الرئيسة \  مشاركات  \  قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء (2-2)

قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء (2-2)

01.12.2022
المهندس هشام نجار

قصة مفاعل ديمونا الإسرائيلي من الألف للياء (2-2)


المهندس هشام نجار

ذكرت في الجزء الأولى أن بن غوريون كشف في شهر كانون الأول / ديسمبر 1960 أن ديمونا هو مفاعل ذري مصمم للأغراض السلمية, ولكن بعد خمسة عشر عاماً منذ ذلك التاريخ اي في عام 1975 وهي فترة ليست بالقصيرة، فقد إعترفت الولايات المتحدة بعد خراب البصرة من أن برنامج الاسلحة النووية الاسرائيلية هو حقيقة ثابتة لا رجعة فيه. هذا التأخير بالإعتراف يعطي دلالة على إهمال متعمد أو عملية خداع للعالم من قبل الولايات المتحدة , فهل يعقل ان يقوم المفتشون الأمريكيون بزيارة مفاعل ديمونا سبع مرات في ستينات القرن الماضي دون ان تراودهم شكوك منان هذا المفاعل بني اساساً لإغراض عسكرية بحتة! بينما يستعمل الأمريكيون والتلموديون حاسة الشم لديهم ليتحفونا بقرارهم بشن غارات على البناء العسكري المقام في العراق لانه مفاعل ذريفي طور التكوين أي مازال جنيناً في بطن أمه؟
تقرير المفتشين الأمريكيين الذين زاروا ديمونا افادوا "بعدم تمكنهم من الحصول على صورة دقيقة للأنشطة التي تجري هناك, وعزوا ذلك إلى السيطرة الاسرائيلية المشددة حول توقيت وجدول أعمال الزيارات". فقد كانت إسرائيل تلجأ إلى طرق خداعية وحيل تُنصَب لأية هيئة دولية ترغب في زيارة موقع ديمونا إلى حد تثبيت لوحات تحكم كاذبة وعزل مناطق كاملة بالقرميد فوق الممرات والمصاعد والتي اغلقت وحجزت قسماً كبيراً من البناء المتضمن للتجهيزات الهامة لتبقى مغيبة تماماً عن انظار المفتشين الذين لم يجدوا دليلآ (او هكذا زعموا) على عدم وجود "انشطة ذات صلة بمشروع تسليح نووي" مثل وجود اعادة معالجة البلوتونيوم.
والسؤال البسيط جداً : أين أجهزة قياس الإشعاعات والتي تبين وجود مادة مشعة وكم بلغت نسبة التخصيب ، وهده الأجهزة متيسرة عند هيئة مراقبة الأسلحة النووية والدول الكبرى ؟؟
اعزائي القراء...
على الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة تدّعي انها لم تشجع أو توافق على البرنامج النووي الإسرائيلي الا أنها أيضاً لم تفعل شيئا لوقفه، فالسفير الامريكى لدى اسرائيل "والورث باربور" خدم في إسرائيل بين عامي 1961-1973 لاحظوا (طول مدة الخدمة؟) كان و لاشك يعلم بما تقومبه إسرائيل في ديمونا لبناء برنامج قنبلة نووية في السنوات الحاسمة ولكنه وحسب رأيه كان يرى ان وظيفته تقضي بعزل الرئيس الأمريكي عن الحقائق التي قد تدفع الرئيس الى اتخاذ إجراء سلبي بشأن القضية النووية الاسرائيلية قائلاً: (إن الرئيس لم يرسلني لإسرائيل لتزويده بالمشاكلفأنا لا ارغب أن أكون وكالة للأنباء السيئة له!!).
من هذا الرد السخيف يمكن إعتبار السفير الأمريكي "باربور" عميلاً إسرائيلياً بجدارة , فبعد حرب 1967 وضع باربور حداً لجهود الملحقين العسكريين في جمع المعلومات الاستخبارية حول ديمونا ولم يأذن بمعلومات عن شحن الوقود النووي، كما فعل في حجز معلومات عام 1966 عندما كانت إسرائيل على إستعداد لوضع رؤوس حربية نووية على صواريخ حاملة لها ، فلقد تخفى هذا الرجل وراء ستار البيروقراطية وكان أبدا يعمل على أساسها. وعند هذه النقطة يمكننا القول بكل صراحة أن فرنسا وضعت حجر الأساس للمشروع واكملت عليه الولايات المتحدة , بينما كان الحكامالعرب يحاربون مع الولايات المتحدة حربها الباردة ضد الإتحاد السوفيتي.
و عندما اصبح الوضع مكشوفاً للولايات المتحده, اصدرت ال (سي آي إيه) وكالة الإستخباراتالمركزية الأمريكية تقريرآ بنته على لقاء تم بين كارل دوكيت مدير مكتب العلوم والتكنولوجيا فيوكالة الإستخبارات المركزية وإدوارد تيللر الملقب بأبي القنبلة الهيدروجينية توصلوا فيه إلى أنإسرائيل قد تمكنت بنجاح بالبدء ببناء اسلحة ذرية وقد جاء هذا الإستنتاج من السيد تيللر نتيجة لمباحثاته مع أصدقائه في مؤسسة الدفاع والعلوم الاسرائيلية . وفي حوالي عام 1975 توقعت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية أن عدد الرؤوس النووية التي تملكها إسرائيل يبلغ حواليعشرين راساً نووياً وانها تملك قنبلتين ذريتين في عام 1967, وقد جهزت إسرائيل 13 قنبلة ذرية بقوة عشرين كيلو طن في حرب 1973 خشية خسارتها للحرب ولقد ظلت تقديرات الإستخبارات الأمريكية تدور حول هذا الأرقام حتى عام 1980.
من هذه التقارير الأمريكية يتبين لنا أن إسرائيل تسعى بالنهاية لمسألة حسم وجودها المصطنع على شن حرب نووية. والسؤال: (هل اليوم أوكل الأمر لايران بالتغافل عن تطوير سلاحها النووي لتأخذ زمام المبادرة بمحاصرة الامة العربية بالاتفاق مع إسرائيل ؟؟