الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 20/3/2016

سوريا في الصحافة العالمية 20/3/2016

21.03.2016
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
عناوين الملف
  1. فورين بوليسي :الحديث عن الفدرالية بسوريا لا يحقق السلام
  2. يديعوت احرونوت :خبير عسكري إسرائيلي: بوتين حقق أهدافه بسوريا
  3. إندبندنت: اتفاقية اللاجئين في مصلحة المهربين
  4. واشنطن تايمز: بوتين يجيد الرقص وحساب التوازنات
  5. معهد واشنطن :تكتيكات بوتين في سوريا
  6. الجارديان: لا جدوى لمحاولات وقف الهجرة واللجوء
  7. مجلة الاتلانتيك :"الغد" تنشر الترجمة الكاملة لمقابلة غولدبيرغ مع أوباما
  8. ديلي ستار: تواجد جيش روسيا في سوريا تحذير من بوتين بـ"حرب عالمية ثالثة"
  9. واشنطن بوست: أين ستستخدم روسيا قواتها العسكرية بعد سوريا؟
  10. مجلة الإيكونومست البريطانية .. 4 أسباب وراء الإنسحاب الروسي من سوريا
 
فورين بوليسي :الحديث عن الفدرالية بسوريا لا يحقق السلام
تناولت مجلة فورين بوليسي الأميركية محادثات السلام بشأن سوريا وما تشهده البلاد من صراعات، وسط استبعاد إمكانية إسهام فكرة الفدرالية في حل الأزمة المستعصية للبلاد التي تمزقها الحرب منذ سنوات.
فقد نشرت فورين بوليسي مقالا للكاتب مايكل ريسيند، قال فيه إن مجرد ذكر فكرة الفدرالية يتسبب في تعقيدات دبلوماسية ويعرقل المفاوضات الجارية بين الأطراف السورية، وذلك بسبب ما تحمله الفكرة من تقسيم وتفكيك للبلاد في إطار خلق الشرق الأوسط الجديد.
وأضاف أن عملية "الفدرلة" تتضمن رسم حدود لإنشاء وحدات فدرالية، وأن السوريين يخشون أن تكون هذه الوحدات هي نفسها التي تسيطر عليها الأطراف المتصارعة حاليا، مما يسهم في زيادة حدة الصراع ومحاولة الجهات المسيطرة تطهير منطقة للأقليات.
وأوضح أن الفدراليات في سوريا تعني رسم الحدود على أسس عرقية أو دينية، وربما خلق نوع من الدولة الطائفية، وهو ما لا يريده معظم السوريين، وهو ما يرفضه أيضا قرار الأمم المتحدة المعني بخارطة الطريق في سوريا.
استفتاء
ويستدرك الكاتب أنه لا يتعين على المفاوضين إعطاء أي اسم للحل الذي يجري التفاوض عليه، وأن تمضي الأطراف المتفاوضة قدما في طرح خياراتها للتوصل إلى حل، وذلك بدلا من الحديث عن النظام الفدرالي.
وأشار إلى أنه يجب التوصل لاتفاق سلام يكون مقبولا لدى شرائح واسعة من السوريين، حيث يحدد قرار مجلس الأمن الدولي أن أي اتفاق جديد في سوريا يجب أن يخضع لاستفتاء شعبي في البلاد.
 
======================
يديعوت احرونوت :خبير عسكري إسرائيلي: بوتين حقق أهدافه بسوريا
كتب الخبير العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن روسيا انسحبت بعدما حققت أهدافها المتمثلة بقاعدة عسكرية مقابل ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط، وميناء بحري على شاطئ اللاذقية، ومطار عسكري في قاعدة حميميم شمال اللاذقية، وقاعدة جوية في مدينة حمص، ونفوذ سياسي في الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا أقصى ما كان يحلم به الروس، وهو ما لم يحظ به الاتحاد السوفياتي في ذروة قوته قبيل سقوطه، وهذه الإنجازات لم يكن ليحققها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لولا صعوبة ما يمر به الأسد، والضغوط التي مارسها عليه.
ووفقا للكاتب فإن سحب بعض القوات الجوية الروسية من سوريا لا يغير كثيرا من الواقع الراهن، لأن إسرائيل لا تعرف كم من الطائرات الروسية سوف تعود إلى بلادها، ومن الواضح أن جزءا منها سوف يبقى داخل الأراضي السورية، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى ضد الطائرات، مشيرا إلى أن إسرائيل تعتقد أن التنسيق الأمني مع الروس ما زال مهما.
من جهته قال المستشرق الإسرائيلي البروفيسور آيال زيسر إن قرار روسيا بالانسحاب من سوريا قوبل بمفاجأة كبيرة لدى دوائر صنع القرار في العالم، وبظلال من الشك بجدية الروس، لأنه بعد إعلان بدء الانسحاب لا تزال العشرات من الطائرات والسفن الحربية الروسية، ومعها العديد من المستشارين العسكريين، تقاتل إلى جانب بشار الأسد ضد معارضيه.
وأوضح زيسر في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" أنه رغم أن الهدف الذي أعلنته موسكو من وراء تدخلها في سوريا هو مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية، فإن كثيرا من الهجمات الجوية الروسية لم تستهدف التنظيم، بل تركزت على المعارضة السورية الناشطة في غرب سوريا والسوريين الداعمين لها.
وذكر أن الخطوة الروسية بالانسحاب من سوريا ترافقت مع خطوات أخرى إضافية، من بينها التعاون الروسي الأميركي للتوصل إلى حل سياسي للأحداث في سوريا، وبدء التلميحات المتزايدة حول تحويلها إلى دولة فدرالية، يبقى فيها نظام بشار الأسد في جزء من البلاد وتمنح الأجزاء الأخرى للمعارضة السورية بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ورغم مباهاة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن القوات الروسية حققت أهدافها من التدخل العسكري الذي بدأ في سبتمبر/أيلول 2015، فقد جاء ذلك على حساب الدمار والخراب الذي جلبته على السوريين القوة العسكرية الروسية والإيرانية وحزب الله اللبناني.
وختم زيسر -وهو رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب وخبير في الشؤون السورية- مقاله بالقول "في النهاية فإن قرار بوتين بالانسحاب من سوريا يؤكد فشل الروس في إخضاع المعارضة السورية، رغم الهالة التي أعطوها لأنفسهم، والخشية من تحول سوريا إلى أفغانستان ثانية، ما يعني أن قناعات جديدة توفرت لبوتين بأنه لا يمكن حل كل شيء بالقوة العسكرية.
 
======================
إندبندنت: اتفاقية اللاجئين في مصلحة المهربين
تناولت صحف بريطانية الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وقالت إحداها إن الاتفاق هو ما يتطلع له مهربو اللاجئين، ودعت رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون إلى رفضه، وقالت أخرى بتحفظ إن الاتفاق ربما يغيّر أوضاع اللاجئين إلى الأفضل، وحذرت من أن روسيا ستضع عراقيل أمام حل الأزمة.
وذكر مقال بصحيفة إندبندنت أن هذا الاتفاق هو بالضبط ما يتطلع إليه مهربو اللاجئين، وأن حرب الاتحاد الأوروبي ضدهم قد فشلت. وأوضح أن كل الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية بإغلاق حدودها وصد اللاجئين لم تفد في شيء، وأن الاتفاق مع تركيا لا يقدم شيئا جديدا.
وأكد المقال أن السبيل لهزيمة تهريب اللاجئين هو تقليل الطلب على خدمات المهربين عبر برنامج عالمي واسع لإعادة التوطين وإعداد طرق آمنة لحركة اللاجئين وعمليات منظمة للتعامل مع طلبات اللجوء.
ودعا المقال كاميرون إلى رفض الاتفاق قبل أن يصبح رد الفعل البريطاني تجاه الأزمة غير أخلاقي، وقال إن العجز المستمر أمام هذه الأزمة يجافي تاريخ بريطانيا وقيمها. وأوضح أن الأمم المتحدة وجهات أخرى مهتمة وصفت الاتفاق بأنه يهدد بانتهاك مبادئ إنسانية أساسية وقعت عليها بريطانيا وروّجت لها على نطاق العالم.
حقوق أساسية
أما إندبندنت في افتتاحيتها اليوم فقالت إن الطرد الجماعي لبشر يبحثون عن حماية عالمية عملٌ يدينه ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية.
وذكرت غارديان في افتتاحية لها أيضا أن الجانب الأخلاقي في أزمة اللاجئين واضح. فمعاملة اللاجئين بكرامة واحترام تقع على عاتق المجتمع الدولي، وربما يحقق الاتفاق مع تركيا هذا المطلب ويخفف الأزمة.
وأضافت أن تركيا ربما تسعى لاستغلال هذه الأزمة لتحقيق مصالحها وتتراجع عنها إذا لم يلتزم الاتحاد الأوروبي بما نصت عليه من بنود مثل إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى أوروبا، وإذا حدث ذلك، تقول الصحيفة، فإن الاتحاد سيعود إلى المربع الأول من الأزمة، إلا إذا تمت تسوية عادلة للحرب الأهلية في سوريا خلال محادثات جنيف الجارية حاليا.
وفي مقال بالصحيفة نفسها، حذرت الكاتبة ناتالي نوغايريدي من أن روسيا ستستغل أزمة اللاجئين لزعزعة استقرار أوروبا، وهو أمر أكده كبار قادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوروبا، وعززه تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الروسية قبل ساعات من اجتماع القادة الأوروبيين ببروكسل لإبرام الاتفاق مع تركيا، إذ قالت المتحدثة "إن أزمة اللاجئين تسببت فيها محاولات غير مسؤولة لنشر ديمقراطية غربية في الشرق الأوسط".
وأضافت الكاتبة أن مقالا كتبه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الشهر يكشف عن عقلية رئيسه فلاديمير بوتين، إذ أوضح لافروف تماما أن ما تريده روسيا ليس أقل من تغيير جذري، وهو "معاهدة رسمية حول الهيكل السياسي والأمني الأوروبي".
وأوردت الكاتبة أن المقال يؤكد أنه وإلى أن تحصل روسيا على غايتها، فلن يكون هناك استقرار في القارة.
======================
واشنطن تايمز: بوتين يجيد الرقص وحساب التوازنات
وصفت افتتاحية لصحيفة واشنطن تايمز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقائد الذي يجيد الرقص وحساب التوازنات في استعراضها لتكتيكاته في جورجيا وشبه جزيرة القرم وأوكرانيا عموما، وسوريا وتعامله مع الغرب خصوصا.
وقالت إن تكتيكاته في السياسة استلهمها من رقصة الكاستكا الفلكلورية الروسية التي تختبر توازن الراقص وقوة تحمله وصبر من يتحلقون حوله، لأنها تتطلب أن يحني بالتناوب إحدى رجليه مع قدمه وإطلاقهما في الهواء، وإنها ليست رقصة للضعفاء أو لمشتتي الانتباه، وإن بوتين رقص الكاستكا حول الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وأضافت أن بوتين الذي كان جاسوسا فعالا في الاستخبارات الروسية (كي جي بي) ومتمرسا في أساليبها، يتحدى باستمرار صبر مشاهديه. فعندما خط أوباما خطه الأحمر الوهمي السيئ الصيت في سوريا وتراجع عنه سريعا، تبيّن لبوتين أن لديه فرصة هناك.
اللعب بالأعصاب
وأشارت إلى أن بوتين سبق أن لعب بأعصاب إدارة أوباما والاتحاد الأوروبي "التي يسهل التلاعب بها" عندما اعتدى على جورجيا وشبه جزيرة القرم وأوكرانيا عموما وهدد في أماكن أخرى.
وأوردت أن بوتين يفهم التاريخ ويفهم أن الخداع ينجح أحيانا كثيرة، خاصة إذا كانت الخدعة كبيرة. فتدخل في سوريا، وبدأ يقيم قواعد عسكرية على البحر المتوسط، وأنقذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد من الانهيار، وكان ذلك نجاحا نفسيا ودعائيا فوريا، لأن سوريا كانت يوما ما مرفأ سوفياتيا في المتوسط، والعودة إليها تشير إلى أن روسيا في طريق العودة لقوتها السابقة.
ووضعت العقوبات الغربية وانهيار أسعار النفط بوتين في وضع انحناء خطر في الرقص. فأمسك بفكرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتهدئة في سوريا وعقد مؤتمرٍ كبيرٍ للسلام السوري، الأمر الذي أعطى الراقص الروسي الكبير فترة للراحة من الرقص الذي أتعب كيري وأوباما وأصابهما بالملل.
خصم لا يتنازل
واستمرت الصحيفة تقول إن الجميع وافق على الاجتماع بالعاصمة النمساوية فيينا لإجراء محادثات، ولكل أهدافه التي تتعارض تماما مع أهداف الآخر. أميركا وحلفاؤها الغربيون يريدون تخلي الأسد عن السلطة، والروس كانوا على ثقة بأنه سيبقى "والغربيون في العادة يتفاوضون من أجل التفاوض فقط، ويتحدثون من أجل الحديث". والتفاوض مع خصم لا يتنازل أبدا يعني أن الغرب هو الذي سيتنازل.
واستمرت رقصة الكاستكا، وكانت آخر مرة لإطلاق الأطراف في الهواء إصدار أمر بانسحاب القوات الروسية من سوريا وتصوير هذا الانسحاب باعتباره منحة من قائد نبيل مستنير "والغرب يكفيه الكلام".
ومضت الصحيفة في مقارنتها بين الكاستكا وتكتيكات بوتين قائلة إن رقصة الكاستكا لا تنتهي أبدا بحركة أخيرة مدهشة، بل يصبح الراقص فيها منهكا ويصبح الرقص هادئا فقط. واختتمت بقولها إن بوتين حقق هدفه وأنعش الدعم الشعبي المحلي له بمظهر العودة إلى مجد الاتحاد السوفياتي.
 
======================
معهد واشنطن :تكتيكات بوتين في سوريا
لا يزال الانسحاب الروسي من سوريا يشغل الأوساط السياسية الدولية، ما يجعل بعض المراقبين والمحللين يتساءلون عن سر تكتيكات الرئيس فلاديمير بوتين في هذا البلد الذي تمزقه الحرب منذ سنوات.
ونشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية مقالا كتبته مديرة برنامج الحوار في معهد الشرق الأوسط الأميركي رندا سليم قالت فيه إن روسيا تأمل من خلال انسحابها من سوريا في ترجمة إنجازاتها الأخيرة إلى نصر دبلوماسي.
وأوضحت أن الانسحاب الجزئي لروسيا جاء نتيجة للعلاقات المضطربة بين الكرملين والنظام السوري الذي سارع من جانبه لنفي أن يكون الرئيس بوتين قد تخلى عن دعم نظام الرئيس بشار الأسد.
وأضافت أن موسكو غاضبة بسبب عدم إبداء الأسد المرونة الكافية في التفاوض مع المعارضة بشأن المستقبل السياسي للبلاد، وترى أن على النظام السوري استثمار المكاسب العسكرية الأخيرة في محادثات السلام الجارية في جنيف.
صانع سلام
وأشارت إلى أن اختبار قدرة بوتين في لعب دور صانع سلام في سوريا سيكون عبر طريقتين خلال المفاوضات، أولاهما أنه لا بد له من التوصل إلى تسوية مع الولايات المتحدة، والثانية أن عليه إقناع حلفائه في دمشق وطهران بالتخلي عن مواقفهما المتطرفة إزاء الحل السياسي للصراع.
من جانبها، نشرت مجلة تايم الأميركية مقالا للكاتب إيان بريمير قال فيه إن بوتين يريد إعادة بناء روسيا باعتباره صانع قرارٍ سياسيٍّ مستقل لا ينبغي لأحد الاستخفاف به، وأنه يأمل إقناع الأوروبيين بأن بإمكان روسيا المساعدة في إدارة الأزمة التي أغرقت أوروبا باللاجئين، وهو ما يصب في مصلحة الطرفين.
وأضاف أن الرئيس بوتين يريد أيضا أن يذكر حليفه الرئيس الأسد بأن سوريا بحاجة إلى روسيا أكثر من حاجة روسيا إليها.
 
وأشار إلى أن بوتين أنجز هذا الهدف من خلال إظهاره أن روسيا يمكنها تعزيز موقف الأسد عبر تدخلها العسكري بسوريا، وبالتالي فإن الانسحاب يشكل تنبيها روسيًّا للنظام السوري، كما أنه يبطل مقولة الأميركيين بشأن انزلاق بوتين في المستنقع.
 
======================
الجارديان: لا جدوى لمحاولات وقف الهجرة واللجوء
الهجرة واللجوء من حقائق التاريخ وسيظلان كذلك في الـ21. ورغم أنه لا أحد يستطيع التقليل من شأن الضغوط على المجتمعات الأوروبية جراء المهاجرين واللاجئين من آسيا وأفريقيا، فإنه لا مناص من استيعابهم والتعامل مع قضيتهم بدلا من التظاهر بوقفها.
ورد ذلك في مقال للكاتب سايمون جنكنز بصحيفة غارديان البريطانية، قال فيه إن خطة رئيس الوزراء ديفد كاميرون "غير الانسانية" والتي تقضي بإعادة اللاجئين إلى ليبيا، غير مجدية، وقد وُضعت لمجرد الاستعراض.
كما أضاف جنكنز أن أي محاولات من قبل كل الحكومات لوقف اللجوء والهجرة لن تجدي أبدا، لأن قوة غريزة البقاء أقوى من أي قوة لأي سلطات في العالم.
وأوضح أن خطة أوروبا لخفض أعداد اللاجئين القادمين إليها بالاتفاق مع تركيا ربما تخفض بضعة آلاف، كما أن خطة كاميرون "الأسترالية" بالقبض على قوارب اللاجئين بعرض البحر وإعادتهم إلى المكان الذي جاؤوا منه، ربما يخفض آلافا أخرى، وأخبار الرعب على حدود مقدونيا ستثبط همم آلاف ممن يعتزمون الهجرة للقارة العجوز، لكن كل ذلك لن يغيّر كثيرا في تيار الهجرة واللجوء.
وتساءل الكاتب عن الفائدة من عقد قمة أخرى بشأن اللاجئين، مجيبا بأنها لمجرد التظاهر أمام الناس بأن "الحكومات تفعل شيئا ما" ولتخفيف مخاوف الأوروبيين بالإعلان عن اتخاذ إجراءات صارمة، الأمر الذي يمكن أن يردع المهاجرين لأسباب اقتصادية.
ودعا الأوروبيين إلى أخذ العبرة من تجربة الولايات المتحدة في التعامل مع هجرة السود والمكسيكيين، وتجربة أستراليا وإجراءاتها الوحشية في التعامل مع هجرة الآسيويين، وعدم جدوى التجربتين في وقف هذه الهجرات، مذكرا بأن دول آسيا المجاورة لأستراليا ليست سوريا ولا ليبيا.
 
======================
مجلة الاتلانتيك :"الغد" تنشر الترجمة الكاملة لمقابلة غولدبيرغ مع أوباما
جيفري غولدبيرغ – (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016
 ترجمة: علاء الدين أبو زينة
يوم الجمعة، 30 آب (أغسطس) 2013، اليوم الذي جلب فيه باراك أوباما الضعيف العاجز إلى نهاية مبكرة عهد أميركا باعتبارها القوة العظمى الوحيدة التي لا غنى عنها في العالم –أو، ربما اليوم الذي أطل فيه أوباما الحصيف الحكيم على هاوية الشرق الأوسط وتراجع عائداً عن حافة ذلك الفراغ الهائل القاتل- بدأ ذلك اليوم بخطبة هادرة ألقاها بالنيابة عن أوباما وزير خارجيته جون كيري، في العاصمة واشنطن. كان موضوع تصريحات كيري التشرشلية (1) بطريقة غير معهودة، والتي أدلى بها في "غرفة المعاهدات" في وزارة الخارجية، هي قصف المدنيين بالغاز على يد الرئيس السوري بشار الأسد.
أوباما، الذي يخدمه وزيره كيري بإخلاص -ولو بشيء من الحنق- يميل هو نفسه إلى الخطابة المحلقة الوثابة، وإنما التي لا تكون عادة من نوع الخطابة الحربية القتالية المرتبطة بتشرشل. ويعتقد أوباما أن المانوية (Manichaeanism (2)، والعدوانية المعروضة ببلاغة على النحو المنسوب إلى تشرشل، كانا مبرَّرين بصعود هتلر، وربما أمكن الدفاع عنهما في بعض الأحيان في حقبة الكفاح ضد الاتحاد السوفياتي. لكنه يعتقد أيضاً أنه ينبغي تسليح الخطاب لماماً فقط -إذا كان ينبغي تسليحه من الأساس- في مشهد الراهن الدولي الأكثر غموضاً وتعقيداً. ويعتقد الرئيس أن الخطابة التشرشلية –أو على نحو أدق، العادات التشرشلية في التفكير- هي التي ساعدت على دفع سلفه جورج دبليو بوش، إلى حرب مدمرة في العراق. وقد دخل أوباما البيت الأبيض عازماً على الخروج من العراق وأفغانستان؛ ولم يكن يريد البحث عن وحوش جديدة ليصطادها. وكان حذراً بشكل خاص من الوعد بنصر في صراعات يؤمن أن من المتعذر كسبها. وكما قال لي بِن رودس، نائب مستشار أوباما للأمن القومي، وأمين سره للسياسة الخارجية، في وقت قريب: "إذا كنت لتقول، على سبيل المثال، إننا سوف نخلَّص أفغانستان من طالبان، وسوف نبني ديمقراطية مزدهرة بدلاً منها، فإن الرئيس يدرك أن أحداً ما سيسألك، بعد سبع سنوات، عن ذلك الوعد".
لكن مزاج تصريحات كيري المحرِّضة في ذلك اليوم من آب (أغسطس)، والتي كان رودس نفسه قد شارك في صياغتها جزئياً، كان إظهار غضبَ الصالح المنتصر للحق وبذل الوعود الجريئة، بما فيها التهديد السافر بشن هجوم وشيك. كان كيري –مثل أوباما نفسه- مروَّعاً من الخطايا التي ارتكبها النظام السوري في محاولته إخماد الثورة المستمرة منذ عامين. كان جيش الأسد قد قتل أكثر من 1.400 مدني بغاز السارين في ضاحية الغوطة الدمشقية قبل تسعة أيام. وكان الشعور السائد داخل إدارة أوباما هو أن الأسد قد استحق عقاباً شديداً. وفي اجتماعات "غرفة العمليات" التي أعقبت الهجوم على الغوطة، كان كبير موظفي البيت الأبيض دينيس ماكدونو، فقط هو الذي حذّر صراحة من مخاطر التدخل، بينما حاجج كيري بحماس لصالح القيام بعمل عسكري في سورية.
قال كيري في كلمته: "بينما تجمعت عواصف سابقة في التاريخ، حين كان وقف الجرائم الفظيعة التي لا توصف في متناول أيدينا، تم تحذيرنا من إغواءات إدارة الوجه إلى الجهة الأخرى. إن التاريخ مليء بالقادة الذين حذروا من مغبة التقاعس، واللامبالاة، وخاصة من مغبة الصمت عندما يكون الأمر مهماً أكثر ما يكون".
عدَّ كيري الرئيس أوباما بين أولئك القادة. وقبل ذلك بعام واحد، عندما اشتبهت الإدارة بأن نظام الأسد يفكر في استخدام الأسلحة الكيميائية، كان أوباما قد أعلن: "كنا واضحين جداً مع نظام الأسد... إنه خط أحمر بالنسبة لنا أن نشرع في رؤية تحريك أو استخدام مجموعة كاملة من الأسلحة الكيميائية. سوف يغير ذلك حساباتي. سوف يغير ذلك معادلتي".
على الرغم من هذا التهديد، بدا أوباما في نظر الكثير من المنتقدين منفصلاً ببرود عن معاناة السوريين الأبرياء. كان الرئيس قد دعا في وقت متأخر من صيف العام 2011 إلى رحيل الأسد. وقال أوباما: "من أجل الشعب السوري، حان الوقت للرئيس الأسد كي يتنحى". لكن أوباما فعل القليل بداية للتعجيل بنهاية الأسد.
قاوم أوباما المطالب بالقيام بعمل، في جزء منه لأنه افترض، استناداً إلى تحليلات وكالات الاستخبارات الأميركية، أن الأسد سيسقط من دون مساعدته. وقال لي دينيس روس، مستشار أوباما السابق لشؤون الشرق الأوسط، مشيراً إلى المغادرة السريعة للرئيس حسني مبارك في العام 2011، وهي لحظة مثلت ذروة الربيع العربي: "اعتقد (أوباما) أن الأسد سيذهب بنفس الطريقة الذي ذهب بها مبارك". لكن مقاومة أوباما للتدخل زادت فحسب بينما تشبث الأسد بالسلطة. وبعد عدة أشهر من المداولات، أمر أوباما وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بتدريب وتمويل الثوار السوريين، لكنه شارك وزير دفاعه السابق روبرت غيتس، رؤيته أيضاً، وهو الذي كان يسأل بشكل روتيني في الاجتماعات: "ألا يجب علينا أن ننهي الحربين اللتين لدينا مسبقاً قبل أن نبحث عن واحدة أخرى؟".
كانت السفيرة الحالية إلى الأمم المتحدة سامانثا باور، وهي صاحبة النزعة التدخلية الأبرز من بين كبار مستشاري أوباما، قد جادلت مبكراً لصالح فكرة تسليح الثوار السوريين. باور التي كانت تعمل خلال هذه الفترة في مجلس الأمن القومي، هي مؤلفة الكتاب الذي لقي الكثير من الحفاوة، والذي ينتقد بشدة سلسلة من الرؤساء الأميركيين على إخفاقاتهم في منع عمليات الإبادة الجماعية. وكان كتابها "مشكلة من الجحيم"، الذي نشر في العام 2002، هو الذي لفت انتباه أوباما إلى باور عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي، ولو أن الاثنين لم يشكلا نظيرين أيديولوجيين واضحين. كانت باور منحازة تماماً إلى المذهب المعروف باسم "مسؤولية الحماية"، التي تعتقد أن السيادة لا ينبغي أن تعتبر غير قابلة للنقض عندما تقوم دولة بذبح مواطنيها. وقد ضغطت على أوباما لتأييد هذا المذهب في الكلمة التي ألقاها عندما قبل جائزة نوبل للسلام في العام 2009، لكنه رفض ذلك. ولا يؤمن أوباما بشكل عام بأن على أي رئيس أن يضع الجنود الأميركيين تحت خطر جسيم من أجل منع حدوث كوارث إنسانية، إلا إذا كانت هذه الكوارث تشكل تهديداً أمنياً مباشراً للولايات المتحدة نفسها.
وقد تجادلت باور أحياناً مع أوباما أمام بقية أعضاء مجلس الأمن القومي، إلى درجة لم يستطع معها إخفاء سخطه، فقاطعها ذات مرة: "سامانثا، هذا يكفي، لقد قرأت كتابك مسبقاً".
يُكنّ أوباما، على عكس التدخليين الليبراليين، إعجاباً بالسياسة الخارجية الواقعية التي انتهجها الرئيس جورج بوش الأب -وعلى وجه الخصوص، واقعية مستشار الأمن القومي للرئيس بوش، برينت سكوكروفت. (قال لي أوباما ذات مرة: "أنا أحب هذا الرجل"). وكان بوش وسكوكروفت قد طردا جيش صدام من الكويت في العام 1991، وتدبرا بشكل حاذق أمر تفكيك الاتحاد السوفياتي؛ كما تبادل سكوكروفت الأنخاب أيضاً، نيابة عن بوش، مع قادة الصين بعد وقت قصير من مذبحة ميدان تيانانمين. وعندما كان أوباما يكتب برنامج حملته الانتخابية "جرأة الأمل" في العام 2006، شعرت سوزان رايس، التي كانت في ذلك الحين مستشارة غير رسمية له، أن من الضروري تذكيره بتضمين سطر واحد على الأقل من الثناء على السياسة الخارجية للرئيس بيل كلينتون، لكي يوازن جزئياً على الأقل كمَّ المديح الذي انهال به على بوش وسكوكروفت.
في بداية الانتفاضة السورية في أوائل العام 2011، جادلت باور بأن الثوار، القادمين من صفوف المواطنين العاديين، يستحقون دعم أميركا المتحمس. ولاحظ آخرون أن الثوار هم من المزارعين، والأطباء والنجارين، مقارنين هؤلاء الثوريين بأولئك الرجال الذين كانوا قد كسبوا حرب أميركا من أجل الاستقلال.
لكن أوباما قلب هذه الفكرة رأساً على عقب. قال لي ذات مرة: "عندما يكون لديك جيش محترف، جيد التسليح وترعاه دولتان كبيرتان" –إيران وروسيا- " الذين لديهم مصالح كبيرة في هذا، ويقاتلون ضد مزارع، ونجار، ومهندس، بدأوا الأمر كمتظاهرين ثم يجدون أنفسهم الآن في خضم صراع أهلي...". وتوقف هنيهة. "فإن فكرة أننا كنا نستطيع أن نغيِّر –بطريقة نظيفة لا تُلزم القوات العسكرية الأميركية- المعادلة على الأرض هناك، لم تكن صحيحة مطلقاً". وكانت الرسالة التي أبرقها أوباما في الخطابات والمقابلات واضحة: لا يمكن أن ينتهي به المطاف إلى أن يكون الرئيس بوش الثاني –رئيساً أفرط في التوسع المأسوي في الشرق الأوسط بحيث تملأ قراراته عنابر "وولتر ريد" بالجنود المصابين بجراح خطيرة، والذي عجز عن وقف تدهور سمعته، حتى عندما قام بتعديل سياساته في فترة ولايته الثانية. ويقول أوباما في الجلسات الخاصة إن المهمة الأولى لأي رئيس أميركي في مشهد ما بعد بوش العالمي هي "لا تفعل شيئاً هراءً أحمق".
أحبطت مقاومة أوباما باور والآخرين في فريق أمنه القومي الذين كانوا يفضلون القيام بعمل. وجادلت هيلاري كلينتون، عندما كانت وزيرة خارجية أوباما، لصالح استجابة مبكرة وحازمة ضد عنف الأسد. وفي العام 2014، بعد أن غادرت المنصب، قالت لي كلينتون إن "الفشل في المساعدة على بناء قوة قتالية موثوقة من الناس الذين كانوا المنشئين الأساسيين للاحتجاجات ضد الأسد... ترك فراغاً كبيراً، والذي ملأه الجهاديون الآن". وعندما نشرت مجلة "الأتلانتيك" هذه العبارة، وتقدير كلينتون أن "الدول العظيمة تحتاج إلى مبادئ تنظيمية، ولا تفعل شيئاً هراءً أحمق ليس مبدأ تنظيمياً"، كان أوباما "غاضباً جداً"، وفقاً لأحد كبار مستشاريه. لم يفهم الرئيس كيف أن "لا تفعل شيئاً هراءً أحمق" يمكن أن يكون شعاراً مثيراً للجدل. ويتذكر بِن رودس أن "الأسئلة التي كنا نطرحها في البيت الأبيض كانت: "مَن مع جماعة الهراء الأحمق؟"، "من يناصر عمل الهُراء الأحمق"؟. وقد اعتقد أوباما أن غزو العراق كان ينبغي أن يعلِّم التدخليين الديمقراطيين مثل كلينتون، التي كانت قد صوتت لصالح التفويض بالحرب، مخاطر عمل الهُراء الأحمق. (اعتذرت كلينتون سريعاً لأوباما عن تعليقاتها، وأعلن متحدث باسم كلينتون أن الاثنين سوف "يتعانقان" وينسيا ذلك في جزيرة مارثا فينيارد عندما تتقاطع طرقهما هناك في وقت لاحق).
شكلت سورية بالنسبة لأوباما منحدراً ربما يكون زلِقاً مثل العراق. وفي فترة ولايته الأولى، خلص إلى الاعتقاد بأن حفنة فقط من التهديدات في الشرق الأوسط هي التي يتصور أنها قد تبرر تدخلاً عسكرياً أميركياً مباشراً هناك. وشمل ذلك، التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة؛ الأخطار التي تتهدد استمرار وجود إسرائيل ("سيكون فشلاً أخلاقياً لي كرئيس للولايات المتحدة" عدم الدفاع عن إسرائيل، كما قال لي في إحدى المرات). وفيما لا ينفصل عن أمن إسرائيل، التهديد الذي تشكله إيران مسلحة نووياً. ولم يرقَ التهديد الذي يشكله نظام الأسد للولايات المتحدة إلى مستوى هذه التحديات.
بالنظر إلى تحفظات أوباما على التدخل، كان الخط الأحمر الساطع الذي رسمه للأسد في صيف العام 2012 مذهلاً وصادماً -حتى أن مستشاريه أنفسهم فوجئوا به. وقال لي وزير دفاعه في ذلك الوقت، ليون بانيتا: "لم أكن أعرف أن ذلك كان قادماً". وقيل لي إن نائب الرئيس جو بايدن، كان قد حذر أوباما مراراً من مغبة رسم خط أحمر على الأسلحة الكيميائية السورية، خشية أن يتوجب عليه فرضه وتنفيذ تهديده في يوم من الأيام.
اقترح كيري، في تصريحاته يوم 30 آب (أغسطس) 2013، أن الأسد يجب أن يُعاقب، في جزء منه لأن "مصداقية ومستقبل مصالح الولايات المتحدة الأميركية وحلفائنا"، كانت على المحك. "إنها مسألة تتصل مباشرة بصدقيتنا وبما إذا كانت البلدان ما تزال تصدق الولايات المتحدة عندما تقول شيئاً. إنهم يراقبون ليروا إذا كانت سورية تستطيع أن تفلت من العقاب، لأنهم يستطيعون عندئذٍ هم أيضاً أن يضعوا العالم تحت خطر أكبر".
وبعد تسعين دقيقة لاحقاً، وفي البيت الأبيض، عزز أوباما رسالة كيري في بيان علني: "من المهم لنا إدراك أنه عندما يُقتل أكثر من 1.000 شخص، بمن فيهم مئات الأطفال الأبرياء، بسبب استخدام سلاح تقول 98 أو 99 في المائة من البشر إنه لا يجب أن يستخدم حتى في الحرب، ولا يكون هناك رد فعل، فإننا إنما نرسل بذلك إشارة بأن هذا المعيار الدولي لا يعني الكثير. وهذا يشكل خطراً على أمننا القومي".
بدا كما لو أن أوباما خلص إلى استنتاج أن الأضرار التي تلحق بالمصداقية الأميركية في إحدى مناطق العالم سوف تنزف إلى مناطق أخرى، وأن قدرة الردع الأميركية كانت في الواقع على المحك في سورية. والأسد، كما يبدو، نجح في دفع الرئيس إلى مكان لم يظن أبداً أنه يمكن أن يذهب إليه. ويعتقد أوباما بشكل عام بأن مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، والتي يزدريها في السر، تصنع صنماً من "المصداقية" –خاصة من نوع المصداقية التي تُشترى بالقوة. والاحتفاظ بالمصداقية، كما يقول، قاد إلى فيتنام. وفي داخل البيت الأبيض، سيجادل أوباما بأن "إسقاط القنابل على أحد ما لإثبات أنك راغب في إسقاط القنابل على أحد ما، إنما يتعلق فقط بأسوأ سبب لاستخدام القوة".
إن مصداقية الأمن القومي الأميركي، كما تُفهم تقليدياً في وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وحزمة مؤسسات الفكر والرأي التي تقع مقراتها على مسافة مسيرة قصيرة على القدمين من البيت الأبيض، هي قوة غير ملموسة –وإنما قوية جداً –، عندما تتم تغذيتها بشكل مناسب، تبقي أصدقاء أميركا يشعرون بأنهم آمنون وتبقي النظام العالمي مستقراً.
في اجتماعات البيت الأبيض في ذلك الأسبوع الحاسم من آب (أغسطس)، جادل بايدن، الذي عادة ما كان يشارك أوباما مخاوفه بشأن فرط التمدد الأميركي، بحماسة بأن "الدول الكبيرة لا تمارس الخداع". وقد اعتقد أوثق حلفاء أميركا في أوروبا وعبر الشرق الأوسط أن أوباما كان يهدد باتخاذ عمل عسكري، وفعل مستشاروه الخاصون الشيء نفسه. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع أوباما في البيت الأبيض في أيار (مايو) السابق، كان ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، قد قال: "إن تاريخ سورية يُكتب بدم أبنائها، ويحدث ذلك أمام أنظارنا". وكان القصد من تصريح كاميرون، كما قال لي أحد مستشاريه، هو حث أوباما على اتخاذ عمل أكثر حسماً. وقال لي المستشار: "كان رئيس الوزراء بالتأكيد تحت الانطباع بأن الرئيس سوف يفرض الخط الأحمر". وقال السفير السعودي في واشنطن في ذلك الوقت، عادل الجبير، لأصدقائه، ولرؤسائه في الرياض، بأن الرئيس أصبح أخيراً مستعداً للضرب. وقال الجبير، الذي أصبح الآن وزير الخارجية السعودية، لأحد المحاورين، إن أوباما "أدرك مدى أهمية هذا الأمر. سوف يضرب بكل تأكيد".
كان أوباما قد أمر وزارة الدفاع مسبقاً بوضع قوائم بالأهداف في سورية. وكانت خمس مدمرات من فئة آرلي بيرك متواجدة في البحر الأبيض المتوسط، جاهزة لإطلاق صواريخ كروز على أهداف النظام. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، المؤيد الأكثر حماسة للتدخل من بين القادة الأوروبيين، يستعد للضرب أيضاً. وعلى مدار الأسبوع، قام مسؤولو البيت الأبيض ببناء القضية علناً للجمهور بأن الأسد ارتكب جريمة ضد الإنسانية. وسوف تكون كلمة كيري تتويجاً لهذه الحملة.
لكن الرئيس أصبح نهباً لقلق متصاعد. في الأيام التي تلت ضرب الغوطة بالغاز، كما سيخبرني أوباما في وقت لاحق، وجد نفسه ينكص عن فكرة تنفيذ هجوم غير مصرح به من القانون الدولي أو الكونغرس. وبدا الشعب الأميركي غير متحمس إزاء تدخل في سورية؛ وكذلك فعلت أيضاً واحدة من القادة الأجانب القلائل الذين يكنُّ أوباما لهم الاحترام، أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية. قالت له إن بلدها لن يشارك في حملة سورية. وفي تطور مدهش، يوم الخميس، 29 آب (أغسطس)، حجب البرلمان البريطاني عن ديفيد كاميرون مباركته لشن هجوم. وقال لي جون كيري لاحقاً إنه عندما سمع بذلك: "في داخلي، قلت: أووبس".
كما لم يكن أوباما مرتاحاً أيضاً لخلاصة الزيارة المفاجئة التي قام بها في وقت مبكر من الأسبوع جيمس كلابر، مدير مخابراته القومية، الذي قاطع إيجاز الرئيس اليومي (تقرير التهديدات الذي يتلقاه أوباما كل صباح من محللي كلابر) ليوضح للرئيس أن المعلومات الاستخبارية عن استخدام سورية لغاز السارين، مع أنها قوية، لا تشكل "تغميسة" Slam dunk. وقد اختار كلابر ذلك التعبير بعناية كبيرة. كلابر، رئيس مجتمع الاستخبارات، والمصاب بتروما من إخفاقات ذلك المجتمع في فترة التحضير لحرب العراق، لم يكن ليفرط في الوعد على طريقة مدير الاستخبارات المركزية الأميركية الأسبق جورج تينيت، الذي قدم الضمانة الشهيرة للرئيس بوش بتسجيل "تغميسة" في العراق.
بينما كانت وزارة الدفاع ومؤسسة الأمن القومي في البيت الأبيض ما تزالان تتحركان في اتجاه الحرب (أخبرني جون كيري لاحقاً أنه كان يتوقع ضربة في اليوم الذي يلي خطبته)، تشكل لدى الرئيس اعتقاد بأنه يسير إلى فخ –واحد نصبه كل من الحلفاء والخصوم على حد سواء، على أساس التوقعات التقليدية لما يفترض أن يفعله رئيس أميركي.
لم يفهم العديد من مستشاريه عمق شكوك الرئيس؛ لم يكن مجلس وزرائه ولا حلفاؤه غافلين عنها تماماً، لكن شكوكه كانت تتصاعد. وفي وقت متأخر من مساء الجمعة، قرر أوباما أنه ليس مستعداً ببساطة للتفويض بتوجيه ضربة. وطلب من ماكدونو، رئيس موظفيه، الخروج للتمشي معه في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض. ولم يختر أوباما ماكدونو عشوائياً: إنه الأكثر نفوراً من التدخل العسكري الأميركي بين مساعدي أوباما. وهو شخص، بكلمات أحد زملائه "يفكر أيضاً بمنطق الفخاخ". كان أوباما، الرجل الواثق بنفسه بطريقة خارقة في العادة، يبحث عن التحقق من صحة رأيه، ويحاول اجتراح طرق لتفسير تغييره رأيه، سواء لمساعديه أنفسهم أو للجمهور. وبقي هو وماكدونو في الخارج لمدة ساعة. وأخبره أوباما أنه كان قلقاً من أن الأسد قد يستخدم المدنيين ـ"دروعاً بشرية" حول الأهداف الواضحة. كما أشار أيضاً إلى ثغرة أساسية في الضربة المقترحة: لن يتم إطلاق الصواريخ الأميركية على مستودعات الأسلحة الكيميائية، خوفاً من تصاعد أعمدة السموم في الهواء. وسوف تستهدف الضربة الوحدات العسكرية التي كانت قد أطلقت هذه الأسلحة، وليس الأسلحة نفسها.
كما أطلع أوباما ماكدونو أيضاً على شعور ينتابه منذ وقت طويل: إنه متعبٌ من مشاهدة واشنطن وهي تنجرف بلا تفكير في اتجاه حرب أخرى في الدول الإسلامية. قبل أربع سنوات، كما اعتقد الرئيس، كانت وزارة الدفاع قد "حشرته" في زيادة لعديد القوات في أفغانستان. والآن، في سورية، بدأ يشعر بأنه محشور مرة أخرى.
عندما عاد الرجلان إلى المكتب البيضاوي، قال الرئيس لمساعديه للأمن القومي إنه قرر التهدئة. لن يكون هناك هجوم في اليوم التالي؛ إنه يريد أن يحيل الأمر إلى الكونغرس للتصويت. وأصيب المساعدون في الغرفة بالصدمة والذهول. جادلت سوزان رايس، التي أصبحت الآن مستشارة أوباما للأمن القومي، بأن الضرر الذي سيلحق بمصداقية أميركا سيكون خطيراً ومقيماً. ووجد الآخرون صعوبة في إدراك كيف أن الرئيس يمكن أن يناقض نفسه، تماماً في اليوم السابق لضربة مخطط لها. ومع ذلك، ظل أوباما هادئاً تماماً. وأخبرني بن رودس: "لو أنك من الذين يتواجدون حوله، فإنك تعرف متى يكون متردداً إزاء شيء، عندما يكون الأمر متعلقاً بقرار 51-49، لكنه كان مرتاحاً تماماً".
قبل وقت ليس بالبعيد، كنت قد طلبت من أوباما أن يصف لي أفكاره في ذلك اليوم. وسرد لي هموماً عملية كانت قد شغلته: "كان لنا مفتشون من الأمم المتحدة موجودون على الأرض ويستكملون عملهم، ولم نستطع أن نخاطر بعمل شيء بينما كانوا هناك. وهناك عامل رئيسي آخر، هو فشل كاميرون في الحصول على موافقة من برلمانه".
أما العنصر الثالث، والأكثر أهمية، كما قال لي، فكان "تقديرنا أنه بينما نستطيع إلحاق بعض الضرر بالأسد، فإننا لا نستطيع، بهجوم صاروخي، القضاء على الأسلحة الكيميائية نفسها، وما سأواجهه بعد ذلك كان احتمال أن يزعم الأسد –إذا نجا من الضربة- أنه تحدى الولايات المتحدة بنجاح، وأن الولايات المتحدة تصرفت بشكل غير قانوني بدون تخويل من الأمم المتحدة، وكان ذلك ينطوي على إمكانية تقوية موقفه بدلاً من إضعافه".
والعنصر الرابع، كما قال لي، كان ينطوي على أهمية فلسفية أعمق. قال: "إنه شيء يندرج في فئة شيء كنت أطيل تأمله منذ وقت طويل. لقد جئت إلى المنصب مع اعتقاد قوي بأن نطاق السلطة التنفيذية في قضايا الأمن القومي واسع جداً، وإنما ليس بلا حدود". (يُتبع)
 
(1) نسبة إلى ونستون ليونارد سبنسر تشرشل (30 )تشرين الثاني (نوفمبر) 1874– 24 كانون الثاني (يناير) 1965 في لندن. كان رئيس وزراء المملكة المتحدة من العام 1940 وحتى العام 1945 (إبان الحرب العالمية الثانية). وفي العام 1951 تولى تشرشل المنصب ذاته إلى العام 1955. يُعد تشرشل أحد أبرز القادة السياسيين الذين ظهروا على الساحة السياسية خلال الحروب التي اندلعت في القرن العشرين.
(2) المانوية من العقائد الثنوية، بمعنى أنها تقوم على اعتقاد بأن العالم مركب من أصلين قديمين، أحدهما النور والآخر الظلمة. وقد تأسس المذهب في فارس في القرن الثالث على يد ماني. وانتشر في الإمبراطورية الرومانية وآسيا، ودام في تركستان الشرقية حتى القرن 13. وقد استخدمه غولدبيرغ على الأغلب لوصف فكرة تشرشل عن اعتبار الصراع العالمي مقسوماً بحدة بين النور والظلام.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
 The Obama Doctrine
======================
ديلي ستار: تواجد جيش روسيا في سوريا تحذير من بوتين بـ"حرب عالمية ثالثة"
قالت صحيفة "ديلي ستار" البريطانية إن الحملة العسكرية الروسية في سوريا كانت تحذيرًا أطلقه بوتين للعالم استعدادًا لحرب عالمية ثالثة، مشيرة إلى أن ما قامت به القوات الروسية في سوريا "بروفة حرب عالمية ثالثة".
وتابعت الصحيفة - في اخبار لها، أمس الجمعة - أن حديث بوتين عن أن الحملة العسكرية في سوريا هدفها إعداد آلته العسكرية لحرب شاملة كانت بمثابة الانفجار الذي هزّ العالم.
ولفتت الصحيفة إلى تأكيد بوتين بعد قرار إنهاء حملته العسكرية في سوريا أن الآلة العسكرية الروسية تستطيع العودة إلى سوريا خلال ساعات، مشيرة إلى أنه رغم التكلفة العالية لتواجد الطائرات الروسية في سوريا إلا أن بوتين أصر على وجودها، كنوع من التأكيد على استمرار النفوذ الروسي في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن القاعدة الجوية التي أنشأها بوتين في سوريا والتي مازالت تحت إمرته بعد سحب قواته، تستطيع تنفيذ هجمات ضد سفن حلف الناتو، وأن التجهيزات البحرية في ميناء طرطوس تمثل دعامة لقوته في المنطقة.
ورغم كل المكاسب التي حققها بوتين في حملته العسكرية التي استمرت خمسة أشهر ونصف في سوريا؛ إلا أن أكبر نجاح حققه بوتين هو تنفيذ مناورة عسكرية عملاقة تفوق نتائجها كل المناورات العسكرية التي يمكن أن تجري داخل الأراضي الروسية.
======================
واشنطن بوست: أين ستستخدم روسيا قواتها العسكرية بعد سوريا؟
كتبت صحيفة "واشنطن بوست" أن الدول المجاورة لروسيا راقبت بانتباه شديد كيف أصبحت سوريا نوعا ما ساحة لاستعراض قدرات الجيش الروسي العسكرية.
وذكرت "واشنطن بوست" في مقالة نشرت الجمعة 19 مارس/آذار أن العملية التي نفذتها القوات الجوية الروسية في سوريا سمحت بتقييم الإمكانات الحديثة للجيش الروسي المتمثلة في الصواريخ المجنحة التي تطلق من البحر والدعم اللوجستي المتطور ووحدات النخبة.
ونقلت الصحيفة عن يانيس بيرزينش، المدير المالي لمركز الأمن والدراسات الاستراتيجية التابع للأكاديمية الوطنية للدفاع في لاتفيا، قوله: "الأمر كما في لعبة كرة القدم، إذا ما أردتم اللعب أمام ألمانيا فيجب عليكم حضور ومشاهدة مباريات منتخبها، أليس كذلك؟".
وتضيف الصحيفة أن لا أحد يتوقع حربا بين روسيا ولاتفيا أو بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، لكن ومع ذلك، يشير الخبراء إلى تنامي الكفاءة المهنية للجيش الروسي بالإضافة إلى رغبة روسيا بعمل الكثير لتحقيق أهدافها.
وتقول الصحيفة، لعل الحقيقة الأكثر إثارة أصبحت الدعم اللوجستي، فالعملية العسكرية في سوريا أظهرت أن هذا الدعم عمل بشكل ممتاز في وقت كان هذا الجانب في الماضي نقطة ضعف الجيش الروسي لزمن طويل.
ونقلت الصحيفة في مقالتها عن مارك غاليوتي، أستاذ في جامعة نيويورك وخبير في القوات المسلحة الروسية، قوله: "عندما بدأ كل شيء (العملية العسكرية الروسية في سوريا) كان الاعتقاد السائد بعدم قدرة موسكو على المحافظة على وتيرة عملياتها"... "هم أثبتوا أن الأمر ليس كذلك، في بعض الحالات، حصل ذلك من خلال الخطوات الخشنة، ولكن المهم هو النتيجة، هكذا كان أبدا النهج الروسي".
ويرى الخبير أن روسيا حاليا تستطيع استخدام قدراتها العسكرية في عمليات مكافحة الإرهاب في آسيا الوسطى وأفغانستان.
======================
مجلة الإيكونومست البريطانية .. 4 أسباب وراء الإنسحاب الروسي من سوريا
قالت مجلة الإيكونومست البريطانية، إن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب جزء من قواته من سوريا، بحجة أنها أنجزت مهمتها؛ كان فاضحا لنواياه من التدخل في سوريا في الأساس، فقد ذهبت أدراج الرياح أية محاولة للتشبث بالتصور الخيالي الذى مفاده أن التدخل كان يهدف في المقام الأول لتوجيه الضربات لتنظيم الدولة وليس للإبقاء على رئيس النظام السوري بشار الأسد.
جاء ذلك في تحليل نشرته المجلة، تناول القرار الروسي المفاجئ بالانسحاب من سوريا وتخلي الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن القوة الصلبة لصالح القوة الناعمة.
ووضع التحليل 4 أسباب لتفسر السبب وراء اتخاذ الرئيس الروسي لمثل هذا القرار وفي مثل هذا التوقيت.
وقالت الإيكونمست إن لا شيء يحلو للرئيس الروسى قدر أخذ الجميع على حين غرة، ربما باستثناء إظهار أن بلاده هي لاعب مستقل على الساحة الدولية ويتعين أخذها على محمل الجد، وهكذا فإن إعلان الكرملين في الرابع عشر من الشهر الجارى عن السحب الجزئي للقوات الروسية في سوريا يأتي ليؤكد على شخصية بوتين في هذا الصدد.
وأضافت المجلة أن الرسالة التي بعث بها بوتين هي أنه قد تم تحقيق الأهداف العسكرية الروسية وأنه قد حان الوقت الآن لدعم محادثات السلام في جنيف التي كان من المقرر استئنافها في ذاك اليوم، والأهم أنه ترك الجميع في حيرة من نواياه الحقيقية وتحركه التالي.
وترى المجلة أن هناك عدد من الأمور التي يمكن تفسيرها من خطوة بوتين، أولها أن روسيا لن تسحب قوتها بصورة كاملة، بل سوف تحتفظ بوجود بحري في طرطوس، وستواصل 12 طائرة نفاثة روسية على الأقل تحليقها من قاعدتها الجوية في اللاذقية، وسيبقى حوالى ألف مستشار عسكري وفرد من القوات الخاصة الروسية في البلاد، فضلا عن الاحتفاظ بنظام الدفاع الجوي طراز أس – 400 الذى تم تركيبه حديثا والذى يغطي البلاد من شمالها إلى غربها في موضعه.
وذكرت “الإيكونوميست” أنه في حالة انهيار “وقف الأعمال العدائية” الهش الذى توسطت فيه روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في الشهر الماضى، فإن الوضع في سوريا قد يتصاعد من جديد على وجه السرعة، بيد أنه بالنسبة للوقت الحالي فإن روسيا تستطيع تخفيض مبلغ الثلاثة ملايين دولار أمريكي وهو ما يعادل التكلفة اليومية لعمليتها العسكرية في الوقت الذى تحتفظ فيه بقدر كبير من النفوذ الذى اكتسبته في المنطقة.
وذكرت المجلة أن الأمر الثاني الذى يمكن تفسيره من قرار بوتين المفاجئ بالانسحاب من سوريا هو أن كذب إدعاء بوتين بأن قواته أن التدخل كان يهدف في المقام الأول لتوجيه الضربات لتنظيم الدولة وليس للإبقاء على نظام بشار الأسد المستبد الذى كان مهددا بالسقوط.
وأكدت الإيكونوميست على أن الطلعات التي قامت بها الطائرات الروسية التي بلغ عددها تسعة آلاف طلعة أو نحو ذلك منذ شهر أكتوبر الماضى قد غيرت التوازن العسكري ورجحت كفة النظام السوري، وكان سيرجي شوجو وزير الدفاع الروسي قد تباهى بأن قواته ساعدت النظام السورى في استعادة ما يزيد على 400 “منطقة مأهولة” و4000 ميل مربع من الأراضي.
ومن وجهة نظر المجلة فإنه في الوقت الذي كان البقاء على النظام السوري في السلطة يمثل هدفا فإنه بات من الواضح الآن أن بوتين لا يميل قط لمنح الأسد هذا النوع من الضوء الأخضر من الناحية العسكرية لاستعادة كل الأراضي السورية أو حتى معظمها.
ولفتت المجلة إلى أن حديث الأسد المستأسد خلال الأسابيع القليلة الماضية وعدم استعداده للمشاركة مشاركة جادة في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لم يرق للكرملين على ما يبدو.
وترى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان هذا يعني كما يعتقد البعض أن بوتين على استعداد للتخلي عن الأسد طالما ضمن أن يكون له رأى فيمن سيخلفه، وهكذا يتم تذكرة الأسد أنه من الصغر بحيث يتعذر عليه تحريك خيوط الدب الروسى بيديه.
وأضافت المجلة أن هذا يقود إلى السبب الثالث الذي يفسر تحرك بوتين المفاجئ، فمن المعروف أن “جون كيرى” وزير الخارجية الأمريكية ونظيره الروسى “سيرجي لافروف” ناقشا معا إمكانية إقامة هيكل فيدرالي في سوريا باعتبار ذلك الوسيلة الوحيدة لإحلال السلام.
وشددت المجلة على أن الخطوط العريضة لتقسيم سوريا يحظى بقبول روسيا بالفعل، إذ ستسيطر الطائفة العلوية التي تمثل أقلية في سوريا المدعومة من قبل روسيا وإيران على الأراضي الواقعة باتجاه الغرب والتي تمتد تقريبا من اللاذقية في الشمال حتى دمشق في الجنوب، وسيتم إقامة منطقة مستقلة للأكراد في سوريا في المناطق الشمالية والشرقية وستُعرف باسم “روجاوا”، وسيتم ترك سائر الأراضى في البلاد للمعارضة السنية التي ستحصل على المساعدة من القوة الجوية الغربية والروسية لطرد تنظيم الدولة من معقله في الرقة.
ومع ذلك ترى المجلة أنه لسوء الحظ فإن الوقائع على الأرض لا تؤيد بعد مثل هذا الحل البسيط. وتستعرض المجلة العقبات التي تعتري سبيل التوصل إلى مثل هذا الحل وترى أن أحد هذه العقبات هو أن بعضا من المدن الكبيرة مثل حلب وحمص لا تزال هدفا للمنافسة الشرسة، فخلال الأسابيع القليلة الماضية كادت القوات الموالية للنظام السورى أن تطوق حلب.
وتابعت المجلة بأن السبب الرابع الذى قد يفسر قرار بوتين الانسحاب من سوريا هو أن المستشارين العسكريين الروس والإيرانيين قد لا يثقون ثقة كبيرة في قدرة الجيش السوري الذى انهكه الصراع المستمر منذ خمسة أعوام، ومجموعة من الميليشيات الشيعية على شن هجوم ناجح ضد المدينة المحصنة الدفاعات، وكان الإيرانيون قد سحبوا في هدوء أيضا بعضا من مستشاريهم مع تزايد خسائرهم في أرض المعركة.
وذكرت المجلة أنه من السابق لأوانه معرفة ما يعنيه ذلك للمحادثات في جنيف، فلا تزال إيران والسعودية على خلاف مع بعضهما البعض في الوقت الذى بات فيه الصراع بين تركيا والأكراد أشد ضراوة.
وتختتم المجلة تحليلها بالإشارة إلى أنه على الرغم من رسالة بوتين الضمنية لكل من الأسد والمعارضة والتي مفادها أن على كل منهما ألا يتوقع الحصول على ما يريده، فإنه لا تلوح في الأفق أية بادرة قوية على أن أيا منهما على استعداد للتوصل إلى حل وسط.
=====================