الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 23/9/2017

سوريا في الصحافة العالمية 23/9/2017

24.09.2017
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية  :  
الصحافة الفرنسية والروسية :  
الصحافة العبرية :  
الصحافة الامريكية  :
دايال لازار* - (كونسورتيوم نيوز) 9/9/2017 :التراجع الخطير للهيمنة الأميركية
http://www.alghad.com/articles/1840602-التراجع-الخطير-للهيمنة-الأميركية
دايال لازار* - (كونسورتيوم نيوز) 9/9/2017
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
الصورة الأكبر خلف هستريا واشنطن الرسمية بخصوص روسيا، وسورية، وكورية الشمالية، هي صورة هيمنة أميركية آفلة –وإنما خطيرة، والتي تقاوم بداية نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
 *   *   *
المواجهة مع كوريا الشمالية حدث مركزي يمكن أن ينتهي بإحدى طريقتين: نشوب اشتباك نووي؛ أو إعادة ترتيب للنظام الدولي.
بينما لا يكون الرضا عن الذات مضمونا دائما، يبدو الخيار الأول غير مرجح بازدياد. وكما قال استراتيجي عالمي لا يقل عن ستيفن بانون حول احتمال توجيه ضربة أميركية استباقية: "لا يوجد حل عسكري هنا. انسوا هذا الأمر. ما لم يحل أحد ما طرف المعادلة التي يريني أن عشرة ملايين شخص في سيئول لا يموتون في أول ثلاثين دقيقة بسبب الأسلحة التقليدية، فإنني لا أعرف عما تتحدثون. ما من حل عسكري هنا. لقد أمسكوا بنا".
لكن هذا لا يعني أن دونالد ترامب، رئيس بانون السابق، لا يستطع فعل شيء بتسرع. وبعد كل شيء، لدينا رجل يفتخر بكونه لا يمكن التنبؤ بتصرفاته في مفاوضات الأعمال التجارية، كما يشيرالمؤرخ وليام آر بوك الذي عمل في إدارة الرئيس جون كنيدي إبان أزمة الصواريخ الكوبية في مطلع الستينيات من القرن الماضي. وبذلك، ربما يعتقد ترامب أنها ستكون فكرة جيدة أن يُمارس بعض الجنون تجاه جمهورية كوريا الشمالية الشعبية الديمقراطية.
لكن هذا يظل واحدا من الأشياء الجيدة في وجود دولة عميقة، الوجود الذي تبين كونه وراء أي شك، نظرا لأن مجموعة المخابرات أعلنت الحرب على ترامب في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وبينما يمنع ترامب من التوصل إلى تسوية مؤقتة مع روسيا، فإنه يعني أن الرئيس محاط باستمرار بجنرالات وأشباح ومحترفين آخرين، والذين يعرفون الفرق بين العقارات وبين الحرب النووية.
وبقدر ما قد يكونون محاطين بالضباب أيديولوجياً، يُفترض أن بالوسع التعويل عليهم للتأكد من أن لا يغرق ترامب العالم في أرماجيدون (سميت كذلك نسبة إلى مدينة في العصر البرونزي تقع على بعد 20 ميلا إلى الجنوب الشرقي من حيفا).
يترك ذلك المجال أمام الخيار رقم اثنين: إعادة تشكيل النظام العالمي. والشخصان اللذان يعرفان أفضل ما يكون عن الموضوع هما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني تشي جين بينغ. وما يزال الاثنان يعملان منذ أعوام وفق نظام عالمي جديد، حيث تتولى دولة واحدة عمل القاضي والمحلفين والجلاد. وهذه بطبيعة الحال هي الولايات المتحدة.
إذا كانت الولايات المتحدة تقول إن نشاطات موسكو في شرق أوكرانيا غير شرعية، فإنها ستعمل عندئذٍ، باعتبارها "القوة العظمى" الوحيدة الباقية في العالم، على أن تعاني روسيا تبعاً لذلك. وإذا طالبت الصين بأن يكون لها المزيد من النفوذ والرأي في آسيا الوسطى أو غرب الباسفيكي، فعندها سيهز أصحاب الفكر اليميني في عموم العالم رؤوسهم حزناً ويتهمونها بتقويض الديمقراطية الدولية، وهو ما يترادف دائماً مع السياسة الخارجية الأميركية.
لا توجد أي جهة واحدة –ولا مؤسسة واحدة- تستطيع روسيا أو الصين الاستئناف لديها في هذه الظروف، لأن الولايات المتحدة مسؤولة عن محكمة الاستئناف. إنها "الدولة التي لا يمكن الاستغناء عنها"، وفق الكلمات الخالدة لوزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت في إدارة الرئيس بيل كلينتون، "لأننا نقف بقاماتنا الطويلة ونرى أبعد من الدول الأخرى في المستقبل". وبالنظر إلى مثل هذا الذكاء المدهش، كيف يكون بإمكان أي دولة أخرى أن تعترض؟
تحدي صانع الأحكام
لكن هناك الآن ثمة دولة صغيرة ومحاصرة في شبه الجزيرة الكورية، والتي تتغلب على الولايات المتحدة في المناورة، وتجبرها على التراجع. لم تعد الولايات المتحدة تبدو وأنها بعيدة النظر بعد الآن. ولو أن كوريا الشمالية هزمت الولايات المتحدة، كما يقول بانون، فعندئذ سوف تريد دول أخرى فعل الشيء نفسه. وسوف يتكشف المهيمن الأميركي كرجل مفرط الوزن بعمر 71 عاماً، عاريا إلا من تسريحة شعره المنتفخة.
لا يعني هذا أن الولايات المتحدة لم تعانِ من التراجعات في السابق. بل على العكس من ذلك؛ فقد اضطرت إلى القبول بنظام كاسترو في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية، ومنيت بهزيمة منكرة في فيتنام في العام 1975. لكن هذا الوقت يبدو مختلفا. فحيث كان يتوقع من الشرق والغرب تفادي الهجوم خلال الحرب الباردة، وبذل أقصى ما تستطيعه في سبيل ذلك، يجب على الولايات المتحدة، باعتبارها المهيمن العالمي، أن تبذل كل ما بوسعها للحفاظ على هالتها كقوة لا تقهر.
 منذ العام 1989، عنى ذلك ضرب مجموعة من "الأولاد الأشرار" الذين جلبهم حظهم السيء إلى الوقوف في طريق الولايات المتحدة. وكان أول من أطيح به مانويل نورييغا، بعد ستة أسابيع من سقوط جدار برلين، في غزو كلف أرواح نحو 500 جندي بنمي، وربما آلاف المدنيين أيضاً.
وكان الملا عمر في أفغانستان هو الثاني الذي ذهب في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2001، تبعه سلوبودان ميلاسوفيتش الذي مثل أمام محكمة دولية في العام 2002؛ ثم صدام حسين الذي أُعدم في العام 2006؛ فمعمر القذافي الذي قتله الرعاع في العام 2011. ولبرهة، بدا العالم فعلا مثل "مسدس يتصاعد من فوهته الدخان" وبدت الولايات المتحدة فعلا مثل الشريف مات ديلون.
ولكن، جاءت عندئذ بعض المطبات في الطريق. فقد ابتهجت إدارة أوباما بالانقلاب الذي وقع في كييف كان رأس حربته النازيون في وقت مبكر من العام 2014، فقط لتقف وتراقب بلا حول ولا قوة قيام بوتين، تحت ضغط شعبي كثيف، بالرد على الانقلاب من خلال فصل شبه جزيرة القرم التي كانت تاريخيا جزءا من روسيا، وكانت موطنا للقاعدة البحرية الروسية الإستراتيجية في سيفاستوبول، وإعادة ضمها ثانية إلى روسيا.
وكانت الولايات المتحدة قد فعلت شيئا مشابها قبل ستة أعوام عندما شجعت كوسوفو على الانفصال عن صربيا. ولكن، فيما بتعلق بأوكرانيا، استحضر المحافظون الجدد خيانة ميونيخ في العام 1938، وقارنوا بين حالة القرم وبين استيلاء هتلر على سوديتنلاند.
بالإضافة إلى ذلك، وبدعم من روسيا، صفع الرئيس السوري بشار الأسد واشنطن عبر طرده القوات الموالية لتنظيم القاعدة والمدعومة أميركيا من شرق حلب في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2016. وعلى نحو متوقع، قارنت صحيفة هفنغتون بوست الهجوم السوري المضاد على شرق حلب بالقصف الفاشي لغورنيكا (في اقليم الباسك الاسباني الانفصالي في العام 1937).
النار والغضب
أخيرا، وبدءا من آذار (مارس)، دخل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لعبة مزايدة مع الرئيس الأميركي ترامب، وقام بإطلاق صواريخ بالستية على بحر اليابان، وأجرى تجارب على صواريخ بالستية عابرة للقارات، والتي يمكن أن تطال في مداها ولاية كاليفورنيا، ثم قام بتفجير رأس حربي هيدروجيني بقوة تصل إلى ثمانية أضعاف القنبلة الذرية التي كانت قد أسقطت على مدينة هيروشيما اليابانية في العام 1945. وعندما تعهد ترامب بالرد "بالنار والغضب والقوة الصريحة لم يشهد العالم لها مثيلا من قبل"، رفع كيم الرهان عبر إطلاق صاروخ فوق جزيرة هوكايدو اليابانية.
بنفس الغرابة التي يمكن أن يكون عليها سلوك كيم في بعض الأحيان، فإن هناك نهجاً لجنونه. وكما شرح الرئيس السوري فلاديمير بوتين في قمة "بريكس" مع البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا، فقد شاهد "القائد الأعلى" لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، كيف دمرت أميركا كلاً من ليبيا والعراق، وتبعاً لذلك استنتج أن الضمان الوحيد ضد التعرض لغزو أميركي يكمن في وجود نظام إيصال نووي لديه.
وقال: "إننا نتذكر جميعا ما حدث مع العراق وصدام حسين... لقد قتل أولاده وأعتقد أن حفيده قتل أيضا، ودمر البلد عن بكرة أبيه وتم شنق صدام حسين... وكلنا يعرف كيف حدث هذا ويتذكر الشعب في كوريا الشمالية جيدا ما حدث في العراق... إنهم يفضلون أن يأكلوا العشب على أن يوقفوا برنامجهم النووي طالما أنهم لا يشعرون بالأمان".
بما أن أعمال كيم تظل دفاعية في طبيعتها في نهاية المطاف، فإن الحل المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة يكمن في التراجع والدخول في مفاوضات. لكن ترامب المتلهف لإنقاذ ماء وجهه سارع إلى استبعاد هذا الحل. وغرد على تويتر قائلا: "التحدث ليس هو الجواب". لكن النتيجة لهذا التبجح هي جعل أميركا تبدو أكثر عجزا من أي وقت مضى.
على الرغم من أن صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أن الضغط الأميركي من أجل قطع إمدادات كوريا الشمالية من النفط قد وضع الصين "في زاوية ضيقة"، فإن هذا الكلام ليس أكثر من صفير بجوار المقبرة. وما من سبب للاعتقاد بأن تشي يشعر بأقل شذرة من عدم الارتياح. بل إنه، على العكس، يستمتع بلا شك وهو يشاهد أميركا تضع نفسها في زاوية ضيقة أخرى.
 الزاوية الأميركية
إذا تراجع ترامب عند هذه المرحلة، سوف يضعف الموقف الأميركي في المنطقة، بينما سيتعزز موقف الصين تبعا لذلك. ومن جهة أخرى، إذا أقدم ترامب على فعل متهور، فسوف يكون ذلك فرصة ذهبية لبكين أو موسكو -أو لكليهما- للتدخل كصانعي سلام. ولن يكون هناك خيار أمام اليابان وكوريا الجنوبية سوى الاعتراف بأنه يوجد في الوقت الحالي ثلاثة محكمين في المنطقة بدلاً من محكم واحد، بينما ستحذو الدول الأخرى –مثل الفلبين وإندونيسيا، وربما حتى استراليا ونيوزيلندا- حذوهما.
سوف تذهب وحدانية القطبية إلى الهوامش، بينما ستحتل تعددية الأطراف موقع المركز. وعلى ضوء تراجع الحصة الأميركية من إجمالي الناتج المحلي العالمي بواقع أكثر من 20 في المائة منذ العام 1989، فإن التراجع سيكون حتميا. وقد حاولت الولايات المتحدة التعويض من خلال الاستخدام إلى الحد الأقصى لمزاياها العسكرية والسياسية. لكن ذلك سوف يكون اقتراحا خاسرا -حتى لو كانت لديها أذكى قيادة في العالم. لكنها لا تتوافر على مثل هذه القيادة في واقع الأمر. وبدلاً من ذلك، لديها رئيس أضحوكة، ولديها كونغرس غير عامل ومؤسسة سياسة خارجية ضائعة في متاهة عالم أحلام المحافظين الجدد. وتبعاً لذلك، سوف يتحول التراجع إلى مسار فوضوي.
على افتراض أن لا تتكون سحابة فطر فوق لوس أنجيلوس، فإن العالم سيكون مكانا مختلفا جدا يخرج من الأزمة الكورية قياساً مع دخوله فيها. وبطبيعة الحال، إذا تكونت سحابة الفطر فعلاً، فإنه سيكون كذلك بطريقة أكثر تأكيدا.
 
*مؤلف عدة كتب، بما فيها "الجمهورية المجمدة: كيف يشل الدستور الديمقراطية"، الصادر عن مطبعة هاركورت.
========================
أتلانتك: كيف يتقن تنظيم الدولة تصوير فشله نجاحا؟
http://arabi21.com/story/1035900/أتلانتك-كيف-يتقن-تنظيم-الدولة-تصوير-فشله-نجاحا#tag_49219
نشرت مجلة "ذي أتلانتك" مقالا للباحثين في شؤون الإرهاب واستراتيجيات الدعاية تشارلي ونتر وهارورو إنغرام، يتحدثان فيه عن إبداع تنظيم الدولة في تحويل الهجمات الإرهابية الفاشلة إلى نجاح باهر.
ويرى الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، أن هذا النجاح يعتمد على مدى الذكاء في تصوير الهجوم، ومدى استعداد الإعلام لقبول الرواية، ويستخدمان مثالا على ذلك العمل الإرهابي الذي وقع يوم الجمعة في قطار الأنفاق في لندن، حيث توقف خط ديستريكت بعد اندلاع نار في قطار في محطة بارسونز غرين، وبعد وصول الشرطة بدقائق خرجت الأنباء بأن سبب الحريق هو قنبلة فشلت في الانفجار، وخلال ساعتين من الحادث أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بأن الحادث كان عملا إرهابيا فاشلا.
وتشير المجلة إلى أنه في الساعة الثامنة مساء ذلك اليوم، أي بعد حوالي 12 ساعة من وقوع الحادثة، تبنى تنظيم الدولة الهجوم، وأعلن عن مسؤوليته من خلال بوق دعايته الرسمي وكالة أعماق للأخبار، وأطلق بعد ذلك بدقائق بيانا آخر، لكن هذه المرة من جهازه الإعلامي المركزي، معطيا تفاصيل إضافية حول الهجوم، ويدعي، دون إثبات لذلك، بأنه "تم زرع عدة قنابل"، وأن القنبلة التي انفجرت في الصباح لم تكن سوى "واحدة منها".
ويعلق الكاتبان قائلين إنه "بفعله هذا، فإن التنظيم خالف بروتوكولا خاصا به، يمتنع بموجبه من تبني العمليات الفاشلة، أو تلك العملية التي لا يزال منفذها فارا (ما عدا هجوم وقع في بروكسل الشهر الماضي)، لكن يبدو أن التنظيم قرر هذه المرة أن خسارة فرصة تبني الهجوم في بارسونز غرين  كانت كبيرة، وأدرك المسؤولون الإعلاميون لديه أن بإمكانهم، ودون جهد كبير، تحويل الفشل إلى نجاح".
ويقول الكاتبان: "لم تخب آمالهم، فبعد صدور البيان انقلبت النظرة إلى العملية، وتم رفع مستوى التهديد الذي تحدده الاستخبارات العسكرية الداخلية (MI5) من (خطير) إلى (حرج)، فلم يعد التركيز على فشل القنبلة، فذلك أصبح أمرا عرضيا في أفضل الأحوال، وأصبح الاستنتاج الرئيسي من الهجوم هو أن تنظيم الدولة استطاع مهاجمة المملكة المتحدة أربع مرات في غضون ستة أشهر".
وتلفت المجلة إلى أن "هذه لم تكن المرة الأولى التي يوظف فيها تنظيم الدولة الدعاية لتوجيه خطابه الشعبوي بعد العملية، إذا فكرنا كيف استخدم التنظيم كلمات قليلة لتحويل أمثال قاتل أورلاندو، أو المسلح في حادثة الرهائن في سيدني، وغيرهما ممن يسمون بالمهاجمين الذين استلهموا فعلهم من التنظيم، من قتلة عاديين لأبرياء عزل إلى (جنود للخلافة)".
ويبين الكاتبان أن "هذه المرة لم تختلف، فقد استخدمت الدعاية للإضافة إلى الرسالة المقصودة من عملية الجمعة، وعلينا أن ندرك أن إعلان تنظيم الدولة المسؤولية ليس أبدا (مجرد) إعلان للمسؤولية، لكنه جزء أساسي من العمل الإرهابي ذاته، إنه إضافة سيكيولوجية تهدف إلى تزوير الوعي الشعبي، وأثر ذلك أخطر من العملية ذاتها، وفهم كيف تؤثر هذه الادعاءات، التي يسميها التنظيم (صواريخ إعلامية) على هجوم معين مهم إن كنا نسعى لتجاوز هذه العاصفة".
ويقول الكاتبان: "علينا أولا أن ننسى النتائج الثنائية، ففي هذا النوع من الإرهاب الذي تقوده الرواية، فإن الأمر ليس ببساطة نجاح أو فشل العملية الإرهابية بناء على أثرها المباشر، لكن هناك ميزانا للنجاح وعدد الضحايا ليس إلا واحدا من عوامله، وما لا يقل عنه أهمية أثر التواصل، وهو ما يعطي قيمة الفعل من ناحية دعائية، وهو تكتيك تنفذ بحسبه العمليات لحجم الرعب الذي تتسبب به للأعداء ورفع معنويات المؤيدين، وهذا هو ما يلتمسه تنظيم الدولة".
ويجد الباحثان أن "منع الإرهابيين من النجاح على مستوى التواصل أمر صعب، ويحتاج إلى أكثر من مجرد عمل شرطي ومخابراتي ناجح؛ وذلك لأنه يمكن بسهولة استخدام أي عملية، ما لم يتم إبطالها قبل أن تتم، للمبالغة في الإمكانيات والشهية للقيام بمثل تلك العمليات، ولذلك لم يفشل مفجر بارسونز غرين مع أن القنبلة فشلت، فما قام به هو شن عملية دعائية لتنظيم الدولة، وبالرغم من أن القنبلة لم تقتل أحدا ولم تشل الحركة في لندن، بل إن خط القطار المعني عاد للعمل في المساء، إلا أن العملية حققت الهدف المرغوب فيه، حيث ذكرت العالم أن تنظيم الدولة يتربص به، وأثبتت للأعداء والمؤيدين بأن التنظيم لا يزال -إلى حد ما على الأقل- قادرا على شن هجمات مستقبلية، ومهما بدا ذلك بسيطا إلا أن ذلك هو تحقيق النجاح".
وتنوه المجلة إلى أنه "في الوقت الذي يخسر فيه التنظيم الأرض في العراق وسوريا، فإن مثل هذه العملية ستصبح أهم بكثير للتنظيم، ويعرف قادته من عقدين من الصعود والهبوط أن الدعاية من هذا النوع هي الشيء الذي سيبقيه مستمرا".
ويفيد الكاتبان بأن "رد فعل التنظيم على هجوم بارسونز غرين يدل على أن التنظيم خفض مقياسه لما يعد عملية تستحق ادعاء المسؤولية عنها، وهذا ليس خبرا جيدا، ويعني أنه يتوجب على المتحدثين باسم الحكومة ووسائل الإعلام أن يكونوا حذرين أكثر من أي وقت سابق من الوقوع في المصائد الدعائية التي ينصبها لهم التنظيم، عليهم أن يحرموا التنظيم بأن يجعل لنفسه علامة تجارية، وعليهم أن يسبقوه ويتوقعوا ماذا سيدعي دعائيوه من تحرك قادم، وتعتمد فعالية دعاية تنظيم الدولة على ردود الفعل الخاطئة لأعدائه، وأحد أهدافه هو إثارة المستهدفين بأفعاله، وهو ما يجب أن نحرمه منه".
ويختم الباحثان مقالهما بالقول: "يجب علينا توقع مثل ذلك الهجوم مستقبلا، في الوقت الذي يتنقل فيه تنظيم الدولة من التركيز على الأراضي إلى التركيز على الإرهاب، ويجب أن نتوقع أن الهجمات القادمة قد لا تفشل، ولذلك لا بد للحكومات ووسائل الإعلام تجهيز أنفسهم، فجهاز الدعاية للتنظيم سيكون متعطشا لتحويل أي شيء يستطيعه من عمليات طعن معزولة إلى عمليات انتحارية منسقة، إلى إثبات حي على أنه لا يزال موجودا ويتمدد ويحرض، وإن لم نكن حذرين، فإن هذا وحده سيبقي التنظيم قائما لسنوات قادمة طويلة".
========================
جيوبوليتيكال فيوتشر :لماذا فرض على تركيا دخول الأراضي السورية
http://www.turkpress.co/node/39707
ياكوب شابيرو - جيوبوليتيكال فيوتشر - ترجمة وتحرير ترك برس
رفضت تركيا التدخل في سوريا منذ بدء الحرب في سوريا، مفضلة بدلا من ذلك العمل من زوايا دبلوماسية أو دعم وكلاء لها على الأرض. لكن بعض القوى غير المرئية ما تزال تدفعها إلى التدخل هناك، مثلما فعلت تماما على مدى قرون قبل أن تنشأ تركيا، وحتى في وقت الصراع بين البيزنطيين والعثمانيين. ويبدو أن الأتراك لم يعد بإمكانهم أن يقاوموا، ذلك أن أمنهم يتطلب نهجا أكثر مباشرة.
المناطق الآمنة وفراغ السلطة
بدأت القوات التركية تحتشد على الحدود الجنوبية الغربية مع سوريا الأسبوع الماضي. وقد أرسلت ما يصل إلى 80 مركبة عسكرية، تضم عددا غير معروف من الدبابات وشاحنات المساعدات الطبية، إلى ولاية هاتاي التي تبعد حوالى 30 ميلا عن الحدود. وذُكر أن قافلة أخرى تتكون من عدد غير محدد من المركبات العسكرية أرسلت إلى منطقة أخرى في هاتاي، على بعد ميلين فقط من الحدود السورية، كما شوهدت مجموعة ثالثة من 20 مركبة عسكرية بالقرب من الحدود عند معبر باب الهوى في سوريا، على بعد حوالي 7 أميال من الريحانية.
قد تبدو هذه التحركات عديمة الضرر في حد ذاتها، فمن الطبيعي لتركيا أن تنقل الجنود والعتاد حول حدودها اعتمادا على المكان الذي تعتقد أن التهديدات قد تظهر فيه. ولكن السياق هو كل شيء، وسياق عمليات الانتشار تلك ليس اعتياديا. في 15 سبتمبر/ أيلول، وافقت تركيا وإيران وروسيا في أستانا على إنشاء منطقة آمنة في محافظة إدلب السورية، إلى الغرب من حلب. وذكرت الأنباء أن الدول الثلاث اتفقت على تقسيم المحافظة إلى ثلاث مناطق. وفي اليوم نفسه، أفادت صحيفة تركية مقربة من الحكومة أن 25 ألف جندي تركي يستعدون للانتشار في محافظة إدلب، بهدف السيطرة على منطقة تبلغ مساحتها نحو ألفي ميل (5 آلاف كيلومتر مربع) يعيش فيها  أكثر من مليوني نسمة.
حتى الآن، اختارت تركيا البقاء بعيدا عن المعركة في سوريا بقدر ما تستطيع. وكان الاستثناء الرئيس هو عملية درع الفرات التي استمرت من أغسطس/ آب 2016 إلى مارس/ آذار 2017. بيد أن نطاق هذا التوغل لم يكن كبيرا كما ذكرت وسائل الإعلام التركية، حيث إن درع الفرات كانت عملية محدودة دامت سبعة أشهر شارك فيها حوالي 8 آلاف جندي تركي، كان هدفهم الرئيس دعم عمليات الجيش السوري الحر لطرد مقاتلي تنظيم الدولة (داعش) بعيدا الحدود التركية. (كان الهدف من ذلك هو إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية، ولكن العملية لم تنتزع منها أي إقليم).
الوضع في شمال غرب سوريا أكثر تعقيدا، حيث يسيطر الأكراد السوريون على مدينة عفرين، وهو ما يغضب تركيا كثيرا، وتسيطر هيئة تحرير الشام (تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة سابقا) على مدينة إدلب التي استولت عليها مؤخرا من أحرار الشام المدعومة من تركيا، كما استولت على مناطق على الحدود التركية. تراجعت قوات المعارضين للأسد إلى بلدات إدلب  بعد أن خسرت معركة حلب، ولم يتخل نظام الأسد عن طموحاته لاستعادة الأراضي.
إن وجود كثير من المجموعات المختلفة يعني أن هناك أيضا كثيرا من القوى الخارجية التي لها مصلحة فيما يحدث في شمال غرب سوريا: تدعم تركيا المتمردين المناهضين للأسد المحاصرين في محافظة إدلب، ولكن خطوط إمدادها ضعيفة في أحسن الظروف، بينما  تدعم كل من روسيا وإيران نظام الأسد. وعلى الرغم من أن تركيا قد توصلت إلى تفاهم مع البلدين في هذه المسألة، فإن مصالح هذه الدول الثلاث في سوريا على المدى الطويل تختلف اختلافا كبيرا. لا ترغب تركيا في رؤية قوة مؤيدة لروسيا أو مؤيدة لإيران في المنطقة يمكن أن تهدد جنوب تركيا. ويشكل الأكراد السوريون مشاكل واضحة لتركيا، أما هيئة التحرير الشام، فعلى الرغم من أنها تراجعت عمدا في حين يركز العالم على داعش، فإن لديها خططا  طويلة الأجل في العالم الإسلامي لا تتماشى مع تركيا.
هذا الوضع غير المستقر يتجه نحو فراغ السلطة، وإذا لم تملأ تركيا الفراغ، فإن آخرين سيقومون بذلك، ولا يعد أي من هذه الخيارات المحتملة خيارا جيدا لتركيا.
تركيا الكبرى
هذه المشكلة ليست مشكلة حديثة، فقد واجهت القوى السابقة في البوسفور التهديد من الجنوب، حيث بسط العثمانيون، والبيزنطيون من قبلهم، في مراحل مختلفة من تاريخهم، سيطرتهم على أجزاء من سوريا الحالية. حاولت الدولة العثمانية، في الواقع، الإبقاء على بعض ما أصبح جزءا من سورية الحالية داخل أراضيها. وكان من بين آخر أعمال البرلمان العثماني في عام 1920 تمرير الميثاق الوطني الذي كان من المفترض أن يحدد حدود تركيا المستقبلية. لم يحصل العثمانيون على ما أرادوا، إذ  تركت الجمهورية التركية الجديدة أصغر مما كان العثمانيون يخططون له، وكانت إحدى المناطق الرئيسية التي فقدت فيها الجمهورية التركية أراضيها هي منطقة  شمال غرب سوريا. وليس من قبيل الصدفة أن كثيرا من وسائل الإعلام التركية، وحتى الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه، أشاروا إلى "الميثاق الوطني" في السنوات الأخيرة.
من بين الأشياء الجديرة بالملاحظة في خريطة الميثاق الوطني الميزة الجغرافية التي تعطيها السيطرة على شمال غرب سوريا لتركيا. ووفقا للاتفاق الجديد مع روسيا وإيران فإن المنطقة التي تمت الموافقة على دخول تركيا إليها  تشمل الأراضي الجبلية التي تسمح لتركيا بالسيطرة على الأراضي المرتفعة لرصد أي عدو يسعى إلى عبور الحدود. وفي الوقت نفسه تعد إدلب مهمة؛ لأنها تقع بالقرب من الممر الصغير بين جبال العلويين، والأراضي التي يسيطر عليها نظام الأسد، والسهول التي يهيمن عليها العرب السنة. وإن سيطرت تركيا على إدلب، فإنها تستطيع أن تتحكم في هذا الممر، فضلا عن السيطرة على الطريق السريع 60 الرابط بين حلب وإدلب، الذي يمكنها استخدامه لدعم وكلائها في الجوار. ومن شأن سيطرة تركيا على هذا الوادي في الجانب السوري أن يمكنها من الدفاع بسهولة عن الشريط الساحلي الجنوبي على الحدود الغربية لسوريا، كما أنه سيضع تركيا في وضع أفضل بكثير في المعارك القادمة على مستقبل سوريا.
تركيا لديها مصلحة في السيطرة على هذه الأراضي منذ انتزاعها من العثمانيين في عام 1923، وكانت تحتاج إلى القدرة والفرصة لتغيير الوضع، وقد صار كلاهما بيدها الآن. وكان هذا أمرا حتميا عندما أصبح من الواضح في عام 2011 أن الجمهورية السورية تتفسخ. لقد استمر القتال لبعض الوقت، وأضعفت الأطراف المعنية بعضها بعضا بحيث أتاحت لتركيا فرصة ومخاطر: فرصة لاستعادة نفوذها القديم في تلك المنطقة، وفي الأراضي التي يمكن أن تستخدمها منطقة عازلة ضد الأعداء المحتملين من الجنوب والشرق، ولكن الخطر هو أنه إذا لم تتحرك تركيا، فإن مثل هذا العدو سيظهر وسيسعى إلى تهديد حدودها الحالية.
لن يفعل الوكلاء شيئا لأمن تركيا الذي أصبح على المحك على المدى الطويل، بيد أنها تمتلك قدرات كافية للمهمة. ولذلك فعلى الرغم من رغبة الحكومة في أنقرة بعدم التدخل في سوريا، فإن تركيا تُسحب إلى هناك. وهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون المرة الأخيرة. وهو تذكير بقوة تركيا، وكيف أن جغرافيتها تجعلها تحوز القيادة الإقليمية والمصداقية. إن جغرافية تركيا تذكر أيضا بضعفها، وكيف أنها لا تملك حقا خيارا في هذا الشأن. شمال غرب سوريا في انتظار من يسيطر عليه وتركيا لديها مقعد على الطاولة لاتخاذ القرار، ليس لأنها تريد ذلك، ولكن لأن عدم التدخل ليس خيارا.
========================
ناشيونال انترست: روسيا و إيران أهدافهما واضحة بدير الزور
http://www.all4syria.info/Archive/443505
  كلنا شركاء: هاف بوست عربي
السباق على مدينة دير الزُّور السورية سيحدد بشكل كبير موازين القوى في الشرق الأوسط، وبينما يبدو أن الروس والإيرانيين يعلمون جيداً أهدافهما من هذه المدينة التي تعد كنزاً استراتيجياً، فإن الأميركيين لديهم خيارات محدودة.
ولعبت روسيا دوراً رئيسياً في انتصارات قوات النظام السوري، ما يعني بصورةٍ متزايدة أنَّ القوّات السورية المدعومة من قبل روسيا ستلتقي قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة في محافظة دير الزُّور، بحسب مقال للكاتب والأكاديمي الأميركي سيث فرانتزمان، نشرته مجلة ناشونال انتيرست الأميركية.
وهذا ما حدث بالفعل، حيث اتهمت روسيا، الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2017، قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن، بإطلاق النار على قوات النظام السوري بالقرب من دير الزور في شرقي سوريا، وحذَّرت الجيش الأميركي بالرد على أي حادث جديد من هذا النوع.
وصرَّح الجنرال إيغور كوناشينكوف من الجيش الروسي في بيان: “القوات السورية تعرَّضت مرتين لقصف كثيف من مدافع ومدافع هاون، انطلاقاً من مواقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث ينتشر مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية والقوات الخاصة الأميركية”
 
وجاء في بيان الجيش الروسي: “ستتعرض المواقع التي ينطلق منها إطلاق النار في هذه المناطق على الفور للضرب، بكل التجهيزات العسكرية المتوافرة”.
وراثة داعش
وفيما يستمر سقوط داعش، يشغل الفراغ الذي تركه هذا التنظيم أطرافاً تختلف أجندتها عن داعش تماماً، وتظل كما حال واشنطن، سياستها في شرقي سوريا غير واضحة.
وهذا بدوره يؤدّي لتعاظم النفوذ الإيراني في سوريا والعراق، ويثير تساؤلاتٍ لدى حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وإسرائيل، وعلى أرض المعركة في سوريا، عمَّا سيحدث تالياً.
وبعد أيامٍ من كسر قوات النظام السوري، بمساعدة سلاح الجو الروسي، حصار دير الزور، شنّت قوات سوريا الديمقراطية، المحسوبة على الأكراد والمدعومة من قبل الولايات المتحدة هجوماً، بغرض الوصول إلى المدينة من جهة الضفّة المُقابلة لنهر الفرات.
وأفادت تقارير من الشبكة الإعلامية الكردية “رووداو”، بأنَّ قوات سوريا الديمقراطية قد بلغت المنطقة الصناعية المحيطة بالمدينة بالفعل، يوم 10 سبتمبر/أيلول 2017.
ودير الزور هي مدينة ذات أهمية استراتيجية، حيث تمتد مساحتها الشاسعة على كلا جانبي نهر الفرات، وصولاً للحدود العراقية، فضلاً عن ثرائها بحقول النفط.
وقد توسّع تنظيم داعش في تلك المنطقة عام 2014، مستخدماً إياها كممر للوصول إلى محافظة الأنبار العراقية، ذات الأغلبية السنيّة، عبر معبر البوكمال.
وفي حين أنَّ خريطة المناطق الخاضعة لسيطرة داعش تتقلّص يوماً بعد يوم، وبقُرب استيلاء قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقة، عاصمة التنظيم، تترقّب الولايات المتحدة وروسيا وحلفاؤهما كيف ستكون المرحلة التالية من النزاع في سوريا والعراق.
أهمية هذه المدينة للإمبراطورية الإيرانية!
وينقل فرانتزمان، الذي يعمل محرراً لقسم الرأي بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، عن مدير مركز روبن لأبحاث الشؤون الدولية بمركز هرتسليا للدراسات البينية في إسرائيل جوناثان سباير، قوله إنَّ الوضع الحاليّ يطرح تساؤلاتٍ هامة، خاصةً تلك المتعلّقة بدعم إيران للنظام السوري.
ويقول سباير: “نحن نعلم ما يفعله النظام السوري، وهو محاولة هزيمة داعش وإعادة فرض سيطرة النظام. ويريد الإيرانيون المعبر الحدودي في مدينة أبو كمال والممر البرّي الذي هوَ جزءٌ من المعبر”.
السيطرة على المعبر والطريق البرّي ستساعد إيران في تحقيق هدفها بالربط بين الميليشيات الشيعية التي تدعمها في العراق وحزب الله في لبنان، من خلال حليفتها في دمشق.
وسبق أن قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن “إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً”.
كما أشارت صحيفة الغارديان إلى مخطط إيراني اقترب من الانتهاء في العراق وسوريا، لتنفيذ مشروع ممر بين طهران والبحر المتوسط عبر الدولتين.
ماذا تريد أميركا؟
ويقول سباير: “نحن نعلم ما يريده الإيرانيون أيضاً، أمّا ما تريده قوات سوريا الديمقراطية والأميركيون، فإنَّ هذا أقلّ وضوحاً… إذ إنَّه لا توجد استراتيجية أميركية شاملة في سوريا، عدا ضرورة القضاء على داعش”.
ويجادل سباير قائلاً، إنَّ إيران ترى في العراق، وسوريا، ولبنان مساحةً واحدة تمارس عليها لعبةً استراتيجية بارعة في المنطقة. ولهذا السبب يقاتل حزب الله في سوريا، ولهذا شوهد رجالٌ تابعون لحزب الله في العراق.
لهذا السبب أيضاً حاربت الميليشيات العراقية في سوريا. وعلى النقيض، فإنَّ الولايات المتحدة ترى كل دولةٍ بعينٍ مختلفة، إذ تتعاون مع حكومة رئيس وزراء العراق حيدر العبادي في بغداد ضد داعش، وتساند قوات سوريا الديمقراطية في سوريا، كذلك تتعاون مع حكومة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في بيروت.
ويقول سباير إنَّ “تسليم إدارة الملفّ السوري إلى الروس” سيكون أشبه بتسليم سوريا لخصوم أميركا.
لن يدخلوها
ويشير فلاديمير فان فيلغنبرغ، وهو محلّلٌ للشؤون الكردية مقيم في سوريا وعلى درايةٍ بقوات سوريا الديمقراطية، إلى أنَّ الروس والأميركيين قد سعوا لـ”تهدئة النزاع”، فيما اقتربت قواتهم من بعضها.
ويقول فيلغنبرغ: “لا أعتقد أنَّ سياسة قوات سوريا الديمقراطية تقضي بدخولها مدينة دير الزور، ربما تدخل بعض الأحياء، لكنَّ المدينة ستُترَك للنظام السوري”.
ويقول فيلغنبرغ إنَّ قوات سوريا الديمقراطية تريد الاستيلاء على ريف المحافظة، ويبدو أنَّ الأميركيين مهتمّون بالتقدّم في اتجاه الحدود العراقية. ويضيف: “أعتقد أنَّ تلك هي الخطة، لكنَّهم يرسمون حدوداً مع النظام السوريّ، وهذا لن يعجب الإيرانيين. سيحاول الروس والأميركيون تنسيق هذه العمليات”. ويبقى السؤال الأهم ما إن كانت الولايات المتّحدة ستُعلن صراحةً أنَّ سياستها تقضي باحتواء النفوذ الإيراني، وتحويل الاهتمام تجاه المنطقة الحدودية باعتبارها الموقع المناسب لتنفيذ تلك السياسة.
تسير العلاقات الأميركية – الروسية في سوريا حالياً عبر آلية “خفض التصعيد”، التي جنَّبت التقاء سلاحي الجو لكلا البلدين.
وفي أواخر أغسطس/آب 2017، سُمِحَ لقافلةٍ تتألف من عدة مئات من مقاتلي داعش بمغادرة منطقة القلمون على الحدود اللبنانية – السورية، بموجب اتفاقٍ مع حزب الله.
وكان من المفترض أن ينتقلوا إلى مدينة البوكمال، لأنَّ النظام كان يُجهِّز لمعركة دير الزور، ولم يرغب في الاضطرار لمواجهة مقاتلي داعش من جديد. وتحت ضغطٍ من العراق، الذي لم ترغب حكومته في أن تعبر القافلة حدودها مع سوريا، استهدف التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أحد الطرق لمنع القافلة من مواصلة طريقها.
وقال التحالف في بيانٍ له إنَّه “تواصل مع الروس لنقل رسالةٍ إلى النظام السوري، مفادها أنَّ التحالف لن يقبل تقدُّم مقاتلي داعش إلى الشرق أكثر من ذلك باتجاه الحدود العراقية”. ومع أنَّ عمليات التحالف الجوية قد عبرت نهر الفرات، يُشدِّد التحالف باستمرارٍ على أنَّه “لا يقاتل النظام السوري أو حلفاؤه في المعركة ضد داعش”.
تحذير روسي
ويبدو أنَّ الروس يشدِّدون موقفهم حيال الدور الأميركي في سوريا. ففي يوم السبت، 10 سبتمبر/أيلول، نُقِل عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله إنَّ “أي طرفٍ على الأراضي السورية أو في المجال الجوي السوري دون موافقة دمشق، بما في ذلك الولايات المتحدة، قد انتهك القانون الدولي”.
وفي أوائل سبتمبر/أيلول 2017، أفادت وكالة سبوتنيك الروسية، التي تُعَد مُقرَّبةً من الحكومة الروسية، بأنَّ “طائرةً أميركية، وفقاً لأحد المصادر، قد أجلت 20 من قياديي داعش في دير الزور”.
وكان جلياً أنَّ تلك معلومةٌ خاطئة، لكنَّها كانت تهدف لتشويه صورة الولايات المتحدة في سوريا. وفي 11 سبتمبر/أيلول، ورداً على المزاعم بأنَّ الولايات المتحدة ضربت الجيش السوري، غرَّد المتحدث باسم قوة المهام المشتركة لعملية العزم الصلب، بأنَّ الشائعات “خاطئة، ومعركتنا مع داعش، ونفَّذنا هذا الأسبوع 22 ضربة”.
العلاقة بين الروس والأكراد
ورغم ترويج الشائعات والحرب الكلامية الهادئة، ثمة إشاراتٌ أيضاً على أنَّ موسكو تنظر إلى دور قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد نظرةً إيجابية.
ففي 13 سبتمبر/أيلول 2017، أُفيد بأنَّ الجيش الروسي قال إنَّ 85% من سوريا حُرِّرت من الأعداء.
ووفقاً لوكالة أسوشيتد برس، قال الجنرال ألكسندر لابين، إنَّه لا يزال هناك 15% من البلاد لاستعادة السيطرة عليها. وربما يشير ذلك إلى عدم نظر الروس إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تمثل نحو 35% من البلاد، باعتبارها مناطق يسيطر عليها الأعداء. ولعب المراقبون العسكريون الروس دوراً في مناطق مثل عفرين، والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ولا تتواجد فيها الولايات المتحدة.
يطرح هذا سؤالاً رئيسياً حول الماهية التي ستكون عليها سياسة الولايات المتحدة، في ظل سعيّ حلفائها لتحرير مزيدٍ من المناطق بطول نهر وادي الفرات باتجاه الحدود العراقية. فحالياً، يخضع الجانب الآخر من الحدود العراقية في معظمه لسيطرة ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من قبل إيران، والتي تُعَد رسمياً جزءاً من قوات الأمن العراقية.
وترغب تلك القوات في التوجه جنوباً والسيطرة على مدينة القائم عبر مدينة البوكمال. ثُمَّ سيرغبون بعد ذلك في إقامة روابط مع قوات النظام السوري وحلفائه من الميليشيات التي تدعمها إيران كذلك.
ولا تزال الولايات المتحدة ملتزمة فقط بهزيمة داعش، وعملت قواتها التي تساعد العراقيين في العراق بجانب الميليشيات الشيعية في الحملات الأخيرة، مثل الهجوم على تلعفر.
ومع ذلك، فإنَّ سياسة التحالف الرسمية في العراق هي عدم العمل مع الميليشيات، بل فقط مع الجيش العراقي، والشرطة الاتحادية، والوحدات الأخرى. ويُعَد هذا تقسيماً ملائماً لا معنى له على الأرض، لأنَّ كل تلك القوات متداخلة في الحرب على داعش.
الولايات المتحدة ستقرر مستقبل الشرق الأوسط
وعلى الأرجح سيبدأ ما تُقرِّر الولايات المتحدة وحلفاؤها في قوات سوريا الديمقراطية عمله في الشهور المقبلة بسوريا، في تحديد المرحلة المقبلة من مستقبل الشرق الأوسط.
وإذا ما بدأت الولايات المتحدة رسم سياسةٍ لاحتواء النفوذ الإيراني، فإنَّها قد تقوم بذلك مع شركائها. وإذا ما كانت الولايات المتحدة هناك في سوريا من أجل هزيمة داعش فحسب، فإنَّ استراتيجيتها لمرحلة ما بعد داعش في العراق وسوريا ستترك شركاءها غير المتوافقين مع إيران أمام مستقبلٍ غامض. وسيكون لذلك تداعياتٌ تتجاوز وادي نهر الفرات. إذ سيؤثر الأمر على الطريقة التي تنظر بها كلٌّ من السعودية، والإمارات، وإسرائيل، والأكراد، وتركيا إلى التزامات الولايات المتحدة وسياساتها.
========================
الصحافة الفرنسية والروسية :
في لوموند: حقائق قضائية حول “لافارج” وفراس وطلاس ودفع مبالغ لداعش
https://7al.net/2017/09/22/في-لوموند-حقائق-قضائية-حول-لافارج-وفر/
استكمالاً للفضيحة المدوّية التي كشفت عنها صحيفة اللوموند الفرنسية بتاريخ 21/6/2016 والمتعلقة بتعاون فرع شركة #لافارج الفرنسية لصناعة الإسمنت في #سوريا مع تنظيم داعش، فقد نشرت الصحيفة ذاتها بتاريخ 20/9/2017 أجزاء كبيرة من التحقيق القضائي مع كبار المسؤولين في هذه الشركة حيث اعترفوا بدفع مبالغ مالية لتنظيم داعش حفاظاً على استمرار عمل مصنع الشركة في سوريا وتأمينه وضمان مرور العاملين والمواد من وإلى المصنع المذكور.
ففي عام 2008 قامت شركة “لافارج” حسب الصحيفة بشراء مصنع للإسمنت تعود ملكيته لشركة أواسكوم المصرية وذلك بهدف تعزيز وجودها في المنطقة. ويقع هذا المصنع في منطقة #جلبية شمال سوريا على بعد 87 كم من مدينة #الرقة. وبعد عامين ظهر مصنع لافارج للعلن بقيمة استثمارية تقدر بـ 680 مليون دولار، مما جعل هذا المشروع من أهم استثمارات شركة لافارج الخارجية. وتماشياً مع القوانين وواقع الحال في سوريا، فقد اضطرت شركة لافارج إلى منح نسبة من أسهم فرع شركتها هناك إلى رجل الأعمال السوري #فراس_طلاس نجل وزير الدفاع السوري السابق #مصطفى_طلاس، وأطلق على الشركة اسم “لافارج للإسمنت في سورية”.
وقد كشفت التحقيقات القضائية حقيقتين رئيسيتين:
أولاً، إن قرار بقاء هذه الإمبراطورية العالمية لمواد البناء في سوريا رغم الحرب التي شهدتها البلاد كان بدعم من السلطات الفرنسية والتي كانت على اتصال مباشر مع هذه الشركة ما بين 2011 و2014.
ثانياً، إن المسؤولين عن المصنع هناك كانوا قد بيّنوا للدبلوماسيين الفرنسيين ثمن البقاء هناك رغم ظروف الحرب والمتمثل بدفع مئات آلاف الدولارات لمختلف الجماعات المسلحة هناك بما فيها خمسة مليون ليرة سورية (20000 دولار) تدفع شهرياً لتنظيم داعش. وبالتالي فإن نتيجة التحقيق لا لبس فيها: “لقد موّلت شركة لافارج وبشكل غير مباشر جماعات إرهابية عن طريق وسطاء وحتى باستعمال وثائق محاسبية مزورة إن لزم الأمر” وفق ما ورد.
منذ بداية الثورة السورية عام 2011، ظلت شركة لافارج على اتصال دائم مع السفارة الفرنسية في #دمشق إلى أن أغلقها نيكولا ساركوزي في آذار 2012. عندئذ حولت لافارج اتصالها إلى السفارة الفرنسية في عمان، حيث كان يقوم السيد جان كلود فيلارد وهو ضابط سابق في البحرية وفي القوات الخاصة بتوجيه الشركة وإعلامها بكافة تحركات الأكراد والجيش الحر في المنطقة التي يقع فيها المصنع.
وفي نهاية صيف 2012، تدهور الوضع الأمني في محيط مصنع الجلبية مما اضطر كل من مدير السلامة ومدير المخاطر في موقع المصنع إلى الذهاب إلى غازي عنتاب في #تركيا للقاء المليشيات السورية المعارضة، حيث بدا لهم أن هذه المليشيات غير مهتمة بالتنسيق مع الشركة، وأن كل ما يهمها هو فرض الضرائب والأتاوات. وبالرغم من ذلك فقد حثّت وزارة الخارجية الفرنسية شركة لافارج على البقاء في سوريا رغم مراجعة الشركة لها كل ستة أشهر.
وفي نهاية اجتماع غازي عنتاب، أوكلت شركة لافارج للسيد فراس طلاس مهمة تأمين سلامة العاملين والمواد على الطرقات. وبذلك فإنه وفي فترة ما بين أيلول 2012 وأيار 2014 كان على رجل الأعمال الذي كان مقرباً من النظام السوري ثم انشق عنه أن يدفع ما بين 80000 و100000 دولار شهرياً للمجموعات المسلحة المسيطرة على الطرق المؤدية للمصنع. حيث كان يقوم بالدفع نقداً من أموال المصنع، ولتغطية هذه النفقات محاسبياً كان يتم صرفها تحت بند “النفقات التمثيلية”.
وفي البداية لم يكن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق قد انخرط في الحرب الأهلية السورية، حيث بيّن مدير مصنع الجلبية أن المصنع كان محاصراً من قبل الميليشيات الكردية والجماعات الإسلامية بما فيها جبهة النصرة. ولكن لم يكن هناك قائمة واضحة للمجموعات المسلحة التي كان يدفع لها فراس طلاس.
في أوائل عام 2013، دخلت سوريا حقبة جديدة. حيث استولت في السادس من آذار جماعات إسلامية مختلفة بما فيها جبهة النصرة على مدينة الرقة. بعد ذلك بشهر تقريباً وفي التاسع من نيسان، دخل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق المشهد السوري وأصبح اسم التنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، حيث أخذ زمام السيطرة على الرقة في الثالث عشر من حزيران من نفس العام. واستمرت شركة لافارج بمراجعة سفير فرنسا في سوريا والمقيم في #باريس آنذاك، حيث استمرت الحكومة الفرنسية في حثّ الشركة على البقاء حيث كانت أكبر استثمارات فرنسا في سوريا والوحيدة المتبقية التي تحمل العلم الفرنسي هناك.
وفي تشرين الأول 2013، أصبح تنظيم داعش جزءاً من المشهد السوري وبدأ بفرض الضرائب على الطرقات. حيث استدعى أحد قادة داعش مدير مصنع الجلبية للإسمنت ومدير المخاطر في الموقع إلى الرقة. لكن فراس طلاس أو أحد رجاله هو من ذهب إلى الرقة لتقييم الوضع هناك. وبذلك دخلت داعش ضمن قائمة المجموعات المسلحة التي يدفع لها فراس طلاس، حيث كان يُدفع لها 10% من إجمالي الأتاوات المدفوعة والتي كان يذهب نصفها للقوى الكردية. ومع ذلك لم يتغير موقف وزارة الخارجية الفرنسية.
وفي سؤال المحقق لمدير المصنع فيما إذا كان قد رأى اسم داعش ضمن القائمة وعن المبلغ الذي كان يدفع لها، أجاب المدير: نعم رأيت اسم داعش وكان يدفع لها 20000 دولار شهرياً.
بتاريخ 29 حزيران 2014، وهو اليوم ذاته الذي أعلنت فيه داعش الخلافة، أرسل ضابط أمن المصنع الجديد واسمه أحمد جلودي وهو مسؤول سابق في القوات الخاصة الأردنية، رسالة عبر البريد الالكتروني من الرقة إلى مدير الموارد البشرية ونسخة منها إلى مدير مصنع الجلبية مفادها: “رئيس الدولة الإسلامية لا يزال هنا وهو في هذه اللحظة في الموصل. لكن عميلنا الذي في الرقة دبّر لي موعداً معه بخصوص خبرائنا في باكستان ومصر. بمجرد حصولي على الموافقة سأبلغكم”. وقد كان الهدف من هذا اللقاء هو تأمين عودة الخبراء لتشغيل المصنع دون أن يكون هناك أي خطر عليهم من الاختطاف أو القتل.
أخيراً ورداً على سؤال المحققين حول تمسك الشركة ومن ورائها من الحكومة الفرنسية بالبقاء في سوريا رغم مخاطر الحرب ومخاطر العقوبات الأوربية التي تطال كل من يتعامل مع المجموعات الإرهابية كداعش وجبهة النصرة، يجيب المدير العام السابق للشركة: “كان هاجسنا عدم التخلي عن مصنع الاسمنت في سبيل الاحتفاظ بالمزايا الإستراتيجية ضمن خطة إعادة إعمار البلاد”.
لقد تم إغلاق مصنع الجلبية نهائياً في أيلول 2014، لكن ملفات التحقيق فتحت بعد هذه الفضيحة لاسيما بعد الدعوى التي تقدمت بها وزارة المالية بحق شركة “لافارج”، وما تزال التحقيقات القضائية جارية حتى تاريخ اليوم.
========================
إيزفيستيا: كتيبة “الغرب” أضحت عصية على الإرهابيين
http://www.raialyoum.com/?p=747552
تناول أليكسي رام ونيقولاي سوركوف في “إيزفيستيا” محاصرة الإرهابيين نقطة مراقبة في محافظة إدلب، وأشارا إلى أن الشرطة العسكرية و”المهذبين” تمكنوا من فك الحصار.
كتب رام وسوركوف:
اصطدمت فصائل “جبهة النصرة”، التي هاجمت نقطة مراقبة في محافظة إدلب السورية، بوحدة من كتيبة للشرطة العسكرية الروسية الأكثر خبرة قتالية، والتي تتخذ في روسيا من الشيشان موقعا لها. وبنتيجة هذا الهجوم، اضطرت قوات العمليات الخاصة الروسية، إلى الانخراط في المعركة وفك الحصار المفروض على فصيلة الشرطة العسكرية.
وبحسب معطيات الصحيفة، فإن هذه الفصيلة التي حوصرت، تدخل في قوام الفوج 42 من كتيبة الشرطة العسكرية، التي كانت حتى شتاء عام 2016 كتيبة القوات الخاصة “الغرب”، وكانت الأولى التي نُقلت إلى محافظة حلب لمساعدة قوات الأمن السورية.
ويقول مصدر في وزارة الدفاع الروسية للصحيفة إن هذه الكتيبة هي أول من تدرب على العمل بصفة شرطة عسكرية في المناطق الساخنة، بما في ذلك على كيفية حماية المواقع والدفاع عنها من هجمات الإرهابيين.
وهذه هي المهمة الثانية للكتيبة إلى سوريا. فقد كانت الشرطة العسكرية الروسية تقوم منذ شهر يونيو/حزيران بحماية الأمن في حلب. وفي شهر أغسطس/آب نقلت إلى محافظة إدلب وإلى حماة.
ومن الواضح أن القيادة الروسية كانت تتوقع مثل هذه الهجمات منذ بداية انتشار وحدات الشرطة العسكرية. لذلك، شكلت منذ البداية عدة مجموعات للتدخل السريع. وإحدى هذه المجموعات تتألف من الشرطة العسكرية وهي مزودة بالمعدات اللازمة. والمجموعة الأخرى شُكلت بأمر من قائد القوات الروسية الفريق أول سيرغي سوروفيكين من أفراد قوات العمليات الخاصة، التي كلفت بمهمة توجيه الطائرات والقناصين.
وقد بدأت “جبهة النصرة” والمجموعات الموالية لها الهجوم على مواقع القوات الحكومية من الاتجاهين الشمالي والشمال-الشرقي لحماة يوم 19 سبتمبر/أيلول الجاري. وبحسب معلومات الصحيفة، كانت القيادة العسكرية الروسية تتوقع مثل هذا الهجوم. وكان أحد أهداف المهاجمين هو السيطرة على نقطة المراقبة التابعة للشرطة العسكرية الروسية، التي تراقب تنفيذ اتفاق تخفيف التوتر.
ولكن اتضح أن نطاق الهجوم كان أكبر مما كان متوقعا؛ ما أدى إلى محاصرة 29 عنصرا من فصيلة للشرطة العسكرية ترابط في الخطوط الأمامية، والذين استبسلوا وصمدوا بوجه المهاجمين خلال ساعات طويلة، إلى حين وصول مقاتلي قوات العمليات الخاصة والشرطة العسكرية. كما لعبت طائرات القوة الجو–فضائية الروسية دورا كبيرا في فك طوق الحصار بغاراتها المكثفة على مواقع المهاجمين؛ ما أدى إلى تكبدهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
وساعدت الغارات الجوية على فتح ممر يوصل إلى نقطة المراقبة وفك الحصار المفروض على فصيلة الشرطة العسكرية، التي تمكنت من الالتحام بالقوات الحكومية السورية. وقد جرح خلال هذه المعارك ثلاثة عسكريين من قوات العمليات الخاصة.
========================
الصحافة العبرية :
ألون ريغر وعيران يشيف :اقتصاد سوريا: الوضع الحالي وسيناريوهات للمستقبل
http://www.alquds.co.uk/?p=794803
الاقتصاد السوري قبل الحرب الأهلية
الاقتصاد السوري في مجمله سيتم فحصه هنا، وفقا لمؤشرات الاقتصاد الكلي (الماكرو). وضع الاقتصاد السوري كان سيئا جدا قبل الحرب. حسب معطيات المنتج الاجمالي للفرد (2.750 دولار)، تم وضع سوريا في المرتبة الـ 122 في العالم في سنة 2009. وفي المقابل، كانت نسبة النمو مرتفعة جدا: باستثناء سنة 2003 التي كانت نسبة النمو فيها 1 من مئة، فقد وصلت نسبة النمو السنوية 4 ـ 7 من مئة. نسبة النمو المرتفعة جاءت نتيجة الاصلاح الذي تم اجراؤه في سوريا في بداية القرن الحالي، بمساعدة صندوق النقد الدولي. زاد عدد السكان بنسبة متوسطة بلغت 2.5 من مئة سنويا، لكن متوسط نسبة النمو في قوة العمل كان بطيئا جدا، وحدث انخفاض في نسبة المشاركة في قوة العمل، من 49 من مئة في 2003 إلى 43 من مئة في 2009. نسبة البطالة انخفضت من 11 من مئة في 2003 إلى 8 من مئة في 2009. حجم التجارة الخارجية ارتفع في الأعوام 2003 ـ 2008 إضافة إلى انخفاض في 2009 يمكن أن يعزى للأزمة العالمية ـ برغم أنه لم يكن لها تأثير كبير في الاقتصاد في سوريا.
هناك عدد من الحقائق البارزة تجدر الإشارة إليها تتعلق بالبنية الاقتصادية في سوريا، حسب الفروع الاقتصادية. الحقيقة الأولى؛ هي أن نصيب الزراعة من المنتج المحلي الإجمالي كان 17 من مئة ـ وهي نسبة مرتفعة بالنسبة للاقتصادات الحديثة المتقدمة. هذا المعطى يعزز وجهة النظر التي تقول: برغم تقدم سوريا في الاعوام 2003 ـ 2010، إلا أنها بقيت اقتصادا متخلفا. الحقيقة الثانية؛ هي أن صناعة النفط كانت الفرع البارز من بين فروع التصدير «تقريبا نصف حجم التصدير».
الفروع المتبقية للصادرات المركزية كانت تجارة متعلقة بمستوى مهارة منخفض. الحقيقة الثالثة؛ هي أن نصيب حلب (التي أصبحت مركز المعارك) من الاستهلاك، رأس المال، عدد المؤسسات الصناعية وغيرها بلغ 30 من مئة تقريبا. ونصيب دمشق الكبرى كان 40 في المئة.
كان للعوامل الاقتصادية دور في إشعال المواجهات. برغم أن للإصلاحات التي تم تنفيذها في بداية هذا القرن كان تأثير عام إيجابي في الاقتصاد السوري، فقد كان للفجوات التي انشأتها بين المناطق الريفية والمدنية تأثيرات سلبية. إضافة إلى ذلك، المناخ في سوريا كان متقلبا جدا وزاد العنف المتعلق بالمياه. في الأعوام 2006 ـ 2011 مرت سوريا بفترة طويلة من الجفاف الشديد، أدت إلى أزمات زراعية واقتصادية، وإلى هجرات داخلية للسكان.
من بين التطورات المركزية كانت الأزمات الزراعية في الاعوام 2006 ـ 2009 التي أثرت في نحو 1.3 مليون شخص من السكان في شرق سوريا؛ وفقدان مصدر الرزق والوصول إلى الغذاء الأساسي لنحو 800 ألف نسمة؛ جفاف آخر في 2011 فاقم المشكلة، وحتى نهاية 2011 تأثر من ذلك نحو 2 ـ 3 ملايين نسمة، حيث وجد نحو مليون شخص، حسب تقديرات الأمم المتحدة، أنفسهم يعانون من عدم الأمن الغذائي؛ أكثر من 1.5 مليون نسمة، معظمهم من عمال الزراعة وأصحاب مزارع عائلية، انتقلوا من المناطق الريفية إلى المدن واستوطنوا في مخيمات على مداخل المدن السورية.
الجدول رقم 1 يظهر الزيادة في المنتج المحلي الإجمالي ومكوناته المختلفة في فترة المواجهة. مستوى المنتج المحلي الإجمالي في 2015 وصل إلى 38 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي لسنة 2010. نسبة المنتج المحلي الإجمالي من غير النفط كانت 42 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي من غير النفط في 2010، في حين المنتج المحلي الإجمالي من النفط وصل إلى 5 من مئة فقط من نسبته في سنة 2010.
حسب تقديرات معهد SCPR فإنه حتى نهاية 2015 كان الفقد في المنتج المحلي الإجمالي 163 مليار دولار، قُدرت خسارة احتياط رأس المال بـ 67 مليار دولار. وطبقا للربع الأول من سنة 2015 فقد وصل احتياط رأس المال إلى 43 من مئة من نسبته في 2010. تقديرات معينة تشير إلى تقلص المنتج المحلي الإجمالي بـ 19 من مئة أخرى سنة 2015 وكذلك 8 من مئة سنة 2016.
 
التدهور الاقتصادي في السياق الإقليمي
 
في السنوات 2011 ـ 2014 هبط المنتج المحلي الإجمالي للفرد في سوريا إلى مستوى 55 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي للفرد في قطاع غزة، وإلى 11 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي للفرد في لبنان.
 
تغييرات في فروع الاقتصاد
 
يمكن ملاحظة تغييرات ذات دلالة في تشعبات فروع المنتج المحلي الإجمالي. الفرق الذي تكبد القسم الأكبر من الضرر كان فرع البناء. فحسب التقديرات شكل 66 من مئة من إجمالي قيمة الضرر. فرع المناجم تقلص من 13 من مئة إلى 2 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي ـ هذا التغيير يعزى إلى انهيار صناعة النفط. في المقابل ارتفع فرع الزراعة من 17 من مئة إلى 29 من مئة من المنتج المحلي الإجمالي.
الاستهلاك العام الذي ازداد في بداية المواجهات انخفض فيما بعد بصورة دراماتيكية إلى 45 من مئة من نسبته في 2010. رد فعل الاستهلاك الفردي كان فوريا، ومنذ بداية المواجهات وهو في انخفاض، برغم أن ذلك الانخفاض هو بنسبة أقل من الاستهلاك العام. ويصل الاستهلاك اليوم إلى 45 من مئة من نسبته في 2010.
حجم الواردات والصادرات تقلص إلى مستويات منخفضة جدا إلى درجة انهيار كبير في التصدير في فرع النفط. حتى 2010 شكل تصدير النفط 49 من مئة من إجمالي صادرات سوريا. منذ 2012 تحولت سوريا إلى مستوردة للنفط.
 
سوق العمل والفقر
 
سوق العمل تكبد خسائر فادحة. حتى نهاية 2015 وصلت نسبة البطالة إلى 53 من مئة، حيث كان 2.6 مليون عامل مشغلين و2.9 مليون عاطلين من العمل. للموازنة، في 2011 حيث كانت المواجهة في بدايتها كان هناك 5.2 مليون عامل مشغلين ونسبة البطالة وصلت إلى 15 من مئة (قبل اندلاع المواجهات كانت النسبة 8 من مئة). حسب تقديرات منظمة «اسكوا» (مجلس دول غرب آسيا لشؤون الاقتصاد والمجتمع والتنمية)، فإنه في 2015 كان هناك 83 من مئة من السكان في سوريا تحت خط الفقر، ومقابل ذلك، في 2010 كان هناك 28 من مئة فقط من السكان يتم اعتبارهم فقراء حسب هذا المقياس. ويقدرون بأن نصف الدخل في الدولة يوجه إلى استهلاك الغذاء.
 
متغيرات نقدية
 
التضخم في سوريا كان مرتفعا جدا في فترة الحرب: المتوسط السنوي للتضخم في الإعلام 2010 ـ 2015 وصل إلى 35 من مئة. جدول مؤشر أسعار المستهلك في 2015 كان أعلى بـ 4.5 مرة من مستواه في 2010.
وأكثر بتسع مرات من مستواه في 2005. من ناحية التجارة بالعملة الصعبة هناك أسواق رسمية وأسواق غير رسمية. السعر الرسمي يراوح نحو 250 ليرة سوريا للدولار الأمريكي في 2015، في حين السعر في السوق السوداء راوح نحو 350 ليرة سوريا للدولار. قبل الحرب كان السعر 45 ليرة سوريا للدولار الأمريكي الواحد.
 
سيناريوهات أساسية للمستقبل
 
سيناريو 1: استمرار الحرب. استمرار الحرب يعني استمرار التدهور الاقتصادي الذي وصف أعلاه. إذا استمرت المعارك فمن المعقول جدا أن يزداد تقلص المنتج المحلي الإجمالي، والسؤال فقط هو بأي مستوى. المنتج المحلي الإجمالي الحالي وصل إلى 38 من مئة من قيمته في 2010. البنك الدولي توقع أن يكون الانخفاض في 2016 بنسبة 8 من مئة. ومعنى ذلك أن المنتج المحلي الإجمالي لسنة 2016 سيكون 35 من مئة من مستواه في 2010. هذه التقديرات تُبين أن نسبة التقلص في المنتج المحلي تتضاءل. نسبة البطالة استجابت في حينه بسرعة أكبر مقارنة مع مؤشرات اقتصادية أخرى، لكن خلال السنتين الأخيرتين بقيت من دون تغيير.
ليس من شأن ذلك أن يقود إلى تقدير أن استمرار الحرب سيؤدي إلى استمرار المس بالمنتج المحلي الإجمالي، لكن ذلك سيكون بنسبة أكثر اعتدالا. حقيقة أن وتيرة التغيير كانت أقل بصورة كبيرة، تُبين أنه في ظروف معينة، فإن الاقتصاد السوري من شأنه أن يصل حتى إلى توازن (وضع مستقر) منخفض، لكن يبدو أن سوريا لم تصل إلى هذه الحالة بعد. الشروط المطلوبة من أجل أن يصل الاقتصاد الموجود في حالة حرب أهلية إلى وضع مستقر هي ألا تتوسع الحرب إلى مناطق يوجد فيها مستويات عالية من النشاط الاقتصادي، وألا يدمر رأس المال و/أو لا يُتسبب بانخفاض في قوة العمل. شروط كهذه لا توجد في الوقت الحالي في سوريا. حيث أن حلب هي أحد مراكز الحرب الرئيسية. لهذا، طالما استمرت الحرب في عدة جبهات، ومنها مراكز مدن، فيمكن توقع حدوث أضرار إضافية.
إضافة إلى ذلك، ولأن عنصر الاستثمار هبط بدرجة أكثر من باقي العناصر الأخرى في الاقتصاد، فإن المساعدات الخارجية حيوية لبناء حجم رأس المال المطلوب بهدف الوصول إلى وضع مستقر.
على مدى التاريخ هناك أمثلة لاقتصادات كان فيها نسب نمو إيجابية أو صفرية خلال حروب أهلية. مثال تاريخي له صلة باقتصاد مَرّ بفترة طويلة من الحرب الأهلية هو الاقتصاد اللبناني. خلال الحرب الأهلية في لبنان بين 1975 و 1990 حدثت تغييرات في شدة المواجهات، ومراكز المعارك المركزية وفي التدخل الأجنبي، وتبين المعطيات الاحصائية التغييرات التي حدثت للمنتج المحلي الإجمالي على مدى تلك الحرب.
وتبين المعطيات الاحصائية ظهور التقلصات الكبيرة في المنتج المحلي الإجمالي في السنوات الأولى للحرب. منذ بداية الحرب الأهلية وحتى الحرب اللبنانية في 1982 نما الاقتصاد بنسبة ثابتة نسبيا. في 1982 انهار المنتج المحلي الإجمالي مرة أخرى. انسحاب إسرائيل الجزئي في 1985 أشار إلى بداية فترة تطور، في أعقابها جاءت فترة أخرى من النمو السلبي في نهاية الثمانينيات. بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان في 1990 سجل في الدولة نمو إيجابي ثابت، لكنه وصل إلى مستوى المنتج المحلي الاجمالي ما قبل الحرب فقط بعد 15 سنة (أو 20 سنة، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي).
هذا النموذج يُبين أنه يمكن الوصول إلى مستويات نمو إيجابية، وحتى مستقرة، خلال الحرب، برغم أن نموا كهذا من شأنه أن يكون قصيرا، فإنه في كل الأحوال يحتاج الاقتصاد إلى فترة طويلة للوصول إلى مستوى ما قبل الحرب. من المهم تذكر أنه حتى لو دخلت سوريا إلى «حالة استقرار» فإن وضعها الحالي سيئ بصورة لا سابق لها تقريبا. مستوى الفقر يزيد على 80 من مئة. المنتج المحلي الاجمالي تقلص بأكثر من 60 من مئة، و45 من مئة من السكان هم مُهجرون أو لاجئون.
سيناريو 2: اقتصاد واحد ودولة واحدة. دولة واحدة هي كما يبدو السيناريو الأفضل من ناحية إعادة تأهيل الاقتصاد السوري. إذا تجاهلنا مسألة ما إذا كانت هذه الدولة ستكون دولة علوية، سنية أو فيدرالية علوية ـ سنية. حسب تقديرنا كل واحد من هذه الخيارات الثلاثة سيؤدي إلى إعادة تأهيل الاقتصاد السوري.
من أجل أن نفهم حجم إعادة التأهيل علينا أن نتذكر أنه في نهاية 2015 قُدرت الخسارة الاجمالية للاقتصاد بنحو 255 تريليون دولار. خسارة كهذه تساوي خمسة أضعاف المنتج المحلي عام 2010، أو 13 ضعف المنتج المحلي الحالي.
وكما جاء أعلاه، فان الهبوط في المنتج المحلي الاجمالي نفسه يُقدر بـ 163 مليار دولار، الذي يساوي ثلاثة أضعاف المنتج المحلي الاجمالي عام 2010 أو ثمانية أضعاف المنتج المحلي الاجمالي الحالي.
الخسارة في رأس المال تُقدر بـ 67 مليار دولار (1.3 أضعاف المنتج المحلي الاجمالي عام 2010). التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي يُقدر أن تكاليف إعادة تأهيل البنية التحتية المادية تتراوح بين 100 ـ 200 مليار دولار. الضرر في قوة العمل هو بسبب الهجرة (لاجئون ومهاجرون)، وبانتقال سكان إلى داخل الدولة والموت والجرح نتيجة المعارك. احتياط رأس المال يصل الآن إلى 44 من مئة من مستواه في 2011، وقوة العمل تصل إلى 90 من مئة مما كانت عليه في 2011. مع ذلك، نسبة البطالة هي 53 من مئة، وعدد العمال المشغلين يصل إلى 50 من مئة من عددهم في 2011. بصورة عامة، نسبة رأس المال/ العمل منخفضة عن نسبتها قبل الأزمة. هذا المعطى يتساوق مع حقيقة أن نصيب الفروع كثيفة الرأسمال في المنتج المحلي تقلصت بصورة كبيرة، ومع حقيقة أن الاستثمارات انخفضت بصورة أكبر من أي وقت سابق موازنة مع العناصر الأخرى جميعها في المنتج المحلي الاجمالي. نسبة رأس المال/ العمل يتوقع أن تنخفض أكثر في نهاية الحرب، حيث أن سوق العمل تتجاوب بصورة أسرع من جمع رأس المال، كما أن عودة اللاجئين إذا حدثت، ستساهم في ذلك.
في ظروف كهذه؛ فإن النتيجة الفورية لانتهاء الحرب ستكون كما يبدو انخفاضا في نسبة البطالة وارتفاعا في المنتج المحلي الاجمالي، وانخفاضا أيضا في انتاجية العمل وفي الأجر الحقيقي. من أجل أن ترتفع هذه هناك ضرورة لارتفاع نسبة رأس المال/ عمل. تناسب كهذا يقتضي مستويات عالية من الاستثمار، الذي يبدو أنه سيعتمد على المساعدات الخارجية.
في هذه الأثناء، تساعد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ودول أجنبية سوريا بوساطة إعطاء مساعدات لحكومتها أو مساعدة يتم تقديمها بشكل مباشر للمهجرين السوريين واللاجئين وضحايا آخرين من ضحايا النزاع. من المعقول جدًا الافتراض أن هذه المنظمات والحكومات ستواصل الاستثمار وتقديم المساعدات لسوريا أيضا بعد انتهاء الحرب. كما أنه يتوقع أن تطلب سوريا مساعدة من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي. ومع ذلك، فإن حجم المساعدة التي تم تقديمها حتى الآن كان محدودا وغير كافٍ. على خلفية حقيقة أن المساعدات الخارجية تتعلق بالنوايا الحسنة للمانحين وبالظروف السياسية والاقتصادية، يبدو أنه ستمر فترة زمنية إلى أن يستطيع الاقتصاد السوري تجنيد الموارد المطلوبة له من أجل المهمة الكبيرة التي تتمثل بإعادة الإعمار.
هناك تأثير سلبي آخر للحرب التي لها تداعيات قاسية على المدى البعيد، هو انخفاض انتاجية العمل كنتيجة لفقدان سنوات تعليمية وسنوات عمل. نسبة الفقر في سوريا في الوقت الحالي أكثر من 80 من مئة، وهناك الكثير من الأطفال يعانون من انعدام الأمن الغذائي. خلافا لخسارة رأس المال ـ فإن إنتاجية العمل صعبة التأهيل. من المنطقي الافتراض أن جيل الأطفال الذين عانوا من سنوات الحرب سيظل جيلا أقل إنتاجية.
التوقعات للمدى البعيد لصندوق النقد الدولي بشأن إعادة تأهيل اقتصاد سوريا تنطلق من فرضية أنه سيتم التوصل إلى اتفاق سلام، وسيتم تشكيل حكومة جديدة حتى نهاية 2017، وأن الظروف ستُمكن المستثمرين والمانحين الدوليين من المشاركة بشكل آمن في جهود إعادة إعمار الدولة. تحليل صندوق النقد الدولي يشير إلى أنه «إذا افترضنا أن فترة إعادة إعمار سوريا بعد الحرب ستبدأ في 2018 وأن اقتصادها سينمو بمعدل 4.5 من مئة، فستحتاج الدولة نحو 20 سنة من أجل الوصول إلى مستوى إنتاجها المحلي الذي كان قبل اندلاع الحرب… وذلك شريطة أن تنجح الدولة في إعادة تأهيل قدرتها الانتاجية بشكل سريع، وكذلك مستويات رأس المال البشري، وأن تعمل كمنطقة سيادية من دون تشويشات».
سيناريو 3: تعدد الدول والاقتصادات. من أجل مناقشة سيناريو تعدد الدول والاقتصادات سنعرض تحليلا للموارد الاقتصادية للمناطق المختلفة والهيئات السياسية التي ستسيطر عليها، إلى جانب العلاقات التجارية لكل منطقة. إن تحليلا كهذا يمكنه أن يساعد في تحديد أي المناطق ستنجح في الاقتصاد وستتحول إلى دول يسود فيها حكم ذاتي.
الحكومة تسيطر على دمشق الكبرى وعلى خط الساحل. كانت دمشق تضم 40 من مئة من معظم الموارد الاقتصادية الإنتاجية قبل الحرب. وخط الساحل هو المنطقة التي تكبدت أقل مستوى ضرر أثناء الحرب. كذلك في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة يعيش 55 ـ 70 من مئة من إجمالي سكان سوريا. كما يوجد لحكومة سوريا علاقات تجارية مع روسيا وإيران، وتتلقى مساعدات من الأمم المتحدة وإيران.
في سيناريو تعدد الدول يمكن التخمين بأنها ستحصل على مساعدة من دول ومنظمات أخرى. لهذا، في الظروف القائمة وعلى فرض ألا تحدث هناك معارك أخرى، فإن الأجزاء التي تقع تحت سيطرة الحكومة يمكنها أن تتعافى وتنمو.
في مقابل ذلك، إذا كانت أغلبية المناطق التي توجد فيها حقول نفط، بقيت خارج سيطرة الحكومة، فحينها ستكون عملية إعادة الإعمار طويلة موازنة بسيناريو اقتصاد واحد وموحد. صحيح أن منطقة حلب أصابها دمار كبير، لكن نظرا لأنها قبل الحرب كان نصيبها يقدر بـ 30 من مئة من إجمالي المنتج، فإن السيطرة عليها لها تداعيات مهمة من ناحية الحكومة.
تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق (برغم أن هذه المناطق تقلصت مؤخرا)، لكن السكان في نطاق سيطرتها عددهم قليل جدا. فمن جهة هي تسيطر على أغلبية المناطق التي توجد فيها حقول النفط، وهذه هي مصادر دخلها. ولكن من الجهة الأخرى، فإن مصادر النفط هي موارد قابلة للنفاد، ولا يوجد لداعش علاقات تجارية رسمية مع أي كيان آخر (برغم أن حجم التجارة التي يديرها هذا التنظيم بشكل سري، غير واضح)، وهو يقوم ببيع نفطه بأسعار أقل من السعر العالمي. وتشير التقديرات إلى أن الدخل اليومي لداعش من صناعة النفط يراوح حول الثلاثة ملايين دولار تقريبا. وأن قيمة مخزون النفط لدى التنظيم يراوح بين 1.3 ـ 2 مليار دولار. مصادر دخل أخرى للتنظيم تشمل الضرائب وابتزاز السكان: إن سلبية هذه الطريقة بالنسبة لداعش هي أنها تضر بصورة كبيرة بمحفزات الاستثمار، وحقيقة أنها أدت إلى انخفاض انتاجية قوة العمل، لأن العمال الحرفيين يميلون إلى الهرب من المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش.
مصدر آخر هو الحفريات وبيع وسائل فنية وثقافية: برغم أنه من الصعب جدا تقدير الدخل الذي توفره هذه الصناعة.
المصدر الثالث هو الاختطاف بهدف الحصول على الفدية: يُقدر الدخل من الفدية بين 20 ـ 45 مليون دولار في سنة 2014. إن هذا النوع من النشاطات من شأنه أن يؤدي إلى التدخل العسكري الأجنبي يكون مدمرا للاقتصاد.
برغم أن الدولة الإسلامية لا تحصل على أية مساعدة رسمية من المنظمات الدولية، وبرغم أنها تواجه حظرا ومقاطعة وعقوبات، فإن لديها شبكة لتجنيد الأموال وهي تتلقى الهبات. هناك تقديرات تشير إلى أن التنظيم جمع 40 مليون دولار في أعوام 2013 ـ 2014 من متبرعين في الدول الغنية بالنفط مثل العربية السعودية وقطر والكويت. لقد صادق التنظيم على ميزانية تبلغ 2 مليار دولار لسنة 2015، وهي تشمل إضافة متوقعة تبلغ 52 مليون دولار لتغطية تكاليف عمليات في العراق وسوريا. والاستنتاج هو أن اقتصاد تنظيم الدولة الإسلامية يمتاز بارتباط كبير بموارد قابلة للنفاد على المدى المتوسط والطويل. وتجدر الإشارة إلى أن كميات النفط بدأت بالتقلص حتى قبل اندلاع الحرب. وفي المقابل، فقد داعش السيطرة على مناطق كبيرة يوجد فيها مواد ثقافية وفنية، الاختطاف بهدف الحصول على الفدية يكتنفه خطر التدخل الأجنبي، والضرائب وأموال الابتزاز تجر خلفها استثمارات أقل وتؤدي إلى هرب الأيدي العاملة الماهرة. بناء على ذلك إذا امتنعت الدولة الإسلامية عن التصادم مع كيانات أخرى، فربما سيكون بإمكانها البقاء على المدى القصير، لكن إذا لم تعقد معاهدات وعلاقات تجارية ولم تنشئ صناعات تقليدية وتحث الأشخاص على العمل والاستثمار، فمن المعقول الافتراض أن لا تبقى في المدى البعيد.
الأكراد يسيطرون على معظم الحدود الشمالية مع تركيا. في الجزء الشرقي من الحدود توجد محافظة الحسكة الغنية نسبيا بآبار النفط وزراعة الحبوب. لقد اقتبس سان داغر، مراسل الـ «وول ستريت جورنال»، عن مصادر رسمية في الحسكة التي يسيطر عليها PYD الكردي، التي قالت إن آبار النفط في تلك المنطقة أنتجت 40 ألف برميل يوميا في نهاية 2014، وقد تم بيع النفط لقبائل عربية محلية بسعر 15 دولارا للبرميل. ومع ذلك، فإن الأكراد يواجهون الحرب من قبل داعش في الحسكة، فقد عقدوا اتفاقات مع الـ بي.كي.كي في تركيا ومع الحكومة المحلية لكردستان العراق كي.آر.جي. وهم يواجهون معارضة شديدة من قبل تركيا. وهناك من يدعي أنه توجد لهم علاقة مع نظام الأسد مكنتهم من السيطرة على الحدود الشمالية وعلى العلاقة التجارية معه.
في هذه الظروف يبدو أن الأكراد متعلقين بموارد النفط التي لن تكفي على المدى الطويل، والزراعة التي تتعرض لتغيرات مناخية متقلبة، وكذلك بقاء نظام الأسد وعدم تدخل تركيا مثلما حدث في آب/ أغسطس وأيلول/سبتمبر 2016. هذه الظروف تعطي إمكانية للبقاء على المدى القصير. ولكنها تقتضي تغييرات هيكلية وامتناعا عن مواجهة مستقبلية على المدى الطويل.
البيانات الاقتصادية فيما يتعلق بالهيئة القيادية للمعارضة (ناشيونال كواليشن فور سيريان ريفليوشن اوبوزيشن فورسيس) يصعب الحصول عليها.
المناطق المسيطر عليها من قبل جيش سوريا الحر ليست غنية بالموارد الطبيعية، ويبدو أن تنظيمات المتمردين مرتبطة بدرجة كبيرة بالمساعدات الخارجية. لهذا، إذا لم يتوسعوا فمن المعقول الافتراض أن يستمروا في الاعتماد على المساعدات الخارجية.
ويمكن الافتراض أن تستمر حكومات أجنبية في تقديم المساعدة لهم، لكن من أجل البقاء على المدى البعيد سيكون عليهم إيجاد مصادر دخل ذاتية.
 
الاستنتاجات
 
يتطلب اقتصاد سوريا عشرات السنين من أجل أن يتعافى ويعود إلى وضعه الذي كان قبل الحرب. جزء من الأضرار يبدو غير قابل للإصلاح ـ أشخاص هربوا من الدولة ولن يعودوا، سنوات من التعليم والثقافة التي فُقدت، والضرر الذي أصاب رأس المال المادي ورأس المال البشري هو ضرر كبير جدا إلى درجة أنه يحتاج إلى مئات مليارات الدولارات من أجل إصلاحه.
صندوق النقد الدولي يُقدر أن إعادة الإعمار سحتاج إلى عشرين سنة. معنى الأمر أنه في أفضل الحالات فإن سوريا تحتاج إلى فترة طويلة جدا من أجل أن ترجع إلى الوضع (السيئ جدا) الذي كان سائدا فيها قبل الحرب الأهلية.
افتراض معقول آخر هو أن سوريا موحدة هي الإمكانية الأفضل بدرجة كبيرة من سوريا مقسمة، على الأقل من ناحية إعادة تأهيل الاقتصاد. وكذلك فإن تلك الأجزاء التي ستنفصل عن سوريا وستُقاطع من دول العالم مثل تنظيم الدولة الإسلامية، لن تحصل بسهولة على المساعدات الدولية.

ألون ريغر وعيران يشيف
٭ بروفيسور في جامعة تل أبيب ومستشار للمصرف المركزي في إنكلترا وبنك إسرائيل
========================
«تقدير استراتيجي» :كيف تنظر إدارة ترامب إلى الشرق الأوسط والأكراد؟
http://www.alquds.co.uk/?p=795386
إدارة ترامب والشرق الأوسط: سياسة دونالد ترامب الخارجية تجاه الأكراد لم تطرح حتى الآن بوضوح، باستثناء ملحوظات متفرقة فيما يتعلق بالأكراد، والإشارة إلى مواقف معينة من شأنها أن يكون لها تأثير في هذه المجموعة الاثنية. لقد أسمع ترامب في الماضي تصريحات مؤيدة للأكراد، بما في ذلك أقواله في 15 تموز/يوليو 2016 بأنه «مشجع كبير للأكراد»، وأشار أيضا إلى أنه «في وضع مثالي يمكننا أن نجعلهم (الأتراك والأكراد) يعملون معا». ولكن إضافة إلى هذه التصريحات المؤيدة، أُسمعت تصريحات من شأنها أن تقلق الأكراد بشكل كبير، من ضمنها إظهار اشتياقه لصدام حسين ونفي القتل الجماعي للأكراد في 1989، حيث قال: إن صدام حسين نثر حولهم «القليل من الغاز».
إلى جانب هذه التصريحات، أثبت ترامب أنه ملتزم بخطوط سياسية من شأنها التأثير بشكل مباشر في الأكراد، لا سيما تصفية الدولة الإسلامية وصد إيران. إن هدف تصفية داعش هو سياسة بدأت منذ إدارة أوباما، لكن ترامب يفضل استخدام القوة من أجل تحقيق ذلك. لقد صرح ترامب أنه يجب على الولايات المتحدة القضاء على الدولة الإسلامية، وأن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو الحل العسكري. هذه المقاربة أحادية الجانب تضمنت من حين إلى آخر أيضا دعما لانشاء منطقة حظر طيران في شمال سورية، وكذلك تهديدات بتفجير آبار النفط التي تقع تحت سيطرة داعش من أجل وقف مصادر دخله، وحتى اقتراحات بإرسال قوات برية إلى هناك. هذه المقاربة تناقض سياسة أوباما الذي حاول إلى درجة كبيرة منع تورط الولايات المتحدة في المواجهة في سورية. لقد صادق أوباما على التدخل العسكري المحدود فقط في سورية. ولكن اقتراح أوباما يقضي بتصعيد كبير للتدخل الأمريكي في الدولة التي تدور فيها معارك دموية. لهذه المقاربة أحادية الجانب والعسكرية لترامب في موضوع داعش هناك احتمال بأن تفيد الأكراد، لأنها ستؤدي إلى أن يبحث عن شركاء محليين في العراق وفي سورية من أجل أن يقلل الحاجة إلى الجنود الأمريكيين، أو تقليص عددهم.
وكموقف ترامب في موضوع الدولة الإسلامية، أيضا فإن موقفه بالنسبة لإيران هو وحيد الجانب وعسكري. مثلا، عندما سئل فيما يخص سفن المدافع الإيرانية التي تتحدى السفن العسكرية الأمريكية أجاب بأنه سيطلق عليها النار حتى تدميرها كليا. وفي شباط/آذار 2017، في رده على التجربة التي أجرتها إيران على صواريخ بعيدة المدى، فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة ضد حكومة إيران. مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، الجنرال مايكل فلين قال في حينه: إن إيران تلقت تحذيرا. إضافة إلى ذلك، فإن وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس ومستشار ترامب سبستيان غوركي أشارا إلى أنهما يريان في إيران تهديدا. صحيح أن الرئيس ترامب قد تطرق للأكراد بصورة غامضة فقط، لكن سعيه لتصفية داعش وصد إيران يتوقع أن تشركهم ويكون لهذا تأثيرات من جانبهم.
 
المصالح الكردية
 
الأكراد السوريون والأكراد العراقيون منقسمون ومصالحهم مختلفة. صحيح أنه في الوقت الحالي هناك ثلاثة لاعبين أكراد أساسيين، حزب العمال الكردستاني، الذي له فروع في سورية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي «بي.واي.دي»، الذي يسيطر فعليا على كردستان سورية، ويعمل في شمال كردستان العراق. والحزب الديمقراطي الكردي والاتحاد الوطني لكردستان، حيث أنهما نشطا في كردستان العراق، ولهما فروع في سورية. ولكن لهما تأثير قليل فقط خارج كردستان العراق.
 
كردستان سورية
 
كردستان سورية تحكم من قبل الحزب الديمقراطي الموحد ـ وهو تنظيم كردي وطني أقيم في تركيا في السبعينيات منظمة ماركسية لينينية، كانت تطالب باستقلال كردستان. ومنذ فترة تخلى حزب العمال الكردستاني عن الايديولوجيا الماركسية وعن الرغبة في قيام كردستان مستقلة، والآن هو يطالب بحكم ذاتي للأكراد في تركيا وإيران وسورية. وفي مقابل تطورات الحرب الأهلية في سورية نجح الأكراد في سورية بإيجاد منطقة حكم ذاتي خاصة بهم في داخل سورية. وتضم منطقة الحكم الذاتي ثلاث محافظات هيعفرين وكوباني والجزيرة، التي هي غير متجاورة، لكنها تشكل معا ما يسمى كردستان الغربية أو روجافا، التي هي فعليا منطقة مستقلة ذاتيا داخل سورية، وإن كانت تختلف جدا عن منطقة الحكم الذاتي في العراق.
لقد نجحت كردستان سورية حقا في تحقيق درجة كبيرة من الحكم الذاتي مثل الموجود في كردستان العراق. ولكن يوجد هناك اختلافات جوهرية بينهما. فكردستان العراق تحظى بحكم ذاتي فعلي منذ عام 1991، عندما فرضت الولايات المتحدة منطقة حظر طيران على شمال العراق. وبحكم ذاتي قانوني منذ عام 2003. في المقابل، روجافا حصلت على الحكم الذاتي في عام 2013 فقط. وأيضا عندما تحقق ذلك فقد جاء في أعقاب الحرب الأهلية السورية لأن الحكومة السورية لا تعترف بها. عدم الاعتراف يعني أن الحكم الذاتي الحالي للأكراد في سورية يعكس فقط السيطرة الفعلية لحزب الاتحاد الديمقراطي الموحد إزاء الحرب الأهلية المتواصلة. إن هزيمة هذا الحزب ستضع حدا أيضا للحكم الذاتي لروجافا.
إضافة إلى الفرق في المكانة القانونية لقسمي كردستان، فإن لهما نظامين منفصلين. كردستان العراق هي أكثر وطنية وتقليدية وقبلية، في حين كردستان سورية تحاول خلق بديل يرتكز على توزيع القوة على المستوى المحلي وخلق نوع من «ديمقراطية من دون دولة». هذا النموذج أوجد ويريد الاستمرار في إيجاد مئات، بل آلاف، السلطات المحلية التي تُدار حسب دستور روجافا. نموذج لا يؤيد القومية الكردية ومُعد أيضا لاستيعاب مواطنين ليسوا أكرادا. روجافا تُحكم الآن من قبل الحزب الديمقراطي الموحد، لكن هناك معارضة محلية من الـ «كي.ان.سي»، المجلس الوطني الكردي، الذي هو تنظيم فوقي أقامه الـ كي.دي.بي. وبرغم أن الـ كي.ان.سي يعمل داخل سورية إلا أنه حزب هامشي نسبيا، وتأثيره محدود فقط داخل كردستان سورية. إضافة إلى الأقلية التي تدعم الـ كي.ان.سي فإن المؤيدين له يتعرضون للمطاردة من قبل الحزب الديمقراطي الموحد، حيث توجد للحزبين علاقة متناقضة مع حكومة تركيا. ونظرا لعلاقة الـ كي.ان.سي مع الـ كي.دي.بي والعلاقة الجيدة مع الـ كي.دي.بي مع حكومة تركيا، فإن كي.ان.سي يحظى بمعارضة شديدة من قبل الـ بي.واي.دي، حيث أن هذا الأخير الصديق لـ بي.كي.كي، الذي يوجد الآن مع الحكومة التركية.
إن مصلحة الـ بي.واي.دي داخل سورية هي الحفاظ على الحكم الذاتي له. ولكن من فينة إلى أخرى يجد صعوبة في القيام بذلك. في آب/أغسطس 2016 حاول الـ بي.واي.دي إيجاد تواصل بين عفرين وكوباني والجزيرة، عندما حاول تحالف من مليشيات مختلفة، بما فيها بي.واي.دي، السيطرة على جرابلس ومنبج. ولكن تم إحباط هذه المحاولة عندما نفذت تركيا عملية «درع الفرات» بهدف منع بلورة كردستان سورية متواصلة تحت سيطرة بي.واي.دي، ومن أجل منع توسع روجافا. بعد الفشل في إيجاد تواصل بين هذه المحافظات، قام بي.واي.دي بتغيير أهدافه وتركز في توحيد المناطق التي يسيطر عليها. وقد أعلن أيضا أن قواته لن تشارك في تحرير الرقة من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية، وأنه سيعمل على تطويق المدينة وصد التنظيم، لكنه لن يتدخل في القتال داخل المدينة التي سيتركونها للقوات العربية.
لم ينجح بي.واي.دي فعليا في توحيد المحافظات الثلاث، لكنه نجح في إيجاد ترتيبات أمنية مع لاعبين سياسيين مختلفين داخل سورية. إن شبكة علاقات بي.واي.دي مع نظام الأسد، ومع المتمردين السوريين، تراوحت بين الصداقة والعداء، طبقا لدوافعه وطبقا لأولئك اللاعبين السياسيين. وفي بعض الأحيان قاتل بي.واي.دي إلى جانب نظام الأسد ضد متمردين آخرين وضد داعش. وفي المقابل، كانت حالات تعاون فيها بي.واي.دي مع منظمات متمردة أخرى في الحرب ضد داعش. إضافة إلى ذلك، أعلن الأسد أنه لا يعترف بروجافا كحكم ذاتي، وليست له نية للاعتراف بها. من هنا يبدو أن أي تعاون مع النظام السوري هو على المدى القصير فقط ولأسباب تكتيكية، حيث أنه في اللحظة التي سيهزم فيها داعش والمتمردون السوريون فإن الأسد وبي.واي.دي سيجدون أنفسهم في مواجهة حول مطلب الحكم الذاتي لروجافا.
 
كردستان العراق
 
الـ بي.كي.كي وفروعه تسيطر بشكل كبير على روجافا في سورية. ولكنهم ينشطون بدرجة قليلة في معظم كردستان العراق، حيث أن اللاعبين السياسيين المركزيين هناك هم كي.دي.بي وحزب غوران وبي.يو.كي. في الوقت عينه يوجد لـ بي.كي.كي تأثير معين، سواء في منطقة جبل سنجار أو في منطقة جبال قنديل، برغم أن كي.دي.بي يعارض بشدة هذا الوجود. وقد أدى هذا الأمر إلى المواجهة المسلحة بين التنظيمين. إن معارضة كي.دي.بي تنبع من الخشية من أنه إذا حقق بي.كي.كي تأثير في كردستان العراق فإن من شأن ذلك أن يكون على حساب تأثير كي.دي.بي. كردستان العراق تتشكل الآن بصورة رسمية من أربع محافظات إدارية هي أربيل ودهوك وحلبجة والسليمانية. ولكن عند انهيار الدولة العراقية وصعود الدولة الإسلامية توسعت مناطق سيطرة الأكراد وهي تضم الآن محافظة كركوك ومناطق في شمال العراق.
لقد تم تأسيس حزب كي.دي.بي في عام 1946 على يدي مصطفى البرزاني. وقواعده توجد في أربيل ودهوك. حزب بي.يو.كي أنشيء في 1975 على يدي جلال طالباني وقاعدته توجد في السليمانية. في السابق سيطر الحزبان معا على كردستان العراق، برغم التوتر وحتى المواجهة بينهما. لقد كانت الحرب الأهلية الكردية (1994 ـ 1997) دموية، لا سيما في تاريخ كردستان العراق، وقد انتهت باتفاق سلام بوساطة أمريكية في إطاره تم تقسيم كردستان العراق إلى قسمين، قسم يضم أربيل ودهوك ويسيطر عليه حزب كي.دي.بي والقسم الثاني يضم السليمانية ويسيطر عليه حزب بي.يو.كي. وقد تم إلغاء الاتفاق بصورة رسمية في 2003، ولكن بصورة غير رسمية بقي التقسيم على حاله حتى الآن، مع الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
منذ التأسيس الرسمي للحكومة الإقليمية لكردستان في 2003، سيطر حزب بي.يو.كي وحزب كي.دي.بي على البرلمان ـ المؤسسة السياسية الرسمية المركزية في كردستان العراق. وفي 2013 أنشئ حزب جديد باسم غوران على أيدي أعضاء سابقين في بي.يو.كي، الذين تركوا حزبهم لأنهم لم يكونوا راضين عن الفساد السياسي الذي ساد فيه. نتائج انتخابات 2013 للبرلمان أدت إلى حصول كي.دي.بي على 38 مقعدا، وغوران حصل على 24 مقعدا وبي.يو.كي 18 مقعدا. رئيس كردستان العراق هو مسعود برزاني من حزب كي.دي.بي، ورئيس الحكومة هو نتشيروان برزاني، وهو أيضا من الحزب نفسه.
حزب كي.دي.بي لديه الآن عدد المقاعد الأكثر في البرلمان وهو يسيطر على السلطة التنفيذية، لكن كردستان العراق منقسمة جدا. في آب/أغسطس 2015 قرر الرئيس برزاني تمديد فترة رئاسته أكثر من الولايتين المحددتين في القانون. وبعد مرور شهر قام بإبعاد أربعة وزراء من حزب غوران، واستبدلهم بوزراء من حزب كي.دي.بي. وبعد ذلك منع يوسف محمد، المتحدث باسم البرلمان وعضو البرلمان من حزب غوران، من دخول أربيل. هذه القرارات أدت أيضا إلى استقطاب، حيث يكون كي.دي.بي ومؤيدوه في جانب والمعارضة في معسكر آخر. إن الفوضى السياسية هي أمر إشكالي لأنه يمتد إلى العلاقة الخارجية للأكراد في العراق وكذلك إلى الجيش، حيث أن لكل حزب من الحزبين كي.دي.بي و بي.يو. كي مليشيا خاصة به. هذا الامتداد يؤثر في الحرب ضد الدولة الإسلامية لأنه بدل نشر أفضل القوات والسلاح ضد داعش، يتم الاحتفاظ بها كاحتياط، وهي تستخدم من حين إلى آخر لأهداف حزبية. إضافة إلى ذلك، ونظرا إلى تسييس الجيش، فإن وحدات البشمارغا المختلفة لا تتواصل الواحدة مع الأخرى.
وبرغم الانقسام داخل المستويات القيادية للجيش الكردي، فإن الأكراد يحاربون داعش لأن هذا التنظيم يهدد المناطق والمصالح الحيوية للحزبين. حزب كي.دي.بي حارب ضد تنظيم الدولة الإسلامية عندما هدد أربيل. والآن هو يحارب داعش في شمال العراق، في حين حزب بي.يو.كي حارب ضد الدولة الإسلامية في كركوك واحتلها منه. أربيل هي القاعدة والمصلحة الحيوية لـ كي.دي.بي وكركوك هي المصلحة الحيوية لـ بي.يو.كي لأنها تعتبر حصنا منيعا، وبسبب أهميتها الرمزية.
هناك حدود، مع ذلك، لما يمكن أن يصل اليه الحزبان في الحرب. وقد أظهرا ضبط النفس عندما وصلا إلى مناطق خارج حدودهما. مثال مهم على هذه الحدود هو الحرب على الموصل: قائد بارز في البيشمركه، أشار إلى أنهم غير متسرعين للدخول إلى الموصل خوفا من المعارضة المحتملة. وطبقا لذلك إذا كان الرئيس ترامب يخطط لاستخدام الأكراد بدل الأمريكيين جنودا في خط الجبهة، فسيكتشف أنه برغم أن الأكراد على استعداد لصد داعش، إلا أنهم ربما لن يكونوا مستعدين للدخول إلى مناطق تحت سيطرة التنظيم. الانقسام يمتد أيضا إلى السياسة الخارجية للأكراد في العراق. كل حزب من حزبي كي.دي.بي وبي.يو.كي يميل إلى دولة عظمى إقليمية مختلفة. لـ كي.دي.بي علاقة قوية مع تركيا، في حين بي.يو.كي يميل إلى إيران.
 
الأكراد والدول الإقليمية العظمى
 
العامل الذي يزيد تعقيد الديناميات السياسية الداخلية في سورية وكردستان العراق هو الدور الذي تلعبه الدول العظمى الإقليمية. يوجد لتركيا علاقة قوية جدا مع حزب كي.دي.بي في العراق، وعلاقة محافظة أكثر مع بي.يو.كي. في حين علاقتها مع بي.كي.كي و بي.واي.دي في سورية معادية بصورة علنية. وخلافا لها، هناك علاقة قوية لإيران مع حزب بي.يو.كي وعلاقة معتدلة مع كي.دي.بي في العراق وأيضا مع بي.واي.دي – بي.كي.كي في سورية، التي يمكن أن تفسر بالتطلعات الإقليمية الواسعة لها. على طول الخط الذي تستخدمه إيران لإرسال المعدات والأشخاص من طهران إلى اللاذقية من أجل دعم نظام الأسد، وسيلة لفتح ممر إلى منطقة البحر المتوسط، تقع تركيا كمركز بـ بي.كي.كي، هذا الخط يمر عبر مناطق سنجار، القامشلي وكوباني، التي توجد جميعها الآن تحت سيطرة بي.كي.كي أو ذراعه التنفيذية بي.واي.دي. لهذا يجب على إيران الحفاظ على علاقة جيدة مع بي.كي.كي من أجل تحقيق السيطرة الإقليمية التي تسعى إليها. ولكن برغم أن لإيران مصلحة في الحفاظ على علاقة جيدة مع بي.كي.كي إلا أنها قلقة من إمكانية أن الحكم الذاتي للأكراد في سورية من شأنه أن يمتد إلى اتجاه غير مرغوب فيه. هذا القلق يمس الـ بي.كي.كي لأن له ذراعا في إيران يسمى «حزب الحياة الحرة الكردي» (بي.جي.إي.كي). في عام 2011 سجلت مواجهات عسكرية بين بي.جي.كي وحكومة إيران، ولكن منذ فترة وقعا اتفاقا لوقف إطلاق النار.
برغم أن لإيران وتركيا علاقات متناقضة مع بي.واي.دي، إلا أنهما قلقتان من تأثير امتداد كردستان سورية ذات الحكم الذاتي إلى السكان الأكراد في الدولتين. قاسم مشترك آخر بين إيران وتركيا هو علاقاتهما مع الحكومة الإقليمية في كردستان العراق. فإيران وتركيا، كل واحدة لأسبابها الخاصة، غير معنية برؤية حزب كي.دي.بي وقد أزيح عن السلطة. تركيا تدعم سيطرة الحكومة الإقليمية لكردستان على كي.دي.بي، نظرا لرغبتها في التحول إلى مركز طاقة إقليمي وتقليص اعتمادها على الطاقة الروسية والإيرانية. بسبب ذلك هي تحتاج إلى ضخ الطاقة من كردستان العراق عبرها، لهذا أقام اردوغان علاقة قوية مع كي.دي.بي ومع الرئيس برزاني. مع ذلك، تركيا لم تبعد تماما بي.يو.كي، ويحظى زعماء الحزبين بجوازات سفر تركية، ولديهما ممثليات رسمية في تركيا.
مقاربة إيران مختلفة كليا. توجد لإيران علاقات أقوى مع حزب بي.يو.كي، وقد قامت بدعمه خلال الحرب الأهلية الدموية في كردستان العراق من 1994 ـ 1997. كما حاربت قوات إيرانية مؤخرا إلى جانب بي.يو.كي ضد الدولة الإسلامية. إضافة إلى ذلك، إيران لم تعارض تمديد فترة ولاية الرئيس برزاني، وساعدت كي.دي.بي على توفير السلاح والقوة البشرية عندما هوجمت أربيل من قبل داعش. ربما، إيران مستعدة لدعم كي.دي.بي لأن كردستان العراق القوية والموحدة التي تقوم بمحاربة داعش، تخدم مصالح إيران أكثر من كردستان العراق المنقسمة التي تتحارب بينها.

 
السير قدما
 
الديناميكية السياسية الداخلية في جزئي كردستان، والديناميكية السياسية الإقليمية في الشرق الأوسط، هي أساسية للتفاهمات المتعلقة بعلاقات الولايات المتحدة والأكراد في المستقبل. ومن دون صلة للأمر بسؤال أي من مصالح أمريكية تتساوق مع مصالح الأكراد، يتوقع أن يكون لها تداعيات يجب على راسمي السياسة الأمريكية أخذها في الاعتبار.
اللاعبون السياسيون الأساسيون الأكراد كلهم يشاركون الرئيس ترامب في الهدف المركزي ـ تصفية داعش. ولكن إذا استمرت الولايات المتحدة في تسليح بي.واي.دي أو زادت دعمها للحزب، فيعقل الافتراض أن هذا الأمر سيثير المعارضة من جانب كي.بي.دي وتركيا أيضا. لأن دعما كهذا سيتم النظر إليه على أنه تهديد لمصالحهما، وحتى امتناع الولايات المتحدة عن انتقاد عملية القمع التي قامت بها الحكومة التركية ضد بي.كي.كي داخل تركيا لن يكون مهما. ومع ذلك، تستطيع الولايات المتحدة أن تحاول وضع علاج مسبق للمعارضة التركية وخلق حسن نية لدى الأتراك بتسليم غولن أو تقليص تأثيره. تستطيع الولايات المتحدة أيضا موازنة أية مساعدة عسكرية أو مالية لـ بي.واي.دي بإعطاء مساعدة لـ كي.دي.بي. في العراق. وبرغم تسليح كي.دي.بي الذير من شأنه أن يساعد في خفض مخاوف الحزب من تسليح بي.واي.دي، وأحد المشكلات التي يمكن أن تثور في أعقاب ذلك هي أنه إذا نشبت حرب أهلية داخل كردستان العراق فسيتم استخدام هذا السلاح ليس ضد داعش، بل ضد بي.يو.كي. ومن أجل احتواء التوتر الداخلي بين كي.دي.بي وبي.يو.كي يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على اللاعبين السياسيين (لقد أدارت الولايات المتحدة المفاوضات السلمية بين الحزبين في 1997)، وعن طريق تقليص احتمالية الحرب الأهلية في إيران وتركيز اهتمام الأكراد على تنظيم الدولة الإسلامية. ولكن حل حقيقي للمواجهة بين كي.دي.بي و بي.واي.دي يأتي فقط عن طريق الاصلاحات السياسية في كردستان العراق وكردستان سورية، من خلال تقليص التوتر بين تركيا وبي.واي.دي.
مشكلة أخرى يمكن أن تظهر إذا أراد ترامب استخدام الأكراد لمحاربة داعش، هي أن اللاعبين الأكراد جميعهم ـ كي.دي.بي و بي.يو.كي وبي.واي.دي ـ غير معنيين بالعمل خارج الحدود التي تعتبر حدود كردية. ربما يكون الأكراد ناجعين في صد داعش، لكن مشكوك فيه أن يساعدوا في تصفية التنظيم خارج حدودهم أيضا.
بالنسبة لسعي ترامب لتحقيق الهدف الثاني وهو صد إيران، فإنه لا يتوقع من الأكراد المساعدة في ذلك على ضوء العلاقة القائمة بين اللاعبين الرئيسيين لهم في العراق وسورية والحكومة الإيرانية. لقد ساعدت إيران كي.دي.بي وبي.يو.كي في حربهم ضد داعش. وإيران لم تهدد ولن تهدد المصالح السياسية لأي منهم. هذا الأمر صحيح أيضا بالنسبة للعلاقات بين بي.واي.دي ـ بي.كي.كي وإيران. وهذا لا يعني أنه لن يكون هناك توتر، حيث أنه توجد للأحزاب مصالح مختلفة في سورية، لكن يمكن القول إنه ليس هناك أي طرف منهما يسعى إلى تحقيق مصالحه على حساب الآخر. يضاف إلى ذلك أن هناك تكمن المسألة الكبرى، وهي مستقبل روجافا ككيان مستقل في المستقبل.
 
استنتاجات
 
إن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تمر بتغيير في أعقاب دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. هذا التغيير يتضمن كما يبدو اتخاذ موقف أمريكي هجومي أكثر تجاه تنظيم الدولة الإسلامية. والسعي إلى صد إيران. تداعيات على علاقات الولايات المتحدة مع الأكراد متوقعة من هاتين النقطتين. هذا المقال أراد فحص المتغيرات والعوامل المختلفة التي يجب أخذها في الحسبان قبل بلورة سياسة تجاه الأكراد. الرئيس ترامب ربما يهتم بتسليح الأكراد من أجل محاربة داعش، لكن هناك أسباب تجعل سياسة كهذه غير موصى بها. أولا، برغم أن الأكراد يحاربون داعش عندما يهدد التنظيم مباشرة المنطقة الكردية، إلا أنهم يميلون إلى درجة كبيرة للتحفظ من محاربته عندما يبتعد عن المناطق والمصالح الكردية. ثانيا، اللاعبون السياسيون الأكراد يرون في داعش تهديدا لمصالحهم. ولكنهم أيضا ينظر الواحد منهم إلى الآخر على أنه تهديد. لهذا فإن أي تسليح يعطى للأكراد بهدف محاربة داعش يمكن أن يستخدم من قبل الأحزاب الكردية في النزاعات بينهم. يتوقع أن يعارض الأكراد الهدف الثاني للرئيس ترامب، الذي هو صد إيران. لأنه لا توجد أية جهة سياسية مركزية كردية تعارض إيران، وهكذا من المعقول الافتراض أن المصالح الكردية والأمريكية لن تتساوق معا في هذا الموضوع.
 
زاكري فريره*
«تقدير استراتيجي»/ المجلد 20 ـ 2017
=======================