الرئيسة \  تقارير  \  كيف تستفيد دول الخليج من ركود اقتصادي محتمل في 2023؟

كيف تستفيد دول الخليج من ركود اقتصادي محتمل في 2023؟

23.01.2023
سلمى حداد

كيف تستفيد دول الخليج من ركود اقتصادي محتمل في 2023؟
سلمى حداد - الخليج أونلاين
الاحد 22/1/202
تتزاحم مؤشرات توجه العالم نحو الركود الاقتصادي خلال العام 2023 في ظل تصاعد معدلات التضخم وتواصل الحرب الروسية في أوكرانيا وعودة إجراءات جائحة كورونا في بعض الدول وخاصة الصين.
وفي 10 يناير 2023، حذّر البنك الدولي من "اقتراب العالم من خطر الركود، متوقعاً للنمو الاقتصادي مزيداً من التراجع في 2023".
وخفض البنك الدولي تقديراته لنمو إجمالي الناتج المحلي العالمي بنحو النصف إلى 1.7% خلال العام الجاري.
وعلل رؤيته باحتمال أن يؤدي التباطؤ الملحوظ في الاقتصادات المتقدمة إلى ركود عالمي بعد أقل من ثلاث سنوات على آخر ركود تسببت به جائحة كورونا.
توقعات غير مبشرة
وأطلق عدد من كبار الاقتصاديين توقعات غير مبشرة بشأن طريق الاقتصاد الدولي، خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في مدينة دافوس السويسرية (16-20 يناير 2023).
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية، في 20 يناير 2023، أنه من بين أكثر من 4 آلاف و400 من قادة الأعمال الذين شاركوا باستطلاع رأي أجرته شركة الاستشارات "بي دبليو سي" توقع 73% أن ينخفض النمو العالمي في 2023.
وهذه التوقعات، حسب "بلومبيرغ"، هي الأسوأ منذ أن بدأت الشركة إجراء استطلاعات في عام 2011.
وأشارت الوكالة إلى تراجع ثقة قادة الأعمال في آفاق نمو شركاتهم إلى أقصى حد منذ أزمة عام 2008.
فرص الاستثمار
وفي ظل هذه المؤشرات يبدأ المستثمرون والحكومات بالبحث عن فرص لحماية أموالهم وربما الاستفادة من حالة الركود لتنمية هذه الأموال.
وبشأن ذلك كتب الرئيس التنفيذي لشركة "ماجنيت" للاستشارات، إيثان كارب، مقالاً في مجلة "فوربس" الأمريكية أكد فيه أن "الركود يشكل فرصة للعديد من المنتجين وأصحاب الصناعات التحويلية".
ويستعرض المقال المنشور في 20 يناير 2023، ثلاث طرق يمكن للمصنعين استثمارها من أجل المستقبل.
ومن هذه الطرق إدخال تقنيات صناعية جديدة إلى عملية الإنتاج، والتوجّه نحو توظيف المواهب وثقافتها.
أما الطريقة الثالثة فهي استثمار الأموال في الابتكار، حيث إنه خلال فترات الركود تُتاح الفرصة للمنتجين لإنشاء منتجات وخدمات جديدة أكثر، حيث سيكون الأشخاص الأذكياء والمبدعون لديهم مهام يومية أقل، ويمكن أن يؤدي الابتكار الذي يأتي من داخل المؤسسة لإيجاد نماذج أعمال جديدة ومربحة.
وحول الفرص الاستثمارية للدول الخليجية، قال الكاتب الاقتصادي جيف سومر، في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في يوليو الماضي، إنه يجب وضع الأموال في استثمارات توفر عائداً بسيطاً.
وتشمل الخيارات، حسب الاقتصادي سومر، وضع الأموال في مزيج من صناديق الأسهم والسندات المتنوعة.
إلا أنه اعتبر أن السندات عالية الجودة أكثر أماناً بشكل عام من الأسهم، وهي مناسبة لتقليل المخاطر.
ورأى أن استثمارات الأصول التي تحتفظ بقيمتها هي الأفضل على الإطلاق في فترة الركود بعيداً عن الأسهم.
وأكد الكاتب الأمريكي أنه يمكن للذهب أن يكون بمنزلة أداة تحوطية تضخمية، وهو ما يجعله استثماراً جذاباً في أوقات الركود وفي فترات انخفاض أسعار الفائدة عندما يهدد التضخم بالاحتفاظ به.
الأسواق المستقرة
بدوره يؤيد المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، خيار الاستثمار بالأصول التي تحتفظ بقيمتها أو تزيد ومنها الذهب، للهرب من تبعات الركود الحادة.
وقال أبو قمر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "دول الخليج يمكن أن توجه أموالها بفترة الركود نحو الاستثمارات طويلة الأمد لأن الاستثمار قصير الأجل في وضع التقلب الشديد بأوضاع السوق غير مناسب".
وأضاف أنه يمكن التوجه نحو الأسواق المستقرة لضخ استثمارات فيها ومنها على سبيل المثال حالياً الهند والسعودية والإمارات وقطر وكوريا الجنوبية والبرازيل والابتعاد عن الاقتصادات الأوروبية والأمريكية والصين كذلك.
ورأى أن قطاع المعادن من أهم الاستثمارات التي يمكن أن تتوجه إليها دول الخليج، وهي تفعل ذلك بالفعل، و"نرى ذلك في السعودية وسلطنة عُمان من خلال مشروعات بمليارات الدولارات بدأت بتنفيذها بالتعدين".
كما أن الطاقة المتجددة والغاز والهيدروجين الأخضر من أهم القطاعات التي يمكن ضخ الأموال إليها في فترة الركود الحالية، كما يقول المحلل الاقتصادي.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة الأحفورية تجعل العالم يتجه بقوة وبسرعة نحو استثمارات الطاقة المتجددة.
الطاقة النظيفة
يبدو أن دول الخليج أدركت هذه المعادلة، فهي بالسنوات الأخيرة استثمرت أموالاً طائلة بقطاع الطاقة النظيفة، وأعلنت عن خطط لخفض الانبعثات.
فقد أعلنت السعودية والكويت عن أهداف لصافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2060، كما تخطط الإمارات وسلطنة عُمان للوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050، في حين تقول قطر إنها ستخفض الانبعاثات بمقدار الربع بحلول عام 2030.
وفي ديسمبر الماضي، قالت مجلة "إيكونوميست" الاقتصادية البريطانية إن استراتيجية دول الخليج تنطوي على استثمار جزء من المكاسب من الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز بتقنيات الطاقة النظيفة.
وأضافت المجلة: "تقوم حكومات الخليج بأكبر الرهانات في العالم على مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين"، مشيرة إلى أن هناك موجة من المشاريع منخفضة الكربون تتبلور في الشرق الأوسط.
اقتصاد
وتخطط شركة "أرامكو" السعودية لتطوير قدرتها على التقاط وتخزين واستخدام 11 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتركيب 12 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2035.
وتهدف السعودية إلى بناء 54 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2032، فيما تتطلع الإمارات إلى بناء 100 غيغاواط من قدرة الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
أما سلطنة عُمان فتحدثت عن استثمارات في الهيدروجين الأخضر بقيمة 30 مليار دولار، فيما يمكن أن يكون أكبر مصنع هيدروجين في العالم.
كما تنفق قطر أكثر من مليار دولار على مصنع لإنتاج "الأمونيا الزرقاء" من الغاز الطبيعي، ومن المقرر افتتاحه في عام 2026.
وحسب تقديرات الباحث الأمريكي رونالد بيرغر التي نقلتها مجلة "إيكونوميست" ، فقد ينتج اقتصاد الهيدروجين ما بين 120 مليار دولار و200 مليار دولار من العائدات السنوية لدول الخليج بحلول عام 2050.