الرئيسة \  مشاركات  \  قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء (1 من 2)

قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء (1 من 2)

29.11.2022
المهندس هشام نجار

قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء (1 من 2)


المهندس هشام نجار

- من متابعة الموضوع نعرف لماذا تتهافت روسيا وايران على الفوسفات السوري*
دأب الكيان الصهيوني منذ إغتصاب فلسطين وحتى الآن على إتباع سياسة عدم التصريح بتأكيد او نفي برامجه وخططه حتى جرائم إغتيالاته وذلك حتى يترك اللغط حولها قائماً دون حسم, ما ينطبق على هذه السياسة أيضاً هو الصمت حول وجود السلاح النووي الذي تمتلكه. الا ان خطورة هذا الموضوع جعل جهات غربية تكشف عن برنامج إسرائيل النووي العسكري برمته بينما صمت إسرائيل يبدو كالنعامة دافنة رأسها بالتراب ولا تعلم ان الكل على علم ببرنامجها الخطير بأدق تفاصيله فحتى هذه اللحظة لم تؤكد اسرائيل انها تملك اسلحة نووية رسميا وكل ما تذكره انها لن تكون الدولة الاولى التي تدخل السلاح النووي الى الشرق الاوسط. ومع ذلك فإن كشف الآف الوثائق التي كانت سرية للغاية للحكومة الامريكية والتي تظهر أن الولايات المتحدة بحلول عام 1975 كانت مقتنعة و واثقة مائة بالمائة بأن اسرائيل لديها اسلحة نووية.
"كشف الموضوع امر جيد ولكن ماذا عن الإجراءات ضدها"؟ هنا يظهر النفاق الغربي عارياً حتى من ورقة التوت...
 بدأ الكيان الصهيوني نشاطه النووي السري منذ عام 1949 بتأسيس وحدة علمية للجيش الإسرائيلي لتقوم بعملية مسح جيولوجي لصحراء النقب للبحث عن اليورانيوم.
التنقيب اعطى نتائج مشجعة بوجود كميات كبيرة من الفوسفات بالإمكان معالجته لإسترداد كميات معقولة من اليورانيوم .فتم إنشاء لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية في عام 1952 وترأسها إرنست ديفيد بيرجمان الذي كان يشغل ايضا منصب رئيس وزارة الدفاع للبحوث وشعبة البنية التحتية وكان هدفها الأول الحصول على القنبلة النووية الاسرائيلية. وقد تركز نشاط هذه اللجنة على إستخراج اليورانيوم من فوسفات النقب مع إستنباط طريقة جديدة لإنتاج الماء الثقيل اللازم للمفاعل الذري *, في خمسينات القرن الماضي كانت الحرب الباردة بين الغرب والشرق مشتعلة ، وفرنسا في ذلك الوقت كانت جزءاً من الحرب الباردة والساخنة معاً فحرب تحرير الجزائر كانت مشتعلة بشدة ومصر وسوريا كانتا رديفتين لثورة التحرير بإمدادها بالسلاح والدعم اللوجستي, فإستفادت إسرائيل من التوتر القائم بين العالم العربي وفرنسا لتحقيق اهدافها بالتعاون مع فرنسا لتقديم خبراتها في تأسيس المفاعل النووي، حيث كانت فرنسا قد بدأت في تأسيس مفاعلها الذي كان بقدرة 40 ميجاواط يعمل بالماء الثقيل ومحطة اعادة المعالجة الكيماوية في ماركول مما جعل فرنسا شريكا طبيعياً لاسرائيل في تزويدها بكل مايلزم من خبرة ومواد لتأسيس مفاعلها النووي المستقل.
أعزائي القراء ..
بداية كان التعاون مع فرنسا تعاوناً بحثياً فوافقت على تزويد إسرائيل بمفاعل إستطاعته 18 ميغاوات للبحث العلمي ولكن في خريف عام 1956 تغير الوضع جذرياً بعد تأميم قناة السويس وحاجة بريطانيا وفرنسا إلى إسرائيل لشن حرب مشتركة على مصر لإستعادة قناة السويس التي اممها الرئيس عبد الناصر وتحقيق إسرائيل لمطامع إضافية على الأرض.
هذا التحول عمّق العلاقة مع فرنسا للإنتقال الى خطوة متقدمة في التعاون النووي في 3 تشرين الأول/ اوكتوبر 1957 وقعت فرنسا واسرائيل على اتفاق منقح يدعو فرنسا لبناء مفاعل بإستطاعة 24 ميجاواط مع بناء محطة اعادة المعالجة الكيميائية في سرية تامة وخارج نظام تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ديمونا في صحراء النقب تحت قيادة العقيد "المانوية برات" من المرسوم فيلق الجيش الإسرائيلي. بدأ المشروع في ديمونه عام 1958 ورصدت له إسرائيل 1500 من العلماء والمهندسين والفنيين مع خبراء فرنسيين معدودين كما إنشئت وكالة سرية للمخابرات خاصة بالمشروع لضمان السرية والأمن، ثم شرع بنقل المعدات الضخمه , فتم إستيراد الماء الثقيل من النرويج على شرط أن لا يكون نقله إلى بلد ثالث, وشرع سلاح الجو الفرنسي سرًا بنقل أطنان من المواد الخاصة بالمشروع لاسرائيل في أيار / مايو من عام 1960 ظهرت مشكلة سياسية عندما بدأت فرنسا بالضغط على إسرائيل لجعل المشروع يخضع لعمليات تفتيش دولية للموقع، وهددت فرنسا بوقف وقود المفاعل إن لم يفعلوا ذلك.فلقد عبّر الرئيس ديغول عن قلقه من أن هذه الفضيحة لا مفر من كشفها وخصوصاً في محطة اعادة المعالجة الكيماوية الخارجة عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، حيث سيكون لهذه المخالفات الفاضحة إنعكاسات سلبية على موقف فرنسا الدولي كون موقفها هشآ بسبب حربها في الجزائر.
 إثر ذلك تم عقد إجتماع بين شارل ديغول رئيس فرنسا ودافيد بن غورون رئيس وزراء الكيان الصهيوني لمحاصرة ازمة الأصدقاء.
عرض الرئيس ديغول بإيقاف التعاون بإستكمال المفاعل لقاء تزويد إسرائيل بصفقة طائرات مقاتلة من نوع ميراج , الا أن بن غوريون عرض حلاً قال عنه إنه حل وسط يقضي بموجبه أن تلتزم فرنسا بتأمين اليورانيوم المخصب والتجهيزات التي تم الإتفاق على تصديرها، على أن لا تصر فرنسا على التفتيش الدولي وبالمقابل تعطي إسرائيل تعهداً بأن هدف بناء المفاعل هو للاغراض السلمية .
وبلغة اخرى لا تغيير جوهري طرأ على الموضوع فالمقاولون الفرنسيون انهوا العمل والشحنات الأولية للوقود النووي قد تم توريدها وان المفاعل دخل في مرحلته الحرجه عام 1964 بدأت الشكوك تساور الولايات المتحدة فأرسلت طائرة تجسس من طراز  يو - 2 حلقت ليلاً فوق مفاعل ديمونا حيث لم يتأكدوا من ان المنشأة هي لمفاعل ذري وانه اقرب لمصنع للنسيج ومحطة زراعية ومنشأة للتعدين, إلا أن بن غوريون كشف في شهر كانون الأول/ديسمبر 1960 أن ديمونا هو مفاعل ولكن للأغراض السلمية.
 في الحلقه القادمه سنقرأ عن عمليات التضليل التي قام بها الكيان الصهيوني لعناصر التفتيش التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذريه فإلى اللقاء...

* يحوي الفوسفات السوري على PPM 130 من اليورانيوم في الطن الواحد . وتبلغ كمية  اليورانيوم في كامل الفوسفات في سوريا 40000 طن . تصوروا الان اهمية الفوسفات السوري للدول الطامعة في سوريا  ( ولم نتكلم بعد عن ثروة سوريا من الغاز والبترول )  بينما يوزع بشار اسد هذه الثروات يميناً وشمالاً لقاء جلوسه على كرسي مهزوز .