الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 20/7/2016

سوريا في الصحافة العالمية 20/7/2016

21.07.2016
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة البريطانية
  • الاوبزورفر :بوتين روسيا يتصرف كقيصر روما والأسد هو "التابع"
  • فايننشال تايمز: ما هي دلالات إعلان مقتل الشيشاني؟
  • ميدل إيست مونيتور :من نيس إلى الشرق الأوسط: السبيل الوحيد لتحدي داعش
 
الصحافة الفرنسية
  • لموند الفرنسية :كارين أكوكا :أبواب أوروبا مقفلة أمام اللجوء السياسي والهجرة الاقتصاديّة
  • لوفيغارو : انتقادات لأوباما وهولاند واندفاعهما لزعزعة استقرار سورية
 
الصحافة العبرية
  • هآرتس :موشيه آرنس  19/7/2016 :بين نيس والرقة
  • هآرتس 19/7/2016 :بين النظام والتنظيم! الحرب ضد «داعش» دولية أما الحرب السورية فهي أزمة سياسية داخلية
 
الصحافة الامريكية
  • «جورج فريدمان»: التداعيات المحلية والجيوسياسية للانقلاب الفاشل في تركيا
  • فورين بولسي :ازمة اللاجئين في اوروبا وكيفية الحل
  • معهد واشنطن :إيران لا تزال تشكل تهديداً من وجهة نظر إسرائيل
  • وول ستريت جورنال :رغم فشل الانقلاب.. هل تتغير مواقف تركيا تجاه سوريا؟
  • واشنطن بوست: الطيران الأمريكي استخدم قنابل عنقودية ضد منبج
  • الانتلانتك :ما الخطوة التالية بالنسبة لسوريا؟
 
الصحافة البريطانية
الاوبزورفر :بوتين روسيا يتصرف كقيصر روما والأسد هو "التابع"
الثلاثاء 19 تموز 2016
 Observer   - ترجمة بلدي نيوز
تاريخياً، في العلاقات السلطوية السياسية المتعددة الأحزاب، لطالما كان هناك حزب واحد في كثير من الأحيان أقوى من بقية الأحزاب، ولقد اعتاد الرومان على دعوة تلك الأحزاب الأضعف بـ"التوابع"، حيث لم تنافس تلك "التوابع" روما على السلطة أو البروز، فلقد عرفت مكانتها، في حين كانت روما بوضوح ودون أي منازع المضيف القوي، لقد تم تحديد أدوار أولئك "التوابع" بينما تمّ التّصدّق عليهم من قبل روما.
وفي أجزاء معينة من الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا، احتلت روسيا دور روما الآن، إذ أن روسيا هي "السيد" في مثل هذه الألاعيب في العلاقات، حيث جمع الروس ما بين القوة والنفوذ باستخدام النموذج ذاته الذي استخدمه الرومان ومع نفس النجاح، اليوم، روسيا هي الملك ، وكما هو الحال في الأيام الغابرة، فإن "التابع" يفعل ما هو متوقع منه تماماً، في مقابل حصوله على الحماية، إن المعادلة بسيطة جدا، ولكن من الصعب أن تكون متكافئة.
لقد كان الغرض الروسي يتجلى في تعليم الأسد الدرس الأساسي: "أنت ملكنا، ولست شيئاً من دوننا"، كما قامت روسيا بالتوضيح للسفاح بشار الأسد بأنه وعلى الرغم من أنه قد يحمل لقب الرئيس، فإن لقبه ذلك لا يعني أي شيء، فروسيا من تسيطر على ما يحدث في سوريا، وفلاديمير بوتين من يمسك بزمام الأمور، الأسد هو دمية له فقط.
لقد قررت روسيا مؤخراً تذكير الأسد بعلاقتها الخاصة، في خطوة تذكّر بالطريقة التي تمت فيها إزالة سلفه ميخائيل غورباتشوف من السلطة، فقد أعطى بوتين لبشار الأسد درساً واقعياً، تمّ وصف هذه الأحداث في تقرير للمخابرات في اللغة العبرية والذي أنتجه موقع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "ديبكا"، حيث كتبت وكالة AP مقالة قصيرة جداً عنه، وبعد ذلك كل من موقع FoxNews وCBSNews حيث نشرتا مقالتين بشأن هذه المسألة، وبربط كل ذلك معاً، فإن هذا هو ما حدث:
قام ضابط روسي صغير بالاتصال بالقصر السوري الرئاسي، قائلاً بأن لديه رسالة مهمة للغاية للرئيس بنفسه، وأضاف بأن هذه الرسالة هامة وحساسة للغاية وليس من المفترض لأي أحد سماعها، سوى أذن الرئيس السوري نفسه، وقام الأسد بابتلاع الطعم متلقياً تلك المكالمة، ومن ثم تم تعليقه بطرف "السنارة" وسحبه كسمكة صغيرة.
لقد أخبر الرسول الروسي الرئيس بأن هنالك ضيفاً خاصاً جداً، وصل لتوه إلى سوريا، حيث يحتاج ذلك الضيف للتحدث إليه مباشرة، وجهاً لوجه في القاعدة الجوية الروسية في محافظة اللاذقية شمال غرب سوريا، ولن يسمح بأي من المستشارين أو أي فريق آخر بمرافقة الرئيس، لن يسمح سوى بأفراد أمنه الشخصيين والمترجم العربي-الروسي الخاص بمرافقته.
الأسد، بطبيعة الحال، افترض بأن الرئيس الروسي بوتين بنفسه، قد وصل سراً إلى سوريا لتقديم رسالة هامة من الدعم، حيث قام بسرعة بالقفز في طائرته الخاصة متوجهاً إلى القاعدة الروسية حيث تم استقبال طائرته، وعند نزوله، تم نقله إلى منزل قائد القاعدة الروسية، في الوقت نفسه فإن فريق أمن الأسد، لم يسمح له حينها بالنزول من الطائرة ومرافقته، فقط المترجم من رافقه، لقد ظن الأسد بأن ذلك الأمر كان حساساً جدا لأي شخص آخر أن يسمع به، وعندما دخل الأسد إلى المنزل، فوجئ بعدم رؤية فلاديمير بوتين، ولكن سيرجي شويجو وزير الدفاع الروسي.
بمجرد أن يتمّ تجريد أي قائد من المعرفة الأساسية للأمور، وما أن يصبح وحيداً بمفرده، دون وجود أي حراسة أمنية أو حاشية، ولو للحظة واحدة أو حدث معين، فإنه يتوقف حينها عن كونه قائداً، عند هذه النقطة، يتحول أي زعيم ليصبح تابعاً، وهذا ما حدث تفصيلاً.
لقد كان الغرض الروسي من هذه الحادثة يتجلى في تعليم الأسد درسا مهماً، أنت ملكنا، أنت لا شيء دوننا، ومهما كان رأيك فيما يحدث من حولك، فإنه لن يغيّر أي شيء، أنت كأي شخص آخر، تقوم بتلقي المعلومات على أساس رؤيتنا بأن هنالك حاجة لاطّلاعك عليها، و روسيا فقط هي من تقرر ما يجب أن تعرفه، ومتى يتوجب أن تعرفه، وهي من ستقوم باطلاعكم.
إن القول بأن الرئيس السوري بشار الأسد، نجل حافظ الأسد، كان خانعاً هو أمر بديهي جداً، فقد كان واقفاً هناك وحده وبمفرده، مجرّد سياسياً، وعارٍ تماماً أمام نظيره الروسي الأعلى مكانة.
ليس هنالك من شك، بأن روسيا في الوقت الراهن، تحتاج الأسد ليقف كتمثال في مقدمة السفينة، إذ وفي وجهة نظرهم، ليس هنالك من شخصية سورية أخرى، قادرة على تقديم المزيد من التنازلات والتبعية بالطريقة التي قام الأسد بها، ولكن على الأسد أن يفعل كل ما يؤمر بالقيام به، لا أكثر ولا أقل، وإذا وجدت تلك اللحظة حيث ترى فيها روسيا أن لا فائدة لروسيا من الأسد، فمن الواضح الآن تماما بالنسبة للأسد، وبالنسبة لنا جميعا كمراقبين للوضع في سوريا، بأنه يمكن وبإجراءات موجزة فقط، وربما بشكل غير رسمي، الاستغناء عنه مباشرة.
========================
فايننشال تايمز: ما هي دلالات إعلان مقتل الشيشاني؟
– POSTED ON 2016/07/20
بلال ياسين: عربي21
ترى الكاتبة إريكا سولومون في صحيفة “فايننشال تايمز” أن رحيل وزير الحرب في تنظيم الدولة أبي عمر الشيشاني يعد خسارة قد تشكل ضربة قوية لمعنويات التنظيم.
ويشير التقرير إلى أن وكالة “أعماق”، التابعة لتنظيم الدولة، أعلنت يوم الأربعاء أن القيادي الجذاب وذا اللحية الحمراء الشيشاني، قتل في غارة جوية أمريكية، في بلدة الشرقات القريبة من الموصل، لافتا إلى أن الوكالة ذكرت أن الشيشاني مات وهو يقاتل على الخطوط الأمامية.
وتذكر الصحيفة أن تأكيد الوكالة لمقتله جاء بعد أشهر من التكهنات حول مصيره، حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” في آذار/ مارس، إن الشيشاني ربما قُتل في غارة على البلدة السورية الشدادي، مشيرة إلى أن الشيشاني واسمه الحقيقي طرخان باتريشافيلي، الذي يعتقد أنه في الثلاثينيات من عمره، يعد من الشخصيات المطلوبة لدى الولايات المتحدة، التي رصدت جائزة قيمتها 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه.
وتقول سولومون إن إعلان وفاة الشيشاني يأتي في وقت يخسر فيه التنظيم مدنا وبلدات أمام التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، حيث خسر التنظيم نسبة 12% من أراضيه هذا العام، بحسب تقديرات شركة الاستشارات الأمنية “آي أتش أس”.
وينقل التقرير، الذي ترجمته “عربي21، عن الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، قوله: “أعتقد أن وفاة الشيشاني ستؤدي إلى هجرة المقاتلين من الشيشان والقوقاز، الذين لم يعودوا مقتنعين بالقتال، حيث وصف العراقيون والسوريون، الذين انشقوا عن التنظيم، المقاتلين من القوقاز بأنهم من أشد المقاتلين بأسا”.
وتلفت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة لديه العديد من القادة العسكريين الذين ينظمون العمليات، حيث تحول إلى منظمة شبه لامركزية؛ بسبب الضغوط الدولية التي يتعرض لها، منوهة إلى أن الهاشمي يعتقد أنه لن يتغير الكثير على استراتيجية التنظيم بوفاة الشيشاني، مستدركا بأنها “ستؤدي إلى أزمة؛ لأنه من الصعب استبداله بقائد جديد، يمكن أن يكون مصدرا للجاذبية والإلهام، الذي كان يتميز به، الأمر الذي يفتقده الآخرون”.
وتفيد الكاتبة بأن داعمي التنظيم والمتعاطفين معه تبادلوا صور الشيشاني على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثنوا على مآثره، لافتة إلى أنه من بين الصور المتداولة كانت هناك صورة لجثته، رغم أنه لم يتم التأكد من صحتها.
ويورد التقرير نقلا عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، قوله إنه أعلن عن مقتل الشيشاني عبر مكبرات الصوت في شوارع مدينة الرقة، عاصمة ما تطلق على نفسها الدولة الإسلامية.
وتنوه الصحيفة إلى أن الشيشاني ولد في جورجيا، وتجند في جيشها عام 2006، وقاتل ضد الجيش الروسي، وسرح من الجيش لاحقا، وفي عام 2010  قضى عاما في السجن؛ بسبب حيازته للسلاح، وبعد ذلك هرب إلى سوريا عام 2012، وبايع زعيم تنظيم الدولة أبا بكر البغدادي.
وتنقل سولومون عن مقاتلين سابقين في تنظيم الدولة قولهم إن الشيشاني أدى دور المستشار للبغدادي، وكان قائدا بارزا، وظهر في فيلم أعده التنظيم تحت عنوان “نهاية سايكس بيكو”، وقام بتجريف الحدود التي تفصل العراق وسوريا.
وتختم “فايننشال تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن منشقا من دير الزور قال عن الشيشاني: “وصفه القادة الذين قاتلنا معهم، بأنه القائد الذي يخوض المعركة بحق، ولديه تفكير عسكري عظيم”، وأضاف أن “خسارة شخص مثله ليست خسارة قائد، بل هي خسارة رمز”.
========================
ميدل إيست مونيتور :من نيس إلى الشرق الأوسط: السبيل الوحيد لتحدي داعش
 – إيوان24
زرتُ العراق في عام 1999. في ذلك الوقت، لم يكن هناك ما يسمى “الجهاديين” الذين يتبنون مبادئ “الجهادية”، أيًا كان تفسيرها. وعلى مشارف بغداد كان هناك معسكر تدريب عسكري، ليس لتنظيم القاعدة، ولكن لحركة مجاهدي خلق، وهي جماعة إيرانية مسلّحة عملت، بتمويل وأسلحة أجنبية، على قلب نظام الجمهورية الإيرانية.
في ذلك الوقت، استخدم الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، هذه الحركة لتصفية الحسابات مع خصومه في طهران، الذين احتضنوا أيضًا هذه الميليشيات المناهضة للحكومة العراقية لتحقيق نفس الغرض.
لم تكن الأجواء سلمية في العراق في ذلك الحين. ولكن معظم القنابل التي انفجرت في ذلك البلد كانت قنابل أمريكية. في الواقع، عندما كان العراقيون يتحدثون عن “الإرهاب”، كانوا يشيرون فقط إلى ”الإرهاب الأمريكي.”
في الواقع، لم تكن التفجيرات الانتحارية تقع بشكل يومي، بل لم تكن تحدث بالأساس، في أي مكان في العراق. ولكن مع غزو الولايات المتحدة لأفغانستان في عام 2001 وبعدها العراق في عام 2003، انفتحت أبواب الجحيم
شهدت السنوات الخمس والعشرين السابقة حتى عام 2008 وقوع 1840 هجمة إرهابية، وفقًا لبيانات جمعها الخبراء في حكومة الولايات المتحدة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست“. وقعت 86 بالمئة من هذه الهجمات بعد الغزو الأمريكية لأفغانستان والعراق. في الواقع، بين عام 2001 ونشر البيانات في عام 2008، وقعت 920 عملية انتحارية في العراق و260 في أفغانستان.
ظهرت صورة أكمل في عام 2010، مع نشر المزيد من الأبحاث المفصلة التي أجرتها جامعة شيكاغو ضمن مشروع الأمن والإرهاب.
واتضح أنَّ: “أكثر من 95 بالمئة من كل الهجمات الانتحارية كانت رد فعل على الاحتلال الأجنبي.”
كتب روبرت بيب في صحيفة فورين بوليسي: “مع احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق، ارتفع عدد الهجمات الانتحارية في جميع أنحاء العالم بشكل كبير، من حوالي 300 هجوم انتحاري (1980-2003) إلى 1800 هجوم (2004-2009).
خلص التقرير إلى أنَّ “أكثر من 90 بالمئة من الهجمات الانتحارية في جميع أنحاء العالم مناهضة للولايات المتحدة. الغالبية العظمى من الإرهابيين الانتحاريين يأتون من المناطق المحلية المهددة من قِبل القوات الأجنبية، وهذا هو السبب في أنَّ 90 بالمئة من المهاجمين الانتحاريين في أفغانستان هم من الأفغان.”
عندما زرتُ العراق عام 1999، كان “تنظيم القاعدة” مجرد اسم على نشرات الأخبار في التلفزيون العراقي، يشير إلى مجموعة من المسلّحين يعملون في أفغانستان. تأسس هذا التنظيم بغرض توحيد المقاتلين العرب ضد الوجود السوفيتي في ذلك البلد، وتمّ تجاهلهم إلى حد كبير كتهديد خطير للأمن العالمي في ذلك الوقت.
بعد سنوات من مغادرة السوفييت أفغانستان في عام 1988، أصبح “تنظيم القاعدة” ظاهرة عالمية. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، الاستجابات الخفية من الولايات المتحدة – غزو وتدمير الدول- خلقت الملاذ الذي يتبناه التشدد والإرهاب اليوم.
وفي وقت قصير، في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق، أمد “تنظيم القاعدة” بظلاله القاتمة على البلد الذي كان يعاني من عدد في القتلى تجاوز مئات الآلاف.
من الصعب متابعة مسألة تشكيل وصعود داعش، التنظيم الأكثر دموية بين كل هذه المجموعات التي انبثقت في الغالب من تنظيم القاعدة في العراق، الذي هو نتاج الغزو الأمريكي كذلك.
تنظيم داعش هو نتاج وحدة مختلف المجموعات المتطرفة في أكتوبر 2006، عندما انضم “تنظيم القاعدة” في بلاد ما بين النهرين إلى صفوف “مجلس شورى المجاهدين في العراق”، و”جند الشهباء” و “دولة العراق الإسلامية”.
ظهر تنظيم “داعش” منذ ذلك الحين، بمختلف أشكاله وقدراته، ولكنه قفز إلى مكان الحادث كمنظمة عنيفة مروعة لديها طموحات إقليمية عندما تحوّلت الانتفاضة السورية إلى ساحة قاتلة للمنافسات الإقليمية. ما كان موجودًا “كدولة” على مستوى ظاهري تحولت إلى مجرد قطعة من الأرض وحقول النفط والأحكام العرفية.
من السهل وربما من المريح أن ننسى كل هذا؛ فالربط بين النقاط يمكن أن يكون مكلّفًا بالنسبة للبعض، لأنّه سيكشف مسار العنف المتجذر في التدخل الأجنبي. بالنسبة لكثير من المعلقين الغربيين والسياسيين من الأسهل بكثير – ناهيك عن أنّه أكثر أمنًا – مناقشة داعش ضمن سياقات غير عملية، ضمن الإسلام على سبيل المثال،  من تحمل المسؤولية الأخلاقية.
أشفق على هؤلاء الباحثين الذين قضوا سنوات في دراسة أطروحة داعش كلاهوت ديني أو في دراسة داعش ونهاية العالم. وهم بذلك عاجزون عن فهم الصورة الكلية لتلك المسألة. ما جدوى ذلك على أية حال؟
لقد رافق التدخلات العسكرية والسياسية الأمريكية محاولة التدخل أيضًا في المناهج الدراسية للبلدان؛ فالحرب على أفغانستان تبعتها أيضًا حربً على “المدارس” و “العلماء” المتمردين. ولم تكن هناك أي جدوى من ذلك؛ بل أتت بنتائج عكسية، لأنها ضاعفت من الشعور بالخطر والمعاناة بين عشرات الملايين من المسلمين في جميع أنحاء العالم.
تنظيم داعش ما هو إلّا اسم يمكنه تغيير علامته التجارية دون سابق إنذار إلى شيء مختلف تمامًا. تكتيكاتهم، أيضًا، يمكن أن تتغيّر بحسب الوقت والظروف. يمكن لأتباعهم نشر العنف باستخدام حزام ناسف، أو سيارة محملة بالمتفجرات، أو حتى سكين، أو عبر شاحنة تتحرك بسرعة عالية.
إنَّ ما يهم حقًا هو أنَّ داعش نما ليصبح ظاهرة، أو فكرة لا تقتصر على مجموعة واحدة ولا تحتاج إلى عضوية رسمية، ونقل الأموال أو الأسلحة.
وهذه ليست حقيقة عادية، ولكن في نهج أكثر عقلانية يجب أن تمثل جوهر المعركة ضد داعش.
عندما دهس سائق شاحنة فرنسي-تونسي حشدًا من الناس الذين يحتفلون في شوارع نيس، تحركت الشرطة الفرنسية بسرعة لإيجاد صلات له بتنظيم داعش، أو أي جماعة أخرى. ولم تكشف عن أدلة على الفور، ولكن، بشكل غريب، أعلن الرئيس فرانسوا هولاند عن نواياه للرد عسكريًا.
هذه مجرد تفاهة وقِصر في النظر. ما الأمر الجيّد الذي حققته المغامرة العسكرية الفرنسية في السنوات الأخيرة؟ لقد تحوّلت ليبيا إلى واحة من الفوضى حيث يسيطر تنظيم داعش على بلدات بأكملها. ويبقى العراق وسوريا أماكن للعنف بلا هوادة.
ماذا عن مالي؟ ربما كان الفرنسيون أفضل حظًا هناك.
في مقالة له بموقع الجزيرة، وصف بيب سامبا كين الواقع الرهيب في مالي بعد التدخل الفرنسي في يناير عام 2003. ومنها ما يسمى بــ “عملية سرفال” تحوّلت إلى “عملية بارخاني” ولم تصبح مالي مكانًا آمنًا ولم تغادر القوات الفرنسية البلاد.
الفرنسيون، بحسب كين، محتلون وليسوا محرّرين، ووفقًا لجميع البيانات المنطقية – مثل تلك المبينة أعلاه – نحن جميعًا نعرف ما يفعله الاحتلال الأجنبي.
والسؤال الذي يطرحه الشعب المالي على أنفسهم هو، كما كتب كين: “هل هم يفضلون اللجوء إلى القتال ضد الجهاديين لفترة طويلة، أم تحدي سيادتهم واحتلال أراضيهم وتقسيمها من قِبل دولة استعمارية قديمة من أجل إرضاء مجموعة متحالفة مع القوة الاستعمارية؟
لكنَّ الفرنسيين، مثل الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم، يستمرون في التهرب من هذه الحقيقة الواضحة عن مخاطرهم الخاصة. ومن خلال رفضهم قبول حقيقة أنَّ داعش ليست سوى عنصرًا من مسار أكبر ومثير للقلق من العنف المتجذر في التدخل الأجنبي، فهم يسمحون باستمرار العنف في كل مكان.
إنَّ هزيمة داعش تتطلب منا مواجهة وهزيمة التفكير الذي أدى إلى صعود التنظيم بالأساس: هزيمة منطق جورج دبليو بوش، وتوني بلير وجون هوارد لهذا العالم.
مهما كان عنف أعضاء داعش أو مؤيديه، فهذا التنظيم في نهاية المطاف هو مجرد مجموعة من الشباب الغاضبين، الساخطين، الذي يسعون إلى تغيير الوضع اليائس من خلال القيام بأعمال انتقامية حقيرة، حتى لو كان ذلك يعني إنهاء حياتهم في هذه العملية.
قصف معسكرات داعش قد يدمر بعض المنشآت العسكرية ولكنه لن يقضي على الفكرة التي سمحت لهم بتجنيد آلاف الشباب في جميع أنحاء العالم.
إنهم نتاج التفكير العنيف الذي وُلِد، ليس فقط في الشرق الأوسط لكن، في البداية، في مختلف العواصم الغربية.
لن يتلاشى داعش تدريجيًا ويموت عندما يفقد قادته جاذبيتهم وقدرتهم على تجنيد شباب يبحثون عن إجابات لأسئلتهم ويسعون وراء الانتقام.
لقد أثبت خيار الحرب عدم فعاليته. وسيبقى داعش وسيتغيّر إذا لزم الأمر، طالما بقيت الحرب هي الخيار الرئيسي. إنّه لكي نقضي على داعش حقًا، يجب علينا إنهاء الحرب والاحتلال الأجنبي.
نعم، إنَّ الأمر بهذه البساطة.
========================
الصحافة الفرنسية
 
لموند الفرنسية :كارين أكوكا :أبواب أوروبا مقفلة أمام اللجوء السياسي والهجرة الاقتصاديّة
النسخة: الورقية - دولي الأربعاء، ٢٠ يوليو/ تموز ٢٠١٦ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
ليست عبارات مثل «أزمة اللاجئين» في محلّها. فهي تشير الى أن ثمة ارتفاعاً استثنائياً في عدد الغرباء الذين بلغوا أوروبا، وأنهم يهددون أنظمتها الاجتماعية – الاقتصادية. وهذا يخالف الصواب. ووصل مليون مهاجر الى الاتحاد الأوروبي في 2015، ونسبتهم من مجمل سكان الاتحاد هي 0.2 في المئة. وأوروبا تحتاج الى المهاجرين للحفاظ على توازنها السكاني وعلى التوازن بين من هم في سوق العمل ومن هم خارجها. وإذا رغبت فرنسا في تمويل تقاعد المتقدمين في السن أو تعليم الشباب اليافع، وجب عليها استقبال اللاجئين.
وعلى خلاف الفكرة الراسخة، ليس المهاجرون عبئاً، ولا علاقة سببية بينهم وبين البطالة والهجرة. ومساهمة المهاجرين في الاقتصاد يعتد بها. والكلام على أزمة مهاجرين يفتقر الى الإنسانية في وقت أن 10 آلاف شخص غرقوا في المتوسط منذ 2014 الى مطلع حزيران (يونيو) 2015. وتركت أوروبا اللاجئين يتكدســون في لبنان والأردن وتركيا، وهم قنبلة موقوتة في هذه الدول ومصدر نزاعات وخلل جغرافي – سياسي كبير. ويبذل الاتحاد الأوروبي مبالغ ضخمة على مراكز اعتقال اللاجئين وبطاقات ترحيلهم وتكنولوجيا تحسين أمن الحدود، عوض إنفاقها على استقبالهم. ووراء كلمة «أزمة» فكرة الطفح. ومنذ نهاية السبعينات، ينظر الى الهجرة على أنها مشكلة.
ومذذاك تسعى السلطات الى «حلول» تقلّص عدد المهاجرين. لكن التاريخ شاهد على أن المشكلة لا تنجم عن المهاجرين بل عن سوء الإعداد لاستقبالهم. وبلوغ مليون روسي إسرائيل (وكان عدد سكانها 6 ملايين) في التسعينات لم يؤدّ الى أزمة. ويعود عدد اللاجئين الكبير الذين ينامون في الأماكن العامة في باريس الى اضطرار رجال ونساء وأولاد الى التجمع في مكان واحد نتيجة إغلاق الحدود والحؤول دون انتقالهم الى حيث يجدون مكاناً يلائم خبراتهم وتجاربهم. وهم يتجمعون في الأماكن العامة حيث تغلق الحدود، أي في كاليه ولسبوس وسبتة ولامبيدوزا. وميزت قناة «الجزيرة» بين لاجئ ومهاجر. وكأن المهاجر الذي يبحث عن لقمة عيش أقل شأناً من ذلك الذي يهرب حفاظاً على حياته. والتمييز بين لاجئ ومهاجر لا تقوم له قائمة. فالناس تهرب لأسباب هي، في آن، سياسية واقتصادية. وتعريف اتفاق جنيف في 1951 اللاجئ يرسخ تراتبية غربية موروثة من الحرب الباردة: الحقوق المدنية (الهرب من نظام سوفياتي أو شمولي) أعلى كعباً من الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية. لكن هذا التعريف ليس بائتاً، ولم ينقض. فاللاجئون في الحرب الباردة لم يكن جلّهم من المناضلين الهاربين من دولهم لأسباب سياسية، على رغم الاحتفاء بالمعارضين السياسيين اللاجئين واعتبار أن هربهم دليل على تفوّق الأيديولوجيا الرأسمالية على الأيديولوجيا السوفياتية. لكن المصاعب التي حملت المجريين والتشيخيين والفيتناميين على وضع الرحال في أوروبا الغربية ليست سياسية فحسب، بل كانت مزيجاً من عنف سياسي وعنف اجتماعي - اقتصادي جماعي- وفردي.
والاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا المبرم في 18 آذار (مارس) المنصرم، يقضي بترحيل كل من يبلغ اليونان الى تركيا. وهو لا يميز بين لاجئ «حسن وآخر سيئ، بل يعيد على أعقابهم كل المهاجرين سواء كانوا طالبي لجوء أو طالبي العيش الكريم. ويشمل الاتفاق اللاجئين من دول مثل أريتريا وسورية على رغم أنهم غالباً ما يحظون بحماية قضائية في الاتحاد الأوروبي. وهذا الاتفاق يطيح حق طلب اللجوء حين بلوغ البر الأوروبي.
 
 
* دارسة اجتماعيات، أستاذة محاضرة في العلوم السياسية في جامعة باري - أويست نانتير، باحثة، عن «لوموند» الفرنسية، 9/7/2016، إعداد منال نحاس
========================
لوفيغارو : انتقادات لأوباما وهولاند واندفاعهما لزعزعة استقرار سورية
19.7.2016
انتقد الجنرال الفرنسي جان برنار بيناتيل الخبير في الشؤون الجيو-سياسية الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عندما اندفعا لزعزعة استقرار الدولة السورية العلمانية.
وأشار الجنرال بيناتيل في مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إلى أن الدولة السورية كانت منذ البدايات تحارب الإرهاب والتطرف في منطقة تعاني أساساً من الإرهاب منذ ثلاثة قرون.
الجنرال بيناتيل وهو مؤلف كتاب «أوراق الحروب والأزمات» الصادر في عام 2014، انتقد أيضاً السياسة التي ينتهجها المسؤولون الفرنسيون بشأن تجاهلهم خطورة البعد الديني للدعوة الوهابية التي تعم أرجاء فرنسا، ودعا إلى محاربة الفكر الوهابي الذي ينشره أئمة المساجد في فرنسا هذا الفكر الذي نجح في استمالة الشبان إلى هذا التيار المتطرف ويتخذ من «الجهاد» أولوية كما دعا إلى اتباع الخيارات العسكرية للتصدي للإرهاب.
ورأى الجنرال الفرنسي أن الوهابية تيار يشن حرباً أهلية عالمية تحمل في طياتها صبغة دينية من أجل توحيد الصفوف ضد ما تسميه «الكفار» و«المشركين» في العالم أجمع وأن الخطاب الوهابي سيستمر بالتمدد وسيلقى قبولاً في المجتمعات الغربية حيث إن الشبان مستعدون لتنفيذ عمليات إرهابية انتحارية، داعياً إلى اتخاذ التدابير اللازمة لدى الدول الأوروبية لحماية المواقع الحساسة من الهجمات الإرهابية المحتملة.
وختم الجنرال بيناتيل بالقول: لا يمكن للعلمانية والديمقراطية أن تنجحا في اجتثاث «الأصولية» ما لم يتحلَ الحكام الغربيون بالأخلاق والقيم، متسائلاً باستهجان: كيف يمكن لحلاق الرئيس هولاند أن يتقاضى ثلاثة أضعاف الراتب الذي يتقاضاه الجندي المكلّف حمايتنا؟!.
========================
 
الصحافة العبرية
هآرتس :موشيه آرنس  19/7/2016 :بين نيس والرقة
الغد
هل فكرتم ذات مرة في استخدام السيارة كسلاح؟ الشخص الذي يجلس وراء المقود يمكنه القتل، ليس خطأ بل بشكل متعمد. الأمر تم على أيدي الاسلاميين عددا من المرات في السنة الماضية، لكن كل ما حدث لم يصل الى مستوى جنون محمد لحياج بوهلال على طول كيلومترين في المتنزه في نيس في 14 تموز.
الفرنسيون ما يزالون يتساءلون عن دافع الجريمة. "هل أيد بوهلال الجهاد سرا أم أنه قرر الانتحار وأن يظهر كشهيد؟"، تساءلت صحيفة "ليموند". بالنسبة لحكومة فرنسا، مناويل فالس، فإن الإجابة واضحة: "لا شك أن له صلة بالتطرف بطريقة أو بأخرى"، قال في التلفاز الفرنسي. وخلافا لباراك اوباما، هو لا يخشى من تسمية الولد باسمه. هذا ارهاب متطرف.
 كانت تلك عملية قتل مخططة مسبقا. قبل ذلك بثلاثة ايام، في 11 تموز، استأجر بوهلال شاحنة تبريد وزنها 19 طنا. "أنا أنقل البوظة"، قال للحارس على الحاجز فسمح له بالمرور. ايضا التوقيت، في ذكرى يوم الباستيل، لم يتم اختياره صدفة. كان ما زال هناك شك بأن الحديث يدور عن جريمة اخرى للإسلاميين المتطرفين. والالهام لتنفيذ الجريمة، مثل كثير من العمليات الإرهابية، مصدره الرقة في سورية حيث توجد قيادة داعش.
صحيح أنه يصعب توقع هجمات لـ"ذئاب منفردة"، الذي هو أصعب من منع عملية مخطط لها من قبل مجموعة هي جزء من شبكة والتي تستطيع أجهزة الأمن المجربة والناجعة تعقبها. ولكن في جميع الأحوال، خلال المناسبات الكبيرة مثل احتفالات يوم الباستيل في فرنسا تكون الشرطة في حالة تأهب قصوى. وليس من الواضح إذا كان الأمر كذلك.  كانت هذه هي الهجمة الإرهابية الكبيرة في فرنسا على مدى 19 شهرا. بعد العملية في مكاتب "شارلي ايبدو" في كانون الثاني 2015 أعلن رئيس فرنسا، فرانسوا اولاند، أن هذا هو "عمل حربي" لداعش. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي فعلته فرنسا على مدى الـ19 شهرا الماضية من اجل الانتصار في هذه الحرب، أو على الاقل من اجل الدفاع عن نفسها. ما الذي تستطيع فرنسا أن تفعله؟. على الرغم من العمليات الشديدة، وجد اولاند الوقت لاجتماع وزراء الخارجية في باريس لتجنيد التأييد لمبادرته، التي سيتم تقديمها للأمم المتحدة والتي تهدف الى اجبار اسرائيل على الموافقة على فكرته حول حل الدولتين. يتبين أنه يثق بالفعل بمحمود عباس الذي أعلن مؤخرا في خطاب له في البرلمان الاوروبي أن الارهاب سيختفي على الفور عند حل المشكلة الفلسطينية. يمكن أن مبادرته لحل المشكلة الفلسطينية هي الجواب على هجمات داعش ضد فرنسا.  لكن فكرة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أساس المشكلة في الشرق الاوسط، كانت فكرة، حتى باراك اوباما يقتنع بها، على الاقل لفترة معينة وهي تناقض تماما الواقع في المنطقة. الهجمة العالمية التي يقوم بها داعش ضد الغرب وضد كل المسلمين الذين يختلفون عنه، تقدم الأدلة على ذلك بشكل يومي.
ومن أجل الدفاع عن فرنسا بشكل خاص، وعن العالم الغربي بشكل عام، يجب مطاردة داعش في بيته، الرقة. فمن هناك تصدر الاوامر ويمنح الالهام لـ"الذئاب المنفردة". اولاند سيفضل بالطبع إعطاء الاكراد والمليشيات الايرانية هذه المهمة وتقديم الدعم الجوي بين الفينة والاخرى لهم. ولا شك أنه يحصل على التشجيع من نجاحاته المتواضعة في الآونة الاخيرة. الحرب بالتحكم عن بعد أفضل من الأمر الحقيقي. ولكن قوات برية فقط يمكنها الانتصار في الحرب. ويمكن الانتصار في هذه الحرب فقط من خلال عملية برية في الرقة.
========================
 
هآرتس 19/7/2016 :بين النظام والتنظيم! الحرب ضد «داعش» دولية أما الحرب السورية فهي أزمة سياسية داخلية
تسفي برئيل
Jul 20, 2016
القدس العربي
وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، كلف نفسه للمرة الرابعة في هذه السنة عناء الذهاب إلى روسيا للثرثرة مع الرئيس بوتين حول الوضع في سوريا. الأنفاس لم تعد تُحبس عند حدوث لقاءات كهذه، والتي لم تحقق أي شيء حتى الآن، باستثناء تعزيز روسيا وزيادة تأثيرها في المعارك التي تستمر منذ أكثر من خمس سنوات. ولكن «المراقبين» وعدوا بخطوة جديدة من شأنها أن تُحدث الانقلاب في العملية السياسية المجمدة.
يبدو أن عدد القتلى لا يهم سوى المواقع التي تهتم بموضوع الجثث. وبعد خارطة التقدم أو انسحاب القوى المتصارعة يجب أن تكون متابعة يومية من اجل ملاحظة أي تغيير بسيط يحدث فيها. على سبيل المثال، مدينة حلب التي ثارت عاصفة دولية بسبب المعارك ضدها منذ بضعة أشهر، تحترق بنار قصف الجيش السوري وطائرات سلاح الجو الروسية، على الرغم من اتفاق وقف اطلاق النار. هناك حوالي 350 ألف شخص يتم حصارهم في شرقي المدينة. وقوافل المساعدات الانسانية لا تنجح في الوصول اليهم. مجلس قوات المتمردين، الذي يدير الجزء الشرقي، طلب من المواطنين تخزين ما يمكنهم تخزينه من اجل «المعركة الكبرى»، التي ليس واضحا إذا كانت ستحدث أصلا، أم أن المدينة ستتعرض لحصار قاتل مدة اشهر طويلة.
وحسب تقارير غربية، الولايات المتحدة على استعداد لاشراك روسيا في المعلومات وفي تنسيق القصف الجوي. وليس جميع من في الادارة الأمريكية يؤيدون هذه الخطوة لأنها ستمنح روسيا معلومات هامة عن مواقع قيادات المتمردين الذين تدعمهم الولايات المتحدة. ولكن النية هي ابعاد احدى العقبات الكبيرة من طريق استئناف المفاوضات: بعد أن تبين أن روسيا تستغل الاتفاق مع الولايات المتحدة لقصف مواقع المتمردين، بادعاء أن الحديث يدور عن مواقع جبهة النصرة، يأملون في الولايات المتحدة أن يعمل اشراك روسيا في المعلومات على افساح المجال للطلب منها ضبط نفسها واستهداف «الإرهابيين» كما تعرفهم فقط. واذا تم التوصل إلى اتفاق حول هذا الامر فان من شأنه اعادة المتمردين إلى طاولة المفاوضات.
الامم المتحدة المسؤولة عن تطبيق الاتفاق واجراء المفاوضات التي يفترض أن تنتج عنها حكومة سورية مؤقتة، استسلمت ورفعت يديها. وقد وجه مبعوث الأمم المتحدة، ستيفن دي مستورا، اللوم في الاسبوع الماضي لروسيا والولايات المتحدة. وقد شعرت روسيا بالاهانة فقامت بتوبيخ دي مستورا بلغة دبلوماسية لأنه لم يكن من المناسب اتهام المتمردين بهذا الامر. ولكن دي مستورا لم يتراجع وقال: «في ظل الظروف الحالية لا حاجة إلى عقد مؤتمر المفاوضات».
هذه «الظروف الحالية» تشمل ايضا رفض روسيا الضغط على بشار الاسد وتمييز الولايات المتحدة بين التنظيمات الإرهابية وتنظيمات المتمردين الشرعيين.
وحسب رأي دي مستورا، داعش وجبهة النصرة هما فقط المنظمتان الإرهابيتان اللتان يجب محاربتهما. وأي اضافة إلى هذه القائمة من شأنها أن تعزز موقف المنظمات المعارضة ضد المفاوضات. ولكن ليس لدى دي مستورا أي طريقة لاقناع القوى العظمى بالتوصل إلى تفاهمات. واضافة إلى منع اجراء المفاوضات، تكمن هنا مفارقة المفاوضات السياسية. فمن اجل استئنافها يجب تأخيرها إلى أن تنشيء القوى العظمى الظروف لاستئنافها.
إن من يبحث عن تشابه بين المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية يقوم بفعل ذلك على مسؤوليته الشخصية فقط. ولكن مثل سوريا، هنا ايضا يشكل تأجيل المفاوضات رافعة لإبعاد الشروط المسبقة للمفاوضات. بينما يستمر الطرف الاقوى في هذه الاثناء في فرض الحقائق على الارض.
في السياق يتضح إلى أي حد هناك فرق بين الازمة السورية وبين محاربة داعش. فهما حربان منفصلتان، لأن الانتصار أو الهزيمة في أي منهما لن يؤثرا على الأخرى. صحيح أن داعش قد خسر مناطق كان يسيطر عليها في سوريا وهو يتعرض للقصف الجوي الأمريكي والروسي والاكراد في شمال سوريا يشاركون ايضا بشكل ما في المعارك، إلا أن هذه الحرب لا تؤثر على حصار حلب أو الهجمات في محيط دمشق أو المعارك في منطقة اللاذقية أو على سيطرة داعش وجبهة النصر على مخيم اليرموك للاجئين.
إن هذه ليست معركة أدوات متداخلة، حيث زيادة قوة المتمردين أو الاسد تؤثر على داعش، بل العكس، ففي الوقت الذي تعتبر فيه الحرب ضد داعش حربا دولية وتبرر حتى ارسال قوات غربية برية، ما زالت الحرب في سوريا بين النظام والمتمردين تعتبر ازمة سياسية داخلية. ازمة خطيرة تزرع القتل والمعاناة، ولكن ليس إلى درجة تهديد أمن القوى العظمى، طالما أن عملية تقليل حركة اللاجئين من الشرق الاوسط إلى اوروبا ناجعة.
عن هذا الفصل بين المعركتين، تعلم آلاف المعلمين في سوريا على جلودهم. فحتى الآونة الاخيرة كانوا تحت إمرة داعش. ومع انسحاب التنظيم من بعض المواقع، أمرت الحكومة السورية باعتقال هؤلاء المعلمين ومحاكمتهم بتهمة التعاون والانحراف عن الجهاز التعليمي السوري، رغم أنه من الواضح أنه لم يكن أمامهم أي خيار. فمعارضة داعش تعني موتهم. ولكن من يقلق على مصير هؤلاء المعلمين عندما يتعانق جون كيري وفلادمير بوتين في موسكو.
 
 
========================
الصحافة الامريكية :«جورج فريدمان»: التداعيات المحلية والجيوسياسية للانقلاب الفاشل في تركيا
نشر في : الأربعاء 20 يوليو 2016 - 12:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 20 يوليو 2016 - 01:48 ص
لنا على تقارير تفيد بأن المدرعات كانت قد انتشرت في أنقرة، وأن هناك قتالا يدور بين قوات خاصة تابعة للجيش التركي والشرطة الوطنية حول البرلمان. وشوهدت طائرات الـ«إف – 16» بأعداد كبيرة في السماء. كان الانقلاب يجري تنفيذه في ذلك التوقيت.
وطالما كانت الانقلابات العسكرية أمرا شائعا في العالم قبل 30 أو 40 عاما، حيث وقع آخر انقلاب شهدته تركيا في عام 1980. ورغم أن وقوع انقلاب كلاسيكي مع وجود الدبابات في الشوارع وتعرض المباني الحكومية للهجوم بدا أمرا قديما، إلا أنه كان مفاجئا بالنسبة لنا.
كان الجيش هو الضامن الدستوري لعلمانية الدولة منذ أن تم فرض العلمانية من قبل «مصطفى كمال أتاتورك» في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى درجة أنه تم منع النساء من ارتداء الحجاب على مدار عقود. لذا فإنه مع صعود «أردوغان» وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة مع انتخابات عام 2003 فقد كان الصدام مع الجيش أمرا لا مفر منه. تمكن «أردوغان» من إدارة هذا التحدي بمهارة مدهشة. قام في البداية بتحجيم القوة السياسية للجيش ثم محاولة كسرها. على الرغم من التذمر، وبعض الاعتقالات بشأن محاولات انقلاب لم يقدر لها النجاح،  نجح «أردوغان» في إخضاع مرؤوسيه العسكريين لإرادته.
الانقلاب المفاجئ
نزلت الدبابات إلى الشوارع بطريقة ما أو بأخرى. كان الأمر مفاجئا بالنسبة لنا وحتى بالنسبة إلى أولئك الذين يقولون الآن أنهم كانوا يعرفون أن عملية الانقلاب كانت قادمة. تنظيم انقلاب عسكري ليس أمرا سهلا وينبغي أن يتم التخطيط له بعناية لعدة أسابيع على الأقل. يجب أن يظهر عدة آلاف من الجنود، وكذلك الدبابات وطائرات الهليكوبتر في الشوارع ويتولوا السيطرة بشكل سريع وحاسم: وكل هذا التخطيط لابد أن يتم في سرية تامة، لأنه بدون عنصر المفاجأة لا يوجد انقلاب.
هنا يبدأ حديثنا: كيف يمكن للجيش أن يقوم بتنظيم انقلاب دون أن تتسرب أنباء عنه. أجهزة الأمن والاستخبارات التركية هي أجهزة مهنية وذات كفاءة، وتعد مراقبة الجيش أحد وظائفها الرئيسية. يتطلب التجهيز للانقلاب اجتماعات لا حصر لها. وفي ظل تلك الأجواء من المراقبة: كيف يمكن للجيش أن يحافظ على نواياه قيد الكتمان؟
المخرج الوحيد الذي يمكن أن نجده للأمر هو أن تكون الأجهزة الاستخباراتية مشاركة أيضا. وإذا كان الأمر كذلك فإن اللعبة تكون قد انتهت بالنسبة إلى «أردوغان». أخبرنا مصدر ذو رتبة رفيعة في الجيش التركي أنه لم يكن يدري أن انقلابا كان يتم الإعداد له. ولكنه كان يعرف أن «أردوغان» كان في فندق في مارماريس، على البحر الأبيض المتوسط. تم التخطيط للانقلاب في وقت كان فيه «أردوغان» بعيدا عن أنقرة بحيث يسهل عزله والقبض عليه. وهو تخطيط محكم وبغير تسريب.
بعد ساعات قليلة بدأ الانقلاب، دخلت القوات الموالية لصناع الانقلاب بعض استوديوهات التلفزيون ومكاتب الصف وأجبروا الإعلاميين على إعلان أن انقلابا وقع لاستعادة مبادئ العلمانية التركية التي وضعها «مصطفى كمال أتاتورك».
وفي الوقت الذي أخبرتنا به مصادرنا في ذلك التوقيت أن الانقلاب كان يجري تشغيله من قبل الصف الأول من الضباط (وإن لم يكن من رئيس هيئة الأركان)، فقد بدا لنا أنه نجح بالفعل. كان «أردوغان» محتجزا في منتجع على أطراف البلاد وهو يبدو غير قادر على العودة إلى إسطنبول أو أنقرة في الوقت الذي يسيطر فيه الجيش على المطارات ويؤم مراكز الاتصالات. كان هناك قوات تسيطر على ساحة تقسيم مكان التجمع الرئيسي في إسطنبول، مما يعني أن المدينة تحت السيطرة، وبدا أن الأمور تقترب من نهايتها.
وفجأة تغير كل شيء. بدأ «أردوغان» في إصدار تصريحات عبر فيس تايم لقناة NTV التركية. حسنا بدلا من اعتقادنا بأنه تم القبض على «أردوغان»، اعتقدنا أن القوات اكتفت بمحاصرته داخل الفندق مما أعطاه الفرصة للقيام بذلك. كان هذا عمل سيئا من قبل الانقلاب.
ولكن «أردوغان» استطاع أن يصعد على متن طائرة في حماية القوات المناهضة للانقلاب وأن يتوجه إلى مطار إسطنبول. كان هذا عمل أكثر سوءا بالنسبة إلى انقلاب. وبدا أن «أردوغان» كان حرا لأنه واصل إطلاق التهديدات. ثم وصلتنا تقارير عن استسلام قوات الجيش المنقلبة أمام الشرطة في ساحة تقسيم وتركها للجسور التي تم إعادة فتحها. وقد أمر «أردوغان» الطائرات الموالية لها بإسقاط المروحيات التي تهاجم مبنى البرلمان في أنقرة.
تحولت الأوضاع من انقلاب ناجح إلى انقلاب فاشل في غضون ساعات. ومع غير المعروف حتى الآن لماذا يتم الإعلان عن اكتشاف المشاركين في الانقلاب في وقت مبكر من أجهزة الاستخبارات.
تداعيات جيوسياسية
ولكن هناك معاني أعمق وتداعيات جيوسياسية أكثر خطورة لمحاولة الانقلاب. ونحن نعلم أن هناك توترات عميقة بين السكان العلمانيين في تركيا، الأكثر انسجاما مع الفلسفة الأتاتوركية والمتمركزين في إسطنبول، وبين مؤيدي «أردوغان» الأكثر تدينا في الأناضول وغيرها.
(الأناضول هي منطقة واسعة إلى حد ما، أقل كثافة سكانية، تمتد في المنطقة الشرقية من مضيق البوسفور. سكانها أكثر محافظة وتضم تجمعا كبيرا من الأكراد وبعض الأقليات الأخرى).
تم تهميش هذه الأقليات المتدينة في الأناضول منذ الحرب العالمية الأولى. وقد جاء «أردوغان» إلى السلطة عازما على بناء تركيا جديدة. وهو أردك بوضوح أن العالم الإسلامي يتغير وأن هناك مدا إسلاميا وأن تركيا لا يمكن ببساطة أن تظل سلطة علمانية. بدا أنه تفهم ذلك سواء في السياسة المحلية أو الخارجية.
يبدو «أردوغان» محاصرا بين قوتين. من ناحية هناك الفصائل الجهادية، والذي يبدو أنه يحاول إدارتها من أجل محاولة تفادي ضرباتها للبلاد.
وقد وضعته هذه الخطة على خلاف مع الولايات المتحدة وروسيا في آن واحد. كما أنه يتعرض أيضا للضغط من قبل الفصيل العلماني المحلي بسبب هذه الاستراتيجية. في الآونة الأخيرة بدأ «أردوغان» يتحول عن استراتيجية حيث أعاد العلاقات مع (إسرائيل) وقام بتوجيه الاعتذار إلى روسيا. وقام أيضا بالتخلص من رئيس وزرائه الذي يراه البعض أكثر انحيازا للإسلاميين. بدا ذلك محاولة لإعادة التوازن إلى سياسته، ولكن أولئك الذين نظموا الانقلاب رأوا ذلك على أنه علامة على الضعف.
أصبحت تركيا بلدا بالغ الأهمية في المنطقة. وهي المفتاح للتغلب على الدولة الإسلامية في سوريا وحتى في العراق. كما أنها تمثل حجر الزاوية في سياسة الهجرة الأوربية.
وهي تواجه روسيا في البحر الأسود. الولايات المتحدة بحاجة إلى تركيا كما كان الحال منذ الحرب العالمية الثانية كما أن روسيا لا تستطيع أن تتحمل مواجهة معها. كلا البلدين لا يحبان «أردوغان»، ولكن ليس من الواضح أن لديهما أي خيارات: ومن المثير للاهتمام أن وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» ووزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» كانا يعقدان اجتماعا ماراثونيا بخصوص سوريا في الوقت الذي كان الانقلاب يجري فيه.
متوالية نظريات المؤامرة في هذا الصدد لا تنتهي، لأن ما حدث في الواقع كان مؤامرة وغالبا ما تكمن أفكار المؤامرات داخل المؤامرات. ولكن دعونا ننتهي إلى ما هو واضح: تركيا تؤثر على الشرق الأوسط وأوروبا وروسيا. وهي أيضا قوة مؤثرة في تشكيل السلوك الجهادي. كان سلوك «أردوغان» متذبذبا بشكل متزايد كما لو كان يحاول أن يستعيد توازنه. الانقلاب يعني أن البعض داخل الجيش يعتقد أنه كان عرضة للخطر، بينما يحاول الآن هو وأنصاره استعادة السيطرة.
يبدو أن الانقلاب انتهى بالفعل ولكن تداعياته ليست كذلك. سوف يطلق «أردوغان» حملة للتطهير داخل الجيش. ومع ذلك، فإن الخوف وحده لا يكفي مع رجال يحملون البنادق ويشعرون أن لا يوجد شيء ليخسروه إذا عادوا للقتال. لا يوجد أي دليل على أن تشكيلات عسكرية كبيرة ساندت «أردوغان». ويبدو أن الجيش منقسم بين أولئك الذين نفذوا الانقلاب وبين من كانوا على الحياد بخلاف الشرطة التي أيدت «أردوغان».
على الرغم من «أردوغان» بارع في الظهور أقوى مما هو عليه، فإنه قد بدا ضعيفا بشكل ما وهو يطلب من الناس النزول للشوارع للتعبير عن مساندتهم. لكنه لا يستطيع أن يبدو ضعيفا بعد الآن، وعليه القيام بتحركات مضادة حاسمة إذا كان يملك حقا أن يفعل ذلك.
========================
فورين بولسي :ازمة اللاجئين في اوروبا وكيفية الحل
جورج سوروس
Jul 20, 2016
بينما كانت أزمة اللاجئين تؤدي إلى تفكك الاتحاد الأوروبي، ساهمت يوم 23 يونيو/حزيران في فاجعة أكبر – وهي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (Brexit). وقد دعمت هذه الأزمات الأحزاب الوطنية الكارهة للأجانب في جميع أنحاء القارة. وستحاول هذه الأحزاب أن تفوز بسلسلة من الاقتراعات الرئيسية في العام المقبل – بما في ذلك الانتخابات الوطنية في فرنسا وهولندا وألمانيا عام 2017، واستفتاء في المجر حول سياسة اللاجئين بالاتحاد الأوروبي يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول، وإعادة للانتخابات الرئاسية بالنمسا في نفس اليوم، واستفتاء دستوري في إيطاليا في وقت لاحق من شهر أكتوبر/تشرين الأول هذا العام.
وبدلًا من الاتحاد لمواجهة هذه التهديدات، أصبحت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي غير مستعدة على نحو متزايد للتعاون فيما بينها. فهي تتبع سياسات هجرة متعارضة لا تخدم إلا مصالحها الذاتية، وغالبًا ما يكون ذلك على نحو ضار بجيرانها. وفي هذه الظروف، لا يمكن التوصل لسياسة لجوء أوروبية شاملة ومتساوقة على المدى القصير، حيث أن الثقة اللازمة للتعاون لا تتوافر. وسيكون لزامًا إعادة بناء هذه الثقة من خلال عملية طويلة وشاقة.
يلزم أن تظل السياسة الشاملة على قمة أولويات الزعماء الأوروبيين؛ حيث أن الاتحاد لا يستطيع أن يبقى على قيد الحياة بدونها. أزمة اللاجئين ليست حدثًا لمرة واحدة؛ فهي تنذر بفترة من ضغوط الهجرة الأشد في المستقبل المنظور جراء مجموعة معينة من الأسباب، بما في ذلك الاختلالات الديموغرافية والاقتصادية بين أوروبا وأفريقيا، والصراعات التي لا نهاية لها في منطقة الحدود، وتغير المناخ. فسياسات الهجرة المنطوية على إفقار للجار لن تُسْهِم فقط في تفكيك الاتحاد، بل ستضر كذلك بصورة خطيرة بالاقتصادات الأوروبية وتُقَوّض معايير حقوق الإنسان العالمية.
كيف ستبدو المقاربة الشاملة؟ ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يضع هدفًا مضمونًا قوامه 300 ألف لاجئ سنويًا ممن سيعاد توطينهم على نحو آمن وبصورة مباشرة في أوروبا من الشرق الأوسط – وهو عدد إجمالي نأمل أن تضاهيه بلدان أخرى في مناطق أخرى من العالم. وفي نفس الوقت، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يساعد بلدان خط المواجهة في تحسين ظروف التوظيف والمعيشة. ينبغي أن يكون هذا كافيًا لإقناع طالبي اللجوء بألا يخاطروا بحياتهم بعبور البحر المتوسط، ولا سيما إذا كان الوصول إلى أوروبا من خلال وسائل غير نظامية سيحرمهم من إمكانية النظر إليهم كطالبي لجوء حقيقيين.
ويمكن لهذا أن يخدم كأساس لسياسة لجوء أوروبية شاملة من شأنها أن تنشيء مراكز معالجة في البلدان الكبيرة التي تستضيف اللاجئين خارج أوروبا؛ وأن تستحدث قوات غفر حدود وسواحل أوروبية فعالة؛ وأن تضع معايير مشتركة لمعالجة طالبي اللجوء وإدماجهم، ولإعادة الذين لا يتأهلون؛ وأن تعيد التفاوض بشأن لائحة دبلن؟ (التي يتم مناقشتها في الركيزة الرابعة).
ولكن على النقيض من ذلك، تعاني الاستجابة التدريجية للأزمة، التي بلغت ذروتها في الاتفاق الذي إُبرم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لإيقاف تدفقات اللاجئين في شرق البحر المتوسط، تعاني من أربعة عيوب جوهرية. أولًا، هذا الاتفاق ليس أوروبيًا بحق؛ حيث أن الاتفاق مع تركيا تفاوضت بشأنه المستشارة «ميركل» وفرضته على أوروبا. ثانيًا، الاستجابة الكلية تعاني من نقص حاد في التمويل. ثالثًا، حول الاتفاق اليونان إلى حظيرة ماشية فعلية مع منشآت غير كافية. وأخيرًا، هذا الاتفاق ليس طوعيًا: فهو يحاول أن يفرض حصصًا تعارضها بشدة الكثير من الدول الأعضاء ويستلزم من اللاجئين الإقامة في بلدان حيث لا يكونون موضع ترحاب، وفي نفس الوقت يجبر الآخرين الذين وصلوا إلى أوروبا من خلال وسائل غير نظامية على العودة إلى تركيا.
والاتفاق المبرم مع تركيا مثير للجدل على نحو خاص. فمن ناحية، يبدو أنه ناجح، حيث أن طريق البلقان قد سُد بصورة كبيرة وانخفضت تدفقات اللاجئين إلى اليونان إلى أعداد هزيلة. بيد أن تدفقات اللاجئين تزايدت على مسارات البحر المتوسط الأخرى الأكثر خطورة. وفي نفس الوقت، فإن مقدمة الاتفاق نفسها، التي مفادها أن يمكن إعادة طالبي اللجوء بصورة قانونية إلى تركيا، تعاني من عيب جوهري. فمحاكم اليونان ولجان اللجوء تقضي بصورة منتظمة بأن تركيا لا تمثل «بلدًا ثالثًا آمنًا» لمعظم طالبي اللجوء السوريين. كما أن عملية إعادة التنظيم التي تمت مؤخرًا للجان استئنافات اللجوء في اليونان لجعلها أكثر صداقة للحكومات معرضة للطعن عليها أمام المحاكم.
وفي نفس الوقت، فإن الاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والذي بُنى على مقدمة مفادها أنه يمكن مقايضة حقوق اللاجئين مقابل خدمات مالية وسياسية، يتم الآن استخدامه كنموذج على نطاق أوسع. ففي الشهر الماضي، طالبت المفوضية الأوروبية بجعل أموال التنمية متوقفة على تنفيذ قيود الهجرة من قبل الشركاء الأفارقة. وهذا ينتهك القيم والمبادئ التي ينبغي أن ترشد الاتحاد الأوروبي ويشكل قطيعة مع عقود من الممارسات المتمثلة في تمويل التنمية ويُحط من معاملة كلاً من المهاجرين واللاجئين. فلا يمكن لأية صفقة كبرى مع البلدان الأفريقية والبلدان الأخرى أن تكون ببساطة هي أنه إذا أوقفت المهاجرين عن القدوم إلى أوروبا، فإنه يمكن أن تفعل أي شيء آخر تريده. فهذه المقاربة تدمرنا وتدمرهم، أخلاقيًا وسياسيًا واقتصاديًا. فالصفقة الكبرى الحقيقية ينبغي أن تركز على التنمية في أفريقيا – التنمية الحقيقية التي ستتطرق على مدى جيل للأسباب الجذرية التي كثيرًا ما يستدعيها الكثير من السياسيين لكنهم يتجاهلونها بنفس القدر في الممارسة الفعلية.
مقاربة أكثر ملاءمة
من شأن البديل الفعال للمقاربة الأوروبية الراهنة أن يُبنى على ست ركائز.
أولًا، يلزم على الاتحاد الأوروبي وبقية العالم أن يقبلوا عددًا كبيرًا من اللاجئين بصورة مباشرة من بلدان خط المواجهة بطريقة آمنة ومنظمة، ومن شأن ذلك أن يكون أكثر قبولًا بكثير للشعب مقارنة بالفوضى الراهنة. إذا قطع الاتحاد الأوروبي التزامًا بالسماح بدخول حتى 300 ألف لاجئ كل سنة، وإذا تمت مضاهاة هذا الالتزام من قبل بلدان أخرى في العالم، فإن معظم طالبي اللجوء الحقيقيين سيحسبون أن فرص وصولهم لوجهتهم النهائية مرتفعة بما فيه الكفاية بحيث لا يسعون للوصول إلى أوروبا بصورة غير قانونية، حيث أن من شأن هذا أن يحرمهم من التأهل والقبول القانوني. وإضافة إلى ذلك، إذا تحسنت الأحوال في بلدان خط المواجهة بفضل المزيد من المساعدات، فلن تكون هناك أزمة لاجئين. لكن ستظل مشكلة اللاجئين الاقتصاديين قائمة.
وهذا يصل بنا إلى النقطة الثانية: أكثر شيء يمكن أن يستعدي الشعب ويفزعه هو مشاهد الفوضى. فحين قامت المستشارة «ميركل»، في لفتة سخية، بفتح حدود ألمانيا على مصراعيها أمام اللاجئين، لم يتم التفكير في هذا الأمر بعناية؛ حيث أنه تجاهل عامل الجذب. فقد أدى ذلك إلى تدفق مفاجئ لأكثر من مليون مهاجر، ما أثر بصورة كبيرة على طاقة السلطات وقدرتها، وأدى إلى تحول الرأي العام ضد المهاجرين. والآن يحتاج الاتحاد الأوروبي بصورة ملحة أن يحد من التدفق الكلي للوافدين الجدد، ولا يمكن أن يفعل ذلك إلا عن طريق التمييز ضد المهاجرين الاقتصاديين. نأمل أن يكون ذلك أمرًا مؤقتًا، حيث أنه غير ملائم وضار أثناء استمراره. المهاجرون الاقتصاديون الذين يتمتعون بمهارات عالية يُحَسّنون الإنتاجية ويدفعون النمو ويرفعون من الطاقة الاستيعابية للبلد المستقبل.
وبعد 15 شهرًا من اندلاع المرحلة الحادة للأزمة، لا تزال الفوضى هي الحاكمة في اليونان ومنطقة البحر المتوسط. فاللاجئون يعيشون في قذارة. والشعب يشاهد ذلك على شاشات التلفاز ويتعجب من عدم قدرة أوروبا القوية على توفير حتى الإمدادات الأساسية للأطفال والنساء الذين يفرون من الحرب. وفي نفس الوقت، تبدو أكثر أساطيل العالم تقدمًا غير قادرة على إنفاذ حياة الأشخاص الذين يعبرون البحر المتوسط؛ حيث ارتفع عدد الغرقى بمقدار 50% هذا العام. والتفسير الساخر لكل هذا، وهو أن الاتحاد الأوروبي يسمح عن عمد باستمرار هذه الأحوال كي تعمل كرادع، مزعج بنفس القدر.
العلاج الفوري بسيط: إعطاء اليونان وإيطاليا أموالًا كافية لرعاية طالبي اللجوء وإصدار الأوامر للأساطيل بجعل عمليات البحث والإنقاذ (وليس «حماية» الحدود) أولويتها، وتنفيذ الوعد الخاص بإعادة توطين 60 ألف طالب لجوء من اليونان إلى دول أعضاء أخرى بالاتحاد الأوروبي.
ثالثًا، يحتاج الاتحاد الأوروبي أن يُعد أدوات مالية يمكن أن توفر أموالًا كافية للتعامل مع التحديات طويلة الأجل التي تواجهه، وألا يسير ببطء شديد من خطوة لأخرى. فعلى مدار سنوات، اضطر الاتحاد الأوروبي أن يمول عددًا متزايدًا باستمرار من التعهدات مع مجموعة موارد متقلصة. وفي عام 2014، اتفقت الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي على تقليل ميزانية الاتحاد الأوروبي الإجمالية وتحديدها عند نسبة متواضعة تبلغ 1.23 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي حتى سنة 2020. وقد كان هذا خطأ مأسويًا، حيث أن الاتحاد لا يستطيع أن يعيش بميزانية من هذا الحجم.
ستكون هناك حاجة لـ 30 مليار يورو على الأقل سنويًا كي ينفذ الاتحاد الأوروبي خطة لجوء شاملة. ثمة حاجة لهذه المبالغ لاستخدامها بداخل حدود الاتحاد، وذلك لبناء وكالات حدود ولجوء فعالة وضمان ظروف استقبال كريمة وإجراءات لجوء عادلة وفرص للاندماج، وأيضًا خارج الحدود، وذلك لدعم البلدان التي تستضيف اللاجئين وتحفيز خلق الوظائف في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط.
وبينما قد يبدو هذا مبلغًا هائلًا، إلا أنه يتضاءل بالمقارنة بالكلفة السياسية والبشرية والاقتصادية للأزمة إذا طال أمدها. وعلى سبيل المثال، ثمة تهديد حقيقي يتمثل في انهيار نظام الشنغن للحدود الداخلية المفتوحة في أوروبا. وقد قدرت مؤسسة برتلسمان أن التخلي عن نظام الشنغن سيكلف الاتحاد الأوروبي بين 47 و140 مليار يورو في صورة إجمالي ناتج محلي مفقود كل سنة.
تُبنى المقاربة الراهنة على أساس إعادة تخصيص مبالغ ضئيلة من ميزانية الاتحاد الأوروبي ومن ثم الطلب من الدول الأعضاء أن تساهم في أدوات مكرسة متنوعة، مثل المرفق التركي والصندوق الاستئماني لسوريا. ولا يمكن لهذا ألا أن يكون حلًا مؤقتًا، حيث أنه غير مستدام وليس كبيرا بما فيه الكفاية لتمويل الجهود التي يلزم أن تنمو في الحجم والنطاق. وفي حين أن الصناديق الاستئمانية هذه يمكن أن تكون أدوات قوية على المدى القصير لإعادة توزيع الموارد والسماح للدول الأعضاء بتخصيص المزيد من الأموال لجهد معين، إلا أنها تبين أيضًا القصور الجوهري في ميزانية الاتحاد الأوروبي، بمعنى أنها تبقى معتمدة على النوايا الطيبة للدول الأعضاء في كل خطوة على حدة. في واقع الأمر، فمن مبلغ الـ 3 مليار يورو التي وعد الاتحاد الأوروبي بتقديمها لتركيا في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، لم يتم إلى الآن إلا تحصيل مقدار طفيف منه (ومن بلدين فقط، هما ألمانيا وفنلندا).
ومن أجل توفير الأموال اللازمة على المدى القصير، سيحتاج الاتحاد الأوروبي أن ينخرط فيما أسميه «زيادة في التمويل». وينطوي هذا على رفع الديون عن طريق الاستفادة من ميزانية الاتحاد الأوروبي الصغيرة نسبيًا ، بدلًا من وضع صناديق غير كافية سنة تلو الأخرى. ومن شأن إنفاق مبلغ كبير في البداية أن يسمح للاتحاد أن يستجيب بصورة أكثر فعالية لبعض أخطر العواقب لأزمة اللاجئين. وتتضمن هذه العواقب المشاعر المناهضة للمهاجرين في الدول الأعضاء التي أدت إلى تزايد الدعم للأحزاب السياسية الاستبدادية، والقنوط بين أولئك الذين يسعون للجوء في أوروبا والذين يجدون أنفسهم الآن مهمشين في البلدان المضيفة بمنطقة الشرق الأوسط أو عالقين في العبور في اليونان. ومن شأن توفير استثمارات أولية ضخمة أن يساعد في إمالة كفة الديناميكيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بعيدًا عن كراهية الأجانب والسخط والدفع باتجاه النتائج البناءة التي تفيد كلًا من اللاجئين والبلدان المضيفة على حد سواء. وعلى المدى البعيد، سيقلل هذا من مبلغ المال الإجمالي الذي سيكون لزامًا على أوروبا أن تنفقه لاحتواء أزمة اللاجئين والتعافي منها. ولهذا السبب أسميه «زيادة» في التمويل.
ولتمويل ذلك، سيكون لزامًا فرض ضرائب جديدة عاجلًا أم آجلًا. وفي غضون ذلك، يمكن تلبية الاحتياجات جزئيًا عن طريق تعبئة الائتمان غير المستخدم للأدوات المالية القائمة بالفعل للاتحاد الأوروبي – اي مرفق مساعدات ميزان المدفوعات ومرفق المساعدة المالية الكلية وآلية الاستقرار المالي الأوروبي (EFSM). ولدى هذه الآليات معًا أكثر من 50 مليار يورو من الائتمانات غير المستخدمة المتاحة.
وفي أوج أزمة أوروبا، تمكنت الدول الأعضاء من استدعاء الإرادة السياسية لكل تُعد بسرعة مجموعة جديدة من الأدوات التي رفعت بصورة كبيرة من القدرة المالية للاتحاد الأوروبي. وقد رفعت آلية الاستقرار المالي الأوروبي، التي أصبحت بعد ذلك آلية الاستقرار الأوروبي (ESM)، قدرة الاقتراض للاتحاد الأوروبي لتصل إلى حوالي 500 مليار يورو في غضون عام واحد فقط، وهي بهذا تثبت أنه إذا صح العزم وضح السبيل. لكن كل هذه الأدوات تواجه ثلاثة قيود: صغر حجم ميزانية الاتحاد الأوروبي؛ اشتراط التصريح بالإجماع من الدول الأعضاء؛ وتصمميها الأساسي المتمثل في إقراض المال للدول الأعضاء الأخرى بدلًا من الانخراط في الإنفاق الحقيقي باسم الاتحاد الأوروبي.
ويتمثل السبيل الوحيد للأمام على المدى القصير في تشكيل «ائتلافات راغبين» لا تتطلب الموافقة بالإجماع. ويمكن لهذه المبادرات أن تُلْهم إصلاحات أعمق في ميزانية الاتحاد الأوروبي. وقد كان هذا هو المبدأ وراء ضريبة الصفقات المالية ورسوم المصارف التي تمول صندوق القرارات الفردية. وقد كان بوسع هذه المقاربة أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إعداد خطة بطالة بين الدول الأوروبية وخدمات مشتركة أخرى من شأنها أن تساعد في تقليل الاختلالات بين الدول الأعضاء. ومن ثم، فقد شجعني كثيرًا مقترح وزير المالية الألماني «ولفغانغ شوبليه» العام الماضي بخصوص فرض ضريبة غازولين على مستوى البلدان الأوروبية. لكن سرعان ما خاب أملي حين حذر صراحة من استغلال قدرة الاقتراض غير المستخدمة بصورة كبيرة بالاتحاد الأوروبي.
إن وجود الاتحاد الأوروبي نفسه معرض للخطر. ويمثل السماح للاتحاد الأوروبي بالتفكك بدون استغلال كل موارده المالية قمة عدم المسؤولية والتخلي عن الواجب. فعبر التاريخ، أصدرت الحكومات سندات استجابة لحالات طوارئ وطنية. فمتى ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يستخدم قدرة الاقتراض غير المستخدمة بصورة كبيرة إذا لم يكن ذلك في لحظة يواجه فيها خطرًا قاتلًا؟ ومن شأن فعل هذا أن يكون له ميزة إضافية تتمثل في توفير حافز اقتصادي مطلوب بصورة كبيرة. والآن بعدما وصلت أسعار الفائدة لأدنى مستوياتها التاريخية، فإن الوقت موات على نحو خاص لقبول مثل هذه الديون.
رابعًا، يلزم استغلال الأزمة لبناء آليات أوروبية مشتركة لحماية الحدود وتقرير مطالب اللجوء وإعادة توطين اللاجئين. ثمة عملية متواضعة قيد التنفيذ: حيث أقر البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي تشريعًا يقضي بإنشاء غفر السواحل والحدود الأوروبي. لكن لائحة دبلن – التي تشكل الأساس لتقرير البلد الذي يتحمل المسؤولية في دراسة حالات طالبي اللجوء واستضافتهم – تحول بين التضامن بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي عن طريق وضع معظم العبء على بلد الدخول الأول؛ لذا، ثمة حاجة لإعادة التفاوض بشأن ذلك.
ثمة حل أوروبي بصدد الظهور الآن على أراض اليونان حيث يفحص المكتب الأوروبي لدعم اللجوء (EASO) بالفعل طلبات اللجوء لكي يساعد السلطات اليونانية المدحورة. ومن شأن وجود إجراء لجوء أوروبي وحيد أن ينهي الحوافز الخاصة بالبحث عن بلد اللجوء الأنسب وأن يعيد بناء الثقة بين الدول الأعضاء.
خامسًا، حالما يتم الاعتراف باللاجئين، ثمة حاجة لوضع آلية لإعادة توطينهم بداخل أوروبا بطريقة متفق عليها. سيكون من المهم للغاية للاتحاد الأوروبي أن يعيد بصورة جوهرية التفكير في تنفيذ برامجه الجهيضة الخاصة بإعادة التوطين وإعادة النقل. لا يمكن للاتحاد أن يُكْرِه لا الدول الأعضاء ولا اللاجئين على المشاركة فيها. يلزم أن يكون البرنامج طوعيًا؛ يمكن لخطة مضاهاة أن تستطلع التفضيلات من كل من اللاجئين والمجتمعات المستقبلة لكي ينتهي المطاف بالناس في الأماكن التي يريدون أن يكونوا بها وحيث يتم الترحيب بهم. وقد بدأ المكتب الأوروبي لدعم اللجوء تجربة خاصة بخطة المضاهاة.
ينبغي أن تكون هذه البرامج مترسخة بعمق في المجتمعات المحلية. وقد أظهر رؤساء البلديات عبر أوروبا استعدادًا رائعًا لاستقبال اللاجئين، لكنهم تعرضوا للإفشال من قبل حكوماتهم الوطنية. ويمكن لبرامج الرعاية بين القطاعين العام والخاص، حيث تقدم مجموعات صغيرة من الأفراد والمنظمات المجتمعية والشركات الدعم المالي وغيره من أنواع الدعم للوافدين الجديد فيما يتفاوضون بشأن المدارس وأسواق العمل والمجتمعات المحلية، يمكن لهذه البرامج أن تستفيد من النوايا الطبية غير المستغلة للمواطنين عبر أوروبا.
توفر كندا قدوة مناسبة (مع أن سياقها الجغرافي يختلف عن سياق أوروبا الجغرافي). ففي غضون أربعة أشهر فقط، سمحت بدخول 25 ألف لاجئ سوري وتقوم الآن بإدماجهم في شراكات بين القطاعين العام والخاص والمنظمات الأهلية المحلية. وقد وعدت الحكومة بقبول عشرة آلف سوري آخر بنهاية العام، أي بإجمالي 44 ألف في عام 2016. (وفي نفس الوقت، فهي تسمح بدخول 300 ألف مهاجر بصورة إجمالية كل عام؛ ومن شأن هذا أن يعادل قبول الاتحاد الأوروبي لـ 4.5 مليون مهاجر سنويًا).وقد تم تنقيح العملية التي تقوم كندا من خلالها بإعادة توطين اللاجئين من خلال الاستخدام المتكرر على مدار فترة زمنية طويلة، وتجتاز حتى المعايير الأمنية المفرطة في الشدة لجارها الجنوبي. فقد تم تنفيذ عملية فحص طالبي اللجوء السوريين بدقة وعناية من قبل 500 مسؤول قنصلي وعسكري تمت تعبئتهم فورًا بعد تولي رئيس الوزراء «جاستين ترودو» للسلطة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعدما وضع هذا المشروع على قمة أولوياته. وقد استجاب كل من الشعب ووسائل الإعلام بصورة إيجابية، على الرغم من صدمة الهجمات الإرهابية في باريس وبروكسل التي وقعت بينما كان برنامج اللاجئين السوريين بكندا في أوجه. وقد تمثلت عناصر النجاح الرئيسية في القيادة الحازمة من القمة، والتنسيق الوثيق مع المجتمعات المحلية المستقبلة، وعملية الفحص وإجراءات إعادة التوطين القوية والأمانة في مواجهة المشاكل الحتمية. قارن كل ذلك بالأحوال التي تسود في أوروبا، وستحصل على مؤشر على المسافة التي يلزم على أوروبا أن تقطعها.
سادسًا، يلزم على الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المجتمع الدولي، أن يدعم البلدان التي تستضيف اللاجئين بصورة أكثر سخاء بكثير مقارنة بما يفعلانه الآن. والدعم المطلوب هو دعم مالي جزئيًا، حتى يتسنى لبلدان مثل الأردن أن توفر خدمات تعليم وإسكان وتدريب ورعاية صحية مناسبة للاجئين، وجزئيًا في صورة مزايا تجارية كي تستطيع تلك البلدان أن توفر فرص التوظيف لكل من اللاجئين ومواطنيها على حد سواء. وببساطة، ليس من المنطقي أن تخصص أوروبا ما يصل إلى 200 مليار يورو بين عاميّ 2015 و2020 للتعامل مع الأزمة على شواطئها – هذا هو المبلغ الذي بصدد أن تنفقه الدول الأعضاء على استقبال اللاجئين وإدماجهم – في حين أنه لو تم إنفاق قسط صغير من هذا المبلغ في الخارج لأبقى على تدفق المهاجرين في إطار حدود قابلة للتعامل معها.
وبنفس القدر، يتوجب على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر سخاء في مقاربته نحو أفريقيا، لا أن يعرض ببساطة المساعدة المالية مقابل فرض قيود على الهجرة، مثلما اقترحت المفوضية الأوروبية الشهر الماضي. فهذه المقاربة تُمَكّن ببساطة الزعماء الأفارقة من استغلال الهجرة كتهديد ضد أوروبا، تمامًا مثلما فعل «أردوغان». بدلًا من ذلك، من شأن الصفقة الكبرى الفعالة أن تركز على التنمية الحقيقية في أفريقيا التي ستتطرق على مدى جيل للأسباب الجذرية للأزمة. وهذا يعني تجارة حرة واستثمارات هائلة والتزام باجتثاث الفساد.
لقد دعا بعض الزعماء في أوروبا إلى خطة مارشال لأفريقيا. وهذا يمثل طموحًا مثيرًا للإعجاب، لكن حين يتعلق الأمر بالتفاصيل، فإن أوروبا أبعد ما تكون عن مثل هذه الرؤية. فبعد الحرب العالمية الثانية، استثمرت الولايات المتحدة 1.4 بالمائة من إجمالي ناتجها المحلي للمساعدة في إعادة بناء أوروبا – وذلك كل سنة على مدار أربع سنوات. ومن شأن الاستثمارات التي ستكون على مستوى خطة مارشال الأصلية أن تتطلب حوالي 270 مليار يورو سنويًا على مدار السنوات الأربع القادمة.
إن إتباع هذه الركائز الست ضروري ولازم من أجل تهدئة مخاوف الشعب وتقليل التدفقات الفوضوية لطالبي اللجوء وضمان الإدماج الكامل للوافدين الجدد وإقامة علاقات مفيدة للطرفين مع بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وتلبية الالتزامات الإنسانية الدولية لأوروبا.
يمثل كل هذا سببًا كافيًا للقيام بالاستثمارات المحددة أعلاه. لكن يوجد سبب آخر شديد الأهمية وراء حاجة أوروبا للقيام بإجراء ما: فمع شيخوخة سكانها، لا تستطيع ببساطة أن تتحمل كلفة خلق بيئة يكون فيها اللاجئون غير مرغوبين. إن المنافع التي تجلبها الهجرة تفوق بصورة كبيرة تكلفة إدماج المهاجرين. فالسكان المختلفون يجلبون مهارات مختلفة، لكن المنافع تتأتى بنفس القدر من الابتكارات التي يدخلونها مثلما تتأتى من مهاراتهم المحددة. توجد الكثير من الأدلة القولية على ذلك، بدءًا من مساهمة «هوغونوت» (Huguenot) في الثورة الصناعية الأولى عن طريق إدخال النسيج والصرافة إلى إنجلترا. وأنا منبهر على نحو خاص بالأدلة الموثقة التي تبين الفوائد التي جلبها عمال الزراعة الألبانيون الذين عادوا من اليونان في عام 2011، وذلك في غضون فترة زمنية قصيرة مقدارها أربع سنوات. كان من الممكن أن يتوقع المرء أن تؤدي هذه الهجرة الضخمة العائدة إلى خفض الأجور الزراعية، لكن بدلًا من ذلك، أدخل العائدون طرق الزارعة الأكثر تقدمًا التي تعلموها في اليونان واستثمروا المال الذي كانوا قد ادخروه؛ وقد مكنهم هذا من شراء الماكينات لمزارع الأسر، ما أدى إلى زيادة الأجور في واقع الأمر. وهذا يدل على أن المهاجرين لديهم إمكانية كبيرة في الإسهام في الابتكار والتنمية إذا اتيحت لهم الفرصة لفعل ذلك.
خاتمة
لا تمثل أزمة اللاجئين الأزمة الوحيدة التي يتوجب على أوروبا مواجهتها، لكنها الأكثر إلحاحًا. سيستلزم الأمر منا الذهاب بعيدًا لدراسة كل هذه الأزمات، لكن إذا أمكن إحراز تقدم كبير في قضية اللاجئين، فهذا سيجعل القضايا الأخرى أسهل في التعامل معها. ثمة حاجة لوضع عناصر القضايا في موضعها الصحيح، وتظل فرص النجاح ضئيلة. لكن طالما أنه توجد استراتجية قد تنجح، فإنه ينبغي على كل الأشخاص الذين يريدون للاتحاد الأوروبي أن ينجو أن يلتفوا حولها.
تنشر بالتزامن مع مجلة فورين بولسي
جورج سوروس
========================
معهد واشنطن :إيران لا تزال تشكل تهديداً من وجهة نظر إسرائيل
مايكل هيرتسوغ
متاح أيضاً في English
15 تموز/يوليو 2016
"صادف الرابع عشر من تموز/يوليو الذكرى السنوية الأولى لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران المعروف بـ «خطة العمل المشتركة الشاملة». وهذا المقال هو جزء من سلسلة من المراصد السياسية التي تقيّم الكيفية التي أثّر فيها الاتفاق على المصالح المختلفة للولايات المتحدة".
هدأت طبول الحرب التي قرعتها إسرائيل ضد «خطة العمل المشتركة الشاملة» على مدى العام الماضي، ولكن ذلك لا يعني أنها عقدت صلحاً مع الاتفاق. إذ لا تزال إسرائيل تنظر إليه باعتباره صفقة تطرح إشكالية كبيرة، فضلاً عن كونها تشكل مخاطر طويلة المدى في المجال النووي وأخرى قصيرة ومتوسطة المدى في المجالات العسكرية الإقليمية والتقليدية. ولم تؤدي التطورات التي حصلت منذ شهر تموز/ يوليو 2015 سوى إلى تعزيز هذه المخاوف، ولم تخففها.
وفي هذا السياق، غالباً ما يتطرق مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي أوباما إلى الاتفاق كما لو أنه يتمتع بدعم كبير في أوساط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. ففي جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي في أواخر شباط/ فبراير عالج وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هذه النقطة بادعائه أن رئيس أركان "جيش الدفاع الإسرائيلي" الجنرال غادي آيزنكوت قد اعترف الشهر الماضي بأن الصفقة ألغت تهديداً وجودياً كان يتربص بإسرائيل. بيد أن التصريح الدقيق للجنرال الإسرائيلي قد أُخرج من سياقه وعُرض بشكل غير متّقن. فوفقاً لآيزنكوت، تشكّل الصفقة "نقطة تحول استراتيجية" تشمل "العديد من المخاطر بل من الفرص أيضاً". ففي حين أن التحدي النووي يُعتبر الآن طويل الأمد - أشار الجنرال إلى أنه "في غضون خمسة عشر عاماً ... سيتوجب علينا إيلاء أولوية كبرى لرصد برنامج إيران النووي، وطرح الأسئلة حول القنوات السرية المحتملة" - فإن إيران ستهدد إسرائيل عبر «حزب الله» وعملاء آخرين على المدى القصير، وذلك على الأرجح من خلال زيادة تمويلهم وقدراتهم.
وفي الواقع، من وجهة نظر استراتيجية إسرائيلية، التي تؤمن بها الغالبية العظمى من المؤسسة العسكرية، لا يزال المحور الذي تقوده إيران يشكل أخطر تهديد للأمن القومي الإسرائيلي، حتى أكثر من ذلك الذي يطرحه تنظيم «الدولة الإسلامية». وفي حين أن هذا التنظيم لا يقل في معاداته لإسرائيل عن إيران وهو بالكاد يخضع للرقابة، فإن المحور الإيراني يتحرك تحت قيادة قوة إقليمية ذات ثقل كبير دمجت ما بين سعيها للهيمنة الإقليمية وبين طموحاتها النووية، إلى جانب تمتعها بأدوات للمضي قدماً في المشروعين على حد سواء. إلى جانب ذلك، لا تسمح طهران بالاضطرابات الإقليمية بتشتيت انتباهها عن معاداتها لإسرائيل، وهي تدعو علانية إلى تدمير البلاد مراراً وتكراراً مع تشجيعها المستمر للقوات العميلة المتحاربة في لبنان وسوريا وقطاع غزة.
ويعتقد الإسرائيليون أن إدارة أوباما لا تشاركهم هذا الإحساس بالتهديد بشكل كامل. كما أنهم يشعرون بقلق عميق إزاء ما يبدو أنه عبارة عن تآكل ذاتي في ردع الولايات المتحدة لإيران، بما في ذلك منذ اعتماد «خطة العمل المشتركة الشاملة»، مع إفساح واشنطن المجال مراراً لطهران لمتابعة سلوكها المزعزع للاستقرار من دون أن تترتب على ذلك عواقب وخيمة. وبالنسبة إلى إسرائيل، يبدو أن هذه الرؤيا جاءت كنتيجة تراكمية لعدة عوامل وهي: تركيز الولايات المتحدة (المفهوم) على قيادة ائتلاف مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو مصدر قلق مبالغ فيه حول إبعاد إيران عن «خطة العمل المشتركة الشاملة»، والميل الواضح إلى الاكتفاء بما حققته الصفقة. وإلى جانب نظرة الرئيس أوباما الأوسع للعالم - والتي تمثلت في دعوته الأخيرة للمملكة العربية السعودية وإيران إلى "تقاسم الجوار" - يتم تفسير السياسة الأمريكية كتحمّل الدور الإقليمي الإيراني المعادي على حساب حلفاء الولايات المتحدة التقليديين.
المجال النووي
في الخطاب الذي ألقاه مؤخراً في "مؤتمر هرتسيليا" [في إسرائيل]، أشار مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء هرتسي هاليفي، إلى أن البرنامج النووي الإيراني "محدود على مدى السنوات القادمة، بيد أن الرؤية النووية لا تزال قائمة". وفي الواقع، من الصعب العثور على شخص في أوساط صناعة القرار والدفاع الإسرائيلية الذي يؤمن بأن طهران قد تخلت عن طموحاتها النووية. ويعترف الإسرائيليون بأن «خطة العمل المشتركة الشاملة» تؤدي إلى تراجع القدرات النووية الإيرانية، من خلال كسب عدد من السنوات القيّمة، ولكن هذه القيود ستُرفع مع الوقت، كما أنه قد سُمح لإيران بالحفاظ على نسبة كبيرة من بنيتها التحتية النووية.
لا بد من الإشارة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية تقدّر أن إيران ستلتزم إلى حد كبير بشروط الاتفاق على مدى السنوات القليلة المقبلة من أجل جني أكبر قدر ممكن من الفوائد. لكن بعد ذلك من المرجح أن تبدأ باختبار حدود الاتفاق، وخصوصاً بعد "يوم الانتقال"، المقرر في موعد أقصاه تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وفي هذه المرحلة يُفترض أن تُصْدِر «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» "خلاصة أوسع" بأن جميع المواد والمنشآت النووية الإيرانية هي لأغراض سلمية، وأنها لا تنخرط في أي أنشطة نووية غير معلنة.
وحتى إذا استمرت إيران في الامتثال طوال مدة الاتفاق، إلا أن إسرائيل تشعر بقلق بالغ من العواقب التي ستشهدها بعد عشرة إلى خمسة عشر عاماً من الآن. فبحلول ذلك الوقت، سيكون قد تم رفع معظم القيود المفروضة على البرنامج النووي وستتقلص فترة اختراق إيران للعتبة النووية نحو المواد المستخدمة في صنع الأسلحة النووية إلى أسابيع، ثم إلى أيام. ولا يراهن الإسرائيليون بأموالهم على أن الصفقة ستؤدي إلى حدوث تحوّل في [نظرة] الجمهورية الإسلامية، وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي سيردع إيران بعد أن تكون مخوّلة بعبور العتبة النووية من فعل ذلك عندما تنتهي غالبية شروط الاتفاق؟ في هذا الإطار، لا يمكن ضمان ردع كافٍ من قبل الولايات المتحدة، لذا تعتقد إسرائيل أنه يجب عليها تعزيز قدراتها الذاتية للتعامل مع هذا التهديد المستقبلي الخطير. وحالما تم التوصل إلى «خطة العمل المشتركة الشاملة»، أصدر "جيش الدفاع الإسرائيلي" أول ورقة استراتيجية ينشرها للعلن على الإطلاق. وعلى الرغم من أن الوثيقة لا تشير مباشرة إلى التهديد النووي الإيراني (وذلك بشكل أساسي لأن "جيش الدفاع الإسرائيلي" لا يتوقع أن يبرز هذا الخطر في السنوات القليلة المقبلة)، إلا أنهمن الواضح أنها تأخذ هذا التهديد بعين الاعتبار حين تدعو إلى تعزيز الردع والحفاظ على حالة التأهب لمواجهة ضربات استباقية محتملة ضد "البلدان التي لا تربطها بإسرائيل حدود مشتركة".
إن تصرّف «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» و مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» خلال العام الماضي لم يؤدِ سوى إلى ازدياد مخاوف إسرائيل طويلة المدى. ففي كانون الأول/ ديسمبر أغلق مجلس محافظي «الوكالة» التحقيق حول "الأبعاد العسكرية المحتملة" للأنشطة النووية الإيرانية السابقة، على الرغم من "التقييم النهائي" لـ «الوكالة» الذي يدين إيران والذي سبق هذا القرار. ومنذ ذلك الحين، تضمنت تقارير «الوكالة» تفاصيل أقل من تلك التي صدرت قبل التوصل إلى «خطة العمل المشتركة الشاملة»، الأمر الذي أدى إلى تراجع الثقة في نظام الرصد. وفي الوقت نفسه، يبدو أن إيران واصلت جهودها لشراء التكنولوجيا والمواد النووية غير المشروعة (مثل ألياف الكربون التي تستخدم لتصنيع مراوح الطرد المركزي)، وبالتالي جمدت قناة المشتريات المتفق عليها من أجل المواد ذات الاستخدام المزدوج.
المجال غير النووي
منذ وضع اللمسات الأخيرة على «خطة العمل المشتركة الشاملة»، عززت إيران بشكل كبير ميزانية الدفاع الخاصة بها، وأطلقت موجة من شراء الأسلحة في روسيا، وبدأت بقبول عمليات تسليم مكونات صواريخ أرض-جو من طراز "إس-300" من موسكو. بالإضافة إلى ذلك، اختبرت تجارب إطلاق صواريخ بعيدة المدى، مما شكل انتهاكاً لروح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 ولم يترتب عن ذلك أي عواقب عليها.
وفي الوقت نفسه، كانت إسرائيل تتابع عن كثب أنشطة إيران في سوريا المجاورة لها. وفي حين لا تتمتع إسرائيل بمصلحة في الانجرار إلى تلك الحرب، إلا أنها لا تريد أن ترسخ إيران وجوداً دائماً سائداً لها في سوريا، لأن ذلك يمكن أن يسمح لطهران بالاستمرار بتسليح «حزب الله» وإنشاء جيش نشط أو جبهة إرهابية، وخاصة في هضبة الجولان. وقد أحبطت إسرائيل بالفعل محاولات عديدة لنقل أسلحة استراتيجية إلى «حزب الله» في لبنان عن طريق سوريا. وفي كانون الأول/ديسمبر، أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً بهذه الإجراءات للمرة الأولى. كما اتخذت إسرائيل خطوات لإحباط التحركات العدائية من قبل إيران وعملائها في جنوب سوريا، من بينها القصف في منطقة الجولان في كانون الثاني/يناير 2015 الذي أسفر عن مقتل جنرال من «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني وعدد من عناصر «حزب الله». وحتى الآن، قيدت إجراءات منفصلة اتخذتها إسرائيل وجماعات الثوار السورية على طموحات إيران في الجنوب، لكن من الممكن إثارة هذه الطموحات من جديد، لذلك فإن إسرائيل مستعدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات الاستباقية والوقائية إذا لزم الأمر.
وفي العام الماضي، ناقشت إسرائيل هذه المخاوف مع روسيا، في الوقت الذي أقامت فيه الدولتان آلية فعّالة لتفادي التعارض والاحتكاك في سوريا. وخلال لقاءاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثار نتنياهو موضوع التفاهمات حول "الخطوط الحمراء" الإسرائيلية، من بينها التهديدات التي تطرحها إيران و «حزب الله» في الجولان فضلاً عن عمليات نقل الأسلحة الاستراتيجية.
ومن الناحية العسكرية، لا يزال «حزب الله» يشكل التحدي الأكبر لإسرائيل نظراً إلى ترسانته الضخمة التي تضم أكثر من 100 ألف صاروخ. ولا يعتقد الإسرائيليون أن الحزب يسعى إلى مواجهة عسكرية أخرى في الوقت الحاضر نظراً إلى استثماراته الكبيرة في الحرب في سوريا، والتحديات الداخلية التي يواجهها في لبنان، وعملية الردع الإسرائيلية الناجحة منذ حرب عام 2006. وفي الوقت نفسه، بدأت [ميليشيات] الحزب تتحول إلى جيش محترف في الوقت الذي تكتسب فيه خبرة عسكرية قيّمة في سوريا وتواصل تلقي السلاح من إيران. من جهتها، تحذر الاستخبارات الإسرائيلية من استخدام إيران لبعض الأموال المكتسبة من رفع العقوبات النووية لتزويد «حزب الله» بمزيد من الصواريخ المتطورة، مشددة على تحسين دقة هذه الصواريخ والتي يمكن أن تمكّنها من ضرب أهداف عسكرية ومدنية حساسة في إسرائيل. ومؤخراً، تفاخر نائب قائد «الحرس الثوري» الإيراني بأن ترسانة الصواريخ الضخمة في لبنان ستساعد على تدمير إسرائيل، في حين حذر جنرالات "جيش الدفاع الإسرائيلي" علناً من إلحاق دمار ساحق بلبنان إذا ما حاول «حزب الله» اختبار إسرائيل مجدداً.
كما أن بصمات إيران واضحة أيضاً في غزة. ففي حين توترت علاقتها مع حركة «حماس» في السنوات الأخيرة بسبب الخلافات السياسية حول سوريا، لم توقف طهران دعمها العسكري للحركة (أو غيرها من الفصائل في غزة) بشكل كامل، واستمرت في تهريب الأسلحة إلى القطاع ومساعدة السكان المحليين على تطوير صناعة الدفاع المتواضعة الخاصة بهم. من جانبه، سعى الجناح العسكري في «حماس» باستمرار إلى إقامة علاقات أوثق مع إيران، كما أن القيادة السياسية للحركة أشارت مؤخراً إلى خطوة في هذا الاتجاه، حين خرج نائب رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» موسى أبو مرزوق عن مساره المعتاد عبر الثناء على دعم طهران الذي لا مثيل له.
وأخيراً وليس آخراً، فإن الهجمات الإلكترونية الإيرانية على إسرائيل لم تتراجع في ظل «خطة العمل المشتركة الشاملة». ففي كانون الثاني/ يناير، شهدت إسرائيل واحدة من أكبر هذه الهجمات على شبكة الكهرباء، والتي يعتقد أنها مرتبطة بإيران. وفي تصريحات تسربت من اجتماع مغلق عُقد بعد وقت قصير من التوصل إلى «خطة العمل المشتركة الشاملة»، أفادت بعض التقارير أن اللواء هاليفي قال: "إذا سألْتني عما إذا كنا سنشهد حرباً مع إيران في السنوات العشر القادمة، سأفاجئك بردّي بأننا بالفعل في حرب مع إيران، وهي حرب تكنولوجية". كما وحذر بأن إيران تغلق الفجوة مع إسرائيل في هذه الحرب.
المحصلة
نظراً إلى عدم وجود تطمينات حول التهديدات الإيرانية والردع الأمريكي ضدها، تولت إسرائيل زمام الأمور بعد إقرار «خطة العمل المشتركة الشاملة» في محاولة لتعزيز موقفها الإقليمي. إذ أقامت علاقات عمل ودية مع موسكو، وتوصلت إلى اتفاق مصالحة مع تركيا، والأهم من ذلك أنها تقرّبت إلى الأطراف العربية الرئيسية التي تشاركها القلق، مما أدى إلى تعاون أمني غير مسبوق.
أما بالنسبة إلى العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، فقد أعربت إسرائيل عن قلقها إلى أقصى حد في الحوار بشأن مذكرة التفاهم حول صفقة مساعدات عسكرية جديدة لمدة عشر سنوات إلى إسرائيل. وعلى الرغم من حرص حكومتي البلدين على عدم وضع المذكرة في إطار "التعويض" عن صفقة إيران، بيد أن هذه المذكرة مصممة بوضوح لمعالجة الشعور بالتهديد الذي تراه إسرائيل في مواجهة إيران وعملائها، وخاصة في مجالات القدرات الجوية والدفاع الصاروخي والاستخبارات والقدرات الإلكترونية. وبالتالي، فمن مصلحة الطرفين إبرام مذكرة التفاهم في أقرب وقت ممكن.
واستشرافاً للمستقبل، على إسرائيل وواشنطن (ربما في ظل الإدارة المقبلة) أن تفكرا في إقامة حوار وتأسيس مجموعات عمل على مستوى عال وعلى نطاق واسع حول التحديات الطويلة والقصيرة الأجل التي تطرحها إيران. وينبغي أن تركز هذه المناقشات على تعزيز الردع النووي وغير النووي على حد سواء، وتعريف الانتهاكات الإيرانية لـ «خطة العمل المشتركة الشاملة» ونتائجها، وتحديد التدابير الملموسة على المدى القصير التي يجب اتخاذها لمواجهة التحدي النووي على المدى الطويل، ومعالجة التهديد العسكري الذي يطرحه «حزب الله»، وتعريف المجالات التي قد تتقارب فيها المصالح الثنائية أو تتباعد في المنطقة. وفي هذا السياق، يُعتبر تحسين العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب من الأصول الهامة بالنسبة إلى الولايات المتحدة أيضاً، حيث توفر خيارات إضافية في منطقة مضطربة تطغى عليها الطموحات الإيرانية.
 مايكل هيرتسوغ، هو عميد (متقاعد) في "جيش الدفاع الإسرائيلي" وزميل "ميلتون فاين" الدولي في معهد واشنطن. وقد شغل سابقاً منصب رئيس "قسم التخطيط الاستراتيجي" في "الجيش الإسرائيلي" ورئيس ديوان مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي.
========================
وول ستريت جورنال :رغم فشل الانقلاب.. هل تتغير مواقف تركيا تجاه سوريا؟
 
مركز الشرق العربي
قدم فشل محاولة الانقلاب في تركيا راحة مؤقتة للمعارضة وملايين السوريين اللاجئين في تركيا الذين اعتمدوا على دعم الرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أن هذا الدعم على وشك أن يتغير بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” اﻷمريكية.
وقالت الصحيفة، منذ بداية الثورة السورية عام 2011، تركيا كانت واحدة من الداعمين الرئيسيين، واستضافت المعارضة السياسية في المنفى، وسمحت باستخدام حدودها لتمرير الأسلحة، والأموال للمعارضة في شمال سوريا، بجانب مرور حوالي 2.7 مليون لاجئ سوري.
الجيش السوري الحر – ائتلاف فضفاض من الفصائل المعارضة- سارع بإصدار بيان السبت يتضامن فيه مع “الحكومة التركية المنتخبة”، ومع الشعب التركي الذي خرج للشوارع لمواجهة الانقلاب.
أردوغان أبدى في الآونة الأخيرة تغييرا في بعض المواقف بشأن سوريا، حيث استعاد العلاقات مع روسيا، ودعم هجومها على اﻷكراد في سوريا، خاصة أن تركيا كانت قلقة من أكراد سوريا بسبب الحروب التي بينهما.
ولكن محاولة انقلاب الجمعة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التغييرات في الموقف التركي تجاه الوضع في سوريا، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن “آرون لوند” من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قوله: “إذا سقط أردوغان، فإن تأثير ذلك على السياسة الخارجية، وخاصة بشان سوريا سيكون كبيرا، ولكن حتى مع استمراره سيحدث تغيير في السياسة، ولكن لا يعرف مقداره”.
وبحسب الصحيفة: “المشاعر ضد اللاجئين السوريين في مصر تحولت بشكل حاد في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد محمد مرسي، الذي كان إسلاميا مثل اردوغان. السوريون، الذين دعمهم مرسي، وجدوا أنفسهم فجأة عرضه للهجوم في مصر، مما دفع العديد منهم للعودة لسوريا”.
وأضاف لوند: إذا كان هذا يقال فقط لتعزيز شعبية أردوغان، أنا لا أرى لماذا لا يستمر في فعل ما يريد فعله بشأن سوريا”.
المعارضة السورية تعاني لسنوات مما تصفه بتخاذل الداعمين، تركيا حتى الآن، واحدة من عدد قليل من الدول الداعمة بانتظام.
ونقلت الصحيفة عن جوشوا لانديس الخبير في الشؤون السورية والأستاذ في جامعة أوكلاهوما قوله: “في محاولة من أردوغان لمواجهة الأعداء في الداخل، فإنه قد يضطر للتخلي عن مصالحه في سوريا، وسحب دعمه للمعارضة”.
وأضاف:” تركيا في غاية الأهمية للمعارضة السورية.. ولو حدث أي تحول مهما كان صغيرا فإنه سيكون كبيرًا للمعارضة السورية”.
سونر كاجابتاي، مدير برنامج تركيا بمعهد واشنطن :” لا يتوقع أي تغيير في سياسة تركيا تجاه سوريا أو اللاجئين السوريين، لكنه يرى عواقب كبيرة على قدرة تركيا على المحافظة على الشراكات العسكرية الآن، خاصة مع انقسام وضعف جيشها”.
واحدة من الشراكات العسكرية الرئيسية في الوقت الراهن مع الولايات المتحدة التي تسمح لها باستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا، لضرب تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
وقال كاجابتاي: الانقلاب سوف يزعزع قدرة الجيش على تأمين الحدود التركية البالغة 565 ميلا مع سوريا، ولقد حان الوقت لكي تطالب أنقرة الدول الغربية بتضييق الخناق على حركة المقاتلين اﻷجانب عبر الحدود.
في السنوات الأخيرة، أصبحت الحدود منطقة عسكرية على نحو متزايد مع وجود خنادق عميقة، وجدران عالية وجنود يمنعون الناس من محاولة عبور الحدود إلى تركيا.
 
========================
واشنطن بوست: الطيران الأمريكي استخدم قنابل عنقودية ضد منبج
2016-07-20 ترجمة منال حميد - الخليج أونلاين رابط مختصر
نقلت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، عن مصدر في معهد سوريا من أجل العدالة، قوله إن الطائرات الأمريكية استخدمت، أمس الثلاثاء، من 8 إلى 10 حاويات قنابل عنقودية في قصفها لمدينة منبج السورية، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين.
وكان نشطاء وجماعات حقوقية قد أكدوا بأن الغارات التي شنتها طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع داخل سوريا أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، بينهم عائلات بأكملها أبيدت.
من جهته أعلن الجيش الأمريكي أنه يحقق في هذه المزاعم مع ارتفاع عدد قتلى تلك الغارات إلى أكثر من 160 مدنياً، سقطوا في الغارات على مدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
البيان الأمريكي أشار إلى أن هناك تحقيقات فيما إذا كانت تلك الغارات قد قتلت فعلاً مدنيين، مضيفاً: إنه "سيتم مراجعة تلك المعلومات، والتأكد من مصداقيتها"، مشدداً على أن الطائرات الأمريكية، وطائرات التحالف، تتخذ كافة الإجراءات لمنع وقوع ضحايا مدنيين في الغارات التي يشنها على مواقع تابعة لتنظيم الدولة.
الهجمات الأمريكية تزامنت مع قتال عنيف شهدته منبج بين "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، وبين عناصر تنظيم الدولة، حيث تسعى تلك القوات المدعومة أمريكياً إلى السيطرة على منبج منذ أسابيع، عندما أعلنت عن شن هجوم على تلك المنطقة، فيما نفذت القوات الأمريكية قرابة 18 ضربة جوية في محيط منبج خلال الساعات الـ 24 الماضية.
وتشير الواشنطن بوست إلى أن سماء منطقة منبج والمناطق المحيطة بها شهدت، خلال الأيام الماضية، غارات مكثفة، ليس من طرف الطيران الأمريكي وحسب، وإنما أيضاً من طرف الطيران الروسي والسوري.
وتنقل الواشنطن بوست عن سكان منبج قولهم، إن طائرات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية هي الوحيدة التي قامت بالقصف على منبج ومحيطها منذ بدء الهجوم، في الأول من يونيو/حزيران الماضي.
وقال جاسم السيد، عضو المجلس المحلي لمدينة منبج، إنه في حال تأكدت التقارير بأن الطيران الأمريكي هو من ارتكب تلك المجزرة فإن ذلك سيقوض الجهود المحلية التي تدعمها واشنطن لتحرير المدينة من قبضة تنظيم الدولة، والتي تعتبر واحدة من المدن المهمة التي سيطر عليها التنظيم منذ العام 2014.
========================
الانتلانتك :ما الخطوة التالية بالنسبة لسوريا؟
الثلاثاء 19 تموز 2016
Atlanticcouncil – (ترجمة بلدي نيوز)
 
في 14 تموز، استضاف المجلس الأطلسي مناقشة مع اثنين من ممثلي المعارضة السورية الكرام: الدكتورة بسمة قضماني، عضو فريق مفاوضات جنيف والمتحدثة باسم المعارضة السورية، والسيدة أليس مفرج، السياسية السورية والعضو في فريق المفاوضات، حيث قدما في نقاشهم رؤية ومواقف اللجنة المفاوضات العليا للمعارضة (HNC) وماهو المطلوب لتحقيق تقدم في عملية الانتقال السياسي.
وفقاً للدكتورة قضماني فإن المعارضة تراقب الاقتراح الأمريكي الأخير في التعاون مع روسيا لمكافحة الجماعات الإرهابية بأمل وقلق على حد سواء، حيث يتجلى الأمل بأن يكون هنالك تعاون بين كلا اللاعبين الدوليين الأساسيين لمعالجة الوضع في سوريا، والقلق فيما إذا كان "هذا التعاون سيؤدي إلى التزام جاد من قبل أولئك اللاعبين الرئيسيين، واتخاذ تدابير جدية لضمان امتثال النظام" حتى الآن، فقد كان النظام هو اللاعب الرئيسي غير الملتزم بأي اتفاقيات دولية، في حين أن قوى المعارضة حاولت التعاون مع المجتمع الدولي، وآخر مثال على ذلك في وقف الأعمال العدائية في 26  فبراير، وبالنظر لنمط النظام بعدم الالتزام، فإن المعارضة تتساءل عما سيحصل إذا لم يمتثل النظام حينها، وما هي الضمانات لضمان التزام النظام بأي اتفاق.
كما أن المعارضة ليست غير سعيدة بتعاون الولايات المتحدة مع روسيا باستهداف جبهة النصرة، حيث لم يكن هذا التنظيم المتطرف حليفاً أساسياً للمعارضة: فقد قام بمهاجمة جماعات معارضة أخرى، كما قام بخطف واغتيال قادة الجماعات المسلحة الأخرى.
إن لجنة المفاوضات العليا تشعر عموماً بأنها أصبحت أكثر كفاءة في التعامل مع المجتمع الدولي منذ الاجتماع الأول في جنيف، كونها طورت بشكل أفضل رؤيتها لما ستبدو عليه الفترة الانتقالية، مما يعطيها مزيداً من المرونة في التعامل مع الأمم المتحدة، ومع ذلك، فقد رفض النظام المشاركة الحقيقية بتلك المناقشات، وأصبحت المعارضة مرنة بالعمل مع ستيفان دي ميستورا، في حين أنها شعرت في البداية بأنه كان أكثر تركيزاً على كسب ثقة روسيا وإيران بينما أبقى الضغط على المعارضة للتنازل عن مطالبها.
إن عدم قيام الولايات المتحدة باتخاذ خطوات ملموسة لضمان امتثال النظام، أضر بمكانتها في نظر المعارضة، حيث قالت السيدة قضماني "بصراحة، إن المعارضة تقول الآن بأن هذه الإدارة لم تقم بمساعدتنا مطلقاً، لم تقم بجعلنا شريكا، وعلى الرغم من أننا حققنا كل المطالب، كما أن تلك التنازلات من طرفنا لم تقم بإنتاج أو تقديم أي ضمانات من الجانب الأمريكي، وذلك لا يعطي الإدارة الأمريكية الحق الآن في خفض سقف مطالبنا، وإخبارنا بأن علينا أن نعيش مع الأسد، فإن الاتفاق الآن يبدو كذلك، وهذه هي الشروط، وإن كنتم لا تحبونها، فليس هنالك من خيار لديكم".
إن المعتقلين هي القضية التي رفض النظام الامتثال لها بشكل مطلق، وحتى وبشكل أقل من ذلك التوقف لفترة قصيرة عن شنّ الأعمال العدائية، وكذلك تعنته بعدم السماح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة، حيث أشارت تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى أساليب الاعتقال لدى النظام بكونها أشبه بالإبادة الجماعية، وتحدثت السيدة أليس مفرج واصفة التعذيب، بأن الكثيرين من المدنيين يتعرضون للضرب والصعق بالكهرباء، وتكتيكات التجويع في السجون، بالإضافة للأشخاص الذين يعانون من شتى الأمراض ولا يتلقون أي معالجة، وكيف أن صبياً يبلغ من العمر 12 عاما مات بسبب البرد، وعن طبيبة كانت معلقة من شعرها، وكيف تم وضع المعتقلين في الحبس الانفرادي في غرفة مليئة بجثث الموتى.
لقد قدمت لجنة المفاوضات العليا للمعارضة ولعدة مرات حتى الآن اقتراحات للأمم المتحدة، تشير فيها إلى كيفية التعامل مع هذه المسألة، مثلاً وعلى الأقل بقيام النظام بإطلاق النساء والأطفال كخطوة أولى لبناء الثقة، ولكن وفي كل مرة تقوم روسيا بعرقلة ذلك الأمر، حيث ذكرت مفرج بأنهم حاولوا حتى دفع الأمم المتحدة لتفعيل المادة 7، والتي تسمح لها بإرسال مراقبين للسجون، وذلك من دون انتظار إذن النظام، ولكن دون أي جدوى.
لقد كان النظام متعنّتاً جدا بشأن هذه المسألة، وحتى بشأن التركيز على أي قضايا إنسانية أخرى، والتي قد تنبع من حقيقة أن سياسة الاعتقال كانت الأداة الأساسية للنظام بترهيب معارضته، وضمان بقائه منذ ستينيات القرن المنصرم، والتي أثبت بأنه سيظل يتبعها كأداة لازمة لبقاء نظامه ووجوده.
في شهر مايو، قام ستيفان دي ميستورا بتعيين إيفا سفوبودا، العضو في اللجنة الدولية، للتعامل مع قضية المعتقلين والمخطوفين، ولكن مفرج تقول بأن ليس هنالك من أي تقدم ملحوظ حتى الآن، كما تضيف بأن الأرقام مخيفة جداً، ولا أحد يستطيع أن يجزم العدد الحقيقي للمدنيين المحتجزين، ولكنها تعتقد بأن هنالك ما بين 150،000 و 200،000 من المعتقلين في سجون النظام الآن، وأن هنالك 60.000 آخرون، لقوا حتفهم أثناء احتجازهم وتعذيبهم.
وحول موضوع المفاوضات المستقبلية، ذكرت السيدة قضماني بأن الأولوية الآن تتجلى في تحقيق وقف حقيقي للأعمال العدائية، وخاصة إذا ما كان الاتفاق السياسي المقدّم، لا يلبي مطالب المعارضة الأساسية، كما أضافت قائلة "نود أن نرى التزاماً حقيقياً بشأن وقف الأعمال العدائية، حيث أن هذا هو هدف يمكن الوصول إليه كما أعتقد، وخاصة إذا ما كانت هنالك إرادة حقيقية في تنفيذه، وإن لم يكن هنالك من اتفاق سياسي يرضي، أو سيلبي مطالبنا، فأرى أنه من الأفضل عدم التوصل الى اتفاق سياسي الآن بصراحة، على الأقل ليس الآن، ولربما يجب السماح لسياق أفضل لإنتاج هذا الاتفاق في وقت لاحق".
=======================