الرئيسة \  تقارير  \  قسد بين خيارين : التحجيم أو الاندماج

قسد بين خيارين : التحجيم أو الاندماج

26.12.2024
فراس رضوان أوغلو



قسد بين خيارين : التحجيم أو الاندماج
فراس رضوان أوغلو
سوريا تي في
الأربعاء 25/12/2024
لم يعد الشرق الأوسط كما كان على مدار عقود، فكل الحسابات السياسية تغيّرت، وكل الخطط الاستراتيجية للدول الإقليمية والدولية ستُعدّل. دمشق اليوم ليست كالأمس، وسوريا القادمة بكل تأكيد لن تكون كالعقود السابقة.
رغم التفاؤل الكبير لدى معظم الشرائح المجتمعية في سوريا حول مستقبل البلاد، وخاصة بعد الأداء الجيد والمتوازن لأحمد الشرع، قائد غرفة العمليات العسكرية المشتركة، والحكومة التي شكّلها، إلا أن هناك قلقاً لا يزال قائماً، وهو بشأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد). هذه القوات، حتى الآن، تتصرف وكأنها إدارة ذاتية ذات نوايا انفصالية، رغم تصريحات مسؤوليها التي تنفي ذلك. وبالطبع، هذا الوضع لا يتناسب مع دمشق ولا مع الظروف الإقليمية الراهنة.
الظروف السياسية الحالية ليست في صالح قسد، وهي أمام خيارين: إما التحجيم والصدام مع تركيا، أو الاندماج في العملية السياسية الجارية في سوريا. في حال اختارت الاندماج، فهذا يعني أن على قسد التواصل بشكل جاد مع دمشق والقيادة الحالية، والقبول بالانخراط تحت رايتها السياسية والعسكرية. فهي طالما أعلنت أنها جزء من المجتمع السوري وأنها تؤمن بوحدة الأراضي السورية. تحقيق ذلك يتطلب أمرين: أولاً، التخلي عن فكرة الإدارة الذاتية، وثانياً، إخراج المقاتلين غير السوريين من الأراضي السورية ودمج المقاتلين السوريين ضمن وزارة الدفاع الجديدة التي سيتم تأسيسها. كما يشمل ذلك المشاركة في المؤتمر السوري الجامع لكل الأطياف السياسية لتحديد نظام الحكم الجديد ووضع دستور جديد من خلال اللجنة القانونية.
أما إذا أصرت قسد على إبقاء الوضع كما هو عليه، فهي أمام خيار وحيد: الصدام العسكري مع تركيا، يليه الصدام مع الفصائل السورية المسلحة. هذه المرة، الظروف الإقليمية لن تكون في صالحها، فقد انتهت مرحلة الاستفادة من نظام الأسد الذي كان يستخدمها ضد الثورة السورية وتركيا، في ظل الوجود الروسي العسكري على الأراضي السورية. اليوم، المجتمع الدولي، بعد نجاح الثورة السورية، بدأ بالتوجه نحو دمشق، بدءاً من فتح السفارة التركية والقطرية، وصولاً إلى زيارة الوفد الأميركي الذي قابل الشرع.
إضافة إلى ذلك، فإن تصريح وزيرة الخارجية الألمانية الذي طالب بنزع السلاح من الجميع وحصره في المؤسسات الرسمية، مع تفهّم التخوفات الأمنية التركية، يتوافق مع المواقف الأميركية. هذا يدل على تغيّر في قراءة المشهد السوري على الصعيد الدولي، وأنه يجب على قسد إعادة حساباتها السياسية. الحرب لم تعد مقبولة دولياً، وكثير من الدول تستعد لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو مرتبط بشرط استمرار الاستقرار والأمن وعدم وجود أي صراع عسكري يؤدي إلى نزوح أو لجوء جديد.