الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 1/8/2016

سوريا في الصحافة العالمية 1/8/2016

02.08.2016
Admin


إعداد مركز الشرق العربي

الصحافة العبرية والاسبانية : الصحافة البريطانية الصحافة الأمريكية :  
الصحافة العبرية والاسبانية :
هآرتس: إصابة قائد قوات "البسيج" الإيرانية بسوريا
https://arabic.rt.com/news/834681-هاآرتس-إصابة-قائد-قوات-تعبئة-ايرانية-سوريا/
تاريخ النشر:31.07.2016 | 10:58 GMT |
أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأحد 31 يوليو/تموز، بأن قائد قوات التعبئة "البسيج" الإيرانية العميد محمد رضا نقدي أصيب في محافظة القنيطرة جنوب غرب سوريا، الاثنين 18 يوليو/تموز.
وأوضحت "هآرتس" أن المعلومات المتوفرة لديها تؤكد أن العميد الإيراني أصيب إما نتيجة لغارة إسرائيلية على الموقع الذي كان فيه أو من جراء هجوم للمسلحين.
في موازاة ذلك، ذكر موقع "موج نيوز" الإيراني أن قائدا عسكريا إيرانيا أصيب بجروح في مدينة القنيطرة، دون الكشف عن هويته ومنصبه.
هذا ونفى مصدر إيراني مطلع في الحرس الثوري لوكالة "فارس" الإيرانية إصابة العميد محمد نقدي في سوريا، مضيفا أن رئيس قوات التعبئة منشغل بأعماله اليومية، وهو "في أتم الصحة والعافية".
ووصف المصدر الأنباء عن إصابة القائد الإيراني بأنها شائعات، "ناجمة عن غضب إسرائيل من زيارة العميد نقدي إلى منطقة هضبة الجولان".
يذكر أن وكالة "فارس" والموقع الرسمي لقوات التعبئة نشرتا، خلال هذا الأسبوع، صورا للعميد نقدي، وهو يتفقد المواقع العسكرية في منطقة القنيطرة الواقعة قرب هضبة الجولان المحتلة، غير أنهما لم تشرا إلى تاريخ هذه الزيارة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين 18 يوليو/تموز، عن قصفه لأهداف في مدينة البعث بالقنيطرة الجديدة، ردا على إطلاق قذائف باتجاه الأراضي الإسرائيلية من الأراضي السورية.
========================
إلبيريوديكو: ماذا وراء انفصال "النصرة" عن "القاعدة"؟
http://arabi21.com/story/932156/إلبيريوديكو-ماذا-وراء-انفصال-النصرة-عن-القاعدة#category_10
عربي21 - وطفة هادفي# الأحد، 31 يوليه 2016 10:16 م 00
نشرت صحيفة "البيريوديكو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الأسباب التي جعلت جبهة النصرة، تعلن انفصالها عن تنظيم القاعدة.
وبيّنت الصحيفة أن الجبهة تريد من خلال هذا الإعلان تجنب القصف الروسي والأمريكي، إلا أن الولايات المتحدة لا زالت تضعها على قائمة الجماعات الإرهابية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن جبهة النصرة تسعى من خلال هذا الإعلان إلى أن تصبح أكثر نفوذا وتأثيرا بين القوى المتمردة الأخرى في سوريا.
وفي وصفه للإعلان الأخير لجبهة النصرة، التي أعلنت من خلاله عن قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام"، قال المحلل الإسباني لودوفيكو كارلينو إن "هذا الإعلان هو نوع من التمرينات الذكية للعلاقات العامة داخل المنظمات الإرهابية. وبدوره، سيُكسب هذا التغيير جبهة النصرة مزيدا من الشرعية بين الجماعات الإرهابية المشاركة في الحرب في سوريا".
ويواصل كارلينو: "بهذه الطريقة، يمكن أن تصبح جبهة النصرة أكثر إندماجا في الثورة السورية، وتنشر أيديولوجيتها في المنطقة وتحافظ في نفس الوقت؛ على هدف إنشاء "دولة الخلافة" على المدى الطويل".
وأضافت الصحيفة أن إعلان زعيم الجبهة، أبو محمد الجولاني، عن قطع العلاقة مع تنظيم القاعدة وتسميتها "جبهة فتح الشام"، يأتي بعد فترة وجيزة من اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في موسكو، على التعاون المشترك في محاربة تنظيم الدولة وجبهة النصرة، فيبدو أن جبهة فتح الشام، تريد أن تضمن أنها في منأى من هجمات واشنطن وموسكو.
وعلاوة عن ذلك، فإن تجنب قصف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة؛ سيُمكن جبهة فتح الشام من الوصول إلى هدفها الثاني، والمتمثل في الظفر بمزيد من الحلفاء بين القوات المعارضة لنظام بشار الأسد، كما تقول الصحيفة.
وبحسب مجموعة صوفان، المجموعة الأمريكية المختصة في الإستشارات الأمنية، فإن "بعض الجماعات المتمردة تقدر قيمة القدرات القتالية لجبهة النصرة، وانضمت للقتال معها، من بينها جماعة أحرار الشام".
كما أشارت الصحيفة إلى ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية، التي شككت في هذا الإعلان، واعتبرت أن قادة جبهة النصرة، لا زالوا يخططون لشن هجمات في الغرب.
وأوردت الصحيفة أنه من ناحية أخرى، يمكن أن يعقّد هذا الإعلان التحركات الأمريكية في البلاد. وحسب الباحث أيمن التميمي، فإنه "أصبح من الصعب التفريق بين "الإرهابيين" من المقاتلين الآخرين".
ونقلت الصحيفة عن الخبير في المنطقة، تشارلز ليستر، أن "هذا الانفصال يمكن أن يحقق مزيدا من المنافع الأخرى على الصعيد المالي، حيث تتمتع الجبهة الجديدة بالدعم المادي المباشر من دول مثل قطر".
وحول الحديث عن حقيقة الانفصال الفعلي لجبهة فتح الشام عن تنظيم القاعدة، قالت الصحيفة إنه قبل الكلمة المصورة لأبي محمد الجولاني، أعلن الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، عن موافقته على الخطوة التي أقدمت جبهة النصرة على اتخاذها. وقال في رسالة صوتية إن "روابط الأخوة الإسلامية هي أقوى من أي صلة بين المنظمات". إلا أن العديد من الخبراء شككوا في هذا "الانفصال الودي"، وفق الصحيفة.
وقال ليستر إنه على الرغم من إعلان الانفصال، إلا أن العديد من العناصر المنتمين حاليا إلى جبهة النصرة، تم إرسالهم في السابق لدعم وتعزيز "المصداقية الجهادية للجبهة".
ورأى ليستر أنه "ستبقى هذه العناصر على حالها وسوف تستمر في إثبات ولائها لجماعة الظواهري. كما أنه لن يكون من السهل محو العلاقات الأيديولوجية بينهما"، بحسب ما نقلت عنه الصحيفة.
========================
 الصحافة البريطانية
ديلي بيست: تنظيم الدولة يسعى لحرب أهلية عالمية
http://www.aljazeera.net/news/presstour/2016/7/31/ديلي-بيست-تنظيم-الدولة-يسعى-لحرب-أهلية-عالمية
قال الكاتب ماجد نواز في مقال بمجلة ذا ديلي بيست الأميركية إن تنظيم الدولة الإسلامية يسعى من وراء شن هجمات في أماكن متعددة من العالم إلى إثارة سلسلة من الحروب الأهلية الدينية في جميع أنحائه.
وأشار إلى مقتل القس جاك آميل (86 عاما) ذبحا بالسكين في كنيسة ببلدة سانت إيتيان شمال فرنسا قبل أيام أثناء قداس الصباح على يد تنظيم الدولة، ودعا إلى ضرروة معرفة الأهداف التي يرمي إليها الجهاديون من وراء نثرهم بذور الفوضى في المجتمعات الدولية.
وتساءل: أي استراتيجية عسكرية يمكن أن تكون وراء مقتل 84 شخصا دهسا بشاحنة في مدينة نيس بفرنسا أو مقتل المئات في بغداد بـالعراق أو في كابل في أفغانستان. وأشار إلى أن الجهاديين نفذوا نحو 75 هجوما على مدار 50 يوما مضت في 21 دولة على المستوى العالمي.
وأوضح نواز أن جماعات جهادية مختلفة نفذت هجمات في كل من الأردن والعراق وسوريا وبنغلاديش وإسرائيل وأفغانستان ولبنان وليبيا وفرنسا ونيجيريا وباكستان والصومال واليمن وماليزيا وتركيا ومالي وفلسطين والكاميرون والسعودية وتايلند وألمانيا، وأن 16 دولة من هذه الدول ذات أغلبية إسلامية.
كراهية
وأشار إلى أن تنظيم الدولة يتبع استراتيجية "إدارة التوحش"، وأنه لا يسعى إلى إطلاق شرارة حرب عالمية، ولكن إلى إشعال حرب أهلية عالمية.
وقال إن تنظيم الدولة تمكن من نشر الفوضى في سوريا بعد أن نجح في نشرها بالعراق، وإنه ارتكب أبشع الفظائع في البلدين باسم الإسلام، وأضاف أن الإسلام بريء من كل هذه الأفعال التي يقترفها الجهاديون في أنحاء العالم.
وقال الكاتب إن المرء لا يجب أن يكون أسود حتى يدين العنصرية ضد السود، ولا يجب أن يكون مسلما حتى يدين هذا التطرف الذي ينتهجه بعض الجهاديين، ولكن يجب علينا جميعا أن نقف معا لإدانة كل أشكال الكراهية والتعصب دون استثناء.
وقال إنه لا يمكن إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة أو ببقية المتطرفين الآخرين من خلال الحروب، ولكن من خلال نضال المجتمع المدني ضدهم بشكل عام، وذلك كي نتجنب الحرب الأهلية العالمية التي يريدون إثارتها.
========================
فاينانشيال تايمز: انفصال "النصرة" عن القاعدة جزء من خطوة استراتيجية للهيمنة على المعارضة
http://www.rasid.co/arabic/179833.html
 
الان -
رأت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن إعلان جبهة النصرة في سوريا انفصالها عن تنظيم القاعدة أو أي كيان خارجي آخر يحمل في طياته تحركًا استراتيجيًا مهمًا تسعى الجبهة من خلاله إلى الهيمنة على تنظيمات مقاومة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت الصحيفة - في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد - إن القليل من قادة الحرب الأهلية في سوريا التي تدور رحاها للعام الخامس على التولي اعتبر إعلان زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني انتصارا لصالح الأيديولوجية المعتدلة لفكر المعارضة.
وذكرت أنه “رغم قرار الجولاني بتغيير اسم الجبهة إلى جبهة فتح الشام، فإن القليل جدا من النقاد والمحللين يصدقون أنه حقا قرر يحدث تغييرا في عقيدة جبهته ، ويعتقدون أن الجولاني يسعى بخطوته تلك إلى بسط هيمنته على مناطق شمال غربي سوريا – وهي أكبر معقل متبقى لدى صفوف المعارضة في حربهم ضد الرئيس بشار الأسد”.
وأضافت “بالتالي، فإن فصائل المعارضة الهشة والضعيفة في سوريا قد تجد نفسها مضطرة للاختيار بين أمرين مستحيلين، هما إما أن تتحد مع الجماعات الجهادية أو مع من يتلقون دعما من الغرب من أجل إنهاء الصراع”.
ونقلت الصحيفة عن أحد رموز المعارضة - فضَّل عدم ذكر اسمه - قوله إن “جبهة النصرة تبذل محاولة من أجل قيادة المعارضة في الشمال، وبالتالي فإنها قد تكسب من وراء انفصالها عن القاعدة وتخرج أقوى مما كانت عليه”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القرار الجديد الذي اتخذه الجولاني جاء بالتزامن مع تفعيل اتفاق طالما طال انتظاره بين المتناحرتين موسكو وواشنطن، حيث من المحتمل أن تنسق القوتان شن هجمات عسكرية ضد جبهة النصرة، فيما تسعى الولايات المتحدة وروسيا إلى التوافق بشأن صياغة إطار لاتفاق سلام ينهى الصراع في سوريا.
وأردفت الصحيفة البريطانية تقول إنه “رغم وصف الأمر على أنه انفصال عن تنظيم القاعدة، إلا أن الجولاني - الذي أظهر وجهه لأول مرة في شريط الفيديو الذي سجله للإعلان عن قراره - لم يعلن بشكل واضح تراجعه عن ولائه للتنظيم، فيما توجد مؤشرات واضحة تؤكد أنه لم يهجر أيديولوجية فكر القاعدة، حيث ظهر الجولاني وهو يرتدي زيا أشبه بزي قائد القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وهو الزي العسكري والعمامة البيضاء، متعهدا بحماية الجهاد في سوريا”.
في السياق ذاته، قال مسئولون غربيون وروس إن التسمية الجديدة للجبهة لن تثنيهم عن استهداف الجبهة، التي تعد أقوى جماعة مسلحة في سوريا، غير أن بعض المعارضين يرون أن استهداف الجبهة - الذي سوف يضر بالتأكيد بالمدنيين - قد يؤدي إلى تعزيز قوة الجولاني وزيادة حجم التأييد له”.
========================
الصحافة الأمريكية :
 
معهد واشنطن :أزمة الرعاية الصحية المتفاقمة في سوريا
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/syrias-compounding-healthcare-crisis
ستيفن فيليبس
متاح أيضاً في English
"منتدى فكرة"
29 تموز/يوليو 2016
يشمل أفضل شكل من الهياكل الإساسية للرعاية الصحية في أي بلد منشآت متطوّرة يعمل فيها مقدّمي خدمات مدرّبين تدريباً جيّداً ويتمتّعون بالوصول إلى المعلومات العلمية الصحية الموثوقة والحالية. وكانت الجمهورية العربية السورية قبل الحرب الأهلية قريبة من هذا الهدف؛ فقد كانت في عهدها خمس كليات طبّ عاملة، وتتمتع بخطّة للرعاية الصحية الوطنية والعناية الطبية، وسبعة وثلاثين مكتبة طبّية.
وخلال العقود التي سبقت الحرب الأهلية السورية، تحسن الوصول إلى المعلومات الصحية وتأمين الرعاية الصحية بشكل منتظم. فوفقاً لـ "منظمة الصحة العالمية"، كان العمر المتوقع للمواطن السوري 75.7 عاماً في عام 2012، ما يشكّل قفزة من متوسط الـ 56 عاماً الذي سُجل في عام 1970. وأفادت المؤشرات الصحية ما قبل الصراع والتي جمعها "الإئتلاف الدولي السوري للصحة" في عام 2012 إلى انخفاض كبير في معدل الوفيات الناجمة عن كافة الأسباب.
إلّا أنّ الحرب الأهلية قد عكست هذا المنحى؛ فانخفض متوسط ​​العمر المتوقع عشرين عاماً من مستوى عام 2012. وتقدّر الأمم المتحدة اليوم أنّ 12.2 مليون سوري - منهم حوالي ستة ملايين طفل - بحاجة إلى مساعدات إنسانية طارئة. إنّ فهم الحقائق الطبية للصراع السوري على الأرض وكيفية اختلافها عن الصراعات السابقة هو عنصر أساسي للتخصيص الفعّال للموارد الأمريكية والدولية فضلاً عن تطوير خطط طبية للفترة التي تلي الحرب الأهلية.
وطوال تاريخ الصراعات الحديثة، اعترف المحاربون بشكل عام بالطاقم والمنشآت الطبية كغير محاربين وتجنبوهم مواجهة الهجمات. وتنص "اتفاقية جنيف" بشكل صريح أنّه يجب احترام وحماية العاملين في المجال الطبي العسكري والمدني بشكل حصري في جميع الظروف. وبالتالي، إنّ توجيه هجمات بشكل متعمّد ضد العاملين في المجال الطبي ومنشآت طبية قابلة للتحديد يشكّل جريمة حرب.
إنّ تجربتي الشخصية في فيتنام تدعم الفكرة أنّ "أحكام اتفاقية جنيف" قد طُبّقت بشكل عام حتّى في ظل سيناريوهات الحروب الحديثة المحتدمة. فقد تجنب المقاتلون النظاميون في كل من "الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام" ("فيت كونغ") ومن شمال فيتنام مهاجمة منشآت طبية قابلة للتحديد على نحو كافٍ، على الأرجح نظراً للعلاج الروتيني في "المستشفيات العسكرية" التابعة للولايات المتحدة للمحاربين الجرحى من العدوّ. وفي عام 1968، وخلال خدمتي في "الوحدة 101 المحمولة جواً"، كنّا أنا وفريق الأطباء نؤمّن "برنامج العمل الطبي المدني" ("ميدكاب") في قرية نائية. ومع غروب الشمس، قال لي زعيم القرية إنّ فصيلة تابعة لـ "الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام" كانت تقترب من القرية وطلب منّا المغادرة على الفور لأنّ الفصيلة لا تريد أذية فريق "ميدكاب". وعلى الرغم من خشيتنا من أن يُنصب كميناً لنا، غادرنا القرية دون أن نصاب بأذى. وفي حادثة أخرى، تم تكليف فريقي الطبي بمهمّة المساعدة على إعادة فتح المستشفى المدني في "مدينة هيو" والذي كان قد دُمّر جرّاء هجوم "تيت" (سُمّي على اسم عطلة السنة القمرية الجديدة "تيت"). وهناك، عالجنا السكّان المدنيين بشكل عام الذين بلا شكّ قد شملوا العديد من الأعداء والمتعاطفين معهم. إنّ التعرّف علينا بشكل ملائم ضمن عدم تعرّضنا للأذية أو حتّى التهديد خلال تلك المهمّة التي دامت ثلاثة أشهر.
ويتناقض الصراع السوري تماماً مع هذا النموذج من الرعاية الصحية خلال الحروب الحديثة. فنظام الرعاية الصحية، والهياكل الأساسية للصحة العامة، ومصادر المعلومات الصحية في سوريا قد دُمّرت جرّاء الحرب الأهلية المستمرّة، لا سيّما في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. كما أن موظفي الرعاية الصحية، ومنشآت الرعاية الصحية، وسيارات الإسعاف، ومصنّعي التجهيزات الطبية والمواد الصيدلية ومزوّديها، من بينهم المنظمات غير الحكومية مثل "أطباء بلا حدود"، قد استُهدفت بصورة متعمّدة وبقوة على جبهات عدّة، وبشكل رئيسي من قبل الحكومة السورية. فهذه الأخيرة التي تسيطر على العمليات الجوية مسؤولة عن شن 88 بالمائة من الهجمات المسجّلة على المستشفيات وعلى 97 بالمائة من العاملين في المجال الطبي الذين قُتلوا، مع تسجيل 139 حالات وفاة تُعزى مباشرة إلى التعذيب أو الإعدام. واتُهمت قوّات الثوار وتنظيم «الدولة الإسلامية» أيضاً باستهداف القطاع الصحي. وبشكل إجمالي، تمّ تنفيذ 233 هجوماً متعمّداً أو عشوائياً على 183 منشأة طبية.
وقد أدت مشاركة روسيا في الحملة الجوية إلى زيادة عمليات قصف المستشفيات والعيادات بشكل كبير. وفي تشرين الأوّل/ أكتوبر 2015، أي في الشهر الأوّل الكامل من التدخّل الروسي، تمّ استهداف وقصف 12 منشأة طبية بشكل متعمّد بينما استهدفت القنابل الروسية في أوائل عام 2016 ثلاثة مستشفيات، وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل العديد من الناس وحرمان آلاف السوريين من الوصول إلى الرعاية الصحية.
وقد تفاقمت آثار عمليات القصف المذكورة هنا لتتحوّل إلى أزمة صحية وطنية. ووفقاً لـ "منظمة الصحة العالمية"، أصبح ما يقرب من ثلثي المستشفيات والعيادات السورية عديمة الفائدة أو تمّ تدميرها بسبب الحرب. أمّا المنشآت الطبية المتبقية فتعاني نقصاً في طاقمها وتجهيزاتها ومؤنها، كما تواجه طفرة في مجال معالجة الصدمات. وقد نتج عن حظر السفر وفرض العقوبات نقصاً في الأدوية واللوازم الطبية والمعدات الطبية.
وقد عانى كل من الأطباء والمرضى بشكل كبير من هذه الهياكل الأساسية المتزعزعة، فقد قُتل أو جُرح حوالي 700 عامل في مجال الرعاية الطبية، واضطر نصف أطبّاء البلاد إلى الهروب من سوريا. كما جُرح أو قُتل أكثر من مليون سوري، مما جعل مئات الآلاف من الناس يعانون من إعاقات مزمنة تمت معالجتها بشكل سيّئ، فضلاً عن حدوث نقص كبير في إمكانية الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك تضاعفت حالات الوفاة الناجمة عن الأمراض والجروح التي يمكن علاجها. وإلى جانب التحدّيات المرتبطة بالقتال، توقّفت العلاجات لأمراض الأوعية القلبية والكلوية المزمنة، والسرطان، والسكّري، وتعطلّت العمليات الطبية الروتينية غير الطارئة بشكل خطير. ولا يمكن لرعاية المتابعة "الاختيارية" للجروح، والأطراف الاصطناعية لمبتوري الأطراف، والالتهابات، وغيرها من الحالات أن تكون أولوية بعد الآن ونادراً ما تحظى بالعناية اللازمة.
إنّ التهجير الواسع النطاق للشعب السوري، والظروف غير الصحية، وإمدادات المياه الملوّثة تؤدّي كلّها إلى إعادة ظهور أمراض معدية كانت قد انقرضت في الماضي مثل شلل الأطفال، والكوليرا، وحمّى التيفوئيد، والتهابات الكبد، والأمراض الطفيلية. ولا يمكن إحصاء الإصابات العقلية التي ألحقت بها هذه الحرب الأهلية على المدنيين، والتي تكاد تتمّ عامها السادس.
وتعمل "الجمعية الطبية السورية الأمريكية" بشكل فاعل على توفير دورة متطوّعي الرعاية الصحية في سوريا، بينما يسجّل أطبّاء الجمعية، ومن بينهم الدكتور سامر العطّار، أهوال الميدان والنواقص الخطيرة للوضع الطبي الذي أدّى إلى خسارة العديد من الأرواح التي كان يمكن إنقاذها.
فالمتخصصون في مجال الرعاية الطبية عاجزون على عدة أصعدة عن تحسين الوضع. وقد أشار ليوناردو روبنشتاين، مدير في "مركز بلومبرغ للرعاية الصحية وحقوق الإنسان" في "جامعة جونز هوبكنز"، إلى أنّ الوضع في سوريا "هو أسوأ هجوم منسّق على الرعاية الصحية في الذاكرة الحيّة... وفي أماكن مثل البوسنة والشيشان وأفغانستان وقطاع غزة، لم يحصل شيء مماثل للذي حصل في سوريا".
ومنذ بدء الأزمة، قدّمت الولايات المتحدة أكثر من 6.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية. ويدعم هذا الجهد المادي عمليات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لتأمين الإغاثة الطارئة لسوريا والدول المجاورة التي أصبحت ترزح تحت ثقل مساعدة اللاجئين وعمدت بشكل دوري على إغلاق حدودها بسبب الهجمات الإرهابية. بيد أن الحدود المغلقة تحول دون قيام المنظمات الطبية الإنسانية الدولية مثل "أطبّاء بلا حدود" بمعالجة الجرحى السوريين. وهناك تقارير غير مؤكدة مفادها أنّ الجيش الإسرائيلي قد أقام مستشفى ميدانياً على الحدود السورية في هضبة الجولان لعلاج الجرحى السوريين.
ومن الواضح أنّ الأزمة السورية لن تنتهي قريباً، لكنه من المهمّ البدء بالتفكير بالجهود الدولية الكبيرة التي ستلزم لإعادة بناء الهياكل الأساسية للصحة العامة والرعاية الصحية في البلاد. على المجتمع الطبي السوري والمنظمات غير الحكومية الداعمة الانتقال من حالة استجابة للأزمات إلى التخطيط الاستراتيجي وحالة التعافي. وسيستلزم القطاع الصحي الذي سيُجمع لدعم هذا الجهد قيادةً وسيطرة قويتَين لتنسيق الجهود وترتيب النشاطات وفقاً لأولويتها، وتطوير بروتوكولات تواصل قادرة على التكيف مع عمل فريق دولي. والمهمّ جدّاً في هذا الجهد هو الاستفادة من الوصول الفوري والمفتوح والمجّاني للمعلومات الصحية التي يؤمّنها "مركز أبحاث إدارة معلومات الكوارث" التابع لـ " المكتبة الوطنية الأمريكية للأدوية".
طوال تاريخ الحروب، كانت جهات الإستجابة الطبية، العسكرية والمدنية على حد سواء، بمنأى عن الهجمات بشكل عمدي، وحتى أثناء القتال الحاد الذي شهدته "الحرب العالمية الأولى" و "الحرب العالمية الثانية"، كانت هناك دائماً هدنة دورية تسمح للفرق الطبية بإخلاء وعلاج المصابين. لكن الوضع في سوريا ليس كذلك، حيث استهدفت الحكومة السورية عمداً الهياكل الأساسية الطبية الخاصة بها ومن بينها فرق المتطوعين الإنسانية. وقد أدت تلك الهجمات التي تمثل انتهاكاً صارخاً لـ "اتفاقية جنيف" إلى التدمير الكامل تقريباً لنظام الرعاية الصحية الحديث في سوريا، الذي تم إنشاؤه قبل اندلاع الحرب. لذلك، فان إعادة بناء البنية الصحية المدمَّرة سيتطلب جهوداً جبارة من قبل المجتمع الدولي، الذي يجب أن يلتزم بالعمل لعقود من الزمن.
 ستيفن جي. فيليبس، هو دكتور في الطب وباحث علمي في "المكتبة الوطنية للطب - المعاهد الوطنية للصحة" في ولاية ماريلاند الأمريكية. وقد نُشرت هذه المقالة في الأصل من على موقع "منتدى فكرة" .
========================
نيويورك تايمز :أخطر قوة معادية للولايات المتحدة ليست تنظيم الدولة.. إنها إيران
http://altagreer.com/أخطر-قوة-معادية-للولايات-المتحدة-ليست/
نشر في : الإثنين 1 أغسطس 2016 - 01:04 ص   |   آخر تحديث : الإثنين 1 أغسطس 2016 - 01:04 ص
نيويورك بوست – التقرير
إن أكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي اليوم ليس تنظيم الدولة أو الصين أو روسيا أو حتى الشبح المفضل لدى الإدارة الأمريكية، والمتمثل في تغير المناخ، إن الخطر الأكبر هو جمهورية إيران الإسلامية، فهي النظام الذي كان في حالة حرب ضد الولايات المتحدة منذ عام 1979، حيث كانت تنتشر هتافات “الموت لأمريكا” في كل مسجد بالبلاد في صلاة الجمعة، والآن – وبفضل الرئيس أوباما وجون كيري – هي على المسار السريع للحصول على أسلحة نووية.
يذكر أن إيران ليست بقوة تنظيم الدولة، ولكنها تعمل حاليًا بنشاط في عدة مبادرات مناهضة للولايات المتحدة والتي من الممكن أن تتحول لتكون أكثر فتكًا من أي شيء ارتكبه تنظيم الدولة حتى الآن، وفي يونيو 2011 قال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامئني، “أينما وُجدت حركة إسلامية وشعبوية ومعادية للولايات المتحدة، فنحن مؤيدين لها”.
في عام 2012، دعا خامئني لهجمات إرهابية ضد الغرب، ولكن الآن – وبسبب أوباما – تتدفق حاليًا داخل إيران مليارات الدولارات في ظل تخفيف العقوبات؛ مما ساعد في تمويل مثل هذه الهجمات.
وذكر الكاتب روبرت سبنسر في كتابه الجديد “الدليل الكامل للكافر بإيران”، أن الأمة أصبحت مرتعًا للنشاط الإرهابي، حيث التمويل والسيطرة على شبكة عالمية للمنظمات الإرهابية الجهادية ذات الانتشار العالمي الفعلي، والتي على استعداد للقيام بكل ما تمليه عليها إيران حتى وإن كان قتل أعدائها المحتملين.
ويقول الكاتب إن القائد لهذه الشبكة هو حزب الله، فهم شركة تابعة ومشغلة بشكل كامل من قبل الحرس الثوري الإيراني، والأكثر خزيًا هو أن حزب الله كان مسؤولاً عن مقتل 241 جنديًا أمريكيًا في تفجير ثكنة عسكرية ببيروت في عام 1983.
وجدير بالذكر أن إيران متورطة في تفجير عام 1996 لأبراج الخبز بالمملكة العربية السعودية، والذي ضم أعضاء من سلاح الجو الأمريكي، وكذلك في تفجيرات عام 1998 لسفارتي الولايات المتحدة بكينيا وتنزانيا، والذي راح ضحيتهم ما يزيد عن 200 شخص لقوا مصرعهم.
وأشار الكاتب إلى أن حزب الله الإيراني لا يعمل فقط في لبنان؛ فهو يواصل استهداف الولايات المتحدة عبر المكسيك، حيث يتعاون مع عصابات المخدرات على طول الحدود مع الولايات المتحدة، وهذه الشراكة مفيدة للطرفين، فحزب الله يحصل على مبالغ ضخمة لتمويل العمليات الجهادية الخاصة به، وعصابات المخدرات تتلقى تدريبًا مكثفًا في سبل إلقاء الرعب في قلوب أعدائهم، وهذا هو السبب الرئيسي الوحيد وراء تبني عصابات المخدرات المكسيكية حتى وقت قريب لنوعين من العلامات المميزة للجماعات الجهادية، وهما الخطف وقطع الرأس.
وليس حزب الله فقط الذي تموله إيران؛ فعلى الرغم من الانقسام السني الشيعي، إلا أن هناك تكهنات بشأن تمويلها للجماعات الجهادية السنية في بعض الدول، فضلاً عن الحوثيين الشيعة في اليمن وكتائب حزب الله الشيعية العراقية جميعهم يتلقون تمويلاً من الجمهورية الإسلامية.وحيث أنها لا تعمل إلى من خلال الجماعات الإرهابية الجهادية، فقد مولت الحزب الشعبي اليساري الإسباني، بوديموس، ويعد هذا مثالاً حيًا على إمكانية عمل اليسار الدولي وحركة الجهاد العالمية في قضية مشتركة ضد الغرب.
وأضاف الكاتب أن إيران متورطة حتى في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية، ففي الأشهر التي سبقت الهجمات، سافر ثمانية على الأقل من الخاطفين مرارًا إلى إيران والتقوا مع عملاء إيرانيين هناك، والذين سهلوا سفرهم إلى أفغانستان للتدريب.
وقد تم ترك جوازات سفرهم غير مختومة من قبل حرس الحدود الإيراني بحيث يتمكنوا من الدخول إلى الولايات المتحدة دون اكتشافهم.
واستمرت المغامرة الإيرانية، وفي عام 2012، وأغلقت الحكومة الكندية السفارة الإيرانية في أوتاوا واستدعت دبلوماسييها من طهران، وذلك احتجاجًا على الأنشطة التخريبية للإيرانيين في كندا، وبتوجيه من السفارة.
واعترف الدبلوماسي الإيراني السابق أبو الفضل إسلامي بأن إيران كانت تخطط لأنشطة تخريبية من خلال سفاراتها في كندا وغيرها من الدول، وفي وقت سابق من هذا العام، اتهمت الولايات المتحدة سبعة مخترقين إيرانيين على اتصال بحكومة الجمهورية الإسلامية بالقيام باختراقات إلكترونية لبنوك أمريكية في ولاية نيويورك.
ونتيجة لسياسة أوباما في التهدئة تجاه الجمهورية الإسلامية، فإيران أصبحت أكثر جرأة وعدوانية من أي وقت مضى، كما تبين من الأسر والإذلال العلني للبحارة الأمريكيين في يناير الماضي.
ويبين الكاتب أن الوقت لم يفت بعد، في حين أن الرئيس الجديد لن يكون قادرًا على استرداد الأموال التي أمطرها أوباما على إيران، فيمكن للرئيس التنفيذي القادم بل وينبغي عليه التنصل من الاتفاق النووي ووضع النظام الإيراني تحت ملاحظة أنه ليس فقط سعيها للحصول على أسلحة نووية، ولكن مغامرتها العالمية أيضًا لم يعد بالإمكان التسامح بشأنهم.
 
ويجب إعطاء المعارضة الإيرانية رغم عيبوها – والتي رفض أوباما دعمها في عام 2009 – المساعدات الفعالة بجميع أنواعها الممكنة، وأي مفاوضات مستقبلية مع جمهورية إيران الإسلامية يجب أن تكون فقط في وجود فهم واضح للرؤية الدموية لهذا النظام، والرغبة في الخداع والعداء الذي لا يتزعزع تجاه الولايات المتحدة.
إن إيران أكثر خطورة من تنظيم الدولة، ولكن الشعب الإيراني يعد من ورثة أقدم الحضارات على وجه الأرض.
ويختم الكاتب قائلاً إنهم يستحقون أفضل من الجمهورية الإسلامية، وكذلك نحن جميعًا.
========================
مركز جورج تاون للدراسات الأمنية، :جون ارتيربوري: الدفاع المقدس، سياسة إيران الدفاعية خلال الحرب الأهلية السورية
http://idraksy.net/a-sacred-defense-iranian-defense-policy-in-the-syrian-civil-war/
11 hours ago261 مشاهدة
ورقة بحثية بعنوان “الدفاع المقدس: سياسة الدفاع  الايرانية خلال الحرب الأهلية السورية
ضمن منشورات مركز جورج تاون للدراسات الأمنية، المجلد 4، العدد2،يونيو 2016
الباحث :جون ارتيربوري
تشكل الحرب الأهلية السورية تحدياً معقداً لمديري الأمن الإيرانيين، ويأتي ذلك بسبب العلاقة التاريخية الوثيقة مع سوريا وحاجة إيران إلى العمق الاستراتيجي.، ولهذا فإن إيران تبدي التزاما بالحفاظ على سيادة حكومة بشار الأسد، عدا عن نظرتها للصراع على أنه حاسم لمصالحها الأمنية في الشرق الأوسط.
وأثبتت إيران التزامها هذا على أرض الواقع عبر تقديمها دعماً كبيراً للحكومة السورية بمختلف المستويات، بدءً بالتدخل العسكري السري من القوات الخاصة الإيرانية وصولاً إلى نشر ميليشيات شيعية مدعومة من إيران لتقاتل بجانب القوات السورية التقليدية. ونظراً للمخاطر الوجودية التي لا تزال تحدق بحكومة الأسد وبالتالي نسبة المخاطر العالية التي تتعرض لها المصالح الإيرانية في المنطقة، فمن المرجح أن تحافظ إيران على مستوى الدعم للحكومة السورية أو لربما تلجأ إلى زيادته وتعزيزه في أكبر مشاركة عسكرية إيرانية منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات.
مقدمة
تشكل العلاقة الإيرانية – السورية واحدة من أقوى وأضخم علاقات الدعم والإسناد في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. فالتحالف جاء إثر ضرورة تاريخية، وإبقائه سليماً يعود بالنفع مباشرة على الحكومة الإيرانية من نظرة استراتيجية أو أيديولوجية. ويشكل الحفاظ على هذا التحالف حجر الزاوية في السياسة الخارجية الإيرانية، وتهدف سياسة إيران تجاه سوريا لدعم وتنمية العلاقات بين البلدين طالما امتلك الأسد سلالة قادرة ومواتية لتبقى في مراكز السيطرة على البلاد.
وتمثل الحرب الأهلية السورية لحظة محورية في العلاقات بين البلدين، حيث قامت إيران بتوجيه سياستها تجاه سوريا كرد فعل مباشر على الصراع. وخلال قيامها بذلك، استخدمت إيران قوات بالوكالة للقتال في سوريا مثل حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية حيث ساهمت هذه المساعدة في لعب دور رئيسي في دعم التواصل والجسور بين سوريا وإيران.
ولفهم ديناميات العلاقة وكيف قامت إيران بتحديد سياستها تجاه سوريا، تسعى هذه الورقة لاستخدام مجهر نوعي لاستكشاف كيفية نشوء هذه العلاقة، ومدى ارتباطها بالمصالح الاستراتيجية، وكيف ساهم التورط الإيراني في التأثير بالحرب الأهلية السورية وكيف جسدت هذه العلاقة. وعبر هذا البحث سنخضع الفرضية العامة القائلة بأن التدخل الإيراني في سوريا جاء تحت أثر الخوف من تهديد داعش، بالإضافة إلى تحليل الأثر الذي خلفه التدخل الإيراني في مجريات الحرب. وأخيراً فإن هذا البحث يسعى إلى استكشاف الآثار المترتبة على سياسات إيران تجاه سوريا، وما يرتبط بها لمستقبل العلاقات بين البلدين على نطاق أوسع.
السياق التاريخي والاعتبارات الاستراتيجية
تمثل الدروس والتجارب المستفادة من الحرب الإيرانية – العراقية في ثمانينات القرن الماضي حجر الأساس للحكومة الإيرانية. فالصراع المذكور كانت أشبه بالتجربة التكوينية للنخبة السياسية والعسكري الحديثة في إيران، وما تزال المصاعب التي واجهتهم هناك محفورة في أذهان هذه النخب حتى اللحظة.1 فمناصرة النظام السورية للجمهورية الإسلامية الوليدة في إيران خلال تلك الحقبة الصعبة لم تكن لتغيب عن بال قادة إيران في العصر الحديث. ولوجود خلافات عميقة بين نظام البعث في سوريا والنظام العراقي حينها، فقد كانت سوريا واحدة من الدول القليلة التي تقوم بتزويد إيران بالأسلحة أثناء الحرب، على الرغم من وقوف الاتحاد السوفييتي بجانب صدام حسن ودعمه لمواجهة إيران.2
ويعود هذا الانقسام إلى الخلافات الأيديولوجية البعثية التي ظهرت على السطح خلال حقبة الستينات، حيث انتهج البعثيون السوريون طريقهم الخاص باتجاه اليسار السياسي وبعيداً عن الوحدة العربية، هذا عدا عن الكراهية الشخصية العميقة بين إدارات حافظ الأسد وصدام حسن وهو ما عمق هذا الانقسام.3 أظهرت سوريا حينها ولاءً كبيراً للثورة المحاصرة، وتعززت العلاقات بين النظام البعثي السوري والنظام الإيراني عبر العقود اللاحقة خاصة مع سعي إيران للحفاظ على نفوذها في العالم العربي وسعي سوريا لتحقيق توازن عكسي مع العراق.4 وبشكل واضح، ساهمت العلاقات الجيدة بين الطرفين بتقديم فوائد كبيرة وقدرات تشغيليه واسعة للإيرانيين، حيث توفر سوريا عادة وسطاً ودياً للدعم اللوجستي لحزب الله، حليف إيران الأول في بلاد الشام وآليتها الأساسية لمواجهة إسرائيل، بالإضافة إلى لعبه دوراً محورياً في السياسة اللبنانية5.
التحالف كان ذا منفعة متبادلة أيضاً، فمع احتفاظ سوريا بالدعم الإيراني، تمكن النظام السوري من المحافظة على دوره بوصفه صانع الملوك في لبنان على الأقل حتى عام 2005 والذي ترافق مع ثورة الأرز، ومن ناحية أخرى كانت العلاقة الإيرانية الودية بسوريا جزءً من الدعاية الإيرانية العدائية تجاه إسرائيل بالإضافة إلى ضمان الإيرانيين إلى امتلاكهم موطئ قدم في مناطق شرق المتوسط، ما يؤدي إلى تعزيز النفوذ الإيراني. وتستفيد إيران من علاقتها الوثيقة بسوريا في عملها لعقد موازنة هائلة مع العراق خلال السنوات التي أعقبت الحرب الإيرانية- العراقية، وحتى في ظل تغيير الديناميكية الأمنية مع العراق بشكل جذري، إلا أن العلاقات مع سوريا كانت في إطار ضمان حليف إقليمي يعارض – مثل إيران – تطلعات دول الخليج في المنطقة.6
وعليه فإن سقوط النظام السوري من شأنه أن يخلق حالة عدم استقراري جيوسياسي كبير، عدا عن قطعه للعلاقات الإيرانية مع حلفائها في بلاد الشام. ولهذا، كانت إيران مستعدة لانتهاج سياسة التدخل المسلح للدفاع عن وجود النظام السوري خاصة وأنه كان تعاني أزمة وجودية في ظل الحرب الأهلية.
تأمين السيدة زينت: السياسة الإيرانية في التدخل في الحرب الأهلية السورية
لا تزال الأولوية الأولى لإيران تتمثل في الحفاظ على النظام السوري الصديق لإيران سليماً معافى. ويبرز هناك فيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني وقائده قاسم سليماني كأكثر الأدوات الإيرانية ريادة في العمل داخل سوريا حيث يقدم دوراً فعالاً في المشورة والدعم للحكومة السورية منذ شهر مايو 2011.7 فيما بدأ التدخل العسكري الإيراني الجدي في سوريا منذ عام 2012  حيث كان النظام السوري يعيش خطراً كبيراً تحت هجمات المتمردين المستمرة.
وبكل تأكيد ساهم التدخل الإيراني مدعوماً بالقوى الموالية لإيران في إنقاذ نظام الأسد من الانهيار.8 وتحت رعاية سليماني، تم إنشاء قوات الدفاع الوطني عام 2012، حيث باتت تجمعاً لعدد لا يحصى من الميليشيات المعروفة العامية الموالية للحكومة “الشبيحة” عدا عن القوات الاحتياطات الأخرى التي ساهمت في القتال ضد المتمردين السوريين إلى جانب النظام.9 ومنذ بداية عام 2013 بدأت قوات الحرس الثوري بلعب دور أكثر حركية في الحملات العسكرية المشتركة ضد المتمردين في مناطق شمال سوريا بالتنسيق مع الجيش السوري.10
ويملك الحرس الثوري الإيراني أيضاً علاقات مثالية مع الميليشيات الشيعية العراقية المتعددة، والتي تم حشدها لأول مرة ظاهرياً تحت لواء رعاية وحماية المراقد الشيعية المقدسة في سوريا مثل مرقد السيدة زينب في دمشق.11 وتعد كتاب الإمام علي واحداً من أبرز الأمثلة على هذه الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، حيث دخلت هذه الكتائب إلى الساحة السورية لأول مرة في عام 2014  تحت قيادة عضو حزب الدعوة العراقي المخضرم، والمنتسب منذ فترة طويلة لفيلق القدس أبو مهدي المهندس. ومن الجدير بالذكر هنا أن ظروف تكوين الميليشيات الشيعية في إطار صراعات قوى داخلية عراقية جعلها غير خاضعة بالمطلق للسيطرة الإيرانية سواء من حيث الحجم أو التوجه أو التحركات.12
ولا تزال تحتفظ هذه الميليشيات بمستوى من الاستقلالية والاستجابة الغريزية لتطورات الأحداث في العراق أولاً وقبل أي شيء.13 وبالتزامن مع ذلك، دعم الحرس الثوري الإيراني نشر لواء من المقاتلين الأفغان في سوريا تحت مظلة لواء فاطميون. تم تجنيد هؤلاء المقاتلين الأفغان في مخيمات اللاجئين في إيران وفي مجتمعات الشتات الأفغاني الشيعية، ويعمل لواء فاطميون بشكل مستقل نظرياً عن الحرس الثوري الإيراني، لكن اللواء أبدى انتماءً وثيقاً مع الجهاز الأمني، سواءً من خلال جنازات مقاتليه التي تتم في طهران وبحضور من أفراد الحرس الثوري أو من خلال التنسيق العالي مع مقاتلي الحرس الثوري في ساحات المعارك في سوريا.14  ووفقاً لموقع بارز موال للنظام السوري، فقد وصل ساهم مقاتلو لواء فاطميون بالاشتراك مع قوات الحرس الثوري الإيراني في الحملة التي نظمت في مارس الماضي لاستعادة السيطرة على مدينة تدمر التاريخية من أيدي مقاتلي داعش، وطبعاً كان التدخل الروسي حاضراً في تلك المعركة.15
 والأهم من ذلك، تمثل هذه الحملة المشاركة الأوسع بين قوات الحرس الثوري والقوات المرتبطة به في المعارك ضد داعش في سوريا حتى الآن. ونتيجة لعمق التداخل الحاصل بين الحرس الثوري والنظام السوري، يبدو أن الميليشيات المتحالفة مع إيران باتت تتمتع بإمدادات كبيرة من الأسلحة الجديدة والعتاد. وقد شوهد مع مقاتلي لواء فاطميون دبابات من طراز T-72 و T-90 وهذه الأخيرة كانت روسيا قد قدمتها في الآونة الأخيرة للنظام السوري وحلفائه.16
حزب الله من جهته بدأ تورطه في سوريا في أوائل عام 2013، وأعلن ذلك على الملأ في أوائل الربيع من ذلك العام. ويعتقد أيضاً أن حزب الله ساهم بتقديم دور استشاري منذ اندلاع الاحداث في سوريا بداية عام 2012.17ويعمل حزب الله جنباً إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني في ساحة المعركة السورية بغية تحقيق هدف إيران من دعم النظام السوري خلال الحرب الأهلية.
ومن الجدير ملاحظته هنا أن قوات الحرس الثوري الإيرانية لم تتدخل في اشتباكات داخل المناطق النائية في سوريا مثل دير الزور أو الحسكة أو القامشلي، وهي المناطق التي تحافظ فيها قوات النظام على تواجد محدود داخلها.18 ولعل هذا يشير إلى وجود مستوى قوي من البراغماتية العسكرية لدى جزء من قوات الحرس الثوري الإيراني في تصور وتنفيذ الأهداف التكتيكية والتشغيلية الواقعة في ظل السعي لتحقيق استراتيجية كبرى لتأمين مراكز النظام السوري، رغم كل الخسائر البشرية التي تكبدها الحرس الثوري حتى الآن.19 ورغم امتلاك الحرس الثوري لعقدية قتالية كبيرة وارث تكتيكي كبير يتمثل في خبرة الخنادق وميادين القتال، كإرث ناله من الحرب بين العراق وايران، إلا أنه مع ذلك فقد عدداً كبيراً من كبار الضباط خلال العمليات القتالية في سوريا بما لا يتناسب مع خبرته.20 وحتى الآن لم تؤت شائعات سحب الحرس الثوري الإيراني من سوريا أكلها على أرض الواقع.21
 انصار علي: اعتبارات عقائدية في العلاقات السورية – الإيرانية
يمتاز حزب البعث السوري الحاكم بأنه حزب علماني نظرياً ويناصر القومية العربية، وهو ما يشير بشكل سطحي إلى صعوبة التعايش مع النظام الثيوقراطي الإيراني.22 هذا بالإضافة إلى انتماء الأسد إلى سلالة الأقلية العلوية في البلاد، وهو ما جعل تخويلهم بالحكم على مدى 4  عقود مسألة غير مناسبة.23
يوصف العلويون بأنهم شيعة غير تقليدية، أو هم “متمركزون حول علي”. وتاريخياً، كانوا خارج نطاق التيار المذهبي الشيعي. وحاول علماء النجف الشيعة جعل العلويين جزءً من الشيعة الإثنى عشرية التقليدية وبدأت هذه الجهود منذ عام 1940 وصولاً إلى 1970  حيث نجح الإمام الصدر من مقر إقامته في قم الإيرانية ببذل جهود كبيرة بغية إدماج الطائفة العلوية.24
وفي حين لا يزال العلويون مختلفون عن المذهب الشيعي السائد في إيران، تجاهلت الحكومة السورية العلمانية الخلافات في اللاهوت الموجودة بين الفرقتين، في حين أكدت الحكومة الإيرانية على التراث الإسلامي المشترك بين الشيعة والعلويين. من غير المرجح أن ترى أي من هاتين الجهتين الأخرى متدينة بشكل مباشر بحد ذاتها، لكن المرابح الاستراتيجية والتاريخية بإمكانها أن تكون أكبر من الخلافات والاعتبارات الأخرى، وهو ما سمح للبلدين بالمطالبة في إدراجهما سويا ً تحت مظلة واسعة من الإسلام الشيعي.25 ولترسيخ هذا، أكدت القيادة الإيرانية على ضرورة حماية المراقد الشيعية في سوريا، وفي تكرار لصدى دعواتها إبان الحرب العراقية – الإيرانية، رددت الحكومة الإيرانية خطاب الضرورة للقتال من أجل “الدفاع المقدس” عن الأراضي السورية.26 ولعل هذا المنطق يختلط مع مفاهيم أعمق في الهوية الإيرانية على النحو الذي اقترحه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية “علي خامنئي” بأن الحروب الجارية في الشرق الأوسط هي محاولات أوسع لإقصاء الجمهورية الإسلامية.27
لعب الدين دوراً رئيسياً أيضاً في تحفيز المتطوعين الأجانب من الطائفة الشيعية للقتال بالنيابة عن حكومة الأسد، سواء أكانوا من العراق أو باكستان أو حتى من بين اللاجئين الأفغان المتواجدين في إيران.28 ومن وجهة نظر دولة إسلامية شيعية المذهب كإيران، فإن النظام السوري ساعد في تشكيل بيئة صديقة للشيعة، والحفاظ على مثل هذا الحليف الوثيق في عصر الطائفية المتزايدة يعتبر مصلحة وطنية أساسية.29 وعلى هذا النحو، كان التراث السوري الشيعي الغني يبشر بحكومة صديقة للشيعة وكذلك كانت العلاقات بين ايران والنظام السوري.
وبمحاذاة سياسة إيران الصديقة للشيعة، ظهرت داعش على أنقاض تنظيم القاعدة في العراق، وأخذت تتوسع على أراضي العراق وسوريا وغيرت كثيراً من البنية الأمنية في الشرق الأوسط. وبدافع من الايديولوجية “التكفيرية” التي تعلن المسلمين خارج نطاق ولاية داعش على أنهم مرتدين، حاز مقاتلو داعش استياءً كبيراً تجاه الشيعة الذين ينظرون إليهم على أنهم مشركون، وحجزت داعش استياءً كبيراً تجاه حكومة إيران، حيث تشبها داعش بالدولة الصفوية القديمة.30
الخوف من داعش انتشر على نطاق واسع في إيران، وأبدى القادة الإيرانيون خشيتهم من قدرة داعش على تقويض “محور المقاومة” الذي أسهمت إيران وسوريا وحزب الله بتأسيسيه.31 وتتفاقم هذه المخاوف لتصل إلى فكرة إمكانية تقدم داعش بما فيه الكفاية في العراق لتصل إلى أقدس المقامات الشيعية 32.هذا القلق يعني أن التدخل ضد داعش ومحاربتها أصبح مسألة ذات شعبية كبيرة بين عامة الجمهور الإيراني.33
ومع ذلك، ومن وجهة نظر لوجستية بحتة، فإنه من غير المعقول أن قتوم داعش – التي لم تمتلك يوماً حدوداً مشتركة مع إيران- باختراق بلد ذا أغلبية شيعية بحجم إيران والاستيلاء عليه، خاصة مع امتلاك إيران لجيش نظامي كبير وبنية تحتية استخباراتية قوية. هذا عدا عن أن هذا الأمر يتطلب مرور داعش عبر مناطق الحكم الذاتية في العراق، وبدلاً من ذلك تركز داعش في هجماتها في العراق وسوريا على تهديد استقرار ومتانة الحكومات المعنية والقادرة على تمديد هيمنة إيران في الشرق الأوسط.
وبكل تأكيد فإن تمكن داعش من رفع رايتها السوداء على الأضرحة في دمشق وكربلاء سيتسبب في إحداث أصداء كبيرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، لكنها مع ذلك لا تهدد المواطنين الإيرانيين بشكل مباشر، ويمكن النظر إلى الانهيار المحتمل للحكومات السورية والعراقية على أنه يهدد المصالح الاستراتيجية بالمعنى التقليدي، وعليه فإن جزءً من هذا الاعتبار الاستراتيجي المهم شكل السياسة الإيرانية في أولوية دعم النظام السوري.
وبشكل علني وواضح، تابع أعضاء الحكومة الإيرانية بما في ذلك المرشد الأعلى وإدارة الرئيس حسن روحاني، منذ عام 2014 على الأقل بكل وضوح صيغ التدخل في سوريا، واعتمدوا صيغة مكافحة “التكفيريين” الذي يعلنون ردة الآخرين لوصف جميع المتمردين السوريين.34 ولا يمكن اعتبار هذا التوصيف صحيحاً، فغالبية المتمردين السوريين خارج إطار داعش لا يصح عليهم وصف التكفيريين. وفي حين يمكن أن يصح هذا الوصف على جماعات جهادية متشددة مثل “جبهة النصرة” وجند الأقصى والحزب الإسلامي التركستاني، فإن الجزء الأكبر من معارضي بشار الأسد بما في ذلك الإسلاميين كأحرار الشام وجيش الشام وأجناد الشام وذلك الجماعات المنضوية تحت راية الجيش الحر كجيش النصر وفيلق الشام وقسم -13، كل هذه الجماعات لا يمكن بأي شكل وصفها بالتكفيرية.35
وعليه، في خضم التطبيق العملي، لم تكن داعش الهدف الأساسي من العمليات القتالية للحرس الثوري الإيراني في سوريا. بينما كان الحرس الثوري فعالاً ضد كوكبة من قوات المتمردين السوريين قرب حلب، بما في ذلك القوات العلمانية والإسلاميين المتشددين، ونادراً ما وقعت مواجهة قتالية بين قوات داعش وقوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا باستثناء حفنة قليلة من العمليات الفردية، مثل إعادة فتح الطريق الواصل بين حلب وحماه بعد استيلاء داعش عليه، او في خضم تحرير مدينة تدمر الأثرية من سيطرة داعش.36
لم تشارك القوات الإيرانية في المعارك في جنوبي سوريا أو قرب مدينة دمشق وضواحيها، ولم تساهم كثيراً في محاولات النظام السوري استرجاع البنية التحتية النفطية والغاز من أيدي داعش. وعلى هذا، فإن حلب وضواحيها شكلت محور التدخل العسكري الإيراني في سوريا، وشكل ذاك المسرح التحدي الأصعب أمام النظام السوري
جل انتصارات ايران في سوريا وقعت في أوائل عام 2016، وشملت على سبيل المثال الاستيلاء على مساحات واسعة من الريف الذي يسيطر عليه الثوار جنوب مدينة حلب، فضلاً عن كسر حصار الثوار على القرى الشيعية في المنطقة (نبل والزهراء) في مناطق شمال وغرب حلب.37 نفذت الحملات المذكورة باستخدام عناصر خاصة من الحرس الثوري الإيراني، وحظيت بدعم جوي روسي كبير، وتغطية هائلة في الصحف الإيرانية. واعتبرت على أنها انتصار كبير للنظام السوري، رغم أنها لم تكن تستهدف داعش أبداً.38
 
ولتأكيد هذا التفاوت في نشر القوة، كانت حملة قوات النظام التي بدأت في أواخر العام 2015 والتي جاءت لكسر حصار داعش على قاعدة كويريس الجوية شرق مدينة حلب، لم تحظى تلك الحملة بمشاركة واضحة من الحرس الثوري واقتصرت بشكل حصري تقريباً على وحدات النخبة التابعة لجيش الناظم السوري بالإضافة إلى دعم جوي روسي.39 وخلال هذا الهجوم، كانت القوات الإيرانية تركز بشكل أساسي على استعادة الجناح الجنوبي من مدينة حلب والذي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية (لم يكن هناك وجود لداعش في تلك المنطقة).40
ولعل الحادث الأكثر دموية لإيران والقوات المتحالفة معها كان ما حدث خلال شهر مايو 2016 في بلدة خان طومان جنوب حلب إثر اشتباكهم مع مقاتلين من جيش الفتح، وهو ائتلاف فضفاض من المتمردين الإسلاميين المتشددين الذين لا يملكون علاقة بداعش.41 وتم التأكيد فيما بعد على أهمية مكافحة إيران للجماعات التي لا تنضوي تحت لواء داعش خاصة بعد خسارة خان طومان تلك، وهو ما أكده مستشار المرشد الأعلى علي ولايتي في تصريح له حين قال أن دور الأسد كرئيس للحكومة السورية يعد خطاً أحمراً بالنسبة للإيرانيين وهو ما يدلل على الالتزام الإيراني تجاه النظام السوري لمحاربة التهديدات الوجودية المتنوعة بغض النظر عن المتسبب بها.42وبالمثل، بدأ التدخل العسكري لحزب الله في سوريا قبل عام من سقوط محافظة الرقة بأيدي داعش، وتركزت عمليات الحزب في المجمل على إعادة احتلال جيوب الثوار على طول الحدود السورية اللبنانية وحشد وسائل الدفاع عن المدن التي يسيطر عليها النظام في وسط سوريا. وعند النظر إلى الدافع الايديولوجي لسياسة إيران في سوريا، فسنجد بما لا يدع مجالاً للشك أن دافع التضامن مع الشيعة والدفاع عن الأولويات الاستراتيجية الإقليمية بشكل عام كان وراء هذا التدخل، ولم تكن داعش مسببة أساسية له. ويرى بعض المراقبين الشيعة أن تدخلات إيران أثمرت فعلياً بالدفاع عن رفقائهم هناك وهو ما حدث من فك حصار القرى الشيعية في مناطق شمال غرب حلب على سبيل المثال.43
 
 
الآثار المستقبلية
يحدث الدعم الإيراني لسوريا فور تقاطع العباءة الأيديولوجية للنظام الإيراني مع المصالح الاستراتيجية للبلاد. ووفق هذه الحسابات فمن المرجح جداً أن تبقي الحكومة الإيرانية وتحديداً الحرس الثوري على ولائها لنظام الأسد في سوريا خلال المستقبل المنظور. فالحفاظ على سوريا الصديقة لإيران هو المفتاح للمصالح الاستراتيجية الإقليمية الإيرانية، فضلاً عن الحفاظ على الشرعية الأيديولوجية لإيران كمدافع عن الإسلام وعدو لما تعتبره تطرفاً سنياً.
ونتيجة لذلك، فمن المرجح أن يظل الانخراط الإيراني في العمليات داخل سوريا مستمراً طالما ظلت هذه التهديدات حاضرة في العقلية الأمنية الإيرانية. ولن تتوقف إيران عن تدخلاتها هذه إلا في حالة أصبحت تكلفتها عالية عليها، ولكن نظراً للأهمية التي تمثلها سوريا بالنسبة لإيران، فإنه من المرجح أن تصمد إيران أكثر حتى لو واجهت مستوى أبعد من الخسائر الحالية بكثير.
أما الميليشيات الشيعية في سوريا فيبقى دورها أقل وضوحاً، وفي حين أنها تملك أدوراً محددة في العراق ويمكن ان تعود إلى هناك مستقبلاً، يبقى دورها حالياً غير محدد بوضوح في سوريا المستقبلية. هذا عدا عن أن التواجد العالي لأفراد الميليشيات الشيعية في مناطق ريف حلب الجنوبية يثير الكثير من الأسئلة على المدى الطويل عن عودة المجتمع النسي السوري إلى هذه المناطق بعد هدوء القتال.44 مثل هذه الموقف يمكنها من الناحية النظرية أن توفر مزيداً من الفرص للتدخل الإيراني في نسج الحياة السياسية السورية مستقبلاً.
الأهم من كل هذا، أنه وبعد وقف إطلاق النار، من المرجح أن تملك إيران رأياً أكثر مباشرة في الشؤون الداخلية السورية. حيث ستسعى طهران للحفاظ على حكومة صديقة لإيران في دمشق، وهي فعلياً وجدت حليفا مطواعاً وموثوقاً به في عائلة الأسد. والحرب الأهلية الحالية قربت البلدين كثيراً، لكنها بكل تأكيد وضعت سوريا في مديونية عالية لإيران وهو ما يعني توسيعاً لفرص إيران المتاحة داخل البلاد. وفي المستقبل القريب نسبياً، قد يبدأ أعضاء الحرس الثوري جهود إعادة الإعمار وتحصيل عقود مربحة في سوريا المستقرة لتعميق البصمة الإيرانية، وهو ما سيساعد نظام الأسد أو- نظام شبيه به- بسيادة البلاد.
على الجانب الآخر، في حال سقوط حكومة الأسد، فلا يمكن توقع أي خلفية ودية للعلاقات بين إيران والمنتصرين، ومن المرجح أن يعاني الحرس الثوري الإيراني من انتكاسة كبيرة في العلاقات الإيرانية – السورية ويعيدها إلى أجيال إلى الوراء، خاصة إذا ما تمكن العرب السنة المظلومون من السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد.
وعلى الرغم من ورود هذا الاحتمال، إلا أن العلاقات الإيرانية السورية لا تزال صامدة حتى الآن ومن المرجح أن تشكل الحرب الأهلية ونتائجها حدثاً فاصلاً يمتلك تداعيات طويلة الأمد على العلاقة بين الدولتين مثلما كانت الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات كذلك.
جون ارتيربوري
الهوامش
1 Ray Taykeh,. Guardians of the Revolution: Iran and the World in the Age of the Ayatollahs. (Oxford: Oxford UP, 2009), 105-108.
2 Gregory F. Gause, The International Relations of the Persian Gulf. (Cambridge: Cambridge UP, 2010), 68.
3 John F. Devlin, “The Baath Party: Rise and Metamorphosis,” The American Historical Review 96, no. 5 (1991): 1396-407.
4 Jubin Goodarzi, “Iran and Syria,” The Iran Primer, August 2015, accessed February 28, 2016, http://iranprimer.usip.org/resource/iran-and-syria.
 Hala Jaber, Hezbollah: Born with a Vengeance. (New York: Columbia UP, 1997), 47-56.
 
6 Jubin Goodarzi, “Iran and Syria,” The Iran Primer, August 2015, accessed February 28, 2016.
7 Will Fulton, Joseph Holliday, and Sam Wyer, “Iranian Strategy in Syria,” Institute for the Study of War and the American Enterprise Institute, May 2013, accessed February 28, 2016, http://www.understandingwar.org/report/iranian-strategy-syria.
8 Michael Eisenstadt, “Iran’s Military Intervention in Syria: Long-Term Implications,” The Washington Institute, October 15, 2015, accessed February 29, 2016, http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/iransmilitary-intervention-in-syria-long-term-implications.
9 Tom Cooper, “What’s left of the Syrian Arab Army?’ War is Boring, May 18, 2016, accessed May 19, 2016, https://warisboring.com/whats-left-of-the-syrian-arab-army-eec39485df43#.6spchgoxk.
10 “Iran reportedly sending 4,000 troops to Syria, proposes front against Israel to protect Assad,” Haaretz, June 16, 2013, accessed February 28, 2016, http://www.haaretz.com/israel-news/1.530043.
11 Abdelwahab Tomeh, “Iraqi Militia Forms to Protect Shiites in Region,” Al Monitor, September 10, 2013, accessed Fberuary 27, 2016, http://www.al-monitor.com/pulse/politics/2013/09/iraq-shiite-leaders-pan-shiite-project.html.
12 Matthew Levitt and Phillip Smyth, “Kataib al-Imam Ali: Portrait of an Iraqi Shiite Militant Group Fighting ISIS,” The Washington Institute for Near East Policy, January 5, 2015, accessed February 27, 2016, http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/kataib-al-imam-ali-portrait-of-an-iraqi-shiite-militantgroup-fighting-isis.
13 Aymenn Jawad al-Tamimi, “The Return of Iraqi Shi’i Militias to Syria,” Middle East Institute, March 16, 2015, accessed February 28, 2016, http://www.mei.edu/content/at/return-iraqi-shi‘i-militias-syria.
14 Philip Smyth, “Iran’s Afghan Shiite Fighters in Syria,” The Washington Institute for Near East Policy, June 3, 2014, accessed February 28, 2016, http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/irans-afghan-shiitefighters-in-syria.
15 Leith Fadel, “Iranian special forces arrive in Palmyra to help liberate the city,” Al-Madar News,” March 21, 2016, accessed March 24, 2016, https://www.almasdarnews.com/article/irgc-soldiers-arrive-palmyra-help-liberate-city.
 See for example: theOSINTblog, Twitter post, April 21, 2016, 1:27 p.m., https://twitter.com/theOSINTblog/status/723035472621006848; Rook, Twitter post, March 24, 2016, 6:43 a.m., https://twitter.com/2Rook14/status/712786996775624704; Louisa Loveluck and Roland Oliphant, “Russia sends its most advanced tanks to Syria frontline,” The Telegraph, December 4, 2015, accessed February 28, 2016, http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/europe/russia/12034237/Russia-sends-its-most-advanced-tanks-toSyria-frontline.html.
 
17 “Lebanon’s Hizbollah Turns Eastward to Syria,” International Crisis Group, May 27, 2014, accessed February 29, 2016, http://www.crisisgroup.org/~/media/Files/Middle%20East%20North%20Africa/Iraq%20Syria%20Lebanon/Lebano n/153-lebanon-s-hizbollah-turns-eastward-to-syria.pdf. I-ii.
18 Christopher Kozak. “’An Army in All Corners’ Assad’s Campaign Strategy in Syria,” Institute for the Study of War, April 2015, accessed March 1, 2016, http://understandingwar.org/sites/default/files/An%20Army%20in%20All%20Corners%20by%20Chris%20Kozak% 201.pdf.
19 Garrett Nada, “Iran’s Growing Toll in Syria,” The Iran Primer, Oct. 26, 2015, accessed March 1, 2016, http://iranprimer.usip.org/blog/2015/oct/26/iran’s-growing-toll-syria.
20 David Barnett, “Senior IRGC official killed in Syria ‘was no less than Mughniyah,’” The Long War Journal, February 16, 2013, accessed March 1, 2016, http://www.longwarjournal.org/archives/2013/02/senior_irgc_official.php.
21 “IRGC pulls back in Syria,” NOW Lebanon, April 15, 2015, accessed February 29, 2016, https://now.mmedia.me/lb/en/NewsReports/565123-iran-revolutionary-guards-reportedly-pull-back-in-syria.
22 Jubin Goodarzi, “Iran and Syria,” The Iran Primer, August 2015, accessed February 28, 2016, http://iranprimer.usip.org/resource/iran-and-syria.
23 Ayse Baltaciouglu-Brammer, “Alawites and the Fate of Syria,” Origins: Current Events in Historical Perspective, Ohio State University Department of History, January 2014, accessed February 28, March 2016, http://origins.osu.edu/article/alawites-and-fate-syria.
24 Aymenn Jawad al-Tamimi, “Looking at Alawites,” The Levantine Review, Fall 2012, accessed March 1, 2016, http://www.aymennjawad.org/12686/looking-at-alawites.
25 Mehdi Khalaji, “Part 1: Iran-Syria religious ties,” The Iran Primer, June 3, 2013, accessed February 28, 2016, http://iranprimer.usip.org/blog/2013/jun/03/part-i-iran-syria-religious-ties.
26 See for example: Arash Karami, “Iran defends its support for Syria, Iraq,” Al Monitor, February 10, 2016, accessed February 28, 2016, http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2016/02/iran-syria-iraq-shrine-khameneihezbollah.html.; Frederic Wehrey, “The Rise of the Pasdaran: Assessing the Domestic Roles of Iran’s Islamic Revolutionary Guard Corps,” RAND Corporation, 2009, accessed February 27, 2016, http://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/monographs/2008/RAND_MG821.pdf. 23-24.
27 Khamenei.ir, Twitter post, May 2, 2016, 12:07 a.m., https://twitter.com/khamenei_ir/status/726820253930496000.
28 Erika Solomon, “Shia fighters tip balance in Assad’s favor in Syria,” Financial Times, March 24, 2014, accessed February 28, 2016, http://www.ft.com/intl/cms/s/0/2dfaf756-a9fa-11e3-8bd6-00144feab7de.html.
29 Scott Helfstein, “The Rise of Sectarian Populism,” The National Interest, July 18, 2013, accessed March 2, 2016, http://nationalinterest.org/commentary/the-rise-sectarian-populism-8740.
30 Cole Bunzel, “From Paper State to Caliphate: The Ideology of the Islamic State.” The Brookings Project on U.S. Relations with the Islamic World. March 2015, accessed February 2016, http://www.brookings.edu/~/media/research/files/papers/2015/03/ideology-of-islamic-state-bunzel/the-ideology-ofthe-islamic-state.pdf. 8-11.
31 Majid Rafizadeh, “Iran’s fear of ISIS drowns it in regional quagmire,” Al-Arabiya, July 18, 2014, accessed March 2, 2016, http://english.alarabiya.net/en/views/news/middle-east/2014/07/18/Iran-s-fear-of-ISIS-drowns-it-inregional-quagmire.html.
32 Dina Esfandiary, “’Iranians are Terrified’: Iran’s ISIS Nightmare,” The National Interest, July 11, 2014, accessed May 19, 2016, http://nationalinterest.org/blog/the-buzz/iranians-are-terrified-irans-isis-nightmare-10856.
33 “Many Iranians want military to intervene against Isis,” The Guardian, June 27, 2014, accessed May 20, 2016, http://www.theguardian.com/world/iran-blog/2014/jun/27/iran-isis-military-intervention.
34 For Iranian government use of ‘takfiri’ as a blanket epithet, see: “Iran Warns Takfiri Terrorists of Harsh Revenge in Syria Soon,” Fars News Agency, May 9, 2016, accessed May 19, 2016, http://en.farsnews.com/newstext.aspx?nn=13950220000385.; “Takfiri terrorists will be buried in Syria and Iraq: Senior Iran official,” May 19, 2016, accessed May 19, 2016, http://www.presstv.ir/Detail/2016/05/19/466373/IranTakfiri-terrorists-Syria-Iraq-Mohsen-Rezaei.; Shahram Akbarzadeh and Dara Conduit, Iran in the World: President Rouhani’s Foreign Policy. (New York: Palgrave Macmillan, 2016), 9.
35 Jennifer Cafarella, “Syrian Opposition Guide,” Institute for the Study of War, October 7, 2015, accessed May 19, 2016, http://understandingwar.org/backgrounder/syrian-opposition-guide.
36 “Iran News Round-Up – February 25, 2016,” Critical Threats, American Enterprise Institute, February 25, 2016, accessed February 28, 2016, http://www.criticalthreats.org/iran-news-round-february-25-2016.
3 Amir Toumaj and Max Peck, “The IRGC’s involvement in the battle for Aleppo,” The Long War Journal, February 13, 2016, accessed May 19, 2016, http://www.longwarjournal.org/archives/2016/02/the-irgcs-involvementin-the-battle-for-aleppo.php.
 
38 Ibid.
39 “ISIL siege of Aleppo airbase ‘broken by Syrian army’,” Al Jazeera, November 10, 2015, accessed May 19, 2016, http://www.aljazeera.com/news/2015/11/isil-siege-aleppo-airbase-broken-syrian-forces-151110153254134.html.
40 “Syrian army captures village in Aleppo province: Monitor, state TV,” Reuters, November 13, 2016, accessed May 19, 2016, http://english.ahram.org.eg/NewsRio/166436.aspx.
41 Amir Toumaj, “IRGC, allies sustained significant losses in battle for Khan Touman,” The Long War Journal, May 11, 2016, accessed May 19, 2016, http://www.longwarjournal.org/archives/2016/05/irgc-allies-sustained-significantlosses-in-battle-for-khan-touman.php.
42 “President Assad remaining in power Iran’s redline: Iran official,”PressTV, May 8, 2016, accessed May 19, 2016, http://www.presstv.ir/Detail/2016/05/08/464525/Iran-Syria-Velayati-Assad/.
43 Amir Toumaj and Max Peck, “The IRGC’s involvement in the battle for Aleppo,” The Long War Journal, Feb. 13, 2016, accessed March 1, 2016, http://www.longwarjournal.org/archives/2016/02/the-irgcs-involvement-in-thebattle-for-aleppo.php.
44 Ed Blanche, “In Syria, some see Iran as an occupation force,” The Arab Weekly, January 8, 2016, accessed February 27, 2016, http://www.thearabweekly.com/?id=3261.
========================
مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي  :كيف سيؤثر الانقلاب الفاشل في تركيا على سوريا؟
http://www.turkpress.co/node/24427
01 أغسطس 2016
83
آرون لاند - مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي - ترجمة وتحرير ترك برس
عندما انقشع الغبار ببطء بعد محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو في تركيا، الذي أسفر عن مقتل نحو 300 شخصًا، وجرح أكثر من  2000 شخصًا، فمن الواضح أن السياسة التركية ستبقى في حالة تغير مستمر لبعض الوقت في المستقبل. ربما جاء 15 يوليو كلحظة حاسمة في تاريخ تركيا المعاصر، ولكن هل يمكن أيضا أن يكون بالنسبة لسوريا؟
للوهلة الأولى، لا يبدو ما جرى على اتصال مباشر بين المسألتين. لكن ربما تلعب آثار الانقلاب الفاشل أن في العديد من الطرق المختلفة والمتناقضة بالنسبة لسوريا، حيث كانت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ فترة طويلة من أشد المؤيدين الصقور للعصيان السني الذي يقوده الإسلاميون ضد الحكومة السلطوية للرئيس بشار الأسد. فحتى تحولاً طفيفاً في سياسة أنقرة تجاه سوريا قد يكون لها عواقب كبيرة للحرب- ولو تمت الإطاحة بأردوغان، فإنه يمكن أن تكون بسهولة لحظة تغيير قواعد اللعبة في مسار الصراع. عندما ظهرت أخبار الانقلاب أولًا، أُطلقَ النار ابتهاجا في دمشق وعدة مدن أخرى، على الرغم من أن ذلك الهتافات والرصاص ضاع سدًا.
كانت سوريا في ذهن صناع القرار في أنقرة لبعض الوقت. ورأى كثيرون أن سياسة تركيا بشان سوريا قد وصلت إلى طريق مسدود، مع فشل العصيان في الاندماج في بديل للأسد ذي مصداقية. فقد أضعفت وأربكت انتصارات الجيش السوري في الآونة الأخيرة حول حلب ودمشق من معنويات الثوار. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبح الارتفاع المطرد للجماعات الكردية السورية المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني مصدر قلق كبير للمسؤولين الأتراك، وخلص البعض بأن هذا سيعجل من إعادة تقويم لسياسة أردوغان في سوريا.
ومع ذلك، ليس هناك تغييرًا ملحوظًا، ومن المستحيل القول فيما إذا ستسرع محاولة انقلاب أو تعوق هذه العملية. لكن ربما لا تزال آثار الانقلاب على التحالفات الخارجية والسياسة الداخلية في تركيا تؤثر على طريقة أنقرة في مقاربة المعضلة السورية.
أردوغان أقوى، ولكن تركيا أضعف؟
يبدو أن الرئيس التركي قد خرج من الأزمة أقوى من ذي قبل، والآن يقود عملية تطهير واسعة النطاق للقوات المسلحة والخدمة المدنية. بعد الإعلان عن حالة طوارئ لمدة ثلاث أشهر، اعتقلت الحكومة أو طردت عدة آلاف من المعارضين المشتبه بهم، بينهم ضباط في الجيش وغيرهم من أفراد الأمن. كما يجري استهداف لصحفيين، وفي وقت سابق من هذا الاسبوع تم إغلاق 16 قناة تلفزيونية و23 محطة إذاعية، و45 صحيفة، و29 دار نشر بقرار حكومي. يخشى كثير من نقاد أردوغان من أن الرئيس قد قام فعليا في انقلاب مضاد من تلقاء نفسه، في محاولة لسحق كل مقاومة ذات معنى لحكمه تحت غطاء تطهير شرعي للمتآمرين العسكريين.
يستخدم أردوغان بالفعل الانقلاب لتعزيز هدفه السياسي المهيمن؛ لتغيير الدستور وتركيز السلطة في يد الرئاسة. قُوبِلَت محاولاته السابقة المتكررة لإعادة كتابة الدستور بمقاومة قوية من المعارضة، التي اتهمت أردوغان بالسعي لتحويل تركيا إلى دكتاتورية. ولكن رئيس الوزراء بن علي يلديريم يدعي الآن أن معظم الأحزاب السياسية في تركيا على استعداد للانضمام الى عملية إعادة صياغة الدستور بعد الانقلاب.
ومع ذلك، لا يعني أردوغان أقوى بالضرورة تركيا أقوى. فقد يضعف الوضع السياسي المتوتر والحجم الهائل للتطهير الحكومة ويجعلها أقل قدرة على تعزيز مصالحها في سوريا بشكل فعال. إذا كان الأمر كذلك، قد تضطر أنقرة لتوسيع لخفض مشاركتها إلى مستويات أكثر قابلية للإدارة أو تسلم النفوذ للحلفاء الذين لا يشاركونها أهدافها بشكل كامل. ثم مرة أخرى، يمكن لوجود جهاز عسكري وصنع سياسات أقل استقراراً، ورقابة أقل لحكومة مركزية مشغولة جداً، أيضاً أن يترجم إلى مزيد من السياسات المتهورة في سوريا. مع ورود تقارير من اشتباكات طائفية بين السنة والعلويين في تركيا والاضطرابات في العديد من المجالات، وكذلك المتطرفين الجهاديين في سوريا الذين يضرون أهداف تركية، هناك أيضاً خطر بأنه يمكن للاجئين السوريين أن تصبحوا محاصرين في أعقاب الانقلاب.
الاستمرار في اصلاح العلاقات مع روسيا
تعتمد خيارات أردوغان في سوريا على تحالفات أنقرة الإقليمية والدولية. في الأشهر التي سبقت الانتفاضة (الانقلاب) العسكري، كان قد بدأ أردوغان بمراجعة سياسته الخارجية من أجل الخروج من العزلة الدولية المتزايدة. وشمل هذا إعادة تفعيل علاقاته مع إسرائيل، والسعي إلى تحسين العلاقات مع روسيا من أجل المعضلة السورية.
كانت العلاقات التركية-الروسية قد توترت بسبب القضية السورية، عندما أسقطت القوات الجوية التركية الطائرة الروسية سيخاوي 24، التي دخلت المجال الجوي التركي في 15 تشرين الثاني 2015. هذا ما دفع إلى رد روسي غاضب، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية. ومع ذلك، بعد نحو ستة أشهر من العداء المتبادل، اعتذرت تركيا إلى روسيا، مما أدى إلى رفع بعض العقوبات. في 1 تموز/ يوليو، اجتمع وزراء الخارجية سيرجي لافروف وميفلوت في سوتشي، حيث تباحثا في الشأن السور  وفي أمور أخرى،. سعت موسكو، منذ ذلك الحين، إلى استخدام الانفتاح الدبلوماسي لتحفيذ التحول في سياسة أنقرة تجاه سوريا، رغم أن أردوغان لم يُظهِر حتى الآن أي مؤشر على الرغبة في انهاء معارضته للأسد.
بعد أيام قليلة من محاولة انقلاب، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن تطور العلاقات الروسية-التركية "سيعتمد على كيفية تعاوننا بشأن تسوية الأزمة السورية". لم يستجب المسؤولين الأتراك حتى الآن لهذه الضغوط، لكنهم أبدوا رغبتهم في مواصلة تحسين العلاقات مع موسكو. بعد فترة وجيزة من إحباط الانقلاب، انتهز نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك الفرصة لإلقاء اللوم على إسقاط الطائرة سوخاوي 24 على عناصر مضادة للأردوغان. كما أشاد CAVUSOGLU مؤخرا "بدعم روسيا غير المشروط" بعد محاولة الانقلاب. وبعبارة أخرى، من المتوقع أن تستمر المناقشات الروسية التركية بشأن سوريا.
كيف سترد واشنطن؟
يبدو أن علاقة تركيا والولايات المتحدة - التي هي حليف عسكري أساسي في حلف شمال الأطلسي - قد توترت نتيجة للانقلاب. أحد الأسباب هو أن الحكومة التركية قد اتهمت المفكر الإسلامي فتح الله غولن، الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا، بأنه العقل المدبر للانقلاب. في حين أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت تركيا قد أصدرت طلب رسمي لتسليم غولين، حيث تثير القضية بالفعل توترات بين الطرفين.
لدى الولايات المتحدة وتركيا خلافات واضحة حول السياسات الدبلوماسية المتبعة في سوريا وفي دعم جماعات المعارضة. ومع ذلك، كانوا قادرين على احتواء هذه الخلافات والعمل معاً بشكل وثيق على مدى السنوات الخمس الماضية. لن تغير محاولة الانقلاب ذلك، ولكن يبدو أن عدم الاستقرار الواضح في تركيا وقمع أردوغان المستمر يسبب قلقاً بالغاً في الولايات المتحدة. لن يجني أردوغان أصدقاء في واشنطن من خلال تحوله نحو السلطوية التي يقودها الإسلاميون، ويمكن للمزيد من التعقيدات في العلاقة الأميركية-التركية أن تترجم بسهولة إلى انقسامات جديدة بشأن سوريا.
لا يزال لدى واشنطن حافزاً قوياً للحفاظ على علاقات طيبة مع أردوغان، حيث تكون تركيا الوسيط الذي لا غنى عنه للنفوذ الأميركي في سوريا، والأهم من ذلك، بمثابة حجر الزاوية في بنية الأمن الإقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد أعرب عن هذا الرأي بوضوح جيمس ستافريديس زاي، وهو جنرال متقاعد من الولايات المتحدة الذي شغل منصب القائد الأعلى للناتو 2009-2013 (وكان يعتبر مساعداً محتملاً لمرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون). نشر ستافريديس مؤخراً مقالاً في الفورين بوليسي يناقش فيه أن على الولايات المتحدة أن تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة "تأثير سلبي قوي على قدرة الجيش التركي في أداء واجباته"، من خلال تعزيز التحالف مع أنقرة والدعم  العلني لحكومة أردوغان المنتخب ديمقراطياً. اقترح ستافريديس أيضا أنه ينبغي على  الولايات المتحدة أن تكون أكثر "دعماً للمواقف التركية بشأن كيفية التعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية ونظام بشار الأسد"، وزيادة الدعم الأمريكي في حرب تركيا ضد حزب العمال الكردستاني.
وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، يمكن أن يكون لمثل هذه التنازلات لأنقرة آثار ليس فقط على دور تركيا في سوريا، ولكن أيضاً على دور الولايات المتحدة في سوريا.
الفرز من خلال فوضى ما بعد انقلاب
السبب في مخاوف ستافريديس واضح: الحفاظ على قيادة عسكرية تركية قوية ومتعاطفة هو مصلحة أمنية أساسية للولايات المتحدة. بعد الانقلاب، تم إغلاق القاعدة الجوية مؤقتاً في قاعدة إنجرليك- التي تقلع منها العديد من الطلعات الجوية للولايات المتحدة ودول أخرى ضد المتطرفين الجهاديين في شمال سوريا، والتي تضم جزءاً من الترسانة النووية الأمريكية. كمقياس لمدى عمق  التطهير في المؤسسة الأمنية، على ما يبدو ألغى أردوغان حرسه الرئاسي، بينما اتهم نحو ثلث من الجنرالات والأدميرالات في البلاد بالضلوع في المؤامرة.
وقال أردوغان متحدثاً الى رويترز يوم 23 يوليو/ تموز أنه قد كلف بالفعل حكومته بإعادة تنظيم الجيش: "كلهم يعملون معاً [وذلك لتحديد] ما يمكن القيام به، و ... في غضون فترة قصيرة جداً من الزمن ستظهر بنية جديدة. ومن خلال هذه البنية الجديدة، أعتقد أن القوات المسلحة تحصل على دماء جديدة".
 خسارة هذا الجزء كبير من كبار الضباط من شأنه أن يقذف أي جيش في الفوضى. حكومة متورطة في حرب أهلية مع حزب العمال الكردستاني وحرب بالوكالة ضد الأسد في سوريا، وكونها أيضاً مستهدفة من هجمات جهادية، يمكن أن تكون منهكة تماماً. وكمثال على القضايا المطروحة، أبرز القادة العسكريين المعتقلين لتورطهم في المؤامرة ضد أردوغان كان الجنرال آدم هودوتي، الذي جيشه الثاني مسؤولة عن الحدود مع سوريا والعراق وإيران. كيف سيؤثر اعتقال الجنرال آدم على قدرة تركيا في القيام بدوريات في هذه الحدود، وأداء الجيش في الصراع مع حزب العمال الكردستاني، وقدرة أنقرة على تشكيل الوضع في شمال سوريا؟
حتى لو قررت الحكومة التركية بمواصلة مسارها، فإنها يمكن أن تصبح ضعيقة ومنشغلة باضطرابات داخلية وعمليات تطهير، مما سيضطرها إلى اغلاق عيونها عن الحرب في سوريا في لحظة حاسمة. وعندما تتغير السياسة الداخلية التركية وبنية النخبة الحاكمة في البلاد، سيكون لهذا بالتأكيد آثار طويلة الأجل على عملية صنع القرار، وعلى الكيفية التي ترى من خلالها الحكومة المصالح الوطنية التركية. وفي الوقت نفسه، يمكن للانقلاب أن يؤثر على كيف توازن تركيا التزاماتها تجاه الجهات الأخرى المشاركة في الحرب السورية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة.
ولكن الآن، الشيء الوحيد الذي يبدو مؤكدًا هو أنه بينما تتغير تركيا، فطبيعة مشاركتها في سوريا من المرجح أن تتغير أيضاً. ويمكن لهذا أن يكون مسألة حياة أو موت بالنسبة للكثيرين في سوريا.
=======================