الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 6-9-2022

سوريا في الصحافة العالمية 6-9-2022

07.09.2022
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :
  • تقرير أميركي: فساد وعزلة ومخاوف واقع لحال المرتزقة السوريين في ليبيا
https://www.libyaakhbar.com/libya-news/1947222.html
  • سي ان ان :"سندفع الثمن".. السوريون في تركيا يخشون عواقب انتخابات 2023
https://www.alhurra.com/turkey/2022/09/06/سندفع-الثمن-السوريون-في-تركيا-يخشون-عواقب-انتخابات-2023
 
الصحافة الفرنسية :
  • لوموند آفريك :الأموال السرية لحزب الله: التهريب والابتزاز والتزوير
https://www.noonpost.com/content/45128
 
الصحافة التركية :
  • كريتر :مع اقتراب انتخابات 2023.. ما أهم ملامح السياسة الخارجية التركية؟
https://www.noonpost.com/content/45126
 
الصحافة الامريكية :
تقرير أميركي: فساد وعزلة ومخاوف واقع لحال المرتزقة السوريين في ليبيا
https://www.libyaakhbar.com/libya-news/1947222.html
ليبيا – سلط تقرير إخباري نشرته مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأميركية الضوء على نشاطات المرتزقة السوريين المقاتلين في ليبيا بتوجيه وتمويل من الحكومة التركية.
التقرير الذي تابعته وترجمت أبرز ما فيه صحيفة المرصد، نقل عن أحد المرتزقة من “فرقة الحمزات” الممولة من تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا لمحاربة عدة جهات بمرور الوقت تأكيده قيامه بعد إرساله إلى ليبيا في العام 2020 برفض القتال وإبلاغه المسؤول عنه ذلك ليجد الرد حاضرًا.
ووفقا لهذا المرتزق كان الرد: “قرار القدوم إلى هنا كان خيارك أما العودة فهو ليس لك”. مشيرا إلى انتقاله ومن معه من مرتزقة آخرين إلى مبنى ضخم فارغ بالقرب من خط المواجهة العسكرية في جنوب العاصمة طرابلس، في وقت ستكون أول دفعه من ثمن ارتزاقه في غضون 3 أشهر وعند عودته إلى سوريا.
وأكد المرتزق اليائس في حينها أن الوقت لم يكن طويلًا بالنسبة له لفهم الكيفية التي تسير بها الأمور، فالسوق السوداء مآل رصاصهم وأسلحتهم المباعة فيها لدفع أثمان الطعام والشراب عبر وسيط يملك متجرًا، مؤكدًا عودته بعد شهرين لمنزله مع إصابة بمنطقة الحوض وربع المال الموعود البالغ 10 آلاف دولار.
وأضاف المرتزق: إن الرد على شكواه بشأن تلقى قرابة الـ2500 دولار كان: “هذا ما لدينا لك، وإن لم يعجبك الأمر إذهب لتشكونا”. فيما أكد التقرير أن حال هذا الشخص يبين حجم الكسب غير المشروع والفساد في ملف التجنيد والتمركز والعودة بالنسبة للمرتزقة السوريين في ليبيا.
وبين التقرير أن “الحمزات” قاتلت على التوالي ووفقًا لتتابع تمويلها الأميركي والبريطاني والتركي نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومن ثم تنظيم “داعش” الإرهابي ولاحقًا قوات سوريا الديموقراطية الكردية “قسد” قبل الانتقال إلى ليبيا للعمل لصالح الأتراك فيها.
وأضاف التقرير: إن هذه الميليشيا المسلحة حافظت من خلال حرب ليبيا على تمويلها الفاسد فقادتها وقادة المجاميع العسكرية السورية غير النظامية الأخرى يصادرون الأموال المخصصة لدفع رواتب المرتزقة السوريين ممن طالبت تركيا لاحقًا بألفين منهم في وقت كان المتوافر في أحد هذه الجماعات 500 فقط.
وبحسب التقرير، أرسلت هذه الجماعة صغارًا لا خبرة عسكرية لهم أعمارهم تقل عن 18 عامًا، فشحن أي من المتاحين بات السمة الأبرز للمرحلة وعبر التواصل مع المخابرات التركية، مشيرًا إلى إرداك العديد من المرتزقة السوريين وهم في ليبيا أنهم من دون تجهيز عسكري ولوجستي كاف.
ووفقًا لمرتزق آخر، فقد حصلوا على بنادق آلية قديمة ليس بسبب نقص الأسلحة عالية الجودة بل لبيع الأسلحة المخصصة لهم في السوق السوداء في وقت اندفع هؤلاء إلى ليبيا لغياب فرص العمل بالنسبة لهم ورغبة منهم في الحصول على رأس مال صغير وبدء عمل تجاري صغير في الوطن.
وبين التقرير أن ذوي المرتزقة السوريين تلقوا وعودا بنيلهم الجنسية التركية في حال مقتل أبنائهم، وهو ما جعل قادة الجماعات المسلحة المرتزقة تمنح حق المواطنة في تركيا لكل من يدفع المال وليس لأسر القتلى، ما قاد لقيام المخابرات التركية بوقف ذلك بالكامل.
ونقل التقرير عن بعض المرتزقة تأكيدهم لعزلتهم وأن لا عمل كثيرًا لهم، وأنهم نادرًا ما يغادرون قواعدهم خشية من الاختطاف لكراهية الليبيين لهم بوصفهم مخربين من وجهة نظر الناس، فضلًا عن كره الميليشيات المسلحة لهم؛ إذ شهد أغطس الماضي مقتل 2 منهم بالقرب من مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس على يد مجهولين.
ترجمة المرصد – خاص
=============================
سي ان ان :"سندفع الثمن".. السوريون في تركيا يخشون عواقب انتخابات 2023
https://www.alhurra.com/turkey/2022/09/06/سندفع-الثمن-السوريون-في-تركيا-يخشون-عواقب-انتخابات-2023
يواجه اللاجئون السوريون في تركيا غموضا بشأن مستقبلهم وسط مخاوف من أن يصبحوا بيادق في سياسة البلاد المتغيرة، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.
ويخشى السوريون من إجبارهم على العودة إلى البلد الذي مزقته الحرب منذ أكثر من 11 عاما في وقت تعيش فيه تركيا أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ 3 عقود.
وأصبحت قضية اللاجئين السوريين محور نقاش سياسي في تركيا قبل الانتخابات العام المقبل. واقترح كل من الحزب الحاكم والمعارضة في أنقرة أن التطبيع مع نظام الأسد ضروري للتعامل مع قضية اللاجئين.
وكانت الدعوات لإعادتهم إلى سوريا من جانب أحزاب يمينية هامشية، لكن مشاعر الغضب تجاههم ارتفعت مؤخرا وبات الكثير يطالب بترحيلهم.
وقالت الزميلة البارزة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أسلي أيدينتاسباس، إن التصريحات التصالحية من قبل المسؤولين الأتراك هي خطوة محسوبة موجهة إلى الجمهور الداخلي قبل انتخابات العام المقبل.
وأضافت: "نحن في طريقنا إلى الانتخابات، ويبدو أن أرقام (إردوغان) غير مؤكدة للغاية، ويبدو أن قضية اللاجئين هي أحد أهم اهتمامات الناخبين الأتراك عبر مختلف الأطياف السياسية، بما في ذلك قاعدته".
كانت تركيا العدو البارز لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، خلال سنوات الحرب الذي بدأت عام 2011، ترسل مؤخرا إشارات إلى أنها جاهزة للبدء في التحدث إليه.
وصدمت تلك التصريحات العديد من اللاجئين السوريين في تركيا الذين يخشون على حياتهم إذا عادوا إلى ديارهم.
في الشهر الماضي، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، "علينا أن نجعل النظام والمعارضة يتصالحان في سوريا، وإلا لن يكون هناك سلام دائم".
وردا على تلك التصريحات، تظاهر آلاف السوريين بمناطق متفرقة تسيطر عليها الفصائل المعارضة للنظام السوري في شمال وشمال غرب سوريا للتعبير عن تنديدهم بتصريحات وزير خارجية تركيا.
ورفع متظاهرون أعلام المعارضة السورية ولافتات عدة جاء في إحداها "لا تصالح والثورة مستمرة"، وفي أخرى "ضامن وليس وصيا"، في إشارة إلى دور تركيا كضامن لوقف إطلاق النار في مناطق الشمال السوري.
وتقول شبكة "سي إن إن" إن تعليقات أوغلو تمثل تحولا هائلا من موقف أنقرة على مدار العقد الماضي بعد أن تدخل تركيا عسكريا في الصراع وتأييدها للمعارضة والفصائل المسلحة التي تقاتل لإسقاط الأسد.
أدلى أوغلو بتصريحاته بعد أيام فقط من تصريح الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، للصحفيين بأنه "لا يمكن قطع الدبلوماسية أبدا" مع دمشق وأن أنقرة بحاجة إلى "تأمين المزيد من الخطوات مع سوريا". وأضاف أن أنقرة لم تكن تهدف إلى إسقاط نظام الأسد.
قبل عقد من الزمان، وصف إردوغان نظام الأسد بأنه "إرهابي" من شأنه أن "يدفع الثمن" إزاء أرواح السوريين التي ازهقت في الحرب. كما تعهد بالصلاة في المسجد الأموي الشهير في دمشق، في إشارة إلى أن النظام سيتم إسقاطه.
على الرغم من التأكيدات من الحكومة التركية على أنه لن تكون هناك إعادة قسرية للاجئين، فإن العديد من السوريين في تركيا يخشون أن يتم إجبارهم على ذلك.
ويخشى سكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا من إعادة مناطقهم إلى القوات الحكومية السورية مما يشكل خطر على حياتهم.
قال عمار أبو حمزة، 38 عاما، وهو أب لأربعة أطفال من مدينة الباب شمال سوريا، "سنعدم واحدا تلو الآخر دون أي تردد لأننا بدأنا هذه الثورة".
وتابع: "إذا جاء النظام إلى المناطق المحررة، فسنموت أو سيتعين علينا الفرار مع عائلاتنا إلى أوروبا عبر تركيا".
"مجاملات"
وأعادت تركيا تشكيل سياستها الخارجية على مدار العام الماضي لإصلاح العلاقات مع دول المنطقة، بما في ذلك الإمارات والسعودية وإسرائيل.
كما أن المسؤولين الأتراك يعملون على استعادة العلاقات مع مصر بعد خلافات منذ أحداث يونيو 2013 التي شهدت الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي الذي يحظى بدعم من أنقرة.
يأتي تليين موقف أنقرة أيضا في الوقت الذي تدير فيه العديد من الدول العربية الصفحة في حرب سوريا وترحب بالأسد مرة أخرى إلى المحيط الإقليمي.
في تركيا، تصاعدت المشاعر المعادية للاجئين خلال الأشهر الأخيرة حتى بين المواطنين الأتراك. وتستضيف البلاد أكبر عدد من اللاجئين في العالم وتواجه أزمة اقتصادية متفاقمة مع تضخم يقترب من 80 بالمئة - وهو الأعلى منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
ووفقا للأمم المتحدة، تستضيف الدولة التي يبلغ تعداد سكانها 86 مليون نسمة حوالي 4 ملايين لاجئ مسجل، إذ أن الغالبية العظمى منهم سوريون.
وقالت أيدينتاسباس: "اللاجئون هم كبش فداء. لا يوجد سبب حقيقي ولا اقتصادي، لكن الناس عندما يكونوا عاطلين عن العمل وتتراجع قوتهم الشرائية، يجدون اللاجئين كبش فداء مناسب".
يقول المراقبون والجماعات الحقوقية إن تركيا من غير المرجح أن تعيد السوريين إلى بلدهم إذا كانت غير آمنة لهم بسبب المعاهدات الدولية التي تحمي حقوق اللاجئين. لكنهم يتوقعون أن يستمر استخدام هذه القضية كأداة لحشد الدعم من قبل جميع الأطراف قبل انتخابات العام المقبل.
وأضافت أيدينتسباس: "تهدف هذه الفكرة الكاملة لبدء حوار سياسي إلى طمأنة الناخبين بأن الحكومة تفعل شيئا، (و) لديها خطط لإعادة السوريين، على الرغم من أن هذا من غير المرجح أن يحدث".
وصف سوري في اسطنبول حالة الخوف في مجتمعه وسط حالة من عدم اليقين. وتحدث إلى شبكة "سي إن إن" الأميركية شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب وضعه غير المستقر في كلا البلدين.
وقال إن إردوغان "يريد الفوز في الانتخابات وسندفع الثمن".
وأردف بقوله: "إذا فاز أردوغان، فمن المحتمل ألا يعيدونا دون ضمانات، لكن إذا فازت المعارضة فمن المحتمل أن يفتحوا البوابات ويعيدوننا جميعا. سنحتاج إلى النظر في الذهاب إلى دول أخرى".
وقالت أيدينتاسباس، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الإشارات الإيجابية تجاه النظام السوري من المرجح أن تكون جزءا من تعهد إردوغان الانتخابي.
وتابعت: "بخلاف المجاملات بين تركيا ودمشق، من المستبعد جدا أن يمضي هذا قدما".
الحرة / ترجمات - دبي
=============================
الصحافة الفرنسية :
لوموند آفريك :الأموال السرية لحزب الله: التهريب والابتزاز والتزوير
https://www.noonpost.com/content/45128
نيكولاس بو،
يسلط الجزء الأول من هذا التحقيق الضوء على التمويل الخفي لحزب الله، إحدى الحركات الشيعية اللبنانية الأكثر راديكالية في خياراتها الإقليمية المواتية كليا لكل من سوريا وإيران.
يعتبر حزب الله "كنز" حرب خفي ترعاه كل من طهران ودمشق ولا يستطيع أحد تحديد ما يتلقاه من تمويل، مما سمح لهذه الميليشيا المسلحة بأن تصبح من الأحزاب اللبنانية الرئيسية. وبما أنه دولة داخل دولة، سيكون لحزب الله اليد العليا في اختيار رئيس لبنان المستقبلي بحلول نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2022، الذي سيكون مسيحيًا بحكم تقليد ثابت.
وتجدر الإشارة إلى أن الأبحاث التي تُعنى بمسألة التمويل السرية لحزب الله تستند إلى حد كبير على أبحاث إيف مامو، الصحفي السابق في صحيفة "لوموند" الفرنسية، وهو مؤلف كتاب مفيد للغاية بعنوان "حزب الله، العمل الأخير" الذي استحضرنا بفضله عددا من الوقائع.
لهذه الحركة، التي أسسها الشيعة الأكثر تهميشًا في الثمانينيات قبل أربعين سنة، تأثيرٌ حاسم على الانتخابات الرئاسية اللبنانية المزمع عقدها هذا الخريف. وفي الواقع، يجب على الفائز في هذه الانتخابات، الذي من المفترض أن يكون مسيحيًا بسبب تقليد راسخ منذ نهاية الانتداب الفرنسي في سنة 1943، أن يمر عبر شكل من أشكال التسوية مع القوة الشيعية التي أصبح لها حزب شعبوي بممارسات غير ديمقراطية مطلقًا.
إذا كان حزب الله قد فرض نفسه داخل الدولة اللبنانية خلال عقود قليلة، فذلك بفضل موهبة لا يمكن إنكارها في تبنيه أكثر الرموز فسادًا وعشائريّة للطبقة السياسية اللبنانية. لكن الحركة الشيعية تدين باختراقها الساحة السياسية قبل كل شيء إلى الاستحواذ على أموال كبيرة مصدرها غامض. وقد سمحت هذه الأموال الغامضة، وحتى القذرة، بتحسين موقع الحزب ومكانته في مواجهة الرأي العام اللبناني، من خلال ميزتين رئيسيتين: منطق حربي مناهض لـ "إسرائيل" لم يتم إنكاره أبدا وتضامن مجتمعي سمح له بأن يحلّ محل الدولة اللبنانية الفاشلة.
الهوس بمعاداة "إسرائيل"
كانت تصريحات زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله المنددة بالصهيونية خلال هذا الصيف أكثر حيوية من أي وقت مضى. وفي ظل غياب توافق بشأن تقاسم حقول النفط والغاز بين "إسرائيل" ولبنان، أكد المرشد في خطب ناريّة أن حزب الله مستعد لخوض الحرب للدفاع عن المصالح الحيوية للبلاد.في جنوب لبنان، القاعدة الخلفية للشيعة التي غزاها الإسرائيليون مرتين في سنة 1982 وسنة 2006، لا يزال السكان حساسين لمثل هذه الأوامر. يقول رياض الأسعد، وريث عائلة كبيرة في جنوب لبنان ومعارض حازم لحزب الله خلال الانتخابات التشريعية الأربع الأخيرة: "نجح حزب الله في دمج هوية جنوب لبنان مع قضيته النضالية. ومع أن المقاومة ليست فكرة تخصهم، إلا أنه يُنسب إليهم الفضل". في المقابل، يعتقد هذا المعارض الشجاع لحزب الله أنه سيكون من السابق لأوانه نزع سلاح عناصر الحركة الشيعية، التي تعد رغم كل شيء بمثابة درع  ضد الاستهداف الإسرائيلي. وحتى اللبنانيون الذين أيدوا تمرير قانون يُجرّم أي لقاء مع مواطن إسرائيلي جريمة، يظلون في معظمهم قوميين مرتابين. وإن لم تكن القضية الفلسطينية حاضرة في كل مكان، فهي على الأقل قضية مقدسة.
تتمثل نقطة القوة الأخرى التي يتمتع بها الحزب الموالي لإيران في قدرته على توزيع المساعدات والوظائف على أنصاره. لمكافحة الفقر المدقع للسكان اللبنانيين، فتح حزب الله متاجر مجهّزة بشكل جيد لا يستطيع سوى أنصاره الوصول إليها. ويعتبر هذا الاقتصاد الموازي شريان الحياة لبلد عليه ديون تقارب 85 مليار دولار، أو ما يعادل 155 بالمئة من ناتجه المحلي الإجمالي، ليكون ثالث أكثر الدول مديونيةً في العالم، بعد اليابان واليونان.
لسائل أن يسأل: ما هي الميزانية الحقيقية التي يخصصها حزب الله لتمويل كل من المجهود الحربي ضد "إسرائيل" والمساعدات الكبيرة للفقراء في معاقله في جنوب لبنان والبقاع؟ من أين تتدفق هذه الأموال التي تسمح للتيار الشيعي بأن يحل محل الدولة الفاشلة؟ هذا بالإضافة إلى الكثير من الأسئلة التي لا تجرؤ الصحافة اللبنانية على طرحها في بلد يؤدي فيه استخدام حزب الله للعنف إلى إثارة خوف غامض ولكنه حقيقي للغاية، خاصة في الأوساط الصحفية.
يقول أحد المدونين الذي لا يتوانى عن إدانة فساد الرئيس عون وصهره زعيم الحركة المسيحية الموالية لحزب الله، لكنه يظل حذرًا عندما يتعلق الأمر برجال الميليشيات الشيعية أنفسهم: "بالنسبة لنصرالله وأتباعه سيكون من الأفضل السخرية منهم لكن دون مهاجمتهم وجها لوجه، خصوصا فيما يتعلق بالأمور المالية".
احترس من الهجمات المستهدفة!
في بيروت، يخشى الصحفيون بشكل مشروع من الخوض في هذا الموضوع في مواجهة حركة لم تتراجع أبدا عن تنفيذ الهجمات المستهدفة ضدهم. في سنة 2021، عُثر على الكاتب والناشر لقمان سليم، وهو معارض شرس لحزب الله، ميتًا في جنوب لبنان. أصيب هذا المفكر الشيعي الشجاع، الذي قُتل في سيارة مستأجرة من طراز تويوتا كورولا في الزهراني في قلب جنوب لبنان، بخمس رصاصات، أربع في الرأس وواحدة في الخلف. وكان من الواضح أن الاغتيال نُفذ على يد محترفين لم يتم تحديد هويتهم.
في أوروبا، قلّة من وسائل الإعلام تحقق في فساد حزب الله. ولطالما أثار عداؤه للصهيونية موقًفا من التعاطف في الأوساط السياسية والصحفية الواسعة. دون ذكر أولئك الدبلوماسيين الفرنسيين الحساسين للسياسة العربية المجيدة للجنرال ديغول التي تندد بـ "الشعب اليهودي الواثق من نفسه والمسيطر".
في باريس وحتى أعلى سلطة في الدولة الفرنسية، لم تكن تريد رؤية حركة المقاومة ضد المحتل الإسرائيلي تتحول إلى ميليشيا مسلحة بأوامر من الديكتاتورية الإيرانية. وبدلا من ذلك، يتم تجاهل هذا الأمر. وخلال جولته الأولى في لبنان بعد يومين من انفجار المرفأ في صيف 2020، تفاوض الرئيس الفرنسي بتكتم على بعض الترتيبات مع النخبة السياسية اللبنانية. في كتاب موثق جيدا، سلط الصحفيان الفرنسيان كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو الضوء على ما يحدث وراء الكواليس.
عند استقبال قادة الأحزاب في قصر الصنوبر، المقر الخاص الرسمي لسفير فرنسا، التقى الرئيس الفرنسي زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الله - الحزب الشيعي المقرب من إيران والمثير للانقسام التام على الساحة السياسية اللبناني -  محمد رعد. قال إيمانويل ماكرون قبل حوار حي إلى حد ما مع قادة المعارضة المارونية، سامي الجميل وسمير جعجع: "أنا أعول عليكم لمساعدتنا وإنجاح مهمتي".
ثم تساءل الأخيران: "كيف نبني استراتيجية انتعاش للبنان دون الحديث عن سلاح حزب الله". فأجابهم ممثل فرنسا بكل سوء نية "لكنكم تتحدثون عن أسلحة حزب الله منذ سنوات، هل توصلتم إلى نتيجة؟". ومع ذلك، فإن هذه الأسلحة المتطورة الموجهة بشكل خاص ضد الإسرائيليين تتطلب تمويلً كبيرا، يتم توفيره بشكل خاص من قبل إيران وسوريا، "عرابي" حزب الله الإقليميين.
700 مليون دولار في السنة من إيران
حسب تصريحات مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية المكلفة بمكافحة الإرهاب، سيغال ماندلكر، تموّل إيران حزب الله بنحو 700 مليون دولار سنويا. وفي مقر مؤسسة فكرية أمريكية للدفاع عن ديمقراطيات قريبة من المحافظين الجدد، صرحت ماندلكر بأن "إيران تقدم ما يصل إلى 700 مليون دولار سنويا لحزب الله، أي أكثر من ثلاثة أضعاف مبلغ 200 مليون دولار سنويًا الذي قدمته طهران للحزب الشيعي قبل تدخلها في سوريا".
في وقت مبكر من سنة 2002، موّلت إيران مدرسة التدريب العسكري في سهل البقاع وبذلك كانت الحركة مستفيدةً من حماية قوات الاحتلال السوري. وفي إحدى الدراسات القليلة حول تمويل حزب الله، قدّر الباحث ماثيو ليفيت أن إيران كانت تمول بالفعل أنشطتها العسكرية للشيعة اللبنانيين في ذلك الوقت بما يتراوح بين 100 و200 مليون دولار في السنة.
تم تدريب مجندي حزب الله ومقاتلي حماس على التخلص من المتفجرات والقتال المباشر واستخدام الصواريخ وصنعها. وقد وُضعت جميعها تحت الرعاية المباشرة للجنرال علي رضا تامزة، رئيس الحرس الثوري الإيراني آنذاك. منحت إيران الحزب 300 مليون دولار لإعادة إعمار جنوب لبنان سنة 2006 بعد الغزو الإسرائيلي، علما بأن حزب الله لم يخفِ الأمر في ذلك الوقت. وأضيفت هذه المساعدة الكبيرة إلى الإعانات المعتادة.
تنضاف إلى هذه الأموال النقدية مساعدات عينية يصعب تحديدها بدقة مثل توريد آلاف الصواريخ وتدريب رجال الميليشيات على التعامل مع قنابلها الطائرة والدعم اللوجستي والدراسات الميدانية لبناء مركز قيادة ومأوى تحت الأرض وتخزين الأسلحة وحتى إعانات بث قناة المنار التلفزيونية.
كما أن المساعدات المالية التي يتلقاها من إيران تسمح لحزب الله برعاية الميليشيات الفلسطينية، وتنفيذ عمليات مناهضة لـ "إسرائيل" حول العالم. أما الميزة الجانبية، فتتمثل في نجاح حزب الله في منع ظهور الجماعات التابعة لتنظيم الدولة، المعادية تقليديا للشيعة، على الرغم من حدود لبنان الطويلة مع سوريا حيث تزدهر الجماعات السنية المتطرفة. وعلى هذا النحو، يمكن للحركة الشيعية أن تقدم نفسها للغربيين كحصن منيع ضد التهديد الجهادي.
التهريب إلى سوريا
إن المصدر الرئيسي الآخر لتمويل حزب الله في السنوات الأخيرة هو التهريب إلى سوريا - "الأب الروحي" الثاني للحركة الشيعية في المنطقة. فُرضت سياسة دعم واسعة النطاق على مصرف لبنان تشمل الضروريات الأساسية مثل البنزين والطحين وحتى الأدوية. وقد استغل حزب الله هذه الإعانات لرعاية عمليات تهريب واسعة لهذه المنتجات إلى سوريا بسبب فارق الأسعار لدرجة أن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أعلن لصحيفة "لو فيغارو" اليومية أن "لبنان أصبح منذ 2017 مهما لدولتين، لبنان وسوريا".
في سياق متصل، أفاد محافظ مصرف لبنان السابق، ناصر السعيدي، في منشور له على شبكات التواصل الاجتماعي بأن لبنان يستورد وقودًا مدعومًا "أكثر بثلاث مرات من احتياجاته للاستهلاك الداخلي".
ولعل رئيس اللجنة المالية البرلمانية إبراهيم كنعان هو الأكثر وضوحًا حيال هذه المسألة حيث أشار خلال جلسة برلمانية في شهر آذار/ مارس 2021  إلى أن "سياسات الدعم للحكومات المتعاقبة في السلطة تكلف 11 مليار دولار سنويا". وهو رقم يقول الكثير عن الدخل الذي استفاد منه حزب الله من خلال رعاية كل عمليات التهريب المنظمة على طول الحدود السورية المليئة بالثغرات في شمال لبنان عبر عدة ممرات خارجة عن سيطرة الدولة.
مجموعة عالمية
إلى جانب المساعدات من إيران وسوريا - القوتان الإقليميتان اللتان تحميانه وتدعمانه - تكمن قوة حزب الله في جمع الأموال من جميع أنحاء العالم من خلال الشتات الثري والمغامرة. ولا شيء أبسط من إعادة حقائب السفر عبر مطار بيروت، الذي أصبح أكبر موقع للتحويلات النقدية في العالم.
في بيان صحفي حول حرية حزب الله في جمع الأموال في ألمانيا لصالح "أعماله" في لبنان أصدرته بتاريخ 13 تموز/ يوليو 2009، أعربت المؤسسة الأوروبية للديمقراطية في بروكسل عن استيائها، إذ أتاح مشروع "أيتام لبنان" ومقره غوتنجن بألمانيا إرسال تبرعات من سكان ألمان إلى جمعية "الشهيد" اللبنانية المقربة من الحركة الشيعية التي تهدف إلى إثارة استحضار الشهداء بين مجموعات الأطفال. وتعتبر التبرعات في ألمانيا معفاة من الضرائب وهي طريقة تدعم بها الإدارة الألمانية حزب الله بشكل غير مباشر.
يوجد في مدينة شيكاغو الأمريكية نسبة عالية من المسلمين، بما في ذلك العديد من المتعاطفين مع حزب الله الذين ينظمون عروضا منزلية لأفلام صورتها قناة المنار. وهكذا يتم جمع الدولارات التي تعود بالفائدة على "عائلات ضحايا النزاع مع إسرائيل".
تعتبر الهجمات التي شهدها الأرجنتين في 18 تموز/ يوليو 1994 التي أودت بحياة 58 شخصا خير مثال على نشاط حزب الله. ويرجع الفضل في الكشف عن جميع تفاصيل  الواقعة إلى إنشقاق عميل إيراني رفيع المستوى. خلال التخطيط للعملية، أوليت جميع التفاصيل، صغيرها وكبيرها، أهمية قصوى من بينها التبرع بمبلغ تناهز قيمته عشر ملايين دولار للرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم حتى يتمكن من تثبيط عزم الشرطة التي تولت مهمة التحقيق في الهجوم. من جهته، اعترف المستشار الرئاسي الأرجنتيني السابق ماريو بايزان أن مدينة سيوداد ديل إستي أهم مركز تمويل لحزب الله.
أصبحت إفريقيا، على وجه الخصوص المناطق التي اتخذها عدد غفير من اللبنانيين موطنا لهم، مصدرا رئيسيا للمساعدات المالية الموجهة لحزب الله. في هذا الصدد، تعتبر الرحلة التابعة لاتحاد النقل الجوي عدد 141 من كوتونو إلى بيروت في 25 كانون الثاني/ديسمبر 2003 أول تجلٍ لهذه الروابط المالية. بعد إقلاع الطائرة مباشرة، أريقت دماء 136 راكبا، معظمهم من اللبنانيين من بينهم مسؤول في حزب الله واثنين من مساعديه. خلال تفتيش أغراضهم تم العثور على حقيبة تحتوي على مليوني دولار من فئات العملة الصغيرة. ويشتبه في أن الأموال تعود بالأساس لرجال أعمال لبنانيين يعملون في تجارة الألماس في غينيا وسيراليون وليبيريا.
ينتمي اللبناني عزيز إبراهيم نصور إلى إحدى العائلات التي مثلت في السنوات الأخيرة جسر تواصل بين حزب الله وممثلي الطائفة الشيعية المقيمين في جمهورية إفريقيا الوسطى. عزيز نصور هو الابن الأكبر لإبراهيم خليل نصور، رجل الأعمال الذي أسس سنة 1983 شركة "ألماس للأبد" التي تتخذ من مدينة أنتويرب موقعا لها، وهي شركة متخصصة في استيراد وتصدير الماس المصقول. تزوجت ابنته ديانا نصور، شقيقة عزيز نصور، من علي سعيد أحمد الذي ينحدر من عائلة شيعية لبنانية أخرى غنية تختص في تجارة الألماس بين زائير و أنتويرب.
تختص كل من عائلة أحمد ونصور في تجارة الألماس من سيراليون وليبيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، لتعيد بيعه في أنتويرب قبل استثمار الأرباح في لبنان بشكل رئيسي من خلال الاستحواذ على العقارات.
في الثامن من آذار/ مارس من العام الجاري، امتثل اثنين من رجال الأعمال اللبنانيين الغينيين، وهما علي سعد وإبراهيم طاهر، للتحقيق أمام مكتب المدعي العام في كوناكري بتهمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. نتيجة ذلك، صودرت جميع ممتلكاتهما وتجميد أصولهما. وقد تم اتخاذ هذه الإجراءات في حقهما من طرف العدالة الغينية بعد أيام قليلة من تحذير وزارة الخزانة الأمريكية من تواطؤ هؤلاء الشيعة اللبنانيين مع حزب الله .فهل يتبرع هؤلاء بمحض إرادتهم لحزب الله، لا سيما أن لا أحد اشتكى في وقت سابق من اختلاس أمواله؟
التزوير على جميع المستويات
تنضوي بعض الأعمال مثل تقليد حقيبة لوي فيتون أو نسخ فيلم لستيفن سبيلبرغ أو دواء حاصل على براءة اختراع وإعادة بيع المنتج على الحساب الخاص في تحد صارخ لحقوق الملكية الفكرية تحت خانة جرائم التزوير. مع تحقيق أرباح الطائلة وانخفاض مخاطر اكتشاف الحقيقة وهشاشة العقوبات، عمدت العديد من المؤسسات الإجرامية إلى الانخراط في مثل هذه الأنشطة على نطاق واسع.
يعتبر الأمين العام للإنتربول رونالد نوبل الذي شغل هذا المنصب ما بين 2000 و2014، أول من لفت انتباه الحكومات إلى أن "جرائم الملكية الفكرية أضحت وسيلة لتمويل عدد معين من المنظمات الإرهابية". في 16 تموز/ يوليو 2003، خلال الإدلاء بشهادته أمام لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأمريكي، أشار رئيس الإنتربول إلى أن تنظيم القاعدة وحزب الله والانفصاليين الشيشان والمتطرفين الألبان من بين الكيانات التي تجني أرباحًا طائلة من إنتاج أو بيع السلع المقلدة.
في تقريرها الصادر في آذار/ مارس 2009، قدرت مؤسسة راند القريبة من وكالة المخابرات المركزية، أن عمليات الاتجار المختلفة التي تتم في المنطقة الحدودية الثلاثية في أمريكا اللاتينية، بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي، تضخ سنويا حوالي 20 مليون دولار في خزائن حزب الله.
يُتهم أسد أحمد بركات، الذي كان يدير شركتين في مدينة فوز دو إيغواسو التابعتين لولاية بارانا البرازيلية، بالتورط في عمليات التهريب. خلال كلمة له، أثنى حسن نصر الله على الأسد، المصنف من قبل الأجهزة الأمريكية "إرهابيا عالميا" قبل طرده في 2020 من البرازيل إلى باراغواي حيث اتهم بارتكاب جميع أنواع الاختلاس.
الكبتاغون في صميم عمليات التهريب
اتسع نطاق التزوير ليشمل المنتجات الصحية على غرار حبوب الفياغرا وأدوية السرطان فضلا عن الكبتاغون، وهو جزيء من فئة الأمفيتامينات؛ وهذا السوق يغري حزب الله.
من جانبها، أعلنت السلطات السعودية في 22 تموز/ يوليو من العام الجاري حجز حوالي 15 مليون حبة كابتاغون، وهو مخدر من عائلة الأمفيتامين أدى تعاطيه إلى إشاعة الفوضى في المملكة وفي جميع أنحاء المنطقة. وقد أحبطت الجمارك السعودية محاولة تهريب كمية كبيرة من الكبتاغون تناهز 14.976 مليون حبة. وقد عثر على الحبوب مخبأة في آلة معدّة لصنع كتل خرسانية وصلت بواسطة الشحن البحري إلى ميناء جدة غربي المدينة.
يزخر سجل حزب الله بتجارة حبوب الكبتاغون. في الثامن من آذار/مارس 2012، نشرت صحيفة "لوريان لو جور" مقالا على صفحتها الأولى بعنوان "لا يزال يتعذر العثور على شقيقي النائب حسين الموسوي، اللذان يشتغلان في مجال تهريب الكبتاغون". استهل المقال بالتنويه إلى أنه "بعد مصادرة الجمارك جهازين قادمين من الصين يُستخدمان في صناعة حبوب الكبتاغون، كشفت التحقيقات تدريجيا عن شبكة التجار المتورطين. وشقيقا نائب حزب الله المتورطان في هذا الاتجار غير المشروع، حيث فشلت محاولات تعقبهما في الوقت الحالي، يقيمان في بلدة النبي شيت في البقاع".
في سنة 2008، قدم المدير الفرنسي لقسم الشؤون العامة في الشركة الأوروبية للذكاء الاستراتيجي، إريك شميدت، تقريرًا حصريا إلى وزارة الصناعة الفرنسية. في هذا التقرير، أشار شميدت إلى أن الإرهاب الدولي قادر على استغلال مسألة تقليد الأدوية. ويشتبه في اهتمام العديد من المنظمات، مثل حزب الله اللبناني والكامورا الإيطالية والجماعات الإجرامية الألبانية بهذا النوع من التجارة".
وفي الواقع، يؤمن تهريب المخدرات جزءًا كبيرًا من الأموال السرية التي يتلقاها حزب الله وهو ما يثير حفيظة العالم الغربي جميعا، على وجه الخصوص الأمريكيين. وذلك، ما سيكشف عنه الجزء التالي من التحقيق.
المصدر: لوموند آفريك
=============================
الصحافة التركية :
كريتر :مع اقتراب انتخابات 2023.. ما أهم ملامح السياسة الخارجية التركية؟
https://www.noonpost.com/content/45126
كتب بواسطة:مراد يشيل تاش
مع اقتراب انتخابات 2023؛ من الواضح أن السياسة الخارجية التركية ستكون إحدى الأجندات الرئيسية؛ حيث إن هناك سببان رئيسيان لهذا، الأول هو أن تحالف الأمة، الذي يمثل المعارضة، يواصل انتقاد السياسة الخارجية للحكومة، ويعبر كثيرًا عن أنه سيتبنى سياسة خارجية "بديلة" وفقًا له، السبب الثاني هو أن البيئة التي يتم فيها تنفيذ السياسة الخارجية، ستكون نشطة للغاية حتى الانتخابات. لذلك؛ عندما نعتبر أن أحد الخطابات الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، سيتم بناؤها على مستوى السياسة الخارجية، فمن المحتمل جدًا أن تكون السياسة الخارجية، على الأقل، في العناوين الثلاثة الأولى المهمة لانتخابات 2023. وفي الواقع؛ إن قضايا الاقتصاد واللاجئين هما في المكانين الأولين، لكن يمكن ملاحظة أن السياسة الخارجية أكثر أهمية عند الذهاب إلى الانتخابات، لأن قضيتا الاقتصاد واللاجئين تبدوان مرتبطتان بالسياسة الخارجية إلى حد كبير.
مع اقتراب عام 2023؛ هناك عدة أسئلة مهمة تحتاج إلى إجابة: ما نوع رؤية السياسة الخارجية التي يمتلكها حزب العدالة والتنمية عندما يتعلق الأمر بالانتخابات؟ وكيف ستنفذ الحكومة السياسة الخارجية على المستوى العملي في البيئة الدولية الصعبة التي نمر بها؟ وما نوع التفاعل الذي سيكون بين السياسة الخارجية والسياسة الخارجية؟ وأي نوع من الصراع الاستطرادي سيظهر؟ في هذه المرحلة؛ من المهم جدًا كيف سيميز حزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب نفسه، عن الطاولة السداسية للأحزاب المعارضة، في سياق السياسة الخارجية.
أي نوع من رؤية السياسة الخارجية؟ وأي نوع من الخطاب الجيوسياسي؟
يبدو من الضروري تقديم وصف تقريبي للسنوات العشرين الماضية، من أجل فهم نوع رؤية السياسة الخارجية التي سيحملها حزب العدالة والتنمية في الوقت الذي نتحرك فيه نحو انتخابات 2023. فعندما ننظر إلى السنوات العشرين الماضية؛ يمكننا القول أنه كانت هناك تحوّلات وتغييرات مهمة في خطاب السياسة الخارجية، ويمكن تقسيم السياسة الخارجية التركية - بقيادة حكومات حزب العدالة والتنمية وأردوغان - إلى أربع فترات على محور التغيير والاستمرارية.
وتشمل الفترة الأولى (2002-2007) مبادرتين متزامنتين؛ فكانت المحاولة الأولى إعادة هيكلة الرؤية التقليدية للسياسة الخارجية، القائمة على عضوية الاتحاد الأوروبي، من خلال إعطاء الأولوية للعلاقات مع الغرب، بينما كانت الثانية تكييف تركيا مع السياسة الدولية، من خلال إعادة وضعها في النظام الدولي.
في الفترة الثانية (2007-2011)؛ بدأ حزب العدالة والتنمية في تعزيز سلطته في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية، وإعادة تشكيل السياسة الخارجية التركية على المستويين الإقليمي والدولي، وكانت هذه الفترة المعنية عبارة عن عملية توطيد للسياسة الخارجية؛ حيث سعت إلى إعادة وضع تركيا كقوة "مستقلة" في النظام الدولي، من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية.
بدأت الفترة الثالثة (2011-2016) بالانتفاضات العربية وأثرت بشكل أساسي على رؤية السياسة الخارجية التركية ودوافعها، ففي المرحلة الأولى من الانتفاضة العربية، كانت تركيا على استعداد لقيادة التحول الإقليمي الجديد، من خلال وضع نفسها كواحدة من أهم اللاعبين الذين يمكنهم تشكيل السياسة الإقليمية؛ وفي المرحلة التالية، كان عليها أن تتعامل مع تحديات السياسة الخارجية الجادة، إستراتيجيًّا وتكتيكيًّا؛ بسبب الافتقار إلى القدرة المالية لتحقيق أهدافها والديناميات الداخلية للسياسة الإقليمية.
لم يُظهر هذا الوضع استمرارية؛ ففي الوقت الذي اتخذت فيه تركيا خطوات بصفتها جهة فاعلة تقود عملية التحول في بداية الانتفاضات العربية؛ تحولت التطورات في مصر وسوريا إلى تعميق الأزمة الخارجية. وفي سياق التحول في الفترة الثالثة؛ كان من المذهل رؤية كيف أدت الحرب الأهلية السورية إلى إطلاق سياسة تركيا الخارجية وأمنها، وكانت إحدى النتائج الرئيسية للحرب الأهلية السورية التي أثرت على السياسة الخارجية والأمنية التركية؛ أنها قوضت الأمن القومي التركي، والارتباطات الإقليمية، والعلاقات مع الولايات المتحدة.
بدأت الفترة الرابعة (2016-2022)، مباشرة بعد محاولة الانقلاب في تركيا؛ وحدث أكثر التحولات جذرية في السياسة الخارجية، في ظل إدارة حزب العدالة والتنمية في تركيا. فبدأت العمليات العسكرية التركية في سوريا، وخاصة على الحدود السورية، لمنع التهديدات الأمنية من تنظيم الدولة، وحزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب، ومنع تركيا لمحاولة حصار قطر، والدعم العسكري لليبيا، وحرب كاراباخ، وآخيرًا الحرب الروسية-الأوكرانية التي أظهرت دور تركيا المميز للسياسة الخارجية، التي تحولت تحت قيادة أردوغان.
وكانت الفترة الرابعة أيضًا فترة أزمة في العلاقات التركية-الأمريكية؛ حيث تقاربت تركيا وروسيا بسرعة (بما في ذلك شراء نظام الدفاع الصاروخي اس-400)، واتخذت أنقرة وواشنطن اتجاهًا مختلفًا في سوريا. نتيجة لذلك؛ اهتزت السياسة الخارجية التركية الجديدة، بشكل رئيسي بسبب الأزمة السورية وكان لا بد من معالجتها من منظور موجه نحو الأمن. ومع ذلك؛ على الرغم من وجود انحرافات كبيرة، في رؤية السياسة الخارجية الجديدة، عن الفترة التي سبقت الانتفاضات العربية، إلا أنها استمرت في الحفاظ على أهداف السياسة الخارجية لتركيا مع الفترة السابقة، لذلك برزت السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية كعملية بناء وإصلاح في الفترة الأولى، ونضال وتوطيد في الفترة الثانية، وكفاحٍ واستقلالٍ في الفترتين الثالثة والرابعة.
تحافظ القوات المسلحة التركية على الأمن والسلام، من خلال اتخاذ تدابير مكثفة في منطقة تل أبيض، والتي طُهرت من المنظمات الإرهابية من خلال عملية نبع السلام.
الخطاب الجيوسياسي، الذي تقدم على أساس ديمقراطي، بين عامي 2002 و2011، واستقر على محور النضال بين عامي 2011 و2016؛ خضع للمراجعة بعد عام 2016، فقد أدى الصراع الخطابي والعملي حول الربيع العربي إلى التخلي عن الخطاب الجيوسياسي الذي بُني لخلق "عصبية إقليمية" مشتركة في السياسة الخارجية التركية خلال حقبة حزب العدالة والتنمية. ومن ناحية أخرى؛ أدى تعرض حزب العدالة والتنمية وتركيا لممارسة قاسية من الغرب، إلى تحول سريع في اللغة الجيوسياسية معهم، وأدى إلى ظهور خطاب جيوسياسي مبني على مشكلة البقاء الوطني. وهكذا؛ فإن اللغة الجيوسياسية التي حاولت تضمينها مع الغرب، كموضوع ليبرالي وديمقراطي قبل عام 2016، أعيد بناؤها على محور النقد ضد الغرب، وتطورت إلى رؤية الغرب كجزء من مشكلة البقاء، في سياق أزمات منظمة غولن الإرهابية، وحزب العمال الكردستاني، وسوريا. بعبارة أخرى؛ بدأت الأنماط الجيوسياسية الجديدة القائمة على خطاب البقاء تلعب دورًا كجزء لا يتجزأ من الرؤية الجيوسياسية لحزب العدالة والتنمية في الداخل والخارج.
بشكل عام؛ أدى هذا الوضع إلى إضعاف المشروع الليبرالي الدولي في الخطاب الجيوسياسي، وتقوية اللغة الواقعية وصعودها، وتسيير السياسة الخارجية على محور النضال. وفي عامي 2021 و2022، وعلى الرغم من أن قضية الأمن لا تزال إحدى النقاط المحورية؛ فإن تحركات التطبيع في تركيا - والتي لا تقتصر على منطقة واحدة - قد لعبت دورًا مهمًا في ضمان الأمن والقضاء على المخاطر الجيوسياسية.
الاستعداد لمنافسة القوى العالمية
مع اقترابنا من انتخابات 2023؛ قد تكون رؤية السياسة الخارجية - التي يجب على حزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب إنشاؤها - استمرارًا للخطاب حول البيئة الجيوسياسية التي تشكلت بعد عام 2016. ومع ذلك؛ فإن الركيزة الأساسية التي يجب أن تشكل العمود الفقري للخطاب الجيوسياسي لتحالف الشعب لا ينبغي أن تكون "البقاء"، بل يجب تشكيلها بطريقة تضع تركيا بشكل فعال في النظام الدولي المتغيّر، لأن خطاب البقاء قد يحصر تركيا في سياسة خارجية دفاعية، فضلًا عن زيادة الضغوط الدورية ضد تركيا.
الاستقلال
من أهم السمات المميزة التي تصف تحول النظام الدولي؛ عودة منافسة القوى العظمى، ويظهر هذا التنافس على أنه صراع عالمي على القوة، بين كتلة الأطلسي المتمركزة في الولايات المتحدة؛ وبين روسيا والصين؛ والذي من المرجح جدًا أن يتعمق. ويمكن لمنافسة القوة الجديدة - القائمة على المنافسة لغرض الحفاظ على التفوق الإستراتيجي للغرب ككل، ومنعه من الاهتزاز من قبل قوة عالمية مثل الصين - أن تشكل شكل القطبية للنظام الدولي.
وقد تؤدي القطبية الثنائية الجديدة، والتي تعد من بين الاحتمالات (الصين والولايات المتحدة)، والتعددية القطبية الجديدة، إلى تغيير جذري في النظام الحالي في السنوات القادمة. ولكلا الاحتمالين؛ يجب أن يكون حجر الزاوية في رؤية السياسة الخارجية لتركيا هو تعميق "إستراتيجية الاستقلال"، والتي تعني أن تركيا لديها القدرة على البقاء واقفة على قدميها، والتصرف بمفردها عند الضرورة؛ للقضاء على التهديدات الوشيكة. ولا يعني هذا الاستقلال أن على تركيا صياغة سياسات تستند إلى كونها جزءًا من الكتلة الغربية، أو أحد التحالفات المضادة، لكنها استقلالية شاملة يمكن أن تخلق هذه السياسات أو تؤثر عليها، فالاستقلال ليس سياسة؛ بل إنه يعني اكتساب القدرات التي يمكن أن تتيح الحركة بشكل أكثر مرونة؛ حيث يعتبر تعميق القوة الاقتصادية والعسكرية والصناعية/التكنولوجية أحد المجالات التي تحتاج إلى زيادة قدرتها من أجل تطوير هذه القدرة. لذلك؛ يجب تصميم السياسة الخارجية على أساس العناصر المادية بدلاً من إستراتيجية استطرادية.
المرونة
التغيير في النظام العالمي يجعل من الضروري لتركيا أن تتبنى "إستراتيجية مرنة" في السياسة الخارجية، ويجب فهم المرونة على أنها شرط سلوكي يوفر الحرية في اتخاذ القرارات والتصرف في السياسة الخارجية، وتحدد هذه المرونة إطار التعامل مع أولويات السياسة الخارجية كموقف سياسي تجاه ما يمكن وما لا يمكن أن يحدث. ومثل هذا الموقف السياسي لن يرى التحالفات على أنها دائمة، ولن يرى التنافس أو العداء على أنه دائم؛ بل يجعل هذا الموقف السياسة الخارجية مفتوحة للتعاون لتقليل المخاطر، كما تقلل المرونة من تكاليف السياسة الخارجية في أوقات الأزمات، مع المساحة التي تكشفها.
إضافة الطابع المؤسسي للتطبيع
وعلى الرغم من أن صراع تغيير النظام العالمي يتسبب في تشكيل بيئة جيوسياسية تنافسية في النظام الدولي؛ إلا أنه ينبغي النظر إلى عملية التطبيع على نطاق الشرق الأوسط على أنها فرصة لتركيا. لذلك يجب أن يُبنى خطاب السياسة الخارجية لانتخابات 2023 على إضافة الطابع المؤسسي للتطبيع. وعلى الرغم من أن عملية التطبيع لم تخلق خارطة طريق شاملة لحل مشاكل الشرق الأوسط؛ فإن استمرارها طوال عام 2023 سيُمكِّن تركيا من التحول إلى دولة تدعم وتشجع حلول العديد من المشاكل - خاصة سوريا - بعد الانتخابات.
من ناحية أخرى؛ فإن تعميق القدرة المادية في سياق الاستقلال؛ سيحول تركيا إلى القوة الأساسية في منطقتها، وبالتالي فإن تعميق واستمرار عملية التطبيع سيوفر أرضية ميسرة لإعادة التوجيه الإستراتيجي لتركيا.
التنوع الإقليمي
بالإضافة إلى إضفاء الطابع المؤسسي على الاستقلال والمرونة والتطبيع؛ ينبغي أن يكون "التنوع الإقليمي" أساسًا آخر لسياسة تركيا الخارجية، فسيمكِّن التنوع الإقليمي من تنويع وإضفاء الطابع المؤسسي على الأدوات السياسية والاقتصادية للسياسة الخارجية؛ حيث سيساهم التركيز على الأنظمة شبه الإقليمية في القارة الأفريقية في التنويع الإقليمي في السياسة الخارجية التركية. وبالمثل؛ فإن السياسة الخارجية تجاه آسيا - بجميع أقاليمها الفرعية - لها أهمية حيوية من حيث زيادة استقلالية السياسة الخارجية لتركيا.
طلب الإصلاح العالمي
لا يزال إصلاح النظام العالمي - وخاصة الأمم المتحدة - من بين القضايا ذات الأولوية لتركيا؛ حيث تشكل المطالبة بإصلاح الأمم المتحدة - والتي تعد من السمات المميزة للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية؛ أحد أهم الأدوات والمجالات التي من شأنها ترسيخ صورة تركيا العالمية في النظام الدولي. لكن؛ ينبغي أيضًا تعميق الإصلاح في الركائز السياسية والاقتصادية والأمنية، للنظام العالمي، بدلًا من التركيز فقط على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
في هذا السياق؛ فإن تحويل مطلب الإصلاح إلى خارطة طريق شاملة مع الجهات الفاعلة الأخرى التي تطالب بالإصلاح وتحويله إلى مطلب عالمي؛ سيعمل على إضفاء الطابع المؤسسي على سعي تركيا للإصلاح وتعزيز قيادتها في هذه العملية.
المخاطر
ستكون انتخابات 2023 نقطة تحول تاريخية في السياسة الخارجية التركية في كثير من النواحي، لكن يجب التأكيد على أن هناك مخاطر في السياسة الخارجية في الفترة التي تسبق الانتخابات. ففي هذا الصدد؛ فإن الخطر الأكثر أهمية هو استمرار عدم اليقين بشأن التدخل الروسي في أوكرانيا، وعلى الرغم من أن إطالة أمد الحرب يمنح تركيا الفرصة للعب دور متوازن؛ إلا أن تعميق روسيا سيطرتها على المنطقة - من خلال توسيع الحرب - قد يتسبب في أرضية أكثر صعوبة في العلاقات، بين الغرب وروسيا، وقد يجعل من الصعب الحفاظ على سياسة تركيا الحالية.
الخطر الآخر هو التطورات المحتملة القادمة من سوريا، فعلى الرغم من ارتفاع التوقعات بشن تركيا عملية عسكرية جديدة في سوريا، إلا أن تأخير العملية قد يؤخر عودة اللاجئين، كأحد جداول الأعمال المهمة في السياسة الخارجية، ويحول قضية اللاجئين إلى حجة مضادة ضد تحالف الشعب.
من ناحية أخرى؛ قد تتسبب مشاكل مثل ليبيا - التي من المرجح أن تدخل مرة أخرى في محور الصراع - في معادلة قد تواجه تركيا صعوبة فيها. وفي هذا السياق؛ مع تصعيد التوترات التركية-اليونانية على نطاق شرق البحر المتوسط ​​وبحر إيجة؛ قد تحدث فترة جديدة من التوتر في السياسة الخارجية، وعلى الرغم من أنه يبدو من غير المحتمل حدوث تحسن شامل في العلاقات التركية الغربية في هذه الفترة، فمن الممكن القول إن فترة الأزمة غير متوقعة وسيتجنبها الغرب عن عمد، كما هو الوضع المماثل في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وتُظهر لنا جميع مجالات السياسة الخارجية الأخرى أيضًا أن التفاعل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية سيكون أكثر كثافة في انتخابات 2023، والشخص الذي يدير هذا التفاعل جيدًا ويرسم قصة تركيا المستقبلية من هنا سيكون دائمًا في المقدمة.
المصدر: كريتر
=============================