من يأتون هنا يأتون لتنفس سوريا "فهناك الجديد والقديم.. هناك كل الآراء، سوريون من جميع المدن، وكلها قصص مأساوية للغاية.. كل هذا في منطقة صغيرة جدًا من المدينة".
ولأن المنطقة تعج بالسوريين في حيز مكان ضيق، فإن الجميع يلتزم الحذر في التعبير عن المواقف السياسية "فالمراقبة عامة والجميع حذرون" وفقا لسوري موظف بأحد البنوك، يأتي هنا لمقابلة الأصدقاء في عطلات نهاية الأسبوع.
ويلاحظ الكاتبان أن للانقسامات والصراعات التي تمزق سوريا تداعيات حتى في هذا العالم الصغير في برلين.
ويضيف التقرير أن من بين اللاجئين هنا من يرفعون علم الثورة ومن بينهم من هم في السابق أعضاء بجماعات إسلامية، يحاولون الابتعاد عن الأضواء، كما أن من هؤلاء السوريين من يظهرون دعمهم للدكتاتور بشار الأسد، ناهيك عن وجود عناصر من "المخابرات" السورية سيئة الصيت، على حد قول الكاتبين.
ويختم الكاتبان تقريرهما بالحديث عن أحد المقاهي المبهرجة الذي تفوح منه رائحة التبغ المنكّهة، ويرفع فيه علم النظام ذو النجمتين بفخر، وتبث فيه قناة دمشق الحكومية على الهواء مباشرة.
ويلاحظان أن النادل بدا متوجسا من شيء ما، وهو يحضر لهما قهوة الهيل دون أن ينبس ببنت شفة.
وهنا استحضر التقرير قصة صاحب هذا المطعم بالقول "في أكتوبر/تشرين الأول، داهمت الشرطة المنشأة للاشتباه في أن رئيسها مجرم سوري هارب، متهمة هذا الرجل، وهو فلسطيني من مخيم اليرموك في سوريا، وعضو في مليشيا موالية للأسد (شبيحة سابق) بأنه ممن سحقوا الثورة السورية الشعبية عام 2011، ومنذ محاولة الاعتقال لا يمكن العثور على أثر لهذا الرجل".
ونقل الكاتبان، في هذا الصدد، عن المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان أنور البني قوله إن هناك "حوالي ألف مجرم حرب سوري قدموا كلاجئين واختبؤوا في أوروبا".
=============================
الصحافة الروسية :
نيزافيسيمايا غازيتا :خصوم الأسد السابقون مدعوون للاجتماع في دمشق
https://arabic.rt.com/press/1303838-خصوم-الأسد-السابقون-مدعوون-للاجتماع-في-دمشق/
كتب إيغور سوبوتين، في "نيزافيسيمايا غازيتا"، حول قرار منظمة البلدان العربية المصدرة للنفط "أوابك" عقد مؤتمرها في دمشق.
وجاء في المقال: سوف تستضيف دمشق المؤتمر العربي للطاقة الذي ستعقده منظمة البلدان العربية المصدرة للنفط (أوابك) في العام 2024. تم اتخاذ هذا القرار في اجتماع وزاري للمنظمة عبر الفيديو.
وتجري مناقشة هذه المبادرة على نطاق واسع باعتبارها علامة أخرى على الاتجاه المتنامي نحو تطبيع العلاقات مع سوريا، التطبيع الذي كانت الإمارات رائدة المنطقة فيه، فقد أعادت سفارتها إلى دمشق في العام 2018. ومن شهر، قام وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان بزيارة تاريخية للعاصمة السورية.
وفي حين أن إدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن توجه انتقادات لمثل هذه الخطوات، يبقى من المفاجئ كيف وافقت قطر، المعارضة المبدئية لـ "إعادة تأهيل" دمشق الرسمية، على عقد مؤتمر الطاقة العربي في سوريا. فمنذ وقت غير بعيد، عبّر نائب رئيس الوزراء، وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن أن التطبيع مع نظام الأسد ليس الخطوة التي تفكر الآن قطر في اتخاذها.
وصف كبير الاقتصاديين في مؤسسة التحليل الأمريكية RAND، هوارد شاتز، في محادثة مع بوابة "عين الشرق الأوسط" ، الوضع حول مبادرة أوابك بأنه "الاختبار الأكثر رسمية لفكرة إعادة دمج سوريا.. هذه بداية العملية الرسمية لتطبيع العلاقات التجارية مع سوريا.. لو كنت مستثمرا مرتبطا سياسيا في الخليج، لكان أكثر ما يقلقني بشأن سوريا ليس العقوبات، إنما ما إذا كان بإمكاني القيام بالبزنس هناك."
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يساعد دمشق عقد المؤتمر العربي للطاقة لديها في حل مشاكلها الخاصة في سوق النفط: فالحصة الأكبر من الخام تقع في شمال شرق البلاد، والتي لا تزال في أيدي جهات غير حكومية، يسيطر عليها الأكراد. ولا يزال الجانب الأمريكي يرعى وضعهم.
=============================