اخر تحديث
الأحد-21/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ شلاّل الدم : بين السفاهة ، والحماقة ، والحكمة !
شلاّل الدم : بين السفاهة ، والحماقة ، والحكمة !
05.08.2019
عبدالله عيسى السلامة
شاب سفيه ، من قبيلة ، أجبر فتاة ، من قبيلة ثانية ، على نزع بعض ثيابها ، دون أن تظهر عورتها ، ودون أن يمسّها بسوء !
وذهبت إلى أهلها فأخبرتهم ، فثارت ثائرتهم ، وحملوا أسلحتهم ، وهجموا على الشابّ وأهله ، فقتلوا منهم مَن قتلوا ، وجرحوا مَن جرحوا ؛ بداعي ردّ الاعتداء على الشرف !
وبعد أيام قليلة ، شنّت قبيلة الشابّ ، المعتدى عليها ، هجوماً على قبيلة الفتاة ؛ بدافع الأخذ بالثأر، للرجال الذين قتلتهم قبيلة الفتاة ، فوقع بعض القتلى والجرحى ، من الفريقين !
ولم يطل الأمر، حتى شنّت قبيلة الفتاة ، هجوماً على قبيلة الشابّ ، فأوقعت فيه بعض القتلى والجرحى، فشنّت قبيلة الشابّ ، هجوماً، بعد فترة وجيزة ، وقتلت من قبيلة الفتاة ، بعض الرجال، وجرحت بعضهم !
واستمرّ شلاّل الدم ، بالتدفّق والجرَيان ، بين القبيلتين !
ولم تكن الشرطة ، غائبة عن المشهد ، لكنها لم تستطع ، منع شلاّل الدم ، من التدفّق والجريان! كلّ ما استطاعته ، هو حبس بعض رجال القبيلتين، المتّهمين بالقتال، أو بقتل، بعض الرجال، أو جرحهم !
وكان الجرحى يتنّقلون ، بين المشافي لمعالجتهم ، والسجون لمعاقبتهم !
ونَصح بعضُ العقلاء ، كبارَ رجال القبيلتين ، بالذهاب إلى قاض قبَلي ، ليحكم بينهم ؛ لإيقاف شلاّل الدم ! فسمعوا النصيحة ، وذهبوا إلى أحد زعماء القبائل المجاورة ، ليقضي بينهم! وحين سمع منهم القصّة ، قال ، بجدّية كبيرة ، وأسف بالغ : إن قضيّتكم هذه ، قضيّة كبيرة ؛ إنها قضيّة شرف ، وأنا لا أستطيع ، أن أقضي فيها!
خرج الرجال من عنده ، وهم متحفّزون للقتال! فما لبثت قبيلة الفتاة ، أن شنّت هجوماً ، على قبيلة الشابّ ، فأوقعت فيها بعض القتلى والجرحى ؛ ممّا دفع قبيلة الشابّ ، بعد فترة وجيزة ، إلى شنّ هجوم ، قتلت فيه وجرحت ، بعض الأفراد ، من قبيلة الفتاة !
ونُصحوا بالتقاضي ، عند قاض آخر، فما كان منه ، بعد سماع القصّة ، إلاّ أن وجّه إليهم، توبيخاً شديداً ، منصبّاً على رجال القبيلتين ، معاً ، قائلاً لهم ، بحزم وصرامة :
ويلَكم ! ألا تخافون الله ؟ ألا تعلمون أن قتل النفس ، جريمة عظيمة ، عقابها ، عند الله ، قاس أليم؟ فأين تذهبون من عذاب الله ، يوم القيامة ؟ ثمّ وجّه كلامه ، إلى أهل الفتاة ، قائلاً: إنكم تدّعون ، أن القضيّة قضيّة شرف ، فهل مسّ الشابّ السفيه ، ابنتكم ، بسوء؟ هل أمرَها ، بكشف عورتها؟ أما كان يكفي ، أن يصفعه أحدكم ، على وجهه.. أو يشكوه إلى أبيه ، كي يصفعه ، جزاء له ، على سفاهته، تجاه ابنتكم؟ ثمّ هل الشرف، الذي تدّعونه ، محصور في ثياب الفتاة؟ أليس ما يفعله بعضكم ببعض ، هو قلّة شرف؟ أوليس جرّكم مع نسائكم ، إلى المخافر، فيه ثَلم للشرف ، الذي تدّعونه ؟
وأطال القاضي اللوم والتوبيخ والتعنيف ، لرجال القبيلتين ، حتى شعروا ، جميعاً ، أنهم صغار: في نظر أنفسهم ، ونظر القاضي ، ونظر الحاضرين ! فخجلوا ممّا هم فيه ، من العبث الدامي، وسألوا القاضي عمّا يفعلون ، فأجابهم ، ببساطة : تكفّون شرّكم ، بعضكم عن بعض، وتدفعون ديات القتلى ، وتعوّضون على الجرحى، الذين دفعوا أجور المشافي، وتتصالحون، الآن، هنا، أمامي ! فليقم كلّ منكم ، ويقبّل الآخرين ، من أبناء القبيلة الثانية !
ففعلوا ماقال ، وخرجوا أصحاباً ! وفي قريتهم ، دفعوا ديات القتلى ، وتعويضات الجرحى ، وذهبوا إلى المخفر، ليتنازل كلّ منهم، عن حقوقه، عند الطرف الآخر! وكلّ منهم يفكّر، بعُمق، حول الفرق : بين الحماقة والحكمة ، في معالجة السفاهة وآثارها!