الرئيسة \  تقارير  \  لوفيغارو : ما هي طموحات إيمانويل ماكرون في الشرق الأوسط؟

لوفيغارو : ما هي طموحات إيمانويل ماكرون في الشرق الأوسط؟

21.02.2023
القدس العربي

لوفيغارو : ما هي طموحات إيمانويل ماكرون في الشرق الأوسط؟
باريس- “القدس العربي”:
الاثنين 20/2/2023
قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في مقال لجورج مالبرينو، إنه خلال ست سنوات في السلطة، زار إيمانويل ماكرون الشرق الأوسط عشر مرات. لكن براغماتيته في مواجهة القضايا الساخنة في المنطقة، لم تسمح له دائما بلعب دور الوسيط الذي يطمح إليه. فقد نجح الرئيس الفرنسي نسبياً في العراق، لكنه العقبات حالت دون تعزيزه لنفوذ باريس في لبنان وإيران.
كيف تم استئناف التعاون مع العراق؟
اختار إيمانويل العراق كأرضية لفرنسا لإعادة تموضعها في الشرق الأوسط، وحقق ذلك في عامي 2021 و2022 من خلال الرئاسة المشتركة مع رئيس الوزراء العراقي لمؤتمر بغداد، الذي يجمع الدول العربية المجاورة وتركيا وإيران، والذي يهدف إلى زيادة الشراكة الاقتصادية بين العراق ومحيطه، وتعزز التعاون مع بغداد خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الأخيرة لباريس بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين فرنسا والعراق، والتي يمكن أن تفتح الطريق أمام إحياء الصادرات الفرنسية.
لوفيغارو” اعتبرت أن كل الصعوبات التي يواجهها إيمانويل ماكرون -والتي كانت بالفعل تواجه نيكولا ساركوزي منذ عام 2009- تتمثل في إعادة تنشيط العلاقة مع العراق، حيث تظل الجماعات السياسية وشبه العسكرية الموالية لإيران قوية، مع إظهار موقف صعب في مواجهة إيران. كما سيتعين عليها إقناع بعض شركائها الخليجيين بأن باريس ضرورية للتقارب بين الخصمين السعودي والإيراني، على سبيل المثال، والذي بدأ في بغداد بعيداً عن أي وساطة فرنسية.
كيف يمكن الخروج من المواجهة مع إيران؟
تحت هذا السؤال، أوضحت “لوفيغارو” أنه بعد تعزيز الحوار مع الرئيس الإيراني السابق المعتدل حسن روحاني، بهدف إعادة إطلاق المفاوضات للحد من تطلعات إيران النووية، شدد الرئيس الفرنسي نبرته مع خليفته المحافظ إبراهيم رئيسي منذ انتخابه في عام 2021. ومنذ ذلك الحين، تضاعفت الخلافات الثنائية. فباريس تتّهم طهران باحتجاز ستة فرنسيين كرهائن. كما قمعت السلطات الإيرانية الاحتجاجات التي وصفها إيمانويل ماكرون بأنها “ثورية”، مما أثار حفيظة الحكومة الإيرانية. في الوقت نفسه، تقترب طهران من العتبة النووية واتخذت خطوة أخرى بتسليم روسيا طائرات بدون طيار في حربها ضد أوكرانيا.
 ومع ذلك -توضح الصحيفة دائما- فإن باريس، التي لم تعد تعلق الكثير من الأمل على استئناف المفاوضات النووية، لا تريد إغلاق باب المناقشة تماما. وقال السفير الفرنسي الجديد لدى إيران، نيكولا روش، الذي قدم أوراق اعتماده مؤخرا إلى الرئيس الإيراني، قال إن “تكليفه من قبل رئيس الجمهورية يأتي لوضع حد لسوء التفاهم وتطوير العلاقات الثنائية”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية إرنا”. لكن بعد أيام قليلة من ذلك، قال إيمانويل ماكرون، خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه يريد “العمل معا” ضد أنشطة إيران “المزعزعة للاستقرار” في الشرق الأوسط، و“هذا يعني المزيد من التعاون مع الموساد”، كما يقول رجل مخابرات فرنسي للصحيفة، مُشيرا إلى “لعبة خطيرة” بالنسبة لفرنسا. لكن دبلوماسيا فرنسيا يقر: “لدينا القليل من الوسائل ضد إيران”.
وتابعت “لوفيغارو” القول إنه مع تصاعد الضغط في أوروبا لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، يقال إن باريس ما زالت تعارض مثل هذا القرار. وهددت إيران بالفعل بمهاجمة الجيوش الأجنبية المنتشرة في الشرق الأوسط، مع العلم أن لفرنسا نحو 600 جندي ضمن قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان، وهي منطقة يسيطر عليها حزب الله اللبناني، حليف إيران.
وأشارت الصحيفة إلى “لفتة صغيرة” في هذه الصورة القاتمة إلى حد ما، تمثلت في إطلاق سراح الباحثة الفرنسية الإيرانية، فريبا عادلخاه، المحتجزة منذ ثلاث سنوات في طهران.
هل يمكن لماكرون إخراج لبنان من المستنقع؟
تحت هذا السؤال، مضت “لوفيغارو” إلى القول إنه رغم فشله في وضع بلاد الأرز على طريق الإصلاح، بعد زيارتيه إلى بيروت صيف عام 2020 في أعقاب الانفجار القاتل في ميناء العاصمة اللبنانية، إلا أن ماكرون لم ييأس حتى الآن من أجل تحقيق نجاح دبلوماسي في لبنان الذي يعد آخر بلد في الشرق الأوسط ما تزال فرنسا تمارس عليه نفوذا حقيقيا. تركز باريس على انتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب ما يزال شاغرا منذ رحيل ميشال عون في الخريف الماضي. لكن لم يحصل حتى الآن أي مرشح على الأغلبية المطلوبة في البرلمان.
تؤيد باريس بشكل طفيف، ترشيح العماد جوزيف عون. لكن حزب الله القوي، المتحكم في اللعبة السياسية اللبنانية بفضل سلاحه، يعتبر أن القائد العام للجيش قريب جدا من أعدائه الأمريكيين. وتأسف باريس لانسحاب السعودية، الراعي الطويل للسنة اللبنانيين الذين يشغلون منصب رئيس الوزراء، من بلاد الأرز. وتعتمد فرنسا على قطر في مساعدة الجيش، وهي المؤسسة الأخيرة التي تضمن الحد الأدنى من الاستقرار في بلد غارق في أزمة اقتصادية ومالية عميقة.
حتى لو كان ذلك يعني إثارة غضب العديد من اللبنانيين -تضيف “لوفيغارو”- كان إيمانويل ماكرون يعتقد دائما -من منطلق البراغماتية- أن على فرنسا أن تحافظ على اتصالها بحزب الله. لكن كيف يمكن للمرء أن يكون لطيفا مع الميليشيا الشيعية بينما يكون متشدداً للغاية حيال الراعي الإيراني، كما يتساءل بعض المتشككين. ربما لأن إيمانويل ماكرون يرغب في تطبيق “طريقته” العراقية على لبنان، كما اقترح على الصحافة مؤخراً. لكن في هذه الحالة، سيكون من الضروري أيضا إشراك الجارة سوريا، تقول الصحيفة.
كيف يمكن تسيير سوريا الأسد؟
بحسب الإليزيه، فإن “رئيس الجمهورية لا يغريه التقارب مع بشار الأسد” حتى مع مراعاة الضرورات الإنسانية بعد الزلزال الذي دمر شمال غرب سوريا وجنوب شرق تركيا. وهذا لا يمنع الرئيس من “التساؤل” عن تحرك الدول العربية المتحالفة مع باريس نحو التقارب مع دمشق، دون أن ننسى تركيا. فيما يتعلق بهذه القضية، فإن ماكرون، “بدافع البراغماتية” كما اعترف هو نفسه، لا يغلق في الواقع أي أبواب. أقواله تشهد على ذلك. ففي يونيو 2017 فور انتخابه، أكد أن الأسد “ليس عدونا فهو عدو الشعب السوري”. ثم في سبتمبر، وصف الأخير بأنه “مجرم” لكنه لم “يجعل من رحيله، من خلال البراغماتية، شرطا أساسيا”. وفي عام 2018، اعتبر أن بقاءه في السلطة سيكون “خطأ فادحا”، قبل أن يضيف في عام 2021، أنه “سيبقى في السلطة وسيتعين علينا التحدث معه”.
من المحتمل أن يعتمد تطور العقيدة الرئاسية على التقارب الذي بدأ بين دمشق وتركيا، العدوين خلال السنوات العشر الماضية. إذا نجحت هذه المناقشات، فستفقد باريس حلفاءها الأكراد، وتُجبر على العودة إلى الحظيرة السورية، في حين سيتم بالتأكيد التخلي عن عملية انتقال السلطة التي تقودها الأمم المتحدة. ناهيك عن التهديد الذي يشكله 130 جهاديا فرنسيا لجأوا إلى شمال غرب سوريا، والذين يعتمد مصيرهم على اتفاق تركي سوري، توضح “لوفيغارو” دائما.
نحو عودة التطوع بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
تحت هذا السؤال، قالت “لوفيغارو” إنه في ظل الخوف من الجمود في الملف الإسرائيلي الفلسطيني، يرغب إيمانويل ماكرون في أن تتغير “معالم” الصراع. وكما كشفت “لوفيغارو” في وقت سابق، “تود فرنسا أن تجد خليفة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ( 87 عاما)، الذي يتمسك بسلطته. لكن البحث عن “أسماء بأفكار جديدة” الذي انطلق بمبادرة من الإليزيه، قد يكون عبثا.
رسميا، ما تزال فرنسا ملتزمة بحل الدولتين. وهو سيناريو غير واقعي بشكل متزايد، تقول الصحيفة، وذلك بالنظر إلى تكثيف الاستعمار الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ووجود متطرفين يهود داخل الحكومة الإسرائيلية، يعارضون أدنى تنازل عن الأراضي. و من المرجح أن تتكاثر حلقات العنف، مثل تلك التي شهدناها مؤخرًا.
في مواجهة تصاعد الهجمات الفلسطينية والعمليات العسكرية الإسرائيلية، دعا ماكرون إلى ضبط النفس، بينما حذر، كما فعل عند استقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من التجاوزات المناهضة للديمقراطية للدولة اليهودية.
ويقول دبلوماسي فرنسي للصحيفة إن “دعوة ماكرون إلى ضبط النفس بشكل عام في حالة حدوث عنف هي نوع من النفاق”.