الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 25/6/2016

سوريا في الصحافة العالمية 25/6/2016

26.06.2016
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
عناوين الملف
  1. كوكبرن: هزيمة داعش ستتسبب في سلسلة طويلة من المخاطر
  2. بولتيكو & ناشيونال إنترست  :كيف خططت أمريكا وبريطانيا لتدمير النفط في الشرق الأوسط؟
  3. فورين بوليسي: حرب حزب الله القادمة في وادي الموت
  4. أوراسيا ريفيو: الإرهاب كذريعة للتدخل في الشرق الأوسط
  5. دايلي بيست :روبرت فورد: دبلوماسيو الولايات المتحدة محقون حيال سوريا
 
كوكبرن: هزيمة داعش ستتسبب في سلسلة طويلة من المخاطر
لندن- عربي21# الخميس، 23 يونيو 2016 08:54 م 00
قال الصحافي باتريك كوكبرن إن من شأن الهزائم المتتالية التي مني بها تنظيم الدولة مؤخرا، في كل من سوريا والعراق، أن تتسبب في سلسلة طويلة من المخاطر المحدقة.
وتابع مراسل صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في الشرق الأوسط، في مقال نشرته صحيفة "ميدل إيست آي"، أن خسائر تنظيم الدولة ليس بالضرورة هزيمة له.
وتابع الكاتب أن إحدى نقاط القوة الرئيسية للتنظيم، كانت دائما الانقسام الشديد بين أعدائه، مشيرا إلى أن "إرهاب داعش الصادم" كان يوحد الأعداء ضد التنظيم.
وأضاف أن انخفاض تأثير "الرعب" الذي يعتمد عليه تنظيم الدولة، سيبرز الخلافات بين الفرقاء في المعسكر المقابل، فالأحزاب والميليشيات الشيعية وقفت على حافة الصراع فيما بينها أكثر من مرة، وهم ليسوا بعيدين عن الصراع المسلح، مبينا أن  الخوف من التنظيم في السابق كان يوحد الصفوف.
وأشار إلى الخلافات في كردستان العراق، عند كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، مشددا على أن "وحشية داعش كانت سببا في وحدة الأكراد".
وأوضح الكاتب أن الشيء نفسه يقع في سوريا، إذ إن دعم الأسد من قبل الكثيرين يعتمد - بشكل جزئي - على فكرة غياب البديل، وأن الجهة الوحيدة المؤهلة لتحل محل الأسد هي تنظيم الدولة، أو التنظيمات السلفية الجهادية بشكل أعمّ، والأسد يدرك بشكل مؤكد أن هيمنة تنظيم الدولة وجبهة النصرة على مشهد المعارضة المسلحة في سوريا سيقود المجتمع الدولي لتفضيل النظام السوري بشكل مستمر.
واستطرد أن هزيمة التنظيم يجب أن تمثل عامل أرق لأكراد سوريا والعراق، فالزعماء الأكراد في كلا الدولتين، قد لا يكونون على وفاق، لكنهما يعتمدان بشكل كلي على الدعم الأمريكي ضد تنظيم الدولة.
واستدرك كوكبرن أنه مع اختفاء داعش، لن يظل الأكراد السوريون هم الحليف الأقرب لواشنطن، ولا يمكنهم أن يأملوا في أن تدعمهم أمريكا - قطعا - إذا ما حان وقت المواجهة مع تركيا.
وأضاف أن الأكراد في العراق استفادوا من استيلاء تنظيم الدولة على الموصل كي يسيطروا على المناطق المتنازع عليها بينهم وبين الحكومة المركزية في بغداد، ومن غير المؤكد ما إذا كان أكراد العراق سيحتفظون بالدعم الدولي مقابل بغداد، لكن المؤكد أنهم لن يستطيعوا الاحتفاظ بتلك المناطق بدون ذلك الدعم.
وختم مقاله قائلا: "إن تنظيم الدولة يضعف بالتأكيد، لكن من المبكر جدا أن نكتب شهادة وفاته في الوقت الذي ينقسم فيه أعداؤه بهذا الشكل".
======================
بولتيكو & ناشيونال إنترست  :كيف خططت أمريكا وبريطانيا لتدمير النفط في الشرق الأوسط؟
نشر في : السبت 25 يونيو 2016 - 12:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 24 يونيو 2016 - 09:45 م
download
بولتيكو & ناشيونال إنترست – إيوان24
في يوم صيفي لطيف في لندن عام 1951، أخبر ضابط بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ثلاثة من مسؤولي شركات النفط البريطانية عن خطة سريّة للحكومة الأمريكية كان الهدف منها هو تخريب صناعة النفط في الشرق الأوسط في حال غزو الاتحاد السوفياتي للمنطقة. في هذه الحلة، كان سيتم ضرب الآبار النفطية وتدمير المعدات وخزانات الوقود وتعطيل المصافي وخطوط الأنابيب من أجل منع سيطرة الاتحاد السوفييتي على موارد النفط القيمة في الشرق الأوسط. أطلقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على هذه الخطة اسم “سياسة الحرمان.”
هذه الخطة لا يمكن أن تنجح دون تعاون الشركات البريطانية والأمريكية التي سيطرت على صناعة النفط في الشرق الأوسط، وهذا هو السبب في أنَّ عميل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، جورج بروسنج، أصبح مسؤولًا في وزارة الوقود والطاقة في لندن اليوم. رأى الممثلون البريطانيون لشركات “نفط العراق” و “نفط الكويت” و”نفط البحرين”، أنَّ بروسنج أوضح كيف ستتحول عمليات الإنتاج في تلك البلدان إلى قوة شبه عسكرية مدربة وجاهزة لتنفيذ خطة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في حال وقوع الغزو السوفياتي. ولذلك، طلب المساعدة من تلك الشركات، واتفقوا على التعاون. وأكّد أيضًا على الحاجة إلى الأمن، الذي تضمن الحفاظ على سريّة هذه السياسة دون معرفة دول الشرق الأوسط المستهدفة. وقال لهم بروسنج: “الأمن الآن هو أكثر أهمية من نجاح أي عمليات”.
سياسة الحرمان التي تبنتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هي مجرد مقتطف من تاريخ الحرب الباردة الذي بدأ يكشف عن أسراره في النهاية. في عام 1996، ظهر وصفًا موجزًا للخطة بعد رفع السريّة عنه بطريق الخطأ من قِبل المكتبة الرئاسية للرئيس الأمريكي هاري ترومان، وهو خرق أمني اعتبرته هيئة المحفوظات الوطنية الأسوأ في تاريخها، وقد تسربت بعض التفاصيل الإضافية على مدى السنين الماضية. لكن الكشف الأخير عن الوثائق المخبأة في الأرشيف الوطني البريطاني، جنبًا إلى جنب مع بعض الوثائق الأمريكية الرئيسية، التي رُفعت عنها السريّة الآن، يوفر لنا سردية متكاملة وكاشفة ننشرها هنا لأول مرة.
بيدَ أنَّ سياسة الحرمان التي اعتقد الكثيرون أنها انتهت خلال رئاسة أيزنهاور، كانت مستمرة لفترة أطول من ذلك بكثير، عالقة في إدارة كينيدي. وتكشف الوثائق البريطانية التي تمّ اكتشافها مؤخرًا أنَّ بريطانيا كانت مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية لمنع الاتحاد السوفيتي من السيطرة على النفط في الشرق الاوسط. وتُظهر الوثائق أيضًا أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية لعبت دورًا أكبر بكثير مما كان يعتقد البعض سابقًا. كان من المعروف تورط وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي بشكل ملحوظ، ولكن في الواقع، كانت وكالة الاستخبارات هي القوة الدافعة للعملية برمتها، من حيث تنظيم الشركات الأمريكية والبريطانية لتنفيذ سياسة الحرمان، ووضع الخطط، وتوفير المتفجرات والتجسس على بعض من تلك الشركات كجزء من الإشراف عليها.
تاريخ هذه المؤامرة السرية من الحكومة الأمريكية هو مزيج مضطرب من القومية العربية، وشركات النفط الكبرى ووكالة الاستخبارات المركزية على أغنى موقع نفطي على وجه الأرض. إنها حكاية ذات أهمية متزايدة للنفط في الشرق الأوسط وتعطش الغرب للسيطرة عليه. وبعد عقود من الزمن، مع استمرار هذا العطش في تحريك انخراط الولايات المتحدة في المنطقة المضطربة، يجدر بنا أن نتذكر هذا المخطط المحفوف بالمخاطر حيث بدأ كل شيء.
ظهرت سياسة الحرمان النفطي في عام 1948 أثناء حصار برلين، عندما حاول الاتحاد السوفيتي منع وصول الغرب إلى المدينة الألمانية. أثار الحصار المخاوف من أنَّ العدوان الشيوعي سيشمل اجتياح إيران والعراق وصولًا بالخليج العربي، وهو غزو جعل إدارة ترومان تشعر بالقلق من أنَّ القوات الأمريكية وحلفائها لن تكون قادرة على ردعه. لكن الشركات الأمريكية والبريطانية سيطرت على نفط الشرق الاوسط، وقررت الحكومة الأمريكية وضع تدبير لسد الفجوة لعرقلة الجيش السوفياتي من خلال ضمان عدم إشباع نهمه للوقود عن طريق الحصول على النفط.
كانت خطة مجلس الأمن القومي، المعروف رسميًا باسم مجلس الأمن القومي 26/2 (الذي وافق عليه الرئيس هاري ترومان في عام 1949)، هو أن تقوم تلك الشركات الأمريكية والبريطانية بتدمير أو تهميش موارد ومنشآت النفط في الشرق الأوسط مع بداية الهجوم السوفياتي. ووفقًا للوثائق التخطيط من مجلس الأمن القومي 26/2، فإنَّ وزارة الخارجية الأمريكية كان من المقرر أن توفر الرقابة، في حين تتعامل وكالة المخابرات المركزية مع التفاصيل التشغيلية لكل بلد.
واستنادًا إلى وثائق مجلس الأمن القومي، تواصلت وكالة الاستخبارات على الفور مع تيري دوتشي، نائب رئيس شركة أرامكو للعلاقات الحكومية، للحصول على مشورته حول تنفيذ خطة حرمان سريّة في المملكة العربية السعودية. كانت شركة أرامكو لديها الحق في إنتاج النفط السعودي، وكانت على علاقة وثيقة مع حكومة البلاد. دوتشي، الذي كان يحب ارتداء قبعة سوداء وألعاب التجسس، عمل فترة طويلة في إدارة قطاع البترول في الحكومة الفيدرالية خلال الحرب العالمية الثانية، وكان معروفًا في واشنطن. وكان ألين دالاس، الذي أصبح لاحقًا مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ضيفًا دائمًا في منزل دوتشي.
شركة أرامكو، المملوكة حينها لشركة إكسون وشركة موبيل وشركة شيفرون وشركة تكساكو، أقحمت نفسها في هذه الخطة من خلال تقديم مشورة حاسمة لوكالة الاستخبارات المركزية، بشأن كيفية سد آبار النفط وتعطيل المصافي. ومن خلال دوتشي، طوّعت شركة أرامكو موظفيها لتنفيذ الخطة، وكانت على استعداد للتفكير في تجنيدها في صفوف الجيش في حال بدء الخطة.
في ذلك الوقت، وفقًا لوثائق وزارة الخارجية البريطانية، تمّ إبلاغ الحكومة البريطانية بشأن مجلس الأمن القومي 26/2 ومن ثمّ قدّمت دعمها لهذا الإجراء، واتفقت على إعداد خطط حرمان للشركات النفطية في إيران والعراق. اختلف نهج بريطانيا منذ البداية: في حين كانت استراتيجية وكالة المخابرات المركزية في المملكة العربية السعودية تعتمد كليًا على موظفي أرامكو لا على الجيش الأمريكي، استخدمت الخطة البريطانية القوات المحمولة جوًا لحماية ومساعدة المئات من موظفي شركة النفط الذين سيشاركون في تدمير المنشآت النفطية.
بيدَ أنَّ المؤامرة الطموحة لوكالة الاستخبارات المركزية تسير على ما يرام. ولكن لم يمض وقت طويل حتى بدأت هذه البداية الواعدة تتغيّر. لقد تحوّلت شركات النفط البريطانية إلى مجرد وسيلة متكررة للتعاون أكثر مما كانت حكومتهم. وفي أواخر عام 1950، أدرك السير توماس فريزر، رئيس شركة النفط الأنجلو إيرانية، الجوهرة التي تلاشى بريقها في الإمبراطورية البريطانية، لأول مرة أنَّ شركته من المتوقع أن توفر المئات من الموظفين لتنفيذ نظام الحرمان. وخشى فريزر من الابتزاز الاقتصادي، والطرد، إذا علمت الحكومة الإيرانية بمشاركة شركته، ولذلك سحب فريزر شركة النفط الأنجلو الإيرانية من الخطة في أواخر عام 1950.
جورج ماكغي، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، كان غاضبًا. وفي فبراير عام 1951، استدعى مسؤولًا بريطانيًا إلى منطقة “ Foggy Bottom” وقال له إنّه قد حان الوقت لأن تحدد حكومته موقفها بغض النظر عما تفكر فيه شركة النفط الأنجلو-إيرانية، التي عُرفت فيما بعد باسم “بريتيش بتروليوم”. وقال ماكغي، وفقًا لمذكرة بريطانية بشأن هذا اللقاء: “لقد كان من غير المبرر أن ترتيبات الحرمان من النفط ينبغي ألّا تكتمل حتى أدق التفاصيل”. وبعد بضعة أسابيع، عرضت الحكومة البريطانية مخطط الحرمان من النفط على إيران التي اعتمدت كليًا على القوات العسكرية واقترحت نهجًا مماثلًا في العراق. ووفقًا للوثائق البريطانية التي تكشف عن الاتصالات مع وزارة الخارجية الأمريكية، فاجأ هذا الاقتراح المسؤولين الأمريكيين، الذين اعتقدوا أنَّ الخطة ستفشل بدون الخبرات والأيدي العاملة التي توفرها شركات النفط.
لكن ما لم تعرفه الولايات المتحدة حينها هو أنَّ البريطانيين كانوا على استعداد للاستفادة من شركات النفط للمساعدة، وأنَّ شركات النفط كانت على استعداد لتقديم المساعدة. ومع ذلك، لم ترغب لندن في معرفة الولايات المتحدة بهذا الأمر، خوفًا من أنَّ معرفة الولايات المتحدة ستكشف عن هذا السر. “نحن ملتزمون بعدم السماح لهم بمعرفة مدى تعاون شركات النفط البريطانية” هكذا قال د.ب رايلي من وزارة الخارجية البريطانية لمسؤول عسكري بريطاني، بعد أسابيع قليلة من لقاء ماكغي.
عندما تمّ تعيين جورج بروسنج، عميل وكالة الاستخبارات المركزية المكلّف بالعمل مع شركات النفط في الشرق الأوسط بشأن خطط الحرمان، في وزارة الخارجية يوم 1 مايو 1951، قال إنّه يأمل في إقناع اثنين من المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين البريطانيين هناك لمقابلته وأنهما بحاجة لمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية لتنفيذ استراتيجياتهما. وأعطاهم لأول مرة تفاصيل دقيقة لخطة أرامكو التي ساعد على تطويرها، على أمل أن تكون نموذجًا لبقية المنطقة.
وفقًا للملاحظات البريطانية على إحاطة بروسنج، تمّ تنظيم خطة حرمان أرامكو حول المناطق الإدارية الثلاث للشركة في المملكة العربية السعودية. خمسة وأربعون من كبار موظفي أرامكو كانوا ضمن هذه الخطة. وإجمالًا، تمّ تخصيص 645 موظفًا للمشاركة، ولكن معظمهم يُعرفون بأدوارهم الفردية لمنع الكشف عن الخطة الشاملة.
وبالإضافة إلى ذلك، تمّ إدراج خمسة عملاء سريين من وكالة المخابرات المركزية في شركة أرامكو وتعيينهم في وظائف مثل أمين مخزن ومساعد المدير العام. وكانت مهمتهم هي إخبار وكالة الاستخبارات بعمل الشركة على خطة الحرمان وأي تطورات قد تؤثر عليها. خارج وكالة المخابرات المركزية، لم يكن هناك سوى مسؤول تنفيذي من أرامكو ومسؤول في وزارة الخارجية على علم بالوظائف الحقيقية للعملاء”.
وكان الهدف هو منع السوفييت من استغلال النفط والوقود المكرر في المملكة العربية السعودية لمدة تصل إلى سنة في حالة وقوع الغزو. تكشفت الخطة على مراحل، بدءًا من تدمير مخزون الوقود وتعطيل مصفاة أرامكو. هذا الهدم الانتقائي سيدمر المكونات الرئيسية للمصفاة التي يصعب على الروس استبدالها. وهذا من شأنه أن يترك الكثير من مكونات المصفاة سليمة، مما يجعل من السهل على شركة أرامكو استئناف الإنتاج بعد الإطاحة بالسوفييت.
ووفقًا للملاحظات البريطانية عن هذا الاجتماع، فإنَّ وكالة المخابرات المركزية استوردت بالفعل المتفجرات ذات النوعية العسكرية في المملكة العربية السعودية، لتناسب أجزاء معينة، ولتخزينها في المخابئ ووضعها على ممتلكات شركة أرامكو. وكان سيتم استخدام قاذفات اللهب على نطاق واسع لإذابة أجزاء المعدات الصغيرة. وتضمنت الأسلحة الأخرى قنابل خاصة لتدمير مخزونات الوقود، إلى جانب تكليف شاحنات الإسمنت بتدمير آبار النفط.
كان من المقرر استخدام الشاحنات وعربات السكك الحديدية والمولدات ومعدات الحفر لتدمير منشآت النفط أيضًا. وقال بروسنج إنَّ موظفي أرامكو، إلى جانب تلقيهم عمولات عسكرية، سيتم تأمينهم بمجرد الانتهاء من عملية الحرمان.
أعجبت هذه الإحاطة جي بيكيت، ملحق السفارة البريطانية في واشنطن، الذي أرسل برقية إلى لندن وأخبرهم أنَّ أرامكو ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية “وضعوا طريقة عمل مرضية لهذا النوع من التخطيط السريّ ومتحمسين لتوسيع أنشطتهم لتغطية ما تبقى من حقول النفط.”
سعى بروسنج للحصول على موافقة لتنفيذ مثل هذه الخطط في البحرين والكويت وقطر، حيث كانت تعمل مجموعة من شركات النفط الأمريكية والبريطانية. وبالفعل قبلت بريطانيا، السلطة الحاكمة في تلك البلدان، اقتراح بروسنج طالما أنَّ بريطانيا ستظل المسؤولة عن تنفيذ خطط الحرمان في الكويت وقطر. (تمّ تأجيل قرار أي بلد ستنفذ الخطة في البحرين على الرغم من أنَّ بريطانيا كانت تميل إلى إعطائها إلى الولايات المتحدة).
ظلت بريطانيا المسؤولة عن وضع خطط الحرمان في إيران والعراق، لكن بروسنج لم يقدّم أي مساعدة لوكالة الاستخبارات المركزية. وتحقيقًا لهذه الغاية، رتب مسؤولون بريطانيون لقاء في لندن، انتهى بإخبار بروسنج المديرين التنفيذيين عن شركات النفط في الكويت والبحرين والعراق في يونيو عام 1951. وهناك، وفقًا للملاحظات البريطانية عن اللقاء، استعرض بروسنج خطط أرامكو مع رجال الأعمال وقال إنّه مستعد لتقديم المشورة والمساعدة في وضع خطط الحرمان الخاصة بهم. وفي النهاية، اتفق الجانبان على المساعدة.
كانت هناك علامات تقدم أخرى في المنطقة، مع إنهاء شركة نفط البحرين ونفط الكويت خطط الحرمان الخاصة بهما على غرار شركة أرامكو في حين وافقت شركة النفط البريطانية في قطر على التعاون مع وكالة المخابرات المركزية، وفقًا لوثيقة مجلس الأمن القومي التي تتبعت تقدّم خطة الحرمان. وذكر وفد أمريكي أثناء زيارة إلى الشرق الأوسط في أواخر عام 1951 أنَّ “خطط ما قبل الحرب لتدمير المنشآت النفطية لم تكن بتلك المثالية من قبل.”
ولكنَّ هذه الثقة كانت سابقة لأوانها نظرًا لأنَّ المديرين التنفيذيين في شركة أرامكو، وشركة نفط الكويت وشركة نفط البحرين كان لهم رأي مختلف. وقالوا للمسؤولين الأمريكيين في عام 1952 إنهم لم يتخذوا أي قرارات نهائية حول دور شركاتهم في تنفيذ خطة الحرمان. وقال باركر هارت، القنصل العام في وزارة الخارجية الأمريكية في المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت: “أعتقد أنهم رأوا مدى صعوبات تنفيذ تلك الخطط.”
وشملت هذه الصعوبات استخدام الموظفين لتنفيذ هذه السياسة. وعلى الرغم من أنَّ الشركات قد تبنت هذه الفكرة في البداية، كانت لديهم بعض الشكوك حول سلطتهم لإجبار العمّال على المشاركة في هذه العملية الخطيرة. يمكن معالجة هذه المشكلة عن طريق استخدام المتطوعين، ولكن الشركات أرادت الحماية العسكرية، وهو شيء لم يكن جزءًا من خطط وكالة الاستخبارات المركزية. ولكن المشكلة الأكبر التي واجهت هذه الشركات، مثل شركة النفط الأنجلو-إيرانية، تركزت على الآثار الاقتصادية إذا تسربت خطط الحرمان للحكومات المضيفة: أرامكو، على سبيل المثال، كانت تنتج أكثر من ضعف كمية النفط التي كانت تنتجها عندما وافقت على مساعدة وكالة الاستخبارات المركزية في عام 1948، وارتفاع قيمة العائدات يعني أنَّ الشركة أقل استعدادًا للمخاطرة بإثارة غضب المملكة العربية السعودية.
ومن أجل البحث عن بعض الضمانات، طلبت شركة نفط الكويت وشركة نفط البحرين رسائل من الحكومتين البريطانية والأمريكية تفيد أنَّ شركاتهم مكلفة بتنفيذ خطة الحرمان. ويمكنهم إظهار هذه الرسائل إلى المسؤولين في حكوماتهم المحلية في حال تسريب هذه الخطط، الذي كانوا يأملون أنها ستنقذ شركاتهم. لكنَّ وزارة الخارجية الأمريكية رفضت تقديم مثل هذه الرسائل، وقالت إنها غير ضرورية. ومع ذلك، كانت هناك أدلة وافرة في ملفاتها تُظهر أنها ضغطت على الشركات للتعاون. ورفض مسؤولون بريطانيون هذا الطلب الذي بدا وكأنه وسيلة للضغط يمكن استخدامها في أي مناقشات لاحقة بشأن التعويضات.”
، في ذلك الحين، جربت شركة أرامكو وشركة نفط الكويت أكبر منتجي النفط في الشرق الأوسط بعد انخفاض الإنتاج في إيران في أعقاب تأميم شركة النفط الأنجلو-إيرانية، طريقة أخرى عن طريق الضغط بالكشف عن خطط الحرمان للمملكة العربية السعودية والكويت. رفضت الولايات المتحدة مرة أخرى، لأّنها كانت على وشك أن تطلب من بعض دول الشرق الأوسط الانضمام إلى تحالف عسكري (الذي ُعرف فيما بعد باسم حلف بغداد عام 1955). واعتقد مسؤولون أمريكيون أنَّ الكشف عن سياسة الحرمان يمكن أن يعرقل هذا التحالف الناشئ.
وبذلك، قررت أرامكو أنَّ المخاطر الاقتصادية للشركة كانت كبيرة للغاية وطالبت بإزالة خطط الحرمان والمتفجرات من ممتلكاتها. واعتقدت الشركة أنَّ زيادة التدريب على خطط الحرمان والعدد المتزايد من الموظفين السعوديين في شركة أرامكو قد أحدث خرقًا أمنيًا لا مفر منه، ووافقهم في ذلك الدبلوماسيون الأمريكيون في البلاد. “لن تفلتوا من ذلك دون عقاب” هكذا قال القنصل الأمريكي لوزارة الخارجية الأمريكية.
لكنَّ جورج ويبر شكّك في فائدة الهدم الانتقائي وتعطيل المنشآت النفطية نظرًا لأنَّ السوفييت سيدمرونها عندما يجبرون على التراجع. وفى الوقت نفسه، فإنَّ زيادة التدريب على الهدم الانتقائي من قِبل الشركات النفطية كان يزيد من فرص حدوث تسريبات أمنية، وقال ويبر في مذكرة إلى كاتلر، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي أيزنهاور: “أعتقد أنه ينبغي على المجلس النظر بعناية فائقة في الحكمة من هذا البرنامج.”
سياسة الحرمان لم تمت، ولكن ويبر طرح تغيير هذه السياسة، وبعد بضعة أشهر وافق أيزنهاور على استبدالها: مجلس الأمن القومي 5714. وظلّ تدمير المنشآت النفطية في حال وقوع الغزو السوفيتي جزءًا من الخطة كحل أخير، ولكن فقط مع “العمل العسكري المباشر” في مقابل اشتراك الموظفين بتوجيه من وكالة المخابرات المركزية. وفي النهاية، تمّ التخلي عن شراكة وكالة المخابرات المركزية مع شركات النفط. وقال وليام رونتري، مسؤول بارز بوزارة الخارجية، في مذكرة: “أصبحت السريّة عن طريق الوكالات المدنية غير عملية”.
أصبحت السياسة الجديدة أكثر استباقية، تتأرجح نحو حماية المنشآت النفطية في مواجهة التهديدات الجديدة، مثل التخريب والحرب الإقليمية، بالإضافة إلى الغزو السوفياتي. وفي هذا الصدد، طُلب من بلدان الشرق الأوسط القيام بدور غير مسبوق. وكان من المفترض أن تعمل شركات النفط والحكومات المحلية معًا لتعزيز الأمن، بما في ذلك أمن المنشآت النفطية للحماية ضد أي هجوم. وكان المفترض أيضًا أن تتعاون الحكومات المحلية في سد آبار النفط من أجل حفظ النفط حتى يستخدمه الغرب في وقت لاحق.
وقال ويبر: “ولذلك، اتخذ تطور هذه السياسة خطوة أخرى”.
لم يضع هذا التحوّل حدًا للخطط الأمريكية والبريطانية الأخرى التي تشمل السيطرة على النفط في الشرق الأوسط. كانت هناك مبادرة أمريكية أوسع في عام 1958، لا تتعلق بمجلس الأمن القومي 5714ـ دعت لاستخدام القوة العسكرية كحل أخير ضد القوميين العرب، للحفاظ على تدفق النفط بأسعار معقولة. ونتيجة لذلك، خطط البريطانيون في عام 1957، على اعتبار أنَّ الغزو السوفياتي غير محتمل، لاستخدام الجيش لحماية المنشآت النفطية في الكويت والبحرين وقطر في حال التهديد عن طريق “التخريب المصري”.
ومن غير الواضح كيف توافق مجلس الأمن القومي 5714 مع هذا المشهد الأمني الجديد في منطقة الشرق الأوسط. ولكن عدد قليل من الوثائق السريّة تكشف لنا الكثير عن مصير هذا المجلس، بما في ذلك ما إذا كانت أي من الحكومات المحلية وافقت على التعاون أم لا. في عام 1963، سأل البيت الأبيض وزارة الخارجية ما إذا كان يجب إلغاء مجلس الأمن القومي 5714، واستبداله بكيان آخر، أم أنّه لا يزال يمثّل سياسة الولايات المتحدة. وهذه هي الوثيقة الأخيرة التي استطعت العثور عليها بشأن خطة الحرمان في أمريكا أو بريطانيا. والإجابة ليست في هذا الملف، ومن غير الواضح متى انتهت هذه السياسة.
يجب ألّا نتفاجأ من خطة الأرض المحروقة هذه؛ ففي حال غزا السوفييت أوروبا الغربية خلال الحرب الباردة، فمن المحتمل أن الولايات المتحدة كانت لتطلق العنان للأسلحة النووية لوقف السوفييت. وإذا استطاعت واشنطن تحويل ألمانيا وفرنسا إلى أنقاض مشعة، فإنّه يمكنها تحويل الرمال العربية إلى زجاج.
كانت خطة الحقل النفطي متجذرة في التشاؤم من الحرب الباردة، عندما بدا أنَّ الشيوعية في موقع الهجوم في أماكن مثل برلين وكوريا، ولم يكن أحد متأكدًا ما إذا كان غرب أوروبا يستطيع التماسك. ولذلك، فإذا كان الوضع بهذا السوء، فما الأمل من حشد قوات كافية لمنع الجنود الروس من غزو الخليج العربي؟
الأمر اللافت أيضًا هو كيف استمر شبح، أو على الأرجح بُعبع، الغزو السوفياتي لحقول النفط. في أواخر السبعينات، أنشأت إدارة كارتر قوة الانتشار السريع لمنع أي تحركات من الاتحاد السوفيتي في الخليج العربي، وخاصة بعد غزو موسكو لأفغانستان. كيف كان من الممكن أن تصمد قوات المظليين والمشاة الخفيفة الأمريكية أمام طوابير الدبابات السوفيتية القوية هو أمر مثير للجدل، ولكن ثمة سؤال أهم يلوح في الأفق: هل كانت أمريكا على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية في المملكة العربية السعودية وإيران في السبعينات والثمانينات، لمنع روسيا من السيطرة على النفط فقط؟
======================
فورين بوليسي: حرب حزب الله القادمة في وادي الموت
– POSTED ON 2016/06/25
POSTED IN: مقالات وتحليلات
فورين بوليسي: ترجمة إيوان24
في منطقة صغيرة بين سوريا وإسرائيل، يستعد حزب الله لما يزعم أنها ستكون أكبر حرب على الإطلاق.
هناك بلدة لبنانية صغيرة تقع على جانبي وادٍ شديد الانحدار مع سوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى تحت مراقبة قاعدة عسكرية إسرائيلية على قمة أحد الجبال القريبة، في حين أن مراكز المراقبة التي تضم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تراقبها من ناحية أخرى. يسيطر الجيش اللبناني على مجموعة متنوعة من المراكز داخل المدينة وضواحيها، والجبال المغطاة بالثلوج في مرتفعات الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل يمكن رؤيتها بوضوح من وسط المدينة.
تتقاطع في هذه المدينة صراعات عديدة في المنطقة. على بُعد أميال قليلة نحو الشرق، على الجانب السوري من الحدود، تسيطر مجموعة من قوى المعارضة – بما في ذلك جبهة النصرة ومجموعات داخل الجيش السوري الحر، والميليشيات المتحالفة مع تنظيم الدولة الإسلامية – على الأراضي هناك. وداخل الوادي، تراقب إسرائيل وحزب الله بعضهما البعض بحذر شديد.
يعوّل حزب الله على هذه المنطقة لتصبح نقطة اشتعال لأي صراع مستقبلي مع إسرائيل. في القتال إلى جانب الحكومة السورية، خسر حزب الله أكثر من 1000 من مقاتليه، واكتسب مستوى من الخبرة التكتيكية وحصل على بعض الأسلحة التي جعلت منه قوة أكثر تهديدًا لأعدائه في أماكن أخرى بالمنطقة. المقربون من الحزب يقولون إنّه للمرة الأولى يمتلك حزب الله القدرة على شنّ حرب ضد إسرائيل على الأراضي الإسرائيلية.
وقال مصدر مقرب من الحزب في جنوب لبنان: “في الحرب القادمة، حزب الله لن يبقى على الحدود، ولن تكون المستوطنات الإسرائيلية في الشمال على منأى من هذه الحرب. سيجلب حزب الله الحرب لهم، وأكثر ما يثير القلق في إسرائيل هو خبرة حزب الله في سوريا، كما أن لديه الخبرة الآن في الهجوم بدلًا من مجرد الدفاع كما كان في السابق.”
بين الصواريخ الموجّهة وتنظيم الدولة الإسلامية
الأعمال الانتقامية الأخيرة من حزب الله الأخيرة ضد إسرائيل قرب بلدة شبعا تسلّط الضوء على هذه المنطقة باعتبارها نقطة الضعف في أمن إسرائيل.
في الشهر الماضي، وسط الضباب الكثيف، عبر العديد من مقاتلي حزب الله السياج عند سفح البلدة التي تفصلهم من مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل. وبعد تجاوز الرادارات الإسرائيلية والمواقع العسكرية، زرعوا عبوات ناسفة على بُعد بضعة أقدام بعيدًا عن قاعدة عسكرية إسرائيلية كبيرة في المنطقة. وبعد ذلك بيومين، تمّ تفجير العبوات الناسفة، وإلحاق أضرار هائلة بجرافة D9 ومركبات الهمفي العسكرية أثناء مرور قافلة عسكرية إسرائيلية.
وفي حين مرّت الحادثة دون لفت الكثير من الأنظار – لم يكن هناك وفيات – لكنها سلّطت الضوء على قدرة الجماعة اللبنانية المسلّحة على التسلل إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل.
كانت هناك هجمات أخرى أكثر فتكًا شنّها حزب الله في المنطقة. وبعد الضربة الإسرائيلية لعدد من أعضاء حزب الله الرئيسيين في محافظة القنيطرة لسوريا في يناير/ كانون الثاني عام 2015، قام حزب الله بالرد بإطلاق عدة صواريخ على دورية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، مما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين.
على الجانب الإسرائيلي، أكّد كبار المسؤولين أنَّ حزب الله لا يزال واحدًا من أكبر التهديدات الأمنية على إسرائيل وأثاروا احتمال حدوث هجوم واسع النطاق ضد الحزب. “إيران تشنّ حربًا ضد إسرائيل عبر وكلاء مثل حزب الله في لبنان، الذي يشكّل اليوم أخطر تهديد لإسرائيل”، هكذا قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت، مهندس “عقيدة الضاحية”، على اسم ضاحية جنوب بيروت؛ وهي عقيدة تدعو لاستخدام القوة لتحقيق الأهداف العسكرية.
وذهب وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون إلى أبعد من ذلك، وقال خلال مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي في الشهر الماضي:/ “في سوريا، إذا كان الخيار بين إيران وتنظيم الدولة الإسلامية، فأنا سأختار تنظيم الدولة الإسلامية. إيران هي التي تحدد مستقبل سوريا، وإذا استمر هذا الوضع، فإنَّ الهيمنة الإيرانية في سوريا ستكون تحديًا كبيرًا لإسرائيل.”
وبالرغم من إطلاق حزب الله صواريخ غير موجّهة على إسرائيل خلال حرب عام 2006، إلّا أنًَّ أسلحة الحزب تطورت بشكل كبير. ووفقًا للمحللين ومصادر مقربة من الحزب، يمتلك الحزب صواريخ باليستية تكتيكية وصواريخ سكود، والصواريخ الإيرانية فاتح -110، وصواريخ M-600، وهي النسخة السورية المعدّلة من صواريخ فاتح -110.
وقال جيفري وايت المحلل الدفاعي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “الآن، يمتلك حزب الله القدرة على إطلاق الذخائر الموجّهة عبر إسرائيل، بل يمكنه ضرب أهداف داخل إسرائيل، بما في ذلك مراكز القيادة، والمطارات، والأهداف الاقتصادية الكبرى.”
وقال وايت إنَّ حزب الله حصل على أنظمة الدفاع الجوي المتطورة وصواريخ كروز البحرية طراز الياخونت، والتي يمكن أن تهدد القوات الجوية الإسرائيلية وتستهدف منصات النفط في البحر الأبيض المتوسط.
وأردف: “هذا شيء جديد. لقد كان 95 بالمئة من النشاط البحري في عام 2006 من الجانب الإسرائيلي، ولذلك فإنَّ الحرب القادمة على العمليات البحرية يمكن أن تكون مختلفة تمامًا.”
كما أنَّ الضربات العديدة من قِبل سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا منذ عام 2013 والتي استهدفت مخابئ للأسلحة تابعة لحزب الله، تشهد على عمق المخاوف الإسرائيلية بشأن استحواذ الحزب على الأسلحة المتطورة. وقد حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارًا وتكرارًا من أن نقل الأسلحة إلى حزب الله هو “خط أحمر”.
وقال نتنياهو خلال مقابلة مع قناة سي إن إن في العام الماضي: “إذا كان أي شخص يريد استخدام الأراضي السورية لنقل الأسلحة النووية لحزب الله، سنتخذ الإجراء اللازمة ضد. ونحن نواصل القيام بذلك.”
في الشهر الماضي، نفّذت القيادة الشمالية الاسرائيلية – بما في ذلك وحدات القوات البحرية والقوات الجوية – مناورة تدريبية لمدة أسبوعين استعدادًا لاحتمال اندلاع حرب على جبهات متعددة على حدودها الشمالية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات وهمية على مواقع حزب الله العسكرية ومعسكرات التدريب في بلدة شرق بعلبك اللبنانية، وذكرت مصادر تابعة للحزب أنه تمّ شنّ تلك الهجمات لاختبار مستوى ردود فعل حزب الله.
وقال أحد المصادر: “الإسرائيليون يريدون معرفة أي نوع من أنظمة الدفاع الجوي يمتلكها حزب الله.”
وقد غيّرت قوات الدفاع الإسرائيلية أيضًا تقييم عملياتها لتعكس احتمال أن حزب الله كان بحوزته أنظمة صواريخ أرض-جو متطورة ولديه القدرة على استهداف الطائرات المقاتلة الإسرائيلية.
لكنَّ بعض المصادر داخل الحزب كانت متحفظة عندم السؤال عما إذا كان الحزب سيستخدم الأسلحة الجديدة في حرب مستقبلية أم لا. وأضاف مصدر آخر: “في كل حرب هناك مفاجآت جديدة فيما يتعلق بالأسلحة، ونحن لا نكشف ما لدينا حتى يأتي الوقت المناسب”.
كيف غيّرت سوريا حزب الله؟
يتوقع بعض المحللين أنَّ الحرب السورية قد عرقلت حزب الله، ومنعته من التحضير لصراع مستقبلي مع إسرائيل. لكنَّ المقربين من الحزب يزعمون أن العكس هو حدث وأن القتال لدعم القوات المسلحة السورية وفرّ لحزب الله كادر من المقاتلين المسلّحين تسليحًا جيدًا.
وقال مصدر داخل الحزب: “يحصل مقاتلونا على التدريب الضروري ويكتسبون الخبرة اللازمة من خلال العمل الذي يقومون به في سوريا، وهذا مصدر قلق كبير لإسرائيل. لكن عملنا في سوريا لن يصرفنا عن الجبهة الجنوبية ضد إسرائيل.”
في خطاب يوم 17 فبراير، ركّز زعيم حزب الله حسن نصر الله على إسرائيل، محذرًا إياها من عواقب وخيمة إذا خططت لشنّ حرب ضد حزب الله. في إشارة إلى قدرات الحزب، تحدث عن مصنع للكيماويات في مدينة حيفا الشمالية كمثال على هدف محتمل. ونقلًا عن خبير إسرائيلي لم يكشف عن اسمه، قال إنَّ صاروخًا استهدف خزانات الأمونيا التي تحتوي على أكثر من 15000 طن من الغاز، أدى إلى عشرات الآلاف من القتلى وإصابة 800 ألف شخص.
وحذّر الخبير قائلًا: “هذا من شأنه أن يكون بمثابة صنع قنبلة نووية، ونستطيع أن نقول إنَّ لبنان اليوم لديه قنبلة نووية، نحن نرى أن أي صاروخ قادر على ضرب هذه الخزانات يمكن أن يكون له نفس تأثير القنبلة النووية”.
لكن التغييرات التي طرأت على حزب الله في العقد الماضي تتجاوز أسلحته الأكثر تقدمًا. قبل مشاركته في الحرب السورية، تضمنت خبرات الحزب في ساحة المعركة في السنوات الأخيرة إرسال فرق صغيرة تضم ما بين خمسة إلى خمشة عشر مقاتلًا يتسللون إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل. وكانت هذه العمليات تتطلب عددًا محدودًا من المقاتلين المدربين وكان يمكن إنجازها – من مغادرة القاعدة إلى العودة – في غضون ساعات قليلة. ولكن في سوريا، وجد قادة حزب الله أنفسهم مسؤولون عن قيادة مئات من المقاتلين في معركة واحدة.
وهذا يتطلب أن يضع قادة حزب الله هيكلًا متطورًا للقيادة والسيطرة، بما في ذلك شبكات اتصالات سلكية ولاسلكية متطورة، واستخدام طائرات بدون طيار للاستطلاع، والقدرة على الحفاظ على خطوط الإمداد الطويلة، وهذه تكتيكات يعتقد أعضاء الحزب أنها تلعب دورًا محوريًا في الحرب القادمة ضد إسرائيل.
يعتقد الإسرائيليون أن لدينا القدرة على غزو القرى في الشمال والبقاء والسيطرة على المناطق أيضًا”، هكذا قال مصدر مقرب داخل حزب الله تحدث عن الخبرة التي اكتسبها الحزب في سوريا.
أن تقاتل أو لا تقاتل
وفقًا لكل من المحللين والمقربين داخل دوائر حزب الله، فإنَّ الحزب لا يتطلع لحرب مع إسرائيل في المستقبل القريب. هذا ليس فقط بسبب تورطه في سوريا، ولكن أيضًا لأن المناخ السياسي في لبنان ليس مؤاتيًا كما كان في عام 2006.
وإجمالًا، أصبح لبنان أكثر استقطابًا سياسيًا، وهذا وضع حزب الله في موقف دفاعي. يعارض كثير من اللبنانيين جدول أعمال الحزب – في كل من سوريا ولبنان – ولم يعد من الممكن الاعتماد عليه للترحيب بأولئك الذين يفرّون من جنوب لبنان في حال اندلاع حرب بتحريض من حزب الله. وعلاوة على ذلك، فإنَّ سوريا لم تعد متوفرة كخيار للنازحين في لبنان، كما كانت عليه في عام 2006. وإذا اندلعت حرب أخرى ضد إسرائيل، فهذا قد يؤدي إلى موت مئات الآلاف من اللبنانيين الذين تقطعت بهم السبل تحت وابل من الصواريخ والطائرات المقاتلة.
لكن على الرغم من هذه الروادع التي تمنع نشوب حرب، لا تزال مدينة شبعا محفوفة بالمخاطر؛ فالتوترات داخل شبعا هي صورة مصغرة لتلك الموجودة في قرى جنوب لبنان. بلدة شبعا هي موطن الأغلبية السُنية ولكن تحيط بها بلدات وقرى درزية، وبها كنيسة صغيرة تضم سكانها المسيحيين أيضًا. على الصعيد السياسي، أقوى قوة في المدينة هي حركة “الجامعة الإسلامية” التي ظهرت على الساحة خلال الأزمة السورية بسبب تدفق الأموال والتبرعات من الخليج من أجل خدمة اللاجئين السوريين. النائب عن تلك المدينة هو عضو في حزب البعث احتفظ بمقعده على مدى السنوات الخمسة عشر الماضية. وعلاوة على ذلك، لا يزال هناك وجود قوي لأفراد “لواء المقاومة” الجماعة غير الشيعة التابعة لحزب الله في لبنان.
كما تأثرت مدينة شبعا إلى حد كبير نتيجة لتدفق السوريين الفارين من الحرب – ما يقرب من 4000 من سكّانها البالغ عددهم 7000 هم من اللاجئين، ويأتي معظمها من بيت الجن، وهي بلدة سورية تقع فوق جبل شبعا. وبالرغم من التوترات الكبيرة بين السكّان المحليين واللاجئين في الوقت الراهن، فإنَّ استمرار الحرب السورية لمدة طويلة قد يجعل العلاقة أقل استقرارًا.
وقال أحد السكّان: “السوريون يمثلون عمالة أرخص بكثير من اللبنانيين، وهذه مسألة خطيرة. لذلك، أتساءل ماذا سيحدث بعد؟
ساحة معركة مزدحمة
من الصعب التنبؤ بما سيحدث يومًا بعد يوم. الصراع عبر الحدود في سوريا يزداد تعقيدًا، والجماعات المسلّحة مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية تخوض معركة مع الجيش السوري وحزب الله المدعومين من إيران وروسيا. ولذلك، يمكن أن تؤدي حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله إلى انفجار يدمر المنطقة بأسرها.
وقال نيكولاس نوي، وهو محلل سياسي مقيم في بيروت: “إنّه صراع متعدد الأطراف حيث يمكنك العثور على مزيد من الأسلحة، والجهات الفاعلة غير العقلانية. ولكن عمل كل هذه العناصر عسكريًا في وقت واحد وعلى مفترق واحد من خطوط الصدع الأكثر خطورة في العالم هي فكرة سيئة حقًا.”
ومع ذلك، هناك آخرون يرون ضرورة وجود جهات تابعة للدولة، مثل الروس والإيرانيون، كرادع للحرب على جبهة الجولان.
وقالت رندا سليم، الخبير في معهد الشرق الأوسط: “حقيقة أن هناك الكثير من اللاعبين هي عامل رادع أكثر من مجرد حافز. ولا تريد روسيا ولا إيران اندلاع حب في الجنوب مع إسرائيل في الوقت الحالي.”
وترى سليم أنَّ إسرائيل تتطلع إلى حرب “نظيفة” مع حزب الله، وتحديدًا في لبنان، بدلًا من تعقيد ذلك من خلال إشراك جبهة سورية لبنانية على نطاق أوسع.
وتابعت رندا سليم: “اليوم، سيكون هناك حربًا متعددة ويمكن أن تكون فوضوية ومعقدة، مع إمكانية إعادة خلط التحالفات. “ولذلك، تريد إسرائيل الحفاظ على نظافة تلك الحرب بينها وبين حزب الله، وبالتالي الحفاظ عليها داخل لبنان.”
وأوضح مسؤولون وأعضاء من حزب الله أنهم يفضلون التزام الهدوء على الحدود، ولكن إذا دفعت إسرائيل الحزب إلى المواجهة “لن تبقى المقاومة داخل لبنان فقط. وقال أحد المصادر: “الحب القادمة لن تبدو مثل حرب عام 2006 على الإطلاق.”
======================
أوراسيا ريفيو: الإرهاب كذريعة للتدخل في الشرق الأوسط
أوراسيا ريفيو: ترجمة إيوان24
لفهم هذه الضجة المحيطة بظواهر التطرف الإسلامي والإرهاب، نحن بحاجة لفهم النظام الاقتصادي العالمي السائد ومآلاته. بيدَ أنَّ توقعات خبراء الاقتصاد الواقعيين عن رأسمالية السوق الحرة كانت صحيحة، سواء أحببنا ذلك أم لا. لقد ظهر نوع من العشوائية الاقتصادية العالمية، حث تتدفق الأموال من منطقة ذات كثافة نقدية عالية إلى منطقة ذات كثافة نقدية منخفضة.
صعود دول “بريكس” في القرن الحادي والعشرين هو دليل على هذا التوجّه. تنمو مجموعة “بريكس” اقتصاديًا لأنَّ العمالة في الاقتصادات النامية رخيصة، وقوانين وحقوق العمّال غير موجودة تقريبًا، والنفقات على خلق بيئة عمل آمنة وصحية تكاد تكون معدومة، والإطار التنظيمي متراخٍ للغاية، ولا توجد أيّة نفقات على حماية البيئة، والضرائب منخفضة. باختصار، الربح المفاجئ للشركات متعددة الجنسيات ضخم للغاية
وبالتالي، تهدّد مجموعة “بريكس” الاحتكار الاقتصادي العالمي للكتلة الرأسمالية الغربية المتمثلة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية. وهنا نحن بحاجة لفهم الفرق بين قطاع التصنيع وقطاع الخدمات. قطاع التصنيع هو العمود الفقري للاقتصاد، ولا يمكن إنشاء قاعدة صناعية بين عشية وضحاها؛ لأنها تقوم على أصول ثابتة: نحن بحاجة للمواد الخام، ومعدات الإنتاج، وبنية تحتية للنقل والطاقة، وأخيرًا وليس آخرا، قوة عاملة ماهرة. يستغرق الأمر عقودًا لبناء والحفاظ على قاعدة تصنيع. لكن قطاع الخدمات، مثل المؤسسات المالية الغربية، يمكن بناءه وتفكيكه في فترة قصيرة نسبيًا من الزمن.
إذا ألقينا نظرة خاطفة على اقتصاد الكتلة الرأسمالية الغربية، فإنّه ما زال يحتفظ ببعض من قاعدة تصنيع التكنولوجيا الفائقة، ولكنه يخسر بسرعة أمام قاعدة تصنيع رخيصة وقوية بنفس القدر من دول “بريكس” النامية. يتم تصنيع كل شيء في الصين هذه الأيام، باستثناء المعالجات عالية التقنية، والبرامج، وعدد قليل من عمالقة الإنترنت، وبعض المنتجات الصيدلانية، وشركات النفط الكبرى والمعدات العسكرية الهامّة للجميع وصناعة الإنتاج الدفاعي.
بغض النظر عن ذلك، يعتمد اقتصاد الكتلة الرأسمالية الغربية على المؤسسات المالية مثل البنوك الاستثمارية العملاقة، مثل بنك “جي بي مورغان”، الذي يصل مجموع أصوله إلى 2359  مليار دولار (القيمة السوقية 187 مليار دولار)، وسيتي جروب، ومجموع أصولها 1865  مليار دولار (القيمة السوقية 141 مليار دولار)، وبنك أمريكا، ومجموع أصوله 2210  مليار دولار (القيمة السوقية: 133 مليار)، وبنك يلز فارغو وغولدمان ساكس وبنك بي.إن.بي باريبا ومجموعة أكسا (فرنسا)، وبنك دويتشه ومجموعة آليانز (ألمانيا)، وباركليز وإتش إس بي سي (المملكة المتحدة).
بعد ترسيخ حقيقة أنَّ الاقتصاد الغربي يعتمد في الغالب على قطاع الخدمات المالية، نحن بحاجة إلى فهم آثارها. كما قلتُ في وقت سابق، يتطلب الأمر بعض الوقت لبناء قاعدة تصنيع، ولكن من السهل نسبيًا بناء وتفكيك اقتصاد قائم على الخدمات المالية. ماذا لو قرر تميم بن حمد آل ثاني (حاكم قطر) غدًا سحب أسهمه من بنك باركليز ووضعها في بنك ترعاه منظمة المؤتمر الإسلامي المتوافق مع أحكام الشريعة؟
ماذا لو سحب جميع شيوخ دول الخليج أموالهم من المؤسسات المالية الغربية. هل يمكن للاقتصادات الغربية الهشّة القائمة على الخدمات المالية أن تتحمّل مثل هذه الخسارة في الاستثمارات؟ في أبريل من هذا العام هدّد وزير المالية السعودي أنَّ المملكة العربية السعودية ستبيع ما تصل قيمته إلى 750 مليار دولار من سندات الخزينة وغيرها من الأصول إذا أقرّ الكونغرس مشروع قانون من شأنه إدانة الحكومة السعودية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر. مبلغ 750 مليار دولار هي قيمة الاستثمار السعودي في الولايات المتحدة فقط، إذا أضفنا استثماراتها في أوروبا الغربية، واستثمارات دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر في الاقتصادات الغربية، فإنَّ إجمالي قيمة هذه الاستثمارات تصل إلى تريليونات الدولارات من الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
وبالرغم من ذلك، نحن بحاجة إلى البحث عن المزايا النسبية والعيوب هنا. إذا كان الاقتصاد الهشّ هو أكبر نقاط ضعفهم، ما هي أكبر نقاط القوة للقوى الغربية؟ أكبر نقاط القوة للكتلة الرأسمالية الغربية هي قوتها العسكرية. ينبغي علينا أن نعطي المزيد من المصداقية للمتطرفين الغربيين الذين فعلوا ما لم يجرؤ على فعله أحد آخر في العالم: خصخصة صناعة إنتاج الدفاع. وكما نعلم، أنَّ الشركات الخاصة هي أكثر ابتكارًا وكفاءة، وفي هذه الحالة بالذات، قاتلة أيضًا. ولكن امتلاك القوة شيء، واستخدام هذه القوة لتحقيق أهداف معينة مرغوبة شيء آخر.
الديمقراطيات الليبرالية الغربية ليست أنظمة استبدادية؛ فهي مسؤولة أمام ناخبيها على أعمالها وآثامها. والكثير من الفزع من البراغماتية، والنخب المكيافيلية الحاكمة، لا يستطيع المواطنون تجاوز تحيزاتهم الأخلاقية الراسخة. ومن أجل التغلب على هذه المعضلة الأخلاقية، أرادت المؤسسات السياسية الغربية ذريعة أخلاقية لفعل ما يريدون القيام به على أسس واقعية واقتصادية. وكان ذلك عندما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي كانت نعمة مُقنّعة للمؤسسات السياسية الغربية؛ لأنَّ ذريعة “الحرب على الإرهاب” أعطتهم صلاحيات التفويض المطلق لغزو واحتلال أي بلد غنية بالنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولا عجب بعد ذلك أنَّ الضحية الأولى “للحرب على الارهاب” بعد أفغانستان كان العراق. ما الذي تخبرنا به شركات الإعلام عن غزو العراق في عام 2003؟ ووهم أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها صدام وعلاقاته المزعومة مع تنظيم القاعدة؟ إنّها ليست سوى مصادفة أن يمتلك العراق 140 مليار برميل من احتياطي النفط الخام وينتج أكثر من 3 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام.
ما الذي تخبرنا به وسائل الإعلام الغربية عما يسمى بــ “التدخل الإنساني” في عام 2011؟ الاحتجاجات السلمية والديمقراطية من قِبل الليبيين “المعتدلين والعلمانيين” ضد نظام القذافي ومسؤولية الغرب لحماية الثورات الديمقراطية وأرواح المدنيين؟ مرة أخرى، هذه ليست سوى مصادفة أن ليبيا تمتلك 48 مليار برميل من احتياطي النفط وتنتج 1.6 مليون برميل يوميًا من النفط الخام الأكثر سهولة في استخراجه.
حقيقة الأمر هي أنَّ الرأسمالية الاحتكارية والنظام الاقتصادي والسياسي العالمي الاستعماري الجديد هي قضايا حقيقية، في حين أنَّ التطرف الإسلامي والإرهاب هي قضايا ثانوية ومنتج ثانوي للقضايا السابقة. هذه هي الطريقة التي تبنى بها وسائل الإعلام الرئيسية سرديات مصطنعة وتخدع جمهورها لتصديقهم. أثناء الحرب الباردة، على سبيل المثال، خلقت وسائل الإعلام “الخوف الأحمر” وأخبرت الجماهير أنَّ الشيوعية هي تهديد وجوديّ للعالم الحرّ وطريقة الحياة الغربية، وللأسف اقتنع الجمهور الساذج بهذه السردية.
ثمّ قامت القوى الغربية ومعهم الشركاء السعوديين والباكستانيين بتمويل وتدريب وتسليح بل وشرعنة “مقاتلون من أجل الحرية” الأفغان واستخدامهم كوكلاء ضد الاتحاد السوفياتي.
وبعد تفكّك الاتحاد السوفيتي أعلنوا أنَّ “مقاتلون من أجل الحرية” هم مجموعة من الإرهابيين الذين يشكّلون تهديدًا وجوديًا آخر للعالم الحرّ وطريقة الحياة الغربية. ومرة أخرى، اقتنع الجمهور بهذه السردية.
ومرة أخرى، خلال الحرب الأهلية الليبية والسورية، أصبح “الإرهابيون” السابقون مقاتلين من أجل الحرية، وإن كان ذلك بطريقة أكثر دقة، كانت وسائل الإعلام يبيعها تروّج سردية اعتبارهم “ثوار معتدلين.” كيف يمكن أن تصف مقاتل يحمل بندقية في يده بأنه “معتدل وسلمي؟
أرى أنَّ تنظيم الدولة الإسلامية، مثل سابقه، تنظيم القاعدة، هو غول خلق جو من الخوف لتبرير سياسة تدخليّة في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالطاقة. تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا مختلف تمامًا عما يسمى الجماعات التابعة له في المناطق النائية والمتباينة مثل ليبيا وسيناء.
الشيء الوحيد الذي يميّز تنظيم الدولة الإسلامية عن غيره من الجماعات الجهادية المتشرذمة هو ترسانة الأسلحة المتطورة الذي قدّمها له حلف شمال الأطلسي وتمويل دول الخليج العربي خلال الحرب بالوكالة في سوريا. ثمة عامل آخر يعطي أفضلية نسبية لتنظيم الدولة الإسلامية على الجماعات الجهادية الأخرى؛ وهو هيكل قيادتها العليا والمتوسطة، الذي يتألف من المهنيين، وضباط الجيش والمخابرات السابقين من عهد صدام حسين.
أي جماعة مسلّحة تفتقر إلى ترسانة أسلحة مثل الذي يمتلكها تنظيم الدولة الإسلامية وهيكلها القيادي المهني لا يمكن أن تدّعي أنها تابعة للتنظيم فقط على أساس التقارب الأيديولوجي دون أي صلة تنظيمية وتشغيلية. وعلاوة على ذلك، تنظيم الدولة الإسلامية ليس تنظيمًا إرهابيًا مثل القاعدة؛ فقد اجتاح ثُلث سوريا والعراق، وبالتالي، فإنّه من منظمة متمردة.
من أجل الحفاظ على سردية “الحرب على الإرهاب” الهشّة، تميّز القوى الغربية الآن بين “الإرهاب الأخضر والأصفر والأحمر”، المسلحون الخُضر، مثل الجيش السوري الحر، الذي تدعمه منظمة حلف شمال الأطلسي بشكل علني، الجهاديون الصُفر، مثل جيش الفتح الذي يتضمن الإسلاميين المتشددين بدعم سعودي مثل حركة أحرار الشام وجبهة النصرة، التي تدعمها منظمة حلف شمال الأطلسي سرًا، هناك الإرهابيون الحُمر مثل تنظيم الدولة الإسلامية وهو منتج ثانوي للسياسة الغربية المنافقة في سوريا والعراق.
في السنوات الخمسة عشر الأخيرة لما يسمى بــ “الحرب على الإرهاب”، أطاحت القوى الغربية بنظام إسلامي واحد متمثل في حركة طالبان في أفغانستان، وثلاثة أنظمة قومية عربية: النظام البعثي بقيادة صدام حسين في العراق، والنظام القومي العربي الأفريقي بقيادة القذافي في ليبيا، والآن في محاولة يائسة للإطاحة بنظام بعثي آخر، نظام بشار الأسد في سوريا.
بعض المسؤولين الأمنيين رفيعي المستوى في أمريكا وبريطانيا، مثل دينيس بلير من وكالة الأمن القومي، وإليزا مانينجهام المديرة السابقة لوكالة الاستخبارات الداخلية البريطانية، وأليستر كروك الضابط السابق في الاستخبارات البريطانية، اعترفوا أنَّ وصول احتمال وقوع حوادث إرهابية إلى مستوى الصفر في عالم مُعسكر ليس خيارًا بالأساس.
الإرهاب جريمة بشعة، وليس عملًا من أعمال الحرب. أولئك الذين يتعاملون مع الإرهاب على أنّه عمل من أعمال الحرب لديهم دوافع خفيّة. إنَّ مهمة وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات هي منع وتقليل مثل هذه الحوادث من الحدوث، ومع ذلك، وكما ذكر خبراء الأمن المشار إليهم أعلاه في تقاريرهم أنّه كأي جريمة أخرى من الممكن منع حوادث الإرهاب من خلال تنفيذ سياسات أمن خارجية طويلة المدى، لكنَّ القضاء التام على الإرهاب هو ببساطة أمر غير وارد.
جرائم مثل القتل والسرقة والسطو والاغتصاب لا تحدث في كل المجتمعات؛ ففي المجتمعات المثالية والمزدهرة والسلمية ينخفض معدل هذه الجرائم، بينما في المجتمعات الفقيرة التي تعاني من الصراع يرتفع معدل هذه الجرائم. ولكن سيكون هناك دائمًا مجموعة من المجرمين مثل أندرس بريفيك وسيونغ هوي تشو مرتكب مذبحة جامعة فرجينيا للتكنولوجيا الشهيرة التي من شأنها أن تطلق العنان لحقبة من الإرهاب في أي مجتمع معين.
وبالرغم من ذلك، ظواهر التشدد والتمرد لها علاقة أقل بالتطرف الديني، وعلى هذا النحو، ترتبط أكثر بضعف الدولة في المناطق الريفية والقبلية في البلدان النامية، مما يؤدي إلى زيادة تفاقم التسليح المتعمد لبعض الجماعات المتشددة من قِبل اللاعبين الإقليميين والعالميين.
حركة التمرد الماوية في الهند، على سبيل المثال، ادّعت أن هناك 2.866 حالة وفاة منذ عام 2010، وأنَّ جميعهم من الهندوس، وليسوا من المسلمين. سواء كان إسلاميًا أو متطرفًا ماويًّا، حركات التمرد هذه ليست سوى ردود فعل على تفاوت الثروة والتنمية غير المتوازنة التي كانت في معظمها تقتصر على المراكز الحضرية في حين تغرق المناطق النائية الريفية في فقر مدقع، وغياب أجهزة إنفاذ القانون وأجهزة أمن الدولة في المناطق المُعرّضة للتمرد.
الأيديولوجية المُعلنة للمسلّحين تلعب دورًا ثانويًا مقارنة بالدور الأساسي الذي لعبته السيطرة المركزية الضعيفة للدول النامية في مناطقهم النائية، وخاصة إذا كان دول عِرقية لغويًا أو مختلفة ثقافيًا ومهمّشة كذلك.
من أجل إثبات وجهة نظري بأنَّ التشدد يرتبط بدرجة أقل بالأيديولوجيا المعلنة أو الدين وبدرجة أكبر بالعوامل الجغرافية السياسية، فيما يلي نستعرض قائمة لبعض حركات التمرد غير المسلمة الأخيرة:
حركة نمور التاميل في سري لانكا التي اخترعت التفجيرات الانتحارية كتكتيك في الحرب كانت من الهندوس
أعداد كبيرة من حركات التمرد الماوية، والناكساليت، وناجا بودو في شمال شرق الهند كانت أيضًا من الهندوس.التمرد من جماعة القوات المسلحة الثورية (فارك) في كولومبيا الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأرواح هم من المسيحيين.
جيش الرب للمقاومة بقيادة جوزيف كوني الذي عمل في أوغندا من المسيحيين والوثنيين.
الرئيس الحالي لجنوب السودان والرئيس السابق للتمرد ضد السودان، سلفا كير، وحركته المسلّحة، هم من المسيحيين.
ثمّ مرة أخرى، رياك مَشار، الذي قاد تمرد النوير ضد قبيلة سلفا كير، دينكا، منذ ديسمبر عام 2013، كان مسيحيًا.
كان الصراع بين الهوتو والتوتسي في رواندا الذي أودى بحياة مئات الآلاف صراعًا بين غير المسلمين.
كان جميع المتحاربين في حرب الكونغو الثانية التي أسفرت عن الملايين من القتلى من المسيحيين.
كانت ميليشيات أنتي بالاكا التي ارتكبت العديد من المجازر بحق الأقلية المسلمة في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ عام 2013 من غير المسلمين.
وأخيرًا، الأزمة الأوكرانية والتمرد الذي أعقب ذلك والذي أسفر عن مقتل الآلاف كانت أيضًا من قِبل المسيحيين.
مع أخذ كل هذه الأدلة بعين الاعتبار، يصبح من الواضح أنَّ الإسلام كدين هو سلمي أو “عُنفيّ” مثل المسيحية والهندوسية والبوذية، وبإلقاء نظرة سريعة على القائمة، يصبح من الواضح أيضًا أن القاسم المشترك بين كل حركات التمرد المختلفة لم يكن الدين.
نظرًا لأنَّ أكثر حركات التمرد أثّرت في المناطق الفقيرة والمتخلفة في آسيا وأفريقيا، وبالتالي، فإنَّ الاستنتاج الشرعي الوحيد الذي يمكن استخلاصه هو أنَّ العسكرة وضعف الحكم في الدول النامية كان المسؤول الأول عن تربية مجموعة متنوعة من المتشددين والمسلّحين في المناطق النائية الريفية والقبلية النائية. وهذا هو القاسم المشترك الوحيد بين هذه القائمة من حركات التمرد.
العوامل الجذرية المسؤولة عن انتشار التشدد والتمرد في أي مكان في العالم لا تكمن في الدين ولكن في الاقتصاد الاجتماعي، والتنوع العرقي وتهميش الجماعات العرقية والإثنية اللغوية والدينية المحرومة والصراعات التي تلت ذلك، والتخلف الاجتماعي والثقافي للمناطق المتضررة، والسيطرة المركزية الضعيفة في الدول النامية الفقيرة على أراضيها.
بعد غزو واحتلال أفغانستان والعراق، وعندما فشلت مشاريع “بناء الأمة” الأمريكية في تلك البلدان العاجزة، أدرك صنَّاع السياسات في الولايات المتحدة على الفور أنهم كانوا يواجهون حركات تمرد متجذرة شعبيًا ضد الاحتلال الأجنبي، وبالتالي، غيّر الاحتلال العسكري عقيدة مكافحة الإرهاب لصالح استراتيجية مكافحة التمرد. تختلف استراتيجية مكافحة التمرد جوهريًا عن نهج مكافحة الإرهاب وتنطوي أيضًا على الحوار والمفاوضات والتسويات السياسية، جنبًا إلى جنب مع أساليب قسرية لإنفاذ القانون وعمليات عسكرية وشبه عسكرية على نطاق محدود.
جميع الجماعات المسلحة الإقليمية مثل حركة طالبان، وتنظيم الدولة الإسلامية، وحركة الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا؛ وحتى بعض الجماعات الأيديولوجية  التابعة لتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان واليمن وليبيا، التي ليس لها أي ارتباط تنظيمي وتشغيلي مع تنظيم القاعدة المركزي أو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، على التوالي، ليست جماعات إرهابية، على هذا النحو، ولكن مجرد متمردين إسلاميين هدفهم هو تطبيق الشريعة الإسلامية في مناطق نفوذهم.
وأخيرًا، لا أستطيع أنَّ أفهم سبب قيام القوى الغربية بقصف المتمردين الإسلاميين في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي كانت نتيجة لحروبهم الخاطئة في أفغانستان، العراق، ليبيا، اليمن والصومال وسوريا. ما الذي يريده المتمردون ولا تستطيع قوى “التدخل الليبرالية” قبوله كمسألة مبدأ؟ هل هو تطبيق الشريعة الإسلامية، أم الإعدام الوحشي الذي اكتسبت من خلاله حركة طالبان، وتنظيم الدولة الإسلامية، وحركة الشباب وجماعة بوكو حرام الكراهية من المجتمع الدولي؟ إذا كان هذا هو الحال، إذن، لماذا تتجاهل القوى الغربية التجاوزات التي ترتكبها المملكة العربية السعودية حيث الشريعة الإسلامية هي القانون الرسمي للبلاد وعقوبات الإعدام الحديّة تحدث بشكل يومي؟
هذا التناقض يوضح مدى النفاق الهائل والمعايير المزدوجة للقوى الغربية. عندما يتعلق الأمر بتأمين 265 مليار برميل من احتياطيات النفط السعودية و100 مليار برميل من الإمارات العربية المتحدة والكويت ليشكّلوا معًا 365 مليار برميل، أي ثُلث احتياطيات النفط الخام في العالم، فإنَّ القوى الغربية على استعداد للتغاضي عن التجاوزات التي ارتكبت من قِبل هذه الأنظمة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتفاوض مع المتمردين الإسلاميين للوصول إلى تسويات سياسية وتخفيف وطأة الضغوط على جميع أعمال العنف وإراقة الدماء في المنطقة، تقف القوى الغربية بحزم ضد ما يسمى “الإرهابيين” كمسألة مبدأ.
======================
 دايلي بيست :روبرت فورد: دبلوماسيو الولايات المتحدة محقون حيال سوريا
روبرت فورد-: ترجمة مركز الشرق العربي
ردا على مذكرة وزارة الخارجية الأمريكية المعارضة التي وقعها 51 مسئول عملوا في الشأن السوري خلال الأعوام الأخيرة، فإن البيت الأبيض غالبا لن يغير من نهجه حيال الصراع السوري بصورته الأوسع. بعد حوالي عامين من العمليات الأمريكية العسكرية في سوريا، وبعد حوالي 400000 قتيل في سوريا، وبعد أن أثار تدفق اللاجئين السوريين تساؤلات حيال وحدة أوروبا نفسها – وهي الوحدة التي كانت هدفا للسياسة الخارجية الأمريكية منذ أيام ترومان- فإن المذكرة محقة في أن تتساءل كيف يمكن أن نحقق هدفنا الاستراتيجي في سوريا. هذا النقاش يحتل أولوية كبرى لأنه لا توجد حلول أكيدة وليس هناك أي خيارات دون وجود مخاطر
تدعم المذكرة المعارضة هدف الإدارة المتمثل في وضع نهاية للصراع من خلال دفع السوريين إلى التفاوض على إنشاء حكومة جديدة يمكن أن تحشد السوريين خلفها لقتال المتطرفين مثل الدولة الإسلامية. لا تدعو المذكرة إلى تغيير النظام ولا تقول إن على بشار الأسد أن يرحل. وهي قضية على السوريين التفاوض عليها في محادثات لن تكون سهلة بأي شكل من الأشكال.
هذه المحادثات لم تبدأ من الأساس بسبب الخروقات التي تمارسها الحكومة السورية بصورة دائمة لوقف إطلاق النار. في تذكير لاستخدام ريتشارد هولبروك لقوة الناتو الجوية لتغيير الحسابات في صربيا وحلفائهم من صرب البوسنة، فإن المذكرة تحث على ردع الحكومة السورية عن ممارسة مزيد من الخروقات وتدمير بعض الأصول العسكرية للجيش السوري من خلال الضربات المباشرة. ما إن يفهم الأسد أن وقف إطلاق النار حقيقي، وانه لا يمكن أن يحقق النصر عسكريا، فإن المذكرة توضح بأن المحادثات السياسية الحقيقية حول مستقبل سوريا يمكن أن تبدأ أخيرا.
بعض النقاد للأسلوب الأمريكي الأكثر قوة يحذرون من أنه يمكن تكرار وصفة العراق 2003 أو ما حصل في ليبيا 2011 عندما سقط النظام وعمت الفوضى.  الرئيس بوش لم يسع إلى مفاوضات انتقالية مع صدام. بينما كان  بانتظار القذافي لائحة اتهام من المحكمة الجنايئة الدولية؛ ولكن الأسد لم يواجه ذلك. مستقبل الأسد ودائرته الداخلية قضية يجب أن يتفاوض عليهاا السوريون. أشارت المعارضة السورية ذات مرة إلى أنها يمكن أن تسقط قضية تحميل الأسد المسئولية إذا تنحى عن الحكم. القضية الكبرى هي أن غالبية المعارضة المسلحة مستعدة للتفاوض على تشكيل حكومة جديدة ولكن الحكومة السورية ليست مستعدة لذلك.  
نقاد آخرون للتدخل الأمريكي الأوسع يحذرون أنه من السذاجة التفكير بأن الأسد سوف يتفاوض. لأن الروس والإيرانيين لن يتخلوا عن الأسد، فإن الأمريكان وأصدقائهم الإقليميين يجب أن يتخلوا عن المعارضة. هؤلاء المحللين لم يوضحوا لماذا يتوجب على اللاعبين الإقليميين مثل السعودية وقطر، أو حتى تركيا، التي لا تشعر بارتياح للتوسع الكردي، سوف يجدون أن هذا التغيير سوف يكون في صالحهم.
الأمر الأكثر أهمية، هو أن هؤلاء المحللين لم يوضحوا أيضا كيف يمكن التوفيق بين ملايين السوريين مع حكومة الأسد، وإذا لم يكن في الوسع التوفيق بينهم، فكم هو عدد السوريين الذين سوف يلتفون حول الأسد لقتال الكثير من المتطرفين في البلاد. تحذر مذكرة وزارة الخارجية المعارضة بأنه إذا لم تحتشد المجتمعات السنية العربية لقتال الدولة الإسلامية والقاعدة، فإنه لن يكون في وسعنا احتواء المتطرفين على المدى الطويل، وأن عمليات الجيش الأمريكي لن تنتهي. السؤال هو كيف يمكن الحصول على دعم العرب السنة. تشدد المذكرة وهي محقة في ذلك على أن إيقاف حكومة الأسد من الهجوم على المدنيين وحل الصراع السوري بصورة شاملة أمر أساسي. تركيز إدارة أوباما على الدولة الإسلامية، وليس على الحرب الأهلية الأوسع، أمر في غير محله
علاوة على ذلك، أولئك الذين يقولونبقبول الأسد يقولون بأن التمويل الدولي يجب أن يظهر، مثل السحر، لإعادة بناء سوريا، ولكنهم لا يشرحون من أين سوف يأتي هذا التمويل. هل من الواقعي الاعتقاد بأن المجتمع الدولي سوف يحتشد حول الأسد لجمع المبالغ الهائلة المطلوبة لبرنامج إعادة بناء هذه الحكومة الدموية الفاسدة ؟ دون مصالحة وطنية ودون إعادة بناء وطنية، كيف يمكن لملايين اللاجئين السوريين أن يعودوا إلى الديار وكيف يمكن التخفيف من الضغط على أصدقائنا الأوروبيين؟ أنصار القبول بحكومة الأسد كما هي يقولون إنه ليس هناك أي فرصة لاستقرار سوريا أو التعامل مع مصالحنا الأوسع إلا بذلك. المذكرة المعارضة يجب أن ينسب لها الفضل في محاولة إيجاد الطريق قدما على الأقل.
أخيرا، يعارض البعض حتى الضربات الجوية الأمريكية المحدودة بسبب خطر المواجهة المباشرة مع روسيا. استهداف الأصول العسكرية الروسية في سوريا سوف يخلق مثل هذا الخطر. ضرب أهدف حكومية سورية أمر مختلف تماما؛ يبدو أن الإسرائيليين ضربوا أهدافا في سوريا دون أي رد روسي. علاوة على ذلك، استهدف الروس جماعات معارضة تدعمها الولايات المتحدة. لقد قاموا هم بالسابقة. إذا خلق الأمريكان أمرا واقعا، هل يمكن للروس أن يردوا بتصعيد القصف، أو تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لدمشق أو حتى توفير قوات برية؟ من المحتمل أن يقوموا بذلك. وهذا سوف يفرض أسئلة هنا حول المزيد من الضربات الأمريكية إذا استمرت دمشق بدعم من روسيا في خروقها المستمرة.
محللون آخرون، وأنا منهم، يجادلون أنه وقبل استخدام قوة عسكرية أمريكية أكبر في سوريا، فإن علينا أولا أن نعرف كيف يمكن تعزيز الدعم للمعارضة المعتدلة. المذكرة المعارضة نفسها تطالب بتعزيز المعارضة المعتدلة. جهود وزارة الخارجية وجهود السي آي أيه منفصلة حاليا ولديهما أهداف واضحة. علينا أن ندرس موارد البرنامج، وكيف يمكن بناء برامج بحيث لا تكون مجرد شيكات مفتوحة لجماعات المعارضة ولكن أن تكون جزء  من جهد أكبر للتواصل السياسي مع المعارضة، وكيفية توجيه جهودنا بحيث يعزز بعضها بعضا. ما هو الأمر  الأكثر عبثية من أن يقوم  الأكراد السوريون الذين يدعمهم البنتاغون بمهاجمة المقاتلين العرب الذين تدعمهم السي آي إيه أو أن يقصف حليف للناتو مقاتلين متصلين بجماعات إرهابية يدعمهم البنتاغون؟ كل ذلك يوحي بوجود عدم توافق في أجندة واشنطن في سوريا. ولكن في إمكاننا القيام بما هو أفضل من ذلك.
تحقيق هدف الولايات المتحدة في تشكيل حكومة تفاوضية جديدة في سوريا بحاجة إلى تعاون من روسيا وإيران الذين يجب أن يفهموا أنهم والأسد لن يكون في وسعهم فرض اتفاق سياسي يحمل مجرد تغييرات تجميلية لا يمكن للمعارضة القبول بها مطلقا. هذا ليس إملاء أمريكيا إنه إملاء سوري. يجب أن توقظنا المذكرة المعارضة وأن تخبرنا بأن النهج الحالي يضمن أننا لن نؤمن مصالحنا الحيوية في سوريا، وأن مصالح الولايات المتحدة الأوسع سوف تعاني نتيجة لذلك، وأننا بحاجة إلى إعادة النظر في نهجنا الحالي.
======================