اخر تحديث
الأربعاء-24/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ قراءةٌ في الخارطة الجيوسياسية لسورية 2018م
قراءةٌ في الخارطة الجيوسياسية لسورية 2018م
24.03.2018
د. محمد عادل شوك
في ظلّ الأحداث و المناخات الضاغطة، و المرشحة للتصاعد و التفاقم في المشهد السوري، يمكنُنا القول: إنّ مساري جنيف وأستانا الداعيين للتهدئة في طريقهما للانهيار، فمناطق خفض التصعيد، تشكو من انهيار واضح، سواء في إدلب، أو الغوطة الشرقية، وبدرجة أقلّ في الجنوب؛ نظرًا لحساسية المنطقة لإسرائيل، و هو ما حذر الوسيط الأممي ديمستورا يوم الاثنين:
19
/
3
، بأنّ سورية تتجه إلى تقسيم كارثي، و قد تشهد عودة داعش إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سلمية لا تقصي أحدًا.
أما عن مسار سوتشي، فمن المرجح أن يسقط بدوره في مستنقع التجاذب الدولي ( الأمريكي – الروسي )، الذي أخذت نُذر التصعيد في غير خافية، و لاسيما بعد أن رأى الطرفان النزول إلى الميدان، و تنحية وكلائهما جانبًا، و تحديدًا بعد إعلان فوز بوتين لولاية رابعة، و إقدام ترامب على ترميم إدارته و إبعاد العناصر التي لا تتفق مع رؤيته في إدارة الملفات الخارجية، و خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط.
و من غير الواضح متى سيضع هذا الصراع أوزاره، و كيف يمكن احتواء تداعياته الإقليمية، ولاسيما في الملف السوري.
و حتى الثلاثيُّ الضامنُ مسارَ أستانا و مناطق خفض التصعيد، هو مرشّح أيضًا لأن تهتز عناصر الثقة فيما بينه، فقد تبيّن في أكثر من محطة أن أضلاعه غير متماسكة، و هو ما ظهرت بعض أماراته من خلال استهداف منطقتي خفض التصعيد في العيس و عندان من الميليشيات الموالية لإيران مؤخرًا، و الإعلان عن اكتشاف كميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية المرسلة لوحدات الحماية في عفرين.
ناهيك عن أن تركيا التي أتقنت فنون الرقص على الحبلين الأمريكي و الروسي، أخذت تبسط نفوذها بشكل مباشر في شمال غرب سورية، بشكل يبعث على القلق لدى النظام و إيران، ومن غير المستبعد في قابل الأيام، أن ينتهي شهر العسل بين طهران و أنقرة إلى نوع من المواجهة، بسبب التباين في الرؤى حول تفسير مناطق النفوذ، إذ تحرص طهران على أن تتمّ المقايضة بين الغوطة و عفرين في أسرع وقت و بالشكل المفرط الذي بدت فيه، و هو ما يسبب حرجًا لأنقرة أمام الحواضن المتعاطفة معها من السوريين.
في مثل هذه الظروف و التعقيدات و التداخلات، ليس متوقعاً أن يقدم أيُّ فريق على الخيار العسكري مع الأفرقاء الآخرين بشكل مباشر، أو حتى من خلال المحاور المتحالفة مع أيّ منها.
و ليس مرجحًا أن تنجح المساعي في اجتراح حلول وتسويات، تستجيب لمصالح الأطراف و تطلعاتهم و حساباتهم المتناقضة؛ الأمرُ الذي يُبقي سورية أمام سيناريو يرجِّحه أكثرُ المراقبين، يتمثَّل في احتفاظ كل محور أو فريق، بمنطقة نفوذه في سورية: أرضًا، و شعبًا، و قوى حاضنة.
فواشنطن ستحتفظ بـ
30
% من سورية في شرقيها وشمالها الشرقي، حيث ثروات المنطقة المائية و الزراعية و المعدنية و منابع النفط الوفيرة في محيط دير الزور، جاعلةً من الفرات حاجزًا بينها و بين القوى الأخرى، و بحضانة كردية، و هذا ما يفسر سعيها في الانتشار العسكري المُستدام في هذه المنطقة، الذي تهدف منه أكثر من غاية، و منها قطع الطريق البري الإيراني الممتد من قزوين إلى شرق المتوسط.
وستحتفظ تركيا وفقًا للتفاهمات مع الروس، و حتى الأمريكان، بحزام أمني ممتد من أطراف المتوسط إلى شرق الفرات، و بترتيبات خاصة في منبج مع الأمريكان، بعد أن شارفت غضن الزيتون على نهاياتها في عفرين.
و أما مناطق المثلث ( السوري ـ الأردني ـ الإسرائيلي ) في الجنوب الغربي، فسيظل منطقة شدّ و جذب، حيث ستستعى إسرائيل للاحتفاظ بشريط أمني بعمق (
20
ـ
40
كم )، و لن تتوانى الأردن لإبعاد عموم الميليشيات الآيديولوجية، المنتمية للقاعدة أو إيران، عن حدودها الشمالية.
و فيما يخص منطقة الساحل، فستكون ساحة نفوذ مستدام للقاعدتين العسكريتين الروسيتين، وصولاً إلى دمشق، حيث ستتشاطر موسكو و طهران النفوذ و المصالح في هذه المنطقة.
صحيحٌ أنّ هذه الأطراف لم تستقرّ بعد في مناطق نفوذها، و لم ترتسم الحدود النهائية لمناطق تقاسم النفوذ المشار إليها؛ الأمرُ الذي سيفتح الباب أمام المزيد من المواجهات، قبل أن تُقِرَّ الأطراف ( واقعيًا، و ليس رسميًا ) بخرائط التقاسم و حدودها.
حيث سيعمد النظام و حلفاؤه إلى بسط سيطرته على مناطق محيط دمشق و غوطتها الشرقية من الفصائل، التي أنهكتها صراعاتها البينية؛ فبدا ( جيش الإسلام ) مهيأً لخيار الاستسلام و البقاء منزوع الإرادة في منطقة دوما، و ( فيلق الرحمن ) للتهجير إلى مناطق حوران، و ( أحرار الشام ) إلى قلعة المضيق في ريف حماة، و عناصر هيئة تحرير الشام إلى إدلب.
و يبدو أنّ ثمة إقرارًا دوليًا بذلك، على الرغم من الضجيج الإعلامي و الدعائي الذي يصاحب عمليات الجيش السوري فيها.
و ستعزز تركيا قبضتها بعد أن تربط مناطق سيطرتها في درع الفرات و غضن الزيتون بمحيط منبج، فيما ستمضي أمريكا في تعزيز قواعدها في شرق سورية و جنوبها و شمالها وعلى مقربة منها.
و فيما يتعلق بالوجود الإسرائيلي ـ الإيراني في درعا و جوارها، فنحن بانتظار جولة جديدة من المواجهات بينهما، التي سترسم بنهايتها حدود التقاسم بينهما.
إزاء ذلك ستنتفي الحاجة لمؤتمرات السلام و مسارات أستانا و جنيف، وستُستبدل بقنوات الاتصال الأمنية و العسكرية؛ لتفادي الأخطاء الكارثية، وتجنب الانزلاق لمواجهات مباشرة، كما يحدث الآن تمامًا بين عدد من تلك الأطراف الدولية و الإقليمية، و حتى مع النظام في دمشق.
وسيحل منطق ( الأمر الواقع:
De Facto
) محل ( الحلول التفاوضية:
negotiation
) للأزمة، و قد يستمر ذلك لسنوات عديدة، لن تقلّ عن سنة
2021
، ولاسيَّما بعد أن تقلّصت سلال ديمستورا الأربع إلى سلتي: الانتخابات، و الإصلاحات الدستورية.
و بانتظار هبوب ريح جديدة في العلاقات الإقليمية، تساعد النظام العالمي الجديد على الاستقرار في شكله و قواعده الجديدة، و على عودة القطبية الثنائية التي تسعى إليها روسيا، و دول أخرى كالصين.