الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سورية في الصحافة العالمية 31/5/2015

سورية في الصحافة العالمية 31/5/2015

01.06.2015
Admin



إعداد مركز الشرق العربي
عناوين الملف
1. معهد واشنطن : جيفري وايت :أزمة نظام الأسد
2. ناشيونال انترست : اخيليش بيلاماري : 23/5/2015 :خمس معارك غيرت الشرق الأوسط إلى الأبد
3. التلغراف: داعش يؤسس وزارة للأثار لإدارة عمليات النهب
4. ميدل إيست آي  :كيف ينظر التحالف “السعودي-التركي” إلى صراعات الشرق الأوسط؟
5. صحيفة ليبراسيون الفرنسية  :استراتيجيات مختلفة لدى التنظيمات الجهادية المتنافسة في سوريا
6. معهد بروكينغز: سيرجي أليكاشينكو :توقفوا عن وصف “روسيا” بالضعيفة
7. ريال كلير بولتيكس : توم ويلسون :مستقبل الشرق الأوسط يبدو مشابها جدا للعراق
 
معهد واشنطن : جيفري وايت :أزمة نظام الأسد
جيفري وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن وضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات العسكرية
في الأسبوع الماضي تعرّض نظام الرئيس السوري بشار الأسد لهزيمتين كبيرتين على يد قوتين مسلحتين مختلفتين من المعارضة: الأولى على يد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» في مدينة تدمر في محافظة حمص الشرقية، والثانية على يد قوات «جيش الفتح» التي خسر النظام في وجهها آخر موطئ قدم رئيسي له في محافظة إدلب. وفي حين أنّ هاتين الهزيمتين لا تشيران إلى أي سقوط وشيك للنظام، إلاّ أنّهما تشيران إلى أنّ الحرب تسير ضدّه وأنّ فترة ركود طويلة قد بدأت على الأرجح، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى انهيار الدولة أو انكماشها.
وسوف يحارب النظام وحلفاؤه رداً على عمليات هذه القوات وسيحظى ببعض النجاحات على بعض جبهات الحرب، ولكن، بعد أربع سنوات من القتال، بدأت عوامل أساسية في الصراع الدائر تميل ضد النظام وضد قدرته على إصلاح الخلل في التوازن. ولوقف ذلك أو عكسه، ستدعو الحاجة إلى حصول تغييرات كبيرة في الوضع، بما في ذلك: التحوّل إلى استراتيجية الدمج، أو زيادة كبيرة في تخصيص حلفاء النظام لقواتها في القتال، أو عكس الاتجاه التصاعدي الذي تتخذه قدرات الثوّار، أو تدخّل دبلوماسي خارجي لتجميد النزاع أو حلّه.
عناصر فشل النظام من الناحية العسكرية
تحليل نقاط القتال إلى خمسة عوامل رئيسية وراء تراجع النظام من الناحية العسكرية.
فشل الاستراتيجية. لطالما اعتمدت استراتيجية النظام العسكرية على قدراته على التسبب باستنزاف أكبر لأعدائه، وحشده المزيد من الموارد، واحتفاظه بمواقع رئيسية. وقد عملت هذه المقاربة جيداً لصالح النظام في السابق، ولكن، كما هو مبين أعلاه، بدأت هذه الاستراتيجية تلوح بالفشل؛ فالتقيد بها يكلّف النظام كثيراً. وعلى وجه الخصوص، ينشر النظام قواته على نحو غير كاف، مما يجعلها عرضة إلى العزلة والهزيمة في الوقت الذي يعزز فيه قوة أعدائه.
فشل العمليات. تعاني قوات النظام من فشل على المستوى العملياتي. فقد حققت الهجمات التي شنّها النظام جنوب غرب دمشق والمناطق المحيطة بحلب هذا الربيع القليل من المكاسب، في حين تسببت بوقوع خسائر كبيرة له. وفي المقابل، لم تتوّج عملياته الدفاعية في إدلب وشرق حمص بالنجاح، مما أدى إلى خسارته مواقع رئيسية، ومرة أخرى مع خسائر كبيرةً للنظام وخسارة في الأسلحة والذخائر. ويستثنى من ذلك الهجوم الحالي في منطقة القلمون، الذي يُعتمد فيه في المقام الأول على قوات «حزب الله» وعلى التخطيط والعزم. وهنا تؤدي قوات النظام دوراً مسانداً صارماً عبر شنّ الغارات الجوية وتوفير الدعم بالمدافع، ولكنها لا تشارك في المعارك البرية العنيفة.
فشل القوات. بالإضافة إلى تعثّر العمليات، تتعرّض قوات النظام للهزيمة في عمليات فردية. ويبدو أنّ وحدات الجيش النظامية وغير النظامية على حدّ سواء تفتقر إلى الروح الهجومية، وحتى أنها تظهر علامات عن دفاع فاتر. وحتى المواقع الدفاعية القوية مثل وادي الضيف والحميدية ومعسكر المسطومة في محافظة إدلب سقطت بسرعة مذهلة. كما أن نأنأالصيغ التكتيكية القديمة التي كان النظام قد بناها على أساس تفوّقه في الأسلحة الثقيلة والقوة الجوية، لم تعد تسفر عن النتائج الإيجابية نفسها. ومن جهة أخرى، ما زالت وحدات النظام، مثل تشكيلات "الحرس الجمهوري" و "قوات النمر" و"صقور الصحراء"، قادرةً على القتال الفعلي، إلاّ أنّ هذه الوحدات تمثّل على الأرجح أقلّ من 10 في المائة من القوات السورية وليس لديها سوى قدرة محدودة للتأثير على الوضع العسكري على النطاق الواسع.
تحسّن قدرات معارضي النظام. أصبح معارضو النظام أكثر قدرة بكثير ممّا كانوا عليه في أواخر عام 2012، وهي المرة الأخيرة التي شكّلوا فيها تهديداً خطيراً على النظام.
وفي حين لا يزال النظام متفوقاً في بعض النواحي مثل الطائرات والمدرعات الثقيلة والمدافع، أصبحت الآن قوات المعارضة مدججةً بأسلحة انتزعتها من قوات النظام وببعض الأنظمة الأساسية (على سبيل المثال، الصواريخ الموجهة المضادة للدروع) المقدمة لها من مصادر خارجية. وعادة ما تتضمن عمليات الثوار الهجومية الرئيسية "أسلحةً مندمجةً" تشمل دبابات ومدافع وقذائف هاون وغيرها من الأسلحة الثقيلة إلى جانب قوات المشاة.
كما أن التنسيق والتعاون بين قوات الثوار قد تحسّن إلى حدّ كبير، وخاصة في شمال البلاد وجنوبها. فقد أصبح الثوّار يعملون بشكل متضافر في بعض الأحيان، وفي أماكن، وعلى نطاق لم يتمكنوا من القيام به من قبل. وخير أمثلة على ذلك هم: «جيش الفتح الإسلامي» في محافظة إدلب وحلفاؤه، و«الجبهة الجنوبية» في الجنوب. يُضاف إلى ذلك قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على تطبيق استراتيجيته الخاصة بعمليات مدروسة جيداً ضد قوات النظام في شرق البلاد. وبالتالي، لم يسبق قطّ أن واجه النظام في هذه الحرب قوات قادرةً ومتناسقةً في شرق وشمال وجنوب البلاد.
لقد تحسّنت قدرة الثوّار على احتلال مواقع النظام والاحتفاظ بتلك التي يسيطرون عليها. ففي هجوم إدلب، استولى الثوّار على عدد من المواقع الدفاعية التكتيكية للنظام تراوحت بين نقاط تفتيش صغيرة ونقاط حصينة كبيرة، فضلاً عن مناطق حضرية (إدلب، جسر الشغور، أريحا) طالما كانت في جعبة النظام. ويشير ذلك إلى تحسّن الأداء العملياتي والتكتيكي لقوات الثوار، ويعود ذلك جزئياً إلى كونها أفضل تسليحاً وأفضل قدرة على تنسيق استخدامها، بالإضافة إلى تحسّن المؤهلات القتالية لوحدات الثوار. أما من حيث الانضباط والتماسك والقيادة والتحفيز، فيبدو أن بعض قوات الثوار وقوات «داعش» بشكل عام تتفوق على قوات النظام النظامية وغير النظامية. وغالباً ما يترجم ذلك بهزيمة قوات النظام على أرض المعركة، إلاً في الحالات التي تتواجد فيها وحدات عالية الكفاءة تابعة للنظام أو حلفائه.
وأما لوجستيات المعارضة المسلحة التي لطالما كانت نقطة ضعفها، فيبدو أنها قد تحسنت إلى درجة تمكّنها من شن عمليات هجومية متواصلة. وقد نتج ذلك عن تحسّن المساعدات الخارجية التي يُعتقد أنها تأتي من تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر، بالإضافة إلى قدرة المعارضة على الحصول على غنائم كبيرة من السلاح والذخيرة من قوات النظام عند إلحاق الهزيمة بها في المعارك. والجدير بالذكر، أنّ معظم الأسلحة الثقيلة الموجودة بين أيدي المعارضة هي في الواقع غنائم حربٍ استحوذت عليها إما في سوريا، أو في حالة تنظيم «الدولة الإسلامية»، في سوريا والعراق.
الفشل في المعارك. يشن النظام عمليات أقل نجاحاً على أرض المعركة، باستثناء المعارك التي يتلقى فيها الدعم من القوات الحليفة أو حيث تكون هذه الأخيرة في الطليعة، كما هو الحال في عمليات القلمون المستمرة التي يقودها «حزب الله».
وكما أشرنا سابقاً، فقد عانى النظام مؤخراً من سلسلةٍ من الهزائم الهامة في محافظة إدلب عندما واجه مجموعةٍ من قوى الثوار التي يهيمن عليها الإسلاميون، وفي شرق محافظة حمص عندما واجه تنظيم «داعش». وفي كلتا الحالتين، شنّ معارضو النظام عمليات تتضمّن سلسلة من المعارك لإلحاق هزائم استراتيجية بالنظام. وفي إدلب، تضمنت هذه العملية إطلاق معارك ناجحة في مدن إدلب وجسر الشغور وأريحا. وفي شرق حمص هُزمت قوات النظام من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» في السخنة وتدمر.
لا أثر: تدهور قدرات النظام: إن القدرات العسكرية للنظام آخذة في التناقص. وقد حال تدخل حلفاؤه دون تحوّل التدهور إلى هلاك، لكنّ هذا الوضع قد يكون غير مستدام. فهجمات النظام لا تُكلل بالنجاح إلا عندما تتدخل قوات «حزب الله» مباشرة، مع أنّ طلائع ربيع 2015 قد أظهرت أنّه حتى تدخلها لا يضمن النجاح، كما حدث في المعارك التي دارت جنوب غرب دمشق. وفي حالات الدفاع، يُعدّ وضع النظام أفضل حالة، مع أنّه عانى من خسائر كبيرة في المعارك الدفاعية الأخيرة في محافظات إدلب وحمص ودرعا.
تغيّر قواعد اللعبة
تميّزت الحرب في سوريا بتقلّباتها والتواءاتها الكثيرة: فقد بدا الثوّار على وشك الهزيمة في أوائل عام 2012، ثم ظهر وكأن النظام هو الذي كان على وشك الهزيمة في أواخر 2012. وبعد ذلك، أبلى النظام بلاءً حسناً في عام 2013 وفي جزء من 2014، وها هو الآن يترنح في 2015. وفي حين يبدو أن النظام على وشك دخول فترة ركود طويلة، لا يزال بإمكانه تحسين موقعه بفضل عدد من المتغيرات.
يمكن أن يغير النظام استراتيجيته عبر سحب القوات من المواقع الضعيفة التي ليست لها أهمية عسكرية حاسمة. ويتضمن ذلك قواته المتمركزة في محافظات الحسكة ودير الزور وفي المناطق البارزة في محافظتي درعا وإدلب وربما حتى في محافظة حلب. ويمكن استخدام هذه الموارد والقوات المذكورة لتدعيم الدفاعات في مناطق أكثر أهمية أو للقيام بعمليات هجومية. إلا أنّ هذا التعزيز الذي يمثل تغييراً كبيراً في استراتيجية النظام قد يعني التضحية بثلاث أو أربع عواصم محافظات وبالقوات المحلية التي تعمل مع النظام. وعلى الرغم من أن هذا الخيار غير مستساغ سياسياً، فثمة احتمال كبير أن يصبح ضرورياً.
أما حلفاء النظام، فيمكن أن يؤمّنوا له بدورهم قواتٍ إضافية للتعويض عن خساراته وتعزيز قدراته القتالية. وقد بدا أنّ خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في 24 أيار/مايو يظهر النية في تخصيص المزيد من القوات. وتزعم مصادر معارضة أن «حزب الله» قد زاد عدد قواته بالفعل في سوريا. كما أن إيران يمكن أن ترتب أمر توفير المزيد من العناصر من العراق وأفغانستان ودول أخرى، كما يمكن أن تخصص المزيد من عناصرها الخاصة لهذه الغاية. ومثل هذه الخطوات يمكن أن تحقق استقراراً في الوضع العسكري للنظام وأن تسمح له، مع ازدياد عدد العناصر، بالانتقال إلى وضعية الهجوم. بيد أن معارضي النظام الخارجيين قد يواجهوا انتصارات النظام بزيادة دعمهم للثوار.
وقد كانت زيادة تضافر الجهود إحدى الركائز الأساسية للانتصار الذي أحرزه الثوار مؤخراً. وإذا انهار هذا التضافر، فسوف يصبح الثوار أقل قدرة على النجاح في شنّ عمليات عسكرية مستحكمة ضد النظام. غير أنّ النظام لا يمكن أن يؤثر بسهولة في تحقيق مثل هذه النتيجة بقدراته الخاصة. وبغض النظر عما سيحدث لقوات المعارضة الأخرى، سيبقى نشاط «داعش» هادفاً وفعالاً للغاية.
ويمكن أن يستفيد النظام أيضاً من عملية تفاوض جادة، وخصوصاً إذا كانت تتضمن وقفاً لإطلاق النار تمنحه ما يكفي من الوقت للاستراحة والتجدد وإعادة تنظيم صفوف قواته. وتوحي حماسة الكثيرين في الغرب والأمم المتحدة للتوصل إلى "حل سياسي"، واحتمال معاناة الشعب السوري والمقاتلون من الإرهاق التام، بأنّ هذه المفاوضات تشكّل على الأقل احتمالاً وارداً.
التوقعات والخلاصة
على المدى القريب، يرجح أن يعاني النظام من تراجعات إضافية في محافظات إدلب وشرق حمص، حيث أن الوضع في حمص يبدو أكثر خطورة. وإذا ما قرر تنظيم «الدولة الإسلامية» الاستيلاء على مواقع النظام في دير الزور، فمن المرجح أنه سينجح في انتزاع المحافظة بأكملها من النظام.
وعلى المدى المتوسط، قد تشهد الساحة تزعزعاً في موقع النظام في غرب محافظة حلب أو خسارته له بالإضافة إلى تآكل إضافي في مواقعه في كل من شمال حماة وشرقها. وعلى الرغم من أن هزيمة النظام في حلب ستكون أكبر ضربة قد يتلقاها، إلا أنها لن تعني بالضرورة انتهاء الحرب.
وعلى المدى الطويل، سوف تتقدّم الحرب بصورة أكثر نحو مناطق أساسية يسيطر عليها النظام، من بينها محافظة اللاذقية ومحافظات غرب حماة وحمص، بالإضافة إلى مواقع داخل مدينة دمشق وحولها. وسوف يحاول النظام جهده للحفاظ عليها وستكون انتصارات الثوار مكلفة له، خصوصاً إذا وفر حلفاء النظام تعزيزات لدعمه.
وتبدو آفاق النظام القريبة منها وحتى البعيدة عنها مظلمةً، حتى لو أمكن إنقاذه بفضل تضافر العوامل المذكورة سابقاً. وسيكون الوضع على الأرجح عبارة عن تدهورٍ مطوّل يتميّز بالمعارك الخاسرة والمواقع المفقودة والاستنزاف الذي لا يمكن تعويضه. وفي الوقت نفسه، يبدو أنّ معارضي النظام مستعدّون لخوض حرب طويلة وتحقيق نجاحات متزايدة على أرض المعركة في سوريا.
لقد اعتاد صانعو السياسات الأمريكيون على القول بأنّ لا حل عسكري للصراع السوري، ولكن في الواقع يلوح مثل هذا "الحلّ" في الأفق. ومن المرجح أن تنتصر مجموعة من معارضي الأسد المسلّحين، أي أن تبعد النظام عن الوجود أو أن تحوّله إلى بقايا دولة صغيرة يحميها «حزب الله» على ساحل البحر المتوسط. وفي النهاية، قد يدمّر معارضو النظام ما يتبقى من هذه الدولة الرديفة التي ستكون على الأرجح منعدمة الاستقرار وغير قادرة على الصمود.
وسوف تنتج التطورات العسكرية وضعاً سياسياً جديداً في سوريا يحتاج المنتصرون فيه، الذين لن يكون الأسد من بينهم على الأرجح، إلى ترتيبه. ويصعب تحديد ماهيّة هذا الوضع السياسي، لكنّه سيكون بالتأكيد معقّداً، وعلى الأرجح عنيفاً.
======================
ناشيونال انترست : اخيليش بيلاماري : 23/5/2015 :خمس معارك غيرت الشرق الأوسط إلى الأبد
أخيليش بيلاماري* – (ناشيونال إنترست) 23/5/2015
 ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الشرق الأوسط هو مهد الحضارة –وهو مهد الحروب المنظمة بين الدول والقبائل. وتأتي أقدم المعارك المسجلة في التاريخ، والبعض من الأكثر تأثيراً على الإطلاق، كلها من هذه المنطقة. ومع أن هذا العرض لا يقدم قائمة شاملة لمعارك المنطقة بأي شكل من الأشكال، فإنه يعرض خمسة من أعظم المعارك التي دارت رحاها في منطقة الشرق الأوسط على مدار التاريخ:
معركة قادش
دارت معركة قادش بين المصريين والحثيين (من تركيا المعاصرة) في العام 1274 قبل الميلاد، في موقع في سورية الحديثة قرب الحدود اللبنانية. وكانت القوتان تتقاتلان من أجل السيطرة على بلاد الشام منذ فترة من الوقت. وتشكل هذه المعركة أهمية خاصة في تاريخ الحرب والدبلوماسية، لأنها أول معركة مسجلة تكون تفاصيلها وتكتيكاتها معروفة. وبالإضافة إلى ذلك، تشكل معاهدة السلام التي تلتها أقدم معاهدة سلام حية معروفة حتى هذا التاريخ. وليس ذلك فحسب، وإنما تم العثور على كل من نسختي المعاهدة، المصرية والحثية أيضاً.
إذا وضعنا الأهمية الواضحة بالنسبة للمؤرخين جانباً، فإن هناك المزيد من السمات التي تجعل معركة قادش مهمة فعلاً. كانت أكبر معركة بالعربات ذوات العجلتين في التاريخ، حيث شاركت فيها 6.000 عربة. وفيما بعد، أصبحت هذه العربات أقل شيوعاً باطراد بسبب التحسينات التي طرأت على أساليب تربية الخيول والمعدات التي جعلت سلاح الفرسان أكثر فائدة. وكانت الحروب المستمرة بين الدولتين عاملاً من عوامل انهيار الكثير من حضارات العصر البرونزي بعد فترة وجيزة من تمكُّن شعوب البحر من تدمير الحثيين. وبدأت تلك المعركة نفسها عندما تحرك الفرعون المصري رمسيس الثاني شمالاً على جناح السرعة من أجل الاستيلاء على مدينة قادش، فقط ليجد أن قواته قد انفصلت بسبب الاندفاع المتعجل، وليجد قوة من الحثيين بالقرب منه. وعلى الرغم من أن المصريين كادوا يخسرون المعركة تماماً تقريباً، فإنهم استطاعوا كسب الزخم بفضل التكتيكات، والشجاعة، والاستفادة من توقف الحثيين لنهب المعسكر المصري. ويعتقد المؤرخون أن نتيجة المعركة كانت تعادلاً، بحيث ادعت كل من القوتين النصر لنفسها.
معركة نينوى
يعمل القدر بطرق غريبة في أغلب الأحيان. ثمة إمبراطوريات قوية، والتي بدت عصية على الهزيمة على مدى قرون، لكنها انهارت تماماً في مجرد بضع سنوات. وهذا ما حدث مع الإمبراطورية الآشورية التي هيمنت على منطقة الشرق الأوسط لثلاثة قرون، وحكمت وأخذت الجزية من بني إسرائيل، والبابليين، والعيلاميين، والمديين، والفرس وغيرهم الكثير. ومع ذلك، انهارت الإمبراطورية الآشورية، بعظمتها التي كانت عليها، بسرعة كبيرة بعد معركة نينوى التي وقعت قرب الموصل في العراق في العام 612 قبل الميلاد، عندما قام البابليون، والمديون، والفرس من إيران الحديثة، والسيثيون من سهوب روسيا الحديثة، بالإطاحة بالآشوريين.
كان الآشوريون إمبراطورية وحشية بطريقة تبعث على الصدمة، حتى بالمعايير القديمة. وبدأ صعودهم إلى السلطة في القرن العاشر قبل الميلاد، وكان هدفهم هو القضاء المبرم على أعدائهم عن طريق تشريد وإعادة توطين الشعوب المهزومة. وبلغت آشور ذروتها حول العام 627 قبل الميلاد، لكنها أصبحت مستهلكة دائماً بسبب المعارك، والحروب الأهلية، والتعامل مع الأعداء المستائين. كما قامت بغزو مصر في نهاية المطاف، واضطرت إلى التعامل مع تلك الأرض أيضاً.
بعد صراع مرير دام عدة سنوات، وصلت الشعوب المختلفة المتحالفة ضد آشور إلى جدران نينوى، عاصمة الإمبراطورية، وتمكنت من الاستيلاء على المدينة بعد حصار دام ثلاثة أشهر. ووفقاً لسجل بابلي، فإنهم "حملوا الغنائم الكبيرة من المدينة والمعبد وحولوا المدينة إلى كومة من الركام". وعلى الرغم من أن الإمبراطورية البالية نهضت على رماد آشور لتحكم الكثير من نفس أراضيها، فإنها لم تكن أبداً بنفس قوتها، ويجب عدم نسيان أن آشور سقطت فقط بمساعدة أناس من خارج منطقة القوة والحضارة الأصلية في منطقة الهلال الخصيب. وبعد ذلك، شرعت السلطة في الشرق الأوسط في الانتقال بثبات بعيداً عن سورية والعراق، وفي اتجاه فارس والأناضول واليونان.
معركة غوغاميلا (أربيلا)
كانت معركة غوغاميلا واحدة من أهم معارك التاريخ على الإطلاق، والتي تمكن فيها الإسكندر المقدوني الكبير من هزيمة داريوس الثالث ملك فارس في العام 331 قبل الميلاد. وحتى ذلك الوقت، كانت الإمبراطورية الفارسية هي أعظم الإمبراطوريات التي شهدها العالم. وقد غزاها الإسكندر فيما كان في ظاهره انتقاماً لغزو فارس لليونان قبل أكثر من مائة عام، لكنه فعل ذلك من أجل المجد على الأغلب.
لكم كانت تلك حملة مجيدة. فعلى الرغم من تفوق العدو عليه عددياً بشكل كبير، كسب الإسكندر المعركة بعد المعركة، وكان قد استولى مسبقاً على الأناضول ومصر بعد هزيمة داريوس في معركة إسوس (333). وحاول داريوس أن يرتب هدنة وأن يمنح الإسكندر نصف إمبراطوريته، لكن الإسكندر قرر أن يكون السيد الأوحد للمنطقة؛ وبذلك التقى الجيشان في غوغاميلا (أربيلا) بالقرب من الموصل، العراق.
تبالغ السجلات اليونانية بلا شك في وصف قوة الفرس، لكن الفرس كانت لهم فعلاً قوة أكبر في المعركة. ولكن، لماذا خسر الفرس بهذه الفداحة على الرغم من أعدادهم الكبيرة وتاريخهم في بناء الإمبراطورية الناجح؟ لقد استخدم الإسكندر كلاً من الحرب النفسية والتكتيكات الحربية بشكل جيد، فقام بتطويق القوات الفارسية، ساحباً أفضل قواتهم إلى الجانبين، ثم هاجم داريوس في الوسط المكشوف. وعندئذ، كسر داريوس الطوق وهرب، إلى جانب جيشه.
بعدئذٍ سقطت الكثير من أجزاء الإمبراطورية الفارسية في يد الإسكندر، وأصبح قادة داريوس مضطربين، بمن فيهم واحد أقدم على قتله. وكسر سقوط الإمبراطورية الفارسية الأخمينية حقبة الهيمنة الفارسية التي استمرت خمسة قرون، لتبدأ حقبة من النفوذ والهيمنة اليونانية عبر الشرق الأوسط، وصعود العديد من الممالك الهلنستية. لكنني أخشى من تصوير ذلك على أنه معركة رئيسية حدثت بين الشرق والغرب، والتي يتردد صداها في الأوقات الحديثة؛ لقد كان ذلك بالأحرى هو انتصار شعب على آخر، وما تلاها من الانتشار اللاحق لثقافة المنتصر، وهو وضع شائع ومألوف في التاريخ.
معركة اليرموك
في القرن السابع الميلادي، كانت القوى العظمى المهيمنة في الشرق الأسط هي الإمبراطورية البيزنطية (روما الشرقية) والإمبراطورية الفارسية الساسانية. وكانت كل الدول الأخرى في المنطقة مجرد ممالك ثانوية أو قبائل. ولم يكن أحد ليتخيل في بداية ذلك القرن أن تاريخ المنطقة سيتغير إلى الأبد في وقت قريب جداً، لكن ذلك هو ما حدث في اليرموك، بالقرب من الحدود السورية الحديثة مع الأردن وإسرائيل، في العام 636 ميلادي. وقد أسفرت تلك المعركة عن احتلال المسلمين العرب لسورية وفلسطين، وعن قطع مصر عن بقية الإمبراطورية، مما جعل من السهل غزوها بعد فترة وجيزة. وبعبارات أخرى، كان الشرق الأوسط العربي المسلم نتيجة مباشرة لمعركة اليرموك.
بدأ الخليفتان الأولان أبو بكر وعمر في مهاجمة جيرانهم، فيما كان في جزء منه لتوجيه طاقات القبائل المتمردة إلى أماكن أخرى. وكان العرب قد احتلوا دمشق مسبقاً، وتم إرسال جيش بيزنطي كبير إلى سورية لوضع حد للتهديد العربي. وتحت قيادة القائد العربي خالد بن الوليد، انسحبت القوات العربية التي كانت تغير على سورية وتمركزت في مكان واحد لمقاتلة البيزنطيين. وتمكنت تلك القوة العربية الأصغر حجماً حينذاك من إلحاق الهزيمة بالقوة البيزنطية الأكبر على مدار ستة أيام، باستخدام مجموعة متنوعة من التكتيكات، بالإضافة إلى فشل البيزنطيين في استخدام قوات الخيالة عند الحاجة. وسقطت القدس في يد العرب في وقت قصير بعد ذلك، وبدأت الحقبة الإسلامية للشرق الأوسط من هناك.
معركة نهاوند
كان أمراً مهماً في تاريخ العالم في الحقيقة أن يستطيع العرب في غضون عشر سنوات من وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يهزموا ويحتلوا أجزاء واسعة من كلا الإمبراطوريتين، البيزنطية والفارسية. ولكن، في حين نجا البيزنطيون، فإن الفرس الساسانيين لم يكونوا محظوظين بنفس المقدار. وبينما كان العرب يستولون على بلاد الشام، فقد كانوا يقاتلون الفرس أيضاً، والذين تلقوا هزيمة حاسمة في معركة القادسية في العام 636، حيث تمكن العرب من غزو العراق. وعند تلك النقطة، لم يكن كل شيء قد ضاع من أيدي الفرس الذين كانوا ما يزالون آمنين في إيران وآسيا الوسطى. ولكن، وعلى عكس البيزنطيين وعاصمتهم البعيدة، القسطنطينية، فإن عاصمة الفرس، المدائن (قرب بغداد)، فُقدت. وبالتالي، شعر الفرس بأنهم ملزمون باستعادة العراق، مما أفضى إلى استدراج المزيد من الحملات العربية ضد فارس، والتي لم يكن مخططاً لها قبل ذلك.
وهكذا جاءت معركة نهاوند في العام 642، والتي شكلت كارثة كبيرة للفرس و"انتصار الانتصارات" للعرب. وتقع نهاوند في غرب إيران بالقرب من همدان، وكان يُعتقد أن التضاريس الجبلية ستعطي المزية للفرس. ومرة أخرى، كان عدد قوات العدو يفوق عدد العرب. لكن الأخيرين لجأوا إلى الحيلة، حيث نشروا شائعة تقول إن الخليفة قد مات، وهو ما دفع الفرس إلى الخروج من دفاعاتهم وتحصيناتهم إلى سهل مكشوف، حيث هُزموا في غضون ثلاثة أيام. وبعد هذه المعركة، لم يكن بالوسع إنقاذ فارس التي أصبحت منهكة بسبب الحروب مع العرب والبيزنطيين. ثم أصبحت الهضبة الإيرانية كلها مكشوفة أمام العرب الذين سرعان ما غزو إيران ثم آسيا الوسطى.
 
*محرر مساعد في "ذا ناشيونال إنترست".
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان: 5 Battles That Changed the Middle East Forever
ala.zeineh@alghad.jo
======================
التلغراف: داعش يؤسس وزارة للأثار لإدارة عمليات النهب
النشرة
الأحد 31 أيار 2015  آخر تحديث 07:26
اشارت صحيفة "التليغراف" البريطانية الى ان تنظيم "داعش" يؤسس وزارة للأثار لإدارة عمليات النهب، موضحة ان عمليات نهب وبيع الأثار والتحف التاريخية السورية أدرت عشرات الملايين من الدولارات للتنظيم وهو ما يناهز المبالغ التي حصل عليها التنظيم من اختطاف وإطلاق سراح الغربيين نظير فدية مالية.
ولفتت الصحيفة الى أن التنظيم منذ اجتاح مساحات شاسعة في العراق وسوريا العام الماضي بدأ بتأسيس منظومة إدارية تسمح له بتسيير شؤون المناطق التى يسيطر عليها بما في ذلك إنشاء وزارات ودوائر إدارية، وتقارن الصحيفة بين وزارات الأثار في الدول الأخرى في الشرق الأوسط وبين وزارة الأثار التي أسسها التنظيم حيث تقول إن هذه الوزارات تعمل أصلا على الحفاظ على الأثار الموجودة لديها بينما يسعى التنظيم لتأسيس عمل منظم لتهريب وبيع الأثار والحصول على عائداتها.
======================
ميدل إيست آي  :كيف ينظر التحالف “السعودي-التركي” إلى صراعات الشرق الأوسط؟
نشر في : الأحد 31 مايو 2015 - 03:34 ص   |   آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2015 - 10:51 ص
ميدل إيست آي – التقرير
كشفت إعادة ترتيب الحكم في السعودية بدايات عام 2015 عن مملكة أكثر رغبة بالتدخل، بحسب ما ظهر في النصف الأول من العام. التوجهات المعادية نحو إيران، والتدخل العسكري في اليمن، ورفع المشاركة بالوكالة في الحرب السورية، وتوجه أقل احتفاء نحو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ كانت أبرز المحطات في الشهور الخمسة الأولى من حكم الملك سلمان بن عبد العزيز.
على الجانب التركي والمصري، عندما أجرى الرئيس التركي طيب أردوغان ونظيره المصري السيسي زيارات منفصلة للسعودية في أيام متتالية في شهر شباط/ فبراير، أشار أردوغان إلى احتمال إجراء مصالحة مع مصر؛ إذ قال للصحفيين: “مصر والسعودية وتركيا هي البلدان الثلاثة الأهم في المنطقة، وعليها جميعًا واجبات لحفظ السلام والهدوء والرخاء في المنطقة“.
منذ الانقلاب في صيف عام 2013، تجمدت العلاقات بين تركيا ومصر، بعد إسقاط الرئيس المنتخب الأول محمد مرسي، وجفت العلاقات الودية بين مصر وتركيا تمامًا. رئيس الوزراء حينها، أردوغان، انتقد الانقلاب بشدة واستدعى سفيره.
منذ موت الملك السعودي عبد الله، يبدو أن معادلة متعددة الأبعاد يتم العمل عليها. بينما تنشط السعودية -البلد الواعي بشدة للتأثير الإيراني على الشيعة في المنطقة- لمعادلة التوازن مع إيران في ظل حكم الملك سلمان؛ فإن تركيا هي القوة الأولى والأكثر تأثيرًا التي يمكنها إتمام ذلك.
وكتب الصحفي مراد يتكن، في عموده اليومي “راديكال” في شهر آذار/ مارس، أن “السعوديين واعون لتأثير إيران على الشيعة والأقليات غير المسلمة الأخرى في المنطقة، ويريدون سحب تركيا ومصر لكتلة يريدون تشكيلها. هذا صحيح، هم يريدون الاستفادة من الجالية السنية في تركيا، وكونها عضوًا في المجلس الأوروبي، وعضوًا في الناتو، ومرشحًا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي“، مضيفًا أن السعوديين يريدون جذب مصر وتركيا إلى هذه الجبهة المضادة لإيران.
بالرغم أنه من الواضح تبني الإدارة السعودية الجديدة تحت حكم الملك سلمان لسياسة خارجية استباقية؛ فإنه لا يجب إغفال الظروف التي وضعت تركيا في التحالف السني.
مع تركيز المجتمع الدولي على مكاسب تنظيم الدولة في سوريا والعراق، وعدم رغبتهم في إسقاط نظام الأسد؛ فإن تركيا عملت طويلًا على حشد هجوم ضد نظام الرئيس بشار الأسد تمهيدًا لتغييره.
مدفوعة بالعزلة منذ بدء الصراع السوري الذي تحول إلى حرب أهلية، سعت تركيا إلى حشد دعم الناتو لشن هجمات على نظام الأسد. بعيدًا عن كونه واقعًا، تعاون التحالف الدولي لقتال تنظيم الدولة بدلًا عن ذلك، تاركًا تركيا وحدها في حملتها لإسقاط الأسد.
بينما حشد دعم الثوار المعتدلين في سوريا زخمًا خلال الشهور الماضية، بفضل برنامج التدريب والتسليح الذي نسقته تركيا وأمريكا والسعودية والأردن وقطر؛ فإن الجارة الشمالية لسوريا طورت طرقها الخاصة لإسقاط النظام السوري.
أهداف مثيرة للجدل
في ظل هذه الظروف، التكتل السني الذي يسعى له السعوديون أصبح موجودًا بعدة أشكال. إيران -أكبر مخاوف السعودية كما ظهر من التدخل السعودي في اليمن- أبقت الملك سلمان مشغولًا عن تشكيل الحلف في المنطقة.
أثناء ذلك، قدم هذا لتركيا فرصة تدخل أكبر بدعم الثوار السوريين على الأرض، خصوصًا عبر إرسال الأسلحة والذخيرة للفصائل المعتدلة في سوريا. بعض التقارير تقول إن السعوديين والأتراك شكلوا تحالفًا يطمح لضربات جوية ضد مواقع للجيش السوري وإدخال عناصر برية.
قبيل الانتخابات التركية العامة في 7 حزيران/ يونيو، عملية مثل هذه بعيدة عن الواقع؛ إذ يعارض الرأي العام بشدة أي تدخل تركي عسكري في سوريا. بحسب استبيان أجري في نهاية 2014، أكثر من 60% من الجالية التركية تعارض التدخل العسكري في سوريا، حتى كجزء من تحالف تقوده أمريكا أو الناتو.
توجهات الحكومة التركية المعادية للأسد ليست سرًا، لكن محاولاتها السرية لدعم بعض الفصائل المسلحة في سوريا لم يتم التحقق منها. لبعض الوقت، الادعاءات بدعم تركي لفصائل تدعم القاعدة، خصوصًا جبهة النصرة؛ دفعت الحكومة التركية للدفاع، لكنها نفت مرارًا هذه الادعاءات.
قصة كبيرة -ذات تداعيات محلية- أبقت الرأي التركي العام مشغولًا منذ كانون الثاني/ يناير 2015. عندما أوقفت شاحنات تابعة للمخابرات التركية من قوات محلية من الجندرمة، وكشف جنود أن الشحنة كانت مليئة بالأسلحة والذخيرة؛ اتهمت حكومة العدالة والتنمية بإرسالها إلى سوريا لثوار متطرفين.
الاعتقالات العسكرية بعد العملية، وسعي الحكومة لإخفاء وتغطيات “القضايا سريعة الغضب”؛ رفعت اتهامات عندما استقبلت فجوة أخرى داخل الحزب على يد جماعة جولن. بقيادة الحليف السابق للحكومة التركية، الداعية التركي فتح الله جولن، تعمل عناصر هذه المنظمة الواسعة على تنسيق انقلاب داخل الحزب، بحسب ادعاءات.
في 29 أيار/ مايو، كشفت صحيفة حريات اليومية وثائق مسربة حول محتويات الشاحنتين، مؤكدة التقارير التي تقول إنها كانت محملة بالأسلحة والذخيرة.
خذ وأعط
على خلفية التعاون المتزايد بين تركيا والسعودية والأهداف غير الواضحة، يشير بعض المحللين إلى أن منطقية هذه المحاولات هي حالة “ربح- ربح”.
عضو مجلس الشورى السعودي السابق “محمد الظلفة” يعتقد أن الحكومة تريد تطوير العلاقات التركية العربية، بحسب ما قال لصحيفة سعودية: “تقاطع الأهداف مع تركيا يمكن أن يقلل التوسعية الإيرانية”.
بحسب الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط، في أنقرة، أويتن أورهان، فإن السعوديين استنتجوا أخيرًا أن المملكة لا يمكنها حل القضايا العالقة طويلًا باستخدام الطرق القديمة؛ إذ كتب مؤخرًا: “إيران اكتسبت تفوقًا على السعودية عبر وكلائها في العراق وسوريا ولبنان، في حين كانت اليمن أول أرضية للتجربة، وبعد الدعم المالي أخذ السعوديون القيادة العسكرية“.
إعادة ترتيب السياسة الخارجية السعودية ليست حصرًا على مشاركتها بالوكالة ضد إيران. السيسي وجهوده المضادة للإخوان المسلمين لم تعد الآن القوة الدافعة الأكبر لدعم السعودية له هناك. لاحظ باحثون أن ولي العهد الجديد محمد بن نايف، والملك سلمان، يملكان نظرات تختلف كليًا عن سابقيهما.
بحسب عبد الله أيدوغان كالا باليك، ممثل القاهرة لمركز الأبحاث التركي (سيتا)، فإن الخطر الأكبر في المنطقة بالنسبة للسعودية هو إيران، وليس الإخوان المسلمون؛ قائلًا: “التقدم الحوثي في اليمن أظهر التهديد الإيراني للسعوديين، وانعكس بتغير الأولويات عند التعامل مع مصر“.
وأضاف: “الإدارة الحالية تدعم الفرع اليمني للإخوان المسلمين ضد الحوثيين. هذا السبب هو أن وزارة الخارجية السعودية تراجع الآن علاقتها مع التحالف التركي القطري“.
وتابع كالا باليك بأن العلاقات التركية السعودية ستستمر في التحسن، لكنه حذر من أن تشكيل هذا التحالف المعادي للشيعة قد يكون ثمنه خسران حليف استراتيجي كمصر. بمعنى آخر، بالرغم من أن تركيا لا تشير لتصالح محتمل مع السيسي قريبًا؛ فإن السعودية لن تخفف توجهها تجاه الإخوان المسلمين.
التصالح التركي المصري على المدى الطويل قد يكون واردًا، لكن في الوقت الحالي، فإن الدعم التركي للسعوديين في اليمن، والدعم السعودي لتركيا في سوريا يبدو أنه العمود الفقري للتحالف المعادي للشيعة.
إلا أنه بحسب محليين للسياسة الخارجية التركية، فإن التكتل المعادي للشيعة قد يكون أرضًا زلقة بالنسبة لتركيا. بحسب الكاتب في المونيتور الأمريكية، سميح إيديز، فإن ردود الفعل المختلفة لأردوغان تجاه إيران بخصوص الصراع الطائفي في المنطقة، ودعمه المبدئي للسعودي في اليمن، مثيرٌ للارتباك؛ قائلًا: “من الجدير بالملاحظة أن أردوغان كان يحاول مؤخرًا إبعاد نفسه عن أي اتهام بتعاطف منحاز للسنة ضد الشيعة، لكن هذا المسعى يتناقض مع جهوده إيران ليس قبل وقت طويل، عندما اتهم طهران بالسعي للهيمنة الإقليمية، وتعهد بالدعم اللوجيستي والدبلوماسي للعمليات السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، والمدعومين من إيران“.
كونه جزءًا من التحالف المعادي لإيران، بحسب مراد يتكن الكاتب اليومي في صحيفة “راديكال”، يخالف مبدأ الدولة التركية بـ “سلام في الوطن، سلام في العالم”، قائلًا إن السلام طويل الأمد مع إيران لا يجب تقويضه؛ إذ يتشارك البلدان حدودًا مشتركة منذ 1639.
تشكيل تحالف سعودي تركي -ومصري تركي محتمل- قد يكون شيئًا يريده العرب السنة وإسرائيل وأمريكا، لكن تأثيراته على علاقات تركيا مع إيران قد يترك تبعات خطيرة؛ إذ تملك تركيا علاقات أكثر تعقيدًا وعمقًا مع جيرانها الشرقيين، مقارنة مع شركائها في التحالف.
أمن الطاقة، والتجارة، والاستقرار السياسي الإقليمي؛ هي فقط أولى القضايا بينهما.
======================
صحيفة ليبراسيون الفرنسية  :استراتيجيات مختلفة لدى التنظيمات الجهادية المتنافسة في سوريا
نشر في : الأحد 31 مايو 2015 - 03:06 ص   |   آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2015 - 03:33 ص
صحيفة ليبراسيون الفرنسية – التقرير
في حين يواصل تنظيم داعش حملته الإرهابية، تدعي جبهة النصرة أنها لا تريد إلا إسقاط النظام السوري مع تجنب معاداة الغرب.
تعددت الأعمال الوحشية وعمليات الإعدام التي يقوم بها تنظيم داعش، في حين ما فتئت جبهة النصرة (الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا) تقدم رسائل تهدئة إلى المسيحيين والغرب مع تهديدات مبطنة ضد القرى العلوية. وقد وضعت هاتان القوتان الجهاديتان، اللتان بصدد التوسع في الأراضي السورية، استراتيجيتين متعارضتين من أجل مزيد بسط النفوذ ولإظهار كيفية تعاملهما مع الدول الغربية. وراء استراتيجيات الاتصال الخاصة بكل تنظيم نستشف وجود منافسة شرسة بينهما، وهو ما سبق وأن أظهرته الاشتباكات الدامية التي سبق وأن دارت بينهما.
بعد أسبوع من احتلال المدينة الإغريقية الرومانية القديمة في تدمر، قام تنظيم أبي بكر البغدادي بإعدام 20 سجينًا في المسرح الروماني الشهير بالمدينة. وقام مقاتلو تنظيم داعش بارتكاب جريمة حرب جديدة أمام السكان، متهمين ضحاياهم “بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد“.

ويبدو أن هذه الجرائم الجماعية جاءت ردًا على ما قاله أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة لأهل الشام، في مقابلة له يوم الأربعاء مع التليفزيون القطري قناة الجزيرة. خلال هذه المقابلة، أكد الجولاني ولاءه لأيمن الظواهري، زعيم القاعدة وخليفة أسامة بن لادن على رأس هذا التنظيم، مبينًا أن همه الأول ليس مهاجمة الغرب؛ حيث قال: “إن تعليمات أيمن الظواهري هي عدم استخدام سوريا كقاعدة لشن هجماتنا ضد الغرب أو أوروبا، حتى لا نشوه هذه الحرب في سوريا“.
الدفاع عن النفس
فيما يتعلق بواشنطن، بيّن الجولاني أنه لن يتردد في الرد إذا واصلت الطائرات الأمريكية قصفها قائلًا: “كل الخيارات مفتوحة. لكل فردٍ الحق في الدفاع عن النفس“. كما اتهم الأمريكيين “بالتنسيق مع نظام دمشق من أجل استخدام المجال الجوي السوري“. ولكن، ما يهم الجولاني حاليًا في سوريا هو إسقاط نظام الأسد؛ حيث قال: “ما يهمنا الآن هو إسقاط النظام، رموزه وحلفائه مثل حزب الله“. مضيفًا: “أود أن أؤكد لكم أن سقوط بشار سيكون قريبًا. أنا لا أريد أن أكون متفائًلا جدًا، ولكن هناك مؤشرات إيجابية جدًا“.
وعندما سئل: “ماذا سيحدث للمسيحيين والعلويين؟” كانت الإجابة أنه لا وجود لأي عداء مع المسيحيين؛ فجبهة النصرة ليست في حالة حرب معهم، ولكن بالنسبة للعلويين فقد كان الجولاني صارمًا في تهديده لهم؛ حيث قال: “إذا سلموا السلاح وتبرؤوا من الأسد، وأوقفوا القتال إلى جانبه وعادوا إلى الإسلام؛ فهم إخواننا“، سالبًا إياهم صفتهم كمسلمين، قائلًا: “لقد خرجوا عن دين الله وعن الإسلام“؛ مما يعني أنه من المشروع قتلهم.
ويظهر من خلال هذا اللقاء تقارب جبهة النصرة مع تنظيم القاعدة، رغم التقارير التي تحدثت عن التباعد بين التنظيمين وبدعم من دولة قطر، واحدة من أكبر الداعمين الماليين لجبهة النصرة، وفي الوقت نفسه، واحدة من حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي. وما وجود الراية السوداء على الطاولة في هذه المقابلة التليفزيونية إلا إشارة واضحة لقرب دولة قطر من هذا التنظيم الراديكالي.
استياء
 من خلال تنفيذ عملية الإعدام على 20 سجينًا داخل المسرح القديم بمدينة تدمر، اختار تنظيم داعش أن يلعب ورقة الاستياء؛ فالموقع الاستثنائي لتدمر مشهور في جميع أنحاء العالم، فقبل سنة 2011، كان يزوره نحو 150 ألف سائح سنويًا. شهرة المكان جعلت لهذه المذبحة في المسرح الأثري الأثر الكبير مع صدى إعلامي ضخم؛ مما يؤكد أن لهذا التنظيم معرفة جيدة بالثقافة الغربية، مع إتقانه كيفية التلاعب بالمشاعر الشعبية، وهي أيضًا طريقة لإظهار أنه أكثر راديكالية من منافسيه؛ ما من شأنه أن يكسبه ولاء متطوعين جدد من جميع أنحاء العالم.
======================
معهد بروكينغز: سيرجي أليكاشينكو :توقفوا عن وصف “روسيا” بالضعيفة
نشر في : السبت 30 مايو 2015 - 03:30 م   |   آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2015 - 03:45 ص
سيرجي أليكاشينكو – معهد بروكينغز (التقرير)
ربما من السخرية أن يصبح وصف روسيا بالضعيفة أكثر شعبية في أعقاب غزوها لأوكرانيا. وقد قال هذا “الرئيس أوباما”، وقاله -ضمنًا-: قادة بيلاروسيا وكازاخستان، وقاله أيضًا خبراء عسكريون أوروبيون. وفي مقالهما لمجلة فورين أفيرز الشهر الماضي، بعنوان “بوتين: نمر من ورق”، أكد كل من براندون فاليريانو وريان مانيس هذه الحجة، قائلين: “إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس قويًا كما قد يبدو“. ولكن، ولسوء الحظ، الزعم بأن بوتين ضعيف هو خطأ، ويقلل بشكل خطير من قوته.
وعلى الرغم من ركود الاقتصاد الروسي، الذي يمثل حاليًا حوالي 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مقارنةً بنحو 3.8% في عام 2008؛ لا تزال روسيا موردًا أساسيًا للنفط والغاز إلى أوروبا.
وعلى الرغم أيضًا من أن روسيا قد تبدو ضعيفة عسكريًا من وجهة نظر واشنطن؛ إلا أنها هي المهيمنة في منطقتها، ولا يجب أن يكون أي سياسي جورجي أو أوكراني ينظر الآن إلى الغزوات الروسية من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية إلى شبه جزيرة القرم على أنها مؤشرات ضعف. وقد حرض الرئيس بوتين على نشوب صراع دموي في شرق أوكرانيا، أدى إلى زعزعة استقرار الحياة السياسية في البلاد، وخفض نشاطها الاقتصادي بنسبة 20%.
وبالمثل، أشك في أن أعضاء الناتو، الذين قاموا في مواجهة العدوان الروسي بتعزيز الإنفاق العسكري وتغيير خطط الدفاع وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر، سوف يصفون روسيا بوتين بالضعيفة. ومن الواضح أن قوة بوتين هي ما أجبرتهم على إعادة التفكير في حالة الاستقرار والأمن في أوروبا.
جعل وصفاتنا السياسية صحيحة
وبعد تأكيدهما الخاطئ لفرضية أن بوتين “ليس قويًا كما قد يبدو”، يقدم فاليريانو ومانيس في مقالهما توصيات خاطئة أيضًا. حيث يدعوان أوروبا وحلفاءها للاستثمار في مصادر الطاقة البديلة والدفاعات السيبرانية، معتبرين أن مثل هذا النهج من شأنه أن: “يؤدي إلى استمرار الاستقرار في النظام الدولي على الرغم من استخدام روسيا للقوة”. ويضيفان: “إن الدفع في تجاه المواجهة بين الغرب وروسيا سوف يؤدي فقط إلى إظهار ضعف الغرب نفسه“.
ومن الصحيح أن روسيا تعتمد على صادرات النفط. وفي كانون الأول الماضي، انهار الروبل في غضون أيام بسبب تراجع أسعار النفط. ولكن في هذه اللحظة، ليست هناك بدائل حقيقية للنفط كمصدر طاقة رئيس لعمل السيارات أو الطائرات. وفي حين أن الاستثمار في الطاقة البديلة أمر مهم فعلًا؛ إلا أنه في الواقع لن يؤدي إلى تغيير حسابات بوتين أو سلوكه.
وأما ما سيؤدي إلى إحداث تأثير أكبر فهو فرض عقوبات أقوى على النفط والغاز. مثل هذه العقوبات سوف تؤدي إلى حرمان روسيا من عائدات النفط، وستحد من قدرة بوتين على تعزيز السياسات الداخلية التي تمنحه الشعبية، والسياسات الخارجية العدوانية.
ويبدو أن بوتين يؤمن بأن روسيا، التي تمتلك قوة ناعمة أقل من الغرب، يمكنها استخدام القوة الصلبة للحصول على ما تريده في عالم اليوم. وسيكون من الخطأ أن نتوقع أنه لن يعرض السلامة الإقليمية لبلد آخر في أوروبا أو آسيا للخطر، أو أنه لن يعرقل جهود الغرب الجارية بشأن إيران أو سوريا أو كوريا الشمالية. وبعد أن أدار روسيا لمدة 15 عامًا، تعلم بوتين -على الأرجح- أن نظراءه في أوروبا الغربية غير جاهزين لاستخدام القوة الصلبة لوقف مآثره.
الحاجة لوجود استجابة غير تقليدية
لقد مر 12 أسبوعًا منذ توقيع اتفاق مينسك الثاني، والوضع العسكري في شرق أوكرانيا أصبح هادئًا. وفي حين أن هذا يعد تطورًا إيجابيًا؛ إلا أنه لا يمكننا بعد أن نعلن نهاية الأزمة. وللأسف، يبدو من المرجح أن إقليمًا آخر من دون وضع محدد سوف يظهر في أوروبا، وهو ما سيفتح الباب أمام وجود صراع مجمد آخر في المنطقة.
وعلى المدى القصير، يبدو أن الوضع الراهن في أوكرانيا مفهوم من قبل جميع الجوانب. ويتلخص هذا الوضع في أن أوكرانيا قادرة على التركيز على جهود برنامجها الإصلاحي؛ روسيا تستطيع أن تبقي على دونباس كرهينة وقدرتها في الحفاظ على زعزعة استقرار أوكرانيا في أي لحظة، تستطيع أوروبا أن ترتاح قليلًا مع انحسار تهديد حدوث انتشار عسكري، وتأمل الولايات المتحدة بأن يتم فقط نسيان هذا الصداع كله.
ولكن اتباع هذا النهج سيكون خطأ استراتيجيًا كبيرًا بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، مشابهًا للخطأ الذي ارتكبه الغرب في أعقاب الحرب الجورجية عام 2008.
المضي في هذا الاتجاه سوف يعني مرة أخرى تقويض المبادئ الأوروبية والأمريكية. وفي الوقت نفسه، سوف يعني تقويض نظامنا الأمني ​​العالمي، الذي يرفض استخدام القوة كأداة لتسوية النزاعات، وفرض التغييرات القسرية على حدود الدول عن طريق التدخل العسكري. ومن خلال قبول استمرار الوضع الراهن في أوكرانيا، سوف يقول الغرب للعالم إنه لن يمنع بوتين من فرض إرادته عبر الحدود الروسية. وعلى نطاق أوسع، سوف يخاطر الغرب بإظهار أن حكم القوة، وليس القانون، هو الذي يسود في العالم اليوم.
إن دعم العودة إلى الحياة المعتادة في أوكرانيا يجعل الحياة أسهل بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، ولكن اعتماد الغرب على الأساليب التقليدية للدبلوماسية في التعامل مع بوتين خطأ؛ حيث إن هذا الأخير قرر بشكل واضح توظيف الأشكال غير التقليدية للعلاقات الدولية في تحقيق أهدافه.
إن الغرب بحاجة إلى استجابة غير تقليدية على السياسة الخارجية غير التقليدية لروسيا. وإذا كان الزعماء في أوروبا والولايات المتحدة يعتقدون بأن بوتين ضعيف؛ فسينبغي عليهم إثبات هذه الحقيقة للعالم، وللرئيس الروسي نفسه.
المصدر
======================
ريال كلير بولتيكس : توم ويلسون :مستقبل الشرق الأوسط يبدو مشابها جدا للعراق
31.05.2015
توم ويلسون
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
يمكن القول إن الشرق الأوسط أكثر خطورة وتقلبا مما كان عليه منذ عدة قرون. ظهور الدولة الإسلامية واحتمال تحول إيران إلى دولة نووية أمران يمثلان تهديدا غير مسبوق للأمن العالمي. كل ذلك يجري ويبدو أن الغرب حائر فيما يجب أن يقوم به حيال ذلك. نفوذ بريطانيا وأمريكا في المنطقة أصبح ضعيفا, ويبدو أن الواقع الناشئ حديثا سوف يخلق تحالفات غريبة لم يكن من الممكن تصورها سابقا.
ظهر تقرير من الوكالات الإخبارية في الشرق الأوسط يفيد بحصول اجتماع سري مؤخرا في الأردن. الأمر غير المسبوق في هذا الاجتماع الذي لم يتم الإعلان عنه هو أنه جمع دبلوماسيين إسرائيليين مع مسئولين عرب لم يكن لهم أي تعامل سابق رسميا مع الدولة اليهودية؛ وهنا بإمكاننا الافتراض أن من بين الحضور شخصيات من دول خليجية.
الأمر الأكثر إثارة للاهتمام, هو ورود تقارير كثيرة بأن اللقاء عقد أصلا من أجل التخطيط للشرق الأوسط الذي تتراجع فيه الولايات المتحدة. ادعت تقارير أخرى بأن بعض الدول السنية عبرت عن انفتاحها للدخول في تعاون أمني مع إسرائيل. إذا صح الأمر, فإن ذلك يشير إلى المدى الذي وصل إليه قلق الدول السنية حيال إمكانية ظهور إيران النووية, ومدى عدم الثقة باستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتفاوض على برنامج إيران النووي.
بالطبع, لا نعرف ما إذا كان  الأسلوب الذي اعتمده أوباما سوف يستمر طيلة فترة رئاسته. ولكن القلق الذي يشعر به الكثيرون من حلفاء أمريكا التقليديين في المنطقة واضح جدا. إذا استمرت أمريكا في التراجع في الشرق الأوسط, فإن الفراغ الذي سينتج خلفها سوف يملؤه آخرون سريعا. وهذا يمكن أن يقود المنطقة برمتها إلى ما يبدو عليه العراق اليوم. منذ أن سحب أوباما القوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011, دخلت البلاد في حالة من التجاذبات بين الحكومة الشيعية التي تدعمها إيران في بغداد وبين المسلحين السنة الإسلاميين الذين تمثلهم الآن الدولة الإسلامية إلى حد كبير.
لا أحد يمكن أن ينكر أن العراق مرت في أيام حالكة السواد خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش, ولكن بعد استراتيجية زيادة عدد الجنود الأمريكان التي انطلقت عام 2008, تمت استعادة النظام, وبدا أن هناك أسباب تدعو للتفاؤل. الآن, ومع محاولة إدارة أوباما الابتعاد عن الشرق الأوسط, فإن المنطقة تتجه نحو الفوضى, ومن أزمة إلى أخرى. الأوقات الصعبة تدعو إلى اتخاذ تدابير يائسة, وإذا تواصلت دول الخليج الآن فعلا مع إسرائيل, فإن بإمكاننا تصور حجم اليأس الذي وصلت إليه الأمور.
السياسات التي يتبعها أوباما في الشرق الأوسط إما أنها ببساطة فشلت, أو الأسوأ, أنها أدت إلى نتائج عكسية. لنأخذ الضربات الجوية ضد داعش التي قيل إنها سوف تضع حدا لتقدم الجهاديين. سقوط الرمادي مؤخرا جعل من الواضح بأن هذا الأسلوب ليس ناجحا. ومن ثم هناك استراتيجية الإدارة مع إيران, التي كان من المفترض بأن توقف طموح الإيرانيين وتمنع الانتشار النووي في الشرق الأوسط. ولكن يبدو أن المفاوضات في طريقها لتحقيق عكس ذلك تماما.
 
في الوقت الذي تضغط فيه واشنطن من أجل المصالحة, فإن الإيرانيين أظهروا مؤشرات على أنهم أصبحوا أكثر عدائية, وليس أقل. من خلال مضايقة سفن الشحن على طول مضيق هرمز, كما حدث في الأسابيع الأخيرة, فإن الإيرانيين يرسلون رسالة واضحة جدا مفادها أن شعار "الموت لأمريكان" الذي لا زال يتردد صداه في ساحات طهران العامة لم يكن واضحا بما فيه الكفاية.
الأسوأ من ذلك, هو أنه ليس الإيرانيون فقط هم من قرأوا موقف الغرب التفاوضي على أنه مؤشر على الضعف. مع عدم اعتقادهم بأن إدارة أوباما سوف توقف إيران, يهدد السعوديون الآن بتطوير قدراتهم النووية الخاصة وموازاة تلك القدرات الموجودة في إيران. المفاوضات التي كانت تهدف إلى منع الانتشار النووي في المنطقة ربما هي على وشك أن تطلق سباق تسلح نووي في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا.
مع زيادة دول الخليج انفاقها على المعدات العسكرية بصورة كبيرة, فإنه من المجدي تذكر أنه وبالعودة إلى عام 2010 فقد ظهر في وثائق ويكيلييكس بأن السعوديين كانوا على وشك السماح لإسرائيل باستخدام مجالهم الجوي لشن هجمات لتدمير بنية إيران النووية التحتية. كان من المألوف دائما سماع الشكوى حول يد أمريكا الثقيلة في الشرق الأوسط. ولكن تحت رئاسة أوباما فقد بدأنا في مشاهدة ما يمكن أن يكون عليه البديل.
======================