الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 31/1/2018

سوريا في الصحافة العالمية 31/1/2018

01.02.2018
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :  
الصحافة العبرية والتركية :  
الصحافة الروسية :  
الصحافة البريطانية :  
الصحافة الامريكية :
موقع المونيتور – القمة السورية الاستراتيجية تنزلق عبر أصابع تركيا – مرة أخرى
ملخص المقال
مع اقتراب تركيا لاستعادة قمة مدينة برسايا الاستراتيجية للمرة الثانية، يصبح من الصعب على الرئيس استخدام فرع الزيتون من أجل حشد الدعم.
ترجمة خاصة عن موقع المونيتور – بقلم أمبرين زمان – 29/1/2018
أصبحت المعركة من أجل قمة إستراتيجية سريعة إحراجا لتركيا مع استمرار هجوم “فرع الزيتون” ضد القوات الكردية السورية في منطقة عفرين السورية.
فى يناير. (22)، ادعت القوات التركية النصر على مدينة برساية وسط ادعاءات “الله أكبر”، إلا أن تفقدها في غضون ساعات إلى وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
يوم أمس، قامت القوات التركية وحلفاؤها من الجيش السوري الحر بتخطيط العلم التركي فوق التل، معلنا أنهم سيطروا على مدينة برساية مرة أخرى.
الا ان السلطات اضطرت الى وضع الكيبوش فى جولة اعلامية برعاية الحكومة فى التل اليوم وسط انباء ان وحدات حماية الشعب قد ضربت القوة التى تقودها تركيا للمرة الثانية. ويعد التل، الذي يعتبر بمثابة منطقة عازلة بين منطقة درع الفرات التي تسيطر عليها تركيا وعفرين، جائزة استراتيجية. وقال مصدر في “بي بي جي” ل “المونيتور”: “تعتبر مدينة برساية، التي تعتبر مركزا لوجستيا للعمليات العسكرية التركية في سوريا، جسرا لبقية عفرين، وهذا هو السبب في أن تركيا عازمة على الاستيلاء عليها.
فالقوات التي تقودها تركيا والتي تحتجز الأراضي يوما بعد يوم فقط لتفقدها للأكراد ليلا أصبحت شيئا من النمط، واختبار التزامات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الصاعدة برفع وحدات حماية الشعب من أكثر من نصف تركيا التي يبلغ طولها 900 كيلومتر (560) (ميل) مع سوريا التي لا تزال تحت السيطرة الكردية السورية.
إن صورة تركيا تعاني بالفعل من جراء القمع الوحشي الذي تمارسه أردوغان على المنشقين، بما في ذلك عشرات القادة الأكراد، وسرعان ما تفقد الحرب الدعائية على عفرين. ويبرز الكثير من التغطية الإعلامية العالمية العدد المتزايد من الإصابات المدنية ، بما في ذلك النساء والأطفال، الذين قتلوا في موجة على موجة من الغارات الجوية التركية. وسائل الإعلام الاجتماعية غارقة مع الصور من الأطفال المتفحمة الذين يزعم أنهم لقوا حتفهم في الهجمات التركية.
وأفادت مجموعة إيروارز التابعة للمراقبة ، “من بداية العمليات في 20 يناير إلى 28 يناير، تم تقييم ما لا يقل عن 41 إلى 55 حالة وفاة من قبل إيروارز على الأرجح بسبب القوات المدعومة من تركيا، مع ما يقدر بنحو 10 إلى 15 حالة وفاة بين المدنيين الى الازمة الكردية “.
كما أفادت التقارير أن القنابل التركية دمرت معبد قديم بنيه الآراميون في الألفية الأولى قبل الميلاد، وهو جزء من التراث الأثري الغني لعفرين.
وقال ديانا دارك، الخبير الثقافي في الشرق الأوسط ومؤلف “بيتي في دمشق”: ” أضرار كارثية لموقع # سوريا الوحيد الحثي الجديد في #Ainدارا، معبد التل مع الأسود المجنح وأبو الهول وأقدام عملاقة فريدة من إله الشمس الحثي”. “
وتعتقد تركيا أن وحدات حماية الشعب في عفرين تشكل تهديدا وجوديا لأمن تركيا، وذلك أساسا بسبب علاقاتها العميقة بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل من أجل الحكم الذاتي داخل تركيا. إلا أن أنقرة فشلت في تقديم أدلة مقنعة على أن القوة الكردية السورية، وهي الحليف الأعلى لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، نفذت أي عمل عدائي ضد تركيا من الأغلبية الكردية التي هي الجيب الذي يعرف أيضا باسم الكرد داغ، أو الجبل الكردي. ومع ذلك، يبدو الرأي العام متخلفا بقوة وراء فرع الزيتون، الذي انتشر مع الدعاية الجماعية التي تنبثها وسائل الإعلام الموالية للحكومة يوميا. أما القلة التي تجرؤ على انتقاد الهجوم فتعرف على الخونة – أو أسوأ من ذلك – بالسجن. وقد جعل اردوغان التكلفة المكلفة للمعارضة واضحة وضوح الشمس، واصفا الجمعية الطبية التركية “عصابة من العبيد” و “خدم الإمبريالية” للاعراب عن اعتراضاتهم. وقد تم رفض ما لا يقل عن 300 شخص لشبكات وسائل الاعلام الاجتماعية المعارضة لفرع الزيتون الذى اعتبرته السلطات “دعاية ارهابية”.
في إشارة باردة لكيفية قبول النزاع إن لم يكن مطرزا، بدأ المهنيون الحضريون الذين يتبادلون النكات ونصائح السفر عادة بتعميم صور لجثث يبغ المشوهة. وأظهرت إحدى مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها مع “المونيتور” أن المقاتلين الأكراد الميتين – ذكورا وإناثا على حد سواء – قد امتدوا على امتداد الحصى. وكان وجه واحد قد انفجرت. “هذا هو ما تطبيع الشر هو، عندما يوبيس تجارة الصور من الموت كما عرضا كما أنها سوف كرتون”، أسف صحافي تركي في مجموعة الدردشة.
وتعتقد جيني وايت، الكاتبة والأنثروبولوجيا المشهود لها على نطاق واسع في معهد الدراسات التركية بجامعة ستوكهولم، أن هجوم عفرين قد يكون مرتبطا بمعركة أردوغان للاحتفاظ بقبضته وتعزيزها، بعد قليل – قد يقول البعض عن طريق الاحتيال – فوز الاستفتاء العام الماضي على نطاق واسع وتوسيع صلاحياته الرئاسية. وقالت ل “المونيتور” إن “الحرب تذكر المواطنين بأن أمتهم تحت التهديد وتحتاج إلى زعيم قوي”. وأشار إلى أن حزب العمال الكردستاني ملزم منذ 33 عاما وعلاقاته بوحدات حماية الشعب، وأشار إلى أن ” موثوقة تماما. إلى جانب ذلك، فإن التوغل التركي في عفرين له فائدة دعائية إضافية من نصب تركيا، حيث أن ديفيد يقف أمام جالوت المليئة بالسي آي أيه التي تدعم وحدات حماية الشعب. “
اتفقت ليزل هينتز، وهي أكاديمية متخصصة في تركيا والشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز. وقالت ل “المونيتور”: “إن كل انتقاد يبدو وكأنه معاد للغرب في السياسة الخارجية التركية الحالية يمكن أن يفهم على أفضل وجه من حيث ضرورة أن يبقى أردوغان وحزب العدالة والتنمية في السلطة”. ويعتقد هينتز أن أردوغان يحسب هذا على الأرجح أفضل ما تحقق من خلال الدعوة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وقت مبكر قبل موعدها المقرر في نوفمبر 2019 من أجل “الاستفادة من النمو الاقتصادي المدعوم والمدعوم بشكل كبير وتجمع حول معنويات العلم”. كما أن الانتخابات المبكرة تساعد على التغلب على التحديات المحتملة من السابق الرئيس عبد الله غول والقومي ميرال أكسينر.
ومع ذلك، إذا كانت القوات التركية على ما يرام وحطمت حقا في عفرين، فشلت كثيرا في التقاط تلة، قد يجد أردوغان صعوبة متزايدة في إبقاء كل شيء بمثابة انتصار.
* أمبرين زمان هو كاتب عمود ل “نبض تركيا” في المونيتور الذي غطى تركيا والأكراد وأرمينيا لصحيفة واشنطن بوست وصحيفة ديلي تلغراف ولوس أنجلوس تايمز وصوت أمريكا.
========================
دراسة أمريكية: واشنطن تقبل ببقاء الأسد في السلطة على عكس التصريحات المعلنة
سياسي | داماس بوست
كشفت دراسة أمريكية أن الولايات المتحدة في الواقع تقبل ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة ، على الرغم من التصريحات حول ضرورة رحيله والمواقف المعلنة رسمياً.
واستعرضت الخبيرة في شؤون التخطيط الاستخباراتي، جينيفر كافاريلا من معهد دراسة الحرب، الاستراتيجية الأمريكية في سوريا التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قبل عدة أيام. وتحدثت عن النقاط التي يجب على الإدارة الأمريكية تغييرها، حسب رأيها.
وكتبت كافاريلا في مقال لها، نشر على موقع قناة "فوكس نيوز"، أن إحدى هذه النقاط هي "القبول بنظام (الرئيس) بشار الأسد".
وأوضحت أن السياسات الأمريكية في سوريا تقبل ب"نظام الأسد" في الواقع، بغض النظر عن التصريحات الشديدة اللهجة من الإدارة الأمريكية. وعلى الرغم من تصريحات تيلرسون بأن وجود القوات الأمريكية على الأراضي التي يسيطر عليها حلفاؤها في سوريا يمهد الطريق نحو رحيل الأسد، الحقيقة هي عكس ذلك، حسب رأي الخبيرة.
لفتت الخبيرة أيضا إلى أن الولايات المتحدة، إن كانت تريد تحقيق النجاح في سوريا، ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار القاعدتين العسكريتين الروسيتين على ساحل المتوسط، وتتخذ خطوات للحد من التأثير الإيراني في سوريا، وكذلك أن تعيد النظر في مناطق تخفيض التصعيد، التي يستفيد منها الأسد فقط، والعملية السياسية التي تجري وفقا للسيناريو الذي يرغب فيه الأسد أيضا، حسب رأي الخبيرة.
وخلصت جينيفر كافاريلا إلى القول إن الولايات المتحدة يجب أن تواجه الواقع، وتعترف بأن قدرات شركائها على الأرض في سوريا محدودة، وأنها يجب أن تركز على الأعمال بدلا من الخطاب، ولا يمكن أن تثق بـ "اللعبة الدبلوماسية"، نظرا لأهمية سوريا بالنسبة إلى أمن الولايات المتحدة.
========================
واشنطن بوست: أمريكا خانت الأكراد وفقدت نفوذها شمال سوريا
الوقت- اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية، أن ادارة الرئيس دونالد ترامب فقدت السيطرة والنفوذ في الملف السوري بعد تصارع حلفائها في شمال سوريا، مشيرة الى ان واشنطن خانت الأكراد من جديد.
وأضافت الصحيفة في مقال جديد أن "المعركة المحتدمة بين حلفاء أمريكا في شمال سوريا هي مثال واضح على فقدان إدارة ترامب الإرادة والنفوذ لقيادة الحل للأزمة السورية، أو حتى الدفاع عن المصالح الأمريكية بشكل جيد".
وأشارت الصحيفة الامريكية الى أنه "في الوقت الذي تقول فيه إدارة ترامب إن واشنطن لديها مصالح طويلة الأمد في سوريا، إلا أنها لم تربطها بعد بخطة واضحة، فالتزام أمريكا ليس كافيا بحد ذاته".
ولفتت الصحيفة الى أن إدارة ترامب تخلت عن اكراد سوريا واختارت دعم أنقرة، وإن بشكل تكتيكي وهو ما يشكل خيانة للأكراد، مؤكدة ان الإدارة الامريكية تخلت عن القيادة والمسؤولية في سوريا، خلقتا فراغا ملأته إيران وتركيا وروسيا".
وأضافت الصحيفة الامريكية أن إدارة ترامب لا تزال تعيد تكرار أخطاء إدارة أوباما، مطالبة ترامب بلعب ورقة التأثير على الجماعات العربية السنية التي لا تزال تحتل السكان هناك، وهذا يقتضي هذا زيادة عدد العناصر العربية لقوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الأكراد.
========================
واشنطن بوست : ترامب وسوريا.. الخطاب والأفعال
تاريخ النشر: الأربعاء 31 يناير 2018
جوش روجين*
تُظهر المعركة المحتدمة بين اثنين من حلفاء الولايات المتحدة في شمال سوريا أنه على الرغم من الخطاب الجديد لإدارة ترامب، إلا أن هذه الأخيرة ما زالت تفتقر للإرادة والتأثير المطلوبين لتزعّم حل للأزمة السورية، أو حتى للدفاع عن المصالح الأميركية هناك كما ينبغي.
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون كان قد حدّد تحديات الولايات المتحدة في سوريا ما بعد تنظيم «داعش» على نحو صحيح ضمن خطاب ألقاه في كاليفورنيا قبل أسبوعين، ومن ذلك مواجهة التهديد الإرهابي المتواصل، والتوسع الإيراني، واعتداءات بشار الأسد الوحشية. ومن خلال إعلانه أن الجنود الأميركيين سيبقون في البلاد، بدا أن تيلرسون يعترف بأنه لابد للولايات المتحدة من تأثير على الأرض حتى تستطيع تحقيق أهدافها.
داخل الإدارة الأميركية، يخبرني مسؤولون بأن فهم سياسة سوريا كان حتى الآن أمرا صعبا للغاية. ذلك أن الكثيرين في محيط الرئيس دونالد ترامب مازالوا يدافعون عن ضرورة التركيز فقط على تنظيم «داعش» وترك الأمور الأخرى في سوريا تأخذ مجراها الطبيعي. وبالمقابل، مازالت هناك مجموعة تريد فك الارتباط مع الأزمة السورية والابتعاد عنها.
ولئن كانت إدارة ترامب باتت اليوم تقول علنا إن الولايات المتحدة لديها بالفعل مصالح طويلة المدى في سوريا، فإنها لم تقم بعد بربط ذلك بخطة حقيقية. والواضح أن الالتزام الأميركي الحالي في سوريا غير كاف. وفي هذا السياق، قال لي الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي: «إن من يعرفون التاريخ يعرفون أن كل شيء هو مسألة تأثير».
وبينما يدخل هجوم تركيا على القوات الكردية السورية بالقرب من حدودها أسبوعه الدموي الثاني، تختار إدارة ترامب تأييد الحملة ضمنيا، وهو ما يرى فيه ليفي خيانة للأكراد الذين حاربوا تنظيم «داعش» بدعم أميركي ويتقاسمون مع الولايات المتحدة قيمها وأهدافها الأساسية.
وحسب ليفي، فإن كلا من إدارتي أوباما وترامب تخلتا عن المسؤولية والزعامة في سوريا، وهو ما خلق فراغا سارعت بعض القوى السلطوية، مثل تركيا وإيران وروسيا إلى سده. فهذه القوى رأت الولايات المتحدة تتخلى عن الأكراد العراقيين عندما هاجمتهم المليشيات العراقية والإيرانية العام الماضي، وخلصت إلى أنه ربما لن تكون ثمة كلفة لمهاجمة الأكراد السوريين اليوم. وقال ليفي: «إن المصلحة الحقيقية لأميركا تكمن في دعم الأكراد لأنهم حلفاء أوفياء. أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإنه ليس حليفا وفياً»، واصفا تسامح الولايات المتحدة مع الهجوم التركي بأنه «فضيحة».
بيد أن آخرين يحاججون بأن الولايات المتحدة تستطيع وينبغي أن تحترم التخوفات الأمنية التركية لكن عليها أيضا ألا تضحي بالأكراد. والحال أنه حتى إذا استطاع فريق ترامب التوفيق بين هذين الأمرين وتحقيق توازن، فإنه لن يعالج العيب الجوهري الذي يعتري استراتيجيته الخاصة بسوريا: الافتقار إلى تأثير كاف على الميدان من أجل تحقيق رؤية تيلرسون.
«لقد التزمنا بمعركة جد تكتيكية وقصيرة النظر في سوريا من البداية، ما فاقم هذه المواضيع الاستراتيجية الأكبر، بما في ذلك العلاقة مع تركيا، والحرب الأهلية السورية، ومواجهة إيران»، يقول المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية وائل الزيات، الذي يدير حاليا منظمة غير ربحية تدعى «إيمغيج».
والواقع أن إدارة ترامب ما زالت تكرّر العديد من أخطاء الرئيس باراك أوباما الرئيسية، حيث تعتمد الولايات المتحدة على روسيا لممارسة ضغط على نظام الأسد، وهو ما تبين أن موسكو غير مستعدة أو غير قادرة على فعله. كما تروّج إدارة ترامب لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة باعتبارها الطريق السياسي إلى الأمام، لكن هذه الأخيرة ما زالت تمثل فشلا مستمرا. وفضلا عن ذلك، فإن الجهود الرامية إلى مواجهة إيران في سوريا لم تسخَّر لها الموارد الكافية والمناسبة. كما أنه لا يوجد ضغط حقيقي على الأسد لحمله على وقف فظاعاته الجماعية.
-ماهي البدائل إذن؟ الواقع أنه في غياب زيادة كبيرة في عدد القوات الأميركية، وهو أمرٌ لا يطالب به أي أحد في الوقت الراهن، هناك بعض الطرق التي تستطيع بها الولايات المتحدة تعزيز موقفها في سوريا. فأولا، يجب على الولايات المتحدة ألا تتخلى عن الأكراد الذين درّبتهم، لأن ذلك يمكن أن يدفعهم لعقد صفقات مع نظام الأسد أو روسيا، مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب وخيمة لأميركا ومصالحها.
ثانيا، يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لاكتساب تأثير على المجموعات العربية التي مازالت تحتل المناطق السنية وتدافع عنها. وهذا يعني استئناف تقديم الدعم للثوار المعتدلين، وخاصة في محافظة إدلب، حيث يتقدم نظام الأسد وشركاؤه. كما يعني إضافة مزيد من العرب إلى «قوات سوريا الديمقراطية» ودعم الحكم المحلي في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الأسد.
ثالثا، ينبغي على إدارة ترامب أن تزيد من الضغط على الأسد وروسيا وإيران، بما في ذلك من خلال العقوبات، والتهديدات ذات المصداقية باستخدام القوة الأميركية، وأي شيء آخر من شأنه إقناعه باحترام اتفاقيات خفض التوتر التي ينتهكها والتفاوض بحسن نية. فحتى الآن، ليس لدى هؤلاء نية للقيام بذلك.
بعد مرور عام على رئاسة ترامب، تقول إدارته إن الولايات المتحدة لديها مصلحة طويلة المدى في سوريا. وعليه، فإن الخطوة التالية تكمن في ترجمة هذه الكلمات إلى أفعال.
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
========================
كاتب أميركي لـ«نيوزويك»: حالة واحدة فقط ستهاجم فيها «الولايات المتحدة» تركيا عسكريًا
يرى الكاتب الأميركي «توم كونور» أنّ الولايات المتحدة لن تهاجم تركيا عسكريًا في أيّ حال من الأحوال بسبب تدخلها في «عفرين» ومهاجمة الحليف الرئيس لأميركا: «الأكراد». وثمة حالة واحدة فقط من الممكن أن تتدخل فيها: إذا حاولت تركيا تطهير مدينة «منبج» التي توجد فيها القوات الأميركية.
وأضاف، في مقاله بمجلة «نيوزويك» وترجمته «شبكة رصد»، أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدّد من قبل بتطهير «منبج» بعد تطهيره «عفرين»، طالبًا من القوات الأميركية السماح له بالقضاء على التهديد الإرهابي لتركيا هناك. والتحرك الوحيد للولايات المتحدة حتى الآن هو دعوة تركيا إلى ضرورة توخي الحذر، وأنّ حربها في عفرين لا تساعد في هزيمة تنظيم الدولة.
وعلى مستوى الأكراد، رفضت أميركا طلبات بتخصيص مساعدات وموارد في حربهم ضد تركيا. بينما يعتزم الجيش الأميركي البقاء في مدينة «منبج» شمال سوريا بالرغم من الهجوم الذي تقوده تركيا على منطقة «عفرين»، ولم تتحرك رغم أنّ الأكراد لحلفاء رئيسين لها وترعاهم البنتاجون.
ومع هزيمة تنظيم الدولة بشكل شبه كامل في شرق سوريا، اتخذت الحرب السورية (التي استمرت سبع سنوات) مسارًا آخر، خاصة في منطقة «عفرين» الشمالية الغربية؛ إذ بدأت تركيا والجيش السوري الحر هجومًا ضد المليشيات الكردية المعروفة باسم «وحدات حماية الشعب»، التي كانت الفصيل الرئيس في القوات الديمقراطية السورية التي قادت هجومًا بقيادة اميركا ضد تنظيم الدولة، وتعتبرها تركيا تنظيمًا إرهابيًا؛ بسبب صلاتها المزعومة بالتمرد القومي الكردي داخلها.
وقال الجنرال «جوزيف فوجيل»، قائد القوات المركزية الأميركية في سوريا، إنّ انسحاب قواته من منبج غير مطروح في الوقت الحالي؛ بالرغم من التهديد الذي تشكّله تركيا على أميركا بتقدمها في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
دعم أميركي
وحتى الآن لم تتدخل القوات الأميركية، حتى عندما تحركت القوات الديمقراطية السورية المدعومة من البنتاجون للدفاع عن منطقة «عفرين» ضد الهجوم التركي. وفي نوفمبر الماضي قالت البنتاجون إنّها نشرت أكثر من 1700 جندي أميركي لدعم القوات الديمقراطية السورية التي تقاتل تنظيم الدولة في سوريا.
وبينما تؤكد البنتاجون دعمها للأكراد في القوات الديمقراطية السورية، التي لا تزال تقاتل تنظيم الدولة في مناطق شرق سوريا؛ حذّرت القيادة العسكرية الأميركية من أنّ التحالف بقيادة الولايات المتحدة لن يدعم الجهود الكردية في تخصيص موارد عسكرية أو غيرها لمحاربة تركيا في الشمال الغربي. وفي الوقت نفسه، حذّرت أميركا تركيا من أن أنشطتها «تعرقل مهمة القضاء على تنظيم الدولة».
كما ورد أنّ ترامب حثّ نظيره أردوغان على توخي الحذر، في مكالمة هاتفية بينهما هذا الأسبوع؛ لكنّ المسؤولين الأتراك نفوا أن ترامب طلب منهم هذا، وكثّفت قواتهم التركية من قصف المدن والقرى التي يسيطر عليها الأكراد، وشبّهت تركيا وحدات حماية الشعب بأنها كتنظيم الدولة، ويمثّلون خطرها نفسه بالضبط. وتعتقد تركيا أن المليشيات الكردية لها صلات مباشرة بحزب العمال الكردستاني، الذي قاد هجمات ضد قوات الأمن التركية لأكثر من ثلاثة عقود.
وتعهّد «أردوغان» الجمعة الماضية بأنّ قواته «ستطهر» منبج، وطالبت القوات الأميركية بالخروج منها، بينما وصف محللون الوجود الأميركي في منبج بالخط الأحمر الذي لن تسمح به أميركا.
وفقدت القوات السورية مدينة منبج في 2012؛ بعدما استولى عليها مقاتلون معارضون للرئيس السوري بشار الأسد، بدعم من الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج، خاصة السعودية وقطر. وفي عام 2014 استولى عليها تنظيم الدولة بعدما هزم المعارضين؛ ومن ثم انتشر عبر نصف أراضي سوريا والعراق.
وشكّلت الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا لهزيمة تنظيم الدولة، كما قلّصت من دعم الجماعات المعارضة المسلحة مثل الجيش السوري الحر، واستثمرت في المقاتلين الأكراد (المؤلفون من القوات الديمقراطية السورية) في أكتوبر 2015، بعد شهر واحد من تدخل روسيا. وفي الصيف التالي، أطاح المعارضون المدعومون من الولايات المتحدة بالتنظيم من مدينة منبج، وطهّرت القوات السورية الباقي بمساعدة روسيا وإيران.
لكنّ تركيا غاضبة بشدة بسبب دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية؛ لذلك أطلقت هجوم «درع الفرات»، الذي غزت فيه شمال سوريا لدعم الجيش السوري الحر ضد القوات الديمقراطية السورية والجيش السوري. وفي أوّل اختبار رئيس لمصالح الولايات المتحدة وروسيا، نشر البلدان قوات لمساعدة حلفائهما في اجتياز أجزاء من منبج؛ لمواجهة الهجوم التركي الذي تراجع في نهاية المطاف حينها.
ومثل الولايات المتحدة، ظلت روسيا إلى حد كبير خارج المعركة بين تركيا والأكراد، وسعى البلدان إلى إقامة علاقات متوازنة مع الجانبين؛ بيد أنّ هجوم عفرين أدى إلى رفض الجماعات الكردية الدعوات للمؤتمر الوطني السوري الذي استضافته روسيا وأعربت عن املها في أن يكون بمثابة منبر للسلام في سوريا التي أنهكتها الحرب، كما دعت بشار الأسد إلى اتخاذ إجراء دولي ضد الغزو التركي.
========================
معهد واشنطن :كتاب "خسارة عدو" لا يكشف الصورة الكاملة لـ «خطة العمل الشاملة المشتركة»
مايكل سينغ
متاح أيضاً في English
"منتدى دراسات الأمن الدولي"
2 كانون الثاني/يناير 2018
"المقال التالي نُشر في الأصل كجزء من نقاش حول مائدة مستديرة أقامه "منتدى دراسات الأمن الدولي" حول الكتاب الجديد لـ تريتا بارسي بعنوان، "خسارة عدو: أوباما، وإيران، وانتصار الدبلوماسية". بإمكانك قراءة المساهمات الأخرى ورد بارسي عليها من على موقع "منتدى دراسات الأمن الدولي".
لم يحظَ الكثير من قضايا السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة بالاهتمام السياسي والشعبي والإعلامي الذي حظي به برنامج إيران النووي. فقد هيمنت «خطة العمل الشاملة المشتركة» التي كانت مطروحة للنقاش في صيف عام 2015 على العناوين الرئيسية [للأخبار والصحف]. وبعد مرور عامين، وفي خضم مشاكل السياسة الخارجية التي تشهدها بلدان أخرى، لا تزال كلمات الرئيس دونالد ج. ترامب بشأن هذا الاتفاق تجذب اهتمام [العالم].
ولكن التركيز على «خطة العمل الشاملة المشتركة» يخفي التفاعل الحقيقي الذي أدى إليها. وتميل الاتفاقات الدولية إلى عكس الواقع بدلاً من إعادة صياغته. فبحلول عام 2015، سعت إدارة أوباما إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي، ولكنها كانت قلقة بالقدر نفسه من اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران. وعلى الرغم من أن "الخيار العسكري" المتبجح يُعتبر عادة مصدراً للنفوذ الأمريكي، إلّا أنّه لم يكن في الواقع لصالح الولايات المتحدة.
ومن جهّتها، يبدو أن إيران ليست على عجلة لامتلاك سلاح نووي. وفي الواقع أنه حتى مع توسّع بنيتها التحتية النووية وتضاؤل "زمن الاختراق"، لا تزال العقبات التي تعترض سبيل التسلح النووي محفوفة بالمخاطر، لا سيما من احتمال وقوع هجوم عسكري مدمّر. وبدلاً من ذلك، لربما كانت إيران تهدف إلى الحفاظ على خيار إنتاج الأسلحة النووية في المستقبل- مع المحافظة على تخصيبها للوقود النووي، والقيام بالبحوث والتطوير، وتعزيز قدرات الصواريخ - مع إزالة عبء العقوبات المفروضة.
من خلال قراءة «خطة العمل الشاملة المشتركة» في سياق تاريخ الأزمات الطويل حول برنامج إيران النووي، بدءاً من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، يمكن بسهولة الحصول على الانطباع  بأن الغلبة كانت لإيران. إذ لم يتم بعد البت في المرافق النووية التي كانت سرية في السابق. وقد تم التخلي إلى حد كبير عن الجهود الرامية إلى وقف تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية أو إلى تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية. كما أن «خطة العمل الشاملة المشتركة» تشبه إلى حد بعيد المقترحات التي قدّمتها إيران نفسها منذ عام 2005، أي قبل أن تبدأ الدورة التصاعدية للعقوبات والتوسع النووي.
لكن الرئيس باراك أوباما و«مجموعة الخمسة زائد واحد» - أي المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين - نالوا ما سعوا إليه أيضاً، حتى لو لم يرد ذلك في نص الاتفاق. فقد حصلوا على فرصة إرجاء المزيد من الحروب المحتملة في الشرق الأوسط التي أنهكت الولايات المتحدة وأوروبا على وجه الخصوص. وما إذا كان أوباما محقاً في التركيز على هذا الهدف، أو ما إذا كان قد قدّم الكثير من أجله، كان وسيبقى موضع خلاف. ولكن ما يبدو جليّاً هو الاتجاه المماثل الذي ينتهجه الرئيس ترامب على ما يبدو في تقليص الالتزامات العسكرية الأمريكية بدلاً من زيادتها على الرغم من كلامه القوي.
وفي كتاب "خسارة عدو"، يربط المؤلف تريتا بارسي الأحداث التي أدت إلى إبرام الاتفاق النووي. بيد، أن الكتاب ليس حقاً سرداً تاريخياً أو تحليلاً، بل هو محاولة للإقناع. فبارسي يود إقناع القارئ أولاً وقبل كل شيء بالجوانب الموضوعية لـ «خطة العمل الشاملة المشتركة»؛ وثانياً، بعدم جدوى العقوبات المفروضة على إيران على وجه التحديد وفشلها كأداة للسياسة الخارجية عموماً.
ولا يكتب بارسي كمراقب يتتبع الأمور بسلبية، إنما كمشارك في الأحداث التي يصفها، وكشخص يبدي وجهة نظر واضحة. وفي هذا الإطار، كان بارسي داعماً بارزاً للدبلوماسية الأمريكية مع إيران، ولـ «خطة العمل الشاملة المشتركة». ويُحسب له أنه يدلي بذلك بوضوح، في إحدى أكثر مساهمات الكتاب فائدة للسجل التاريخي، ويلقي الضوء على التشكيل وأساليب عمل تحالف المنظمات والأفراد المشاركين في تلك الدعوة، التي سجلت انتصاراً لافتاً في صيف عام 2015 برعاية الاتفاق النووي من خلال استعراض الكونغرس. (وبروح الإفصاح الكامل، كنتً أيضاً مشاركاً في الأحداث التي يغطيها الكتاب، حيث عملتُ على [المواضيع المتعلقة] بسياسة إيران خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وكمعلق علني ينتقد «خطة العمل الشاملة المشتركة» خلال إدارة أوباما).
ويصف الكتاب بالتفصيل المحادثات الدبلوماسية المحمومة بين عامي 2012 و 2015 التي أسفرت على التوقيع على الاتفاق النووي. ومن الواضح أن بارسي كان يتمتع بإمكانية ممتازة للوصول إلى الفرق الأمريكية والإيرانية. لذلك، استخدم تلك الإمكانية لبناء سرد ممتع يصف فيه المرحلة النهائية للمحادثات الدبلوماسية التي سيجدها كل من مؤيدي «خطة العمل الشاملة المشتركة» ومنتقديها كمنيرة. فهو يقدم تفاصيل من شأنها أن تهم أولئك الذين يتابعون إيران، أو عدم الانتشار النووي، أو المفاوضات الدولية. وفي هذا الصدد، راجعوا مناقشته حول الطريقة التي قام بها النهج الإيراني بمباغتة الفريق الأمريكي في التفاوض بشأن تخفيف العقوبات ووضعه في موقف حرج (ص 299). وإلى أن ينشر المشاركون في المحادثات تقاريرهم هم نفسهم عن تخفيف العقوبات، سيبقى بارسي المرجع الأكثر اكتمالاً لهذه المرحلة من الدبلوماسية.
غير أن كتاب "خسارة عدو"، في دعمه لوجهة نظره، وقع في نفس الأخطاء الشائعة التي تحصل في مواضيع الجدل. ففي دعم حججه، غالباً ما غفل بارسي عن ذكر السياقات، وحذف فصولاً معقدة من التاريخ. فقد أعطى بارسي لمحة قصيرة للمحادثات الدبلوماسية النووية التي سبقت [فترة] الرئيس أوباما، فضلاً للتاريخ الطويل من الانخراط بين الولايات المتحدة وإيران، الأمر الذي يجعل سياسة أوباما تبدو وكأنها أكثر فعالية من سابقتها مما كان عليه الحال في الواقع. ويقدم الكتاب أيضاً تفاصيل قليلة حول سياسة إيران الخارجية غير النووية. فهذا السياق المفقود مهم جداً لفهم مخاوف خصوم إيران من نشاطها النووي، الذي يصرف عنه بارسي النظر ولا يعتبره "مثيراً للقلق" (25). وعوضاً عن ذلك، يكشف بارسي أنه بحلول عام 2015 أصبحت السياسة الإيرانية "أكثر اعتدالاً بدرجة ملحوظة" (322) على الرغم من أنّ إيران كانت توسّع مشاركتها آنذاك في الصراعات في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان، ولم يتناول الكتاب أي منها بشكل هادف.
وفي قضايا أخرى، يبدو أن الوقائع التي يقدمها بارسي تتناقض مع قضيته بدلاً من أن تدعمها. وفي هذا الإطار، يوضح بارسي أنّ إيران "كانت مستعدة للموافقة على اتفاق إسرائيلي فلسطيني" في عام 1993 بدلاً من وصفها لرئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" بـ "الخائن للشعب الفلسطيني" وزيادة تمويل الرفضيين الفلسطينيين - "إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد لقبول دور إيراني رائد في المنطقة" (وهي عبارة لم يتم توضيحها، 30). وبينما يعرض بارسي هذه المسألة كمثال على التهميش غير المبرر الذي تعرّضت له إيران من قبل الولايات المتحدة، فمن المرجح أن يراها صانعو السياسة في واشنطن بمثابة دليلٍ على رغبة إيران في زعزعة استقرار المنطقة ولعب دور هدام من أجل "تعظيم الذات".
وعلى نحو مماثل، يؤكّد بارسي أن خطاب بوش المعروف بـ"محور الشر" في كانون الثاني/ يناير 2002 أنهى أي فرصة للحوار بين الولايات المتحدة وإيران. ولكن، بعد بضع صفحات، يشير بارسي إلى أنه في أواخر ربيع 2002، أعيد فتح قناة أمريكية - إيرانية، مما أدى إلى قيام إيران بدور مساعد في العراق (47). هنا، لا يمكن للقارئ سوى أن يخلص إلى أنه كانت هناك مبالغة إمّا بالفائدة الكبيرة لإيران في العراق، وإمّا بتأثير عبارة "محور الشر". كما وأنه ليس من السهل التوافق مع اقتراح بارسي بأنه تمّ الضغط على أوباما لدعم العقوبات من خلال الإدعاء الذي ينقله بأنّ العقوبات كانت تشكّل "مسألة ملحّة" في الاجتماعات الثنائية للرئيس الأمريكي في عام 2011 (120). ويترك هذا التراصف الانطباع عند القارئ إمّا أن أوباما كان طيعاً ويسهل التحكم به إلى درجة كبيرة، وإما الاحتمال الأكثر ترجيحاً بأنه شعر بصدق بأنّ العقوبات هي عنصر هام في سياسته.
وأخيراً، يتّخذ بارسي وجهة نظر بيضاء وسوداء حيال المشاركين في الأحداث التي يصفها في كتابه. ففي سرده هذا، هناك الأخيار والأشرار. فالأخيار، وإن كانوا غير معصومين عن الخطأ، يميلون إلى الوعي والصدق. ففي التسعينات، على سبيل المثال، يشير بارسي إلى أن إيران كانت تدعم الجماعات الإرهابية لأن واشنطن رفضت "منح إيران دورها المشروع في المنطقة" وبالتالي لم تترك لطهران "خياراً آخر" (21).
وحتّى حين يخطئ الأخيار يسارع بارسي لإعفائهم. فعلى سبيل المثال، أشار إلى أوباما بلطف حول فشله في دعم حقوق الإنسان في إيران خلال "الثورة الخضراء" عام 2009. ومع ذلك، يعطي أوباما ضمناً الفضل بإلهام تلك الانتفاضة، أولاً من خلال التكهن بأنه "لو كانت إدارة بوش لا تزال في السلطة واستمرت في حثّ المواجهة مع إيران، لما اعترض الموسوي على عملية التلاعب بالانتخابات ودعا إلى احتجاجات في الشوارع" (85-86). وهذا يحوّل، بشكل غير مقنع، الشؤون الإيرانية المحلية إلى مهمة من مهام السياسة الأمريكية.
أمّا الأشرار، المتمثلون [وفقاً للكاتب] بالجمهوريين، وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وفرنسا، فيصورهم على أنهم متهكّمون بلا هوادة، من دون التطرق بصراحة إلى وجهة نظرهم. فعلى سبيل المثال، اتهم اسرائيل باختلاق التهديد الإيراني في مطلع التسعينيات من القرن الماضي لإبعاد الانتقادات الداخلية لمبادرات السلام التي عُرضت إلى "منظمة التحرير الفلسطينية". ولكن، لم يولى سوى اهتمام ضئيل للسياسات الإيرانية التي ربما كانت قد سببت قلقاً لإسرائيل. ويتلقى منتقدو «خطة العمل الشاملة المشتركة» حصتهم أيضاً من ازدراء بارسي. ويقول لهم: "إنّ تفاصيل الاتفاق النووي [كانت] خارجة عن السياق كلياً" (317) لأنهم في الواقع قد عملوا بدافع الخوف من "خسارة عدو" (374) أو "إعادة التأهيل السياسي لإيران" (322).
فالأشرار ليسوا على خطأ فحسب، بل هم بغيضون أيضاً. (فعلى سبيل المثال)، يصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بالمزمجر" (248) و "بالغاضب والمرير" (225). وينعت الوزير الإسرائيلي موشيه يعلون "بالهستيري" (321). ويصف أيضاً موظفي "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" بـ "المعتوهين" (340) ويتهم بالخط العريض بأنّ "نوبات غضب" تنتاب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس (235). أما بالنسبة إلى ناقدي «خطة العمل الشاملة المشتركة»، فهم "المجموعة نفسها من المشتبه بهم المعتادين" (351) الذين يقدمون "حججاً من الدرجة الثانية" (346).
ومع ذلك، على القارئ أن يثق بكلام بارسي لأنه، وبالرغم من عدد الصفحات التي كرّسها بارسي للذين ينتقدهم، وبالرغم من قائمة المقابلات المثيرة للإعجاب مع مؤيدي الاتفاق النووي، لم يأت على ذكر إسم أي منهم. ويتماشى ذلك مع عدم إتخاذه مخاوف خصوم إيران على محمل الجد، وهو ما قد يخدم الجهد المبذول في نهج الإقناع ولكنه يحدّ ايضاً من مدى اعتماد الكتاب على الأسلوب التحليلي. وقد أدّى السماح بإمكانية بلوغ هذه الأطراف مخاوفها إلى إجراء دراسة أعمق لسياسات إيران، التي يتمتع فيها بارسي بوضع جيد يؤهله للمشاركة.
وفي الواقع، إنّ الطرق المختصرة في السعي إلى الإقناع ليست الجانب الأكثر تخييباً للآمال في كتاب "خسارة عدو"، إنّما الفرص التي يضيّعها للتحقيق بشكل أعمق حول تفاعلات إيران الداخلية. ويشير بارسي إلى أنه خلال المفاوضات تخلت إيران في النهاية عن إصرارها الذي طال أمده على الاعتراف بـ "حقها" في تخصيب اليورانيوم، لكنه لا يفسر سبب حدوث هذا التحوّل (239). كما يصف كيف أصرّت إيران، في مناسبتين على الأقل، على أنه يتعيّن على أي اتفاق أن يشمل أيضاً قضايا إقليمية (146-147)، إلّا أنه يشير في وقت لاحق إلى أنّ المرشد الأعلى الإيراني آية الله سيد علي خامنئي طالب بمحادثات تتناول القضية النووية فقط (168). ومرة أخرى، لا يوجد أي تفسير لهذه التحوّلات. وفي هذه الحالة، يعتبر الإغفال أمر مؤسف بشكل خاص، حيث أن الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة انتقدوا بشكل رئيسي تجاهل «خطة العمل الشاملة المشتركة» للقضايا الإقليمية، وكان رد إدارة أوباما المتكرر هو أن القضايا الإقليمية لم تكن أبداً جزءاً من المفاوضات. وقد بيّن سرد بارسي للأحداث وكأن إيران كانت مستعدة لمناقشة تلك القضايا، على الأقل لفترة من الزمن.
ووفقاً للكتاب، أعرب مسؤول إيراني آخر عن أسفه لتراجع "القوة الناعمة" لدى إيران في الشرق الأوسط (136). وفي مكان آخر من الكتاب، يكتشف القارئ أنه بعد عام 2009، كان خامنئي يعتمد بشكل متزايد على الدوائر الانتخابية المتشددة لتوسيع سلطته (186). وفي كل حالة، سيكون إجراء دراسة إضافية لكيفية وصول إيران إلى قراراتها، وكيفية تاثير العوامل الإقليمية والمحلية على سياستها النووية، موضع ترحيب من شأنه أن يعزز فهم القراء وصانعي السياسات لإيران.
ولم ينجح بارسي بشكل كامل في دعم حجّته ضدّ العقوبات. فقد شرح بشكل مقنع كيف أنّ التنازلات الرئيسية التي قدمتها إدارة أوباما كانت مفيدة في التوصل إلى اتفاق - وفي مقدمتها تراجع الولايات المتحدة بشأن تخصيب اليورانيوم، مشدّداً على كلمة "تنازلات" (174). ولكنّ جهوده لبرهنة عدم ارتباط العقوبات بالنتيجة تعتمد حصراً تقريباً على شهادة المسؤولين الإيرانيين الذين يهتمّون بشكل واضح بتعزيز هذا الرأي.
وقد فشل بارسي في دعم حجته من خلال الإشارة إلى التأثير الفعلي للعقوبات على الاقتصاد الإيراني، أو الانخراط مع حجج خبراء العقوبات (بمن فيهم المؤيدين والنقاد لـ «خطة العمل المشتركة الشاملة») الذين يستشهدون بالبيانات التجريبية لمناقشة فعالية العقوبات ضد إيران. ونتيجة لذلك، فهو لا يتناول بشكل كافٍ إمكانية أن تكون التنازلات والعقوبات الأمريكية هامة للنتيجة النهائية، مما يجعل القضية الأوسع نطاقاً ضد العقوبات أداة من أدوات السياسة الخارجية. وبالفعل، فإنّ سرد بارسي يدعم بشكل أكثر وضوحاً الفكرة القائلة بأنّ الدبلوماسية التي تدعمها العقوبات هي نهج فعّال بدلاً من أن يدحضها.
وفي نهاية المطاف، سيهلّل مناصرو «خطة العمل المشتركة الشاملة» لعمل بارسي، في حين سيعبّر المعارضون عن غضبهم. إنّه مناظر محترم، فكتابه يصف الجولة النهائية من المحادثات النووية بمزيد من التفاصيل وبأكثر كفاءة من غيره حتى الآن. ومع ذلك، يتمتّع بارسي بوجهة نظر واضحة، وكان من الممكن تعزيز جهوده المقنعة لو أنّه أخذ الآراء المعاكسة بجدّية. وكلما حاول الكاتب التعمّق بصورة أكثر- ليس لتفسير ما حدث فحسب، بل لتوضيح السبب أيضاً- فإنّه أخفق في ذلك. إنها قصة لم تُكتب بعد.
مايكل سينغ هو زميل أقدم في زمالة "لين- سويغ" والمدير الإداري في معهد واشنطن. وقد عمل على سياسة إيران في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي في الفترة بين 2005 و 2008.
========================
معهد واشنطن :«حزب الله» دمّر لبنان الذي عرفْتُه سابقاً
حنين غدار
متاح أيضاً في English
"وول ستريت جورنال"
2 كانون الثاني/يناير 2018
علِمتُ مؤخراً أن المحكمة العسكرية في لبنان حكمت عليّ غيابياً بالسجن لمدة ستة أشهر، حيث اتُهِمتُ بالتشهير بالجيش اللبناني بعد حديثي عن دور «حزب الله» في لبنان وسوريا. وحين اتصل بي محاميي الخاص ليبلّغني بالحكم، أدركتُ أن لبنان الذي عرفته سابقاً لم يعد موجوداً.
في عام 2014، ألقيتً كلمة في مؤتمر لـ"معهد واشنطن" عُقد في العاصمة الأمريكية. وخلال حلقة نقاش، أشرتُ إلى أن الجيش اللبناني يستهدف الجماعات السنية بينما يعطي الأفضلية للجماعات الشيعية مثل «حزب الله»، الأمر الذي حثّ وسائل الإعلام التابعة للحزب إلى شنّ حملة تهديدات ضدّي. وبما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك كان حاضراً في المؤتمر، اتهمني إعلام «حزب الله» بالخيانة بسبب حضوري كوني لبنانية من الطائفة الشيعية.
ومن الناحية النظرية، تضمن الجنسية اللبنانية لحاملها حقاً دستورياً في حرية التعبير. لكن لبنان اليوم لم يعد يتعلق بالدستور أو المواطنة، إذ أن نفوذ «حزب الله» أصبح أكثر أهمية. لقد حُكم عليّ بالسجن لمجرّد أنني صحافية لبنانية شيعية أنتقد «حزب الله».
وفي الوقت الذي ذاع فيه خبر العقاب الذي صدر بحقّي، استُدعي صحفيٌّ آخر إلى محكمة أخرى. فعدد الصحفيين اللبنانيين الذين يحاكَمون بسبب نشرهم مقالات أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي آخذٌ في الازدياد . والرسالة واضحة: لا يحق للمواطنين اللبنانيين التكلّم إلا إذا تقيدوا بإملاءات السلطات وخطاباتها.
وأصبحت السلطة تقع بشكل متزايد بأيدي «حزب الله» الذي تعترف به مؤسسات الدولة - تحت وطأة الضغط - بأنه شعار "المقاومة والجيش والشعب". ويدّعي التنظيم سلطته على الدولة ومواطنيها، وقد رضخت له الحكومات التي تعاقبت على البلاد. ويضطهد «حزب الله» كل من ينتقد هذا الترتيب، وخاصة إذا كانوا من الطائفة الشيعية. وكوني إمرأة يجعل الأمور أكثر تعقيداً.
إن المعارضة لإسرائيل هي العنصر المحرّك لسياسة «حزب الله» بكافة نواحيها. فإذا احتجّ المرء على أعمال الحزب في لبنان أو المنطقة، صُنِّف بالعميل لإسرائيل وبالخائن. وفي الواقع، يستخدم «حزب الله» "حربه الوجودية" ضد الدولة اليهودية كذريعةً لتضييق الخناق على الحريات الأساسية. ويقوم «حزب الله» بإرهاب المواطنين اللبنانيين كل يوم باسم فلسطين. فقد عزل المجتمع الشيعي عن باقي الطوائف وشنّ الحروب في المنطقة نيابة عن إيران. وكل ذلك فيما يستحوذ على مؤسسات الدولة اللبنانية.
لقد كان لبنان سابقاً دولةً حرةً فريدة في منطقةٍ مليئة بالدكتاتوريات والمستبدّين. واليوم تقوم مؤسسات الدولة باستئصال تلك الحريات. فاللاجئون يعانون [من تردي أحوالهم]، والاقتصاد ينهار، واللبنانيون يتهافتون إلى أبواب السفارات في بيروت طلباً للهجرة. كما أن القمامة تملأ الشوارع والتلوث وصل مستويات خطيرة. وكل هذا يحدث باسم فلسطين.
وإذا اختار المرء ألا يضحي بنفسه من أجل "المقاومة"، يدخل السجن. وبالنسبة إلى المحكمة العسكرية في لبنان، فإن الصحفي الذي يعبّر عن رأيه بالنقد يعرّض البلاد لخطرٍ أكبر من سلسلة الجرائم التي يرتكبها «حزب الله» داخل البلاد وخارجها.
اعتاد الشعب اللبناني أن يقول إن «حزب الله» دولة قائمة ضمن الدولة اللبنانية. لكن اليوم يبدو أن لبنان هو دولة صغيرة قائمة ضمن دولة «حزب الله». لحسن الحظ أنني لن أدخل السجن بفضل الأمان الذي توفره لي زمالتي في واشنطن. ولكن ثمة أمر لا يشعر به إلا الذين يعيشون على أرض لبنان ألا وهو: أن البلاد أصبحت حالياً سجن واحد كبير.
حنين غدار هي صحفية وباحثة لبنانية مخضرمة، وزميلة زائرة في زمالة "فريدمان" الافتتاحية في معهد واشنطن.
========================
بلومبرغ :جايمس ستافريديس:الإنقاذ العلاقات الأميركية- التركية... والناتو
ذاع صيت جمال عفرين في شمال غرب سورية، فهي مليئة بشجر الزيتون. ولكنها اليوم في قلب سياسات شد الحبال بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط. فالأكراد، اليوم، يتعرضون لهجوم القوات العسكرية التركية. ولا شك في أن عملية «غصن الزيتون»، على ما سمتها تركيا، تظهر مخاوف الأتراك المشروعة حول أمن حدودهم. وترى أنقرة أن وحدات حماية الشعب متحالفة مع «حزب العمال الكردستاني» الإرهابي. وعلى رغم أن واشنطن تستسيغ ألا يشن الحلفاء الأتراك حرباً على حلفائها الأكراد، تسعى أنقرة- ولم تندمل فيها جراح الهجمات الدموية «الكردستانية بَعد»- الى إنشاء منطقة عازلة على الجانب السوري من الحدود للحؤول دون تسلل إرهابيين أكراد الى أراضيها.
والحكومة السورية، على رأسها مجرم حرب، دانت الهجوم التركي. والروس، وهم يحركون مقاليد الأمور في سورية، الى حد بعيد، يقفون موقف المتفرج السعيد أمام شن حليف «الأطلسي» وأميركا عملية متعددة الهدف. وواشنطن تسعى الى الموازنة بين المقاتلين الأكراد الشركاء في قتال «داعش»، وبين إنقاذ العلاقات مع تركيا. ولكن هامش المناورة يضيق، وهي أمام مفترق طرق، والأوان ينفد. فماذا في وسع أميركا؟
1) على المستوى التكتيكي، حريّ بالأميركيين ألا ينشغلوا عن الغاية الأساسية، أي إنزال الهزيمة بـ «داعش» وتقويض سيطرة الأسد على سورية. وعلى رغم أننا نجحنا في استعادة الشطر الغالب من أراضي «داعش» في شرق سورية وغرب العراق، المعركة لم تنتهِ بعد. ولم تنتفِ الحاجة الى القوات الكردية شرق نهر الفرات، ونحتاج الى ضمان استقرار شمال العراق، الجيب الكردي الفيديرالي. لذا، تقتضي الأمور إقناع الأتراك بالتزام عمليات دقيقة وقصيرة في عفرين وتجنب سقوط ضحايا مدنيين. وانزلاق الأمور أكثر الى التصعيد يصبّ في مصلحة الأسد، ويقوض حماسة الأكراد في قتال «داعش» مع الأميركيين. وعلينا طمأنة الحلفاء الأكراد شرق عفرين في سورية وفي العراق من طريق دعم أميركي طويل الأمد.
وعلى البيت الأبيض الإقرار علناً بمشاغل تركيا الأمنية، وتعيين، على وجه السرعة، مبعوث أميركي ملم بشؤون المنطقة الى أنقرة (واقترح اسم السفير السابق الأميركي في مصر، فرانك ريكياردوني، وهو اليوم رئيس الجامعة الأميركية في القاهرة). وحريّ بكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، من أمثال وزير الدفاع جيمس ماتيس، التوجه الى أنقرة وإجراء مشاورات معها. وعلى البنتاغون السعي مع القوات التركية الى تنسيق العمليات العسكرية لتجنب الحوادث.
2) وأبرز الأهداف الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، فيما خلا دعم إسرائيل، هو صون العلاقات مع تركيا. فأكبر المستفيدين من مواجهة أميركي – تركيا هو فلاديمير بوتين الذي ينتظر بفارغ الصبر انفجار العلاقات بينهما وتقويض أثره (الانفجار) الناتو. وعلى رغم التوتر في الشراكة التركية– الأميركية (إقامة فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب على أردوغان في 2016 في أميركا)، وعلى رغم قلق واشنطن ودول الناتو من انتهاك الحكومة التركية حقوق الإنسان وتقويض القضاء والإعلام، ليس في مقدور واشنطن التفريط بتركيا وخسارتها. والمصلحة الاستراتيجية الأميركية تقضي في بقاء تركيا في حلف شمال الأطلسي. والسماح بابتعاد تركيا من فلك «الأطلسي» والتحالف مع روسيا وإيران في الشرق هو خطأ استراتيجي كبير.
* أميرال أميركي، عميد كلية القانون والديبلوماسية في جامعة فلتشر، عن موقع «بلومبرغ» الأميركي، 24/1/2018، إعداد منال نحاس
========================
ذي أونز ريفيو :مَن الذي هزم "داعش" حقاً؟
ديفيد وليام بيير* - (ذي أونز ريفيو) 31/12/2017
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
قبل الإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نسأل: ما هو "داعش"؟ هل يستطيع الجمهور التغلب على فقدان الذاكرة المزمن لديه ويعود بعقله وراء ليتذكر الظهور المفاجئ لـ"داعش" وأعضائه الذين يرتدون أزياء رسمية سوداء بماركة جديدة وينتعلون أحذية "نايك" بيضاء ويقودون شاحنات تويوتا؟ لقد بدوا وأنهم يأتون من المجهول في العام 2014. وبدا "داعش" وكأنه سراب عندما ظهر، أو بدا أكثر تقمصاً وشبهاً بمشهد مسرحي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (السي أي أيه) من هوليوود.
ما إن ظهر "داعش" حتى أعمل سيفه في مسلسل قطع الرؤوس، وهو ما أثار اشمئزاز الشعب الأميركي وأرعبه. وقد قرع المسؤولون في واشنطن، ومن بينهم وزير الخارجية، جون كيري، جرس الإنذار من أن هذا القطيع من المجانين الإسلامويين يريدون غزو الولايات المتحدة و"قتلنا جميعاً". وقد ابتلع إعلام الاتجاه السائد المطواع نسخة واشنطن وتقيأها ليرعب الجمهور الأميركي. وأعطى الجمهور موافقته الصامتة على المزيد من الحرب التي تستهدف بشار الأسد في واقع الأمر.
السؤال التالي هو، من الذي صنع "داعش"؟ وفق أخبار هيئة الإذاعة البريطانية (البي. بي. سي.)، فإنه يمكن تعقب جذور التنظيم "إلى الراحل أبو مصعب الزرقاوي، الأردني. في العام 2004. فبعد عام من عملية غزو العراق بقيادة أميركية، أعلن الزرقاوي ولاءه لأسامة بن لادن وشكَّل تنظيم القاعدة في العراق". وهكذا، لم يكن تنظيم القاعدة في العراق موجوداً إلا بعد الغزو الأميركي الذي قامت به إدارة بوش-تشيني.
وكان الغزو الأميركي للعراق مستنداً إلى أكاذيب صرفة وافتراءات محضة عن دعم صدام حسين لتنظيم القاعدة، والزعم بأنه كان متورطاً في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة، وبأنه كان يمتلك أسلحة للدمار الشامل. وكان نشوء تنظيم القاعدة في العراق ضربة ارتدادية يمكن توقعها، ومقاومة للغزو الأميركي غير المشروع للعراق. وكانت لدى بوش، الذي اعترف بأنه يختلق واقعه الخاص، هلوسات عن شعب عراقي مليء بالامتنان، والذي تم قصفه تواً لإعادته إلى العصر الحجري بعملية الصدمة والرعب، والذي يرمي القبلات وينثر الورود على القوات الأميركية الاستكشافية باعتبار أنها قوات تحرير.
ثم جاءت زيادة عديد القوات الأميركية في العام 2007، عندما تحالفت الولايات المتحدة مع العراقيين السُنة من أجل هزيمة بقايا حزب البعث العراقي الذي كان حزباً قومياً عربياً -لا سُنياً ولا شيعياً. وتعود الرعاية القاتمة للإسلام المتطرف والاصطفاف معه وراء إلى "اللعبة الكبيرة" البريطانية في أوائل القرن العشرين. وكانت تقوم على التعامل المزدوج مع كل من السنة والشيعة لاستئصال الإمبراطورية العثمانية، ولتأليب السنة على الشيعة لتقسيم واحتلال جنوب غرب آسيا. إنها قصة لورنس العرب وونستون تشرشل والحرب العالمية الأولى.
يستطيع المرء بعدئذٍ التقاط قصة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الولايات المتحدة تعارض القومية العربية المعادية للاستعمار والشيوعية خلال حقبة الحرب الباردة. وكان استراتيجي "رقعة الشطرنج الكبيرة"، زبغنيو بريجنسكي، هو الذي أقنع جيمي كارتر في ثمانينيات القرن العشرين بدعم المرتزقة من المجاهدين الإسلاميين المتطرفين وتدمير أفغانستان من أجل الاتحاد السوفياتي إلى مصيدة على غرار فيتنام. وكان بريجنسكي فخوراً جداً بنجاحه إلى أنه تساءل في وقت لاحق بطريقته الشائنة: أيهما أهم "بعض المسلمين المستثارين" أم كسب الحرب الباردة.
لو كان بريجنسكي ذكياً جداً، لكان قد تعلم من غيرترود بيل، الجاسوسة البريطانية البارعة في جنوب شرق آسيا في أوائل القرن العشرين. وكما قالت في وقت لاحق، فقد أفضى تشجيع ورعاية الإمبراطورية البريطانية للإسلام المتطرف إلى نتائج عكسية سيئة وفشل ذريع. لكن الولايات المتحدة لا تعرف التاريخ، حتى تاريخها الخاص من التخبط المتكرر المتمثل في تشجيع ورعاية الإسلام المتطرف ضد القومية العربية المعادية للكولنيالية.
وهكذا، وبدلاً عن ذلك، جندت الولايات المتحدة أكثر النظم اليمينية تطرفاً في تاريخ العالم، لتمويل السنة ضد القومية العربية. وقد مول هؤلاء بسعادة المشاريع الأميركية لتغيير النظام ضد الدول العربية العلمانية. ومضت الولايات المتحدة المكتنزة بالمال من العرب المتطرفين قدماً في تشجيع وتدريب المرتزقة ودفع رواتبهم للإطاحة بالنظام في سورية. ولم يكن النظام هناك يشارك الدور الأميركي بوصفها الزعيم العالمية للعولمة الرأسمالية. وقد استخدم ثروة البلد بما يعود بالنفع على مواطنيه، تماماً مثل صدام حسين ومعمر القذافي. وهتف أوباما وكلينتون وكيري والعرب اليمينيون بضرورة إسقاط النظام. ولم تعبأ الولايات المتحدة بعدد السوريين أو الليبيين أو العراقيين الذين قتلوا. وكما كانت (وزيرة الخارجية الأميركية السابقة) مادلين أولبرايت قد قالت في وقت سابق: "الأمر يستحق 500.000 طفل عراقي قتيل".
كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة هم الذين صنعوا "داعش". وتم تجنيد مرتزقة من جميع أنحاء العالم الإسلامي، بل ودعمهم بالقوة الجوية الأميركية. ومنح إعلام الاتجاه السائد الولايات المتحدة قصة الغلاف، باعتبار أنها تدعم "إسلاميين معتدلين تم تدقيق ملفاتهم (ديمقراطيين جيفرسونيين فعلياً). وكان الإعلام السائد متواطئاً جنائياً في نشر دعاية الحرب، وكانت صحيفة الغارديان البريطانية واحدة من المشاكسين، مع استثناءات قليلة نادرة مثل تغطية "تريفور تيم".
والآن، مع قدوم السنة الجديدة، 2018، نستطيع توقع أن تمتدح الولايات المتحدة نفسها وترتب على أكتافها اعتداداً بهزيمة "داعش" في السنة الماضية، 2017. لكن القصة الحقيقية هي أن الأسد وروسيا وحزب الله وإيران هم الذين ألحقوا الهزيمة بمجموعة "داعش" (حتى الآن). وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من فقدان الذاكرة، فإنهم قد يتذكرون عندما أفرجت روسيا عن أشرطة فيديو عن قوافل لا نهاية لها من شاحنات نفط "داعش" الذي يباع في السوق السوداء وهي تتجه نحو تركيا. وكان "داعش" يمول نفسه، جزئياً، من خلال النفط المسروق، بينما يثري مسوقو السوق السوداء لرجب طيب أردوغان.
لم تستطع الولايات المتحدة، بكل ما تتوافر علية من تكنولوجيا وآلاف مهمات القصف في سورية، أن تشاهد أبداً، ويا للعجب، كل تلك الشاحنات. كما أنهم لم يجدوا مقاتلي "داعش"، ولذلك قصفوا بدلهم عنهم الجيش السوري. لقد شاهدت الولايات المتحدة ما أرادت مشاهدته وما أرادت أن تقصفه فقط. ولم يكن "داعش". وهناك أشرطة الفيديو التي تُظهر قيام الطائرات الحربية الروسية وهي تدمر شاحنات نفط "داعش".
تعترف بعض وسائل إعلام الاتجاه السائد على مضض بأن لروسيا يداً في تقهقر "داعش". وحتى مع ذلك، يقلل إعلام الاتجاه السائد من قدر الإسهام الروسي ويصوره على أنه ثانوي وليس رئيسياً. وبدلاً من ذلك، يسند إعلام الاتجاه السائد الفضل لـ"الولايات المتحدة والدول الـ67 الأخرى من حول العالم". كانت الولايات المتحدة، كما يقول هذا الإعلام، هي التي "دربت ودعمت ووفرت الدعم الجوي" لأولئك الأولاد من الثوار السوريين الخيّرين المحليين، المعتدلين والديمقراطيين الأسطوريين، وأن الولايات المتحدة كانت تدعم الذين هزموا "داعش". مدينة بعد مدينة، وقرية بعد قرية دمرها "داعش"، والقصف الأميركي وقوة أميركية غير مرئية من الثوار المعتدلين التي خلفت مئات الآلاف من الإصابات واللاجئين السوريين.
ووفقاً لإعلام الاتجاه السائد، تدخل الروس في وقت متأخر "لتوفير الدعم الجوي للحكومة السورية" ودعم نظام الرئيس بشار الأسد ضد الثوار الذين يهددون حكمه، وإنما استهدفوا أيضاً بعض أراضي داعش". ولم يذكر هذا الإعلام أن حكومة سورية شرعية هي التي "دعت" بشكل قانوني وشرعي روسيا للتدخل، بينما ترتكب الولايات المتحدة وائتلافها جريمة حرب عدوانية ضد بلد زميل عضو في الأمم المتحدة.
والآن، نسمع أن عاماً واحداً من حكم ترامب استطاع إنجاز ما عجزت ثمانية أعوام من حكم باراك عن إنجازه. ونحن بصدد الاستماع إلى المزيد عن كيفية "تحول ‘داعش’ من اجتذاب آلاف المقاتلين الأجانب لقضيته المعادية للغرب والتآمر لشن هجمات إرهابية كارثية في كل أنحاء العالم، إلى الاستسلام بصورة جماعية". وكانت حملة القصف تحت القيادة الأميركية والقوات المدعومة والمدربة أميركياً" هي التي ألحقت الهزيمة بـ"داعش"، كما يُفترَض.
نعم، بعد ستة أعوام وأكثر، استطاعت أكبر قوة عسكرية في العالم، والتي تتوافر على معظم الأسلحة المتطورة التي تم اختراعها حتى الآن، التي تصل ميزانيتها إلى تريليون دولار، أن تلحق الهزيمة بمقاتلين شبه عسكريين مرتزقة مجمعين من هنا وهناك، عددهم نحو 30.000.
يبدو أن كل القصة عن الحرب الأميركية على الإرهاب هي مجرد حكاية سخيفة وغير معقولة ولا تصدق، والتي كانت واشنطن ومن يكررون روايتها في إعلام الاتجاه السائد يغذون بها الشعب الأميركي منذ 11/9. شيء مقزز.
 
*محرر رفيع في موقع "أوب إد نيوز"، ومحرر مساهم رفيع في صحيفة "ذا غرينفيل بوست".
========================
الصحافة العبرية والتركية :
معاريف :الحـاجـة لانتصار في لبنـان
بقلم: ران ادليست
لا صلة للبيان الختامي لمحادثات بوتين - نتنياهو على مستوى التصريحات وما قيل في الغرفة المغلقة. ما سبق المحادثات ونقل الى بوتين بالايجاز كان تقدير معنى سلسلة التصريحات الاسرائيلية في الايام التي سبقت زيارة نتنياهو. معنى الخلاصة كان واحدا: نحن يجن جنوننا والسبيل الى منعنا هو الضغط على ايران لوقف تسليح حزب الله. هذا لن يحصل. يوم الجمعة قفز روني دانييل في القناة 2 وخرب فرحة سبت الاسرائيليين مع استعراض لمخزون الصواريخ والمقذوفات الصاروخية التي لدى حزب الله (اكثر من 100 الف). ولا سيما الصواريخ للاهداف الدقيقة. هذا لا يعني أن دانييل يعرف بان غدا ستكون حرب، ولكن من اطلعه على الامور يخاف. يخاف جدا. واذا كان ذاك يخاف – فيجب ان نخاف نحن ايضا.
يوم الاحد نشر الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، العميد رونين منليس، في موقع انترنت لبناني توجها مباشرا للشعب اللبناني «من فوق رؤوس» زعماء حزب الله والدولة. يعني، كوماندو اعلامي. هذا تقريبا كأن يتحدث الناطق بلسان «نحطم الصمت» الى المستوطنين من فوق رؤوس حاخاميهم. وحجة منليس هي ان ايران تجعل لبنان قاعدة شيعية وان الصواريخ الدقيقة تعظم قدرة حزب  الله – وهذا صحيح. كما شرح هناك بان الجيش الاسرائيلي لا يمكنه ان يجلس بصمت في وضع يتسلح فيه حزب الله – وهذا غير صحيح. فهذا هو الوضع منذ أربع سنوات.
جواب الحكومة (الجيش الاسرائيلي هو المقاول فقط) كان القصف بين الحين والاخر لمنشأة او قافلة في سورية. ومثلما كتب هنا عدة مرات، فان القصف لم يوقف عملية التسلح الاستراتيجي لحزب الله، سورية وايران. فالى جانب القصف عرض تهديد الصواريخ للاهداف الدقيقة كتهديد بنيوي هدام على نحو خاص وكتهديد شخصي على كل مواطن اسرائيلي – وهذا صحيح. ما ليس صحيحا كان عندما قال رئيس الوزراء ووزير الدفاع بتلك الكلمات تماما ان «لبنان يصبح موقع صواريخ واحد كبير». صاروخ في كل بيت بلسان منليس، والمعنى هو حرب شاملة.
مشكلة نتنياهو وليبرمان هي كيف يجندان الجمهور للحرب. والتكنيك هو تكرار عبارة التهديدات والتخويفات من أجل خلق وضع في الوعي الشخصي والجمعي يفزع الجمهور، ويعطي الحكومة الاسناد للخروج الى حرب وقائية تنقذه من مخاوفه. فما العمل إذن من اجل التغلب على عبارات التهديدات والتخويفات؟ بالاساس نفهم ما يحصل. نفهم بانه حتى لو تسلح حزب الله بمزيد من الصواريخ الدقيقة وحتى لو اتسع التهديد علينا، فلا يوجد أي خطر للحرب، إذ ليس لحزب الله دافع او نية للخروج الى حرب ضد من سيسحقهم في بضعة ايام من القتال.
حزب الله يتسلح لانه يشعر بانه مهدد، ولديه أسباب وجيهة حقا. لايران ايضا لا توجد نية للقتال ضدنا، لانها هي ايضا لن تكسب من جولة معارك نضرب نحن فيها فروعها – حزب الله والجيش السوري. اما مكتب نتنياهو فيطعمنا التقديرات بان لسورية مصلحة في منع التصعيد الذي يضر بقدرتها على تحقيق الانجازات التي اقتطفتها في الشرق الاوسط، وان روسيا لا تريد ايران في لبنان وسورية. اهدأوا. فبوتين لا يهمه حقا ان يقتل اليهود والعرب الواحد الآخر. من سينال الحظوة عن حرب واضح من سينتصر فيها هما نتنياهو وترامب. كلاهما خسرا في الرهان على سورية وكلاهما بحاجة الى النصر لاسباب شخصية تماما.
 
عن «معاريف»
========================
تقويم :هل يمكن لتركيا أن تتجاهل الإرهاب الذي يهدد أمنها وأمانها؟
أكرم كيزيلتاش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
تصدر أصوات جديدة من الفئة المعارضة لعملية غصن الزيتون التي تنفذها القوات المسلحة التركية في عفرين بهدف إنهاء سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية على المنطقة، إذ تحاول هذه الفئة أن تبدو وكأنها مؤيدة للسلام  وليست على علم بمجريات الأحداث في سوريا، وذلك على الرغم من أن المسألة تدور حول عملية عسكرية تهدف إلى القضاء على تنظيم إرهابي يسعى لاحتلال عفرين وإجبار سكانها من الأخوة العرب والتركمان والأكراد على مغادرة منازلهم لأنهم يعارضون السياسة التي يمارسها التنظيم في المنطقة.
فيما وصف رئيس الوزراء التركي "بن علي يلدرم" أوضاع عفرين التي يزعم البعض أنها دار الديمقراطية والحرية من خلال هذه العبارات: "قامت الميليشيات المسلحة بغصب المنازل والأموال، وجمع الجزية من سكان المنطقة، وإجبار الشباب والأطفال على الالتحاق بهم".
لكن المسألة لا تنتهي بهذه الأمور فقط، لو كان الأمر كذلك لما كان هناك ما يدعو لتدخل تركيا عسكرياً في المنطقة، إذ يمكن اعتبار أن هذه الأحداث هي مشاكل داخلية، لكننا نتحدث عن هجمات إرهابية صادرة عن هذا التنظيم تجاه الأراضي التركية، وذلك يعطي لأنقرة حق التدخل من أجل القضاء على مصدر التهديد.
وضّح يلدرم الظروف التي أدت إلى ضرورة التدخل العسكري من خلال تنفيذ عملية غصن الزيتون بهذه العبارات: "خلال السنوات السابقة تم توجيه 95 قذيفة من الأراضي السورية نحو تركيا، وأدى ذلك إلى مقتل 25 شخصاً من بينهم 13 لاجئ سوري، وإصابة 106 أشخاص من بينهم 29 لاجئ سوري أيضاً، هل يمكن أن نغض النظر عن هذه الأحداث ونتجاهل الأضرار المادية ومقتل الناس وقلق سكان المناطق الحدودية بسبب الهجمات الصادرة عن الأراضي السورية؟".
حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية هي منظمات إرهابية متمركزة في ما يقارب 65 بالمئة من الحدود التركية-السورية، وعلى الرغم من أن أمريكا أعطت لتركيا الحق في التدخل العسكري في سوريا إلا أنه من الطبيعي أن تشعر واشنطن بالقلق تجاه عملية عفرين العسكرية، لأنها دعمت هذه المنظمات بآلاف الشاحنات التي تحمل المعدات والأسلحة الثقيلة وبالتالي لن تتخلى عنها بسهولة.
عند النظر إلى ما يحدث في عفرين نلاحظ أن الظروف الموجودة تدعوا كل من لديه دوافع إنسانية إلى الاعتراض على الظلم المنتشر في المنطقة، ومن جهة أخرى لكي يستطيع أي شخص أن يتحدث عن الدبلوماسية والحوار ويعارض التدخل العسكري ضد تنظيم إرهابي يزعم أنه يقوم بتطهير منطقة بأساليبه الخاصة "القتل والنهب والترحيل" من أجل تسليمها للجهة المديرة له يجب أن يعتقد أنه الأذكى  وأن البقية أغبياء، وخصوصاً حين يكون هذا التنظيم ينفذ هجمات إرهابية تؤدي إلى أضرار مادية إلى جانب مقتل وإصابة العديد من الأشخاص في الأراضي التركية.
كما أضاف يلدرم في بيان آخر: "إن الحدود الجنوبية لتركيا مجاورة لإحدى دول حلف الشمال الأطلسي -الناتو- وأنا لا أدرك كيف يمكن لدولة تنتمي لحلف الناتو -أمريكا- أن تنظر إلى دولة أخرى تنتمي لحلف الناتو أيضاً -تركيا- على أنها مصدر الخطر، وفي هذا السياق تقوم بتشكيل جيش ضد هذه الدولة، أعتقد أن هذه التصرفات ليست عبارة إلا عن محاولة تأسيس دولة إرهابية على امتداد البحر الأبيض المتوسط، وبالتأكيد الحكومة التركية لن تسمح بذلك مهما كانت هوية الجهة الفاعلة، ولا شك في أن المسؤولين الأتراك سيواصلون تأدية مهامهم تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان من أجل الحفاظ على أمان الدولة التركية وسلامة مواطنيها ومستقبل الدول المجاورة لها".
========================
الصحافة الروسية :
صحيفة روسية: موسكو ترعى مفاوضات لوضع عفرين تحت سيطرة الحكومة السورية
رووداو – أربيل
أفادت صحيفة إزفيستيا" الروسية، بأن الحكومة السورية قد تعود إلى منطقة عفرين بوساطة روسية، مشيرة إلى أن "المفاوضات جارية حيال ذلك".
وقال المحلل السياسي، أندريه أونتيكوف في تقرير موسع، نشرته صحيفة إزفيستيا" الروسية، إن الكورد يميلون إلى وضع عفرين تحت سيطرة قوات الحكومة السورية. وقد أبلغ مصدران في الدوائر الكوردية الصحيفة بذلك. كما أكد مصدر دبلوماسي روسي هذه المعلومات".
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الدوائر الدبلوماسية الروسية قوله إن "الاتفاق النهائي لم يتم التوصل إليه بعد، إلا أن الحوار بشأن هذه المسألة لا يزال مستمراً. وأشار إلى أن موسكو تعمل كوسيط في هذه العملية، في محاولة لإقناع الكورد بضرورة تسليم عفرين للسلطة السورية".
ويشير أونتيكوف في تقريره إلى "تجربة نشر الجيش الحكومي السوري في المناطق الكوردية بدعم من موسكو بنجاح، خلال العملية التركية السابقة (درع الفرات) في شمال سوريا (أغسطس2016  إلى مارس 2017)، حيث سلم الكورد الأراضي، غربي مدينة منبج، للقوات الحكومية السورية. وقد سمح ذلك بإنشاء ما يشبه المنطقة العازلة وأدى، خلال أقل من شهر، إلى إعلان أنقرة عن إتمام العملية بنجاح ووقف الأعمال القتالية".
وينهي المحلل السياسي تقريره بالقول: "الأوضاع في عفرين يمكن أن تتطور بطريقة مشابهة".
ولليوم الحادي عشر على التوالي، تستمر عملية "غصن الزيتون"، التي أطلقها الجيش التركي مع مسلحي "الجيش السوري الحر" التي انطلقت  في 20 كانون الثاني الجاري، مستهدفةً منطقة عفرين، وتتخللها يومياً عمليات قصف جوي ومدفعي للمنطقة، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا إلى جانب ارتفاع عدد الذين يرحلون من بيوتهم هرباً من القصف.
تحرير: آزاد جمكاري
========================
فزغلياد :بيوتر أكوبوف : عفرين في مهب رياح موسكو وأنقرة
النسخة: الورقية - دولي الأربعاء، ٣١ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٨ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
تتواصل فصول العملية العسكرية التركية ضد الأكراد في سورية، ولوّح الرئيس التركي بتوسيعها. ويتهم الأكراد روسيا بالخيانة. ولا ريب في أن موسكو لا تريد التدخل. ولكن لمَ لا تسعى القوات الروسية إلى وقف حملة الجيش التركي، وما هي مصالح روسيا في هذه الحوادث؟
عرضت موسكو على الأكراد أقصى ما في إمكانهم حيازته، أي الحكم الذاتي في إطار الدولة السورية. وكانت موسكو مستعدة في سبيل مثل هذا الحكم الوقوف في وجه دمشق، في المقام الأول، وحتى في وجه أنقرة. لكن الأكراد اختاروا عصفوراً أميركياً في السماء على عصفور روسي في اليد، فوجدوا أنفسهم أمام الرد التركي المتوقع. ولم تحل موسكو دون هجوم الأتراك. وهي لا يسعها ذلك عملياً، من جهة، وهي لا تريد ذلك من جهة أخرى. فالعملية التركية تصب في مصلحتها، فهي تؤدي إلى نتائج ترتجي منها موسكو الفوائد، ومنها أولاً تبديد العملية التركية أوهام إنشاء كردستان سوري، على نحو ما أشار الأميركيون. وكان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، اعلن تشكيل «منطقة أمنية» عمقها 30 كيلومتراً، وقال ان بلاده لا تريد أن تصطدم مع تركيا في مواجهة مباشرة في شمال سورية. وكلامه يشير الى ان القوات الاميركية لا ترمي الى مغادرة هذا الجزء من سورية. واليوم، واشنطن مضطرة، في الواقع، الى التخلي عن مشروع إنشاء جيش كردي كبير حليف لها هناك. والتخلي عن هذا المشروع يسهل عملية طرد أو إخراج الولايات المتحدة من سورية. وثانياً، تحمل العملية التركية الأكراد السوريين على التفاوض مع دمشق. فـ «التهديد التركي» المتواصل سيضطرهم إلى البحث عن مكان لهم في سورية. ولن يتأخروا عن ذلك، في وقت يسع دمشق وموسكو تقديم ضمانات أمنية وحمايتهم من الأتراك. أما الحكم الكردي المستقل، فلن يحميهم من «عمليات مكافحة الإرهاب» التركية التي ستشنها أنقرة على الدوام. وعليه، طلب حماية دمشق وموسكو يسهل عملية بناء سورية الموحدة ورتق أوصالها. ثالثاً، حصلت أنقرة على موافقة موسكو المسبقة على عملية عفرين. وهذا الاتفاق يعزز التعاون الروسي- التركي. وترتجى فائدة من التنسيق السياسي بين البلدين. وهذه الأهداف أو الفوائد المرجوة التي تقدم ذكرها تنعقد إذا لم تتحول عملية «غصن الزيتون» إلى حرب كردية- تركية شاملة ومديدة. ويبدو، إلى اليوم، أن أنقرة لا ترمي إلى عملية طويلة، ولا إلى تصعيد المواجهة.
* عن «فزغلياد» الروسية، 25/1/2018، إعداد منال نحاس
========================
الصحافة البريطانية :
«ميدل إيست آي»: واشنـطـن تستخدم سوريا مثل «لعبة الشطرنج»
الميثاق "على الولايات المتحدة أن تكف عن جعل سوريا مثل لعبة الشطرنج".. هكذا بدأت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، تقريرها اليوم الثلاثاء، مشيرة إلى موقف واشنطن من الهجوم الذي شنته القوات التركية على أكراد سوريا بمدينة عفرين.
قالت الصحيفة البريطانية، إنه "بدلا من التهديدات بإبقاء القوات الأمريكية في سوريا إلى أجل غير مسمى، يجب على أمريكا الضغط على تركيا للانسحاب من عفرين".
وأشارت الصحيفة إلى إعلان واشنطن الأخير بأن الولايات المتحدة ستبقي ما يصل إلى 2000 جندي في سوريا إلى أجل غير مسمى، قائلة إن "هذا الأمر يمثل منعطفا آخر لوضع أسوأ في الصراع الذي دام 7 سنوات في البلاد، كما يسلط الضوء على عدم اتساق السياسة الأمريكية وتهورها".
ويعتبر أحد الأسباب التي تجعل أمريكا تحافظ على قواتها الخاصة في سوريا هي أن الولايات المتحدة ترغب في منع عودة ظهور تنظيم "داعش" مجددا، فضلا عن رغبتها في منع تجربة إيران التدخل في سوريا، إلا أن جميع تلك الأسباب معيبة، وفقا للصحيفة.
فبالنسبة لتنظيم "داعش" قتل معظم قادته، والرغبة في منع إحياء وظهور هذا التنظيم مجددا، أمر يجب التركيز عليه في العراق أكثر منه في سوريا.
أما بالنسبة لنفوذ إيران في سوريا، فتعد أفضل طريقة لتعزيز استقلال دمشق وتقليل الحاجة إلى البقاء على القوات الإيرانية في سوريا، هو أن تحاول جميع الأطراف إنهاء الحرب الأهلية وإعادة بناء هدوء البلاد، أما التهديد بإبقاء القوات الأمريكية في سوريا هو أمر يؤدي إلى نتائج عكسية تماما ويشكل انتهاكا للقانون الدولي.
وبعيدا عن الأسباب المذكورة، يبدو أن وجود القوات الأمريكية في سوريا بعد هزيمة "داعش" يهدف إلى الإبقاء على الضغط العسكري على الجيش السوري، ما يعني أن الولايات المتحدة يمكنها في وقت ما أن تزيد من حكمها الإقليمي رغبة منها في إسقاط الأسد
ولفتت الصحيفة إلى أن موقف واشنطن تجاه القوات الكردية السورية غير متماسك على حد سواء. فمن ناحية، تدعم الولايات المتحدة عملياتها المستمرة كقوة عسكرية محلية في شمال شرق سوريا.
ومن ناحية أخرى، لم يفعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سوى الحديث في مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإدانة غزو تركيا لشمال سوريا، الذي وقع بالأساس للتخلص من القوات الكردية.
والحل الأفضل لذلك هو أن تصدر الولايات المتحدة وروسيا بيانا مشتركا يؤيد فكرة الاتحاد وضمان مشاركة وفد كردي سوري في عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة، وبدلا من اتباع خيار عسكري، يجب إقناع أردوغان بقبول حل مماثل للحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا، حيث وجود حزب العمال الكردستاني.
يذكر أن قامت القوات التركية بإطلاق عملية عسكرية باسم "غصن الزيتون" لاستهداف وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة عفرين الواقعة شمال غرب سوريا.
========================
الإندبندنت: القوات الروسية ما زالت موجودة في عفرين السورية
كشف الكاتب البريطاني، روبرت فيسك، عن استمرار وجود القوات الروسية في عفرين السورية، رغم الحديث عن انسحاب تلك القوات بالتزامن مع الهجوم التركي على شمال سوريا، مؤكّداً أن الحياة في عفرين تسير بشكل طبيعي رغم الهجوم التركي على شمال سوريا.
وقال فيسك، في تقرير له من عفرين نُشر بصحيفة “الإندبندنت” البريطانية، إن الأكراد في سوريا يكذبون عندما يحاولون إقناعك بولائهم لسوريا أو بالنسبة إلى طبيعة علاقاتهم مع أكراد العراق، فهم يرون أنفسهم جزءاً لا يتجزّأ من أكراد تركيا والعراق.
ويُضيف فيسك أن الحياة في عفرين طبيعية؛ أصحاب المحال التجارية يمارسون عملهم، والمطاعم ترحّب بالزبائن، وسيارات الأجرة تصطفّ لنقل الناس، ولا تُلاحظ أي مظاهر للحرب على المدينة، ما خلا بعض نقاط التفتيش التي يقف عليها عناصر من المليشيات الكردية.
أما بالنسبة إلى الروس، يقول الكاتب، ورغم ما أُعلن عن انسحابهم من المدينة، فإنه كان بالإمكان ملاحظة وجودهم خلال النهار على الأقل، حيث شاهدتُ عربة عسكرية روسية مكتوباً عليها بالروسية والعربية “الشرطة العسكرية”، مع النسر الروسي ذي الرّأسين في مقدمتها.
يقول مسؤول في وحدات حماية الشعب الكردية، إن الروس انسحبوا من قاعدتهم الكبيرة، ولكنهم ينفّذون جولات نهارية في المدينة.
وأنت تتجوّل في عفرين، يقول فيسك، تتساءل إلى أيّ مدى تركيا جادّة فعلاً في شنّ حرب كبيرة على عفرين أو شمال سوريا بشكل عام؟ فحتى على الجبهة يقول المقاتلون الأكراد إنّهم لم يشاهدوا سوى عدد قليل من الدبابات التركية، وأخرى تابعة لفصائل الجيش السوري الحر.
الواقع أن مدينة عفرين، ومنذ أن بدأت المعركة التركية، لم تتعرّض لأي قصف تركي، وهو أيضاً ينطبق على القرى في غرب وشمال عفرين، ولكن وعلى بعد بضعة أميال من المدخل الجنوبي لمدينة عفرين، تُحفر قبور للمقاتلين الأكراد، ومعظمهم من العسكريين ممن قُتلوا أثناء القتال ضد القوات التركية.
أما من الجانب التركي الرسمي فقد أعلنت أنقرة أن الجيش التركي قتل 649 شخصاً من المقاتلين الأكراد في إطار عملية “غصن الزيتون”.
ويتحدث الكاتب البريطاني عن التقارب الجغرافي الكبير بين مواقع مليشيات القوات الكردية وقوات النظام السوري، مشيراً إلى أنك حينما تعبر آخر نقطة لقوات النظام تشاهد صور الأسد ونصر الله وسهيل الحسن “النمر”، العقيد البارز لدى النظام، فإنّك على بعد مسافة قصيرة تدخل نقطة التفتيش التابعة للقوات الكردية، حيث يمكن رؤية العلم الذي تتوسّطه نجمة كردستان، وصورة كبيرة لعبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني التركي.
صحيح أن وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا يُفترض أنها لا علاقة لها بحزب العمال الكردستاني، إلا أنه يمكن ملاحظة إعجاب مقاتلي الوحدات بشخصية أوجلان، وهو ما يمكن أن تشاهده أيضاً لدى عامة الشعب الكردي في سوريا، حيث تنتشر صوره في العديد من المناطق.
إن أكراد سوريا يفشلون دوماً في إقناعكم بأنّهم موالون لسوريا، وأنهم لا علاقة تربطهم مع أكراد تركيا أو العراق، ومن هنا فإن عليهم أن يعلنوا صراحة مطالبهم بإقامة حكم ذاتي.
ما يمكن ملاحظته أيضاً أن الوجود الروسي في عفرين يؤكّد أن روسيا موجودة حتى تمنع تركيا من الذهاب بعيداً في حربها على الأكراد، حيث يجري تنسيق يومي بين القوات الروسية في عفرين وبين المليشيات الكردية من جهة أخرى، بحسب الصحيفة البريطانية.
========================
تحليل بـ«الجارديان»: الجيوش التقليدية عجزت عن التعامل مع مليشيات حروب المدن
يوسف ناجي يوسف ناجي30 يناير، 2018
سلطت عالمة الاجتماع بجامعة كولومبيا «ساسكيا ساسن» الضوء على ما أسمته «العصر الجديد للحروب»، وهي حروب المدن التي تختلف كليًا عن الحروب التقليدية بين الجيوش النظامية، أو تلك الحروب المعروفة ملامحها وأطرافها بشكل واضح، وهناك مسؤول عنها يمكن اللجوء إليه في حالة الدعوة إلى هدنة أو وقف إطلاق النار، بعكس حروب المدن التي تقاتل فيها الجيوش النظامية ضد عصابات أو أفراد مستقلين؛ ولذا يصعب إنهاؤها، كما إنها تنهك الجيوش الكبرى؛ لعجزها عن استخدام السمات الأساسية التي تمتلكها من آليات عسكرية وطائرات وغيرها.
وأضافت، في تحليلها بصحيفة «الجارديان»، ترجمته «شبكة رصد»، أنّ النوع الجديد من الحرب اتسعت رقعته ليشمل أيّ منطقة وأيّ مدينة في العالم؛ حتى لو كانت بلدها غير متورطة فيها. وتحاول الدول الكبرى الآن جاهدة تعلّم كيفية التعامل. والآن، انتهى عصر الحروب التقليدية وبدأ عصر الحرب الأصعب: حرب المدينة.
وإلى نص المقال:
في القرن الحادي والعشرين، أصبح مفهوم الأمن القومي مرادفًا لمفهوم الأمن الحضري، لكنّ النموذج الأمني الغربي التقليدي لا يستوعب سمة أساسية من سمات الحروب اليوم؛ فعندما تخوض قوة عظمى حربًا فمن يواجهها ليس جيشًا نظاميًا، بل عصابات أو مليشيات (مجموعات من الأفراد يجمعهم غرض مشترك)؛ لذا تنخرط هذه القوى (العظمى) في حربٍ لا تنتهي أبدًا في الغالب.
والثابت أنّ المقاتلين غير النظاميين يميلون إلى المشاركة في حربٍ، والمدينة مكانهم المفضل لتترك فيها حربهم أثرًا تتناقله وسائل الإعلام العالمية؛ وهذا هو عيب المدن.
والفارق الرئيس بين حروب اليوم والحربين العالميتين الأولى والثانية هو التباين بين مساحة الأرض في الحرب بين الجيوش التقليدية بالمقارنة مع مساحتها مع الجيوش ير النظامية.
والمقاتلون غير النظاميين أكثر فاعلية بالتأكيد في حروب المدن، ولأنهم لا يستطيعون إسقاط طائرات أو تدمير دبابات في مجال مفتوح؛ فالحرب في المدن تتيح لهم تقويض الميزة الرئيسة للجيوش العظمى اليوم (الطائرات والدبابات)، فتضطرهم إلى استخدام آلياتهم العسكرية في أماكن حضرية مكثفة وضيقة؛ لذا يسهل اصطيادهم.
ومن الأمثلة على ذلك حرب الولايات المتحدة وحلفائها في العراق في 2003، وفي فيتنام أيضًا؛ إذ تعد هذه الصراعات نموذجًا عما أصبحت عليه حروب اليوم، حروب غير متماثلة تمامًا، كما تعد أيضًا حالة مثالية لدراسة كيفية هزيمة المقاتلين غير النظاميين لجيش ضخم؛ فبالرغم من أنّ الجيش الأميركي كثّف من ضرباته الجوية على مدار الستة أسابيع الأولى من الحرب، لا تستطيع قواته البرية حتى اليوم الانتصار على الأرض.
كما إن الحروب الحضرية لها سمة أخرى؛ فهي تجبر الجيوش الكبرى التقليدية على التعامل مع عوامل أخرى فرعية تستخدمها الجيوش غير النظامية، كقضايا النازحين والمشردين في المناطق الحضرية والتطهير العرقي والصراعات الطائفية بين المجموعات الدينية المختلفة، بالرغم من أنّ جميعهم كانوا يعيشون بجانب بعضهم بعضًا لمدة طويلة.
وإحدى الاستراتيجيات الأخرى التي تستخدمها الجيوش غير النظامية في السيطرة على الأراضي هي طرد الآخر، الذي غالبًا ما يُعرف من حيث «العرق والدين أو القبيلة المنتمي إليها أو الانتماء السياسي»، وتكتيكياتهم الرئيسة هي ارتكاب فظائع، كما هو الحال في جنوب السودان، التي كانت موطنًا لأحد أكثر الحروب وحشية ودموية، أو في الكونغو، حيث تتقاتل الجيوش غير النظامية من أجل السيطرة على الموارد الطبيعية؛ وفي سبيل ذلك قُتل الملايين من المدنيين.
والغريب أنّ الجيوش النظامية بدأت تتعلم هذه الاستراتيجيات؛ فالولايات المتحدة الآن لديها معسكرات تدريب على القتال في مناطق حضرية، كمال التقطتها «إسرائيل» أيضًا، التي تدرب جنودها على التعامل مع الحروب في الشوارع وحتى داخل المنازل وكيفية التعامل مع السكان غير المتورطين.
وقبل كل شيء، تعلّمت هذه الجيوش أنّ المدينة عقبة رئيسة. وبينما من السهل قصف مدينة ما، كما فعلت الحكومة السورية في حلب على سبيل المثال؛ فإننا حتى الآن لم نرَ تدميرًا كالذي حدث في هيروشيما ونجازاكي في اليابان.
لكن، لماذا تعد المدينة هدفًا مضطربًا وعقبة أمام القوى العسكرية الكبرى؟
سنعرف السبب إذا عرفنا سبب إهمال الصحف العالمية مقتل ستة ملايين شخص في الحرب بين الجيوش غير النظامية في الكونغو على مدار المدد الماضية، بالرغم من وجود قتلى تابعين للأمم المتحدة، بينما تفرد الصحف العالمية والبرامج التلفزيونية مساحات لأخبار 13 شخصًا قتلوا في مدينة كلندن.
لأنّ الكونغو بلد نائية وبعيدة فلا أحد يهتم؛ فالوفيات في المناطق والقرى النائية لا يهتم بها أحد، كما أنها ليست بالسهولة لتغطيتها، بعكس الحال في الهجمات الإرهابية في المدن الكبرى؛ وإذا تجاوزنا القتلى من البشر، فتدمير مبنى تاريخي -على سبيل المثال- أو عمل فني ما يولّد ردود أفعال من الرعب والألم والحسرة والشعور بالخسارة.
لكنّ، على أي حال، من يهتم بستة ملايين في الكونغو؟
كما إنّ رد الفعل العالمي على الأحداث المأساوية في المدن الكبرى يفسّر لنا لماذا تهتم الجيوش غير النظامية أو الإرهابيين أو الغاضبين أو أيًا كانوا بارتكاب جرائمهم فيها؟ السبب بسيط: لجذب اهتمام وسائل الإعلام العالمية؛ خاصة لو وقعت هذه الهجمات في مدن ليست جزءًا من مناطق الحرب.
أيضًا، خريطة الحرب في المناطق الحضرية كبيرة للغاية، وتتجاوز منطقة الحرب التقليدية التي تتم غالبًا في مكان محدد ومفتوح؛ فالهجمات التي وقعت في نيويورك وبالي ومومباي ولاهور وجاكرتا وباريس وبرسلونة ومانشستر وبروكسل وغيرها جزءٌ من أسلوب الحرب الجديد، سواء كانت بلدان هذه المدن متورطة في الحرب أم لا.
وبذلك نكون خرجنا من عصر كانت القيادة والقوة فيه للجيوش التي تتمكن من السيطرة على الأرض والبحر والجو إلى حروب في مدن، سواء داخل منطقة الحرب أو خارجها، ويصعب التعامل معها باحترافية، كما إنها حروب تشتمل على قضايا محلية محددة؛ فكل هجوم له مظالمه وأهدافه الخاصة. أو بمعنى آخر: أصبحت حروب معزولة في مناطق ضيقة ومكثفة، ومن يخوضها مجموعات وأفراد مستقلون لكل منهم هدفه الخاص، ناهيك عن الجهات الفاعلة في منطقة الحرب.
وللحروب التقليدية القديمة ميزة أخرى للجيوش النظامية، وهي إمكانية الدعوة إلى هدنة مثلًا أو وقف القتال، بينما لا يوجد الآن من يقرر إنهاء الحرب الحشرية؛ لذلك فهي حروب لا نهاية لها في الأفق.
========================