الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 4/2/2018

سوريا في الصحافة العالمية 4/2/2018

05.02.2018
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :  
الصحافة التركية :  
الصحافة البريطانية والعبرية :  
الصحافة الامريكية :
«واشنطن بوست».. اللاجئون العائدون إلى سوريا: تقاذفتنا بحار لا ضفاف لها وطادرتنا شياطين وأشباح
يوسف ناجي يوسف ناجي3 فبراير، 2018
كان «عمار المعراوي» من بين سوريين آخرين دفعوا أموالًا إلى مهرّبين لنقلهم في رحلة خطرة عبر البحر المتوسط إلى اليونان، ومنها في رحلة مرهقة عبر القطار أو حافلة أو سيرًا على الأقدام إلى أوروبا، وبعدها بعامين شعر بالاكتئاب والحنين إلى وطنه السوري.
تحدّث عمار إلى «الأسوشيتد برس»، ونقلت عنها «واشنطن بوست»، عن أهوال الحياة في ألمانيا للاجئين السوريين وغيرهم، يقول: «ألمانيا مملة مملة مملة»؛ لكنه في نهاية المطاف تمكّن من العودة إلى سوريا مرة أخرى، غادرها وعمره 36 عامًا وعاد إليها وعمره 38 عامًا.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، من بين 5.4 ملايين لاجئ سوري فرّوا منذ اندلاع الحرب في 2011، لم يعد سوى عشرات الآلاف، من بينهم «عمار»؛ وربما يكون أحد الأسباب في ذلك تشجيع الأمم المتحدة والحكومات المضيفة في أوروبا لهم على البقاء لأنّ بلدهم ليست آمنة. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد العائدين إلى سوريا في العامين الجاري والمقبل، مع توقعات بعودة الاستقرار إلى سوريا؛ بعدما استعاد النظام، بدعم من إيران، معظم المدن الكبرى التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة.
لكنّ دوافع العودة للسوريين ليست مغرية، إذ فقد لاجئون معظم مدّخراتهم وأُحرقت منازلهم، في الوقت الذي يعجزون فيه عن العمل، ويعيش مئات الآلاف منهم في مخيمات رثة في البلدان المجاورة. ويستطيع السوريون الذين وصلوا إلى أوروبا الحصول على مساعدة مجدية نوعًا ما، غير أنّ معظمهم أيضًا لم يجد ما كان يأمله في الغرب أو واجهوا تمييزًا شديدًا أو شعروا بالغربة مع ثقافة مختلفة عن ثقافتهم، بجانب الطقس السيئ.
غير أنّ أسباب بقائهم هناك منطقية إلى حدٍ ما؛ فالتوتر ما زال يعمّ أجزاء كثيرة في سوريا، خاصة مع الهدنات المحلية التي غالبًا ما تخترق، ولا يزال القتال مستمرًا في مناطق مثل القتال بين قوات الأسد وجماعات المعارضة المسلحة، خاصة في الشمال الغربي من سوريا، كما يخشى شباب من العودة إلى دمشق؛ خوفًا من الخدمة العسكرية الإجبارية، وحتى المناطق التي توقف فيها القتال يعود إليها القتال بين حين وآخر، حتى لو من جانب واحد، كما دمّرت المدن. وتقول التقديرات الأخيرة إنّ 6.1 ملايين سوري مشردون في الداخل؛ لذا فاللاجئون ليسوا وحدهم من ينتظرون العودة.
ومن الصعب تحديد أرقام العائدين بدقة، غير أنّ المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين «أندريه ماهسيتش» أكّد أنّ الأمم المتحدة رصدت عودة 68 ألف لاجئ في أكتوبر 2017، وهي آخر الأرقام المتاحة، مضيفًا أنّ عدد العائدين من بلدان مثل لبنان والأردن وتركيا وأوروبا ضئيل للغاية.
وتضم تركيا 3.5 ملايين لاجئ سوري، وتقع على طول شمال سوريا، وعاد منها 130 ألف سوري، ومن الأردن عاد فقط ثمانية آلاف من أصل 650 ألف لاجئ، ومعظمهم عاد أثناء التوصّل إلى هدنة محلية في أجزاء من جنوب سوريا في يوليو الماضي، ثم تراجعت الأرقام في وقت آخر من العام 2017، وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إنّ أعداد اللاجئين المسجلين انخفض إلى أقل من مليون لاجئ للمرة الأولى منذ عام 2014.
كما أنّ جزءًا من الرافضين العودة يبررون ذلك بأنهم غير مستعدين؛ إذ قالت أم وسام لـ«أسوشيتدبرس» إنّها عادت إلى سوريا في أغسطس بعد ستّ سنوات قضتها بصحبة زوجها وأطفالها الخمسة في الأردن، وعادوا إلى سوريا ضمن 2300 لاجئ رُحّلوا إلى بلدانهم، وكان زوجها يعمل في مجال البناء بالأردن قبل ترحيله إلى سوريا، بينما يوجدون حاليًا في درعا، غير أن زوجها لا يستطيع العثور على عمل حتى الآن.
وأضافت: «الوضع هنا مأساوي، لا ماء ولا كهرباء ولا عمل، وضعنا قاس للغاية».
في الوقت نفسه، يستعد «عمار المعراوي» للبدء في عمله الخاص؛ إذ يعمل حاليًا على إنشاء ورشة لتصليح إطارات السيارات بالقرب من ساحة «سعد الله الجابري» في حلب. فالمدينة على حد قوله تتمتع الآن بمدة سلام بعد أن هزمت القوات الحكومية «المتمردين» هناك في ديسمبر 2016.
ومثل كثيرين، بدأ «عمار» رحلة الوصول إلى أوروبا، حينما غادر سوريا في يناير 2016 من تركيا، مستقلين قوارب متهالكة خاصة بالمهربين في جزيرة ليسبوس باليونان، وهي رحلة خطرة للغاية؛ خاصة وأنّ معظم الهاربين لا يجيدون السباحة، ومن يسر على أقدامه عبر مقدونيا وصربيا وسلوفينيا وكرواتيا يضطر إلى السير على قدمه عبر غابات طويلة.
وبدأ «عمار» برفقة سوريين تعلم اللغة الألمانية منذ وصولهم، بجانب التدريب على العمل، وقدّم لهم الألمان بجانب ذلك الغذاء والملابس؛ لكنّ الحياة في البلدة التي كان يقيم فيها معدومة الحياة، على حد قوله، مضيفًا: «كنا نعاني هناك من الضغط النفسي والاكتئاب والجو القارس البرودة»؛ لذلك استقر هناك بضعة أشهر فقط قبل أن يقرر العودة إلى سوريا.
أما «أديب أيوب»، البالغ من العمر 13 عامًا، فسافر في رحلة بحرية إلى اليونان برفقة عمه في 2015، وقال عمه «فراس أيوب»: «شعرت أنّ إمكانية النجاة في رحلة عبر البحر أكبر من إمكانية النجاة بالبقاء في سوريا؛ فكيف يمكن لشخص أن يظل حيًا وسط كرة من النار والقذائف والصواريخ؟».
وأضاف، وهو يمتلك محلًا لبيع الشيكولاتة في وسط حلب: حتى لو أعطيت كل دول العالم لن أختار سوى بلدي. عاد فراس إلى سوريا في سبتمبر الماضي، واستقبلته والدته بحرارة في مطار دمشق. وقال: «بالنسبة لنا كانت مغامرة»، مؤكدًا أنّه لن يعود إلى أوروبا ثانية حتى لو أتيحت له الفرصة؛ «فهذه بلدنا وشعب ألمانيا ليس مثلنا»، على حد قوله.
========================
وول ستريت جورنال": إيران زوّدت "حزب الله" بـ 170 ألف صاروخ عبر العراق وسوريا
قالت مصادر عسكرية في الحلف الأطلسي، الجمعة، إن إيران زوّدت عبر العراق وسوريا "حزب الله" بـ 170 ألف صاروخ أرض – أرض بعيد المدى.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلًا عن المصادر ذاتها، أن (حزب الله) زرع في جزيرة البادية السورية صواريخ بعيدة المدى كذلك زرع في ريف إدلب ومنطقة دير الزور وحماة وحمص ومنطقة النبك وفي أماكن عديدة من سوريا 70 ألف صاروخ تلقاها من إيران، ونشر نحو مائة ألف صاروخ بلبنان.
وقالت الصحيفة إن إيران تصرف 700 مليون دولار في السنة لصالح (حزب الله) لنشر الصواريخ وزرعها في كامل الأراضي السورية.
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست"، في افتتاحيتها، الخميس، إذا ما اندلعت حرب جديدة على الحدود الشمالية، فإن المجتمع الدولي لن يستطيع أن يدعي أنه لم يتلق تحذيرات مسبقة، منوّهة بالنداءات المتكررة من القيادة الإسرائيلية بشأن تنامي الوجود الإيراني في سوريا ولبنان.
========================
وول ستريت جورنال: كوريا الشمالية باعت أسلحة إلى سورية وميانمار
نيويورك  ـ (د ب أ)- أفاد تقرير أممي نشرته وسائل إعلام أمريكية يوم الجمعة بأن كوريا الشمالية باعت أسلحة إلى سورية وميانمار.
كما اتهم التقرير الصين وروسيا بعدم القيام بما يكفي للحد من تجارة بيونج يانج غير المشروعة.
وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” وغيرها من وسائل الاعلام إلى أن كوريا الشمالية باعت نظاما للصواريخ الباليستية إلى ميانمار وقد تساعد سورية في برنامج أسلحة كيميائية.
وأضاف التقرير أن كوريا الشمالية حققت حوالى 200 مليون دولار العام الماضي من خلال تصدير الفحم وسلع أخرى في انتهاك للعقوبات التي تفرضها عليها الأمم المتحدة.
وأوضح التقرير إن الكثير من الشحنات مرت عبر موانئ صينية وروسية وماليزية وفيتنامية وإن أكثر من 30 ممثلا من المؤسسات المالية الكورية الشمالية يعملون فى الخارج بما فى ذلك في الصين وروسيا.
ونقل التقرير عن معلومات استخبارية من الدول الاعضاء إنه تم إرسال بلاطا من نوع خاص مقاوم للأحماض فى شحنتين كوريتين شماليتين إلى سورية ويمكن استخدامه لبناء الجدران الداخلية لمصنع كيماويات.
========================
«نيويورك تايمز»: مخاطر النفوذ الإيراني على الساحة السورية
المصدر نيويورك تايمز – بقلم توماس فريدمان* – 2/2/2018
بعلى حدود هضبة الجولان السورية، من كان ينتظر أن يرى المنطقة وهي تنعم بهذا الهدوء؟ ولقد كنت أتنقل على طول الطرق المجاورة لنقطة التقاء الحدود الإسرائيلية المشتركة بين لبنان وسوريا وإسرائيل فلفتت نظري القمم المغطاة بالثلج التي تكسو جبل الشيخ التي تبحث عن هواة التزلّج.
وهي منطقة محاطة بالقرى اللبنانية والسورية التي تنتشر على سفوح الهضاب وتكثر بين أحيائها المآذن. والصوت الوحيد الذي يمكنك أن تسمعه هنا هو صوت بنادق هواة الصيد اللبنانيين.
إلا أن ذلك يجب ألا ينسينا بأن من الممكن تصنيف هذه البقعة بأنها تحتل المرتبة الثانية من حيث درجة الخطورة التي تنطوي عليها على سطح الأرض بعد شبه الجزيرة الكورية. وربما تجسّد المشهد الذي ستكون عليه الحروب المقبلة في القرن الحادي والعشرين.
ولو أمعنت النظر في هذه القرى وسفوح الهضاب وغابات الصنوبر التي تجاورها، فسوف تعثر على العديد من الكيانات المتداخلة وعلى رأسها (دولة) إسرائيل التي لا تتوقف عن محاولة استكشاف أرض المعركة مع أعدائها مثل جيش النظام السوري والقوة الإقليمية الإيرانية والقوة العسكرية الروسية وفصائل المرتزقة والمتطرفين مثل «حزب الله» و«داعش» فضلاً عن القبائل المحلية ذات المذاهب والأديان المختلفة مثل الدروز والمسيحيين.
ولقد جئت إلى هذا التقاطع الحدودي المزدحم لأنني أشعر بأنه معرّض للانفجار في أي لحظة. وإذا كانت التحديات التي واجهها التحالف الدولي في سوريا والعراق تشكل العنوان العريض لما شهدناه عام 2017، فإن القصة الكبرى لعام 2018 سوف تتعلق بكل تأكيد بانفجار الصراع بين إسرائيل والتحالف الشيعي الإيراني، الذي يضم «حزب الله»، والذي لا يتوقف مقاتلوه عن النشاط وإعادة التموضع على طول الحدود المشتركة بين سوريا ولبنان وإسرائيل.
وخلال العامين الماضيين، وصل ما بين 1500 و2000 مستشار عسكري إيراني للعمل على توجيه الألوف من مرتزقة «حزب الله» الموالين لإيران فضلاً عن قوات الجيش السوري المموّل من إيران وأكثر من 10 آلاف من المرتزقة الشيعة الذين جاؤوا من أفغانستان وباكستان لمحاربة الثوار السوريين السُنّة وتنظيم «داعش» خلال «الحرب الأهلية» التي تشهدها سوريا.
إيران تشكل تهديداً خطيراً في الخليج العربي، ولكنني أريد أن أطرح السؤالين التاليين:
ما هذا السلوك الخطير الذي تنتهجه إيران عندما تعمل على تقويض الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية في لبنان، وتقضي على كل أمل بتقاسم السلطة في سوريا، وأصبحت تشكل الآن خطراً على إسرائيل؟
ولأي درجة تهتم روسيا الشريكة الجديدة لإيران، بسحق الانتفاضة الشعبية في سوريا رغم علاقاتها الجيدة بإسرائيل، وهي التي نشرت بطاريات صواريخ أرض جو من طراز «إس 400» لضمان الحماية الجوية لسوريا ولبنان وإيران و«حزب الله»؟
لقد برز هذان السؤالان معاً إلى مقدمة المشهد السياسي هذا الأسبوع. ولنستمع إلى ما قاله بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اجتمع لتوّه مع فلاديمير بوتين للمرة السابعة خلال عامين، حيث قال بعد انتهاء اجتماعهما يوم الإثنين الماضي:
«لن تسمح إسرائيل لإيران بتعزيز وجودها في سوريا وتحويل لبنان إلى مصنع للصواريخ دقيقة التوجيه… لقد أوضحت لبوتين بأننا سوف نوقفها عند حدّها إذا لم تتوقف بنفسها».
ومنذ زمن بعيد، أثبتت القيادة العسكرية الإسرائيلية قدرتها على ممارسة لعبة الشطرنج ثلاثية الأبعاد في الحرب المنتظرة خلال القرن الحادي والعشرين. وعندما نأت بنفسها عن التدخل في «الحرب الأهلية» السورية، فإنها لم تتوانَ عن إجهاض محاولات إيران و«حزب الله» لتطوير قدراتهما الصاروخية الموجهة ضدها.
إلا أنه في وسع ضباط إسرائيليين أن يخبروك أيضاً بأن «حزب الله» وإيران تمكنا من التحضير للمواجهة المقبلة بشكل جيد على طول الحدود. وهما لا يتوقفان عن محاولات التقدم في هذا الاتجاه.
فما هي الاستراتيجية التي تتبناها إسرائيل لتهدئة التوتر مع «حزب الله» وإيران؟
أولاً وقبل كل شيء، عليها أن تعمل على إضعاف قدرة «حزب الله» وإيران بعدة طرق بحيث يصبح خوضهما لحرب مع إسرائيل ضرباً من الجنون.
وإذا كان «حزب الله» وإيران يعتقدان بأن في وسعهما إخفاء منصات إطلاق الصواريخ في القرى والبلدات المزدحمة بالسكان في لبنان وسوريا وبحيث يتسبب ضربها بسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، فسوف يرتكبان بذلك الخطأ ذاته الذي ارتكباه في حرب عام 2006.
واليوم، يبدو المخططون العسكريون الإسرائيليون أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى بأن السبب الأساسي الذي دفع «حزب الله» إلى تجنّب الدخول في صراع حاسم مع إسرائيل منذ الحرب الكبرى التي اندلعت بينهما عام 2006.
وهو أن القوات الجوية الإسرائيلية، ومن دون شفقة، دمّرت البنى التحتية اللبنانية عن بكرة أبيها واستهدفت مكاتب «حزب الله» ومنشآته العسكرية في ضاحية بيروت الجنوبية. ولم يكن هدفها قتل المدنيين ولكنها لم تكن ترغب أيضاً بأن تتعرض للخطر بسببهم.
وصحيح أن الهجوم الإسرائيلي تميز بالقسوة والوحشية، لكنه أدى الغرض المراد منه. وقال ضابط إسرائيلي: «أحياناً لا يمكنك أن تهزم الجنون إلا بالجنون»، ولا بد أن يكون رئيس «حزب الله» حسن نصر الله قد تلقى مضمون الرسالة جيداً. وصرح عقب انتهاء حرب 2006. بأنه لم يكن يتوقع بأن تتسبب إسرائيل بمثل هذا الدمار الكبير لمؤيديه الشيعة وممتلكاتهم.
ويأمل المخططون العسكريون الإسرائيليون منه ألا ينسى ذلك مرة أخرى، وأن تتذكر إيران ذلك أيضاً.
وقالوا أن إيران لو فكّرت بإطلاق حرب بالوكالة ضد إسرائيل من لبنان وسوريا، فإن عليها أن تعيد حساباتها من جديد.
* توماس فريدمان كاتب صحفي بصحيفة “نيويورك تايمز”.
ترجمة الاتحاد الظبيانية
========================
معهد واشنطن :احتواء أزمة عفرين: أهداف تركيا وتحدياتها العسكرية
باراك بارفي
متاح أيضاً في English
31 كانون الثاني/يناير 2018
في 20 كانون الثاني/يناير، شنّت تركيا عملية عسكرية لتطهير القوات الكردية من محيط المنطقة الحدودية عفرين في شمال غرب سوريا. وعلى الرغم من تبريرات أنقرة، تثير العملية مخاطر اندلاع حرب مفتوحة بين الحلفاء، وقد تؤدي إلى إبطال المكاسب التي تحققت ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، إلى جانب تشجيع خصوم أمريكا في طهران وموسكو ودمشق. ينبغي على واشنطن التحرك بأسرع وقت ممكن لاحتواء التداعيات وضمان خاتمة سلسة لحلفائها؛ وإلا فقد تجد نفسها مهمشة تماماً في سوريا.
رَسْم الخط الذي وضعه اردوغان وتجاوزه
في تموز/يوليو 2012، تنازل نظام الأسد عن جيب عفرين والمناطق الحدودية الأخرى إلى «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردستاني. وبدعم من الولايات المتحدة، انضم الأكراد بعد ذلك إلى العديد من الكتائب الصغيرة للمتمردين العرب وشكّلوا «قوات سوريا الديمقراطية» في تشرين الأول/أكتوبر 2015. وبمساعدة الضربات الجوية الأمريكية، وتوريد الأسلحة وتدريب «القوات الخاصة» من قبل الولايات المتحدة، شكّلت «قوات سوريا الديمقراطية» العامل الرئيسي الذي أدّى إلى انهيار تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.
يضم جيب عفرين حوالي  4,030 كيلومتر مربع. وفي شباط/فبراير 2016، وبغطاء من الضربات الجوية الروسية، استولت قوات «حزب الاتحاد الديمقراطي» على بقعة إضافية يبلغ طولها نحو 17.2 كيلومتراً وعرضها 44.2 كيلومتراً.
وتشكك أنقرة في «حزب الاتحاد الديمقراطي»، الذي يدور في فلك «حزب العمال الكردستاني» الذي يقاتل الحكومة التركية منذ عام 1984. وفي تموز/يوليو 2012، حذّر الرئيس رجب طيب أردوغان من أن التدخل ضد «حزب الاتحاد الديمقراطي» في سوريا هو "حقنا الطبيعي". ومنذ ذلك الحين، أعلن وبشكل قاطع أنه لن يقبل أبداً بوجود دائم لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي» في الجنوب، وبدأت القوات التركية بقصف مواقع الحزب في عام 2014. وفي البداية، اقتصرت الضربات على بلدتي كوباني وتل أبيض شرق نهر الفرات، إلا أنها أصبحت أكثر انتشاراً وتواتراَ على مر السنين.
وفي حزيران/يونيو 2015، خلص "مجلس الأمن القومي" التركي إلى أن أي تحرك يقوم به «حزب الاتحاد الديمقراطي» غرب نهر الفرات يشكّل خطاً أحمر وسيستلزم الرد بقوة أكبر. وبعد أن عبر الأكراد النهر للاستيلاء على مدينة منبج، نفّذت تركيا تهديدها أخيراً من خلال إطلاق عملية «درع الفرات» في آب/أغسطس 2016. وعلى الرغم من أن تركيا أعلنت صراحة أن هدفها هو إزاحة تنظيم «الدولة الإسلامية» من المنطقة الحدودية، غير أنّ هدفها الحقيقي كان منع «حزب الاتحاد الديمقراطي» من ربط إقليمه الشرقي بجيب عفرين.
وانتهت عملية «درع الفرات» رسمياً في عام 2017، ولكن دوافعها قد استمرت. وفي كانون الثاني/يناير من هذا العام، ذكر متحدث عسكري أمريكي أن واشنطن تخطط لتحويل «قوات سوريا الديمقراطية» الى قوة حدودية. وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت تركيا بتكثيف عمليات القصف التي تشنها ضدّ عفرين وقرع طبول الحرب في حين وجّهت نقداً لاذعاً للولايات المتحدة. وسرعان ما تراجعت واشنطن، ولكن التَخم الخطابي قد تم تجاوزه.
التحديات العسكرية التركية
في 20 كانون الثاني/يناير، أطلقت تركيا عملية «غصن الزيتون» التي بدأت بغارات جوية ثم وسعت نطاقها لتشمل هجوماً برياً في اليوم التالي. وركزت عملية إطلاق النار على ستة قطاعات تشمل جبل برصة في الشرق، وبلبل وشنكال في الشمال، وراجو وشيخ الحديد في الغرب، وجنديرس في الجنوب. وتهدف أنقرة إلى الاستيلاء على المدن التي تحاصر الحدود. ومع ارتفاع يصل إلى 2,000  قدم، تطلّ هذه المدن على الوادي الذي تقع فيه مدينة عفرين، لذلك سيؤدي الاستيلاء عليها إلى قطع الجيب في اتجاهين، مانحاً تركيا السيطرة على كامل الحدود الغربية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاستيلاء على جنديرس سيضع حدّاً للقصف الذي تتعرض له مدينة ريحانلي الحدودية المحاصرة في تركيا. كما ويشكل الاستيلاء على طريق عفرين - راجو هدفاً رئيسياً أيضاً.
وفي 30 كانون الأول/ديسمبر، عملت نحو ثلاثين وحدة متمردة من «الجيش السوري الحر» على توحيد صفوفها وأنشأت مجموعة جديدة أطلقوا عليها اسم «الجيش الوطني»، الذي يقاتل الآن جنباً إلى جنب مع القوات التركية في عملية «غصن الزيتون». ومن بين الجماعات الأكبر تحت مظلة «الجيش الوطني» وحدات «فيلق الشام»، و«جيش النخبة» و«الجبهة الشامية». وفي هذا الصدد، ادّعى مسؤول في «فيلق الشام» أن 25 ألف متمرد قد شاركوا في العملية، في حين قال مسؤول في «جيش النخبة» أن هذا العدد بلغ 13 ألف فرد، أمّا "المرصد السوري لحقوق الانسان" فقد قدّر مشاركة نحو 10 آلاف فرد. وقد يكون العدد الحقيقي أقرب إلى 7 آلاف سوري. ولم يفصح الأتراك عن عدد القوات التي خصصوها لعملية «غصن الزيتون»، إلا أنهم أرسلوا 4 آلاف فرد لعملية «درع الفرات». ووفقاً لرئيس الوزراء بن علي يلدريم، فإن القوات التركية تواجه الآن بين 8 و10 آلاف مقاتل من «حزب الاتحاد الديمقراطي».
من الناحية العسكرية، يعتبر جيب عفرين هدفاً سهل المنال، وقد تم قطعه عن المناطق الأخرى التي يسيطر عليها «حزب الاتحاد الديمقراطي» منذ تموز/يوليو 2012، كما وتحيط به تركيا وحلفاؤها من جميع الجوانب. وقد سهّل ذلك وقوع هجوم متعدد المحاور غير ممكن في مناطق مثل منبج التي تقع في أقصى الشرق، حيث يكون الاتصال الوحيد بين الجانبين على الحدود. كما يجعل إعادة الإمدادات صعبة للغاية بالنسبة للأكراد في عفرين، الذين يعتمدون كلياً على سخاء نظام الأسد. وفي الوقت الراهن، تهدف دمشق إلى استنزاف تركيا، لذلك أعطت الأكراد مجالاً كبيراً في المعركة. ويمكن للروس المتقلبين بنفس القدر أن يغلقوا المجال الجوي في عفرين أمام الطائرات التركية في الوقت الذي يروه مناسباً.
قد تواجه تركيا أيضاً بعض الصعوبات نفسها التي واجهتها في خوض صراع غير متناظر خلال عملية «درع الفرات»، حيث أن اعتمادها على الدروع الثقيلة تركها عرضة للوحدات المتنقلة الخفيفة المزوّدة بصواريخ مضادة للدبابات. كما تفتقر ترسانة الدبابات القديمة إلى الدروع الكافية للحماية ضد الأجهزة المتفجرة المرتجلة التي يمتلكها «حزب الاتحاد الديمقراطي». وعند مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، تعرضت القوات التركية إلى ضغط شديد للقيام بعملية مسلحة مشتركة بين الوحدات المدرعة والمشاة، في حين لم يكن الدعم الجوي القريب للقوات الميدانية متوفراً - وكان ذلك أحد الأسباب التي جعلت معركة الباب تستغرق ثلاثة أشهر. فقد عجزت الوحدات عن الصمود ضد المقاتلين المتخلفين لتنظيم «الدولة الإسلامية» بعد التقدم التي أحرزته، واضطرت إلى الاعتماد على «الجيش السوري الحر» للتخفيف من وطأة الضغط. وفي هذا الإطار، تكشف أصول الفدائيين في «حزب الاتحاد الديمقراطي» وقدراته الهجينة نفس مواطن الضعف. وبما أنّه قد تمّ تطويق القوات الكردية، فلن تتمكن من الهرب من البلدات كما فعل تنظيم «الدولة الإسلامية» في دابق وجرابلس بمجرد انضمام تركيا للعمليات القتالية.
وتخلق الجغرافيا والطقس عوائق أيضاً. وقد أدت الظروف العاصفة إلى إبطاء تقدم تركيا في 26 كانون الثاني/يناير، مما أدى إلى تحول الرمل إلى وحل وعجزت الطائرات النفاثة عن الطيران بسبب الضباب. كما أنّ الجزء الأكبر من جيب عفرين مكوّن من تلال، مما يجعل من الصعب استخدام المركبات المدرعة. وباختصار، ستكون عملية «غصن الزيتون» أكثر تحدياً من «درع الفرات»، ويُعزى ذلك لجميع الأسباب المذكورة أعلاه.
أهداف أنقرة الحقيقية
أدلى القادة الأتراك ببيانات متضاربة حول أهداف العملية الحالية وإطارها الزمني. وأعلن أردوغان عن رغبته في عودة اللاجئين إلى سوريا، وإنهاء قصف «حزب الاتحاد الديمقراطي» لتركيا، ومواصلة القتال إلى أن يتم "تحييد" الجماعة. وقال في 21 كانون الثاني/يناير إنّ العملية ستنتهي "في وقت قصير جداً"، لكنّه أعلن بعد ذلك أنّها ستتقدّم الى الحدود العراقية بعيداً نحو الشرق.
وكان رئيس الوزراء يلدرم أكثر تحديداً، إذ أفاد أنّ عملية «غصن الزيتون» ستُنشئ منطقة آمنة على عمق ثلاثين كيلومتراً على أربع مراحل. ووفقاً لتغريدة صادرة عن مكتبه، تهدف العملية إلى مساعدة «الجيش السوري الحر» على الاستيلاء على مساحة 10 آلاف كيلومتر مربع، على الرغم من أنّ جيب عفرين الكردي لا يتجاوز ثلث هذا الحجم. وأشار المكتب أيضاً إلى ضرورة منع «حزب العمال الكردستاني» من الوصول الى البحر المتوسط من خلال الاستيلاء على جبال الأمانوس في تركيا التي سبق أن هاجمتها الجماعة في الماضي.
ولكنّ الهدف العسكري الحقيقي لأنقرة يكمن في إنهاء الدعم الأمريكي لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وجمع الأسلحة التي استلمتها الجماعة، وإجبار الأكراد على الانسحاب إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات. ومن الناحية السياسية، يأمل أردوغان في تعزيز دعمه قبل الانتخابات التي قد تنطلق قبل موعدها المقرّر في عام 2019؛ وفي الواقع، جاءت معظم تعليقاته على العملية ضمن فعاليات على غرار حملات انتخابية.
تهديد للعلاقات الأمريكية - التركية
وصلت علاقة أنقرة مع واشنطن إلى الحضيض، وغالباً ما تُعزى أسباب هذا الصدع إلى تزايد استبداد أردوغان وتعليقاته المعادية للأجانب. ولكن إنصافاً له، أخفق القادة الأمريكيون مراراً وتكراراً في الوفاء بوعودهم تجاه «حزب الاتحاد الديمقراطي» وإزالة قلق اردوغان بشأن توسّع الجماعة. وأصبحت الحكومتان الآن على خلاف، غير قادرتان حتى على الاتفاق على مضمون المحادثات الرئاسية. وفي ظل الجوّ الحالي، فمن المشكوك فيه أن تستطيع واشنطن عمل أي شيء للحدّ من التوتّرات سوى التخلّي عن الأكراد.
ولكن حتى هذا الخيار المثير غير ممكن أيضاً، نظراً إلى أنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» لا يزال يشكّل تهديداً في سوريا، ويبقى «حزب الاتحاد الديمقراطي»/و«قوات سوريا الديمقراطية» الشريكين الرئيسيين لواشنطن في مواجهته. ففي 19 كانون الثاني/يناير، على سبيل المثال، لاحظ مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية "المعركة الوحشية" المستمرّة ضد الجماعة على جانبي نهر الفرات. وبعد أسبوع، استولت قوات تنظيم «الدولة الإسلامية» على الأراضي في الحجر الأسود جنوب دمشق.
توصيات في مجال السياسة العامة
يجب على واشنطن أن تسعى إلى استرضاء تركيا من دون أن تخسر موطئ قدمها في القسم الكردي في سوريا، حيث تحتاج إليه لمحاربة بقايا تنظيم «الدولة الإسلامية» وممارسة النفوذ ضد المكائد الإيرانية والروسية. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب أن تقنع «حزب الاتحاد الديمقراطي» بالانسحاب من منبج. وفي الوقت نفسه، عليها أن تعزّز وحدة القوات الأمريكية في المدينة لتكون بمثابة حاجز بين الخصمين، كما فعلت في آذار/مارس 2017 عندما نشرت عناصر من «فوج المشاة» الـ 75 للجيش من أجل مهمة "الطمأنة والردع". كما يتعيّن عليها نقل الجنود إلى مناطق حدودية استراتيجية كدليل لتركيا بأنّها لن تسمح بحرب شاملة على طول الحدود. وأخيراً، ينبغي على المسؤولين الأمريكيين النظر في تقديم معلومات استخباراتية نوعيّة معزّزة عن «حزب العمال الكردستاني»، من بينها معلومات عن مركزه العصبي في جبال قنديل في العراق.
باراك بارفي هو زميل باحث في "مؤسسة أمريكا الجديدة"، ومتخصص في الشؤون العربية والإسلامية. وقد زار سوريا أكثر من إثني عشر مرة منذ عام 2011.
========================
دير شبيغل :انتصار الأسد: ما الذي سيأتي بعد الحرب في سورية
سوزان كويلبل – (دير شبيغل) 24/1/2018
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كسب النظام السوري إلى حد كبير حربه ضد المتمردين، وأصبح التفكير يتحول بالتدريج إلى مستقبل سورية. لكن أمام البلد طريق طويل ليقتطعه قبل أن يجد السلام.
*   *   *
دمشق، سورية – في الساعة الحادية عشرة وسبع وأربعين دقيقة صباحاً، في يوم صافٍ من أيام تشرين الثاني (نوفمبر)، لا يعبق الهواء في حي باب شرقي برائحة النصر، وإنما بالغبار والدخان، بينما تضرب قذيفة مورتر خلف مكتب جيني لطفي. وتقول لطفي، مشيرة إلى حي يقع على بعد كيلومتر واحد فقط من مكتبها في وكالة للرعاية الاجتماعية تابعة للكنيسة الكاثوليكية السورية: "الإرهابيون موجودون في جوبر". وتضيف جيني  البالغة من العمر 27 عاماً: "يقصفون بخط مستقيم"، مؤكدة على أن هذا هو ما يهم عندما يأتي الأمر إلى قذائف المورتر.
ارتطمت القذيفة بسقف الجامع خلف "البوابة الشرقية"، أو "باب شرقي"، وهو واحد من سبعة مداخل للمدينة القديمة في دمشق. وتتساءل لطفي: "لماذا يطلقون النار علينا؟ لم يتبقَّ هنا سوى المدنيين". لكن ما لا تعرفه هو أن الحكومة تشن حملة من الضربات الجوية الكثيفة على الثوار هنا في جنوب شرق سورية، وأن الهجوم على المدينة القديمة هو بمثابة جهد اللحظات الأخيرة بالنسبة للثوار المحاصرين قبل مواجهة هزيمتهم الحتمية.
بالمعاني العسكرية، تقرر مصير الحرب فعلاً –بالنسبة للأسد والنظام السوري. ومع ذلك، ما يزال البلد بعيداً عن السلام.
جيني لطفي مسيحية أرثوذكسية، وهو ما يجعلها جزءاً من أقلية في سورية هي الأكثر احتمالاً للعثور على الحماية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. لكن ذلك لم يوقف الوفيات الناجمة عن القصف في الأيام الأخيرة في الأزقة الضيفة للحي المسيحي.
وقد أصيب والد لطفي في صدره بشظية، وأصيبت والدتها في ذراعها بقطعة منها بينما كانت تسير نحو جهاز صراف آلي. وفي الأيام الخمسة الماضية وحدها، تلقى الحي نحو 105 ضربات.
أصبح القتال في دمشق أسوأ مما كان عليه منذ وقت طويل. ويبدو الأمر كما لو أن صوت التفجيرات المتواصل هو طلقات المدفعية التي ترحب بمفاوضات السلام التي أعلِن عنها حديثا بين الحكومة السورية والمعارضة، وهي مفاوضات فشلت مرارا وتكرارا، كما حدث مؤخرا في اجتماع عُقِد في جنيف تحت قيادة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد زار دكتاتور سورية، بشار الأسد، في أوائل كانون الأول (ديسمبر). وكانت الرسالة التي نقلها هي أن الصراع العسكري سوف ينتهي قريباً، وأن بعض القوات الروسية سوف تنسحب. وتريد روسيا الآن إطلاق عملية السلام الخاصة بها في العام الجديد، وأن تقنع الغرب بتقديم أموال لإعادة الإعمار من أجل مساعدة البلد لمعاودة الوقوف على قدميه. وبعد وقت قصير من زيارة بوتين، تم الكشف عن أن روسيا تريد توسيع قاعدتها الجوية في البلد.
القصف يتواصل
في هذه الأثناء، تواصل القذائف السقوط على الغوطة الشرقية، حزام الضوحي الواقع إلى الجنوب الشرقي من دمشق، وأحد آخر معاقل الثوار. كما أن هناك أيضاً إطلاق نار في اليرموك، الجيب الفلسطيني وسط العاصمة. وفي مدينة إدلب الشمالية، على الحدود التركية، يتجمع المقاتلون مع جبهة النصرة المتطرفة ومجموعات ثوار أخرى لخوض المعركة الأخيرة ضد القوات الموالية للأسد.
كما أن الأميركيين أصبحوا موجودين الآن رسميا في البلد بتشكيلات أكبر للقوات في الشمال، بوجود مؤكد لنحو 2.000 جندي. كما أن الروس، والإيرانيين، وميليشيا حزب الله ما يزالون جميعاً في البلد. ويقوم الإسرائيليون بقصف مواقع حزب الله المشتبه بها في دمشق. وإذن، ما الذي يجب أن نفهمه من الزعم بأن الأسد كسب الحرب، عسكريا، بينما القتال ما يزال متواصلا؟ ما هو الذي على المحك بالضبط هنا، ومن هم اللاعبون وما هي مصالحهم وغاياتهم؟
الناس في دمشق سئموا بشكل خاص من الحرب، وقد أنهكتهم تماماً أكثر من ست سنوات من الحرب. ومثل جيني لطفي، فإنهم يتساءلون عن متى سينتهي القتال أخيراً، والأكثر أهمية، ما الذي سيبدو عليه السلام بعد ذلك.
من المؤكد أن السكان الذين ما يزالون يعيشون في دمشق ليسوا كثيرين بين أولئك الذين ثاروا على الرئيس الأسد في ذلك الحين. فقد هرب أولئك الناس منذ وقت طويل، أو أنهم في السجن أو موتى. ولو عُقدِت انتخابات غداً، فإن معظم سكان دمشق ربما يصوتون للأسد. فهو مطلق الحضور في المدينة، في الملصقات المعلقة في كل صالون حلاقة، أو على التقاطعات الرئيسية، في هيئة ضابط متجهم في الزي العسكري والنظارات، أو كرجل دولة في بدلة أمام مركز للتسوق.
وعلى النقيض من الناس في ضواحي المدينة، وفي حين لعب الناس في شمال سورية وحلب، وفي درعا في الجنوب الغربي، دائماً وفق قواعدهم الخاصة، ظل معظم سكان دمشق موالين دائماً لعائلة الأسد.
يقول الكثيرون إنه في حين أن الأسد ربما يكون دكتاتورا، فإن البديل سوف يكون –حرفيا- نظاما من قاطعي الرقاب. ويقول مهندس معماري: "سوف أحزم حقائبي إذا غادر الأسد، إذا جاء الثوار إلى السلطة، الإخوان المسلمون". والرجل بعمر 52 عاماً، بنفس عمر الرئيس. ومكتبه الواقع في شارع محمي بشكل جيد وسط دمشق، ومؤثث بأناقة بينما تتعلق لوحة زيتية لمعبد بِل في تدمر على الجدار. ويعتقد المعماري أن الأسد هو أهون كل الشرور.
هناك، بطبيعة الحال، توق إلى العدالة، كما يقول، وإلى وضع نهاية للفساد والمحسوبية لعائلة الأسد ومؤيديها. لكنه لا يعتقد أن المعارضة المسلحة سوف تعرض حياة أفضل، وحرية أكثر أو حتى ديمقراطية مستقرة.
هل يمكن أن يكون هناك سلام مع الأسد؟
بدلاً من ذلك، يبدو أن القضية الأساسية اليوم هي ما إذا كان يمكن أن يكون هناك سلام مع الأسد، على الرغم من كل شيء؛ ما إذا كان ثمة حل تفاوضي يقود في نهاية المطاف إلى استقالته؛ أو ما إذا كان البلد سيظل دولة فاشلة منبوذة، مقسمة إلى شذرات مدمرة ومعزولة تسيطر عليها فصائل مختلفة.
نائب وزير الخارجية، فيصل مقداد، هو واحد من أكثر الموالين للأسد حماسة. وقد حافظ على الولاء على مر السنين، حتى في أحلك الساعات في أوائل 2013، عندما كان الغرب مقتنعاً بأن سقوط الأسد أصبح مؤكدا.
يقابل مقداد هذه الصحفية في وزارة الخارجية، مرتديا قميصا أبيض، ونظارات فضية وبدلة رمادية. وقد تحول الدبلوماسي الرفيع نفسه إلى الرمادي بمرور الوقت. ومقداد قانعٌ بأن سورية كسبت المعركة الأكثر أهمية في هذه الحرب. فقد استعاد الأسد، بمساعدة إيران وروسيا، مدن دير الزور وتدمر من "داعش"، ويريد مقداد أن يتم الاعتراف بهذه الحقيقة كما يجب. وهو يتجاهل ذكر أن الغرب قد ساعد بالمثل في قصف "داعش" وطرده من الرقة بدعم من الأكراد.
يتساءل مقداد عما إذا كان الغرب والأوروبيون قد أصبحوا مستعدين أخيراً لـ"الاعتراف بأنهم فشلوا" في خطتهم للإطاحة بالحكومة السورية واستبدال الأسد بـ"ألعوبة للغرب". وهناك نغمة مجروحة في كلماته. فهنا أيضاً، كما يقول مقداد، عانى الناس، وتشردوا وقُتلوا.
لم تكن لدى الثوار قوة جوية، ولذلك لم يستطيعوا إيقاع نفس القدر من الضرر الذي أوقعه النظام، المسؤول أكثر بما لا يقاس عن أكبر عدد من الوفيات بين المدنيين. لكن الثوار أيضاً ألحقوا الأذى بالناس في المناطق التي يسيطر عليها الأسد. وعلى سبيل المثال، قاموا باختطاف ابن شقيق مقداد البالغ من العمر 12 عاما ووالد مقداد المسنّ. وكان هدف الخاطفين هو تأمين إطلاق سراح سجناء. وقد مات والد مقداد بعد وقت قصير من مبادلته بسجناء من المتمردين. ويدَّعي نائب وزير الخارجية بأن العقل المدبر وراء الخطف يوجد الآن في ألمانيا، حيث منح حق اللجوء. ويؤكد مقداد أن العديد من السوريين الذين هربوا إلى ألمانيا هم فارون من الخدمة العسكرية أو خونة أو مجرمون.   
يتحدث مقداد كما لو أن الحرب قد انتهت فعلاً، كما لو أن القتال في الغوطة الشرقية هو مجرد الأنفاس الأخيرة. ويقول مقداد: "إعادة الإعمار" بدأت فعلا. ولكن، بأي أموال أو وسائل؟
دولة مقسمة
اليوم، أصبحت سورية التي يريد نائب وزير الخارجية أن يعيد بناءها بلدا مختلفا تماما عما كانته قبل الحرب. فبعد أن توزعت بين مؤيدي الأسد وكارهيه، أصبحت سورية دولة من الجزر العاملة الصغيرة فقط، في بحر من الدمار والتحلل.
ربما تفتح الجامعات، والمدارس والمشافي في دمشق. ولكن، في محيط هذه الجزر، حلت محل النظام العام في العديد من الأماكن ميليشات اضطرت إلى الدفاع عن قراها وبلداتها وضواحيها ضد الثوار و"داعش" أنفسهم، بسبب الافتقار إلى وجود أفراد الأمن النظاميين.
وقد تحول قادة الميليشيات المحلية إلى أمراء حرب انتهى بهم المطاف إلى نهب منازل مواطنيهم أنفسهم بعد أن استولوا على الأحياء. وباعوا الغنائم في أسواق البضائع المستعملة واعتبروا العوائد رواتبهم. والآن يسوِّق أمراء الحرب الجدد أنفسهم كمحرري البلد، ومن غير المرجح أن يتخلوا عن سلطتهم المكتشفة حديثا.
مع ذلك، وبدلا من معالجة مثل المشكلات، يفضل الدبلوماسي مقداد التحدث عن "الانتصار" على ما يسميه "الموامرة الدولية". ويقول: "الولايات المتحدة، وتركيا، ودول الخليج وأوروبا مسؤولون عن كل قطرة دم أريقت هنا".  ووفقا لمقداد، فإنهم استخدموا نقودهم لجلب حاضنة الإرهاب إلى سورية، وتغذيتها، وإرسال جيش من المتطرفين إلى داخل البلد، وتحريض السوريين على الأسد.
لكن هناك حقيقة مختلفة على الجانب الآخر من الجبهة. وفي الحقيقة، كان جزء من المأساة السورية هو أن كل جانب يستطيع أن يقبل حقيقة واحدة فقط: حقيقته الخاصة.
"هل تأسف أيضا للضحايا على الجانب الآخر؛ الآلاف من أعضاء المعارضة الذين عُذبوا وقُتلوا في زنازين مخابرات الحكومة"؟
"إنهم يوجدون فقط في عقول أولئك الذين اختلقوا هذه الأكاذيب".
"هل تعتقد جديّا بذلك"؟
"ليس هناك تعذيب منهجي هنا. إننا نعتني بمواطنينا".
تعتقد معظم الحكومات الغربية بأن تسليح المعارضة كان مشروعا. ومن وجهة نظرها، جاءت الانتفاضة نتيجة للقمع الدموي للاحتجاجات السلمية التي انطلقت ضد الأسد في أوائل العام 2011. وعلى الجهة الأخرى، تقول الحكومة والناس في دمشق إن دول الخليج، والولايات المتحدة، والرئيس التركي رجب أردوغان وبضعة أوروبيين أرادوا التخلص من الأسد منذ البداية.
الألم مرئي في كل مكان
في كل هذه الأوقات، ظلت دمشق حصنا آمنا. ومع ذلك، فإن هذه المدينة القديمة التي شكلت جوهرة لثقافات بالغة الاختلاف، أصبحت مجروحة، والألم مرئيٌّ في كل مكان. وتمكن رؤية مظاهر حالة الطوارئ التي فُرضت على ما قد تكون أجمل حاضرة في الشرق الأوسط، في كل منعطف وشارع –حتى مع أن الدمار لا يُقارن أبداً بما حدث لحلب وحمص. هنا، يعيش سكان دمشق مع عدد لا يُحصى من نقاط التفتيش، وحواجز الأكياس الرملية التي تغلق الأزقة، والرجال في الزي العسكري الذين يحملون بنادق الكلاشنكوف. ومع ذلك، ما يزال قلب المدينة ينبض وسط هذه العاصفة.
ظل خط الإمداد من لبنان مفتوحا في كل الأوقات، وكذلك فعل في موانئ طرطوس واللاذقية على البحر المتوسط. ويواصل الباعة عرض بضائعهم في السوق القديم، سوق الحميدية، حيث يمكن العثور على كل شيء –من هاتف "آيفون 5" إلى أحدث تقليعات الأزياء. ويبدو فندق "فور سيزونز" الفاخر مثل أي مكان دولي آخر للأغنياء والجميلات. وتصطف المطاعم والمحلات التجارية على جوانب الشوارع، حتى مع أن ضيوف الفندق أصبحوا الآن من الأعضاء الحصريين تقريباً لمنظمات الإغاثة الدولية.
في حي باب توما المسيحي، ما يزال السكان يشربون النبيذ ويأكلون جيدا –على الأقل أولئك الذين يستطيعون تحمل الكلفة. وتعادل الليرة السورية أقل من عُشر قيمتها قبل الحرب.
الكثير من أولئك الذين ما يزالون يقطنون دمشق هم هناك لأنهم لم يستطيعوا المغادرة، أو لم يريدوا المغادرة، أو لأنهم ما يزالون يتشبثون بالفكرة المشبعة بالحنين؛ أنَّ الحياة ربما تعود إلى ما كانت عليه سابقاً، على الرغم من كل شيء. ويبدو أنهم يقمعون الذكريات عن كيف أن جهاز أمن الأسد الشهير بقسوته دقَّق دائماً في حياة كل فرد وجعل خصومه يختفون في سجون التعذيب سيئة الصيت. لكن الكثيرين هناك يرون أن هذا كان شراً صغيراً مقارنة بالتهديد من الإسلاميين.
كانت المؤسسة الأمنية موجودة قبل الحرب. وهي تتكون من أربعة أجهزة استخبارية قوية تتنافس مع بعضها البعض وتتعاون أيضاً مع ذلك، والتي يعتمد عليها الجميع في نهاية المطاف. وقد ورث الرئيس الأسد المؤسسة الأمنية عن والده. واليوم، أصبح الجاني والسجين في الوقت نفسه لنظام الرعاية المبهم الذي يحافظ عليه، وإنما لا يستطيع أن يحله أيضاً من دون فقدان السلطة.
في هذه الأيام، أصبحت دمشق عاصمة بلا شباب ذكور تقريباً، ومكاناً حيث لا تستطيع الشابات العثور على رجال لتأسيس عائلة. ولا يعلن الجيش أي أرقام عن عدد الجنود الذين قتلوا أو جُرحوا في الحرب.
وفي الأجزاء الأفقر من المدينة، مثل أحياء الدويلة والمليحة، فقد الآلاف من الدمشقيين منازلهم، من أنصار وخصوم الأسد على حد سواء. وهم الآن يزدحمون في ملاجئ الطوارئ في ضاحية جرمانا التي تضم أيضا عشرات الآلاف من اللاجئين من أجزاء أخرى من البلد، من إدلب وحلب، ودير الزور والبوكمال. ولكن ليس هناك عمل يمكن العثور عليه. فالمصانع مدمرة، ويعيش معظم الذين فقدوا منازلهم في القصف على التبرعات من الجمعيات الخيرية. وهناك الكثير من المتسولين.
"لا نريد أن ننظر إلى الوراء"
عندما يجلس سكان دمشق إلى طاولة الإفطار في الصباح ويشاهدون التلفاز الذي تسيطر عليه الحكومة، يعتقد معظمهم أن ما يرونه فيها إيجابي. ويعتقدون بأن الجيش السوري المنتصر حرر البوكمال، معقل الإرهابيين على نهر الفرات، إلى جانب قوات القدس الإيرانية. ويعود اللاجئون من المنطقة إلى قراهم، وتجري إعادة بناء السوق في حلب سريعاً، وتتم إعادة إعمار مدرسة في مدينة حمص المدمرة. وعندما التقى الأسد بالرئيس الروسي فلاديمين بوتين في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) في مدينة سوشي الروسية، قال: "إننا لا نريد أن ننظر إلى الوراء بعد الآن".
أولئك الذين ينظرون إلى الوراء سوف يرون مئات الآلاف من القتلى الذين تمت التضحية بهم في صراع يزعم كل طرف بأنه عادل ومن أجل خير الشعب السوري. ويستطيع أولئك الذين ينظرون إلى الوراء أن يروا أيضاً 10 ملايين مشرد -نحو نصف السوريين- الذين أُجبِر أكثر من 5 ملايين منهم على مغادرة البلد. وسيرون أيضا جرائم حرب خطيرة.
يعرض التلفزيون الحكومي الآن مقابلات معدة بعناية مع قادة الثوار الذين يعترفون أمام الكاميرا: "لقد ارتكبت خطأ. وأنا ممتن للنظام على قبولي مرة أخرى".
يقول علي حيدر، وزير المصالحة السورية، أن المسألة الآن أصبحت "إنقاذ سورية"، وأن هذا شيء يجب أن "نفعله معا". وحيدر طبيب في الحقيقة، رجل طويل القامة، ضامر وعريض الوجه يضع نظارات ويبتسم كثيراً. وهو يُسند أهمية كبيرة لحقيقة أنه ينتمي فعلياً إلى "المعارضة"، التي هي في الحقيقة مفهوم نسبي جداً في سورية. ربما كان قد اختلف كثيرا مع الرئيس عند نقطة معينة، لكنه ظل بعيدا بطبيعة الحال عن التشكيك في النظام أو حمل السلاح ضد الأسد.
عندما سألته عما هو مستعد لعرضه على الثوار، ذكر الرجل في الخامسة والخمسين عاماً "صيغة سحرية". وقال: "ليس لدينا مال، لكننا نستطيع أن نعيد للمقاتلين حياتهم، وعائلاتهم". وبالنسبة لحيدر، فإن الأمر يتعلق بانتشال "النفوس" مرة أخرى.
في مكتب حيدر في دمشق، وهو مكتب حكومي نمطي، بتلك الكراسي الكبيرة وأوعية الكريستال المليئة بالحلويات ومكتب خشبي كبير، يأتي المفاوضون ويذهبون بلا توقف. وعملهم هو التفاوض على الشروط لعودة القادة العسكريين.
ولكن، ماذا عن الخصوم السياسيين الذين هم الآن في الخارج؟ يتجنب الوزير حيدر هذا السؤال، ويقول إنه لا يريد أن يتحدث عن اللاجئين في أوروبا وفي ألمانيا. ويفضل تركيز انتباهه بدلاً من ذلك على أولئك الموجودين في الدول المجاورة، الأردن وتركيا ولبنان. ويقول إن أكثر من 530.000 طفل سوري هم الآن على قوائم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة هناك، وأن ملايين الدولارات تُدفع من أجل تعليمهم. ويمكن فعل هذا هناك، بطبيعة الحال، وإنما بكلفة أكبر بكثير، كما يقول.
واحدة من بطاقات المساومة الغربية القليلة
وهكذا، عندما يتعلق الأمر بعودة اللاجئين، سوف تكون هذه دائماً مسألة كم من النقود تلزم لكَم من الناس. كما ستكون أيضاً مسألة مَن هو الذي يدفع ماذا من أجل إعادة الإعمار الممكنة لسورية. ومن الواضح مسبقاً أن إعادة الإعمار هذه ستكون مكلفة للغاية وسوف تتطلب عقوداً من الزمن، إذا تسنَّت من الأساس.
ويمكن أن يكون هذا الشأن أيضا واحدة من بطاقات المساومة القليلة المتاحة للغرب. ويستطيع الغرب أن يضع الشروط لما يمكن أن تبدو عليه سورية في المستقبل، ولكم من الدعم الدولي يمكن تقديمه في مقابل أي مستوى من الانفتاح، وطبيعة دور الأسد المستقبلي. ومن الواضح أن النظام لا يتوقع من حليفيه، روسيا وإيران، أن يكونا داعميَه الماليين في المستقبل.
لكن القتال يجب أن يتوقف قبل أن يستطيع أحد حتى مجرد التفكير بسورية جديدة. أحد الرجال الذين قرروا إلقاء السلاح هو عبد العزيز شوداب، من الكسوة الواقعة على بعد ساعتين من دمشق. عمره 41 عاماً، طوله نحو ستة أقدام وخمس بوصات، له رأس صلعاء ولحية طويلة، ويرتدي بنطال جينز وقميصاً أسود قصير الأكمام. وصل إلى اجتماعنا وهو يقود سيارة "هامر" بنوافذ مظللة. ويبدو أن لديه نقود. وهو في برنامج المصالحة الحكومي منذ عام الآن.
يقول قائد الميليشيا السابق إنه قاد آخر مرة 7.000 رجل من "أحرار الشام"، المجموعة المقاتلة السلفية في منطقة الكسوة. والآن، يجلس شوداب في فندق في وسط دمشق، ويشرب عصير البرتقال. وليس من الممكن التحقق من كل تفاصيل قصة شوداب، وأحياناً يبدو تصويره للأحداث متوقعا كثيرا، كما لو أنه أعطي إيجازا عن المقابلة. والحقيقة هي أن الرجل احتاج إلى موافقة من الأمن العسكري، إحدى وحدات المخابرات السورية.
لكن الحقيقة أيضاً هي أن من الممكن رؤية شوداب في الأفلام الدعائية لأحرار الشام على الإنترنت وهو يستعر غضباً على النظام ويدعو أنصاره إلى قتال الأسد. وقد هاجمت مجموعته نقاط التفتيش وقوات الجيش، كما يقول. لكن المتحول لا يريد أن يدخل في تفاصيل الوقت الذي قضاه مع "أحرار الشام". واليوم، يعمل شوداب مع الحكومة السورية، ويحاول إقناع أقرانه من الثوار السابقين بتغيير الاصطفافات. ووفقا لشخص سوري مطلع، فإن البرنامج يقوده رسميا وزير المصالحة الوطنية، الوزير حيدر، لكن الذي يديره فعليا هو علي مملوك، رئيس المخابرات السورية.
لم تتبق الكثير من الفرص للمتمردين. فقد ذهب العديد من المتشددين إلى إدلب، حيث تجمع نحو 100.000 مقاتل حتى الآن، وفقا لشوداب. وفي أماكن أخرى، استسلم الثوار، أحيانا بعد أشهر من الحصار. وعندما يحدث ذلك، يتم أخذهم إلى أماكن يُتفق عليها بوساطة مفاوضين من كلا الجانبين، ودائما تقريباً يخرجون في الحافلات الخضراء التي تستخدم عادة للنقل العام. وفي المقابل، يسلم المقاتلون المتبقون أسلحتهم، ويقوم النظام بتسجيلهم ويعيدهم إلى بلداتهم وقراهم، شريطة أن يظلوا فيها.
الطريق إلى السلام غير أكيد
يقول روبرت فورد، آخر سفير أميركي إلى دمشق، ملخصاً الوضع: "الحرب تأتي تدريجياً إلى نهايتها. لقد كسب الأسد، وسوف يبقى". وهو يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط في واشنطن.
يدين الأسد ببقائه السياسي للإيرانيين والروس. وكانت القوات الجوية الروسية هي المسؤولة عن تغيير وجهة الأحداث. ومن المرجح أن تؤسس هاتان الدولتان وجوداً عسكرياً دائما لهما في سورية في المستقبل القريب، وربما يكون الرئيس بوتين هو الشخص الذي يملك معظم التأثير في دمشق. ومع ذلك، يختلف حلفاء الأسد حول كيفية المضي قدُماً. ويريد بوتين تسوية سلمية تدعمها المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، والتي قد تشمل أيضاً مشاركة المعارضة في الحكومة. بينما ليست لطهران، من الناحية الأخرى، أي مصلحة في حل يمكن أن يضعف سلطة الأسد. كما أنهم يختلفون أيضاً حول الدور المستقبلي للأكراد في البلد. وفي حين تعتبر روسيا حقهم في الحصول على الإدارة الذاتية مبرراً، فإن إيران لا تراه كذلك.
سوف يمضي وقت طويل قبل أن تنتهي هذه الحرب حقا. وحتى ذلك الحين، سوف تخرج الكثير من الحافلات الخضراء الإضافية الممتلئة بمقاتلي الثوار من مناطق الحرب، وربما تُطلَق عدة آلاف إضافية من قذائف المورتر على البلدة القديمة في باب شرقي.
و، كما هو الحال دائما، عندما تضرب مقذوفة ويتردد صدى الضربة في أنحاء المدينة القديمة، سوف تتصل والدة جيني لطفي بابنتها على هاتفها الخلوي، وتسأل: "جيني، هل أنتِ بخير"؟
========================
الصحافة التركية :
ملليت :دعاية "الكردستاني" في مواجهة "غصن الزيتون"
غونري جيوا أوغلو – صحيفة ملليت – ترجمة وتحريرترك برس
أجرت أنقرة الخطوات التمهيدية "الدبلوماسية" و"العسكرية" لعملية عفرين بشكل جيد.
فإطلاق العملية واستمرارها دون مواجهة عراقيل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وسوريا، هو نجاح دبلوماسي بامتياز.
والنتائج المتحققة حتى هذه المرحلة تثبت أيضًا أن التخطيط العسكري "واقعي".
لكن لا يمكن القول إن "الناحية الإعلامية" كانت على نفس المستوى. فالعملية لم يتم توضيح أهدافها للإعلام العالمي بطريقة كافية.
وفي المقابل، يسير حزب العمال الكردستاني وفرعه في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي وفق حملة استراتيجية دعائية محددة.
لا داعي لتكرار الأخبار والتعليقات السلبية المنتشرة في الإعلام الخارجي هنا، لكن سأتحدث عن أسس هذه الحملة.
يستهدف الحزب شرائح يمكنه التأثير عليها في المجتمعين الأمريكي والأوروبي، ويوجه رسائل لها ويرسم صورًا يمررها إليها.
على سبيل المثال، يستخدم موادًا دعائية تعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية في إسبانيا.
يرسل إلى وسائل الإعلام صور "مقاتلين" (!!!) معظمهم مسيحيون بيض قدموا من الولايات المتحدة وأوروبا إلى عفرين.
خلال الحرب الأهلية الإسبانية، كان اليساريون الجمهوريون  يقاتلون القوات المحافظة التابعة لفرانكو. وجاء لدعمهم شباب "يساريون/ ليبراليون" من الولايات المتحدة وأوروبا.
حارب هؤلاء جنبًا إلى جنب مع الجمهوريين الإسبان. وكان عددهم كبيرًا.
غير أن الأوروبين والأمريكيين الذين قدموا إلى عفرين من أجل حزب الاتحاد الديمقراطي لا يتجاوز عددهم العشرة..
ولكن.. الخبث هنا هو في تقديم هذا العدد على أنه أكبر بكثير، وإرسال صورهم إلى الإعلام العالمي على أنهم "مقاتلون أجانب".
الغاية هي الحصول على تعاطف مشابه لما حصل إبان الحرب الأهلية الإسبانية قبل حوالي مئة عام.
"المرأة" أيضًا مفهوم يتمتع بالأهمية في العالم. والتيارات السياسية الرئيسية توليه عناية كبيرة.
يضع الاتحاد الديمقراطي هذه الحساسية العالمية تجاه قضية "المرأة" ضمن استراتيجيته الدعائية. ويبرز دور المرأة  ضمن قوات وحدات حماية الشعب، جناحه المسلح. ويقدم صور المقاتلات ومشاهدهن إلى وسائل الإعلام العالمية.
ويعزز الحزب دعايته هذه من خلال منصب "الرئيسة المشاركة"، الذي يرمز إلى المساواة بين الرجل والمرأة في الجهاز القيادي بالحزب.
كما أن "حركة الخضر العالمية"، التي تعنى بالدفاع عن البيئة، تقع ضمن أهداف الحزب (الدعاية أمر، والإقناع أمر آخر).
يجلب الحزب صحفيين أجانب إلى عفرين، ويعمل على التأثير عليهم ليكتبوا ما يتوافق مع دعايته.
ويقدم مشاهد لأحداث وقعت في مناطق أخرى وفي أوقات سابقة على أنها أحداث جديدة وقعت في عفرين.
فماذا ينبغي على تركيا أن تفعل في مواجهة هذه "الدعاية القذرة"؟
هذا ما سيكون موضوع مقال لاحق.
========================
أكشام :"غصن الزيتون" تفقد قائدًا أمريكيًّا صوابه
كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
الجنرال جوزف فوتيل، قائد القوا ت المركزية الأمريكية، شخصية تضطلع بمهام كبيرة في سوريا والعراق. تذكرونه من خلال وصفه أتباع تنظيم غولن، الموقوفين بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، بأنهم "حلفاؤنا الميدانيون".
الجنرال فوتيل هذا عاد إلى الواجهة في الآونة الأخيرة بتصريح جديد، قال فيه إن بلاده لن تنسحب من منبج، وأضاف موجهًا رسالة إلى أنقرة: "نشكر حزب الاتحاد الديمقراطي، وسنواصل دعمنا له".
يعتقد فوتيل أنه سيزعج تركيا، أو سيثير غضبها بتصريحاته هذه، مع أن تصرفه هذا يشير إلى أن القائد الأمريكي فقد صوابه. فلا تكترثوا لتهديداته الظاهرة والمبطنة، لأن عملية غصن الزيتون أنزلت ضربة كبيرة بمخططات الولايات المتحدة.
كل ما بناه الجنرال فوتيل في منطقة عفرين ذهب أدراج الرياح مع عملية غصن الزيتون، وهذا ما أفسد مزاجه. غير أن تصريحاته الغاضبة لا معنى لها بالنسبة لأنقرة، التي أحبطت مساعي الولايات المتحدة في إضفاء شرعية على حزب الاتحاد الديمقراطي وإقامة دولة له.
عمليتا درع الفرات وغصن الزيتون أطاحتا بمشروع أمريكي امتد على مدى نصف قرن. يدرك فوتيل هذه الحقيقة، ويعتقد أنه بطريقة ما يمكنه إيقاف تركيا.
من الطبيعي أن يفكر كذلك، لأنه يرى أن مشروع الولايات المتحدة/ الناتو (حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي) ينهار على مرأى الجميع، وهذا ما لا يمكن قبوله بالنسبة لهم.
تمكنت تركيا من إحباط مشروعين أمريكيين كبيرين يستهدفانها، عبر حملات عسكرية وسياسية ودبلوماسية أقدمت عليها أنقرة. فبعد مشروع تنظيم غولن، باء مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي أيضًا بالفل. كل الاستثمارات والدعم بخمسة آلاف شاحنة من السلاح والذخيرة، فضلًا عن المكائد والدسائس، كلها ذهبت أدراج الرياح.
ستضطر واشنطن لتأجيل مشروعها خمسين عامًا أخرى، دعكم من بناء دولة لحزب الاتحاد الديمقراطي، هي لم تستطع حتى أن تضفي المشروعية عليه، وأن تدعوه إلى جنيف أو سوتشي.
هذه الحقائق هي ما تفسد مزاج القائد الأمريكي، الذي هاجمت بلاده تركيا من الداخل والخارج، وحرّكت جميع التنظيمات الإرهابية، ودعمت المحاولة الانقلابية، وحولت أردوغان إلى هدف للعالم بأسره، لكنها لم تنل ما ترنو إليه.
لن تقف أنقرة عند عفرين، وستدخل في الأيام القادمة إلى منبج، فإما أن تخرج الولايات المتحدة منها، أو ألا تعيق تحركات تركيا. وسيرى الجنرال فوتيل بنفسه عزم أنقرة.
يعتقد المجتمع الدولي أن تركيا تستخدم حقها في الدفاع عن النفس من خلال عملية غصن الزيتون، ويدعم أنقرة. وبدأ العالم يتحدث بصوت عالٍ عن إقامة الولايات المتحدة شراكة مع التنظيمات الإرهابية وتعاملها معها.
كما أن هناك اعتراضات جدية تتصاعد من داخل الولايات المتحدة على هذه الشراكة مع التنظيمات الإرهابية. وذريعة "مكافحة داعش" لم تعد مقنعة.
سقط قناع الولايات المتحدة ولم تعد قادرة على خداع العالم، وعلى الأخص تركيا!
========================
ملليت :"غصن الزيتون".. ثلاث مخاطر تضعها أنقرة في الحسبان
سربيل تشويكجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
بفضل الحرب السورية، اكتسب حزب العمال الكردستاني وذراعه في سوريا وحدات حماية الشعب، خبرات عسكرية لا تملكها سوى الجيوش النظامية، من قبيل السيطرة على المناطق ومن ثم الدفاع عنها.
وفرت الولايات المتحدة التدريب في هذا الخصوص وقدمت أسلحة ثقيلة لوحدات حماية الشعب، ما غيّر من طبيعة التنظيم.
ولهذا فإن الخبراء العارفين بالمنطقة يؤكدون منذ اليوم الأول لعملية غصن الزيتون أنها أصعب من درع الفرات، وأن الجيش التركي ينفذ عملية تتطلب مهنية كبيرة.
عامل التوقيت
ما أن انطلقت عملية عفرين حتى طالب بعض البلدان، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بأن تكون مدة العملية محدودة. وردت أنقرة بأن العملية ستسمر بقدر ما يتطلب الأمر.
مصادر عسكرية ودبلوماسية تحدثت معها، أشارت إلى النقاط التالية حول تخطيط أنقرة بشأن توقيت العملية:
1- وضعت أنقرة خطة تستغرق ثلاثة أسابيع من أجل حصار عفرين وإخراج وحدات حماية الشعب من المناطق التي تخضع لها، والسيطرة على هذه المناطق. وبسبب الضباب والأمطار لم تنتهِ المرحلة الأولى من العملية. وضعت أنقرة مسبقًا احتمال التأخير في حسبانها.
2- لاعتقاد وحدات حماية الشعب أن العملية غير قابلة للتنفيذ رفضت اقتراح النظام بتسليمه عفرين. لكن مع وقوعها تحت الحصار تحاول إقامة علاقات مع النظام، الذي ينتظر أن تضعف الوحدات أكثر من أجل المساومة. قد تطلب الوحدات تسليم عفرين للنظام على أن تبقى هي في المدينة، وفي مواجهة هذا الاحتمال لا ترغب أنقرة في دخول النظام عفرين قبل إنهاء العملية. ولهذا فإن الهدف الرئيسي هو إنجاز العملية بأسرع وقت ممكن.
3- أشعلت روسيا الضوء الأخضر أمام استخدام تركيا الأجواء السورية، لكن لم يضع البلدان تقويمًا في هذا الخصوص. يمكن للبلدان في المنطقة تغيير مواقفها باستمرار  تبعًا لظروف المرحلة. ولهذا يتوجب إتمام العملية بأقصر مدة ممكنة.
خبرة مئة يوم
بعد إتمام المرحلة الأولى من العملية، يأتي الدور على تطهير عفرين من وحدات حماية الشعب. وفي هذا الخصوص تمتلك قوات الأمن التركية خبرة كبيرة من خلال عملياتها ضد حزب العمال الكردستاني في المناطق الجنوب شرقية، حيث تم تطهيرها بواسطة عمليات مشتركة بين الشرطة والدرك والجيش.
استمرت العمليات المذكورة قرابة مئة يوم، والخبرة التي اكتسبتها القوات التركية ستنعكس على الساحة في عفرين.
لا تفكر أنقرة بالدفع بالجيش الحر إلى الواجهة في العمليات داخل مدينة عفرين، لأسباب اجتماعية وديموغرافية.
حدد الخبراء العسكريون والأمنيون معاقل وحدات حماية الشعب في عفرين. ويضعون الخطط من أجل اجتثاثها من هذه المناطق.
وتعتبر أنقرة، التي تخطط بعناية لكل مرحلة من العملية، أن المرحلة التالية ستشهد تفرق وفرار العناصر الإرهابية من المناطق المختلفة في عفرين.
========================
صحيفة قرار: انظر لما فعلته موسكو بـ "الخطأ"!
عاكف بكي – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس
دعت بـ "الخطأ" معراج أورال، زعيم إحدى عصابات الأسد، وهو مطلوب لتركيا بتهمة ارتكاب مجزرة "ريحانلي"، إلى سوتشي، لحضور مؤتمر تشارك فيه تركيا كدولة ضامنة.
استقبلت المعارضة السورية، التي أقنعتها تركيا بصعوبة بالمشاركة في المؤتمر، بأعلام النظام "دون قصد"، وبلغت استفزازتها "غير المتعمدة" هدفها، فانسحبت المعارضة من المؤتمر، ورضيت بأن تمثلها تركيا.
مفاجآت الصباح هذه، أعقبت ليلة حافلة أيضًا. فموسكو، التي لامت أنقرة بدعوى تأخرها في إنجاز نقاط المراقبة بإدلب، قصفت بـ "الخطأ" أيضًا مسار موكبنا العسكري المتجه لإنشاء نقطة مراقبة جديدة.
وبعد ذلك، صوّبت الميليشيات الشيعية وقوات الأسد مدافع الهاون بـ "الخطأ" نحو موكبنا، وكادت تقع مواجهة بين جيشين في منطقة خفض التصعيد.
عرّضت أمن الجيش التركي إلى الكثير من المخاطر، وأوشك من يتوجب عليه حماية ظهرنا أن يطعننا من الخلف على نحو "غير مقصود".
التحرشات غير المقصودة، والاستفزازات الناجمة عن الارتباك والتهور في سوتشي، والتعرضات لنا في إدلب، كل ذلك بدأ يتزايد في الآونة الأخيرة.
لكن ياللمصادفة، جميعها أحداث وقعت بغير قصد أو تعمد، وأي منها لم يكن مفتعلًا..
لكن إذا وضعنا سوء النية في الحسبان، يمكننا القول إن أيًّا من هذه الحوادث لم يقع عن غير قصد، وإنه لا يمكن تفسيرها بحسن نية، وإن موسكو تختبر قدراتنا العسكرية، وتلعب بأعصابنا قصدًا، وإنها تحاول جذب انتباهنا لجهة أخرى من أجل تنفيذ مآربها، وإنها تسعى لإجبار الجيش التركي على ارتكاب الأخطاء، وإن ما تفعله لا يندرج في إطار الصداقة.
ومع كل هذه الحوادث على الطريق ما زلنا نثق بشريكنا الجديد روسيا، أكثر من شريكنا القديم الولايات المتحدة. بل إن روسيا تحولت إلى شيء لا يمكن الاستغناء عنه من أجل سلامة ونجاح عملياتنا في سوريا، بما فيها "غصن الزيتون".
لكن المحافظة على حسن ذات البين مع موسكو لا تقتضي منا أن نغض الطرف عن النصف الآخر من الحقيقة.
فما هو الوجه الآخر من العملة، الذي لا يمكننا التعامي عن رؤيته؟
بطبيعة الحال، تركز روسيا على الاستفادة القصوى الممكنة من اصطدامنا بالولايات المتحدة، وتسعى لاستغلال كل ما ينجم عن تدهور علاقاتنا مع واشنطن.
وعلاوة على ذلك، فإن وحدات حماية الشعب، التي نصفها بأنها تنظيم إرهابي، لا تعتبرها موسكو كذلك، وترى أن من الممكن جدًّا التغاضي عن ما نعتبره قضايا حساسة بالنسبة لنا، وإبرام اتفاقات مع الوحدات.
ولا تفرطوا بالثقة بأن موسكو لن تعامل الجيش الحر، الذي نعتبره المعارضة الشرعية، مجددًا على أنه تنظيم إرهابي، بينما تستضيف معراج أورال زعيم العصابة، بكل حفاوة.
باختصار، كما هو الحال بالنسبة لكل شيء، الإفراط في موازنة عدم الثقة بالولايات المتحدة من خلال الثقة بروسيا، أمر  ينطوي على الأضرار. وعلينا ألا نضع البيض كله في سلة واحدة أولًا، وألا نستجير من النار بالرمضاء ثانيًا
========================
الصحافة البريطانية والعبرية :
الغارديان: كيف أصبحت هذه الدولة الصغيرة مصدّرا لمقاتلي داعش؟
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، تشير فيه إلى قصة طارق عبد الحق، الذي كان واحدا من أهم لاعبي الملاكمة الواعدين في ترينداد، وحصل على ميدالية في إحدى دورات ألعاب الكومنولث، وكان يحلم بميدالية أولمبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "عبد الحق اليوم ميت في مكان ما من العراق وسوريا، مدفون تحت ركام ما أطلق عليها دولة الخلافة، إلى جانب العشرات من أبناء بلده، الذين شكلوا معه مجموعة لم ينتبه لها الكثيرون من الشبان، الذين انجذبوا لتنظيم الدولة".
وتلفت الصحيفة إلى أن جزيرة ترينداد وتوباغو هي من أصغر الجزر في البحر الكاريبي، ويبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة، وتبعد عن عاصمة تنظيم الدولة 10 آلاف كيلومتر، مستدركة بأن عدد المتطوعين من هذه الجزيرة في تنظيم الدولة كان الأعلى عالميا.
ويفيد التقرير بأن أكثر من 100 شخص سافروا من هذه الجزيرة لينضموا إلى تنظيم الدولة، بينهم 70 خططوا للقتال والموت هناك، ومعهم أطفالهم ونساؤهم اللاتي رافقنهم، إما طوعا أو كرها، بحسب ما يقول المسؤولون الأمنيون، مشيرا إلى أنه من ناحية عددية، فإن من تطوع من الولايات المتحدة وكندا ذات العدد السكاني الأكبر لم يتجاوزوا 300 مقاتل.
وتقول الصحيفة إن "هذه القصة القوية عن الرحلة من جزيرة وادعة وغنية بالنفط والغاز إلى جبهات القتال في حرب الصحراء، لم تغب عن بال الدعاية في تنظيم الدولة، حيث حفل أحد أعداد مجلة التنظيم (دابق) في (صيف 2016) بلقاء مع أبي سعد التريندادي (واسمه الحقيقي شين كروفورد)، وتحدث فيه عن اعتناقه الإسلام، ورحلته إلى سوريا، التي انتهت بتهديد المسيحيين، ونقل المعركة إلى شوارع بلده، وقامت الحكومة التريندادية بالرد، من خلال وضع قيود جديدة على السفر والتمويل، ما جعل من الصعب عليهم السفر، وملاحقة من عاد من العراق أو سوريا".
ويجد التقرير أن الغريب في إقبال الشبان على القتال مع تنظيم الدولة أن هذا الأمر لم يهدد الجزيرة، ولم يتم اكتشاف عمليات موجهة ضدها، مستدركا بأن الجزيرة تواجه اليوم إمكانيةعودة مواطنين لها وقد تدربوا على القتال، ويحملون أفكارا متطرفة، ومستعدين للتأثير على الجيل الشاب.
وتذكر الصحيفة أن هناك مظاهر قلق في الولايات المتحدة من تهديد مباشر من الجزيرة الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، حيث يمكن للترينداديين السفر إلى الولايات المتحدة دون تأشيرات، مشيرة إلى أنه تمت إدانة مواطن من الجزيرة في مؤامرة لتفجير مطار جي أف كي في نيويورك عام 2007.
وينوه التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصل برئيس الوزراء التريندادي كيث روالي لمناقشة الإرهاب، بعد شهر من وصوله إلى البيت الأبيض، لافتا إلى أن بريطانيا لديها القلق ذاته، حيث حذرت قبل فترة من مخاطر إرهابية، مع أنها قدمت تحذيرات أخرى من فرنسا وإسبانيا.
وتفيد الصحيفة بأن نسبة المسلمين في ترينداد تبلغ واحدا من كل عشرة، وغالبيتهم معتدلون، إلا أن نسبة قليلة انجذبت نحو التطرف، ففي عام 1990 قامت "جماعة المسلمين" بأول انقلاب، حيث سيطرت على مقر رئيس الوزراء والبرلمان، إلا أن الجيش سيطر على الوضع لاحقا، واعتقل المتآمرين، مستدركا بأن قائد الانقلاب ياسين أبو بكر خرج من السجن بعد سنوات من خلال عفو عام، وعاد لممارسة نشاطاته.
وينقل التقرير عن أبي بكر، قوله في خطبة له، حضرها مراسل الصحيفة، إن الغرب الأوروبي ليس من حقه انتقاد عمليات الذبح التي مارسها تنظيم الدولة؛ لأن الفرنسيين استخدموا المقصلة في أثناء الثورة الفرنسية.
وتورد الصحيفة نقلا عن النائب العام فارس الراوي، قوله إن ترينداد ليست لديها مشكلة خاصة مع التجنيد لتنظيم الدولة ولا التطرف الديني، وأضاف: "يبدو العدد أكبر من أي مكان آخر، لكنني لا أقبل ولو للحظة بالقول إن لدينا مشكلة أكبر من أي دولة أخرى.. لا أعتقد أننا أكثر عرضة لذلك من أي بلد آخر".
وينقل التقرير عن الباحث الأنثروبولوجي ديلان كيرغان من جامعة ويست إنديز، قوله إن الدين كان أكبر دافع للمجندين لتنظيم الدولة، مشيرا إلى أن الكثير من الشبان الذين انضموا إلى تنظيم الدولة كان الوعد بالمال والسلطة هو الدافع الرئيسي لهم، و"هي جاذبية تشبه جاذبية العصابات في بلد يتسم بالعنف".
ويضيف كيرغان: "تقدم (العصابة) لهم العائلة، والنموذج الذي يحتذى به، والنظام الاجتماعي، والوعد بالحصول على الرجال والمال والسلطة والنساء والاحترام"، ويتابع كيرغان، الذي أجرى بحثا عن التطرف للأمم المتحدة، قائلا: "قال لي إمام إنه بدلا من الانضمام إلى عصابة محلية، فإن هناك من يحبذ السفر إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى عصابة أخرى".
ويقول الراوي للصحيفة إن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الجزيرة، مثل التشارك الاستخباراتي مع الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، تجعل من الصعب لمن سافروا للانضمام إلى تنظيم الدولة العودة من جديد.
ويشير التقرير إلى أن من يعرفون متطوعي الجزيرة في العراق وسوريا يقولون إن معظمهم وبعض من يعيلونهم قتلوا هناك، حيث يقول الراوي إن العائلة الوحيدة من الجزيرة التي عادت هي تلك التي تم اعتقالها في مخيم تركي، وكانت تحاول الدخول إلى سوريا، وهي الآن تخضع للرقابة.
وتذكر الصحيفة أن الراوي نفى أن تكون هناك مشكلة تطرف، قائلا إن من سافروا إلى سوريا كانوا يبحثون عن تفوق ضد منافسيهم من رجال العصابات، ويضيف: "هناك الكثير ممن يريدون السفر لمناطق الحرب من أجل القول كنا هناك ولبناء مصداقية.. ويجب أن التمييز بين الجهادي الحقيقي، الذي يريد الموت شهيدا دفاعا عن قضيته، وبين المجرم الذي يرتدي زي الإرهاب".
وبحسب التقرير، فإن الانضمام للتنظيم منح فرصا للهاربين من القانون، حيث كان شون كروفرد مجرما قبل اشتهاره، من خلال مجلة "دابق"، وسجن أكثر من مرة، منها ذات مرة للاشتباه في محاولته اغتيال رئيس الوزراء التريندادي في حينه، وسافر إلى سوريا مع صديقين له بعد الإفراج عنه، حيث كان لا يزال التحقيق جاريا في قضيته.
وتستدرك الصحيفة بأن البعض جاءوا من عائلات معروفة، مثل طارق عبد الحق، الذي تعد عمته باميبل من أشهر المحاميات في ترينداد، فيما كان والده يعقوب عبد الحق من المسؤولين البارزين في الملاكمة حتى وفاته عام 2012، لافتة إلى أن عبد الحق كان صديقا لفؤاد أبو بكر نجل قائد المحاولة الانقلابية عام 1990 ياسين أبو بكر.
ويذكر التقرير أنه "لم يبق من مجمع أبي بكر، الذي كان يحتوي على مدارس وعيادات ومطبخ للفقراء، إلا المسجد الذي يخطب فيه الأب والابن اليوم، ويحتشد بالمصلين، ويبدو فؤاد على طريق والده من ناحية الأفكار المتطرفة".
ووصف في مقابلة مع "الغارديان" الذين سافروا للقتال مع تنظيم الدولة بعبارات حماسية، وانتقد قانون الدولة الذي يحدد عمر الزواج، واصفا إياه بأنه مخالف للتعاليم الدينية، ونفى التقارير التي تحدثت عن وحشية تنظيم الدولة وسماحه بالرقيق، وقارن "خلافة" تنظيم الدولة بالدولة القائمة على الدين، مثل الفاتيكان وإسرائيل.
وقال فؤاد للصحيفة: "يطالبون بالاستقلال والدولة الإسلامية، ولديهم حق تقرير المصير، فكيف تطلب من هؤلاء الناس ألا يكون لهم حق إقامة الدولة الإسلامية لأنه ليس لديها وضع سياسي؟ فهناك دولة يهودية ودولة كاثوليكية".
وقال فؤاد إنه يعرف الكثير ممن سافروا إلى سوريا، قائلا إنه يختار كلامه حتى لا يخرق القوانين حول دعم الإرهاب، مع أنه لم يخف إعجابه بهم قائلا: "ليسوا أناسا سيئين، وهم من أفضل الناس الذين عرفتهم، بعضهم"، مشيرا إلى أنهم من مختلف مناحي الحياة "رجال أعمال ممن قرروا أن هذا هو الطريق الصحيح".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول فؤاد في محاولة لاستحضار داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ عام 1963، لتحية الترينداديين الذي ذهبوا إلى تنظيم الدولة: "قال مارتن لوثر كينغ إن الرجل الذي ليس لديه استعداد الموت من اجل قضية فإنه لا يصلح للحياة، وأحترم من يريدون التضحية بأنفسهم من أجل حياة الآخرين، وهذا ما كان هؤلاء الرجال يعتقدون أنهم يفعلونه".
========================
أمان :جنرال إسرائيلي: هذا هو الاسم الدقيق للحرب القادمة!
القدس - سوا
قال الجنرال الإسرائيلي إيلي ابن مائير أن الاسم الأكثر ملاءمة للحرب القادمة على الجبهة الشمالية لجيش الاحتلال، هو "حرب الشمال الأولى"، وليس حرب لبنان الثالثة.
وأشار إلى أن هذا "يعني دخول إسرائيل بحالة استنزاف غير مسبوقة في حال اندلع القتال".
وأضاف أن الحرب القادمة التي قد تشنها إسرائيل لن تكون فقط في لبنان، وإنما على جبهات ثلاث، لأن التغير الذي طرأ على الجبهة الشمالية بات يعني أن جانبي الحدود الشمالية تحولا إلى ساحة واحدة، مما سيؤدي لاحقا إلى استنزاف إسرائيل، في ظل ما وصفه بالتمدد الشيعي الذي بات يمتد من إيران إلى لبنان.
وأوضح ابن مائير، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث بجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، أن هذا التحليل يأتي متفقا مع التصريحات الأخيرة لقادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وعلى رأسهم وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت، اللذان اتفقا في إمكانية تدهور الأوضاع على الجبهة الشمالية، وصولا لما أسمياه حرب لبنان الثالثة.
وتابع ابن مائير في مقاله بصحيفة معاريف، أن هذه القناعة تتعزز مع زيادة النفوذ الإيراني في سوريا، وتعميق عملها في لبنان، بموازاة ضعف السلطة المركزية في بلاد الأرز، وتراجع التأثير السني فيها، خاصة السعودية، والأوروبية من قبل فرنسا، مما حول الجبهتين السورية واللبنانية من الناحية العملية إلى جبهة قتالية واحدة.
واعتبر أن المفردة المستخدمة من قبل كبار أركان المؤسسة العسكرية حول حرب لبنان الثالثة مصطلح مضلل وغير دقيق، لأن حرب لبنان الأولى وقعت عام 1982، وحرب لبنان الثانية حصلت في عام 2006، وكانت أكثر تعقيدا من الأولى.
واستدرك قائلا: الحرب الثالثة ستكون مختلفة تماما عن سابقتيها، نظرا للتغيرات التي طرأت على الشرق الأوسط، وحالة التعاظم التي يمر بها حزب الله في المرحلة الحالية، لاسيما بعد انخراطه الكبير في الحرب السورية.
وزاد قائلا : "في الحرب القادمة ستكون الجبهتان الشماليتان، في لبنان وسوريا، في حالة تواصل من الناحية الجغرافية.
وأوضح أن "هذا التواصل سيساهم في أن يمد أحدهما الآخر بالسلاح والمعدات على مدار الساعة، دون الحاجة إلى إمداد جوي أو بحري، كما كان في الحربين السابقتين".
========================
صحيفة عبرية : إسرائيل قررت إقامة وحدة صاروخية تغطي سوريا ولبنان
نداء سوريا:
ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وافق على بناء وحدة صاروخية مكونة من صواريخ أرض ـ أرض وقادرة على تغطية دولتي لبنان وسوريا.
وأضافت أن مشروع "الوحدة" من المقرر أن ينتهي عام 2020 ، حيث تمّ المصادقة عليه من قبل وزير الدفاع " أفيغدور ليبرمان".
ويأتي هذا القرار في ظل تنامي المخاوف الإسرائيلية من تمكن طهران من تطوير منظومات توجيه وتصويب مسار يمكن تركيبها على صواريخ بسيطة وتحويلها إلى صواريخ دقيقة.
ولفتت الصحيفة نقلاً عن المحلل العسكري أليكس فيشمان : " بأن المخاوف عند الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بدأت بالتزايد إثر محاولات إيران الحثيثة لتطوير قدراتها الصاروخية، فبدلاً من قيام إيران بنقل صواريخ إلى لبنان عن طريق سوريا، باتت تستعد لتركيب منظومات توجيه من إنتاجها على الصواريخ البسيطة الموجودة في لبنان وتحويلها إلى صواريخ دقيقة، الأمر الذي لا يتطلب إقامة مصانع ضخمة، وبالتالي وبحسب التقديرات الإسرائيلية سيكون على أرض لبنان خلال عقد من الزمان، أكثر من ألف صاروخ دقيق، يكون كل واحد منها قادراً على إصابة الهدف بمستوى دقة يصل إلى أمتار معدودة، بما قد يؤدي إلى إيقاع أضرار شديدة لإسرائيل".
ووفقاً للصحيفة فإن المشروع سيتم فيه خلال المرحلة الأولى بناء منظومة صواريخ أرض – أرض لمدى 150 كيلومتراً، يتم تفعيلها بواسطة القوات البرية، والحديث هنا عن صواريخ "إكسترا" التي تنتجها شركة "تاعاس" ، كما سيتم تسليح السفن الحربية التابعة لسلاح البحرية بصواريخ "ساعار 5" و"ساعار 6"، وفي مراحل متقدمة سيتم إدخال صواريخ يصل مداها إلى 300 كيلومتر، بتكلفة نهائية تصل إلى نحو 7 مليارات شيكل على مدى 10 سنوات.
روسيا تناقش مع إسرائيل إمكانية تفادي ضرب مواقع إيرانية في سوريا
ناقش وفد روسي رفيع، أمس الجمعة مع القادة الإسرائيليين في تل أبيب "مخاوفهم من تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة" في محاولة روسية لمنع وقوع "ضربة حتمية" تسعى تل أبيب لتوجيهها ضد مصانع للصواريخ الإيرانية محفورة في أعماق الأرض جنوب لبنان وسوريا.
ونقلت جريدة "الشرق الأوسط" عن مصادر مطلعة قولها: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو نهاية الشهر الماضي استمرار إمداد السلاح إلى حزب الله، وإنه لوح بتوجيه ضربة لمصانع سلاح إيرانية ومواقع حزب الله في سوريا ولبنان.
وتقرر بناءً على ذلك - وفقاً للمصادر المذكورة - إرسال وفد روسي ضمّ مدير مكتب الأمن القومي نيكولاي باتروشيف للوصول إلى دراسة دقيقة لمخاوف إسرائيل إزاء دور حزب الله وإيران في سوريا، خصوصاً بعد رفض إيران مطالب موسكو بسحب عناصرها من جنوب سوريا.
ولم توضح المصادر ماهي طبيعة التحركات الروسية وما الخطوات المتوقعة، فيما تطالب إسرائيل بإبعاد الميليشيات الإيرانية عن الحدود الجنوبية لسوريا، ومنعها من تشكيل "تهديد" عسكري لها، ومن إيصال السلاح إلى حزب الله، وذلك وفقاً للتصريحات الإسرائيلية.
ويأتي ذلك فيما لوحت واشنطن أمس الأول بتوجيه ضربة عسكرية جديدة للنظام السوري عقاباً على استمراره في استخدام غاز السارين كسلاح كيميائي، ويقول الأمريكيون إنهم يبحثون في تقارير وأدلة تشير إلى أن النظام السوري مازال يستخدم الأسلحة الكيميائية رغم إعلان تدمير مخزونه بشكل كامل.
وكان "نتانياهو" قد توجه إلى موسكو في زيارة الأسبوع الفائت، وقال إنه جدّد تحذيره من تعزيز النفوذ الإيراني في سوريا، ومن سعيها لتصنيع صواريخ عالية الدقة.
========================
يديعوت احرونوت: غزة وأهلها هم الذين سيدفعون الثمن لتلقين حزب الله ايران وسوريا درس الردع لقوة الجيش الاسرائيلي الساحق
بقلم: ناحوم برنياع
الحملة الاسرائيلية لصد ايران تسلقت هذا الاسبوع الى الاعالي. عمليا، هددت اسرائيل بحرب في الشمال. وكان العنوان الفوري هو بيروت، ولكن الرسالة موجهة الى موسكو، واشنطن، برلين، باريس وبالطبع طهران. والتهديد بالحرب احتل ليس فقط منصات الخطابة بل وتقديرات الجنرالات في هيئة الاركان أيضا. في اثناء هذا الاسبوع التقينا، توماس فريدمان من “نيويورك تايمز” وأنا مع مسؤولين كبار في الجيش الاسرائيلي في الحدود الشمالية وفي هيئة الاركان. وتركزت الاستعراضات في جبهتين حرجتين: سوريا ولبنان، غزة والضفة.  ثمة اتصال معين، مفاجيء، بين الجبهتين. وأثار الضباط انطباعا بمدى معرفتهم، قدرتهم على التحليل، وبنهجهم الواعي، الموضوعي من المواضيع المشحونة. وهناك هوة واسعة بينهم وبين الخطاب السياسي الراهن، ولكن ليس هذا هو ما اجتمعنا لاجله.
فتح البوابات هو جزء من الحملة. فالهدف هو اعداد اصحاب القرار في عواصم العالم والرأي العام في البلاد لاحتمال الحرب، ليست المبادرة اليها بل المتدحرجة، وبشكل غير مباشر الايضاح للايرانيين بان اسرائيل لا تخشى المواجهة العسكرية.
وقال احد المسؤولين: “مطلوب أزمة تغير الفكرة”. واسرائيل لا تتمنى الازمات في اوقات قريبة.
لقد كانت التطورات في الشمال في مركز لقاء نتنياهو مع ترامب في دافوس وفي مركز لقائه مع بوتين في اثناء زيارته العاجلة، لخمس ساعات، هذا الاسبوع، في موسكو المجمدة. وقد ضم الى وفده الى موسكو رئيس شعبة الاستخبارات اللواء هرتسي هليفي، الخطوة التي أكدت جدية التهديد العسكري. في اعقاب الزيارة وصل الى البلاد وفد عسكري روسي لحديث اضافي.
يحاول نتنياهو اقناع ترامب، بوتين وزعماء اوروبا للتعاون في خطوة لمنع تثبيت التواجد الايراني. فصد ايران هو مصلحتهم، كما يشرح نتنياهو. إ  ذ أن حربا جديدة في المنطقة ستورطهم. وحججه، الى جانب رجال الجهاز الامني الذين يساندونه، تحظى بالانصات، ولكنها صحيح حتى الان ترد بكياسة. لا الروس، لا الامريكيين ولا الاوروبيين يتجندون للحملة الاسرائيلية. كل واحد لاسبابه. والحملة تطلق أذرعها الى الميدان أيضا، في أعمال علنية وسرية. ويقول احد الضباط ان “الايرانيين يفهموننا على نحو جيد جدا”.
وتسير اسرائيل في هذه الحملة عن وعي على حافة الهاوية. والهدف هو منع الحرب، وليس إثارته، ولكن الخطر قائم. وقال واحد ممن تحدثنا معهم ان “تقديرنا هو أن احتمال الحرب المبادر اليها من جانب ايران أو من جانب حزب الله في موعد قريب  متدن جدا. بالمقابل ارتفع جدا خطر التصعيد كنتيجة لخطوة عسكرية اسرائيلية. فالتصعيد من شأنه أن يؤدي الى الحرب”.
يعرف نتنياهو كيف يتحدث مع ترامب ومع بوتين. فهذا هو جمهوره، ملجأه من الضربات التي تقع عليه في الداخل. في هذه المرحلة، اللفظية، من المواجهة، هو الرجل السليم في المكان السليم.
عيون رجال المؤسسة الامنية الاسرائيلية تتطلع أولا الى واشنطن. في 12 ايار ينتهي الانذار الذي اطلقه ترامب لتغيير الاتفاق النووي مع ايران. وتوجد ثلاثة اشهر ونصف للمفاوضات. يحتمل، كما يقولون، ان تكون هذه فرصة لازمة تقلب الجرة رأسا على عقب. فبضغط ترامب، بوتين وزعماء اوروبا تتحقق صفقة رزمة: ايران تتمكن من مواصلة التمتع بثمار الاتفاق النووي، ولكن في سوريا وفي لبنان سيتعين عليها ان تلجم نفسها. لا صواريخ دقيقة لحزب الله، لا ميليشيات ايرانية في سوريا. واذا لم تكن صفقة، ومن شبه المؤكد أنها لن تكون،  سيرفض ترامب التوقيع على تمديد الاتفاق النووي، وستكون لنا أزمة من نوع آخر.
السيناريو الاسوأ من ناحية اسرائيل سيكون عندما يقترح الاوروبيون تغييرا تجميليا، فيقنع الايرانيين بابتلاع القرص ويسمحوا لترامب بالاعلان عن النصر. وسيكون الجميع سعداء، واسرائيل ستخسر مرتين، مرة حيال النووي ومرة حيال حزب الله.
شمشوم المسكين
يوم الاحد صباحا بدت البلاد من فوق مثل ايرلندا، خضراء وغارقة بالمياه. ففي الشمال كانت لا تزال تهطل الامطار المحلية، هدية وداع من عاصفة نهاية الاسبوع. وعندما تبددت السحب، بدا جبل الشيخ بكل بهائه، ابيض من اسفله حتى قمته. هدوء اولمبي ساد على طول جبهة الشمال باستثناء رصاصات الصيادين في داخل لبنان. وكانت الرصاصات بشرى سيئة للعصابير، جيدة للجنود. فطوابير سيارات المتنزهين والمتزلقين صعدت الى جبل الشيخ للتدحرج في الثلج.
وقال لنا ضابط في الميدان: “هنا لن تكون حرب لبنان الثالثة. هنا ستكون حرب الشمال الاولى”. هو وزملاؤه يتحدثون الان عن الشمال كجبهة واحدة تمتد من رأس الناقورة وحتى اليرموك. في الجانب الاخر من الجدار تعمل قوات عسكرية لدولتين، قوة عظمى اقليمية (ايران)، قوة عظمى (روسيا)، منظمات ارهاب غير دولة، منظمة ارهاب ذات دولة (حزب الله)، قبائل وطوائف. ليس لمثل هذه الرزمة مثيل في مناطق مواجهة اخرى في العالم.
بالفعل، امور غريبة تحصل في الجولان السوري. وقال لنا مسؤول آخر: “عمليا داعش اختفى في سوريا. بقيت آثاره فقط في قاطع واحد، في مثلث الحدود بين اسرائيل، الاردن وسوريا. وقد بقوا هناك لانهم يعتقدون بان قرب اسرائيل يعطيهم مخبأً. فاسرائيل هي الملجأ الاخير لفلول داعش”.
وحسب مصادر أجنبية، قصف الجيش الاسرائيلي في سوريا مخازن سلاح للاسد ولحزب الله، قوافل سلاح مخصصة للبنان، مصنع صواريخ بدأ الايرانيون ببنائه، قاعدة ايرانية وغيرها. وقد اتيح القصف لان سوريا اصبحت في فترة الحرب الاهلية أرضا سائبة، بلادا عديمة السيادة، وبقدر كبير هي لا تزال كذلك. اما لبنان، رغم ضعف قوته، فليس سوريا.
الهدوء في سوريا يمر دون رد مضاد (باستثناء هجوم واحد، نسب لاسرائيل، في كانون الثاني 2015، قتل فيه جنرال ايراني وستة من رجال حزب الله. فقتل حزب الله ردا على ذلك جنديين اسرائيليين. الجيش الاسرائيلي تجلد، والطرفان أغلقا الحساب). اما القصف في لبنان فهو قصة اخرى تماما. وهو سيعتبر في العالم كمس فظ بسيادة الدولة وسيستدعي ردا قاسيا من حزب  الله وتدخلا محتملا من الروس. بين الحرب والحرب، يتمتع لبنان بنوع من الحصانة. وهذا هو السبب الذي يجعل حزب الله والايرانيين يستعدون لاقامة مصنع صواريخ دقيقة في لبنان، وهذا هو السبب الذي يجعل اسرائيل ترى في اقامة مصنع مبررا للحرب.
ان الصواريخ الدقيقة هي صواريخ مزودة في جي.بي.اس وجهاز يحسن التوجيه. وبدلا من الوصول الى دقة 250 متر من الهدف، تصل الى عشرات الامتار والفارق عظيم. لدى حزب الله يوجد 70 الف صاروخ في لبنان ولكن عدد الصواريخ الدقيقة قليل. والانتاج المحلي سيغير قواعد اللعب: سيهدد مباشرة مواقع حساسة في اسرائيل. وقد حدد حزب الله بين 1.000 و 1.500 هدف كهذا، ليس أقل.
المفارقة هي أن ايران جهة مهدئة للجبهة الشمالية. ليس لها في هذه اللحظة مصلحة في حرب مع اسرائيل، لا على حدود الجولان ولا على الحدود اللبنانية. وهي معنية بتسوية في سوريا، تعطي شرعية لاستمرار تواجد قواتها – 20 الف مقاتل ميليشيا، على الارض السورية. اما حزب الله فتبقيه ايران ليوم الامر، حيال اسرائيل. وتورط على نمط 2006 – اختطاف جنديين اسرائيليين تدحرج الى حرب – يلحق بها الضرر فقط.
لا توجد ايران واحدة، فجدول اعمال الرئيس روحاني يضع على الرأس اهداف داخلية – اقتصادية؛ اما جدول اعمال الجنرال قاسم سليمان، قائد القوات في سوريا، فيضع في الرأس اهدافا عسكرية. وفي الجيش الاسرائيلي يعتقدون بان الدول الغربية يمكنها أن  تدخل من هذا الشق وتوسعه. اسرائيل هي الاخرى يمكنها ذلك.
نصر الله غير معني بالتورط في حرب في هذه اللحظة، لاسبابه الخاصة. فاكثر مما هو عميل ايراني، هو سياسي لبناني. قرابة 2.000 من مقاتليه سقطوا في سوريا وقرابة 8.000 اصيبوا بجراح. ويعارض الرأي العام في لبنان الحرب، وكزعيم لقوة سياسية، فهو ملزم بمراعاته. ليس لديه المال، وتوجد له حملة انتخابات على الابواب، له فيها احتمال لاول مرة ان يصل الى اغلبية شيعية في الشمال. وهو يتذكر ما فعلته طائرات سلاح الجو للضاحية في بيروت في 2006، وهو يعرف ان هذه المرة سيكون أكثر دقة واكثر فتكا.
البطل التناخي شمشوم، أول منفذي العمليات الانتحارية قال: “تموت روحي مع فلستين” (علي وعلى أعدائي يا رب). اما نصرالله فليس شمشوم
ان حقيقة أن ايران، حزب الله واسرائيل لا يريدون الحرب لا تعني أن النار لن تندلع. ففي الجرف الصامد  ايضا لم يرغب الطرفان في الحرب ولكنهما انجرفا اليها؛ وفي الايام الستة ايضا، وغيرها وغيرها. فللحروب في الشرق الاوسط توجد ارادة خاصة بها.
اذا كان الجميع لا يريدون الحرب، فلماذا يهدد الجيش الاسرائيلي بالحرب؟ تفسير مسؤولي الجيش الاسرائيلي يعتمد على أمرين: طبيعة اصحاب القرار في الطرف الاخر وهشاشة الجبهة الداخلية في طرفنا. فهم لا يعتمدون على احساس المسؤولية لدى الايرانيين ونصرالله. ويخافون وضعا لا يطاق في الجبهة الداخلية. فكلما كانت اسرائيل ميسورة وغنية وعلى علاقات مع العالم أكثر، هكذا تكون هشة أكثر. خطة نصرالله الحربية معروفة: اطلاق كتيبة كوماندو لتحتل بلدة في الحدود الشمالية، وبالتوازي، اغراق اسرائيل بالصواريخ والمقذوفات الصاروخية الدقيقة. وهو مقتنع من انه بعد بضعة ايام سيتوجه الرأي العام في اسرائيل ضد الحكومة. وسينهي الحرب بوقف للنار وبانتصار معنوي واستراتيجي.
أو سيخلق، كبديل، ميزان رعب ومجال حصانة. اسرائيل لا يمكنها أن تلمسه. هذه الخيارات يسعى التهديد الاسرائيلي الى احباطها.
نزلت عن الطاولة
برج خليفة في دبي هو البرج الاعلى في العالم. ارتفاعه 828 متر، 163 طابق. 330 الف متر مكعب من الاسمنت يوجد في هيكل المبنى. احد ضباط الجيش الاسرائيلي الذين تحدثنا معهم هذا الاسبوع قال انه استثمر في برج في دبي 500 طن اسمنت. من المعطيات التي نشرت على الانترنت لم اتمكن من التأكد من دقة المعطى، ولكن حتى لو كان المعطى غير دقيق، فان تتمة الجملة جديرة بالنشر. فقد قال الضابط انه “منذ الجرف الصامد” أدخلنا الى قطاع غزة 16 ضعف الاسمنت الذي في برج خليفة. في هذه السنوات لم يبُنَ في غزة برج واحد، لم يُبنَ مبنى متعدد الطوابق واحد. مشوق أن نعرف الى أن اختفى كل هذا الاسمنت”.
يلتقي مندوبي الدول المانحة للسلطة الفلسطينية مرتين في السنة، مرة في نيويورك ومرة في بروكسل. وانطلق منسق اعمال الحكومة في المناطق اللواء فولي مردخاي الى بروكسل مع خطة طواريء هدفها واحد – منع انهيار غزة. لم يتحدث اللواء مردخاي باسمه شخصيا أو باسم الجيش بل باسم حكومة اسرائيل. من ناحية معظم حكومات العالم، فان غزة وسكانها غرقوا منذ زمن بعيد في البحر، أو، بالتعبير المحبب لدى الرئيس ترامب غزة نزلت عن الطاولة. غزة لا تحرك ساكنا لابو مازن: فقد وافق على أن يحول مالا لتمويل الكهرباء في غزة  6 ساعات في اليوم فقط بعد أن اوضحت اسرائيل له بانه اذا رفض، فانها ستمول حسابات الكهرباء من الضرائب التي تجبيها عن الفلسطينيين في الموانيء.
كما أنها لا تحرك لحماس ايضا ساكنا. وزعيم حماس في غزة يحيى السنوار أوضح بانه حتى لو فشلت مساعي المصالحة بين حماس والسلطة، فانه لن يعود لادارة القطاع. وهذا هو احد الاسباب التي بخلاف الماضي، تمتنع اسرائيل هذه المرة عن الكفاح ضد المصالحة. اذا لم تأخذ السلطة المسؤولية وحماس لا تأخذ المسؤولية فعلى من ستقع غزة؟ علينا.
المصالحة، على طريقة المصالحة بدأت باحتفال. لا يوجد أمر اكثر شعبية من الصلحة. بعد شهرين – ثلاثة اشهر وصلوا الى البحث في المشاكل الحقيقية. 40 الف مواطني غزي يتلقون رواتب من حماس – موظفين، معلمين، اطباء وغيرهم. فقد حلوا محل عشرات الاف موظفي السلطة. من سيدفع لهم الرواتب عندما تعود السلطة لادارة القطاع؟ المهم في اي من سيكون الامن؟ حماس  تقترح توزيعا طوليا: كل ما هو فوق الارض – شرطة، مراقبين، افراد، حراس – يكون بصلاحية السلطة؛ كل ما هو تحت الارض – مقاتلين، حافري انفاق، مطلقي صواريخ، منفذي عمليات – بصلاحية حماس. ابو مازن رفض الطلب رفضا باتا. نحن لن نكون لبنان وانتم لن تكونوا حزب الله، يقول.
معضلة من الجنوب
تطلق محافل في حماس في الاشهر الاخيرة رسائل غير مباشرة لاسرائيل: نحن مستعدون للتوصل معكم الى اتفاق. اسموا هذا ما تشاؤون – صلحة أو هدنة أو تهدئة. اما اسرائيل فتمتنع عن الرد – ايديها مكبلة. وفي هذه الاثناء تحتدم المشكلة الاقتصادية في القطاع. قطر، التي كانت المتبرعة الرئيسة، تغلق مشاريع. ويأتي المال القطري عبر اسرائيل ويوجد تحت الرقابة. وهكذا ايضا المال غير الكبير الذي يأتي من تركيا. اما ايران فتساهم بدورها بمال مهرب.
قصة الاونروا تجسد عناصر المعضلة. فالانروا هي فضيحة طويلة السنين. لا يوجد مثال في العالم بمكانة لاجيء في الجيل الرابع أو الخامس. وتخليد مكانة اللاجيء يستدعي التبذير والفساد والصلوات، ولكن ضرره الاكبر هو في مساهمته في تخليد النزاع. ترامب محق في هجومه على المنظمة.
ولكن 850 الف غزي يتلقون مساعدة من الاونروا. 230 الف تلميذ يتوجهون كل يوم الى مدارسها في القطاع. وهي تعيل في غزة  21 الف موظف و 8 الاف معلم. في اثناء الحملات العسكرية في غزة وجد السكان ملجأ في مؤسسات المنظمة. وهكذا سمحت للجيش الاسرائيلي بضرب  الاهداف في ظل مس اقل بالمدنيين.
قبل اغلاق الاونروا، ينبغي الحرص على اطار يشغل مكانها. ترامب لا يهمه، فهو لا يعيش هنا، ولكن في  الجيش الاسرائيلي قلقون. قلقون من أن يؤثر التقليص في المساعدات على سلوك الفلسطينيين في الاردن. 117 الف تلميذ يتعلمون في مدارس الاونروا في الاردن. ليس صدفة ان نتنياهو يمتنع عن الدعوة الى تصفية الاونروا الان. فقد تحدث عن بداية مسيرة.
كتبت في المقدمة انه يوجد اتصال مفاجيء بين جبهة الشمال وجبهة غزة. الاتصال هو رسالة: ضابط تحدث عن تهديد الحرب في الشمال، لاحظ أن المواجهة التالية في غزة ستتم بطريقة تطلق رسالة رادعة لحزب الله وايران. فالغزيون سيدفعون الثمن.
الناطق الاكثر حزما
2018 هي سنة الحكم الاخيرة لابو مازن. بمعنى معين، اليوم التالي لابو مازن بات هنا، في معمعان الشائعات المعتمل في رام الله، في البوادر الاولية لحرب الوراثة. الاسابيع الاخيرة كانت جيدة لابو مازن وكانت جيدة لنتنياهو –  لذات الاسباب. فاعتراف ترامب بالقدس حرر نتنياهو من ضغوط أمريكية. ويمكن للحكومة أن تبني في القدس وفي المستوطنات دون خوف. وهي معفية من النزاع الداخلي الذي كان سيثور في ضوء خطة السلام الامريكية.
أبو مازن هو الآخر سعيد. شرق القدس هي اجماع، في الشارع الفلسطيني وفي الشارع العربي. فالاعتراف بالقدس حرره من الحاجة لان يقول لا لخطة سلام امريكية. فعندما يتهم ترامب في عرقلة المفاوضات فانه يشعر بأمان: معظم العالم يقف خلفه.
ان المقاطعة التي أعلنها ابو مازن على الادارة الامريكية هي مقاطعة مطلقة. فقد تجول مبعوث السلام الامريكي جيسون غرينبلت هنا في الايام الاخيرة، تجول في غلاف غزة والتقى الكثير من الاسرائيليين، ولكن لم يكن له اي اتصال مع رجال السلطة. القنصل الامريكي في القدس مقاطع هو الاخر. والوحيد الذي يقيم اتصالا مع السلطة هو الجنرال أريك فندت، الرئيس الجديد لوحدة المساعدة الامنية للفلسطينيين. وعندما سيتعرفون في البيت الابيض على وجود هذه الوحدة، فانهم سيلغونها هي ايضا وسيوفرون حتى 150 مليون دولار في السنة.
بدون مال، بدون لقاءات، فان التأثير الامريكي على السلطة صفري. لا غرو أن ابو مازن يبحث عن وسطاء في اوروبا ليكونوا قصة الغطاء له لتجميد المفاوضات، ونتنياهو يشرح للجميع بانه لا توجد مفاوضات بدون أمريكا. نحن في مرحلة لعبة اللوم.
استدعي أبو مازن في الاشهر الاخيرة مرتين لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الذي عرض عليه المال وطلب بالمقابل موافقة فلسطينية على المفاوضات برعاية ترامب. ما الضير في عاصمة في القدس، سأل السعودي. مشكوك أن يكون يعرف اين ابو ديس على الخريطة – فقد سمع الاسم من الامريكيين. ابو مازن اجاب: المال أحتاجه، ولكن عن القدس لن أتنازل. وانتهت اللقاءات بلا شيء.
الخوف مزدوج:  واحد، في أن الخطابات القاسية لابو مازن ستترجم الى خطابات أقسى للمنافسين على الوراثة، والشارع سيفهم الاشارة، وعملية ارهابية من مصنع فتح ستنطلق على الدرب. فيجتمع الكابنت الاسرائيلي ويقرر، بخلاف موقف الجيش الاسرائيلي، اعادة اقامة الحواجز، الغاء تصاريح العمل، وفرض عقوبات جماعية.
الخوف الثاني هو أن يعلن بو  مازن عن حل السلطة. والآثار الامنية واضحة.
توجد اسرائيل في فترة جيدة في علاقاتها مع الدول السُنية. وحتى الضعف الامريكي هو بشرى طيبة في المدى القصير. عندما تكون السياسة الخارجية الامريكية في تراجع، ولا توجد جهة امريكية جدية يمكن الحديث معها، فان رؤساء الدول يرفعون عيونهم الى نتنياهو. فهو يمكنه ان يؤثر على ترامب، يمكنه ان يؤثر على بوتين، هو الناطق الاكثر طلاقة، الاكثر حزما، للحكام السُنة في العالم (باستثناء واحد، السُني من رام الله). وحتى مع الصين، اللاعب الذي سيدخل الساحة في السنوات القادمة له حديث. في الجيش الاسرائيلي يقدرون بانه في غضون خمس سنوات الصين ستكون متدخلة عميقا في الاقتصاد والسياسية في الشرق الاوسط. وهدفها الاول سيكون الحصول على نصيب من الاستثمارات الهائلة في  اعادة بناء سوريا الخربة.
اذا كان كل شيء جيد على هذا النحو، فلماذا يكون الجميع قلقين؟ الجواب يوجد ربما في بيت من قصيدة لحاييم غوري:”حرب اخرى تحسد منذ الان سابقتها  تجمع البكاء في الهواء”.
=======================